الأسود يليق بك
أحلام مستغانمي

البطلة
فنانة جزائرية من الأوراس، كان والدها مطربا قتل على يد الإرهابييّن. الإرهابييّن
قتلوا أخيها أيضًا كما هددوها لأنها مغّنية. غادرت الجزائر مع والدتها السوريّة
إلى الشام، وعاشت حياتها كفنانة، لكنها ظلت ترتدي الأسود ولا ترضى بتبديله. البطل
لبنانيّ، غنيّ جدًا، أحبّ فيها شموخها وعزّتها وأصالتها. عيّشها أساطير الحبّ التي
تحلم بها الفتيات، كان كفارس اصطحبها في رحلة عبر ألف ليلة وليلة. وكفارس أيضًا
حاول ترويضها لكنه عجز عن السيطرة عليها تمامًا بأمواله، فشعر بالعجز أمامها ولم
يسامحها على ذلك.
حول رواية أحلام مستغانمي ‘الأسود يليق
بك ‘: النص الروائي المؤجَّل
القدس العربي - إبراهيم محمود SEPTEMBER 24, 2013 :
رغم
وجود مسحة من الجمالية اللافتة في رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي( الأسود
يليق بك ِ- منشورات نوفل، بيروت، ط1/ 2012، في 330 صفحة ونيّف من القطع الوسط
والعريض)، وأظنُّها برعت في هذا المضمار، منذ روايتها الأولى( ذاكرة الجسد،1993)،
إلا أن الممكن قوله لحظة الانتهاء من قراءة روايتها الصادرة حديثاً، هو أنها
تستمرىء الكتابة ذات الصفة الإنشائية غالباً، مقلّلة من أهمية الحدث، ربما شعوراً
منها أن التخفيف من حدّة الحدث ليس أكثر من اكتساب للمَعْلَم الجنساني الأنثوي
وخروج يُحتفى به على سلطة الرجل باعتباره مجسّده، وهي مراهنة على الصياغة الشعرية،
وحتى الإطناب في وصف الجسد وما يكسوه ويستبطنه رمزياً، ومن ثم ما يصدر عنه من
إشارات، وكذلك ما يدخل في نطاق العلاقات القائمة بين الرجل والمرأة، كما هو موضوع
الحب ، أي إلى درجة الشعور بأن مستغانمي تنشغل بسرديات الوصف على حساب نمو الشخصية
وتأصيلها في المكان والزمان، حيث إن الملاحظ في هذه الرواية هو استعادتها لذات
الطريقة التي اعتمدتها في أعمالها السابقة( ذاكرة الجسد- فوضى الحواس، 1997-عابر
سرير،2003)، باعتبارها ثالوثاً روائياً، فيُتلمَّس ما يسمى في علم النفس′ بالمنعكس
الدائري’، أي ذلك الاستهواء بأسلوب محدد في الكتابة أو في تناول الموضوع، أو
التعرض للفكرة حيث يبرز المعمار الروائي..
إنها رواية عواصمية أولاً، بما أنها ترسم
حدود تنقلاتها بين كل من بيروت وباريس والبرازيل وفيينا والشام وحلب وغيرها، ولا
ضير في ذلك، لكن المهم هو مدى توظيف هذه الفسَح الجغرافية في تشكيل النص الروائي،
وكذلك فهي رواية العشاق الذين لا يأبهون بطبيعة مغامراتهم العشقية، من جهة
النمذجة، وما يمكن للحدث أن يمثّله من قيمة فنية تضفي على النص ذلك البعد
الفانتازي والأدبي الجدير بالمتابعة والتروي في المقاربة النقدية لها ثانياً.
في هذا السياق، وبحسب تقديري، وكما
تابعتها كغيري، وبنوع من التذوق البحثي والفنّي الخاص، في أعمالها السالفة، يمكن
للذين يكونون مرضى العشق الفاشلين تماماً، ومن يعاني من شح في ملَكَة الخيال،
وضمور في الشعور، بعيداً عن إشكاليات العلاقة الحبّية، أن يقتبسوا صفحات وصفحات من
هذه الرواية، مستسلمين لكسل متأصل في نفوسهم، ثم ليكون المقبوس هنا وهناك بمثابة
الطُّعم للإيقاع باللواتي لا يتورعن عن الاستجابة، أو بالعكس..
ومن جهة ثالثة، حين نكون إزاء كذبة فنية
كبرى، وأشدّد على هذه العبارة، تلك التي يمتزج فيها الحب العنيف، أو تبرز دراما
القلوب المدنفة بالحب، وفي أمداء جغرافيات ومدن، وتحت الأضواء، حيث البطر ملحوظ،
بجوار أجساد معنَّاة لا تكشف عن حقيقتها إلا تالياً، مع موضوعات أو مشاهد عن
الثورة والعنف والإرهاب الأصولي ‘ الإسلامي’ في الجزائر، وذلك في مطلع هذا القرن، إبّان اجتياح الأمريكان للعراق،
وأخبار عن الاغتيالات، والمطاردات بين المدن، حيث المدينة ‘ قسنطينة’ هي الدائرة
الساخنة’، لجعل الموضوع الروائي جديراً بتنسيبه إلى دائرة الأدب الأكثر قابلية
للتداول، ومن ثم لاعتماده في عالمنا اليوم، أي كنتاج قريحة معذَّبة في العالم
العربي، قابضة على جمر الوطن، وهي خارج حدوده..
إنه تجلّي مفهوم الأسود يليق بك ِ’، حيث
الأسود منطلق الألوان كافة، ولعله يتعذب جرَّاء ذلك في مغامرة الرجل الذكوري،
والسعي إلى تعرية هذه الذكورة بلسان ساردة أنثوية، منحت لهذا الذكر الكثير من
المساحة الروائية، بقدر ما كانت غواية الكتابة تتم من خلاله، لنتفاجأ كيف تحرَّرت
منه الشخصية المحورية في الرواية’ هالة وافي’، وقد قاربت بين هم الجزائري وهم
العراقي، في عالم المنفى : ألمانيا، موحية إلى مدى قدرة الروائية على التنقل
السريع من جهة إلى أخرى، وكيفية مكاشفة خدع الذكورة في رجل متباه ٍ بنفسه، استسلمت
له طويلاً، ثم وضعت حداً لسطوته تالياً..
هنا على القارئ أن يصدّق هذه اللعبة، أي
حالة تزييف النص الروائي، بافتعال مشاهد شبقية أو استهوائية هنا وهناك..
ما لأجله كانت الرواية
تدخل بنا الرواية ذات العالم المألوف من جهة الروائية: الحديث
عن الثورة الجزائرية ورجالاتها وكيف انقلبت الأوضاع، ومن ثم ظهور الإسلاميين
المتشددين، وملاحقة كل من يحاول الخروج عن جادة’ صوابهم’ ودور السلطة في ذلك، حيث
الأحداث المعتبرة تشمل مساحات واسعة من العالم، كما أسلفت، ويكون السعي وراء خاصية
هذه الأحداث أو نوعية الحدث الجدير بالتبني فنياً في الرواية، لتكون الصدمة تلو
الصدمة إزاء حالة الإرجاء للمرتقب، لأن ثمة تمييعاً للحدث.
ثمة الرجل البرازيلي الشامي أصلاً، والذي يلم بأشياء كثيرة جداً،
الرجل الذي صار ثرياً جداً، كما هو وضعه في التنقل بين عواصم العالم وهو في ثرائه
الفاحش، وبحثه عن المتعة، بأساليب هيتشكوكية، في مغامرات تكاد تشمل جل الرواية،
حيث إن هالة الوافي التي تضع له حداً أو تكتشف زيفه من الداخل’ بدءاً من الصفحة 284،
وهما في فيينا’، كما لو أنها في الصفحات السالفة كانت تختبره، ولم تكن منخرطة في
لعبته، أو تتلذذ هي ذاتها مع مغامراته وتستجيب إيقاع نشوته، ومن ثم لتلتفت إلى
الأقرب إليها’ جزائريها: عزالدين، وتستعد لما كان مطلوباً منها، أي الغناء من أجل العراق تعبيراً
عن مدى إخلاصها للجزائر: الثورة في تكوينها، ومحاولة نسيان الآخر، كأني بها تقول: الخير
في معايشة المنتمي إلى الوطن.
البداية تشير إلى النهاية، عبر الإشارة إلى مغامرها الأفّأق (
كبيانو أنيق مغلق على موسيقاه، منغلق هو على سرّه.ص12)، وهو وصف يستعاد ويعنيها
لاحقاً أيضاً( اجتاحها الأسى. كبيانو مركون ومغلق على موسيقى لن يعزفها أحد.. ص 132)،
حيث التداخل يُري فوضى الاستعارة ووضوح ذلك التمثيل البلاغي في القول، وبينما تفصح
لنا قراءة الرواية أن الوضع لا يرتبط بانغلاق السر إنما إشهاره، حيث كشِف سره
تالياً، ويعني ذلك أن البداية تنطوي على ضرب ملحوظ من المفارقة، أي خيانة ذاكرة
الساردة، أو المناورة على القارئ للذهاب معها إلى الأخير.
تستعيد بعضاً مما هو متبَّل في ‘ مطبخها’ الإنشائي توصيفاً في
ذات الصفحة( كما يأكل القط صغاره، وتأكل الثورة أبناءها، يأكل الحب عشاقه. يلتهمهم
وهم جالسون إلى مائدته العامرة. فما أولمَ لهم إلا ليفترسهم..)، إنها قائمة مشاهد
متتابعة وصَّافة لا تتناغم معاً في ذات الحيّز، جهة الربط بين القط والثورة ودلالة
الاستعارة، والحب الذي استحال آكلاً عشاقه، وفي الوقت الذي يأتي هذا المشهد
المنفلت من عقاله الفني ترجمة أحوال شخص عرّف به آنفاً مراراً.
تعيش هالة صراعاُ بين نصفيها الجنسيين: الذكري والأنثوي’ ربما
تذكّرنا هنا بالخاصية اليونغية’ أنيما الأنثى، وأنيموس الذكر سيكولوجياً’( راح
نصفها الشرس يحاكم نصفها الوديع، ورجولتها تحاسب أنوثتها المطيعة. ألم يقل لها
أحدهم متغزلاً’ أجمل ما في امرأة شديدة الأنوثة.. هو نفحة من الذكورة’؟ مصيبتها
كونها اكتسبت أخلاقاً رجالية، وكثيراً ما قست على نفسها كما لو كانت أحداً غيرها. والآن
ما عادت تعرف كيف تعود من جديد أنثى، ولا كيف تستعد لهذه المداهمة العاطفية..ص135)،
إن ما يشبه ذلك نقرأه في ‘ ص166-219-280′، ولكن لعبتها، أي مغامرتها مع الآخر
أفصحت عن وهم الفكرة هذه، أي ما يشبه السيلان العاطفي: أولاً لأن البعد الذكري
مقيم في النفس الأنثوية، وبالعكس، أما العلاقة بينهما جهة التفعيل فترتكز إلى
البيئة والثقافة، وثانياً، لا تبرز الرواية هذا الجانب أدبياً، حيث الحديث عن
الوداعة مفهوم ذكوري قبل كل شيء، مثلما أن الرجالية رد فعل أنثوي، وهو رد لا وجود
له في مجمل صفحات الرواية..
لكأن الثورة المسماة اصطياد ذكورة لما هو أنثوي، وأن العصف
بالمجتمع إجراء ذكوري موجه إلى المجتمع المؤنث، وأن هذا المضي قدماً وراء الآخر
سعيٌ ماراتوني إلى تعريته عبر مغامرات أسلس لها القياد متخيل ساردها العاطفي جداً.
كأن الاسم واللقب: هالة الوافي، معدَّان بإتقان، حيث هالة
تبرز سحرها والوافي اكتمال نصاب السحر بمنطق الذكورة!
ما الذي يقال في وصف عارم باذخ كهذا، يخص القبلة؟( ترك شفتيه
تلتهمان ما تمناه طويلاً. قبلة بمذاق التوت البرّي. كان محمولاً بأحاسيس وحشية بعد
أشهر من الاشتهاء. راح في قبلة واحدة يشعل حطب الانتظار كله. انقضت سنة كاملة،
بُعداً وصدّاً ومداً وجزراً، لبلوغ حريق كهذا. آن قطاف هذه الزهرة النارية.ص141).
تُرى لمن هذا الوصف، ومثيله المتكرر لاحقاً’ ص170-181-218-277..’؟
ماذا وراء هذا الإلحاح في التكرار، حيث الحريق ورائحة الحريق، كما لو أن السارد يحيل
القارئ إلى ذات الروائية وليس إلى الداخل؟ ماذا وراء هذا الشرح وشرح الشرح، حيث
يضحَّى بالخيال ذاته، أو بفنية الرواية بالذات، كما لو أن ثمة وليمة شهوية لذات
القارئ نفسه؟
هذا ينطبق على ما هو خطابي أو إنشائي يتحدد منطقه في اللامنطق
نفسياً، والحريق ورائحة الحريق يعمّان المشهد الوصفي ( الحب هو ذكاء المسافة. ألا
تقترب كثيراً فتُلغي اللهفة، ولا تبتعد طويلاً فتُنسى. ألا تضع حطبك دفعة واحدة في
موقد من تحب. أن تبقيه مشتعلاً بتحريكك الحطب ليس أكثر، دون أن يلمح الآخر يدك
المحركة لمشاعره ومسار قدره .. أوه.. كم يتقن لعبة النار بين الحطب، وإنقاذ الشعلة
في اللحظة الأخيرة قبل أن ينطفئ الجمر بقليل..ص45).
لمن يتوجه هذا السرد كخطاب جنساني لا يخفي هذره الكلامي، من
المتكلم، أي موصوف يؤخَذ به هنا بدقة؟
ربما يكون في وسع المهووسين بأوصاف شبقية عابرة لكنها مؤثرة
ضمن حدود، أن يستشهدوا بعبارات كهذه، هي وقائمة مقاطع أخرى اشتهرت بها الروائية
لثبت أنها تستجيب لرغبة الذكر المتنامي داخلها’ ص134-177-210-307..الخ’.
في نقطة أخرى، لا تتردد الروائية على لسان السارد الروائي أن
تماهي بين ‘ بطلتها’ والشعوب العربية( إنها في النهاية كالشعوب العربية، حتى وهي
تطمح للتحرر، تحن لجلادها. مثلها، تتآمر على نفسها، تخلق أصنامها، تقبل يد خانقها،
تغفر لقاتلها. تواصل تلميع التماثيل بعد سقوطها، تغسلها بالدموع من دم جرائمها..ص308).
ورغم ذلك لا تخفي أنها تمكنت من الانتقام منه والتشهير فيه،
وهي تشير سابقاً إلى حذرها مما يحاك ضدها من الآخر وبنوع من الخيلاء( كانت إمرأة
منهكة، أكسبتها الفجائع حكمة الضحية.ص195)، ولترد الصاعين صاعين، كما لو أنها لم
تقع يوماً ولأكثر من مرة في مصيدة من تلذَّذ بها جسدياً( عزلاء انتصرت، بتلك
الهشاشة التي صنعت أسطورة شجاعتها. لقد أكسبها الظلم حصانة الإيمان. مذ أدركت أن
طغاة الحب كطغاة الشعوب، جبابرة على النساء وصغاراً أمام من يفوقهم جبروتاً. ص 327)،
ولتكون أكثر بروزاً( واليوم هي تغنّي للناس جميعاً عداه..ص328).
شروح لشروح في ذات المقطع، لا تصمد وصفتها أمام النقد فهي
ذاتها عرّت مغامرها، وبرزت متحررة.
وكما أشرنا سابقاً، فإن افتعالاً لما هو شعبوي وقومجي وثورجي
في الرواية، حيث السارد الروائي: الأنثوي، يربط بين مدى انتماء هالة إلى عالم
الثورة والجزائر الوطن، وكيفية النيل من عائلتها، واضطهادها، وإشارتها إلى أمها،
مثلاً( أمها، التي وجدت في هم العراق ما ينسيها همها، صارت تقضي جل وقتها أمام
الفضائيات الإخبارية لمتابعة مسلسل الغزو الأميركي.. وسقوط بغداد..ص 230)..
هالة المتنقلة بين البلدان يبدو عليها أنها مثقلة تحت وطأة
المهام التي كلَّفتها بها الروائية وهي تتنقل بدورها بين البلدان، وهي تصر على أن
الذي تنقله إلى عالم الورق يخص عالم انتمائها، وهي تسعى جاهدة إلى إقناع قارئها أن
ما حدث على الورق بين شخصيات ورقية’ مختلقة طبعاً’ معاش أو قابل لذلك، دون أي تردد
في حبكة اللعبة أو مصداقيتها، بين هذا الأبعد من كونه مليونيراً، وهذه التي عاشت
أكثر من متعة جنسية، تعبيراً عن تحرر جنساني، وهي لا تتوقف عن الاستجابة لنداء
مغامراته وشهواته، وفي لحظة فلتة يتغير الإيقاع في الحركة الرابعة من الرواية’ هي
أربع حركات، كما لو أننا إزاء مفهوم فصليٍّ: أربعة فصول، ربما’ تذكيراً بسمفونية: الفصول
الأربعة، لفيفالدي’، وتنتصر الأنثى في داخلها دونما نظر إلى الوراء وفاجعة ما كان
أو حصل لها، أعني يندحر الذكر المأخوذة بذكورته، وتسترجع المغنية المطرودة من
بلدها أو الملاحقَة بمكانتها، لافتة أنظار الآخرين إليها، حيث التخلص من الأسود
المستبد..
ربما فيما انطلقت منه الروائية وتوقفت عنده، استعادة خرافة شهرزاد
ووهم انتقامها من شهريارها، وقد أسمعته حكايات ليلاتية، وهي تتضمن المرأة الخائنة
والمشعوذة والمكّارة والتي تشبع جنسياً: نسخة طبق الأصل عما هو متردد ومؤصَّل في
واعية الذكر، سوى أنها’ أي هالة’ لعبت بطريقة أخرى، دون أن تفصلها عن’ منمذجتها’ الشهرزادية،
حيث مكَّنت الآخر منها طويلاً وهي تلحق به هنا وهناك، وبغتة تعلمنا بأنها عرَّته
ولم تسمح له بأن يأخذ منها ما يريد، وهو وهم لا يعادله سوى وهم المتضمَّن الفني أو
الأدبي والبطولات المسماة باسم الوطن والمرأة والحب على امتداد صفحات الرواية.
هل حقاً، تمكَّنت أحلام مستغانمي من كتابة رواية تسجَّل
باسمها كامرأة مختلفة عن الآخر الذكوري الذي لما يزل يردد أكثر مما هو مثبت في
الرواية، ويتكرَّر صدى صوته الذكوري ويغريها معاً: الأسود يليق بك’ حقاً’؟!؟…أعني
بذلك الحِداد الذاتي الذي تعلنه الأنثى المقيمة في ذات الروائية رغم كل الإبهار
البلاغي والاستعراضي المرتبط بلغة السرد..!
أو
«الأسود يليق بكِ»: رواية لا تليق بأحلام مستغانمي
وحدها ثلاثية أحلام مستغانمي السابقة «ذاكرة الجسد» و«فوضى الحواس» و«عابر سرير»، وتحديداً الأولى، هي ما استبقى القارئ ليتمّ صفحات «الأسود يليق بكِ»، والتي صدرت للكاتبة قبل أشهر.
الرواية كرّرت ما سبقها من كتابات لمستغانمي؛ إذ إن الجانب الوطني والقومي لم يتخذ منحى جديداً، بل إن حالة مشابهة لـ»الديجافو» اعترت القارئ أمام مقاطع عدة تكاد تكون مُعادة بحذافيرها، لا سيما تلك التي تتحدث عن التهام المتطرفين لبهجات الجزائر وبساطة أهلها ونتاج ثوّارها. الخجل والمواربة في الحديث عن المشاهد العاطفية والتحايل عليها بالصنعة البديعية كان ذاته في الكتابات الآنفة كلها. الملمح الأبرز لدى مستغانمي هو البيان النفسي المشترك بل والموحّد تماماً للشخصية الأنثوية في رواياتها كلها وهو البيان الذي نحّى الأدب جانباً وظَهَر في قالب الأيديولوجيا في كتاب «نسيان» الذي صدر للكاتبة قبل «الأسود يليق بكِ». تلك الأيديولوجيا جعلت من الصعب بمكان تفسير الأنموذج الأنثوي لدى مستغانمي بغير ما بشّرت به في كتابها الذي جاء على شكل نصائح مباشرة قبل أعوام. لا بطلة منكسرة في روايات مستغانمي على سبيل المثال. بطلات مستغانمي كلهن لأب مناضل بشكل أو بآخر، ولأم دورها هامشي لا يعدو كونه مراقبة المشهد من بعيد، وأخ لا تُدّخر حيلة كتابية إلا وتُبذّل لجعله يتوارى عن المشهد كيلا يكون هنالك عناء التعامل معه في النص. بطلة مستغانمي تعاني عقدة تلويع الرجل والاستغناء عنه قبل الاستغناء عنها، والجبروت المتعّمد حياله حتى في أقصى درجات الحب وإشعاره بمناسبة ومن دون مناسبة بالتحرّر من التبعية. كل هذا جيد، ولا غبار عليه، بيد أن تكراراه بطريقة لافتة بات يعطي انطباعاً بالإفلاس الإبداعي لدى مستغانمي، وهو المُستبعَد لدى امرأة عربية حاصلة على شهادة الدكتوراة من جامعة السوربون ولها باع طويل في الكتابة الصحفية والأدبية والتنقّل في العيش بين مدن عربية وعالمية عدة.
فكرة «الأسود يليق بكِ» لم تكن قوية، لذا لم تفلح في ستر مثلبة إثقال الرواية بالأيديولوجيا، والأهم: اعتماد المصادفات التي أضعفت العمل الأدبي إلى حد كبير؛ ذلك أن مستغانمي لم تجد حيلة ذكية لحبك الرواية وأحداثها، فلجأت للطريقة الأسهل حين جعلت البطلة تلتقي صدفة بمجرد نزولها في فيينا مع جزائري هو ذاته الذي قابلته في الفندق ذات صدفة أيضا وهو نفسه الذي التقته أثناء عودتها إلى بيروت، ومن ثم هو عينه الذي منحها فرصة الغناء على منصة عالمية!
على الرغم من الهنات السابقة، يبقى لمستغانمي قصب السبق عربياً في جعلها النسوية قضية معروفة شعبوياً؛ نظراً للإقبال الشديد الذي تلقاه رواياتها من الشرائح كافة لا سيما اليافعين والطلبة، في وقت ما تزال فيه النسوية لدى غيرها خطاباً معقداً وتنظيراً مفرطاً ليس سوى حكر على طبقة المفكرين والمختصين في الأمر.
الأسود يليق بك» لأحلام مستغانمي.. مأزق الشخوص وتبريرات اللغة
الاثنين 9 ربيع الأول 1434 هـ - 21 يناير 2013م - العدد 16282
قراءة - فواز السيحاني
تُعد أحلام مستغانمي من الأصوات النسائية التي حضرت مذ بداية التسعينيات في المشهد الروائي العربي، وكانت الانطلاقة تتجسد في العمل الشهير "ذاكرة الجسد" مروراً ب"فوضى الحواس" انتهاءً ب"عابر سرير" ومنذ ما يقارب الشهر صدر عملها المعنون "الأسود يليق بك" متضمنا في شكله الروائي حالة تماثُل، أو بالأصح حالة تَشابه مع الأعمال السابقة، وتحديداً أكثر الانطلاقة الأولى لها "ذاكرة الجسد" من حيث قيامه على نفس الموضوع الذي تم التطرق له في الأعمال السابقة.
تمتاز أحلام مستغانمي في رأي بعض النقاد، بأنها سلبت اللغة من الرجل الذي كان يعتقد تاريخاً بأنه قطعاً الكائن الذي يستطيع أن يعيد تشكيل الأشياء من جديد حرفاً وجملاً ولغة، إلا أن أحلام أسقطت هذا المفهوم الثقافي والتاريخي الذي كان يسكن في ذاكرة المبدع العربي وعقله الجمعي، وأصبح من بديهيات وجوده الإبداعي, وتكمن حالة التماثل في عمل أحلام الجديد والأعمال السابقة من حيث أن الرجل هو الركيزة الأساسية لدائرة العمل، ذلك البطل الذي جمع المال من العدم، وأصبح ذا مكانة اجتماعية تجبره في الغالب على ارتداء حالة من الغموض تصيب الإطار الإنساني الذي حوله من العجز في الدخول إلى مشاعره ومعرفة ما وراء مادته الخارجية، أي أن البطل كان خالد بن طوبال لكن بمسمى آخر رغم التطابق في المضمون اللغوي والسردي الذي تم عرضه والذي تناول قضايا الرجل وكبرياءه واضطراب علاقته مع الأنثى ولجوءه دوماً إلى الصمت من حيث إنه الأكثر انسجاماً للتعامل مع النقيض"الأنثى" بل هي حالة من الانفصال عن الإطار الوجداني والفكري للرجل.
استخدمت أحلام في علمها الجديد التساؤل الفلسفي كمحطة مهمة للقيام بفعل الرواية، وهذا ما أكدت عليه أثناء حفل توقيعها للكتاب مما يجعلنا نتذكر ما قاله الناقد بورخيس في كتابه "صنعه الشعر" من حيث إن العمل الإبداعي سواء كان ملتصقاً بالجنس الروائي أو بالجنس الشعري يحتاج إلى جرعات فلسفية تحول القارئ من متلقٍ عادي إلى قارئ متسائل يغرق في دوامة الأسئلة، إلا أن هذه الدوامة التي صنعتها أحلام هي دوامة متكررة وضيقة في أعمالها، بينما العالم الفلسفي هو رؤية أكثر اتساعاً وشمولية من هذا التضييق المختزل في الرجل والأنثى واضطراب العلاقة بينهما، بل إن تساؤل الفلسفة في الأعمال الإبداعية أصبح متجاوزاً لهذه الدائرة ومؤسساً لدوائر وموضوعات أخرى، كالهوية ومركز الإنسان من الكون والقلق الوجودي وحق العدالة.. كما نرى في الكثير من الأعمال الروائية العربية ك"باب الشمس" لإلياس خوري و"دروز بلغراد" لربيع جابر و" بداية ونهاية" لنجيب محفوظ.
القارئ للعمل يلحظ بأن البطلة كانت تنتمي عِرقياً إلى منطقة تعرف باسم جبال الأوراس، وهي منطقة جبلية مرتفعة القمم تقع جغرافياً في شمال شرق الجزائر، ويمتاز أصحاب تلك المنطقة باستخدامهم لسلطة الأعراف والتقاليد وتقديسهم لمعاني الشرف مما جعل البطلة تقف في المنتصف بين عاطفتها وشعورها بالحب المحشو بالأمنيات الجميلة وبين قسوة العادات والتقاليد والقيم القبلية التي ورثتها إجباراً وقسراً عن أجدادها الأولين، حتى أصبح معنى الحب لدى البطلة يشابه الرؤية النيتشويه الذي عَرضها الفيلسوف نيتشه في كتابه "ولادة المأساة" من حيث إن المعنى الحقيقي للحياة والحب أشد شناعة مما كنا نتوقع، ولهذا فإن الإنسان يحتاج الأوهام بوصفهما خلاصاً من ذلك المعنى المأساوي مما جعل البطلة تنظر ختاماً إلى الحب بوصفه سؤالا زائفا لم يتمكن البطل من إعطائه إجابة تستحق، إلا أن هذا الطرح الإبداعي كمراقب لأعمال أحلام تمت معالجته بنفس الخط اللغوي في الأعمال السابقة مما جعل العمل الجديد مجرد إعادة تكرار وهذا المأزق نتج عن محاولة أحلام مستغانمي في أعمالها.
إن تنقل المرأة من الهامش إلى المركز وهو ما كانت تحاول فعله الحركة النسوية في مجال الأدب من أن تعززه في الثقافة الحالية كحالة من التعبير عن الفعل الثقافي الذكوري اتجاه الأنثى بوصفها إنساناً قبل أن تكون جنساً، ولعل من أبرز الكاتبات اللاتي ساهمن في تأسيس هذه الرؤية غربياً فرجينا وولف في أعمالها الإبداعية، التي كانت تحاول فيها جاهدة كشف تناقضات القيم والمفاهيم للثقافة من خلال الكتابة في الجنس الروائي، وكأنها تسعى إلى إنشاء محاكمة أدبية لتقديم هوية بيولوجية نسوية تنقلها من هامش الثقافة إلى مركزها، كما أن لهذه الرؤية التي قدمتها أحلام سياقات ومعطيات نسوية عربية قدمت نفس هذه الرؤية أدباً فنجد مثلاً الجملة الشهيرة التي قالتها غادة السمان في كتابها"القبيلة تستجوب القتيلة:"عندما يولد العمل الأدبي علينا أن لا نسأل هل كان الكاتب ذكراً أم أنثى بقدر ما علينا أن نسأل هل العمل جيد أم سيئ".
تعرضت أحلام في هذه الرواية إلى مأزق من ناحية بذلها لصناعة أشخاص ثانويين إلا أن هذه الشخصيات الثانوية لم تُعط مكانتها وأدوارها الفعالة مما جعلها-أي تلك الشخوص-يتم استعادتها من قبل الكاتبة من أجل وجود فراغات سردية أو من خلال الإمداد اللغوي يمكن حشوها بتلك الشخوص غير الرئيسة أو بالجمل الشاعرية والتي جعلت القارئ لو حذف الكثير من الصفحات يجد بأن الحبكة لم تتأثر، وهذا مأزق في الشخوص، وتبريرات لغوية تعطي دلالة مهمة وهي أن الرواية ليست فقط شخوصاً ولغة، وأن تطبيق تلك القواعد غير ملازم لصفة الأدبية.
طلة أحلام مستغانمي لا يليق بها الأسوَد
«تطلق» أحلام مستغانمي رواية جديدة عنوانها «الأسود يليق بك» ( دارنوفل)، وتواصل فيها الكاتبة، الوقوف إلى جانب المرأة ودعوتــــها إلى «الوقـــوع في حب نفسها» وحب الحــــياة، بمزيج بين الفصحى واللهجة الجزائرية التي تطل من خلال الحوارات الخفيفة الظل. وتطرح كذلك إشكاليّات كثيرة يعيشها المجتمع العربي ويعاني منها: المال، الذكورة، الحرب، الإرهاب... وفي الرواية الكثير من آراء الروائيّة في المرأة، الحب، المجتمع، مع تدخّل ظاهر من قبلها، ما جعل الشخصيّات تبدو مقيّدة ومأسورة ضمن وجهة نظرها.
بدأت الرواية من النهاية، من فراق الحبيبين، لتطغى على المشهد الأول، المــــلامــــــــح الذكوريّة، فالحبيب تأبى عليه نفسه أن يعترف حتى لنفسه أنه خسرها (حبيبته) بل هو يدّعي أنها هي من خسرته، وأنه هو أيضاً مَن أراد لهما فراقاً قاطعاً كضربة سيف. ما يندم عليه حقاً، ليس بما وهبها، بل ما باح به لها، لتتعمّق إيديولجيا عدم تسليم سر إلى امرأة.
وتتجلّى الذكورة أيضاً في نظرة المجتمع إلى المرأة: لقد غيّر تهديد الأقارب سلّم مخاوف «هالة» وهي الشخصيّة الرئيسة، التي تغنّي كلمات والدها. إنّ المرأة لا تخشى القتلة الإرهابيين، تخاف مجتمعاً يتحكّم حماة الشرف في رقابه. ثمّة إرهاب معنوي يفوق جرائم الإرهابيين.
ولا بدّ من زواج البنت في مجتمعها الشرقيّ، فما هو موقف والديها، بعد ما تخلّت عن ذلك الشاب الذي كانت ستتزوجه قبل سنتين! أثارت غضب أهلها، فخشوا أن تذبل في انتظار خطيب قد لا يأتي! متى يقتنعون أنّ «بإمكان فتاة أن تتزوّج وتنجب وتبقى رغم ذلك في أعماقها عانساً، وردة تتساقط أوراقها في بيت الزوجيّة».
ترك هذا المجتمع آثاره في روح «هالة». فكلّما قدّمت لها باقة ورد، شعرت أنها تثأر لزمن قُمِعَت فيه أنوثتها.
وتطرح الرواية إشكاليّة سلطة المال، وسطوته على أصــحابه. سلطة المال، كما سلطة الحكم، لا تعرفان الأمان العاطفيّ. وهل أكثر فقراً من ثريّ فاقد الحب؟ وأثرى النساء، ليست التي تنام متوسّدة ممتلكاتها، بل من تتوسّد ذكرياتها.
ونلمح كذلك روحيّة الصمود والنضال في مواقف البطلة. فكل ما أرادته «هالة» هو أن تشارك في الحفلة التي نظّمها بعض المطربين في الذكرى الأولى لاغتيال أبيها بأدائه لأغانيه. قرّرت أن تؤدّي الأغنية الأحب إلى قلبه، كي تنازل القتلة بالغناء ليس أكثر... إن واجهتهم بالدموع يكونوا قد قتلوها أيضاً، وهذا ما قامت به المناضلة المحرّرة سهى بشارة، عندما راحت تغني «هيهات يا بو الزلف» في المعتقلات الإسرائيلية.
وفي الحالين، هي مقتولة، سواء على أيدي الإرهابيين، أو المجتمع. فحين وقفت على الخشبة لأوّل مرّة، «كان خوفي من أقاربي يفوق خوفي من الإرهابيين أنفسهم. أنا ابنة مدينة عند أقدام «الأوراس» لا تساهل فيها مع الشرف».
الشخــــصيّـــــة الرئيـسة، إذاً، هي «هـــالة الوافــي». فتــاة في السابعة والعـــشرين، من بلدة مروانة، تجمع بين الألم والعمق، عزلاء وعلى قدر كبير من الكبرياء. في مدينتها تلك، الحب ضرب من الإثم، لا يدري المرء أين يهرب ليعيشه... في سيّارة ؟ أم في قافة المعلّمين؟ أم على مقعد في حديقة عامة؟ كان مجرّد جلوس الحبيبين معاً فضيحة انتشرت بسرعة «خبر عاجل».
وتبلغ السخرية ذروتها عندما تقول مستغانمي على لسان البطلة: «كان يمكن أن تكون الكارثة أكبر، فيحدث أن تقوم قوّات الأمن بمداهمة الحدائق والتحقيق مع كل اثنين يجلسان متجاورين».
تقع «هالة» في حب رجل فاحش الثراء «طلال»، يتقن لعبة المسافة بين الحبيبين. حاول دائماً أن يمنعها من الغناء، من خلال إغرائها بالمال، ودفع كل ما تتقاضاه من حفلاتها. وطالما قال لها «الأسود يليق بك». الأسود لون الحداد، ورفض الحياة. لكنها، رفضت، غنّت، فنجحت. ربما كان يفضّل لو خانته مع رجل، على أن تخونه مع النجاح. النجاح يجمّلها، يرفعها، بينما اعتقد أنه حين ألقى بها إلى البحر مربوطة إلى صخرة لامبالاته، ستغرق لا محالة. مَن فكّ رباطها؟ بمن استنجدت لتقطع المسافة بين القاع والسطح ؟ آمَنت بنفسها، وفكّت رباطها بيديها، وانطلقت. خلعت سوادها، فخلعت رجلها. ارتدت ثوبها اللازوردي وتألّقت. هي اليوم امرأة حرّة، صوتها الليلة لا يحبّ سواها. لأوّل مرّة تقع في حب نفسها.
كان يريد أن يُديم استعبادها، وأثناء ذلك، كان يخونها مع عشيقته الأزليّة، تلك الشهيّة التي لا ترتدي حداد أحد: الحياة.
ولكن يبدو أنّ مستغانمي لا تزال تأنس إلى نوع من الإنشائية في كتابة الرواية. وتتوسّع إلى درجة تشتيت فكر القارئ، وإعاقة تركيزه، مع إتباع كل موقف روائي، بمثل أو مشهد، غالباً ما يكون بطله مثلاً شعبياً، أو شخصية عالمية، أو أسطورة من أساطير الزمان، ناهيك عن التنظير: « سيف العشق كسيف الساموراي، من قوانينه اقتسام الضربة القاتلة بين السيّاف والقتيل»... «كما يأكل القطّ صغاره، وتأكل الثورة أبناءها، يأكل الحب عشاقه.
يلتهـــمهم وهم جالسون إلى مائدته العامرة. فما أولَمَ لـــهم إلا ليفترسهم»... وقِس على ذلك أمثلة كثيرة: قصّة «المغني الفرنسي سيرج غانسبور» في الثمانينات، إلى نيوتن، غيفارا... بخاصة في الجزء الأول من الرواية، الأمر الذي يؤثّر في الراوية «العليمة» أو الكلية العلم (وهذا مأخذ سلبي روائياً) ويقيّد الأحداث في وجهة نظر واحدة. فتعرض ثقافتها في التاريخ، المسرح، الحضارة، الأدب، الموسيقى، الفلسفة.
مستغانمي تحتفل بكتابها ’الأسود يليق بك’ في الشارقة
الشارقة - شهد حفل توقيع كتاب "الأسود يليق بك" للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي حضورا منقطع النظير بالدورة الـ31 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب الذي تتواصل فعالياته منذ الاربعاء.
وشهد ثالث أيام المعرض اقبالا منقطع النظير من رواد الأدب ومحبيه ما دفع إدارة معرض الشارقة الدولي للكتاب لتمديد ساعات المعرض الى منتصف الليل بعدما تدفق آلاف الزوار لحضور فعالياته وبخاصة حفل توقيع عمل مستغانمي الجديد "الأسود يليق بك".
وكانت الكاتبة الجزائرية قد اطلقت رسميا كتابها الجديد "الأسود يليق بك" الجمعة بحضور رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي حيث أعلنت مستغانمي عن جزء ثان لكتابها الجديد يحمل عنوان "لا ترتدي حداد الحب".
و الرواية تشهد رواجا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر صفحة الكاتبة الرسمية، وأخرى استحدثتها دار النشر "نوفل" التابعة لمجمع أشيت أنطوان التي تولت...
وأكدت مستغانمي بأن مقاطع هذه الرواية أنتشرت ولاقت متابعة كبيرة عبر صفحة الفيس بوك الرسمية للكاتبة، وتلعب فيها الروائية على حبل صبر قرائها وتعززها بمقاطع من روايتها، لجس نبض رد فعلهم عبر العالم العربي، الصفحة التي يضاف إليها ثلاثة آلاف معجب يوميا، أكدت مستغانمي حولها أن الأمر مرعب وجميل بالنسبة إليها،"فقد صار بإمكاننا اليوم ككُتاب معرفة ردّ فعل جمهور القراء مباشرة بعد ضغط زر "أوكي" لتنهال التعليقات على المقاطع".
وكانت قد أشارت مستغانمي في تصريحات سابقة إلى بأن هذا العمل سيصدر في طبعتين واحدة عادية والثانية فخمة مجلدة ومدعمة بقرص مضغوط، يضم أغاني من التراث الشعبي الجزائري على غرار الراحل عيسى الجرموني ".
وتعتبر مستغانمي من أشهر الكتاب الجزائريين والعرب حيث تباع كتبها بمئات الآلاف وقد حققت أحسن المبيعات طوال سنوات بلبنان والأردن وسوريا وتونس والإمارات العربية المتحدة.
وتعود شهرة أحلام مستغانمي إلى رواية "ذاكرة الجسد" التي نشرتها ببيروت في 1993 والتي وصلت اليوم إلى طبعتها ال18 وهي تعد رائعة في تاريخ الأدب العربي المعاصر.
وتحصلت هذه الرواية على "جائزة نجيب محفوظ" في 1998 كما ترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والألمانية والإسبانية والصينية وتم إدراجها ضمن برامج عدة جامعات دولية كالسوربون بباريس وجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة.
كما ألفت مستغانمي روايات أخرى على غرار "فوضى الحواس" و"عابر سرير" بالإضافة لدواوين شعرية منها "على مر الأيام" و"أكاذيب سمكة".
ويشارك في الدورة الـ31 من المهرجان الذي تستمر فعالياته إلى غاية 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري 924 دار نشر من 62 دولة منها 22 عربية و40 اجنبية.
حلام مستغانمي : لن تكون السيطرة على هذا الجيل ممكنة بعد الآن
بي بي سي عربي - الأربعاء، 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2013 :
بسمة كراشة - بي بي سي لندن
أحلام مستغانمي، لماذا يقترن اسمها بمشاهد الطوابير الطويلة لشباب يترصدونها أينما حلت ؟
هل فكت بذاكرة الجسد (بيعت 3 ملايين نسخة منها) شيفرة القارئ العربي؟ ماذا تقول هي ؟
في مقابلة مع الكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي أجرتها بي بي سي ضمن تغطية الندوة العالمية لمشروع "مئة امرأة" التي ينظمها قسم الخدمة العالمية لبي بي سي تحدثت صاحبة ذاكرة الجسد عن ماضيها البعيد والقريب، حاضرها ومستقبلها المعلق على حرف التمني "لو".
ما كان دور والدها في حياتها؟ ولماذا تعتبره الرجل العظيم الوحيد في حياتها حتى أضحى الشبح الذي يختفي وراء كل رواية تصدرها ؟
كيف كانت طفولتها؟ ولماذا غربتها؟ وما الذي يفعله "الوجع" في باقة نجاحاتها ؟
ما هي قصة مستغانمي مع العراق؟ ولماذا تقول أنها ندمت على قرار اتخذته بشأنه ؟
الكاتبة توقعت أن يحدث للجزائر شيئا مرعبا سنوات الثمانينات فكانت أحداث 1988 التي جعلت من هذا البلد مقبرة كبيرة مفتوحة لأكثر من 150 ألف ضحية. ماذا يقول لها حدسها بشأن مستقبل العالم العربي ؟
وما هو الكتاب الذي لم تكتبه بعد ؟
هل تصدر صاحبة الأسود يليق بك مذكراتها؟ وما الذي ستتحدث عنه فيها ؟
ولماذا لا تحب الحديث في السياسة ؟
بعض الذكريات أضحكت الكاتبة خلال المقابلة وبعضها عقد صوتها في حلقها وفي كل مرة كانت تعتذر لكثرة سقوطها في "حفر" عفويتها.