الاثنين، 8 فبراير 2016

النسق النصي والنسق المتني في الحركتين المتضافرتين للقصيدة (الانبناء/ الانهدام) 4 - بشير حاجم

النسق النصي والنسق المتني في الحركتين المتضافرتين للقصيدة (الانبناء/ الانهدام) 4 


بشير حاجم

4:

4ـ1: وفقا لكينونة كهذه، تأتت بالتمييز ما بين كليهما، ثمة تماثل للنسقين النصي والمتني من حيث عدد وحداتهما الأصلية (الجذرية) مقابل الفرعية (الساقية) على التوالي والتراتب. من هنا، من هذا التماثل النسقي، تقوم هذه الدراسة ـ لنقاش مستفيض جدا ـ بطرح فرضية غالبة. أنى كان النسق النصي: ثنائيا (بسيرورته ذا وحدتين اثنتين أصليتين جذريتين) أو ثلاثيا (بسيرورته ذا ثلاث وحدات أصلية جذرية)، أو رباعيا فما فوق(1)، كان النسق المتني: ثنائيا (بصيرورته ذا وحدتين اثنتين فرعيتين ساقيتين) أو ثلاثيا (بصيرورته ذا ثلاث وحدات فرعية ساقية) كذلك، أو رباعيا فما فوق أيضا(2)، لأية قصيدة معتمدة كقصيدة(3). هذه الفرضية(4)، الغالبة، لها واقع اشتغالي ـ إكتشافيا/إكتماليا/ إكتناهيا ـ ذومستويين نقديين. إنها مبدئية فقط على مستوى التنظير، أولا، لكنها تفاصيلية أيضا على مستوى التطبيق، ثانيا، بالضرورة.

4ـ2: ولأن للضرورة ـ أية ضرورة ـ أحكامها، كما يقال، فإن للضرورة المبدئية والتفاصيلية، تنظيرا وتطبيقا متراتبين، في فرضية كهذه، بنيوية (/) نسقية، أحكاما كذلك. أهم هذه الأحكام، ليس من أهمها فحسب، هو كونها، أي ضرورة المبدأ والتفاصيل للفرضية هذه، لا تحبذ استعجال التأثيل التنظيري واستسهال التحليل التطبيقي. لذلك، نزولا عند حكم كهذا، كان لا بد للدراسة الحاضرة، هذي، اتخاذ إجراءين حازمين. أولهما، ولقد اتخذته، تداول صيغة تكنيكية: تمحيصية/ تطويرية ـ لا صيغة تكتيكية: تمريرية/ توريطية ـ للتنظير. ثانيهما، وسوف تتخذه، تناول قصيدة معقدة: متراكبة/ متشابكة (5) ـ لا قصيدة مبسطة: متراخية/ متشابهة ـ بالتطبيق.
4ـ1: لذلك، اتخاذا للإجراء ـ الحازم ـ الثاني، سوف تتناول هذه الدراسة ـ الحاضرة ـ قصيدة سلمان داود محمد (طبعا.. وإلى الأبد). إنها، لغويا في الأقل وشكليا على الأكثر، ذات خطاب شعري توتري قرائيا ودرائيا. من ثم، حتما، فهي، بتوترية خطابها الشعري، عقدية: تراكبية/ تشابكية (6).
4ـ2ـ2إضافة إلى عقديتها، التراكبية/ التشابكية، ثمة، من حيث تمظهرها الشكلي، ما يميز القصيدة(7)، هذه، عن أغلب القصائد ذات الأنساق النصية الثلاثية. ذلك، الذي يميزها، يتعلق ـ تحديدا ـ بنسقها النصي الثلاثي. إذ أن هنالك ثلاث وحدات ساقية لكل وحدة من وحداته النصية الجذرية، الثلاث، الممثلة ـ على التوالي ـ في (عنوان/ متن/ تعريفات).
4ـ2ـ1: مبدئيا تتشكل الوحدة النصية الجذرية الأولى، الـ(عنوان)، من هذه الوحدات الساقية الثلاث (طبعا/ ../ وإلى الأبد) أي (طبعا) فـ(..) ثم (وإلى الأبد). بدورها، تشكليا كذلك، ثمة لوحدات كهذه، عنوانية ساقية، بضع وحدات غصنية. الوحدة العنوانية الساقية الأولى، أي (طبعا)، لها وحدتان غصنيتان اثنتان. بإنوجاد التقطيع الصوتي، لانعدام التقطيع اللغوي، هنالك (طبْ) ثم (عنْ) في (طبـ/ ـعا) هذه. أما الوحدة العنوانية الساقية الثانية، أي (..)، فتتسق مع سابقتها غصنيا. ذلك من حيث كونها، أيضا، ذات وحدتين غصنيتين اثنتين. إنهما، كما تبدوان واضحتين، ممثلتان في علامة ترقيمية واحدة (..). لكنها، هذي العلامة الترقيمية الواحدة، ثنائية الفعل ((البث)) والقول ((التلقي)) بحسب مستويين منظومَوِيين. على مستوى المنظومة الكتابوية(8)، فعليا/ بثيا، مظهرها تنقيط سارح وسط تقطيعين غصنيين: فونيمي (طبـْـعنْ) ــ مورفيمي (و/ إلى/ الأبد). ثم على مستوى المنظومة القرائية، قوليا/ تلقويا، جوهرها فاصل استراحي بين تأكيدين ساقيين: حاضري (طبعا) ــ مستقبلي (وإلى الأبد). غير أن فاصلا كهذا، إستراحيا، إذ يستحضر التأكيد الأول قصيرا // منفصلا، هنا، إنما يستقبل التأكيد الثاني طويلا  // متصلا. لذا، بحساب الطول وقياس الاتصال في تأكيدها المستقبلي، سوف تتميز الوحدة العنوانية الساقية الثالثة، أي (وإلى الأبد)، عن سابقتيها، كلتيهما، من حيث التغصين كميا وكيفيا. فهي، وحدها، ذات ثلاث وحدات غصنية ظاهرة، كظاهرية الوحدتين الغصنيتين لـ(..)، وذات ثلاث وحدات غصنية باطنة، كباطنية الوحدتين الغصنيتين لـ(طبعا)، وفق تقطيعين. لغوي، مورفيمي، تحصيله (و) فـ(إلى) ثم (الأبد)، من جانب أول، وصوتي، فونيمي، تحصيله (و) فـ(إللـْ) ثم (أبد)، من جانب ثان، وهذان التحصيلان ـ كلاهما ـ متوازيان. الممتع، أخيرا، أن حاصلهما، هذين التحصيلين المتوازيين، مدهش، مذهل، حيث تتمثل الوحدة الغصنية الأولى (و) في الوحدة الساقية الثالثة (وإلى الأبد) ظاهريا وباطنيا معا.    
4ـ2ـ2ـ2: أي، مما تقدم، أن الـ(عنوان)، نسقا نصيا، يتسم بثلاث سمات ـ بنيوية ـ مهمة جدا. إذ أن فيه، على التوالي، تشكلا ثلاثيا مبدئيا للوحدة الجذرية (طبعا.. وإلى الأبد)/ تميزا كميا كيفيا للوحدة الساقية (وإلى الأبد)/ تمثلا ظاهريا باطنيا للوحدة الغصنية (و). هذا الاتسام، الثلاثي، سيتواتر، بثا وتلقيا(9)، في الـ(متن) ذي الأربع والخمسين سطرا. ذلك، التواتر، بدءا من أن الوحدة النصية الجذرية الثانية، الـ(متن)، تتشكل من ثلاث وحدات ساقية، متفاوتة السطور عدديا، مجملها: استهلال/ إستنصاف/ استغلاق.
4ـ2ـ2ـ1:
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1: يبدأ الاستهلال(10)، الذي سيستغرق واحدا وعشرين سطرا، بثلاثية تشبيهية مضمونية ((مثل أب لطفلين)). تعقب هذي الثلاثية، التشبيهية المضمونية، ثلاثية فعلية مضارعية، حاضرية ـ مستقبلية، تنتهي بانتهاء هذه الوحدة المتنية الساقية الأولى. مما يعني أن الثلاثية الأخيرة، الفعلية المضارعية، هي، بعد الثلاثية السابقة لها، ما تنضوي تحتها وحدات غصنية ثلاث.
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ1: الوحدة الغصنية الأولى(11)، إثر ((مثل أب لطفلين)) مباشرة، قصيرة ـ جدا؟ ـ ذات سطرين. إنهما، تماما، حيث ((أقبل الخارطة من جهة الشمال/ وأفلي النخلة من دبيب الشظايا)). أي أنها، الوحدة هذه، معمدة بفعلين متزامنين عطفيا، بـ((و))، هما ((أقبل)) ثم ((أفلي)).
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ2أيضا الوحدة الغصنية الثانية، بعدها، يعمدها فعلان متزامنان بالعطف. غير أنها أكثر طولا، من سابقتها ـ ذات السطرين الاثنين ـ تلك، بسطر واحد فقط. ثم أنها، فضلا على تميزها ـ ذا ـ شكليا، تتميز، عن تلك ـ السابقة إياها ـ كذلك، مضمونيا. إذ أن لها ثلاثيتين، متتاليتين، في سطورها الثلاثة ((أحترم الله وقصيدة النثر وأنت/ وأعرف أن الطريق المؤدي اليك(12)/ قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف...)). ثمة ثلاثية ((الله وقصيدة النثر وأنت))، تتابعيا، وثمة ثلاثية: الطريق/ (بـ) الأحلام/ السقوف، تراوحيا، وكلتاهما ـ ثلاثيا ـ متميزتان: التتابعية بالأصالة ـ التراوحية بالإنابة. ففي الوحدة الغصنية الأولى، أي ((أقبل الخارطة من جهة الشمال/ وأفلي النخلة من دبيب الشظايا))، فعل تقبيل لـواحدة ((الخارطة)) ثم فعل تفلية لـواحدة ((النخلة)) منفصلان. أما في هذه الوحدة، أي الغصنية الثانية، فثمة فعلان مختلفان ـ عن سابقيهما ـ في الكم والكيف. هنا فعل احترام لثلاثة ((الله وقصيدة النثر وانت)) وفعل عرفان لثلاثة (الطريق/ ـ بـ ـ الأحلام/ السقوف) متصلان. إن الاختلاف الكمي لـ((أحترم)) و((أعرف))، عن ((أقبل)) و((أفلي))، يبدو جليا. لكن الاختلاف الكيفي لهما، عما يسبقانهما، قد يبدو خفيا، حيث (قد) تقليلية، لأنه متعلق ما بين ذيلي السطرين الأولين من الوحدة الغصنية الثانية. هو كامن، بتعلقه، في ((أنت))، المحترمة مع ((الله وقصيدة النثر))، وفي ((إليك))، حيث ((الطريق المؤدي)) معروف أنه ((قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف))، معا.
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ2ـ1: لذلك، من كمونية الاختلاف الكيفي لـ((أحترم)) و((أعرف)) في ((أنت)) و((إليك)) سوية، حدث أن ((لم يبق مني... سواك)). إنه نفي فذ، بجدارة شعرية، كونه ـ مظهريا وجوهريا ـ ذا حضورية مناسبة(13). لقد عوض، بها، كماليا، على وجه الخصوص، غياب نصية الـ(عنوان) عن نصية الـ(متن).
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ2ـ2: فهذا النفي الفذ، ذو الحضور المناسب، استدعى للنصية المتنية/ ((مثل أب لطفلين)) ـ ((العامرية...))/ تلك النصية العنوانية ((طبعا.. وإلى الأبد)). في الأقل، استدعاها، شكليا. إذ ليس هنالك فرق، منذ الوهلة الأولى لقراءتهما في نفس الوقت، ما بين شكل ((طبعا.. وإلى الأبد)) وشكل ((لم يبق مني... سواك)). إلاّ، في الأكثر، أن بالشكل الثاني قلبا تماميا للشكل الأول. حيث، بصرف النظر عن قلب كهذا، أن لكل واحد منهما وحدتين حروفيتين جانبيتين (طبعا/ لم يبق مني ـ وإلى الأبد/ سواك). فضلا على أن بين هاتين الوحدتين، كلتيهما، وحدة نقطية وسطية (../ ...). حتى، على مستوى المنظومة القرائية (القولية/ التلقوية)، لكأن جوهريتيهما(14)، الاثنتين؟، صنوان.
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ2ـ3: بمعنى أن جوهرية الوحدة النقطية الوسطية الأولى، أي ((..))، إنما هي جوهرية الوحدة النقطية الوسطية الثانية، أي ((...))، ذاتها. إذ الجوهرية تلك، هناك، كانت فاصلا استراحيا بين تأكيدين: حاضري ((طبعا)) ـ مستقبلي ((وإلى الأبد)). كذلك الجوهرية هذي، هنا، ستكون فاصلا(15)، نعم، استراحيا بين ضميرين: متكلم ((لم يبق مني)) ـ مخاطبة ((سواك)). إنهما، هذين الضميرين، بضعتا (أنا) ذلك الذي ((مثل أب لطفلين)) اثنين و((أنت)) تلك المحترمة مع اثنين ((الله وقصيدة النثر)) منه.
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ2ـ4: لذا، في ما بعد، فإن هاتين البضعتين، بضعتي (أنا) في ((لم يبق مني)) و((أنت)) في ((سواك))، سوف تُبَنيِنان(16)، كلتاهما، فاصلَ استراحة. سيكون، هذه المرة، عموديا، لا أفقيا، بين منتهى ومبتدى ثلاثيين. المنتهى، أولا، هو الشق الثاني للوحدة الغصنية الثانية. إنه ((وأعرف أن الطريق المؤدي اليك/ قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف...))، تحديدا، حيث الثلاثية التراوحية: الطريق/ الأحلام/ السقوف. أما المبتدى، ثانيا، فهو الشق الأول للوحدة اللاحقة بها.
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ3:
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ3ـ1إذ أن الوحدة الغصنية الثالثة، عقب تينك الوحدتين، تبدأ من هذا الشق نفسه. ذاك، كمالا ـ و/ أو ـ تماما، هو (أتسلق ظلك المستنير/ صائحا من ذروة في منارة:ـ/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات..). أما ثلاثيته، بدوره ـ هذا الشق ـ هو، فهي تتابعية "الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات.."(17).  
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ3ـ1ـ1: الممتع، هناك وهنا، أن في الثلاثيتين إتساقين(18)، اثنين، انتهائيين تنقيطيين سارحين. فاتساقا والتنقيط السارح الثلاثي في ((لم يبق مني... سواك))، متنيا، تنتهي ثلاثية التراوح بتنقيط سارح ثلاثي: ((قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف...)). ثم اتساقا والتنقيط السارح الثنائي في ((طبعا.. وإلى الأبد))، عنوانيا، تنتهي ثلاثية التتابع بتنقيط سارح ثنائي (الـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات..). مع ملاحظة أن كلا التنقيطين، هذين، يتبادلان، حركيا، في الثنائية، للأول، وفي الثلاثية، للثاني، متواليين. فذلك التنقيط السارح الثلاثي، من جانب أول، يبدو حركة ثانية عند انتهاء المتراوحة ((قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف/ ...)). أما هذا التنقيط السارح الثنائي، من جانب آخر، فإنه يبدو حركة ثالثة عند انتهاء المتتابعة (الـ((آه)) أكبر/ مما تدركه رزم الاغاثات/ ..).
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ3ـ1ـ2: بذا، لبدوٍّ كهذا، سينتاب آخر سبعة سطور للشق تداخل ثنائي ثلاثي. فهي، هذي السطور السبعة الأخيرة، قابلة، وفق هذا التداخل الثنائي الثلاثي، لقراءتين. إحداهما، ثنائيا، هكذا (لا إرث لي غير ((حديقة الأمة))/وصغار مقذوفين من شرفة ((اليونيسيف)).../ أنت سمائي التي... يا إلهي/ لم استطع التذمر من ليلها/ مخافة أن أثلم الهلال) ثم (ولا من عادتي ـ كما تعرفين/ الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..). وأخراهما، ثلاثيا، هكذا (لا ارث لي غير ((حديقة الأمة))/ وصغار مقذوفين من شرفة ((اليونيسيف))...) فـ(أنت سمائي التي... يا إلهي/ لم استطع التذمر من ليلها/ مخافة أن اثلم الهلال) ثم (ولا من عادتي ـ كما تعرفين/ الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..)). اللافت هنا، لا هناك، أن للقراءة ـ الأخرى ـ الثلاثية، لا للقراءة ـ الأولى ـ الثنائية، فاصلا ثلاثيا ((أنت سمائي التي... يا إلهي/ لم استطع التذمر من ليلها/ مخافة ان اثلم الهلال)). هذا الفاصل، من ((أنت)) إلى ((الهلال))، معناه ـ حتما ـ أن في قراءة كهذه(19)، ثلاثية، شقين، جليين، سيتسقان مع أفقيته الثلاثية (الشكلية) وعموديته الثنائية (اللغوية) تراتبيا. سيتسق الأول مع ((أنت سمائي التي ـ ... ـ يا إلهي))، شكليا، لينتهي بتنقيط سارح ثلاثي (لا ارث لي غير ((حديقة الأمة)) ـ وصغار مقذوفين من شرفة ((اليونيسيف))...). وسيتسق الثاني مع ((لم أستطع التذمر من ليلها/ مخافة أن أثلم الهلال))، لغويا، فينتهي بتنقيط سارح ثنائي ((ولا من عادتي ـ كما تعرفين/ الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..)).
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1ـ3ـ2: لذلك، أخيرا، فإن الشق الثاني، ذا الانتهاء التنقيطي السارح الثنائي، هو، كونه الأقرب، ما سيؤثر(20)، هنا، على ثاني شقي الوحدة الغصنية الثالثة. إذ أن هذا الشق، الأخير، ذو ثلاث ثنائيات. فهو، كلاًّ واحدا، ثنائي التحريك والتسطير والتنقيط ((أتزمت للتراب/ محتكما لمراسيم ثكلى توجها الطين..)).
4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ2: الذي ورد في الفقرة (4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1:)، كلها، يكشف عن أن للاستهلال تمظهرية غصنية ثلاثية. فثمة، عموديا وأفقيا، تمظهرات (الوحدة/ الشق/ الفاصل) على التوالي. بذا، بنيويا: شكليا ولغويا، فإن الوحدة الساقية الأولى (الاستهلال)، من الوحدة الجذرية الثانية (المتن)، تتمظهر، بإمكانية(21)، هكذا:
مثل أب لطفلين
(وحدة)  أقبل الخارطة من جهة الشمال              (شق)
وأفلي النخلة من دبيب الشظايا             (شق)
(وحدة)  أحترم الله وقصيدة النثر وأنت              (شق)
وأعرف ان الطريق المؤدي اليك            (شق)
قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف...
(فاصل)  لم يبق مني... سواك
(وحدة)  أتسلق ظلك المستنير                       (شق)
صائحا من ذروة في منارة:ـ
ألـ((آه)) أكبر
ألـ((آه)) أكبر
ألـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات..
(شق)    لا ارث لي غير ((حديقة الأمة))
وصغار مقذوفين من شرفة ((اليونيسيف))..
(فاصل)   أنت سمائي التي... يا إلهي
لم استطع التذمر من ليلها
مخافة إن أثلم الهلال
(شق)     ولا من عادتي ـ كما تعرفين
الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..
أتزمت للتراب                             (شق)
محتكما لمراسيم ثكلى توجها الطين..
4ـ2ـ2ـ2ـ2:
4ـ2ـ2ـ2ـ1: ما يلبث الاستنصاف، الذي سيستغرق ستة عشر سطرا، أن يتصل مع الاستهلال، الذي استغرق واحدا وعشرين سطرا، بانسيابية. لا سيما، أولا، عن طريق ((تعرفين)). ففي النهايات الاستهلالية، هناك، كانت متجاوبة ((ولا من عادتي ـ كما تعرفين/ الاتكاء على درهم يترنح في رسالة../ أتزمت للتراب(22)/)).
4ـ2ـ2ـ2ـ2ـ1ـ1: غير أنها في البداية الاستنصافية، هنا، ستكون متسائلة ((ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود:ـ)). ما هو غريب جدا، فيه، أن التساؤل، هذا، على الرغم من أنه ذو أداتين، هما ((أ)) و((لماذا))، لم ينته بعلامة استفهام (؟). لقد انتهى، على غير المتوقع من أي تساؤل كهذا، بعلامتي شرح ((:ـ)). هاتان العلامتان، الشرحيتان، صيرتاه ثلاثي التحريك ((ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود/ :/ ـ)). الممتع أن التجاوب معه، مع التساؤل هذا، سيشهد صيرورتين ثلاثيتين لكل علامة من هاتين العلامتين. فالعلامة الأولى ((:))، وهي ثنائية: عمودية انتصافية ازدواجية، ستصير ثلاثية: أفقية انتهائية تتابعية. أما العلامة الثانية ((ـ))، وهي أحادية: أفقية انتهائية انفرادية، فستصير ثلاثية: أفقية (ابتدائية ثم انتهائية) تراوحية. هكذا، حيث يشهد هاتين الصيرورتين الثلاثيتين، سيكون التجاوب ((ـ لأن الحروب ـ عليها السلام ـ لا ترد السلام...)). هنا، تحديدا، في الكينونة، هذه، ثمة ـ ظاهريا على الأقل ـ ما هو مدهش. فقد وردت ((الحروب)) مرة(23)، واحدة، تؤطرها علامة: ثنائية كماً لكن أحادية نوعاً ((ـ// ـ)) حيث ((ـ لأن الحروب ـ عليها)). ثم ورد ((السلام)) مرتين، اثنتين، تتخللهما علامتان: اثنتان كمياً كذلك اثنتان نوعياً ((ـ// ...)) حيث ((السلام ـ لا ترد السلام...)). أي ان الورود الثاني، ورود ((السلام))، أقوى من الورود الأول، ورود ((الحروب))، في الكم والنوع معا.
4ـ2ـ2ـ2ـ2ـ1ـ2: لذلك، استنادا إلى هذا التفسير، سوف يتقدم ((الخطى)) المراد ((ان تكون لامعة حين تلمس التراب)) نصحان: اثنان من حيث الكمية/ اثنان من حيث النوعية. فحيث ((لذا انصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب))، أولا ـ بالتسبيب، حيث ((كما انصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب))، ثانيا ـ بالتعطيف، تتابعيا. هاتان الحيثيتان، المتتابعتان، ستلقيان بثنائيتهما، كونها طلبا، على جواب الطلب ((ستعرفين عند ذلك(24)/ كم كنت مشتبكا مع الطريق)).
4ـ2ـ2ـ2ـ2ـ1ـ3: هذا، الذي ألقي، فضلا عن أن لاشتباك كهذا ((مع الطريق))، لأنه ثاني سطري الجواب الطلبي، ثنائية ناتجة عن كمية كينونته. إنها، هذه الثنائية، ممثلة في واحد من مشتقات ((الحروب)) وثلاثة من مشتقات ((السلام)). فثمة ((الربايا))، مشتقا حروبيا، حيث رؤية ((العابرين)) نحوها. وثمة ((الوظيفة)) فـ((الجريدة)) فـ((حبيب))، مشتقات سلامية، حيث استيقاف ((العابرين)) عندها. هكذا، تارة أخرى، يتغلب ((السلام)) المفردي على ((الحروب)) الجمعية. إنه، من الواضح جدا، تغلب "كمي ونوعي" معا ((أستوقف العابرين إلى الربايا(25)/ إلى الوظيفة/ إلى الجريدة/ إلى حبيب)). هذا التغلب، الكمي والنوعي، يستأنف، بفذاذة، ذاك الورود، في الكم والنوع أيضا، حيث ((السلام)) أقوى من ((الحروب)). إن كلتا علامتي الشرح ((:ـ))، تينك، كانتا، هناك، قد تخللتا ((السلام)) كميا ونوعيا ـ بصيغتي ((ـ/ ...)) ـ حيث ((السلام ـ لا ترد السلام...)). فإذا بهما، كلتيهما هنا، تعقبان مشتقات ((السلام))، الثلاثة، بصيغة ((:ـ))، نفسها، مرتين في سطرين ((كآخر طفل في أول اليأس، أو هكذا:ـ/ مدججا بألوان ترتل وفرشاة تصيح:ـ)). ثم، أخيرا، تطغيان على ثنائية الترتيل والصياح ((ـ انتبه يا صاح مره/ ـ رقصة الفرشاة تسعى في خشوع/ ـ لحذاء تكشف الألوان سحره/ ـ فتعاني من تخطيه الشموع..)).
4ـ2ـ2ـ2ـ2ـ2: ليس غريبا، البتة، أن تفصح الفقرة (4ـ2ـ2ـ2ـ1:)، بأكملها، عن أن في الاستنصاف تماثلية(26)، تامة، مع الاستهلال، تحديدا، من حيث تمظهريته غصنيا. فهي، أي التمظهرية الغصنية للاستنصاف، ثلاثية، أيضا، عمادها توالي (الوحدة/ الشق/ الفاصل). إنها تمظهرات الوحدة الساقية الثانية (إستنصافيا)، من الوحدة الجذرية الثانية (متنيا)، موزعة، ببنيوية: شكلية ولغوية، هكذا:
(وحدة) ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود:ـ
ـ لأن الحروب ـ عليها السلام ـ لا ترد السلام...
(وحدة) لذا انصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب (شق)                                                                      كما انصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب         (شق)
ستعرفين عند ذلك
كم كنت مشتبكا مع الطريق
(وحدة)  أستوقف العابرين إلى الربايا
إلى الوظيفة                                           (شق)
إلى الجريدة                                           (شق)
إلى حبيب                                             (شق)
(فاصل) كآخر طفل في أول اليأس، أو هكذا:ـ
مدججا بألوان ترتل وفرشاة تصيح:ـ
ـ انتبه يا صاح مره
ـ رقصة الفرشاة تسعى في خشوع
ـ لحذاء تكشف الألوان سحره
ـ فتعاني من تخطيه الشموع..
4ـ2ـ2ـ3:
4ـ2ـ2ـ3ـ1: لقد لوحظ ـ أولا، منذ الفقرة (4ـ2ـ2ـ2ـ1:)، أن في الاستهلال، الذي استغرق واحدا وعشرين سطرا، ثمة مبتدى(27)، أو ابتداءً، ماضويا: ((مثل أب لطفلين)). كما لوحظ ـ ثانيا، حيث انطلاق الفقرة (4ـ2ـ2ـ2ـ2:)، أن في الاستنصاف، الذي استغرق ستة عشر سطرا، مفتاحا حاضريا ((ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود:ـ)). فما يلاحظ، إذن، في الاستغلاق، الذي سيستغرق سبعة عشر سطرا، بعد هذا وذاك؟ سيلاحظ أن فيه، وهذا مما هو ممتع، بابا مستقبليا ((لن أموت)). حتى في استئنافه، الفائي: المباشر/ الفوري، إنما هو باب مستقبلي ((فلا تقلقي)). فإذا بكلتا مستقبليتيه الاثنتين، هاتين، مجرد ((ساعتين)) اثنتين أيضا. ذلك، تحديدا وتعيينا، حيث (ما زال في ((الحصة)) شيء يمط الحياة الى ساعتين). وإذ ثمة نهي فائي عن القلق ((فلا تقلقي))، يبرر من الباب المستقبلي ((لن أموت))، كذلك ثمة أمر فائي بالانتباه ((فانتبهي لأراك)). أما إذ ثمة ((شيء يمط الحياة الى ساعتين))، كان: ما زال في ((الحصة))، فثمة ((شيء يمط)) أداة التقليل ((قد)). يمطها عموديا تسع مرات، ثلاثا × ثلاث!، متتابعات/ متلاحقات. بيد أن هذا المط العمودي، المتتابع/ المتلاحق، يتخلله مط أفقي، متراوح/ متفارق، يثني ((قد)) السادسة و((قد)) التاسعة. فـ((قد أفرك الضمائر بالقنافذ وأطلق البالونات..))، أولا، بعد الـ((رأفة بقميص وحيد..)). و(قد أتسلسل ((أولا)) في بلاط الضحايا وأغيب عن البيت)، ثانيا، عقب ((ليفهمني الرصيف..)). هذه التثنية، المزدوجة، كان لا بد لها، في ما بعد، أن تثنّي، بدورها، ما يجدر تبيينه أمام المخاطبة من المتكلم. فهو، يبين، إنما ((بريء من فردوس يلمع في مدفن الغرباء)) ثم ((أمين)) لأصدقائه ((المشتعلين هناك/ في/ العامرية...)).
4ـ2ـ2ـ3ـ2: كما تماثل الاستنصاف والاستهلال في مظهرية التغصين، وفق الفقرتين (4ـ2ـ2ـ2ـ2ـ2:) و(4ـ2ـ2ـ2ـ1ـ2:)، سيتماثل الاستغلاق معهما، كليهما، فيها. هذا، بالضبط، ما تعلن عنه الفقرة (4ـ2ـ2ـ2ـ3ـ2:)، توا، حيث للاستغلاق تمظهرات (الوحدة/ الفاصل/ الشق) تراتبيا. أي أن الوحدة الساقية الثالثة (الاستغلاقية)، للوحدة الجذرية الثانية (المتنية)، تتمظهر، من حيث البنية: الشكل واللغة، هكذا:
(وحدة) لن أموت
فلا تقلقي
(فاصل) ما زال في ((الحصة)) شيء يمط الحياة الى ساعتين
(وحدة) فانتبهي لأراك
قد أصطاد رؤوس الفجل بربطة عنق..                (شق)
قد أضحك من صلة الغباء السمين بالياسمين..         (شق)
قد أعري كتبي في وضح النقود..                      (شق)
قد أنفق اصفرار الوجوه على المرايا...                (شق)
قد أتوب عن مزاولة المطر، رأفة بقميص وحيد..      (شق)
قد أفرك الضمائر بالقنافذ وأطلق البالونات..            (شق)
قد أتجنب الليل بفانوس سيباع..                        (شق)
قد أسهو قليلا عن وسامتي ليفهمني الرصيف..        (شق)
قد أتسلسل ((أولا)) في بلاط الضحايا وأغيب عن البيت (شق)
(وحدة)  لكني بريء من فردوس يلمع في مدفن الغرباء
وأمين لأصدقائي المشتعلين هناك
في
العامرية...(28)
4ـ2ـ2ـ3: أما أخيرة الوحدات النصية الجذرية، الثلاث، أي الـ(تعريفات)، كما سلف، فتتشكل هي الأخرى، كسابقتيها: الـ(عنوان) والـ(متن)، من ثلاث وحدات ساقية. ثمة ((حديقة الأمة:))، التي تحمل الرقم "(1)"، من حيث أنها ((متنزه عام يقع في مركز العاصمة بغداد..)) وبالتالي ـ من هنا ـ فـ: لا ارث لي غير ((حديقة الأمة)). ثمة ((الحصة:))، التي تحمل الرقم "(2)"، من حيث أن ((المقصود بها الحصة التموينية..)) ذات العمر القصير (ما زال في ((الحصة)) شيء يمط الحياة الى ساعتين). ثمة ((العامرية:))، التي تحمل الرقم "(3)"، من حيث هي ((حي سكني وقعت فيه مجزرة ملجأ العامرية المعروفة..)) حتى أن هنالك أصدقاء مشتعلين (/ في/ العامرية...). ويبدو جليا أن رأس الوحدة التعريفاتية الساقية الثالثة، أي ((العامرية))، يتميز عن رأسي الوحدتين التعريفاتيتين الساقيتين السابقتين، أي ((حديقة الأمة)) و((الحصة))، ثلاثيا. فهو علاوة على أنه ثالث الرؤوس الثلاثة(29)، هنا، للوحدة الجذرية الثالثة، أي(التعريفاتية)، يقع في الوحدة الغصنية الثالثة من الوحدة الساقية الثالثة (الاستغلاقية) ضمن المتن.
4ـ2ـ3: بحسب الفقرة (4ـ2ـ2:)، كلها إجمالا، توجد في هذه القصيدة، إذن، عشرة أنساق شكلية ثلاثية(30). ثمة نسق نصي، واحد، وحداته: العنوان ـ ((طبعا.. وإلى الأبد))/ المتن ـ من ((مثل أب لطفلين)) إلى ((العامرية...))/ التعريفات. ثمة أنساق جذرية، ثلاثة، له. أولها عنواني، بامتياز، وحداته: ((طبعا)) ـ ((..)) ـ ((والى الأبد)). ثانيها متني، بعده، وحداته: الاستهلال ـ من ((مثل أب لطفلين))/ الاستنصاف ـ من ((ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود:ـ))/ الاستغلاق ـ من ((لن أموت)). ثالثها تعريفاتي، إثرهما، وحداته: ((حديقة الأمة))/ ((الحصة))/ ((العامرية)). ثمة أنساق ساقية، أربعة، واحد عنواني وثلاثة متنية. العنواني، وهو أولها، وحداته: ((و))/ ((الى))/ ((الأبد)). أما المتنية، من جهتها المنفصلة عن جهته، فهي: نسق استهلالي/ نسق استنصافي/ نسق استغلاقي. الاستهلالي، أولا، وحداته: من ((أقبل الخارطة من جهة الشمال))/ من ((أحترم الله وقصيدة النثر وأنت))/ من ((أتسلق ظلك المستنير)). الاستنصافي، ثانيا، وحداته: من ((ثم أتعرفين لماذا يموت الجنود:ـ))/ من ((لذا انصحي الخطى أن تكون لامعة حين تلمس التراب))/ من ((أستوقف العابرين إلى الربايا)). الاستغلاقي، ثالثا، وحداته: من ((لن أموت))/ من ((فانتبهي لأراك))/ من ((لكني بريء من فردوس يلمع في مدفن الغرباء)). أخيرا ثمة نسقان غصنيان، اثنان، استهلالي واستنصافي. الاستهلالي، أولهما، وحداته: (الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات..). أما الاستنصافي، ثانيهما، فوحداته: ((إلى الوظيفة/ إلى الجريدة/ إلى حبيب)).
4ـ2ـ3ـ1: ربما يتحقق اقتناع، كبير، بأن هذه الأنساق الشكلية، الثلاثية، هي التي، جزئيا أو كليا، قد وترت الخطاب الشعري للقصيدة، هذي، فإذا به عقدي: تراكبي ـ تشابكي. لكنّ اقتناعا كهذا، كبيرا، لا يلبث، لكي يكون تحققه مؤكدا، أن يتساءل، فورا، عما يجديه التعرف على أنساق شكلية كهذه(31)، ثلاثية، في قصيدة ـ نثر ـ ذات خطاب شعري متوتر. إنه حق، أو محق، هذا الاقتناع، الكبير، لولا أن في تساؤله، الفوري، يكمن تجاوب، فوري أيضا، معه. ذلك أن عقدية هذه القصيدة، تراكبيتها/ تشابكيتها، ما كانت، لتنتابها، من دون توترية خطابها، في شعريته، حيث التوترية ـ هنا ـ ناتجة عن ثلاثيات نسقية شكليا. ثم أن هذه الثلاثيات النسقية، من حيثية تشكلها الكمي، تمام العشر، لا أقل من عشر، ما يعني، حتما، أن التعرف عليها، من حيثيتي تشكليها الكيفي والنوعي، ذو جداوى عديدة. مفتاح هذي الجداوى، العديدة، أن ثمة إلحاحا ـ عفويا أم قصديا؟ ـ من الشاعر (متكلما هنا) على تثليث قصيدته منذ مبتدى الـعنوان ـ مرورا في المتن ـ حتى منتهى الـتعريفات.
4ـ2ـ3ـ1ـ1: فقد عنونها بـ((طبعا.. وإلى الأبد))، حصرا(32)، حيث صيّر عنوانها ذا ثلاثيتين، اثنتين، ساقية وغصنية. لكن، في المقابل، لو كان العنوان (طبعا.. إلى الأبد)، مثلا أولا، لصار ذا ثلاثية، واحدة، ساقية فقط. ولو كان (طبعا والى الأبد)، مثلا ثانيا، لانعدمت فيه حتى هذي الثلاثية الساقية.
4ـ2ـ3ـ1ـ2: ثم تراه في المتن، استهلالا واستنصافا واستغلاقا، لا يتوانى في النأي بسطوره عن كل ما هو غير ثلاثي. لقد كان ((مثل أب لطفلين)) اثنين، لم يكن ((مثل أب)) لطفل واحد أو ((مثل أب)) لأطفال ثلاثة، فكان أول ثلاثة ـ بذلك ـ لا أول اثنين أو أول أربعة. إنه، هذا الذي أول ثلاثة، يحترم، دينيا وأدبيا واجتماعيا، ثلاثة، لا أقل ولا أكثر، هم ((الله وقصيدة النثر وأنت)). حتى في صياحه الثلاثي، أيضا، يحترمهم، أولاء الثلاثة، إذ يستحضرهم. فهو، هنا، يتسلق الظل ((المستنير)) لـ((أنت)) حيث ((ذروة في منارة)) من منارات ((الله)) كاسرا روتينية (الـ((آه)) أكبر) بانضوائية تحت ((قصيدة النثر)). هكذا، ثلاثيا، صاح (الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر مما تدركه رزم الاغاثات..). أي أنه، في هذا الصياح، اذ يكبِّر "الـ((آه))" ثلاثة تكبيرات، متتابعات، إنما يضمِّن تكبير ((الله)) تضمينا ثلاثيا. هو، من ثم، في هذا التضمين(33)، الثلاثي تعيينا، يزاوج بين تكبيرين أولين في أذانين اثنين للمسلمين. بعضهم، أقلهم، يكبر عند أول الأذان مرتين اثنتين (الله أكبر/ ألله أكبر) حيث التكبير ثنائي. أما معظمهم، أكثرهم، فيكبر عند أول الأذان مرات أربع (الله أكبر/ الله أكبر/ الله أكبر/ الله أكبر) حيث التكبير رباعي. كأنه، عند ((ذروة في منارة))، حين يكبّر ((صائحا)) مرات ثلاثا (الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر/ الـ((آه)) أكبر)، حيث التكبير ثلاثي، يتحيد خارجَ كلا (النوعين) هذين. لكن لا تحيّدَ له قبالة ((الحرب)) و((السلام))، أبدا، بل ثمة انحياز منه ضد الأولى مع الثاني. لذلك، دليلا على هذا الانحياز (الضدوي/ المعيوي)، يستوقف ((العابرين)) نحو أحادية للحرب ((إلى الربايا)) عند ثلاثية للسلام ((إلى الوظيفة/ إلى الجريدة/ إلى حبيب)). هذا الاستيقاف، الأحادي صوب ((الحرب))/ الثلاثي حيث ((السلام))، ليس غريبا من ((أب لطفلين)) أي أول ثلاثة (قد أتسلسل ((أولا)) في بلاط الضحايا وأغيب عن البيت). لهذا، ربما، يستدرك ((لكني بريء من فردوس يلمع في مدفن الغرباء/ وأمين لأصدقائي المشتعلين هناك/ في/ العامرية...)).
4ـ2ـ3ـ1ـ3: كذلك التعريفات، أخيرا، إنما أرادها ثلاثة فقط: حديقة الأمة ـ الحصة(34) ـ العامرية. بمعنى أن هذا المراد الثلاثي، لتعريفاته، هو مراد حصري ـ تحديدي/ تعييني ـ بامتياز. الدليل، على صدقية معنى كهذا، أنه، أي الشاعر، قد أورد في المتن اصطلاحا أجنبيا، غير عربي، كان أحق بالتعريف، من كل ما سواه، لكنه، رغما عن ذلك، لم يعرفه. حتى أن هذا الاصطلاح، الأحق تعريفيا، جاء تاليا لـ((حديقة الأمة))، التي آثر تعريفها، حيث (لا ارث لي غير ((حديقة الأمة))/ وصغار مقذوفين من شرفة ((اليونيسيف))...).
4ـ2ـ3ـ2: أيمكن الاستنتاج، استنادا للفقرة (4ـ2ـ3ـ1:)، أن إلحاح الشاعر على تثليث هذه القصيدة، بعفوية أم بقصدية، ذو علاقة بتثليث ما ـ ظاهر (و/ أو) باطن ـ في حياته؟ لعل مراجعة متأنية ـ جدا ـ لـ(حوار مفتوح وغير مغلق.. أيضا!!) معه(35)، حيث يلتمس في البدء قليلا من الارتعاش، تُشرْعِنُ إمكانية كهذه للاستنتاج: تثليث قصيدة/ تثليث حياة. فعند الخوض في مفهوم المكان، بحسب تقاليده الشخصية، ثمة شاعر تحت وطأة (كانسر)، عضال لا شفاء منه، يتلاعب بمصيره، ذي الضمير ـ الأنوي ـ المستتر دوما، أنما اتفق. إنه ثنائي التناوب، بنقيضين من الأفاعيل، حيث يراه، على الدوام، قصابا بارعا لجسد الكلام، مرة أولى، وباعثا استثنائيا لاستعادة ما هو ميت من البوح، مرة ثانية، في الآن عينه. لكنه ثلاثي الحدوث، تتصنون فيه الأزمنة، حيث أن تناوبه الثنائي هذا، على ذلك الذي ((مثل أب لطفلين)) اثنين، إنما (حدث ويحدث راهنا وسيحدث حتما في تمام الآخرة وما بعدها).  فالشاعر.. هنا، إذن، في مكان متسع، بحنان فادح، لثنائيتين متناقضتين: لحشد من الملائكة والقوادين معا، أو لجباة الدم ليل نهار وبسالة اللاهثين في رد الضرر عن الحالمين. بيد أن (الحالمين) هؤلاء، الذين ترد (الضرر) عنهم (بسالة) أولئك (اللاهثين)، لا يحلمون سوى ـ!ـ بثلاثة أحلام متصنونة: بدفتر مدرسي أو كوب حليب أو وردة آيلة للعبق. هذا يعني، عند الشاعر دائما، أن لا فرق هنالك ـ أبدا أبدا ـ في إيواء السراب من إحدى هاتين الاثنتين: ذباب الاستبداد المفولذ // سابقا ـ ((و)) ـ عسليات الغزاة الزقومية // لاحقا. من ثم فإن هذا الوئام الشنيع بين المتناقضات، راسخا في مسقط رأسه، قد جعله، دون إرادته (؟؟؟)، لا يفرق، كذلك، بين ثلاث: (أمهات المعارك)/ (القادسيات)/ (نقرة السلمان). وإذ انعكست هذه الوقائع عليه، بألوانها الشاحبة، فتحدد مقدار السوء العام، الذي طاله، ظلت الروح، متوارية خلف الأسمال، تحتفظ بثلاث: سطوعتها ـ نظافتها ـ مثابرتها. كأنه غير مبال بأذى، كثير، أصابه من (ضآلة الدخلاء/ وساخة الأدعياء/ دناءة المتاجرين) على حساب (عفافاته/ ديمومته/ خصوبته) التي (كانت/ لم تزل/ الى يوم يبعثون). أو كأنه، أيضا، يجذر درسا أبلغ لجمع شمل (الجمال/ العدالة/ الأبدية) في ملكوت واحد بذاته. يحدث هذا التجذير، الثلاثي، وإن أكلت القطارات بأنياب خطاها (الطرة) و(الكتبة)، فلا رؤوس أموال وآمال، وإن مدت الفاقة لسانها ساخرة من تكدس خيبة الأحلام على الأرواح. أرواح استغرقت طويلا في غباءات (النوايا الحسنة) المفضية، في ما بعد، إلى قطارات بطيئة حبلى بـ: الحنطة المسمومة ـ جرحى الحروب ـ مستحضرات لتجميل الهزائم. ذلك لأنه، تجذيرا كهذا، يؤكد أن المصاب بداء الكلمات ـ أي الشاعر ـ أقوى من: أحابيل كوليرا الخرس/ مخالب كاتم الصوت/ مستعمرات الخراب النزيلة ـ مؤقتا ـ في أعالي الكلام.

* توضيحات (4:) *
(1) ثمة قصائد ذات نسق نصي:
رباعي، وحداته (عنوان/ إهداء/ تمهيد/ متن) أو (عنوان/ تقديم/ متن/ هامش) أو (عنوان/ تقديم/ متن/ تذييل)، كما القصائد الثلاث التالية ((أ)) على أي رمح سنرفع رأس العراق ـ موفق محمد ـ في: بالتربان ولا بالعربان، المركز الثقاقي العربي السويسري ـ زيورخ/ بغداد، ط1/ 2005/ ص31ـ ص40 ((ب)) صلاة ليلة الحرب ـ ساجدة الموسوي ـ في: البابليات، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1989/ ص29ـ ص60 ((ج)) المهاجر ـ سعد الصالحي ـ في: بلاغ رقم (اسكت)، دار غيوم الثقافية/ الملتقى الثقافي العراقي ـ بغداد، ط1/ 2006/ ص11ـ ص16
خماسي، وحداته (عنوان/ تمهيد/ تقديم/ متن/ تذييل) أو (تأريخ/ إهداء/ عنوان/ متن/ هامش)، كقصيدتي ((أ)) صلاح نيازي (حديث أم صابر) في: نحن، وزارة الثقافة والفنون ـ بغداد، 1978/ ص63ـ ص69 ((ب)) شهلا خليل الكيالي (أهزوجة النصر) في: خطوات فوق الموج، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، ط1/ 1992/ ص17ـ ص21
(2) لكنْ هنالك أنساق متنية، بصرف النظر عن قلتها أم كثرتها، يصعب تحديد، أو تعيين، إن كان الواحد منها ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا، فما فوق، لأن تناظراتها غير حاسمة ((أنظر، مثلا، قصيدة آمنة عبدالعزيز "لحظة" في: القارة الثامنة، 2009، ص49ـ ص50)). يمكن توضيح ذلك، حيث التناظرات غير الحاسمة، على متن قصيدة طالب عبدالعزيز (تقليد النمور)، من (ما لا يفضحه السراج، دار الزاهرة للنشر والتوزيع ـ رام الله، ط1/ 2001/ ص65ـ ص68)، هكذا:
أنا إن جئت أضحك
وقد توردت غمازتاي كخوختين
فهذا لا يعني سروري بكم
أنا هكذا أدافع عن حزني
أنا إن جئت أغني
فهذا لا يعني فرحي الدائم                 "تناظر غير حاسم مع: فهذا لا يعني سروري بكم"
"هذا أعقب (أنا إن جئت أغني) مباشرة"
"ذاك أعقب (أنا إن جئت أضحك) مداورة"
أو أني أعرف ما يبعثه الغناء
في نفوسكم
لكني أردت أن أغضب الضواري
التي في روحي
أنا إن جئت أصرخ
وكنت أعض الأرض
وأرشق السماء بيدين فزعتين
فهذه طريقتي في تقليد النمور                       "تناظر غير حاسم مع:
أولا (فهذا لا يعني فرحي الدائم)
ثانيا (فهذا لا يعني سروري بكم)
أنا إن أتعرَّ                                          "تناظر غير حاسم مع:
أولا (أنا إن جئت أصرخ)
ثانيا (أنا إن جئت أغني)
ثالثا (أنا إن جئت أضحك)
وألوح بيدي الى كل الجهات
فهذا لا يعني                               "تناظر غير حاسم ـ كونه واردا بعد (أنا إن أتعر) ـ مع:
أولا (فهذا لا يعني فرحي الدائم) لوروده بعد (أنا إن جئت أغني)
ثانيا (فهذا لا يعني سروري بكم) لوروده بعد (أنا إن جئت أضحك)
أني أريد العوم
أو أني سأصبح قردا
ما أردته فحسب
هو أن أريكم
خريف روحي الأجرد.
(3) آن الأوان، هنا، أن أبين، تطبيقيا، ما أعني بـ"قصيدة معتمدة كقصيدة"..
* من قصيدة ماجد الحسن (بعيدا... في المطر)، في (لا.. أريده صعودا، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2008/ ص11ـ ص17)، نقتطع:
صمت
أفق...
يذوب في عريه
يدفن بقاياه...
ويتأرجح في معجزة المجمرة
أفق،
أم شفتان من الريح
تنهمران خصوبة...
وتخبئان النخيل
أفق هناك...
وما تبقى من احتضار الزمان
طار الغناء بالقمح
ليمد غيومي،
في بكاء الجداول
أفق لا أراه،
وأحيى سعيرا من الصمت
أينعت نوافذه...
فرش الصدى.. بالوعود
هذا المقتطع جزء أول من أجزاء أربعة، في هذه القصيدة، هي: صمت/ هشيم/ أحلام ظامئة/ وقت آخر. ولأنه معنون، كما الأجزاء الأخرى الثلاثة، يمكن عدّه "قصيدة معتمدة كقصيدة". حينها يتوفر للمتن، هنا، نسق ثنائي:
(وحدة جذرية أولى)                     أفق...
يذوب في عريه
يدفن بقاياه...
ويتأرجح في معجزة المجمرة
(وحدة جذرية ثانية)                     أفق،
أم شفتان من الريح
تنهمران خصوبة...
وتخبئان النخيل
(وحدة ساقية أولى)                     أفق هناك...
وما تبقى من احتضار الزمان
طار الغناء بالقمح
ليمد غيومي،
في بكاء الجداول
(وحدة ساقية ثانية)                      أفق لا أراه،
وأحيى سعيرا من الصمت
أينعت نوافذه...
فرش الصدى.. بالوعود
"وانظر، مثلا آخر، الجزء (ـ6ـ سيمياء القبلة) من قصيدة غريب اسكندر ((سيميائيات)) في: سواد باسق، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، ط1/ 2001/ ص22ـ ص23"
* من قصيدة عبدالخالق كيطان (أخطاء شخصية)، ضمن (الانتظار في ماريون، دار الفارابي ـ بيروت، ط1/ 2007/ ص87ـ ص91)، نقتطع:
(1)
مرة إثر مرة
تقودني المصادفة
إلى أدلاء عاجزين
مرة إثر مرة
ينسكب الخمر من كأسي
فتبيَضُّ المائدة.
عمان في 12/8/2001
هذا المقتطع جزء أول من أحد عشر جزءا، للقصيدة هذه، هي: (1) ـ (2) ـ (3) ـ (4) ـ (5) ـ (6) ـ (7) ـ (8) ـ (9) ـ (10) ـ (11). إنه مرقم غير معنون، كالأجزاء الأخرى العشرة، لا يمكن عدّه "قصيدة معتمدة كقصيدة". ثم أنه مذيل بـ((عمان في 12/8/2001))، لوحده، كما الأجزاء المذيلة "(2) ـ (3) ـ (4)" بـ((عمان في 15/9/2001)) و"(5) ـ (6) ـ (7) ـ (8) ـ (9) ـ (10) ـ (11)" بـ((عمان في 18/11/2001)). ولو اكتفى الشاعر بالتذييل الثالث، دون التذييلين الأول والثاني، لكانت وحدتين جذريتين في نسق ثنائي لمتن قصيدته كلتا وحدتي الجزء الأول هذا:
(وحدة أولى)                           مرة إثر مرة
تقودني المصادفة
إلى أدلاء عاجزين
(وحدة ثانية)                           مرة إثر مرة
ينسكب الخمر من كأسي
فتبيَضُّ المائدة.
(4) الفرضية غالبة، حسب رأي هذه الدراسة، لغلبة النسقين النصيين الثنائي والثلاثي ـ على ما سواهما من الأنساق النصية الأخرى ـ في معظم القصائد المعتمدة كقصائد، كما هي واضحة ـ هذه الغلبة ـ في الفقرتين (3ـ1ـ2:) و(3ـ2ـ1:) مع توضيحيهما (6) و(13). فضلا عن ذلك، كله، تؤشر الدراسة ـ الحاضرة ـ تأشيرة لافتة متعلقة بقصائد الدواوين ـ حصرا هنا ـ وهي أن جل هذه القصائد ذات نسق نصي:
((أ)) ثنائي، بوحدتين جذريتين اثنتين، كما في دواوين ((1)) أديب كمال الدين: نون، دار الجاحظ ـ بغداد، 1993 ((2)) خالد جابر يوسف: الجهات التي هي من شأني، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، 1993 ((3)) كاظم جبر الميزري: قصائد خارج المعنى، 2006 ((4)) محمد جهيد الحافظ: مذبحة الغبار، منشورات اللحظة ـ بغداد، ط1/ 1996 ((5)) تومان غازي: الحصان الخلفي الحصان الأمامي، دار الوفاق للنشر ـ النجف، ط1/ 1994 ((6)) علي حسن الفواز: فصول التأويل، 1996 ((7)) فرج الحطاب: سيول أليفة، ع ن ع للطباعة، ط1/ 1996 ((8)) مهند عبد الجبار: لقنوا الببغاء صمتي، اصدارات (البديل الثقافي) ـ ميسان، ط1/ 2006 ((9)) سمارة غازي الفرطوسي: هبوط القمر خدعة، منشورات إبداع ـ النجف الأشرف، 2008 ((10)) سلامة الصالحي: أحلام الرماد، مكتب اليمامة ـ الديوانية
((ب)) ثلاثي، بوحدات جذرية ثلاث، كما في دواوين ((1)) رعد عبدالقادر: صقر فوق رأسه شمس، مكتبة المنصور العلمية ـ بغداد، 2002 ((2)) حسب الشيخ جعفر: كران البور، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1993 ((3)) علي الطائي: مائدة للحب ومائدة للغبار، وزارة الثقافة والفنون ـ بغداد، 1978 ((4)) وليد حسين: ظلي هناك، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ـ دمشق، 2007 ((5)) عبدالحميد الجباري: تبقى الارض تدور، 2006 ((6)) نوفل ابو رغيف: ملامح المدن المؤجلة، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2008
لكن الفرضية، رغم هذه الغلبة، لا تخلو من استثناءات. ذلك، على سبيل المثال، لأنه يحدث، أحيانا، أن تكون قصيدة ما ذات نسق نصي ثنائي (أو ثلاثي) ونسق متني غير ثنائي (أو غير ثلاثي)
فثمة قصائد ذات أنساق نصية ثنائية وأنساق متنية:
((1)) ثلاثية كقصائد (أ) حيدر الشيخ (كوميديا الحرب) في: وطني أنت يا عراق، ط1/ 2001/ ص11ـ ص13 (ب) جابر محمد جابر (حلم) في: أحلام مبللة، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2007/ ص16 (ج) عمر السراي (اعترافات.. لمذنب متأخر) في: سماؤك قمحي، اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق، 2007/ ص65ـ ص69 (د) علي النجدي (هكذا دائما) في: مقترح للنزهة، دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر ـ دمشق، 2009/ ص20ـ ص21 (هـ) سناء العبيدي (لم أكن أعلم) في: كلمات ساحرة، بغداد، 2002/ ص9 (و) كاظم الفياض (غيمة في الصحرا)، ضمن (قبر الحيوان، نينوى للدراسات والنشر والتوزيع ـ دمشق، ط1/ 2002/ ص25)، هذه:
غيمة في صحرا                              (العنوان: وحدة نصية أولى)
(استهلال: وحدة متنية أولى)         أنت                  (المتن: وحدة نصية ثانية)
حين تضحكين
مسامة في جلد عريض
مسامة صغيرة جدا في جلد المنطق الجاف
ترتجف من الحب
طوبى لك، هلال
تحت غصن خريفي
يفكر
بك
(وحدة متنية ثانية)                 أنت
هواء لامع يضيء موجة النهر
(استغلاق: وحدة متنية ثالثة)       أنت
بياض ذاكرة سوداء
((2)) رباعية كقصائد (أ) فاضل الخياط (ثياب الموتى) في: القافلة، دار الآن للطباعة ـ بغداد، ط1/ 1993/ ص32ـ ص43 (ب) حسن عبد راضي (حتى أنت يا بروتس) في: حمامة عسقلان، مكتب اليمامة ـ بغداد، ط1/ 2000/ص25ـ ص26 (ج) طلال إسماعيل الغوار (حرائق الكلمات) في: الأشجار تحلق عاليا، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1999/ ص29ـ ص30 (د) عدنان عادل (مرة أخرى) في: جسد مسمد بالتراب، منشورات بدايات ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص61ـ ص63 (هـ) خضر زكو (ملاذات الموت الأبيض) في: ملاذات الموت الأبيض، 2004/ ص17ـ ص19 (و) كريم جخيور (أجنحتي يباركها زارعو الكرم)، في (الثعالب لا تقود الى الورد، إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ـ البصرة، 2008/ ص36ـ ص38)، هذه:
أجنحتي يباركها زارعو الكرم                                (العنوان: وحدة نصية أولى)
(استهلال: وحدة متنية أولى)        أنا الماهر                (المتن: وحدة نصية ثانية)
(ثمانية أشطر)
(وحدة متنية ثانية)                 أنا الماهر
(اثنا عشر شطرا)
(وحدة متنية ثالثة)                 أنا الماهر
(خمسة أشطر)
(استغلاق: وحدة متنية رابعة)      أنا الماهر
باسق قلبي
وأجنحتي يباركها زارعو الكرم
((3)) خماسية كقصائد (أ) عبدالله كوران (لهفي على عام مضى) في: الآثار الشعرية الكاملة، شركة المعرفة للنشر والتوزيع المحدودة ـ بغداد، 1991/ ص60ـ ص62 (ب) كريم جخيور (رماد كل هذا) في: خارج السواد، إصدارات ج، 2006، ص75ـ ص76 (ج) سلام الناصر (زاجل) في: فتى بريء، دار الينابيع ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص14ـ ص15 (د) قيس مجيد علي (أنا هكذا) في: أنا هكذا، دار العباد ـ بغداد، ط1/ 2009/ ص1ـ ص4 (هـ) رسمية محيبس زاير (رؤيا) في: فوضى المكان، مؤسسة الفكر الجديد للثقافة والإعلام والفنون ـ النجف، ط1/ 2008/ ص31ـ ص32 (و) سلامة الصالحي (جبين الوردة) في: ذاكرة الجرح، منتدى أضواء الثقافي ـ الديوانية، 2007/ ص17ـ ص18
((4)) سداسية كقصيدة مقداد مسعود (بصريون) في: زهرة الرمان، دار الينابيع ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص69ـ ص73
((5)) سباعية كقصيدتي "أ" إيمان الفحام (سيزيف) في: صعب نقامر بالياسمين، إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ـ البصرة، ط1/ 2009/ ص14ـ ص17 "ب" علي ابوبكر (سفر الحياء)، في (ملائكة الجوع، المركز الثقافي للطباعة والنشر ـ بابل، ط1/ 2008/ ص9ـ ص17)، هذه:
سفر الحياء                               (العنوان: وحدة نصية أولى)
(وحدة متنية أولى)                  سأرزم ما تبقى..                      (المتن: وحدة نصية ثانية)
(عشرة أشطر)
(وحدة متنية ثانية)               سأرزم ما تبقى..
(خمسة أشطر)
(وحدة متنية ثالثة)               سأرزم ما تبقى..
(عشرة أشطر)
(وحدة متنية رابعة)               سأرزم ما تبقى..
(ستة أشطر)
(وحدة متنية خامسة)              سأرزم ما تبقى..
(سبعة أشطر)
(وحدة متنية سادسة)              سأرزم ما تبقى..
(تسعة أشطر)
(وحدة متنية سابعة)               سأرزم ما تبقى..
(27 شطرا)
وثمة قصائد ذات أنساق نصية ثلاثية وأنساق متنية:
((1)) ثنائية كقصائد (أ) باسم خضير المرعبي (كوكب) في: ثلاث مجموعات ـ العاطل عن الوردة/ كلمات ثم كلمات/ صورة الأرض، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت، ط 1/ 1997/ ص95 (ب) عبدالسادة البصري (هلا انتهيت لمائدة، واقتنيت الفرح) في: أصفى من البياض، إتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ـ البصرة، 2008/ ص17ـ ص19 (ج) سهيل نجم (صور) في: لا جنة خارج النافذة، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2008/ ص61ـ ص63 (د) وليد حسين (لا تطأني) في: صدى من زمن الغربة، دار البينة للطباعة والنشر ـ بغداد، 2007/ ص77ـ ص80 (هـ) عبدالحميد الجباري (رحلوا) في: الطوفان، دار المرتضى ـ بغداد، 2007/ ص55ـ ص58 (و) خضر حسن خلف (جذوة الآلام) في: ولد كالقهوة، الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ـ بغداد، 2007/ ص74ـ ص76 (ز) سعد جاسم (أهذا كل شيء؟) في: قيامة البلاد، اتحاد أدباء بابل/ دار الصادق للطباعة والنشر ـ بابل، ط2/ 2007/ ص24ـ ص29 (ح) سبتي الهيتي (لو أني!) في: أوراق مسافر، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2005/ ص90ـ ص91 (ط) عبدالرزاق صالح (الصمت) في: الجنوبيون، دار الينابيع ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص13ـ ص14 (ي) مقداد مسعود (لا تخلع قدميك) من: الزجاج وما يدور في فلكه، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2009/ ص31ـ ص33 (ك) حميد حسن جعفر (صمت) في: هبوط آدم وصعوده، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2009/ ص37ـ ص39 (ل) عبد صبري أبوربيع (الصمت المر) من: إغراق في التحديق، مكتبة الثقافة ـ واسط، ط1/ 2009/ ص51ـ ص52
ملاحظة: غالبا، منذ الوهلة الأولى، ما تبدو ثنائية النسق المتني واضحة، جلية، بحيث تُمَيَّزُ وحدتاه الجذريتان، كلتاهما، تمييزا سهلا، يسيرا، لأنهما مبسّطتان (كما، تبدوان، في الأنساق المتنية الثنائية لقصائد "أ" قيس مجيد علي "قطعة نادرة" من: وكان الصيف قبيلة، بغداد، 2009/ ص34ـ ص36 "ب" وداد الجوراني "ومرورا بقرية الذهب الأبيض" من: أوراق السيدة بغداد، دار أزمنة للنشر والتوزيع ـ عمان، ط1/ 2009/ ص36ـ ص39 "ج" حسين الجارالله "ساعة لاعترافات النوافذ" من: أمطار تسقط خائفة، 2009/ ص43ـ ص45 "د" فارس عدنان "قبعة" ضمن: مظلة من كلمات، دار الفارابي ـ بيروت، ط1/ 2009/ ص66). بيد أن هذه الثنائية، ثنائيته، تبدو أحيانا، قليلة ربما، غامضة، خفية، حتى أن تمييز الوحدتين الجذريتين للنسق، هذا، يغدو صعبا، عسيرا، كونهما مركّبتين. إذ يحدث، نتيجة لهذا التركيب، أن يوهمنا متن قصيدة ما بأنه ذو نسق غير ثنائي، أي ثلاثي فأكثر، وإذا بنسقه ثنائي بحت، أي منبنٍ على وحدتين جذريتين ـ اثنتين ـ فقط، للوهلة الأخيرة.
ففي قصيدة حسن رحيم الخرساني (سندباد)، من (صمتي جميل يحب الكلام، دار نعمان للثقافة ـ جونيه، ط1/ 2007/ ص19)، قد نتوهم بأن المتن ذو نسق سداسي، تحديدا، حين نظن أن كل "على وجهك"، التي وردت ست مرات، إنما هي بداية لوحدة جذرية. لكننا، بالتأكيد، عندما نمعن النظر في "على وجهك" هذه، من حيث أنها مقدمة ـ جارّة ومجرورة ـ لجملة شبه اسمية، سنكتشف أن "على وجهك" الأولى و"على وجهك" الرابعة، دوناً عن الأربع الأخريات، هما، حصريا، ما يُعَدّان بدايتين لوحدتين جذريتين. وهذا يؤدي، حتما، إلى عدِّ النسق المتني للقصيدة، هذه، ثنائيا، ليس سداسيا، هكذا:
(وحدة جذرية أولى) على وجهك بابٌ غريب، وامرأة أثداؤها مقابر!...
تشاهد دجلة يئن بنبض الفرات، فتبكي العصافير والقمر...
تشاهد أرواحنا في النخيل
تشاهدنا ـ كلنا في سفر ـ
على وجهك هذا القتيلُ... القتيل            "لا تناظر مع: على وجهك باب غريب"
وطفل تهشمه الطائرات
وطيف يدمدم هذي الحياة؟!!
بعيدا، وأنت القريب البعيد
على وجهك                             "ليس من تناظر..
لا مع (على وجهك هذا القتيل)
ولا مع (على وجهك باب غريب)"
أمي التي صوتها لا ينام
تسبح حتى الصباح
بعيدا عن الدم والحاقدين...
(وحدة جذرية ثانية) على وجهك سرٌّ دفين                     "ثمة تناظر مع: على وجهك باب غريب"
"ليس من تناظر..
لا مع (على وجهك)
ولا مع (على وجهك هذا القتيل)"
وليل تمرد فيه الظلام!...
على وجهك هذا السفر                     "ثمة تناظر مع: على وجهك هذا القتيل"
"ليس من تناظر..
لا مع (على وجهك سر دفين)
ولا مع (على وجهك)
ولا مع (على وجهك باب غريب)"
وهذا الرصاص الغبي
على وجهك                           "ثمة تناظر مع: على وجهك"
"ليس من تناظر..
لا مع (على وجهك هذا السفر)
ولا مع (على وجهك سر دفين)
ولا مع (على وجهك هذا القتيل)
ولا مع (على وجهك باب غريب)"
صيرورتي والسؤال
وتلك الحكايات
يا سندباد
أما في قصيدة حسام السراي (جمهورية ذابلة)، من (وحده التراب يقهقه، دار الفارابي ـ بيروت، ط1/ 2009/ ص40ـ ص42)، فقد نتوهم بأن المتن ذو نسق رباعي، تعيينا، عندما نعتقد أن أيَّ "من" في شطر سابق ثم "إلى" في شطر لاحق، حيث ورودهما أربع مرات، بدايةٌ لوحدة جذرية. وحين نمعن النظر، مليا، سوف يتبين أن فقط ("من" ثم "إلى") الأولى والرابعة بدايتان لوحدتين جذريتين، اثنتين، كما سيتبين أن ("من" ثم "إلى") الثانية والثالثة بدايتا وحدتين ساقيتين للوحدة الجذرية الثانية، من تينك الوحدتين الجذريتين، بالضبط. ما يعني، هنا، أن النسق المتني لها، لهذه القصيدة، إنما هو ثنائي، وليس برباعي، هكذا:
(وحدة جذرية أولى) من رئةٍ تستنشق البزات               تماثل "من" و"إلى" بـ(رئةٍ تستنشق)
إلى رئة ٍتستنشق أربطة الأعناق
جموع تستغرق في الاحتضار،
(وحدة ساقية أولى) من غبار داعب أرصفة الدم
إلى لهب يعانق الحواجز النازفة
نغرق في اللعاب،
(وحدة ساقية ثانية) من دراهم وعانات كثر
إلى جيب مثقوب بدنانير مذعورة
ما زلنا نرتق الأفواه بخالق كريم،
(وحدة جذرية ثانية) من قسماتٍ ووجوه جائعة
إلى قسماتِ مَنْ في ساحة الفردوس   تقارب "من" و"إلى"
((ثمانية عشر شطرا))                 في "قسماتٍ" و"قسماتِ"
((2)) رباعية كقصيدتي "أ" عبدالرزاق صالح (مدن رمادية) في: بلاغات الطائر المغربي، دار الينابيع ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص60ـ ص61 "ب" عبدالله حسين جلاب (تشكيلات الماء) في: خربشات بمخالب الغراب، دار الينابيع ـ دمشق، ط1/ 2009/ ص21ـ ص25
((3)) خماسية كقصيدتي "أ" حسين علي يونس (عندما) في: حكايات ومرائر، منشورات الجمل ـ كولونيا، ط1/ 2003/ ص66 "ب" دينار السامرائي (إذا كنت) في: تخوف لا مبرر له، إتحاد الأدباء والكتاب في العراق ـ بغداد، 2009/ ص26ـ ص28
((4)) سداسية كقصيدة كاظم ستار البياتي (ما معنى الصمت) في: الجرح كتاب، دار الضياء للطباعة والتصميم ـ النجف، ط1/ 2007/ ص29ـ ص30
((5)) ثمانية كقصيدة علي الإمارة (كنزي)، في (حواء تعد أضلاع آدم، مطبعة السلام ـ البصرة، ط1/ 2008/ ص57ـ ص58)، هذه:
كنزي..                                                       (العنوان: وحدة نصية أولى)
الى منذر عبد الحر (الإهداء: وحدة نصية ثانية)
(استهلال: وحدة متنية أولى)    كنزي...                         (المتن: وحدة نصية ثالثة)
الحب المزروع
في تراب الغيب
(وحدة متنية ثانية)              كنزي...
(ثلاثة أشطر)
(وحدة متنية ثالثة)              كنزي...
(ثلاثة أشطر)
(وحدة متنية رابعة)             كنزي...
النجوم المتلألئة
على براءة الأرض
(وحدة متنية خامسة)            كنزي...
الإنسان
أو ما تبقى منه
(وحدة متنية سادسة)            كنزي...
(أربعة أشطر)
(وحدة متنية سابعة)             كنزي...
(ستة أشطر)
(استغلاق: وحدة متنية ثامنة)    كنزي...
أنت
صديقي...
* كذلك ثمة قصائد ذات أنساق نصية رباعية وأنساق متنية ثلاثية كقصيدة محمد الصيداوي (مملكة الشاعر)، في (أوليّا نخلة مريم، مطبعة زرقاء اليمامة ـ بغداد، 2002/ ص30ـ ص34)، هذه:
مملكة الشاعر                               (العنوان: وحدة نصية ـ جذرية ـ أولى)
كيف لي أن أغادر نعيمك وهذه نيرانك (التمهيد: وحدة نصية ـ جذرية ـ ثانية)
تحرق دفاتر صمتي؟!...
(وحدة متنية ـ ساقية ـ أولى) أوليا...                       (المتن: وحدة نصية ـ جذرية ـ ثالثة)
(وحدة متنية ـ غصنية ـ أولى) سيدتي..
(عشرة أشطر)
(وحدة متنية ـ غصنية ـ ثانية) سيدتي...
(تسعة أشطر)
(وحدة متنية ـ ساقية ـ ثانية) أوليا...
(أحد عشر شطرا)
(وحدة متنية ـ ساقية ـ ثالثة) أوليا..
(وحدة متنية ـ غصنية ـ أولى) سيدتي.. في كل الساحات
(تسعة أشطر)
(وحدة متنية ـ غصنية ـ ثانية) سيدتي...
(تسعة أشطر)
آب/ 2000 (التذييل: وحدة نصية ـ جذرية ـ رابعة)
* أيضا ثمة قصائد ذات أنساق نصية سداسية وأنساق متنية ثلاثية كقصيدة صادق الطريحي (شاعر وخليفة) في: للوقت نص يحميه، المركز الثقافي العربي السويسري ـ زيورخ/ بغداد، ط1/ 2009/ ص57ـ ص59
فضلا عن أن التماثل في عدد الوحدات: النصية (الجذرية) مقابل المتنية (الساقية)، لأية قصيدة، لا يقتصر على النسقين الثنائي والثلاثي، وإن خصت الدراسة الحاضرة نسقين كهذين بتماثل كذاك، بل يمكن له، للتماثل النسقي، أن يشمل جميع الأنساق، أنى وجدت، بدءا من النسق الرباعي. تنظر (قصيدة حب) لكريم شغيدل، حيث يتماثل نسقاها النصي والمتني رباعيا، في: مخطوطة الألم، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2005/ ص18ـ ص20
(5) سمات كهذه للقصيدة ذات النسقين النصي والمتني الثلاثيين، حصرا هنا، تتحلى بها قصيدة حسب الشيخ جعفر (غمامة من غبار) مثلا. تنظر، في، الأعمال الشعرية/ 1964ـ1975، وزارة الثقافة والإعلام ـ بغداد، 1985/ص117ـ ص125 ((وانظر، مثلا ثانيا، قصيدة جعفر كمال "موسم الحصاد" في: كتاب الجوال، دار الكنوز الأدبية ـ بيروت، ط1/ 1999/ ص37ـ ص38))
(6) تعتقد الدراسة، هذه، بأن في القصيدة صدى من صوت شاعرها، ذاته، حين يصف الشعر بأنه "ذلك الوعر، الشائك، الملتبس" (ينظر، هنا، الشاعر سلمان داود محمد: الشعر جريمة شخصية ما زلت أمارسها بشرف، حاوره ـ أحمد عبدالسادة، الصباح ـ جريدة يومية سياسية عامة، شبكة الإعلام العراقي ـ بغداد، العدد848/ 31 آيار 2006). كانت دراسة ماضية، شقيقة للدراسة الحاضرة، قد أشرت في شعره قلقا، جليا، حيث القلق ممارسة "Praxis" (ينظر، للمزيد، بشير حاجم: تجارب متمردة في فضاء الإبداع ـ نقد شعر التسعينيين، الزمان ـ جريدة عراقية عربية دولية مستقلة، مؤسسة الزمان العالمية للصحافة والمعلومات ـ لندن، العدد2398/ 13 آيار 2006). مع ملاحظة أن الـ(براكسيس)، هذا، يجب أن "يلغي المسافة اللا تغتفر بين الخاص والعام، الفردي والشعبي، الطبيعة والانسان" بحسب هنري لوفيفر (يراجع، لتفاصيل أكثر، كتابه: ما الحداثة، ترجمة ـ كاظم جهاد، دار ابن رشد للطباعة والنشر ـ بيروت، ط1/ 1983/ ص21)
(7) الدراسة الحاضرة، هنا، تتناول هذه القصيدة، بالتطبيق، اعتمادا على نسخة مخطوطة (مكتوبة) ـ لا نسخة منشورة (مطبوعة) ـ لها. من الجدير ذكره، بمناسبة اعتماد كهذا، أن القصيدة المخطوطة (المكتوبة) أكثر جدوى من القصيدة المنشورة (المطبوعة) في رصد النسق البنيوي ((هذه الجدوى الأكثر، في رصد نسق كهذا، تنطبق أيضا على الدواوين المطبوعة المخطوطة، قياسا إلى الدواوين المطبوعة المنضودة، كديواني "أ" رعد عبدالقادر: جوائز السنة الكبيسة، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1995 "ب" موفق محمد: عبديئيل، دار الصادق للطباعة ـ الحلة، ط2/ 2007)). تماما، بالتأكيد، كما أن القصيدة المنطوقة (المسموعة) أكثر جدوى من القصيدة المكتوبة (المقروءة) في رصد الإيقاع الصوتي. بل أن مراد عبدالرحمن مبروك، مثلا، يذهب إلى ن الإيقاع الصوتي لا يمكن رصده ألا بتحويل المكتوب إلى منطوق" (تنظر، تحديدا، دراسته النصية: الهندسة الصوتية الإيقاعية في النص الشعري، مركز الحضارة العربية ـ القاهرة، ط1/ 2000/ ص7). يشار، هنا، إلى أن قصيدة (طبعا.. وإلى الأبد) موجودة ضمن ثالث دواوين سلمان داود محمد (ازدهارات المفعول به، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2007/ ص73ـ ص83). ويُنَوَّهُ، أيضا، بأن الشاعر، لاحقا، قد أجرى بضعة تنقيحات على قصيدته، في ديوانه هذا، أبرزها تنقيحان، إثنان، هما ((أ)) تغيير "سواك" إلى "سوى علاك" في "لم يبق مني... سواك"، وهو الشطر السابع من متنها، ليصير "لم يبق مني... سوى علاك" ((ب)) إحالة الـتعريفات" الثلاثة، وهي: حديقة الأمة/ الحصة/ العامرية، من ذيل القصيدة إلى ذيل الديوان، ضمن "دليل غير سياحي لقارئ عابر"، مع وضع "5/ ايلول/ 1998" تذييلا للقصيدة. لكن هذه التنقيحات، الأبرز وغيرها، لم تحدث اختلالا عدديا للأنساق الشكلية الثلاثية، العشرة، التي أظهرتها الفقرة (4:) في قصيدة (طبعا.. وإلى الأبد)
(8) فضلت الدراسة، هذه، أن تستخدم مصطلح (كتابوية) اشتقاقا من كلمة (كتابة) لتمييزه عن مصطلح (كتابية) المشتق من كلمة (كتاب). تعتقد أن اشتقاق المصطلح الثاني من الكلمة الأولى، أي (كتابية) من (كتابة)، فيه إشكالية جلية. ذلك، تعليلا، لأن مصطلح (نص كتابي)، مثلا من جهة أولى، يماثل مصطلح (نص قرآني)، حصرا من جهة ثانية، حيث يشير المصطلح الأول إلى (نص) من (الكتاب المقدس)، عند (بني إسرائيل)، كما يشير المصطلح الثاني إلى (نص) من (القرآن الكريم)، لدى (المسلمين)، فضلا عن أن (بني إسرائيل) معروفون حسب (القرآن الكريم) بأنهم "أهل الكتاب" ((تراجع، ابتداء، الآية الرابعة والأربعين من سورة "البقرة")). لذا فهي، أي الدراسة الحاضرة، تتحفظ، بشدة، على، مثلا، إستخدام مصطلح (الكتابية) مقابل مصطلح (الشفاهية) من طرف بعض نقادنا، العرب، لا سيما مترجم كتاب والتر ج أونج (Orality and Literacy) الصادر عام 1982 ((أنظره، بالعربية، تحت عنوان: الشفاهية والكتابية، ترجمة ـ حسن البنا عزالدين/ مراجعة ـ محمد عصفور، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت، 1994))
(9) إذ يتشاركان في خلق المتن، النصي، دلاليا: دالا ومدلولا (يراجع، مثلا، صلاح فضل: نظرية البنائية في النقد الأدبي، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط3/ 1987/ ص445. أنظر، أيضا، محمد فكري الجزار: العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة، 1998/ ص40)
(10) للاستهلال وظيفتان، اثنتان، أولاهما "جلب انتباه القارئ أو السامع أو الشاهد وشده إلى الموضوعوثانيتهما "التلميح بأيسر القول عما يحتويه النص" (ينظر، خصوصا، ياسين النصير: الاستهلال ـ فن البدايات في النص الأدبي، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، 1993/ ص22ـ ص25)
(11) ما فاتت الإشارة، بعد، إلى أن هذا التمييز للوحدات (جذرية/ ساقية/ غصنية) تمييز شجري. ذلك، هنا، لأن "القصيدة أشبه ما تكون بشجرة" حسب جون رانسوم.. يراجع، للمزيد، كتابه:
Art worries the naturalists, Kenyon Review, 7.1945, p.294
(12) الدراسة تمنت، منذ اللحظة الأولى لقراءتها هذا السطر، لو أن الشاعر، هنا، قال (المؤدى) بدل (المؤدي). إنه مجرد تمن، لا غير، قد يأتي من باب الاستجابة للشق الثاني في سؤال الرود ابش "ما الذي يقوله النص لي وما الذي يمكن أن اقوله للنص؟" (تنظر، للتفصيل، دراسته: التلقي الأدبي، ترجمة ـ محمد برادة، دراسات سيميائية أدبية لسانية ـ مجلة، فاس، العدد السادس/ 1992)
(13) ربما لأن أداة النفي ((لم))، هنا، استهلالية أفقيا وانتصافية عموديا. بالضد، نسبيا أو إطلاقيا، حين تكون هذه الأداة: وانتصافية أفقيا وانتصافية عموديا "منذ ثلاثين دسيسة/ وشبهاتي لم تبلغ سن الرشد.." ـ استهلالية أفقيا واستهلالية عموديا "لم يعد ثمة فوز على الأحزان" (هذان الاستشهادان، كلاهما، من الديوان الأول للشاعر: غيوم أرضية، مكتب الإنسان للطباعة ـ بغداد، 1995/ ص3 ثم ص12)
(14) يعتقد بنيويون، عرب خصوصا، أن تناول الجوهر الشعري غير متناسب مع طبيعة التحليل البنيوي. يستندون، في اعتقاد كهذا، إلى رولان بارت، منذ بواكيره، في المقام الأول (راجع، مثلا، دراسته: الفاعلية البنيوية، ترجمة ـ كمال أبوديب، مواقف ـ مجلة، بيروت، العدد 41/ 1981)
(15) بصرف النظر عن استراحيته، هذه، يعتبر هذا الفاصل ((...))، كما ذاك السابق ((..))، فاصلا علاميا. يتبع من اعتبارية كهذه، هنا، أن يقابله ـ حتما ـ فاصل دلالي. ثمة مثال للفاصل هذا، الدلالي، في السطر الأخير لقول منصف المزغني "وضاق المساء/ فماذا سأرسم/ أجاب:/ منامك أرسم/ ورن الصدى... سم" (هذه السطور، الخمسة، من ديوانه: حنظلة العلي، تونس، 1989/ ص49). فهنا، حيث "رن الصدى... سم"، يبدو واضحا أن المزغني"يستفيد من قطع الكلمة وبترها لتوليد دلالة" بعبارة حاتم الصكر (أنظر، تحديدا، كتابه: ما لا تؤديه الصفة ـ المقتربات اللسانية والأسلوبية والشعرية، دار كتابات ـ بيروت، ط1/ 1993/ ص57)
(16) تقول البنيوية، طريقة تفكير على الأقل، بـ"لا أهمية لطبيعة كل عنصر في أية حالة معينة بحد ذاتها" فـ(إن هذه الطبيعة تقررها علاقة العنصر بكل العناصر الأخرى ذات العلاقة بتلك الحالة" (يراجع، هنا، ترنس هوكز: البنيوية وعلم الإشارة، ترجمة ـ مجيد الماشطة/ مراجعة ـ ناصر حلاوي، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1986/ ص15)
(17) جلي أن هذا التكرار، لـ(الـ((آه)) أكبر)، ذو دافع مزدوج: نفسي وفني نظر "فلسفة التكرار" بحسب مصطفى السعدني، مثلا، ضمن دراسته: البنيات الأسلوبية في لغة الشعر العربي الحديث، منشأة المعارف ـ الإسكندرية، 1987/ ص172ـ ص175)
(18) حتى، ربما يقال، لو كان الاتساق انسجاما، هنا، فإنما هو سياق للانسجام، أفقيا، يساوي بين الصورة والعلامة. هذا، إذن، يختلف عن نسق الانسجام، العمودي، الذي يرى محمد كنوني ـ مثلا ـ أنه "يوازي بين الصوت والدلالة"(تنظر الرؤية، هذه، في كتابه: اللغة الشعرية ـ دراسة في شعر حميد سعيد، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1997/ ص99)
(19) كأنها، أكثر من سابقتها، تريد هنا ن تقول في الأخير ما كان منطوقا به بصمت هناك" (العبارة، هذه، من ميشيل فوكو: نظام الخطاب، ترجمة ـ محمد سبيلا، دار التنوير ـ بيروت، ط1/ 1984/ ص19)
(20) حيث المتكلم، هنا، هو الشاعر، ذاته، بين صيغتين سرديتين (يراجع، لتوضيح أكبر، جيرار جينيت: خطاب الحكاية ـ بحث في المنهج، ترجمة ـ محمد معتصم/ عبدالجليل الأزدي/ عمر حلي، المجلس الأعلى للثقافة والفنون ـ القاهرة، ط2/ 1997/ ص178)
(21) جاك ديريدا، خصوصا، يؤكد "هناك دائما إمكانية لأن تجد في النص المدروس نفسه ما يساعد على استنطاقه وجعله يتفكك بنفسه" (راجع، للمزيد، مؤلفه: الكتابة والاختلاف، ترجمة ـ كاظم جهاد، دار توبقال للنشر ـ الدار البيضاء، ط1/ 1988/ ص49)
(22) لا وقفَ قسريا، على الإطلاق، عند ((أتزمت للتراب)) بعد ((ولا من عادتي ـ كما تعرفين/ الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..)). ذلك لأن ((أتزمت للتراب))، هنا، هو الشق الثاني من الوحدة الغصنية الثالثة، في الوحدة الساقية الأولى (الاستهلال) للوحدة الجذرية الثانية (المتن)، حيث ((أتسلق ظلك المستنير)) شقها الأول. أي أن أولى الوحدات المتنية، وهي الاستهلالية، تقرأ هكذا: السطر الأول ((/ أقبل الخارطة من جهة الشمال/ وأفلي النخلة من دبيب الشظايا/ أحترم الله وقصيدة النثر وأنت/ وأعرف أن الطريق المؤدي إليك/)) السطران السادس والسابع ((/ أتسلق ظلك المستنير/)) السطور من التاسع إلى التاسع عشر ((/ أتزمت للتراب/)) السطر الحادي والعشرون. بالتالي، إذن، يمكن اعتبار السطور المبتدئة بـ((صائحا من ذروة في منارة:ـ)) والمنتهية لـ((الاتكاء على درهم يترنح في رسالة..)) مسافة سردية بين ((أتسلق ظلك المستنير)) و((أتزمت للتراب)). يشار، بالضرورة، إلى أن مصطلح (المسافة السردية)، حاليا، يعم التشكيل والسينما والبلاغة والتصوير والشعر فضلا عن السرد (يراجع، عن هذا المصطلح، صلاح فضل: بلاغة الخطاب وعلم النص، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت، 1992/ ص306. ينظر،أيضا، سعيد علوش: معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط1/ 1985/ ص203)
(23) يلاحظ، في هذا المقام، أنه يندر جدا خلو قصيدة لهذا الشاعر من ((الحروب)) ومشتقاتها: الشظايا ـ السرفات ـ المشاجب ـ الجنود ـ الألغام ـ القتلى ـ البساطيل وسواها. ففي قصيدته (هديل مستعمل)، مثلا، تلمح ((الشظايا)) مأمورة ((التفتي إلى اليقين ايتها الشظايا)) كأنها شظايا الحروب من سرفات وناقلات وغيرها ((من جاء بالسرفات إلى شرفة الاقحوان../ من جفف أحلامي على رشقة في هجوم../ من كدس الغيوم في الناقلات..)) فضلا عن أنه"سوف يحدث ان تشتمل الصرخة على طلقتين../ سوف يحدث أن تشرق القلوب من الحاويات.." (مع الأخذ في عين الاعتبار، هنا، أن هذه القصيدة أولى قصائد ديوانه الثاني: علامتي الفارقة، مطبعة زياد ـ بغداد، 1996/ ص3ـ ص8)
(24) أحسن الشاعر، صنعا، حين أدخل السين الاستقبالية على الفعل المضارع ((تعرفين)) بدل جزمه. فإذ قال ((ستعرفين))، بانزياحية بلاغية، ولم يقل (تعرفي)، بمعيارية نحوية، نأى بالإيقاع الداخلي لقصيدته عن انحراف مؤكد صوب نثرية باردة. يشار، من دون تعليق، إلى أن بعض الدارسين، العراقيين خصوصا، شككوا في أن لقصيدة النثر إيقاعا داخليا (أنظر، مثلا، سعيد الغانمي: قصيدة النثر.. أسطورة الإيقاع الداخلي، الأقلام ـ مجلة تعنى بالأدب الحديث، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، العدد الخامس/ آيار 1985)
(25) هذه الـ((إلى))، الأولى، بمعنى (نحو)، أو (صوب)، لكن الـ((إلى)) الثانية ولاحقتيها، الثالثة والرابعة، بمعنى (عند)، أو (حيث)، هنا. هذان المعنيان، كلاهما، منبثقان، بدقة ربما، عن قراءة منطلقة من تفاصيل القصيدة ـ المدروسة ـ ذاتها (تنظر، في شأن هذه القراءة، تجاوبات فنسنت جوف، مثلا مهما، مع تساؤلاته القرائية، لا سيما ـ كيف نقرأ؟ ـ، في كتابه:
La lecture, Gallimard. Paris, er  Ed.1992
* أتوجه بالشكر الجزيل، هنا، إلى فالح حسن، مترجم، إذ ساعدني في توفير الكتاب، هذا، فضلا عن القيام بترجمته ـ لي ـ من اللغة الفرنسية. كذلك، أوجه الشكر، إلى الهادر المعموري، مترجم أيضا، حيث أعانني في التثبت من دقة بعض المصطلحات ـ النقدية ـ المترجمة عن اللغة الانكليزية
(26) مبدئيا، وهو كاف، في الأقل. أما تفاصيليا، من ثم، فواضح أن التمظهرية الغصنية للاستهلال أعقد منها للاستنصاف. ذلك، تعليلا، لأن الاستهلال أكثر صعوبة وقصدية من الاستنصاف في هذه القصيدة. هذا يحسب لشاعرها، لا عليه، حسب الدراسة الحاضرة. فهي ترى، تحصيل حاصل، أن استهلاله للقصيدة (صعب/ قصدي). وهي في هذا الرأي، القابل للمناقشة، تساير ابن رشيق ـ مثلا ـ في مؤاخذته أي شاعر "يضع الابتداء سهلا ويأتي به عفوا" (من الجدير بالذكر، هنا، أن مؤلفه "العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقدهواحد من أهم المؤلفات الممثلة لـ"الاتجاه المنهجي" في النقد الأدبي العربي خلال القرن الخامس الهجري.. أنظر، لذلك، هند حسين طه: النظرية النقدية عند العرب، دار الرشيد للنشر ـ بغداد، 1981/ ص49)
(27) يخيل للدراسة الحاضرة كأن السطرين اللاحقين بهذا المبتدى، أي ((أقبل الخارطة من جهة الشمال/ وأفلي النخلة من دبيب الشظايا))، يستدعيان مقدمة الطلل ـ في القصيدة الجاهلية ـ استدعاء حداثويا. هذا الاستدعاء، الحداثوي، يشترط للتجلي، قبالة القارئ، أن توصف هذه المقدمة، الطللية، بما يكشف عن عناصرها البنائية نظر، حيث وصف كهذا، حسن البنا عزالدين: الكلمات والأشياء ـ التحليل البنيوي لقصيدة الأطلال في الشعر الجاهلي، دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت، ط1/ 1989/ ص105ـ ص116)
(28) ممتع جدا من نقط سارحة ثلاث كهذي ((...))، في هذه القصيدة، أن ظهورها الأول خاتم لـ((قنبلة تغص بالأحلام حين تأكل السقوف...)) وظهورها الثاني خاتم لـ((المشتعلين هناك/ في/ العامرية...)). تماثل هذين الظهورين، الخاتمين، ربما عفوي وربما قصدي. لكنّ تماثلا كهذا، بصرف النظر عن عفويته أم قصديته، جدير بالدرس. لذلك فإن هذه الدراسة، إذ تدعو إلى ذلك، تظن أن من الظلم حصر علامات الترقيم ـ ومنها النقط السارحة ـ في أداءات (كلاسيكية). سمير الخليل، مثلا، لا يرى في هذه العلامات، الترقيمية، سوى أنها "تؤشر الحدود الفاصلة بين الوحدات النحوية في شبكة العلاقات المتداخلة" (تنظر، هنا، ورقته: شعرية الوضوح ومعول الحداثة ـ مقاربة أسلوبية لمجموعة "أنا واحد.. وأنت تتكرر"، الأديب ـ جريدة تعنى بشؤون الثقافة والفنون المعاصرة، دار الأديب للصحافة والنشر ـ بغداد، العدد102/ 4 كانون الثاني 2006.. وأنظرها، أي الورقة ذاتها، ضمن كتابه: علاقات الحضور والغياب في النص الشعري ـ مقاربات نقدية، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2008/ ص259ـ ص265)
(29) إذا تأكد أن ((العامرية)) و((الحصة)) دالتان على (الحرب) و(الحصار)، تراتبيا، سيتأكد أن ((حديقة الأمة)) دالة على (الشعر) كونه "رادعا جماليا للحروب والحصارات التي تمادت حتى ثلمت حياة الفرد وأحلامه" (أنظر، هنا، الشاعر سلمان داود محمد يقاوم الحروب والحصار بالشعر، متابعة ـ محمد إسماعيل، الصباح ـ سابق، العدد870/ 26 حزيران 2006)
(30) هذا العدد من الأنساق الشكلية الثلاثية في القصيدة، هذه، بحسب النسخة المخطوطة، المكتوبة، المعتمدة هنا. لذا تشدد الدراسة الحاضرة، في هذا الصدد، على أنها غير مسؤولة عن أي اختلال عددي للأنساق، العشرة، قد يحدث، لاحقا، إذا قام الشاعر بإجراء تنقيحات على قصيدته. يقول جيمز فنتن عن قصيدة ماريان مور (الحرباء)، مثلا، ما يأتي "هي بمثابة أحد الدروس المبكرة في التقطيع الشعري الذي يثير المتعة لدى المقارنة بالأبيات القصيرة جدا. فالبيتان الأول والأخير يحتويان على ثلاثة عشر مقطعا، في حين يحتوي البيتان الثاني وما قبل الأخير على مقطع واحد لكل منهما، مما يجعل الأمر يبدو كأنه تجربة قوية التأثير، عند ممارستها أول مرة. إلا أن مور عمدت في النسخة المنقحة إلى تقطيع البيت الذي يحتوي على ثلاثة عشر مقطعا إلى بيتين اثنين، فأفسدت النسق بذلك." (ينظر، هذا القول، في كتابه: قوة الشعر، ترجمة ـ محمد درويش، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 2004/ص201)
(31إننا ننزع، عند قراءة الشعر، ليس فقط إلى التعرف على الأنساق الشكلية، وإنما إلى جعلها شيئا يفوق مجرد كونها حلية ملحقة بالتلفظات الاتصالية. بهذا، حرفيا، يقول روبرت جريفز في كتابه: The Common Asphodel, London.1949, p.8
(32) مع العلم بأن لا فرقَ مضمونيا، على الإطلاق، في ما بين: طبعا (وإالى الأبد)/ طبعا (إلى الأبد). ذلك لأن الـ(و) هذه، وإن بدت تأكيدية، زائدة، هنا، كالتي بعد (إلا)، تحديدا، نحوما من أحد إلا (و) له طمع أو حسد (أنظر هذا الوجه لـ(الواو) من أوجهها المتعددة، التي تأتي عليها، عند ـ مثلا ـ لويس معلوف: المنجد في اللغة، المطبعة الكاثوليكية ـ بيروت، ط14/ 1954/ ص975)
(33) التضمين ـ اللغوي بطبيعة الحال ـ قسمان، إثنان، عروضي وبلاغي. تضمين كهذا (الـ((آه)) أكبر)، في هذه القصيدة، هو من القسم الثاني، البلاغي، الذي تعد أهم أنواعه في الشعر الحديث ثلاثة: * النصي/ التمامي، أولا، كما في قول محمد ضمرة: مزقت المناديلا/ وأبكيت العتابا والمواويلا/ "يا حسرتي ناحت علينا النايحه/ فارت دموع العين على المسامح طايحه/ من بعد عيش الهنا والماء الزلال/ صرنا بنشرب من البحور المالحه" (من قصيدة "أمام قوة الإغواء" ضمن: أحاول أن ابتسم، مطبعة عبود، ط2/ 1984/ ص71ـ ص74) * الاستيحائي/ الإشاري، ثانيا، كما في قول مروان العلانالبحر أمامي/ والرمل الموصول بنخل الصحراء ورائي/ قدران هما../ غرق أو عطش/ موت أو موت (من قصيدة "حلم لصياد اللؤلؤ" ضمن: امرأة من غبار، مطبعة ليث ـ عمان، 1994/ ص36ـ ص44) * التحويري/ القصدي، ثالثا، كما في قول صاحب الشاهر: ترى هل تحبين... "هزي إليك بجذع/ القصيدة يساقط الألم الشاعري عليك" (من قصيدة "التواصل" ضمن: أيها الوطن الشاعري، دار الرشيد للنشر ـ بغداد، 1980/ ص23ـ ص26). وجلي، هنا، أن ما في قول سلمان داود محمد (الـ((آه)) أكبر) هو من هذا النوع الأخير (أنظر، لتفاصيل أكثر، بشير حاجم: بنية التضمين البلاغي في متن القصيدة العراقية ـ موجز عن مظاهر التنوع والاختلاف للمشهد، الزمان ـ مصدر سابق، العدد2820/ 11 تشرين الأول 2007). ينظر عن التضمين، اللغوي عموما، من المراجع القديمة/ أبوعلي الحسن بن رشيق القيرواني الأزدي: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، تحقيق وتعليق ـ محمد محي الدين عبدالحميد، مطبعة السعادة ـ مصر، ط2/ 1955/ ج2: ص84ـ ص88.. وينظر عنه، البلاغي خصوصا، من المصادر الجديدة ((أ)) علي عشري زايد: استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر، طرابلس "ليبيا"، ط1/ 1978 "كذلك، دراسته، توظيف التراث العربي في شعرنا المعاصر، فصول ـ مجلة النقد الأدبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة، المجلد الأول/ العدد الأول/ 1980" ((ب)) حاتم الصكر: معنى الوعي الشعري بالتراث ـ مرحلة ما بعد الرواد/ ضمن كتابه: الأصابع في موقد الشعر ـ مقدمات مقترحة لقراءة القصيدة، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1986/ ص133ـ ص174
(34) يسجل للشاعر، هنا، أنه ينقل تفاصيل حياتية معاشة على انطقة جدّ واسعة، كـ((الحصة التموينية))، في هذه القصيدة. وهو، في نقل كهذا، يفوق حتى شعراء سابقين له، جيليا، كانوا، بدرجات متفاوتة، قد نقلوا عشرات التفاصيل الحياتية ـ؟ـ المعاشة على نطاق جد ضيق، أو غير المعاشة بالمرة، في بعض قصائدهم. زاهر الجيزاني، من السبعينيين، خصوصا.. ففي قصيدته (أسفل الشرفة)، مثلا، نقل الـ(سانسيلا) والـ(بولا رونل) والـ(أنا فرانيل)، متنيا، وهي (غرغرة لعلاج احتقان البلعوم) و(أقراص للحساسية) و(أقراص مهدئة)، على التوالي، حسب (الهوامش).. حتى أن الكتابة الأولى للقصيدة، بتاريخ (27/3/1987)، نقلت الـ(سمكس) أيضا، وهو (مرهم لالتهابات المفاصل)، وإن خلت الكتابة الثانية لها، حيث (بعض التعديلات في 27/6/1987)، منه.. ويبدو أن الشاعر، الجيزاني، الذي رفع هذا التفصيل من متن قصيدته، حين أجرى تعديلات عليها، سها عن حذف الهامش "(7)" الخاص به (أنظر، تحديدا، ديوانه: الأب في مسائه الشخصي، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد، ط1/ 1989/ ص192ـ ص203)

(35) الشاعر سلمان داود محمد: انا ابن هذا العدم العراقي المبين الذي يتسع وبحنان فادح للملائكة والدجالين معا!!، حاوره ـ عبدالأمير المجر، القلعة ـ جريدة سياسية عامة مستقلة، دار القلعة للصحافة والنشر ـ بغداد، العدد49/ 20 تشرين الثاني 2006

ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة