الحداثة في الشعر المغاربي
مجلة رسائل الشعر - حوار - العدد الخامس - كانون الثاني 2016، ص 29-22
هذا حوار أجرته مجلة رسائل الشعر مع عدد من الشعراء والباحثين المغاربة حول الشعر المغاربي المعاصر، ونشر في العدد الخامس من مجلة رسائل الشعر.
رسائل الشعر: يعاب على بعض الشعراء الشباب اليوم، خاصة ممن يكتب قصيدة النثر، عدم اطلاعهم على الموروث الشعري الكلاسيكي والتراث الأدبي العربي، وعدم فهم بعضهم لمبادئ الوزن الشعري أو عدم اطلاع البعض على قصائد المعلقات مثلاً. هل تعتقد أن دراسة التراث الشعري ضرورة أساسية للشاعر؟ أم أنها من اختصاص النقاد والدارسين فقط؟
د. عبد الواحد عرجوني: الاطلاع على التراث الشعري ضروري، ولكن ليس إلى درجة الدراسة الدقيقة. لا يمكن لشاعر ما مهما كانت بديهته، ومهما كان طبعه، أن يكتب من دون معرفة القواعد؛ سواء كان يكتب القصيدة العمودية، أو الحرة، أو حتى قصيدة النثر التي دار حولها جدال كثير في فترة سابقة مع الرواد، فإذا كان الشاعر العربي في العصر الجاهلي وحتى في العصرين الإسلامي والأموي يكتب بالسليقة، لأن الإبداع أسبق إلى الوجود من التقعيد، فإن الشاعر المعاصر مفروض عليه أن يكون مطلعا على التراث الشعري السابق، ومتمكنا إلى درجة ما من علوم اللغة التي يكتب بها، أي مالكا متحكما من أدوات اشتغاله. من المؤسف له أن تجد البعض ممن يكتب الشعر اليوم، يرتكب أخطاء لغوية بسيطة يفترض ألا يرتكبها، بالإضافة ركاكة التعبير، فلا يمكن أن تصور شاعر يكتب بلغة لا يعرف قواعدها أو ليس متمكنا منها وهي الأداة الأساس. أما بالنسبة للمعلقات، فلا أحد يجادل حول قيمتها ومكانتها في الشعر العربي، ومعرفة تاريخ تطور الشعر العربي في عصوره المختلفة مفيدة لكل من يريد أن يدلي بدلوه في هذا المجال ، كان ناقدا أم شاعرا.
د. عبد الواحد عرجوني
أستاذ باحث في الأدب وكاتب من المغرب
رسائل الشعر: البعض يرى أن القصيدة المغربية تعيش أزهى أيامها. هل تتفق مع ذلك؟ وما هي المؤشرات التي يجب أن نعتمد عليها، برأيك، لتقييم تطور الحركة الشعرية في المغرب؟
د.علي العلوي : لا شك في أن القصيدة المغربية تأثرت بالقصيدة المشرقية على مر العصور، سواء تعلق الأمر بالقصيدة العمودية أم بالقصيدة التفعيلية أم بالقصيدة النثرية. لذا فإن الحديث عن القصيدة المغربية لا ينفصل عن السياق العام الذي تندرج فيه، كما أن تطورها مرتبط بعلاقة التأثر هاته، وبخاصة على مستوى الشكل. ولا أبالغ إذا قلت إن القصيدة العربية، والقصيدة المغربية ضمنها، عاشت أزهى أيامها قديما وما زالت على هذه الصورة في الوقت الراهن. وكيف لا تكون كذلك وهي جنس أدبي عمره يزيد عن أربعة عشر قرنا. أضف إلى ذلك أن الشعر ديوان العرب به كانوا يوثقون تاريخهم وأيامهم وذاكرتهم، وفيه كانوا يتغنون بقيمهم وأمجادهم وغير ذلك. والقول إن القصيدة المغربية تعيش أزهى أيامها حاليا ليس سوى انبهار بحركة نشر الشعر المتزايدة، التي ساهمت فيها بشكل كبير الوسائل والوسائط التكنولوجية وشبكات التواصل الاجتماعي، دون أن ننسى الوسائل والمنابر الورقية التقليدية مثل الجرائد والمجلات. إن المعيار الكمي عنصر مهم لتقييم تطور الحركة الشعرية في المغرب، لكنه غير كافٍ، بل قد يكون مضللا إذا تم الاقتصار عليه دونما التفات إلى الخصوصيات الفنية والمعنوية للقصيدة المغربية من حيث الشكل والمضمون؛ أي اللغة الشعرية والإيقاع الشعري والصورة الشعرية وغيرها ومستويات التجديد فيها، وكذا المضامين التي تنطلق منها هذه القصيدة ومدى ارتباطها بقضايا الأمة الآنية، وقدرتها على خلق حالة وعي لدى المواطن، وما دون ذلك شكل من أشكال التشتت والتخبط تكون فيه القصيدة تدور في حلقات مفرغة، وتخاطب ذاتها الصامتة لا غير.
رسائل الشعر: أين يقع الشعر ضمن المشهد الثقافي المغاربي اليوم، بالمقارنة مع الفنون الكتابية الأخرى؟
بوعلام دخيسي: للشعر كانت وما تزال في المغرب حصة الأسد من اهتمامات المبدعين، وما يميزه اليوم هو تنوعه، فبعدما كانت القصيدة تسير في مركب واحد في زمن مضى من تاريخ الأدب المغربي، نرى اليوم انتفاضة القصيدة العمودية من جديد وانبعاث القصيدة العامية بتنوع مشاربها وألوانها والعودة إلى قصيدة التفعيلة وفي نفس الوقت المضي بقصيدة النثر في مسارات جميلة وحداثة ما بعد الحداثة فظهر أنصار للهايكو والومضة وأشكال أخرى من الشعر الحديث وما زالت الأرحام ولادة.. وحيثما حللت وارتحلت وجدت فرسانا يستحق أن يسمع لهم ويقرأ.. وتؤكد ذلك الدراسات البيبلوغرافية التي تشهد بتطور كبير كما وكيفا عند القصيدة المغربية وموازاة مع ذلك الكتابات النقدية الخاصة بها .
د. علي العلوي
باحث وشاعر من المغرب
رسائل الشعر: ما هو تقييمكم لأداء القصيدة المغاربية في تناولها لقضايا التحرر العربي المعاصرة، كالقضية الفلسطينية وحرية التعبير والتحول الديمقراطي؟
سميرة البوزيدي: تقييم القصيدة المغاربية ليس سهلا فهو يستدعي اطلاعا كاف بمعظم التجارب وهذا ما لا أدعيه ،لكن يمكن القول أن الشعراء يزيدون والشعر ينقص كما هو الحال في المشرق. هناك ايماضات صغيرة متناثرة وخصوصا تلك التي تعنى بقصيدة النثر يقود شعلتها جيل شاب استطاع ان يعبر بها عن قضايا الذات بدرجة أولى وقضايا الوطن وساعد عالم الفيسبوك في الرواج لهذا النص .
بوعلام دخيسي: ربما وبعد ما اصطلح عليه بالربيع العربي أرى أن القصيدة المغاربية بدأت تنفر في أغلبها من كل ما هو سياسي وأحيانا قليلة تلامسه من حيث تشعر أو لا تشعر، لكن هذا لا يعني أن القضايا غائبة فقضية فلسطين ما زالت تسيل المداد ويكفي شرفا المغرب والمغرب العربي عامة أن تكون جائزة أحسن قصيدة عن القدس في فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية قد آلت للشاعر المغربي عبد السلام بوحجر وأن قصائد بعض شعراء المغرب و الجزائر و تونس الشباب ممن وصلوا أدوارا طلائعية في مسابقات الشعر وغيرها.. كانت حول القضية الفلسطينية..
رسائل الشعر: هل تعتقد أن الشعراء الذين تخلصوا من الشكل التقليدي للقصيدة العربية (وزن وقافية) قد تأثروا في مضامينهم الشعرية بالشعر الغربي والعالمي أكثر من الشعراء الذين حافظت قصيدتهم على شكلها التقليدي؟
د. عبد الواحد عرجوني: لم تستطع الشعر الحر أو شعر التفعيلة، رغم كل ما قيل عن تكسير بنية القصيدة العمودية، منذ نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وغيرهما ، من التخلص أهم العناصر البنيوية لهذا الشعر، وهي التفعيلة، ولا يمكن نفي تأثر شعراء الضاد بالشعر الغربي، والأمر ليس جديدا مع القصيدة الحرة أو قصيدة النثر، وإنما كان ذلك مع شعراء القصيدة العمودية وبخاصة التيار الرومانسي، ولنا في شعراء المهجر خير مثال. أما التخلص من الوزن الخليلي، فلم يكن أبدا وليد الاحتكاك بالشعر الغربي في العصر الحديث، وإنما يضرب بجذوره في التراث نفسه، لأن الخليل عينه لم يستقرئ كل النماذج الشعرية العربية، بالإضافة إلى وجود أنواع أخرى من الشعر لم يلتزم بها، ومن هذه الأنواع الموشحات الأندلسية التي خلقت لنفسها نظاما خاصا، وكذلك الدوبيت وغيرهما. ومهما كان الأمر، فإنه لا يمكن نفي التأثر والتأثير، والأمر لا يقتصر على الشعراء العرب، ولنا في الشاعر الألماني “جوته” الذي تأثر بالمتنبي وبالمعلقات، خير مثال، والشاعر الروسي ألكسندر بوشكين، وغيرهما.
بوعلام دخيسي
شاعر من المغرب
رسائل الشعر: عادة ما يشار إلى القصيدة المغاربية ككتلة واحدة تجمع بين أقطار المغرب العربي في بوتقة واحدة لها خصوصيتها. هل ترين حقاً أن هنالك عوامل مشتركة كافية تجمع الناتج الشعري في أقطار المغرب العربي ليكون هذا التوصيف دقيقاً؟ أم أنه مجرد توصيف شمولي ابتدعه النقاد المشارقة؟
سميرة البوزيدي: لا يمكن القول ان هناك عوامل مشتركة تجمع النتاج الشعري المغربي فالجغرافيا لا يمكنها بسط عواملها على النص، التجارب عديدة وتختلف من بلاد لأخرى.
رسائل الشعر: هل تعتمد القصيدة الحداثية في المغرب اليوم على مرجعية مغاربية اكثر منها مشرقية أم العكس؟
عبد العالي النميلي : أعتقد أن المرجعية المشرقية بالنسبة للشاعر المغربي المعاصر تبقى دائما ذات أولوية ومصداقية أيضا بالنظر إلى أننا نعتبر شعراء المشرق العربي قديما وحديثا الرواد والنماذج. وهناك مرجعية أخرى شمالية وأقصد بها الشعر الفرنسي بالنسبة لتونس و الجزائر و المغرب و موريتانيا بحكم الارث اللّغوي والثقافي الاستعماري والشعر الاسباني رافد مضاف لدى الشعراء المغاربة المعاصرين الذي اطلعوا عليه من منابعه وبلغته ( لوركا ، ماتشادو …وغيرهم) فلمسوا فيه كثيرا من المشترك الثقافي والفني.
رسائل الشعر: انتشار الشعر على نطاق واسع عبر المواقع الإلكترونية أتاح بشكل أكبر للقارئ أن ينقد أي عمل بنفسه، ونجد أحياناً منصات إلكترونية لتبادل الآراء و تقييم الأعمال المنشورة. هل أنت من أنصار عملية النقد الفردية تلك، أم مع الإطلاع والتعامل أكثر مع النقد الأكاديمي؟
سميرة البوزيدي: عملية النقد الفردي معظمها انطباعية وعابرة لا تدخل في متن التجربة، والأكاديميون يعتصمون في ابراجهم يكتبون عن إبن حوقلة وابن جندب ويتجاهلون التجارب الجديدة التي تحمل نفسا وحساسية جديدة، ولهذا تظل القصائد الحديثة وخصوصا قصيدة النثر مكروهة من النقاد.
عبد العالي النميلي: النقد الشعري الشائع على مواقع التواصل الإلكترونية في اعتقادي هو نقد لحظي لا يخضع للتروي الذي يقتضي التصميم والصرامة المنهجية والمراجعة والتوثيق، وغالبا ما يخضع هذا النقد لشروط آنية من رغبة في الإرضاء والتسرع والعمومية، لأن مجال النشر لا يقتضي شروطاً. وهو أشبه بالثرثرة في المقهى. لهذه الأسباب أحبذ النقد الأكاديمي .
سميرة البوزيدي
شاعرة من ليبيا
رسائل الشعر: ما هو موقع القصيدة العمودية اليوم في المغرب العربي؟ هل ما تزال تلعب دوراً فاعلاً أم أنها تعاني من الإقصاء والتهميش؟
د.علي العلوي: أعتقد بأن للقصيدة العمودية المكانة اللائقة بها في المشهد الشعري في المغرب العربي، سواء أكان ذلك على مستوى النشر في الجرائد والمجلات وفي دواوين شعرية مستقلة أم على مستوى حضور بعض الشعراء المغاربيين الذين يكتبون القصيدة العمودية في بعض المسابقات والجوائز الشعرية العربية، وذلك رغم المحاولات البئيسة لبعض أدعياء الحداثة الشعرية للنيل منها بشتى الأساليب والوسائل. وكيف يمكن النيل من جنس أدبي له مكانة خاصة في الذاكرة العربية الفردية والجماعية؟ ومَنْ مِنَ المواطنين العرب الذين أكملوا تعليمهم الثانوي لا يحفظ أبياتا شعرية لشعراء قدماء ومحدثين، وبخاصة في شعر الحكمة؟
بوعلام دخيسي: للقصيدة العمودية سحر خاص وحنين خاص في قلوب الأجيال، والذي يدعم هذا الحنين ويرسخه ويمتن في أواصر الرغبة في القصيدة العمودية هو تجددها وملاءمتها المستمرة لكل جديد ومحدث. الذين تلقى نصوصُهم العمودية إقبالا في المغرب العربي وغيره هم عادة المجددون من داخل هذا اللون الشعري الأصيل لا الذين يحافظون على مصطلحات الأمس وأسلوب الأمس وأفكار الأمس.. هناك من أصبح يدمج بين الهايكو مثلا والقصيدة العمودية حيث محاكاة الطبيعة وحيث الدهشة التي لا تحتاج لتأويل، إذ جمالها في شكلها التي تصير عليه.. وهكذا. الشعر ماض إلى يوم يبعثون لا يبلى وإن حافظ على ثوبه أو غيَّر ما دامت روح التغيير تنفخ في الأجساد.
رسائل الشعر: لم تأخرت قصيدة النثر للوصول إلى الشعر المغاربي مقارنة مع المشرق العربي الذي بدأ خوض هذه التجربة منذ خمسينيات القرن الماضي؟
عبد العالي النميلي: النزوع إلى الإتقان والإخلاص للنماذج الرائدة مشرقيا، إضافة إلى الارتياب في مصداقيتها هو في اعتقادي سبب من ضمن أسباب أخرى أخرت ظهور قصيدة النثر عندنا. ولا يزال كثير من المهتمين والشعراء يعتبر اللجوء إلى النثر في الشعر ضعفا وقصورا من قبل الشاعر أمام تحدي الوزن الذي يوجه الشاعر ويحد من اندفاعه وتفجير طاقاته التعبيرية.
جليلة الخليع
شاعرة من المغرب
رسائل الشعر: هل يعيش الشاعر المغاربي أزمات مشابهة لما يكابده الشاعر في المشرق العربي من صعوبة النشر، ضعف الإقبال، سيطرة المحسوبية والشللية على الواقع الشعري؟
جليلة الخليع: أسئلة نتقاسمها جغرافيا ، وان كان هناك فارق بين الشرق والغرب ، لكننا نظل ننتمي لمنطقة عربية واحدة نتقاسم الملامح ، اللغة والأفكار ذاتها، فالإجابات ستكون بنفس المقاس ، وان كان هناك تباين بسيط ببعض السنتمترات. ربما سألبس جوابي جواب الشاعر المغربي” بنسالم الدمناتي ” عندما سئل ذات لقاء عن وجود مدرسة للنقد بالمغرب، فكان جوابه: ليست لدينا مدرسة للنقد، عندنا تعاطف مع شاعر معين ، كما هو الحال في مهرجانات الشعر. فالشاعر ،في هذه الظروف المرهونة بالتعاطف ، يعاني الأمرين : النشر الذي سيتكلف أعباءه ، مادامت لا توجد جهة داعمة له،وبالتالي تنكر الوسط الأدبي له.
رسائل الشعر: هنالك لا شك ازدياد كمي هائل في عدد الدواوين المطبوعة في المغرب العربي اليوم. هل هذا التطور الكمي سيفضي بالضرورة لتطور نوعي في المستقبل؟
د. عبد الواحد عرجوني: إن القول بتحقق تراكم ما على مستوى الكم، ينتفي في غياب معطيات تسمح بالمقارنة مع الأمم الأخرى، ولكن إن كان المقصود التطور الكمي، فهو موجود حقا، والأمر عاد جدا، ولعل من أهم عوامله، الطبع على نفقة الشاعر، في ظل غياب ناشرين مختصين ولجن للقراءة تبث في ما يجب أن ينشر، وهناك بعض الدواوين لا تحمل من الشعر إلا اسمه. وإن كان على النقاد تشجيع الشباب، فإن الواجب يفرض عليهم التوجيه والتقويم، وتصحيح ما يوجب ذلك، إلا أننا نجد بعض المقدمات لدواوين كثيرة يغلب عليها الطابع المجاملاتي، ولا يكلف الناقد نفسه، ربما، حتى قراءة ما يقدم له، وهذا أمر مؤسف. ولكن هذا لا يعني عدم وجود شعراء أكفاء، وعلى درجة عالية من الوعي بمجال اشتغالهم.
د.علي العلوي: قد يفضي التطور الكمي للمجموعات الشعرية المنشورة والمطبوعة إلى تطور نوعي، إذا قام النقد الأدبي بالأدوار المنوطة به، والمتمثلة أساسا في إضاءة النصوص الشعرية ومواكبة المجموعات الشعرية الجديدة والتعريف بالشعراء، وبخاصة الجدد منهم، وغير ذلك. وتظل أبرز مهمة للنقد الأدبي هي تمييز الغث من السمين، قصد وضع حد للتسيب الذي يعرفه مجال نشر الشعر، ورسم طريق الإبداع أمام الشعراء المبتدئين.
عبد العالي النميلي
شاعر من المغرب
رسائل الشعر: برأيك، ما هي الجهة صاحبة الفضل الأبرز في عملية حفظ وتطوير الشعر المغربي؟ الدوريات الثقافية أم المؤسسات التعليمية والأكاديمية؟
جليلة الخليع: أرى أن الدوريات والمجلات الثقافية المغربية أصبحت في الفترة الراهنة قليلة ان لم نقل منعدمة ، مع تواجد الاكتساح الالكتروني، الذي سيطر بشكل مميز ، فقرب لنا الواقع الثقافي المغربي ومنه العربي، فأصبحت خريطة الشعر المغربي وبالتالي العربي بين يدي القارئ العربي. أما من له الفضل في حفظ وتطوير الشعر المغربي بالنسبة لي ، فالفضل أراه للمؤسسات التعليمية والأكاديمية من خلال الدراسات المكثفة في هذا المجال، والبحوث العلمية التي يقوم بها الطلبة والأساتذة الباحثون.
رسائل الشعر: ما هو تقييمكم للقصيدة المغاربية النسائية كماً ونوعاً؟
سميرة البوزيدي: أنا في الحقيقة لا أؤمن بالتجنيس في الأدب وهناك أصوات شابة في ليبيا و تونس والمغرب تعبر عن ذائقة مختلفة تحمل سمات جيل توصل للحقائق من القمة .
جليلة الخليع: القصيدة المغربية النسائية بالخصوص هي امتداد للقصيدة العربية من حيث التشكيل والرؤية ، فقد واكبت التطور الذي لحق الشعر بالمشرق مع نازك الملائكة ، إضافة إلى انفتاحها على الشعر الغربي وخاصة الفرنسي إذ نجد أسماء اختارت اللغة الفرنسية لغة للتعبير مثل :” أمينة بن منصور”. وهناك أيضا من اعتمد الأمازيغية لغة للتعبير كالشاعرة رشيدة مايسة المراقي . ولكن كانت العربية هي اللغة المعبرة التي اعتمدتها معظم الأصوات النسائية الشعرية نذكر على سبيل المثال لا الحصر: مليكة العاصمي، وفاء العمراني ، فاتحة مرشيد، حليمة الإسماعيلي العلوي ، حفصة بكري لمراني ، عائشة البصري، ثريا مجدولين ، وداد بن موسى وأخريات …. فالشعر النسائي المغربي قد علا صوته بقوة، ولكن ليس الكم دائما بكفة الجودة، وإنما هناك بعض النشاز الذي لحق هذه الطبقات ، فاختلطت المسميات في أفق الشعر، إذ أسندت الأسماء لغير مستحقيها، إضافة إلى غياب النقد الجاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق