الدلالة الشعرية العربية وتقاليدها الأسلوبية
د. علي
ملاحي - جامعة
الجزائر
أولـويات
القـراءة الأسلوبية المعاصرة للشعر وخارج النص)(1) واعتبر تبنى المفهوم النقدي الجديد ثنائية (داخل النص
النص
الأدبي بصورة عامة شعرا كان أم قصة أم رواية بنية شمولية أو دائرة مغلقة
مكتفية
بذاتها ترفض أسباب الوساطة مهما كان نمطها أو مصدرها أثناء عملية التواصل
بين
الملفوظ والمستقبل طبقا لما تقتضيه نظرية جاكبسون الشهيرة في وظائف الكلام(2 والتي تنبني على ستة عناصر هي
المرسل والمرسل إليه والرسالة والسياق والصلة والشفرة وهي عناصر تسمح بمعاينة الخطاب
واكتشافه من الداخل، ولذلك ألغى المفهوم النقدي من عرفه كل ما يتصل بـ(خارج النص)،
على اعتبار أن أرشيف النص ما هو إلا مادة مستهلكة ليس بوسعها إثراء دلالة النص
الإبداعي، بقدر ما تتحول إلى مشجب تعلق عليه المعاني بشكل جزافي أو هو جدار كثيف يحول
بين المعنى الدلالي الذي تبوح به القيم التعبيرية وبين المعنى المستخلص من المادة
الأرشيفية أو الباثوجرافية بمفهوم الفرويديين(3 وهي المادة التي اعتاد المفهوم
النقدي التقليدي تسليطها بطريقة إسقاطية أو تقريبية غير مأمونة في وجهة نظرها، وهو ما
يؤدي عادة إلى تفسير النص انطلاقا من مظهره الخارجي لا انطلاقا من أنساقه،
وبدل تعميق دلالات النص تتوقف الأبعاد التأويلية عند إيهامنا بالمعنى الشعري مجسدا في
معاني بلاغية ناجمة عن إجراءات تعبيرية يكون النص قد لجأ إليها لتحويل مداره من
الإبلاغية إلى التأثيرية(4)، وهو أمر معتاد أسلوبيا في أي نسق أدبي فكيف لا يبلغ ذلك
الخرق التعبيري مستوى غير مألوف بالنسبة للنسق الشعري؟.
إن المفهوم
النقدي المعاصر بهذا الشكل يكون أمام خيار صعب، فإما تبني
التأويل
البلاغي بكل وصائيته ومعياريته، والتضحية بدلالات النص الكامنة في أسلوبه
الدال،
وإما الدخول في عملية استقصاء قصوى لحركية الخطاب وآليات انتظامه بناء على
ما فيه من
عناصر إشارية متجانسة فيما بينها متناسقة موحدة زمنيا يؤازر كل عنصر الذي
يليه و
الذي بعده على نحو لا يسمح بخلخلة نظامه الذي تتعاقب فيه الوحدات اللغوية
بصورة يكون
فيها كلّ عنصر محبوكا متواصلا مع مجمل العناصر الأخرى المشكلة للنسق(5، وهو ما يضفي على البناء الشمولي
درجة أكبر من الكثافة الدلالية(6).. ولهذا كان الخطاب الشعري في وجهته الأسلوبية
مفارقا للمحاكاتية السلبية المعهودة بل والمطلوبة في الخطاب الروائي بشكل أوسع مثلا
والتي تلعب دورا فاعلا في تنامي الحدث الروائي(7)، في حين تكون عامل
إحباط للخطاب الشعري لانها تجعل الدلالة الشعرية عارية فاضحة أو روتينية أو
مستهلكة ومجانية(8).
هذا الأمر
دعا الدارس النقدي المعاصر إلي مراجعة هذا المفهوم
وصار من الضروري تجاوز (مبدأ خارج النص) والاكتفاء بداخله عند الاختبار النقدي مع
إمكانية مقاربة النتائج المتحصل عليها مع أي نتيجة يمكن التوصل إليها اعتمادا على
(خارج النص)(9).
وفي هذا
الشأن فقد عرف المفهوم النقدي مراحل متعددة كان لها
شهودها إذ في الوقت الذي كان فيه المفهوم النقدي يراوح في خطواته المنهجية بين تأثرية
جيل لو متر (Jules le maitre) وأناتول فرانس
(anatole françe) من خلال تصميمهما على عدم حرمان نفسيهما من لذة القراءة – وهي
بمثابة
لحظة تشبع دلالي – تحول دون إصدار أحكام وتفسيرات تجنبهما خطر فقدان الشعور
بالسعادة
الجمالية(10) التي هي أساسية في نظر التأثريين فالدلالة هنا هي محصلة
وجدانية
ناجمة عن تلق عاطفي بالغ، وعادة ما كان هذا الإصرار التأويلي يدفع مثل هذين
الناقدين
إلى مناقضة كل تأويل أو منهج أو نظرية أو مفهوم يحول بينهما وبين
الاستمتاع
بمصنف من المصنفات الأدبية الكفيلة بتحقيق لذة أدبية قصوى لحظة
القراءة..(11)
مثل هذه
القناعة كانت تدفع أناتول فرانس إلى القول بأن: اللذة التي يقدمها مصنف ما هي القياس
الوحيد لجدارته(12) فالتأويل الدلالي هنا يكمن في مدى قدرة النص على إجبار وجدان
القارئ بتلقيه على الوجه الأحسن، إذ بقدر ما يحدث توافق وتآلف بين القارئ والمصنف
الأدبي بقدر ما يكون النص فسيفسائيا في قيمه الدلالية.
إن مفهوم
اللذة هنا يعني التجاوب المفتوح بين القارئ والمصنف تجاوبا
يبلغ حد
التجاذب وهذا يعنى أن الدلالة الادبية ناجمة عن تقنيات أسلوبية يعتمدها
منشئ الأثر
ليمارس بواسطتها تأثيرا مباشرا، وبهذا المفهوم فإن الوجهة الأسلوبية في
خطوطها
المنهجية تستمد بشكل ما وجودها من القراءة التأثرية، أو هكذا يبدو للدارس،
وهذا أمر
غير صائب، لأن وجهة الأسلوبية تكمن في "تساؤل عملي ذي بعد تأسيسي يقوم
مقام
الفرضية الكلية: ما الذي يجعل الخطاب الأدبي الفني مزدوج الوظيفة والغاية يؤدي
ما يؤديه
الكلام عادة وهو إبلاغ الرسالة الدلالية ويسلط مع ذلك على المتقبل تأثيرا
ضاغطا به
ينفعل للرسالة المبلغة انفعالا ما(13).
الأسلوبية
بهذه الصورة المنهجية تنحو إلى دراسة الخصائص اللغوية
التي بها يتحول الخطاب عن سياقه الأخباري إلى وظيفته التأثيرية الجمالية(14)
وهو تصور يضفي على التحليل الأسلوبي صفة شكلية لا تبتعد كثيرا عن تأثرية أناتول
فرانس من حيث الهدف، لكن الاختلاف العميق يكمن في الإجراءات التحليلية التي يعتمدها
الدارس التأثري والدارس الأسلوبي، فالمصنف دال تأثريا لأنه يحدث لذة ما،أما
أسلوبيا فإن النص دال لأنه مركب بشكل مغاير للمألوف الكلامي أي أن هناك الكثير من
الجهد في تنظيم الوحدات الكلامية بداية من الحروف إلى الكلمات إلى الجمل إلى النص
تنظيما تتجانس فيه الأصوات وتتحدد وتتشابك إلى درجة الكثافة لتحقق في نهاية المطاف
جملة من الأنساق الأسلوبية الدالة المفارقة لمرجعها الأساسي، المنحرفة نسبيا أو كليا
عن المدار الخطي للأنساق اللغوية المتعارف عليها بما في ذلك الأنساق
البلاغية
المستهلكة(15).
فالأسلوب هنا ليس حالة وجدانية في مداره
الدلالي بل هو إجراءات لغوية نابعة من كيان اللغة.. إذ تمتلك اللغة بفضل قدرتها
البنيوية والأسلوبية ما لا يحصر من الإمكانات الدلالية، ولذلك فهي كفيلة بتبرير كيانات
تعبيرية متعددة متنوعة... وذلك ما تثبته النصوص الأدبية على اختلاف أحكامها
وأجناسها ومستوياتها التعبيرية .
وتؤكد
الدراسات المعرفية أن اللغة مقدرة إبداعية
وليست مجرد نتاج(16) الأمر الذي يجعلها قادرة على التغير والتكيف حسبما تتطلب الظروف،
فالمتكلمون يمكنهم أن يستخدموا إمكانات اللغة المحددة المتاحة لهم استخداما غير
محدود في أي وقت، ولذلك فكيفما حلل المرء ووصف لغة معينة فسوف يبقى شيء ما من
طبيعتها الأساسية لم يوصف، وهو أمر يتطلب الانتباه من لغويي الوقت الحاضر(17). وقد
انتبه إلى ذلك أرسطو في كتابه فن الشعر في سياق تحديده لعيوب الشعر حاصرا إياها
في نوعين؛ "أحدهما مباشر ويمس الجوهر، وآخرهما عرضي ويتعلق بالصنعة. فلو أن شاعرا
اختار أن يصور شيئا ما تصويرا صحيحا فشل في تحقيق ذلك بسبب ضعف القدرة في التعبير فإن
العيب ـ عندئذ ـ يكون متأصلا في الشعر ذاته. أما إذا كان فشلا راجعا إلى أن تصويره
لهذا الشيء قد وقع بطريقة غير صحيحة كأن يصور جوادا وهو يمد رجليه اليمينيين
معا إلى الإمام أو يخطئ في أمر ما من أمور الطب مثلا. أو في أية صنعة تخصصية أخرى
أو يصور شيئا من أي نوع تصويرا لا محتملا فإن العيب ـ أو الخطأ- الذي يقع في
تصويره ليس من جوهريات عيوب الفن الشعري"(18) فالدلالة من هذا المنظور جوهر
وصنعة، حقيقة وانفعال، أو بمعنى آخر دلالة صماء ودلالة طارئة. وهي النظرية
الدلالية التي جسدها أرسطو في تمييزه بين ما سماه الحقيقة الشعرية، والحقيقة
التاريخية. وقد خلص في هذه النظرية إلى الملاحظة أن "مهمة الشاعر ليست رواية ما وقع
فعلا بل ما يمكن أن يقع، على أن يخضع هذا الممكن إما لقاعدة الاحتمال أو قاعدة
الحتمية إذ ليس بالتأليف نظما أو نثرا يفترق الشاعر عن المؤرخ، فأعمال هيرودوت كان
يمكن أن تصاغ نظما ولكنها مع ذلك كانت ستظل ضربا من التاريخ سواء كانت منظومة أو
منثورة، بيد أن الفرق الحقيقي يكمن في أن أحدهما يروي ما وقع والآخر ما يمكن أن يقع،
وعلى هذا فإن الشعر يكون أكثر فلسفة من التاريخ وأعلى قيمة منه لأن الشعر عندئذ
يميل إلى التعبير عن الحقيقة الكلية أو العامة، بينما يميل التاريخ إلى التعبير
عن الحقيقة الخاصة أو الفردية، وأعني بالحقيقة الكلية أو العامة ما يقوله أو
يفعله نمط من الناس في موقف معين على مقتضى الاحتمال أو الحتمية، وهذه الحقيقة الكلية
أو العامة هي التي يهدف إليها الشعر… وبناء على ما سبق يتضح أن الشاعر أو الصانع
ينبغي أن يكون صانع قصص أو حبكات أولا وقبل أن يكون صانع أشعار لأنه شاعر بسبب
محاكاته، وهو إنما يحاكي أفعالا ولو حدث أن عالج موضوعا من واقع التاريخ الفعلي لظل مع
هذا شاعرا فليس هناك سبب يمنع من أن تكون بعض الأحداث التي وقعت تاريخيا تتفق
تماما في ترتيبها مع قاعدة الاحتمال والممكن، ومن ثم فإنه يكون شاعرا بالكتابة عنها.<<(19).
هذه الرؤية
الفذة على طولها مشروعة نقديا لأنها تعطي المصداقية
للمدلول الشعري وترسيه وتصنع مقامه بحرص ووعي.
تقاليد
القراءة التراثية للشعر
يطرح مفهوم
أرسطو النظرية الشعرية من وجهة نظر دلالية بشكل
فلسفي، يربط فيه الدلالة الشعرية بدلالة الحكمة كمفهوم فيزيقي أو كتصور مثالي،
لهذا اعـتبر الشاعـر صانعا وكان أرسطو أول من استعمل اصطلاح صناعة في الشعر بشهادة
الدارسين(20) ويذهب هؤلاء في سياق تحديد لفظة صناعة إلى الملاحظة أن كلمة شاعر(Poet)
الإنجليزية
مشتـقة من الكلمة اليونانية (Poietes) التي تعني الصانع. وهو ما يتأكد
في النقد الحديث عند ت.س اليوت الذي كان يستعمل اصطلاح صناعة الشعر مرة، و كتابة
الشعر مرة أخرى، وينقل عن الإنجليزية القديمة على لسان مايكل جون أن الشاعر كان
يسمى صانعا(21) وهو مفهوم دلالي تتبناه النظرية الدلالية العربية منذ أن اعتمد
التصور العربي: >>الشعر صناعة وضرب من الصّبغ وجنس من التصوير<<(22)
وكان ابن
طباطبا يذهب هذا المذهب الدلالي من خلال قوله: "إبراز المعاني في
كسوة أحسن من التي عليها. فهو كالصانع الذي يعيد صياغة الذهب والفضة بأحسن مما كان
عليه..."(23) وقد كان العقاد يجري مفهومه على هذا النحو: الشعر صناعة توليد العواطف
لكن لا بد للشاعر من استعداد فطري (24) ويكفي في هذا المعنى أن نشير إلى الاتجاه
العربي التراثي إلى هذا المفهوم من خلال تسمية أبي هلال العسكري كتابا له باسم
الصناعتين(25) وقد عقد فيه بَابهُ الثالث "بعنوان في
معرفة صفة
الكلام".
إن الصناعة
تتطلب اعتماد إجراءات تقنية لغوية لتأسيس المقولات الشعرية وليست عملية
الصنع عملية آلية بقدر ما هي عملية إبداعية أي يحتاج فيها الشاعر إلى مهارة وحذاقة
وحسن تصرف في العناصر اللغوية. مما يعني أن الشاعر يوظف مخيلته لإنشاء نسيج دلالي
مميز في أسلوبه. هذا يعني أن الشعر كصناعة .يخص نمطا معينا من الناس، أي هو ثقافة كما
يذهب إلى ذلك ابن سلام الجمحي: "الشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر
أصناف العلم والصناعات، منها ما تثقفه العين ومنها ما تثقفه الأذن، ومنها ما تثقفه
اليد، ومنها ما يثقفه اللسان(26) وجاء موقف هيدجر مارتن مشابها لموقف الجاحظ في
قوله: "الشعر يتبدى للناس لعبا ولكنه ليس كذلك. إن اللعب يقرب بين الناس، ولكن على
نحو يجعل كل واحد ينسى نفسه فيه. أما في الشعر فالإنسان يركز ذاته على وجوده
الإنساني ويصل هنالك إلى الطمأنينة، لا إلى تلك الطمأنينة الوهمية المتولدة من
البطالة وفراغ الفكر بل إلى تلك الطمأنينة الضافية التي يصحبها نشاط في جميع القوى
والعلاقات"(27).
ويكفي أن
نسوق ما امتد إليه هذا الاستعمال عند التراثيين وتسمية
كتب هامة باسم صناعة مثل ذلك، صناعة الكلام للجاحظ، الصناعتين لأبي هلال والعمدة في
صناعة الشعر ونقده لابن رشيق والجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور
لابن الأثير، وأحكام صنعة الكلام للكلاعي الاندلسي وصبح الأعشى في صناعة
الإنشاء لأبي علي القلقشندي......
إن الشعر
بهذا المفهوم الدلالي استخدام خاص
للغة، ولهذا أطلق مالارميه عبارته المشهورة: "الشعر لا
يصنع من
الأفكار ولكن من الكلمات"(28) وهو ما يؤكده عبد القاهر الجرجاني حين يقول
أن
"الكلمة تكون متمكنة ومقبولة باعتبار مكانها من النظم وحسن ملاءمتها معناها
لمعاني
جاراتها وفضل مؤانستها لأخواتها"(29) هذا يعني أن اللغة تتخذ وضعا غير الذي
ألفته
الأسماع والأذواق، يعمد فيها الشاعر إلى جملة من الصيغ اللغوية البالغة
الانحراف
عن المألوف، وتكوين علاقات غير معتادة بين الألفاظ إلى حد قد تبدوا أحيانا
غير
معقولة.. وهو ما يطلق عليه اللغة غير المتوقعة. وهذا ما يسمى اللغة الشعرية أو
اللغة
الشاعرة بمفهوم العقاد(30).
إن المعنى
الشعري ليس هو الهدف الأساسي الذي يشد وعي الشاعر وهو يمارس عملية
الصناعة هذه وإلا وقع في مطبات غير مقبولة شعريا، من ذلك سقوطه المباشر في
التقريرية والنظمية والسرد إلى درجة الابتذال والرداءة. إن
الدلالة
المكشوفة في الشعر تمثل مرحلة من مراحل خيبة الشاعر (المرسل) وخيبة المرسل
إليه في
الوقت نفسه الذي تتولد لديه حالة اشمئزاز قصوى إزاء الخطاب. وهو شأن نقدي
أخذته على
عاتقها نظرية التلقي عند كل من ايزر وياوس على وجه الخصوص(31). يكون فيه
المتلقي
شريكا فاعلا في صناعة النص. وقد كان هذا الموقف بارزا في حالات كثيرة،
ويمكن
معاينتها في نماذج شعرية كثيرة قديمة وحديثة وحتى عند أكبر الشعراء نلمس ذلك،
إذ يتجلى
السقوط الدلالي مظهرا واضحا من خلال غلبة الخطابية والنبرة المنكسرة التي
توحي بخيبة
الشاعر قبل القارئ ولذلك فإننا حين نسمع أحمد شوقي(32) وهو يقول:
"يا
ربنا يا ذا
المنن أكثـر مدارس الوطـن
وأجزل
الأجر لمن يجري على هذا السنـن
وهب لنا
فيما تهب حسن الثياب في الطلب"
نلاحظ أن
المعنى الشعري قد سيطر على ذاكرة الشاعر فأعماه عن
النسج الشعري الجيد.. وجعل تصنعه ساذجا وإراديا لا شعرية فيه، إلى درجة أن المخيلة
الشعرية عطلت بصورة كاملة، ومع أن أحمد شوقي لا أحد يشك في قريحته وشاعريته ودلائل
قدرته الشعرية لا يمكن الطعن فيها على الإطلاق فمثل هذه المقولات الكلامية كثيرة في
شعره.. والسبب الرئيسي في مثل هذه الوقائع النصية يرجع إلى انسياق الشاعر كليا خلف
الدلالة الموجهة بطريقة استهلاكية.. القصد من ورائها المواجهة الحادة لأطراف
اجتماعية ومباركة مواقف اجتماعية أخرى، وربما كان شوقي أصيب بإحباط نفسي وهو يقرأ
في قبره هجاءه المتسرع اللاذع في شخصية وطنية مثل أحمد عرابي33)
صغار في
الذهاب وفي الاياب أهذا كل شأنك يا عـرابـي؟
عفا عنك
الأباعـد
والأداني فمن يعفو عن الوطن المصاب
يبدو
المعنى الدلالي طاغيا على المعنى الشعري بشكل واضح. فقد كان
التحامل على احمد عرابي من قبل شوقي قاسيا ومفتعلا لا لسبب إلا لأن عرابي لم
يكن الخديوي راضيا عليه إثر عودته من منفاه ولأن شوقي كان واحدا من الحاشية
الخديوية، فقد انصاع في تعبير دلالي ساذج إلى ذم المحمود.. غير واع بخطورة الموقف
ومسؤليته الأدبية أمام التاريخ. ولو تصرف انطلاقا من حسّه الشعري العميق ما كان
لينزلق في هذا المنحى الإجرائي التعبيري .. وهو اجراء لغوي عرف في الشعرية العربية بغرض
الهجاء . ورغم أن شوقي كان قويا في نزعته الانسانية، غير ميال الى الهجاء
حسب ما كان يروى عنه(34) إلا أنه وقع في المعنى التقريري الحاد. وفتح على نفسه
بابا هو في غنى عنه خاصة وهو صاحب قريحة ملهمة ليس من السهل أن يداخلها المعنى غير
الشعري.
مثل هذه
الاجراءات الدلالية التي تكسر شعرية الشاعر نلمسها عند شعراء
الصنعة قديما، مثلما نجدها عند الشاعر الاديولوجي الذي تسيطر عليه النزعة
الاديولوجية أو الدينية أو المصلحة.. وهذه الملاحظة الدلالية النقدية ثابتة في مقولات
وسير شعراء لا حصر لهم وما احمد شوقي سوى عينة بسيطة. ومن بين ما جاء في هذا
الشأن معارضة الخراز لأبي نواس قوله35)
إن الرسول
الذي أتاك بما أتاك عني قد حرّف الكلما
الركاكة
واضحة والمعنى تقريري مكشوف ينحو فيه
الشاعر إلى إجراء لغوي تسجيلي محاكي للغة الاعتيادية. والاجراء المتحكم في
مجرى الكلمات لغوي بحت لا أدبية فيه..
وفي
احيان
كثيرة يخلط الشعراء بين الاجراء اللغوي والاجراء الشعري وتبلغ اللغة
المعيارية
مداها كما تبلغ الشعرية مداها في الوقت نفسه، نلمس ذلك في قول أبي
نواس36)
دع الاطلال
تسفيها الجنوب وتبلى عهد جدتها الخطوب وخل لراكب الرمضاء أرضا تخب بها النجيبة
والنجيب
ولا تاخذ
عن الاعراب لهوا ولا عيشا فعيشهم جديب
إذا راب
الحليب فبُل عليه ولا تحرج فما في ذاك حوب
فالمبالغة
هنا دلالية محضة، لأن أبا نواس كان
يوجه خطابه الجاحد لناكر للتقاليد الشعرية العربية، وهو الغارق في سلطان الخمر. الأمر
الذي جعله يخلط بين المعنى الشعري والمعنى التقريري بشكل جعل المعنى الدلالي
استفزازيا.. خارج طبيعة اللغة الشعرية الصادرة عن حسٍّ شعري صادق مع الذات، نابع من
معاناة الشاعر وثورته على التقاليد الشعرية العربية. غير أن ذلك لم يكن إجراء
شعريا بقدر ما كان إجراء دلاليا لغويا فحسب إذ الوقوف على الحانات بدل الوقوف
على الأطلال هو مجرد تغيير في الموضوع لا في الطريقة الفنية كما يقول الدكتور يوسف بكار(37) .
إن الدلالة
الشعرية التقليدية عادة ما كانت تميل إلى المصارحة والإعلان
عن المعنى بلغة عارية مكشوفة. وفي الغالب كان الشاعر يرصد حقيقة ما ويسجل
الموقف ثم يجمع شتيلة من الكلمات والأصوات وينظمها تنظيما يصل عند بعض الشعراء إلى
مستوى الحكمة التقنية العالية، وعند شعراء آخرين يكون فاترا أو مجرد صناعة لغوية.
وكثيرا ما كان الشعراء يجمعون مجموعة من الكلمات على نحو منظوم شبيه بالاستعراض
اللغوي لكلمات معينة تشترك في أصوات معينة أو روي واحد، يتناسب طرديا مع الموقف على
مراحل، مما يجعل القصيدة عبارة عن محاور دلالية لا رابط بينها. الأمر الذي نحا
ببعض الدارسين إلى وصف الشعر التقليدي بأنه شعر تنعدم فيه الوحدة العضوية(38)
وجاء تعريفهم للقصيدة من القصد وهو ما تم شطر أبياته أو شطر أبنيته(39). ويذهب ابن
رشيق إلى أن اشتقاق القصيدة من قصدت إلى شيء وكأن الشاعر قصد إلى عملها على تلك
الهيئة(40) بمعنى أن الشاعر يبذل جهدا لغويا يخضع اللغة لإجراءات يراها هو مناسبة
لوجدانه الشعري، أي يسمح له بإنتاج دلالات محددة أو مفتوحة على نحو مباح.
وكانت
عملية خلق القصيدة خاضعة لترتيبات نفسية إجرائية لغوية خاصة عند مجمل التراثيين،
لأن القصيدة في تصوّرهم لا تأتي بشكل عفوي فإذا أراد الشاعر-حسب ابن طباطبا- بناء
قصيدة، "مخض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره ونثره، وأعدّ له ما يلبسه
إياه من الألفاظ التي تطابقه و القوافي التي توافقه والوزن الذي يسلس له القول عليه،
فإذا اتفق له بيت يشاكل المعنى الذي يرومه أثبته، واعمل فكره في شغل القوافي بما
تقتضيه من المعاني على غير تنسيق للشعر وترتيب لفنون القول فيه، بل يعلق كل بيت يتفق
له نظمه على تفاوت ما بينه وبين ما قبله، فإذا كملت له المعاني وكثرت الأبيات وفقّ
بينها بأبيات تكون نظاما لها وسلكا جامعا لما تشتت منها، ثم يتأمل ما قد أدّاه إليه
طبعه ونتجته فكرته، فيستقصي انتقاده ويرُمّ ما وهى منه ويبدّل بكل لفظة مستكرهة لفظة
سهلة نقية، وإن اتفقت له قافية قد شغلها في معنى من المعاني، واتفق له معنى آخر
مضاد للمعنى الاول وكانت تلك القافية أوقع في المعنى الثاني منها في المعنى الاول،
نقلها الى المختار الذي هو احسن، وأبطل ذلك البيت أو نقض بعضه وطلب لمعناه قافية
تشاكلُه، ويكون كالنساج الحاذق الذي يفوق وشيهُ بأحسن التفويف ويسديه وينيره، ولا يهلهل
شيئا منه فيشينه، وكالنقاش الرفيق حتى يتضاعف حسنه في العيان، وكناظم الجوهر الذي
يؤلف بين النفيس منها والثمين الرائق، ولا يشين عقوده بأن يفاوت بين جواهرها في
نظمها وتنسيقها وكذلك الشاعر.. <<(41).
يحدد هذا
النص التراثي النقدي جملة الاجراءات التعبيرية والدلالية التي تخضع لها عملية انتاج
القصيدة بدءا بلحظة المخاض وحتى اكتمال القصيدة. وطبيعي فإن هذه الاجراءات خاصة جدا بعمود
الشعر.. ولا علاقة لها بالاشكال الشعرية الجديدة ويمكن تلخيص هذه الاجراءات كما
حددها ابن طباطبا(42) في الوحدات التالية:
1-تحديد
المعنى الشعري في صورة نثرية فضفاضة ومخضه في فكره.
2-اعداد
الالفاظ
المناسبة المطابقة للمعنى الشعري الذي مخضه الشاعر في فكره.
3-اعداد
القوافي
الموافقة للمعنى الشعري الذي مخضه الشاعر في فكره.
4-اعداد
الوزن الموافق للمعنى الشعري الذي مخضه
الشاعر في فكره والذي يسهل سريان القول الشعري على منواله.
5-اثبات
البيت المشاكل للمعنى الشعري الذي مخضه في فكره مع بذل جهد فكري
في اختيار
القافية التي تتوافق مع النسق الشعري، وتعليق كل بيت يأتي مخلا بالنظام
العام أو
مخالفا لما قبله أو ما بعده من الابيات حتى لا يتشتت النظام الشعري ويبقى
مجتمعا.
6- تأمل
أداءات النص لاكتشاف المطبوع من الكلام والمتكلف منه، وحتى تكون
عملية
التأمل نقدا جادا لا بد من النظر بمهارة في تجانس القوافي أو عدم تجانسها،
وفي توافق
المعاني وعدم توافقها، وفي مدى الإيقاع الذي تنتجه قافية في معنى دون
آخر.
وامكانية استبدال قافية بأخرى أحسن تشاكل البيت قبله في ذلك مثل النساج حتى لا
يبدو
النسيج مهلهلا بل يجب ان يكون ثمينا رائقا منتظما متناسقا. وهذا المعنى
الدلالي
الذي يرسمه ابن طباطبا لا يكاد يختلف في رسالته عن أبي هلال العسكري حين
يقدم تصوره
النقدي للدلالة الشعرية ويجسد حدودها وتقنياتها الاجرائية.
يقول أبو
هلال
العسكري: "إذا أردت أن تعمل شعرا فاحضر المعاني التي تريد نظمها فكرك،
وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزنا يتأتى
فيه ايرادها وقافيه يحتملها، فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية لا تتمكن منه في
أخرى أو تكون هذه أقرب طريقا وأيسر كلفة منه في تلك ولأن يعلو الكلال فتأخذه من
فوق فيجيئ سلسا سهلا ذا حلاوة ورونق خير من أن يعلوك فيجيئ كزّا فجا ومتجعدا
جلفا، فإذا عملت القصيدة فهذبها ونقحها بإلقاء ماغث من أبياتها ورث ورذل، والاقتصاد
على ما حسن وفخم، بإبدال حرف منها بآخر أجود منه، حتى تستوي أجزاؤها وتتضارع
عواديها وأعجازها.(43).
الطرح الدلالي
يعتمد –كما هو محدد- مفهوما إجرائيا نقديا محضا،
يضع فيه جملة القوانين التي تقتضيها الدلالة الشعرية من منظور تراثي ويمكن حصر
هذه القوانين فيما يلي:
1-احضار
المعنى.
2-ربط المعنى
بالوجدان.
3-انتقاء
الوزن المناسب، والقافية الدالة خاصة وان هناك من الكلام المنظوم
ما تناسبه قافية ما فيكون دالا ومنه ما لا يتناسب دلاليا مع هذه القافية أو تلك
وهناك القريبة من النفس الميسّرة لاستقبال الدلالة لأنها تجعل الكلام الشعري سلسا
سهلا مرنا حلوا، بعيدا عن التعقيد والتنافر والحشو.
4-تقتضي
عملية الانتقاء للوزن والقافية تهذيب القصيدة وتنقيحها من حيث
التنازل عن
الابيات غير المتوافقة دلاليا مع النسق الشعري بسبب قدم المعنى أو
وحشيته،
والاكتفاء بالأبيات الدالة دلالة حسنة قوية متجانسة، ولهذا يعمد الشاعر الى
ابدال حرف
بآخر أدل من الأول حتى يكون النسق الشعري متجانسا متناسقا متكافئا
منتظما.
وهذا يعني أن أبا هلال يركز على الأهمية الدلالية التي يقتضيها الاجراء
الصوتي
الشعري. وهو ما يمكن ملاحظته في انساق شعرية شديدة الحساسية والاثارة والبعد
الدلالي من
خلال فحص دلالي لقصائد تراثية أوحديثة انطلاقا من نسيجها الصوتي الذي
أصبح يشكل
هاجسا نقديا في الدراسات الأسلوبية على وجه الخصوص.
المدلول
الشعري في
قصيدة الصباح الجديد
قراءة
أسلوبية صوتية لقصيدة الصباح الجديدة
جاء تتبعنا
الدقيق لقصيدة أبي القاسم الشابي التي عنوانها (الصباح الجديد) في
سياق نقدي
نسعى من خلاله كشف ما يمكن من المفاتيح الأسلوبية التي تساعد على فك مغاليق النص الشعري
المعاصر كما تساعد على اكتشاف أسراره الدلالية وقوانينه التعبيرية باعتباره أثرا
يجمع بين وضوح الرؤية وبساطة اللغة ورومانسية الإيحاء. وفيما يلي نقترح قصيدة
الصباح الجديـد لأبي القاسم الشابي نموذجا تطبيقيا لتحديد بعض الماهيات الأسلوبية
الدلالية التي ترتبط بجملة من القيم الشعرية والتي جاء نصها على النحو التالي:
أسكني يا
جـراح واسكتي يا شجـون
مات عهد
الـنواح وزمـان الـجنـون
و أطل
الـصـباح مـن وراء القـرون
في فجاج
الحـياة قـد دفنـت الالـم
ونثـرت
الدمـوع لـريـاح الـعـدم
واتخـذت
الحـياة معزفـا للنغــم..
أتغــنى
علـيـه في رحـاب الزمان
وأذبـت
الأســى في جـمال الوجود
ودحـوت
الفـؤاد واحــة للنشــيد
والضيا
والظـلال والشذا والــورود
والهوى
والشباب والمـنى و الحنـان
أسكني يـا
جراح واسكتي يا شجـون
مات عهـد
النواح وزمـان الـجنـون
وأطـل
الـصبـاح مـن وراء القـرون
في
فؤادي
الرحيب مـعبـد للجمــال
شيدتــه
الحـياة بالـرؤى والخـيال
فتـلوت
الصـلاة في
خـشوع الظلال
وحرقت
البخــور وأضـأت الشمـوع
ان سحـر
الحيـاة خـالـد لا يـزول..
فعـلام
الشـكـاه في ظـلام يحــول
ثم يـأتي
الصـباح وتمر الفصـول ..؟
سوف يأتـي
ربيع إن تقـضي ربيـع..
أسكـني يا
جـراح واسكتي يا شجـون
مات عهد
النـواح وزمـان الجنــون
وأطـلّ
الصبـاح من وراء القــرون
من وراء
الظـلام وهــدير المـياه..
قد دعاني
الصباح وربيع الحيــاة...
يالـه من
دعــاء هز قـلبي صـداه..
لم يعـد
لـي بقاء فوق هذي البقـاع
الوداع...
الـوداع يا جـبال الهموم...
يا ضـباب
الأسى يا فـجاج الجحيـم
قد جرى
زورقي في الخضم العظيم..
ونثـرت
القـلاع الوداع…الـوداع !
تشير
القراءة الصوتية الدلالية الى طبيعة المدلول الأسلوبي الذي يحمله النص
كشحنة
دلالية منبثقة عن محور صوتي دال من خلال متابعة إحصائية بسيطة لمجموعة الحروف
البارزة
والمنتشرة بشكل بالغ الى درجة ما عبر نسق النص أو عبر ما يمكن ان نسميه
المسافة
الدلالية للنص (Distance signification du Texte) والتي تبدو فيها بعض
الحروف
مثبتة لغرض دلالي ترميزي يتعمده الشاعر، وهو ما يعني أن الحرف في حدّ ذاته
لا يتخذه
الشعر اعتباطا، بل هو جوهر دلالي في النص والحيز الذي يتخذه الحرف ذو بعد
دلالي مثله
مثل الحيز الذي يتخذه دلاليا اللفظ والجملة والنص … !(44)
هذا
الإجراء
الصوتي ليس ظاهرة جديدة في الشعر العربي الحديث أو المعاصر، بل هو ظاهرة
موغلة في
القدم إلى حد كبير. وقد أشار الدارسون الى الأهمية البالغة من الوجهة
الدلالية
والتي يكون فيها الصوت على درجة عالية من التأثير الدلالي في مجرى القول
الشعري وقد
أوضح ذلك
ابراهيم
أنيس في كتابه الأصوات اللغوية(45). ولأهمية النص من الناحية المعرفية نسوقه كما
ورد على أن نتخذ منه منطلقا معرفيا بعد ذلك. يقول الدكتور ابراهيم أنيس
>> برهنت التجارب الحديثة على ان الانسان حين ينطق
بلغته لا
يتبع درجة صوتية واحدة في النطق بجميع الاصوات، فالاصوات التي يتكون منها
المقطع
الواحد قد تختلف في درجة الصوت وكذلك الكلمات قد تختلف فيها. ومن اللغات ما
يجعل
لاختلاف درجة الصوت أهمية كبرى. اذ تختلف فيها معاني الكلمات تبعا لاختلاف
درجة الصوت
حين النطق بها. ومن أشهر هذه اللغات اللغة الصينية. إذ قد تؤدي فيها
الكلمة
الواحدة عدة معان، ويتوقف كل معنى من هذه المعاني على درجة الصوت حين النطق
بالكلمة
ويمكن أن نسمي نظام توالي درجات الصوت بالنغمة الموسيقية... والبحث عن نظام
درجات
الصوت وتسلسله في الكلام العربي يحتاج الى عون خاص عن الموسيقيين...<<(46)
إن اتخاذ
هذا التحليل الصوتي سندا معرفيا يجعلنا نقف عند نص "الصباح الجديد"
على أنه عينة دلالية صوتية تمثل فيها كل كلمة مدارا دلاليا،
وأعمق من
ذلك فان كل حرف له دلالته السياقية الصوتية، وأعمق من ذلك كله أن جملة من
الحروف
تبلغ درجة أبلغ وأوسع في الاستعمال وورودها نابع من دلالة وجدانية تسيطر على
سجية
الشاعر لغويا وتدفعه إلى نمط من الإيقاعات الصوتية الدالة التي تصب ضمن قاموس
صوتي دال
هو الذي يغرف منه الشاعر. وتبدو مهارة الشاعر الفنية قوية في اختياره لهذه
الأصوات
لتتطابق مع المحور الدلالي وفي موضعته لهذه الأصوات وتوزيعه لها. مما يؤكد
وجود هذه
النزعة اللغوية الصوتية الوجدانية لدى الشعراء، وما ميل الشابي في سياقه
النصي
(الصباح الجديد) إلى نمط من الأصوات إلا وسيلة إجرائية اعتمدها الشاعر ليكون
أكثر دلالة
وتجسيدا للمعنى المسيطر على ذاكرة الشاعر. ومثل هذا الاجراء الدقيق في
عملية
النظم الشعري يكشف عن الهوية الدلالية
للنص، وهي
تشكل محورين متناقضين لا ثالث لهما بهذا الشكل: الذي ينبني
على ثنائيتين متضادتين. يلتقي فيهما مع بدر شاكر السياب الذي كانت تسكنه فكرة
الخلاص والصراع بين الموت والحياة. الأمر الذي جعل شعره يتبلور ضمن هاتين الثنائيتين
المتضادتين اللتين كان ينبثق منهما إحساس الشابي الشعري (47)
الحياة¹ الموت الموت ¹الحياة
الصباح
الفاني الصباح الابدي
مؤلم مـؤلم جميل¹جميـل
يشير
المخطط السابق إلى المفارقة الدلالية التي ينبني عليها إيقاع
النص عبر ثنائيات لغوية متضادة مفارقة لبعضها تكشف في دلالتها عن الحس المأساوي
العميق الذي يتجذر في أنفاس الشاعر وهو إحساس يعبر عن الفناء في الحياة إلى درجة الموت
والفناء في الموت إلى درجة الهوس لأنها الحل الوحيد لمأساة الشاعر الحضارية
والوجودية والفلسفية والكونية وهو ما يجسد نصيا من خلال الاسترسال الشعري في مجرى
القول من خلال صيغتين تفارقان بعضهما البعض وتكملان وجها واحدا لدلالة معقدة:
أطل الصباح¹مات عهد النواح
تمثل علامة
(ضد) حالة الارتباك الفلسفي الوجودي العميق
حيث يرتبط النواح بالحياة الفانية التي عرف فيها الشاعر كل أسباب الألم .. ورغم ما
فيها من متعة إلا أن إطلالة الصباح الجديد.. أو عالم الآخرة، بما فيه من راحة
وسكينة وطمأنينة تحيل الشاعر إلى تبني فلسفة وجودية حادة مناقضة للمألوف يقف فيها الشاعر
مشدودا إلى لحظة مقدسة مقتنعا بأن سحر الحياة خالد لا يزول، بل هو أعمق وأطهر
من العالم الدنيوي، لذلك لا مجال لليأس – يقول الشاعر- وكأني به كان يردد بتسبيح
عارم كل الآيات القرآنية التي تصف بجلال جنة الخلد: في قوله تعالى: "كلاّ
إن كتاب الأبرار لفي عليين، وما أدراك ما عليون، كتاب مرقوم، يشهده المقربون، إن
الأبرار لفي نعيم، على الأرائك ينظرون، تعرف في وجوههم نظرة النعيم، يسقون من رحيق
مختوم، ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ومزاجه من تسنيم، عينا يشرب بها
المقربون" المطففين الآيات 18-22.
إن هذه
الروح الشعرية الشابية على شفافيتها..
وتجانس معانيها، وانتظام وحداتها اللفظية وقوتها على التجسيد الدلالي على نحو
تركيبي لفظي دلالي، تبدو إيقاعيا وصوتيا مبررة أيضا.. وتجري على نفس الوتيرة الدلالية.
ويسمح نص الصباح الجديد بمعاينة البؤر الدلالية (Les points semantiques) الكامنة في النص من الوجهة
الأسلوبية الدلالية. هذه البؤر الدلالية هي مجموعة حروف يتكرر أو
يتعدد ورودها في القصيدة الصوتية ومن الممكن اتخاذها مفاتيح إجرائية لتفسير
وتحديد الوجهة الدلالية والوجهة الأسلوبية اللتين يتوخاهما الشاعر مما يسمح بتحديد
الأبعاد الوظيفية لتلك المفاتيح من الناحية الإجرائية الأسلوبية التي ينبني
عليها النسق الشعري في بنيته الشمولية التي يتبلور فيها ككيان فاعل متفاعل وقد تفطن
لذلك تمام حسان عندما قدم تساؤله النقدي الألسني: "هل يحق للأديب أن يبتدع صوتا أو
أداة أو كلمة أو ضمير أو صيغة صرفية أو تركيبا لم يسبق إليه؟ وهل يقبل أن يرتكب بعض
المفارقات المعجمية فيسند اسما إلى غير من هو له فيقول مثلا "مات الحجر"
أو "راح الخشب" وإذا فعل شيئا من ذلك فما موقف الناقد من
الأديب؟ إن
من الصعوبة بمكان ـ يضيف تمام حسان ـ أن نسوق جوابا إما إيجابا وإما
نفيا لأن
كل مفارقة لجادة الصواب… "تتطلب نظرة خاصة وجوابا خاصا… بحيث تعد خطأ في
بعض الظروف
ورخصة مقبولة في بعضها الآخر، وتحتسب خطأ من أديب وابداعا من أديب آخر
قد يكون
أكثر من الأول في مهارة التعبير وخبرة بطرق الأداء اللغوي … "(48) وهذه
مسألة حفلت
بها الدراسات النقدية واللغوية على حد سواء، وقد كان موضوع الضرورة
الشعرية
أحد هذه التراخيص التي اعترف بها اللغويون والأدباء على حد سواء(49) ومما
يلاحظ أن
الشعراء كانوا أكثر الناس قدرة على الخروج على المعايير
اللغوية في
الحدود الممكنة وكثيرا ما كان المتنبي يشغل الناس بتعابيره حتى أنه كان
يتبناها على الملأ كله50)
أنام ملء
جفوني عن
شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم
وكثيرا ما
عدّت هذه المفارقات اللغوية في أساليب الشعراء من
دلائل القدرة الشعرية. لذلك نجد الشعرية العربية الجديدة تركز على هذا الخاصية
الأسلوبية من منطلق اعتبار اللغة الشعرية مرحلة متقدمة من الإنزياح اللغوي الذي
يصل إلى حد الخرق الصارخ وهو جانب مهم يحتاج إلى كثير من القراءات الأسلوبية التي
تقترب من جوانب التحول الدلالي في الشعرية العربية من خلال نماذج جديدة أو معاصرة
وحتى لا نبتعد كثيرا عن قصيدة "الصباح الجديد" نقترب
منها من
خلال مقاربة إحصائية للحروف التي تعدد ورودها فيها والتي نراها نموذجا
صوتيا
ودلاليا وننطلق في تحليلنا الإحصائي للحروف المتعددة الورود في نص "الصباح
الجديد"
انطلاقا من العنوان وامتدادا إلى آخر حرف في القصيدة، على اعتبار أن النص
هو وحدة
أسلوبية صوتية شمولية متناسقة ودالة من شأنها أن تسمح لنا بالوقوف على
القيم
الأسلوبية الدلالية التالية، التي يكشفها هذا الجدول التوضيحي في الصفحة
الموالية52)
الحرف
الوارد في قصيدة: الصباح الجديد معدل ورود كل حرف في قصيدة: الصباح الجديد.
الطبيعة اللسانية للحرف المتعدد الورود في قصيدة: الصباح الجديد (المخرج والصفة)
الوظيفة
الدلالية الاسلوبية للحرف المتعدد الورود في قصيدة: الصباح الجديد
حرف النون
في قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف النون في قصيدة: الصباح الجديد
بمجموع أربعين (40) مرة
صوت مجهور
بين الرخاوة والشدة، سريع التأثر بما
يجاوره من الاصوات . حرف بالغ الانتشار عبر النص، يعبر عن إحساس متصاعد الألم،
ورغبة كبيرة في نهاية الحياة المظلمة وبداية الحياة الابدية وهو يرتبط بكلمات مثل
شجون، سكون، قرون، النواح، دفنت "وهو حقل الحزن المبرح والبكاء الصامت مقابل
كلمات مثل: نشيد، أتغنى، المنى التي تمثل حقلا يمكن أن نسميه نبض الحياة بما فيها من عطاء
زائل مغري إلى حد الذوبان .
حرف الميم
في قصيدة:
الصباح الجديد ورد حرف الميم في قصيدة: الصباح الجديد بمجموع اربعة
وثلاثين(34)
مرة
صوت مجهور،
لا هو بالرخو ولا بالشديد من الأصوات المتوسطة، أقل تأثرا بما يجاوره من الأصوات،
مخرجه الشفتان يرجع الى الخياشيم لما فيه من غنه تجعله يسمع مثل النون. وحسب
الألسنيين فإن حرف الميم صامت مجهور شفوي (=شفتاني) أغن خلافا للنون في العربية فهو حرف
صامت مجهور سني أغن. يأتي وروده في الدرجة الثانية ويعبر عن سلسلة الالام المبرحة
التي يعيشها الشاعر والتي ضاق بها ذرعا لذلك ترتبط بكلمات تستشف سياقيا حتى دون
استعمالها مثل مرض، مأساة، مواساة، محن، مكتوب، ملل، مآب، مات، الألم، العدم، ظلام،
الهموم مقابل ذلك هناك كلمات تدل على التفاؤل مثل: المنى، زمان، المياه، الخضم،
العظيم، النغم. ويلاحظ بعض الدارسين أن
اجتماع الميم والنون فيه إيحاء بالصغر ويدخلونه
ضمن المؤكدات الصوتية فيه كما ترتبط الميم بالموت ترتبط النون بالنهاية الحتمية
ومثلما ترتبط الميم بالميلاد ترتبط النون بالنور الإلهي وتلك مفارقة دلالية تبوح
بها فجوات النص ومؤشراته الأسلوبية التعبيرية منها والمعجمية ودون شك فإن للغنة
الكامنة في كل من الميم والنون وظيفة دلالية اسلوبية تعبر عن إحساس بالمحنة.
حرف الدال
في قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف الدال في
قصيدة:
الصباح الجديد بمجموع تسعة وعشرين (29) مرة صوت شدسد مجهور، أو هو
صامت
انسدادي ذولقي –نخروبي مجهور فمي، غير مطبق.
صوت صامت
مجهور سني انفجاري يتوزع هذا الصوت في النص بشكل
متواتر يحمل في ايقاعاته نبرات ذلك الاحساس المتمثل في التعلق بالحياة الدنيا من جهة
والقناعة اليقينية في تركها هربا لما فيها من دموع. وكل الكلمات التي ورد فيها
حرف الدال تعبر عن هذا الصراع بين الدنيا الفانية والدنيا الابدية: ورود، عهد،
دموع، دفنت، وجود، عدم، شيد، معبد، نشيد، صدى، دعاني، دعاء، وداع، فؤاد، خالد.
حرف الحاء
في قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف الحاء في قصيدة: الصباح الجديد بمجموع
سبعة وعشرين (27) مرة من الخصائص اللسانية لحرف الحاء السعة والانبساط وهو صوت
مهموس، صامت احتكاكي، حلقي يناظر العين، مخرجها واحد يعبر حرف الحاء ومن خلال وروده في
النص عن عمق حزن الشاعر على مفارقته للحياة، بل ويعبر عن نهاية حزن الحياة
الدنيا، وقد كثر وروده لارتباطه بالحلق المكان الذي تصدر عنه الكلمات، باعتباره مكانا
للبوح واصدارما في القلب وكل الكلمات المعتمدة شعريا ترتبط بهذه الدلالة: الجراح،
النواح، الصباح، الحياة، رحاب، رحيب، واحة، الحنان، حرقت، حر، الجحيم، يحول، وهي
كلمات تعبر عن سعة صدر الشاعر، وانبساطه وانتظاره للصباح الجديد..عالم الخلد
وكلماته تدل بوضوح على هذا المنحى الاسلوبي.
حرف
العين في
قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف العين في قصيدة: الصباح الجديد بمجموع واحد
وعشرين
(21) مرة صوت متوسط بين الشدة والرخاوة، مجهورمخرجه وسط الحلق، قريب من
الميم
والنون واللام تناظر الحاء في المخرج. الفرق بينها وبين الحاء أن الحاء مهموس
والعين
مجهور. وبتعبير آخر العين صامت حلقي، احتكاكي مجهور. تشترك الكلمات التي يرد
فيها حرف
العين في عمق شعور الشاعر أسلوبيا بهول الرحيل (وداع،دموع،عهد،عدم،معبد،دعاء،لم
يعد،القلاع،ربيع،البقاع) وهو شعور منعزل يعبر عن رغبة الشاعر الدفينه في الانكفاء
والانطواء و الهروب من الآلام الدنيوية الى الراحة الابدية ... في احساس سلبي متمرد
ضعيف لا يكاد يحمل طموحا دنيويا على الاطلاق، وكأني بالشاعر قد تأكد من مصيره
المحتوم وهو الرحيل وهو جانب مهم في شخصية الشاعر وقد أثار جدلا نقديا واسعا ويمكن
اعتبار دراسة حمادي صمود عينة في هذا الشان (*)
حرف الجيم
في قصيدة: الصباح الجديد حرف الجيم في قصيدة: الصباح الجديد صوت
مجهور، حرف
مرقق، مخرجه وسط الفم، عند القاهريين خال من التعطيش خلافا للسوريين
الذين
يبالغون في تعطيشها وينطق الجيم(دالا) عند أهالي صعيد مصر.
*معظم
المصريين
ينطقون بها شديدةلا يشوبها شيء من الرخاوة ومخرجها في نطقهم أقصى الحنك،
وهي عند
المغاربة كثيرة التعطيش خالية من الشدة
*يميز
الدكتور ابراهيم أنيس بين ثلاثة أنواع من حرف الجيم: الجيم
المصرية الشديدة خالصة الشدة، والجيم الفصيحة وهي المزدوجة من الشدة والرخاوة.
والجيم الشامية الخالصة الرخاوة ومخرج النوعين الاخيرين وسط الحنك.
*الجيم
العربية الفصيحة بإجماع علماء العربية القدماء من الأصوات المرققة ولا تكاد ترد في
كلمة من اصوات التفخيم التي هي الصاد، القاف،الطاء، في كلمة عربية ولذلك
اعتبرت كلمات مثل منجنيق، صولجان، طاجن، كلمات أعجمية وفي أكثر الحالات فان
الجيم العربية ترد مع الحروف المرققة من الكلمات التي فيها (جيم).
*يذهب
القدماء الى أن الجيم حرف شديد ويجعلون مخرجه وسط الفم مع
الشين.
ويقول ابن جني حروف أقصى اللسان القاف والكاف والجيم وهذه لا تجتمع البتة. وهذا يعني أن الجيم العربية
الأصلية يجب ان تكون خالية من التعطيش وان كانت معطشة قليلا تكون صفة طارئة
*يضع محمود
السعران في كتابه علم اللغة/ مقدمة للقائ العربي: حرف الجيم ضمن حروف
القلقلة (قد طبج) وحسب هو تتميز الجيم القاهرية خاصة بخاصية لسانية انفجارية وهو ما
يعني ارتباط جيم الشابي بالجيم العربية الفصيحة. انطلاقا من سياق النص وتبعا
للكلمات التي احتوت حرف الجيم مثل جون، جنون، جراح، فجاج، جمال، جرى، الوجود، جحيم،
تعبر عن حالة انكسار قصوى تبلغ درجة الجنون ولا أدل على ذلك من اعتماد الاسماء الى حد
بالغ على حساب الافعال (فعل واحد هو جرى) وهو بمثابة البشرى او لحظة الانفراج
بالنسبة للشاعر: قد جرى زورقي في الخضم العظيم.<< وربما كانت خاصية القلقلة
اللسانية على صلة بدلالة الانكسار العميق في النص.
فالشاعر لا
جناح له..لأنه أصبح يعيش حالة يأس إزاء عالم الدنيا وحالة
تعطش لعالم
الاخرة :الصباح الجديد
*-أنظر
دراسته الأشواق التائهة مدخل إلى شاعرية الشابي. فصول مج 6ع2
يناير، فبراير، مارس 86، الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة.
حرف السين
في قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف السين في قصيدة: الصباح الجديد بمجموع عشرة (10) مرات صوت
رخو مهموس، يختلف بعض الاختلاف في المخرج باختلاف اللهجات وحتى الافراد، أو هو صامت
مهموس لثوي احتكاكي يتكرر هذا الصوت بنفس المحور الدلالي من خلال كلمات محددة:
أسكتي، أسكني،الاسى، وهي حالة وجدانية تتضمن استغاثة بطيئة رتيبة، استغاثة من قاربت
نهايته وهو يصر على البقاء حبا في جمال الدنيا الذي تحول في داخله الى مطحنة أوجاع لا
تنتهي.
حرف الصاد
في قصيدة: الصباح الجديد ورد حرف الصاد في قصيدة:
الصباح الجديد بمجموع تسع (09) مرات يتكون بالطريقة نفسها التي يتكون بها السين إلا
أن فيه إطباقا. فالصاد صامت مهموس لثوي احتكاكي مطبق أي انه يتكون بالطريقة نفسها
التي يتكون بها السين إلا أن فيه إطباقا. يتكرر حرف الصاد من خلال كلمة الصباح
خاصة الى جانب كلمة الصلاة، الفصول. وهو معجم صوتي يدل على الشعور اليقيني الكبير
الذي ملأ وجدان الشاعر لينذر نفسه لعالم الآخرة وهي رؤية وجدانية للخلاص وأهمية
الخلاص وجمال الخلاص، ولحظة الخلاص القصوى تمثل بالنسبة للشاعر متعة لا حدود لها لأنها
راحة أبدية ليس من السهل استعابها ببساطة.
يلاحظ من
خلال السياق الصوتي للنص أن الأصوات الواردة بشكل مطرد تكاد تشترك مع بعضها في نفس
المعجم الصوتي. فالصاد ترد مثلا مع الحاء (الصباح) وتشترك الجيم والنون في سجون،
جنون، والجيم و الحاء في (جراح) وخلاف ذلك، وهو تصور دلالي تؤكده الدراسات الدلالية
والأسلوبية والنقدية الحديثة. والملاحظ أن الكلمات المركبة من أصوات متقاربة مثل
التي وردت في هذا النص تكون معانيها أيضا متقاربة كالكلمات التي فيها مضارعة حرفية
سواء كانت في حرف واحد أو في حرفين أو في ثلاثة وهي ( أز، هز) (عسف، أسف) (حمس،
حبس) (53). وهو ما يشار إليه بلاغيا بتجنيس المضارعة وهو إعادة لفظين بمعنيين
مختلفين بزيادة حروف أو نقصها أو قلبها أو تقاربها سمعا أو خطا(54) إلى جانب
ما يسميه ابن جني باسم تقارب الحروف لتقارب المعاني(55) وهو تصور يراه محمد
مفتاح أقرب الى الدراسات اللغوية الشعرية والى روح الدراسات المعاصرة وخاصة مفهوم
الاناكرام (Anagramme)(56) ويعنون به أن تكون
الكلمتان
مكونتين من الأصوات نفسها أو الخط نفسه، وهذه الخاصية الدلالية الأسلوبية
الصوتية
واسعة الانتشار في الشعرية الجديدة العربية خاصة عند درويش والبياتي
والسياب
وصلاح عبد الصبور وأدونيس. وقد بلغت حدا واسعا من الشيوع عند الشعراء الجدد
حتى أنها
أصبحت إجراء صوتيا أسلوبيا على درجة كبيرة من الاهتمام في الشعرية
العربية.
إجراءات
قراءة المدلول الشعري الجديد
إن تكرار
الأصوات والكلمات والتراكيب ليس ضروريا لتؤدي الجمل
وظيفتها المعنوية والتداولية ولكنه شرط كمال >> أو محسن << أو << لعب لغوي>>
ومع ذلك
فإنه يقوم بدور كبير في الخطاب الشعري...<<(57)
وخلاف ما
يذهب إليه محمد مفتاح من خلال النظرية الشكلانية نعتقد أن هذه
الإجراءات الصوتية والمعجمية والتركيبية ليست مجرد محسنات أو لعب لغوي بل هي وسائل
تقنية الهدف منها ممارسة أكبر قدر من التجاوب الدلالي. فالمعنى الذي يتشبع بروح
من المتعة والجمال لا شك أنه يكون أقدر على التأثير والتفاعل الدلاليين ،
الأمر الذي يسمح للنص أو الأثر من اكتساب وجدان المتلقي، وعليه فان ميل الشعر
الجديد إلى مثل هذه الإجراءات –المحسنةـ مرده دلالي محض، يقول أدونيس وهو أحد أقطاب
الشعرية الجديدة الذين وضعوا >>اللبنات الشعرية الجديدة<<
بما تحمله
من قيم دلالية أسلوبية إيجابية أو سلبية:
" كنت وأنا
أغني
أجعل
الهواء آنية للبخور
والغيوم
أهـدابا للأرض
والمطر
أجراسا وخواتم "الديوان/ص 249
بهذه
الطريقة يبنى النص ليجد نفسه بحاجة الى هامش يفسره من
خلال جملة من المعطيات المرجعية المعجمية، لاكتشاف البعد الأسطوري الذي يتأسس على
شخصية أورفيوس الخارق(58)، وهو ما يعني أن الشاعر ركز حدسه الشعري على المعنى
الدلالي من خلال تكريس دلالة ثقافية أسطورية. النص الشعري بهذا الشكل ثقافي الدلالة،
وليس وجداني الدلالة وثمة فرق شاسع بين الدلالة الشعرية الثقافية القريبة من
الدلالة الطبيعية، والدلالة الشعرية الوجدانية المرتبطة بالطاقة التخييلية. وهو
ما يجعل النص الشعري على بساطة ألفاظه مطبق المعنى مما يفرض علينا اللجوء الى اتخاذ
التكرار الصوتي أو المعجمي أو التركيبي وسيلة للتأويل الدلالي(59) لنكتشف أن
أسلوب الشاعر الدلالي يتميز بأنه مركب من شقين دلاليين:
حدث فعلي +
مـبرر دلالـــي
كنت وأنا
أجعل الهواء والغيوم أهدابا والمطر أجراسا
أغني آنية
للبحور للأرض وخواتم
فكأن الجمل
الثلاث هي تفسير دلالي للجملة الأولى
المبنية على نحو من التداخل السياقي النحوي (كنت+ وأنا أغني) يلعب فيها الشاعر باللغة
النحوية ويكسر طابعها. لأنه لم يقل كنت مغنيا. أو كنت أغني...
الإجراء
الأسلوبي هنا ليس صوتيا وإنما هو نحوي سياقي اكتسبت فيه الألفاظ موقعا في السياق العام
للجملة الشعرية التي تتشكل حلقتها الدلالية على نحو من التآلف والتتابع والتواتر
والتعقيد والكثافة الإيحائية التي تصل إلى حد الإبهام.. وهو ما يتداركه شاعر
آخر هو محمود درويش عندما يعتمد الوضوح الشعري إجراء دلاليا أسلوبيا من خلال هذا
التنسيق الذي يتكرر فيه صوت
الحاء بهذه
الصورة الدلالية الى جانب تكراره لأصوات
أخرى من السهل ملاحظتها واختبارها على نحو دلالي أسلوبي:
"أنــا ضــد
القصـيـــدة
ضد هـذا
الساحل الممتد من جرحي
الـــى
ورق
الجــــريــده
كثر
الحياديـون أو كـثر الرماديون
قال
البرتقـال أنا حيـادي رمـادي
وقال
الجرح: ما اصــل العقيـده؟
قلت أن
تبقى وأمشي فيك كي ألغيك ...
كــــي
أشفــيك مــــني
والسجن
يتسع... البحـــار تضيق
أشهد
أنني غطيته
بالصمت قرب البحر
أشهد أنني
ودعته بين الندى والانتحار "الديوان / ص398.
الإجراء
المعتمد في النص هو هذا التداخل العميق بين المفردات ووضعها في
رزنامة
كثيفة الإيحاء لكنها مرنة وسلسلة خلافا لجملة أدونيس، كل المركبات اللفظية
والتعبيرية
تتداخل وتتناسق و تشكل سياقا متلاحما.. ولهذا تأخذ الأصوات والكلمات
والتراكيب
التي تتكرر بعدا دلاليا نصيا مفارقا للمعجم اللغوي والعرف الشعري، فالحاء
مثلا إشارة
حسية صوتية إلى عمق البؤس والمأساة وإلى الرغبة في اكتشاف لغة الحرية من
خلال تفعيل
المفردات اللغوية وإكسابها معاني دلالية غير مألوفة لكن مبررة
سياقيا:
ضد القصيدة
ضد هذا الساحل
كثر
الحياديون كثر الرماديـون
قال
البرتقال
أنا حيادي رمادي
قال
البرتقال أنا حيادي رمادي
وقال الجرح
ما أصل العقيدة؟
أمشي فيك
كي ألغيك كي أشفيك مني
أشهد أني
غطيته بالصمت قرب البحر
أشهد أنني
ودعته بين الندى والانتحار
آلية
انتظام القول الشعري تنبني سياقيا، وتتشابك العناصر اللغوية
تشابكا ترميزيا إيحائيا لذلك لا يبوح الخطاب بمعناه وإنما يمارس إثارة من نوع
خاص لم نعتده في الخطاب الشعري التقليدي بمأثوره الدلالي.
فالماء ليس
هو الماء والبحر ليس هو البحر والضوء ليس هو الضوء.. المعنى كامن في الأصوات بما فيها
من تنغيم ونبر وإيقاع. وقد لا حظ اغلب الدارسين في أواخر القرن19 وأوائل هذا القرن
تلك الصلة بين الصوت والمعنى وقالوا إن كثيرا من الألفاظ ينشأ عن محاكاة الإنسان
لأصوات الطبيعة من خلال تلك العلاقة بين الحرف وما يرمز إليه من معنى(60) وقد جاء
حرف الحاء مرتبطا في رمزيته بالجرح الفلسطيني الضارب في أعماق التاريخ وهو يصب دلاليا
في جملة (أنا ضد القصيدة، أي ضد المدينة "الحضارة ").
من هنا فإن
النص الشعري (الصباح الجديد) وانطلاقا من عنوانه يبدو دالا على
التفاؤل
والانفتاح وهذا صحيح كما يشير بعض الدارسين(61) لكنه تفاؤل من فرط الألم. لأن الصباح الذي يتطلع إليه
الشاعر هو العالم الآخر. أي الخروج من عالم الدنيا بما فيه من ألم وحزن ووجع وأنين. إن
اشتداد الوجع الدنيوي الذي أنهك جسمه جعل الشاعر يفكر في صباح جديد هو بالنسبة له
الخلاص، لأنه يؤمن بأن العالم الآخر سيمنح روحه انتصارا وإشراقا وتفاؤلا. ومع حبه
العظيم لجمال الدنيا..فإنه صار مأخوذا إلى الحياة الآخرة التي تخلصه من العذاب
الجسماني الذي يعيشه. إن المرض الذي استبد به وهو الذي جعله يتطلع إلى صبح جديد ينير
روحه ويمسح ظلامها الدامس (قد دعاني الصباح) و(ربيع الحياة). الموقف الدلالي هنا يبدو
تعبيرا عن موقف طبيعي رومانسي وجداني، لكن ربط الطبيعة هذه بما بعدها يكشف
الهوية الدلالية التي يقدمها لنا الشاعر:
>>ياله من دعاء./ هز قلبي صداه./ لم يعد لي بقاء/ فوق هذي البقاع/ الوداع... الوداع / ياجبال
الهموم/ قد جرى زورقي/ في الخضم العظيم<</ فقد كبر إيمان الشاعر بالحياة الأخرى.
الحياة الأبدية التي تمثل خلاصه الجميل، يصرخ الشاعر، يئن لأنه مقبل على صبح آخر غير
صبح الحياة الدنيا. ألم صامت هو ما يبوح به الشاعر. وهو ما يمكن أن تترجمه دلاليا
الأصوات الكثيرة الورود في سياق النص و التي وقفنا عندها من خلال الجدول السالف خاصة
حرفا النون والميم.
وفي تراثنا
الشعري يمكن الوقوف عند نماذج شعرية يؤدي فيها
عنصر صوتي أهمية دلالية قصوى إلى درجة اعتماده محورا أو مفتاحا إيقاعيا دلاليا
مهما. من ذلك سينية أحمد شوقي التي يمثل فيها حرف السين ظاهرة صوتية أسلوبية متعددة
الدلالة وقابلة للتأويل الصوتي الدلالي الأسلوبي في شعره، ومثله يمكن اعتماد نص
الخنساء الشعري في رثائها لأخيها صخر. والدور الدلالي لصوت حرف (السين) واضح
الأثر في تحديد الهوية الدلالية لنص الخنساء في صورته الصوتية الشموليـة(62) ومن
المعلوم – حسب الدكتور عبد السلام المسدي- فإن اللغة هي ظاهرة صوتية، بالتالي
حدث منطوق مسموع قبل كل شيء، تنبني أساسا على مبدأ التقطيع والمقصود به أن الكلام
سلسلة من المقاطع الصوتية (63) وهو ما تؤكده الدراسات اللسانية الحديثة بشكل
دقيق، ولذا يأخذ الدارسون بعين الاعتبار طريقة المتكلم في النطق بها والتحليل
الصوتي للقذفات الصوتية كفيل بوصف وتمييز دلالات الكلام والوقوف على الخطاب
الشعري(64). هذا المنظور الصوتي الدلالي من شأنه أن يعطي نتائج هائلة، وهو جانب على درجة
من الأهمية النقدية ويمكن تتبعه من خلال القراءة الصوتية للفضاء النغمي بتعبير
الدكتور عبد السلام المسدي الذي تتشكل وفقه الجملة الشعرية الجديدة بوصفها طبيعة
أسلوبية دلالية ناجمة عن إجراءات مفارقة للإجراءات الشعرية التقليدية، وبما تتضمنه من
أيقونات نحوية وعناصر لامعقولة وانكسار لا محدود للروابط من ضمائر وأدوات عطف
وظروف، ناهيك عن التشكل الدرامي والسردية التي تتداخل مع الشعرية… الخ. وهو ما يسمح به
تحليل مختلف الشواهد الشعرية البارزة في الشعرية العربية والتي يبرز فيها
الاستثمار الجديد للإجراءات التعبيرية والوحدات اللفظية والتنظيمات الصوتية الإيقاعية
التي تمثل علامات دلالية من شأنها أن تبرز شعرية النص الجديد وتحدد معالمه.
الرؤية
الدلالية الجديدة
في الشعر
العربي المعاصر
الملاحظ أن
الشعرية العربية الجديدة بفعل الرؤية الحداثية قد فجرت كيان البيت الشعري وأطلقت للشاعر
الفضاء النغمي (65) بما لم يكن يتسنى لقائل الشعر من قبل ولا لصائغ الشعر العمودي
اليوم.." إن الشعر الخليلي لا يستقيم إلا على دعامة هي كالأسّ في البناء المعماري
–يقول المسدي- وهذه الدعامة هي عمود البيت السكني ولذلك سمي الشعر منسوبا إليها
فقيل، هو شعر عمودي وهي تسمية متأخرة في الزمن إذ لم تظهر الحاجة إليها إلا عندما تصور
الناس أن الشعر يمكن أن يبنى على غير ما كان عليه، ولولا ذلك لما كانت حاجة في
أن ينعت الشعر بنعت يخصه إذ الشعر كما عرفه أهله هو الشعر وكفى" (66) ويضيف
الدكتور المسدي: >>ومن خصائص ذاك الشعر العمودي أن
البيت هو
وحدته الأدائية فهو الركن البنائي من حيث هو حدث منطوق ومسموع، أو لنقل إن
أدائية
الشعر الخليلي وبالتالي مقروئيته وسماعيته لا يتحدد جوهرها إلا في نطاق
البيت لأن
اللبنة المتجانسة في بناء صرح القصيدة وهو بذلك وحدتها الإيقاعية لمن
يتلو الشعر
وهو أيضا وحدتها النغمية لمن يصغى إلى تلاوته.... ان البيت في الشعر
العمودي
سياج فني له ضوابطه وحدوده لذلك كان قوامه الوزن وقوامه كل وزن تفعيلاته
سواء
أتماثلت أم اختلفت وفي خدمة هذا السبيل كان من معايير الشعر اتحاد قوافيه
ونشطار
أبياته الى مصراعين يواكب الإلهام الإبداعي عند الإفضاء بالشعر ولكنه يسيطر
مسلك
التتابع الإيقاعي والتوالي النغمي(67) هذا يعني ان البيت يأتي مكتملا داخل
سياجه..
بمعنى أن يكون مكتفيا ذاتيا أي ما يجعله يمثل في نهاية المطاف دليـلا
أدبيا(68).
وجملة هذه المسائل تحتاج إلى إيضاحات أكثر نتناولها في موضع آخر، مقابل
ذلك فان
الشعر الجديد >>يقوم على وحدة القصيدة لا البيت، ويقوم على فكرة أن
القصيدة
حالة فنية تؤخذ كاملة وتقرأ بوصفها كلا ّ، وأنها إن جزئت ضاع أثرها فهي
كاللوحة
للرسام لابد أن تراها كاملة حتى وإن تكونت من عناصر أولية متعددة إن هذه
العناصر
تتحدد أخيرا في شكل فني متكامل هو القصيدة"(69).
إن الأصوات
التي تتردد بكثرة في السياق الشعري لها أهمية
دلالية وتعبر عن خلفية دلالية دون شك.. والظاهرة الأسلوبية الصوتية ليست جديدة بل
كانت ولا تزال ذلك الإجراء الإيقاعي الدال الذي تتجلى من خلال حالات تكراره
الكثير من الدلالات النفسية والاجتماعية والموسيقية والثقافية والبيئية ..(70) وفي كل
حالات التجلي يبقى "دم الإبداع الشعري هو نفسه في كل مكان حسب سبيتزر(71) ولا جدال
فإن المتغيرات الصوتية الأسلوبية تبقى أساس الأسلوبية الصوتية ومدخلها
الرئيسي إذ بمقدار ما يكون للغة حرية التصرف ببعض العناصر الصوتية للسلسلة الكلامية
تستطيع اللغة أن تستخدم تلك العناصر لغايات أسلوبية(72).
تقاليد
القراءة العربية للشعر:
كان هذا
المنحى عميق الحضور في المفاهيم النقدية الشعرية العربية
من خلال عنايتهم بما سموه أجراس الحروف(73) ويولي الدارس المحدث لذلك أهمية كبرى
وهو ما يؤكده شكري عياد في قوله: "المشكلة ليست في الصراع بين الدال والمدلول، بل في
الصراع داخل المدلول نفسه، ولا يشك أحد في أن للحروف –كأصوات لغوية مجردة –
نوعا من الدلالة …ولكن هذه الدلالة المستقلة تضعف حين تدخل الحروف في تركيب أكبر منها
وهو الكلمة وكذلك شأن الكلمة بالنسبة إلى الجملة والجملة بالنسبة إلى سياقها الخاص
وهو القطعة، والقطعة بالنسبة إلى سياقها الأدبي ثم اللغوي ثم الحضاري وهو ما يعبر
عنه "بالنص المتداخل" فالدلالة في كل مستوى من هذه المستويات تتخلخل حين تنتقل
الوحدة اللغوية إلى مستوى أعلى فيحدث ما يشبه الفجوات في المعنى وتسعى الوحدة
اللغوية الجديدة إلى إعادة الاستقرار على سطح التركيبة اللغوية. ولكن ذلك لا
يتم إلا بعد سلسلة من الهزات والزلازل ومن خلال تلك الفجوات يظهر الإبداع الفردي
ويمارس دوره في تشكيل النص والتشكيل هنا عبارة عن إظهار دلالة جديدة"(74)
ويمكن أن نوضح ذلك بشكل أعمق من خلال هذا التشكيل الشعري الزاخر بالأصوات الدالة المتكررة
إلى درجة الإثارة يقول الشاعر75)
سل الشعراء
هل سبحوا كسبحي
بحور الشعر
أو غاصـوا معـاصي
لسـاني
بالنثــير وبالقـوافي
وبالاسجـاع
أمهر في الغيــاص
من الحوت
الذي في لج بحر
يـجيد
السبح في لجج المـغاص
إذا ما باص
لاح بصـفحتيـه
وبيص في
المكـر وفي المحـاص
بنات
الماء ليس
لها حيـــاة
إذا
أخرجـتهـن من الـمــداص
إذا قبضت
عليه الكـف حينـا
تناعص
تحتـها أي انتــعـاص
و باص و
لاص من ملصى ملاص
و حوت
البحـر أسود ذو مـلاص
كلـون
الماء أسـود ذو قشــور
نسجـن
تلاحـم السـرد الـدلاص
إن شاهدا
شعريا تراثيا مثل هذا يشير الى الانشغال العميق لدى الشعراء
بالاصوات..
وارتباطهم نفسيا وموسيقيا بأنماط محددة من الأصوات في نسجهم الشعري وهو
انشغال له
ما يبرره دلاليا.. فالصوت له معنى والمعنى كامن في سياق النص
الشعري..(76)
ولهذا كانت الأنساق اللفظية على صلة وثيقة بأنماط الأصوات. وكان
التراثيون
من علماء اللغة والأدب والشعر يولون أكبر الاهتمام للأصوات اللغوية ولا
أدل على
ذلك ما صاغه هؤلاء من مصنفات في هذا الشأن، وتكفي الاشارة في هذا الشأن إلى
سيبويه من
خلال كتابه: >>الكتاب<<، وابن جني
من خلال كتابه الخصائص، ناهيك عن الخليل بن احمد واضع علم
العروض وأوزان الشعر والذي لا نشك في أنه كان مرهف الأذن دقيق الحس بالأصوات
على حد وصف إبراهيم أنيس(77) وما عقد عنه من دراسات أكاديمية وأبحاث مختلفة على مر
السنوات أكبر دليل على ذلك(78) وقد كان الصراع المعرفي بين الجيل الشعري التقليدي
والجيل الشعري الجديد نابعا من عمق الاهتمام بالتغيرات الصوتية الكبيرة
الطارئة على النموذج الصوتي الذي سلكه الشعراء الرواد.. وهو ما اعتبره بعض الدارسين
نكرانا، وتجاوزا للأذن الموسيقية العربية(79). ونراه نحن أبعد عن ذلك لأن النظام
الصوتي مرتبط بأنظمة أخرى تدخل في صميم الإجراءات الشعرية العربية وترتبط بمستويات
تعبيرية وسياقية وتركيبية تشكل في نهاية المطاف اللعبة الدلالية للتجربة الشعرية
العربية الجديدة(80) وهي مسألة ترتبط بمفهوم التواصل الادبي في عمومه(81)
بداية بالدلالة النرجسية عند نزار وامتدادا إلى الثورية عند درويش مرورا بما سماه
صلاح فضل بالطابع الحيوي عند السياب(82) وامتدادا إلى أدونيس وقدرته الادائية
الدلالية في إبطال المفعول السحري للغنائية، وغلبة الأسلوب التجريدي على شعريته(83).
وقبل أن
نخوض في هذه القيم وغيرها من الإجراءات التعبيرية والإيقاعية
والتركيبية والسياقية نقف عند هذا النموذج الشعري الثوري عند محمود درويش وما فيه
من تشكل وتضافر للقيم الشعرية العربية باعتبارها خاصيات أسلوبية دلالية.
يقول محمود
درويش في قصيدة مزامير: >> يوم كانت
كلماتي
تربة/ كنت صديقا للسنابل/ يوم كانت كلماتي غضبا/ كنت صديقا للسلاسل/ يوم
كانت
كلماتي حجرا/ كنت صديقا للجداول/ يوم كانت كلماتي ثورة/ كنت صديقا للزلازل/ يوم كانت كلماتي حنظلا/ كنت صديق
المتفائل/ حين صارت كلماتي عسلا/ غطى الذباب شفتي./<< الديوان ص25-27
إن مقاربة
أسلوبية بسيطة دلاليا لهذه المقطوعة تشير الى نموذج شعري جديد على
مستوى المعجم الدلالي، فالكلمات بسيطة لكنها عميقة المعنى والمعنى يتشكل سياقيا
والصورة متجانسة شمولية على نحو تركيبي نحوي وتعبيري ايحائي ويحافظ فوق ذلك على النسج
العروضي لوحدة الرمل فاعلاتن مع اجتهادات موسيقية واضحة يعمد فيها إلى كسر توقعنا
في آخر جملة له من خلال اعتماده على روي مخالف لما سبقه .
إن ما يعمق
هذه الرؤية الشعرية هو ذلك الحدس الشعري المبني على التصوير
البطيء
خارج اللغة المجازية الرتيبة خارج دائرة اللغة الخطية بما يشوبها من تقريرية
ولغة
مستهلكة. إن محمود درويش من خلال هذه المقولة الشعرية قد عمل على تجاوز
التقاليد
الشعرية العربية من خلال تعامله مع الألفاظ من حيث علاقتها ببعضها البعض
ومن خلال
انتظامها الإيقاعي وتجانس عناصرها الصوتية وقد استطاع أن يخلق لكل الألفاظ
الواردة في
السياق فضاء دلاليا مفارقا إلى أقصى حد للتقاليد المعجمية وأنظمة القول
العربية،
دون أن يوغل في الغرابة اللفظية أو التركيبية ودون أن يقع في الدلالة
العارية
المكشوفة كما هو الشأن بالنسبة للتقاليد الشعرية العربية التقليدية التي
ظلت مختزلة
في مقولات شعرية يرددها القارئ بشكل ملفت للانتباه وبشكل يسهل تداوله،
وكأن
الشاعر العربي كان يصر على مشاركة أهل الحكمة والتربية والفلسفة في تربية
الفرد على
نمط معين في الفكر من خلال تبني غرض شعري محدد أو مناسبة تكون سببا لخلق
النص
الشعري كالغزل أو المدح أو الرثاء أو الفخر أو الهجاء أو الوصف أو ما شابه ذلك
وكانت
نظرية الشعر العربي محددة في سلّم من القيم الشعرية التي تعبر عنها هذه
الفلسفة
الشعرية التي يمكن معاينتها عمليا في مجموعة من المقولات التي صارت بالنسبة
لنا عناوين
شعرية لا مجرد أبيات شعرية.
ويمكن أن
نسوق نماذج –على سبيل المثال لا الحصر– في هذا الشأن من ذلك(84):
1- أنا الذي
نظر الأعمى إلى أدبــي وأسـمعت كلماتي من به صمــم
2- وقفت وما
في الموت شـك لواقف
كأنك في
جفـن الردى وهو نائـم
3- تمرّ بك
الأبطـال كلمـى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باســـم
4- وإذا
أتتك
مذمّتي من ناقـــص فهي الشهـادة لي بأني كــامـل
5- بأي لفظ
تقـول الشعــر زعنـفة تجوز عندك لا عـربٌ ولا
عجــمُ
6- وقل لمن
يدعي في العلم فلسفــة
علمت
شيئا وغابت
عنك أشيــاء
7- لو كان لي
قلبان لعشت بواحـــد
وتركت آخر
في هـواك يعــذب
8- ولما رأيت
الجهل في الناس فاشيا تجـاهلت حتى ظن أني جاهــل
9- قفا
نبك من
ذكرى حبيب ومنــزل
بسقط اللوى
بين الدخول فحومـل
10- لسـاني
صـارم لا عيب فـيـه وسيفــي لا تكـدره
الـــدّلاء
11- هل غادر
الشعراء من متـــردم أم هل عرفـت الدار بعد توهــم
12- وإن صخرا
لتأتمّ الهداة بـــه كأنه علـم في رأســه نـــار
13- لخولة
أطلال ببرقــة ثهمـــد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليـد
14-عفت الديار
محلها فمقامهــــا بمنى تأبّد غولــها فرجـامهـا
15-سئمت
تكاليف
الحياة ومن يعـش ثمانين حولا -لا أبا لك- يســأم
16-دع عنك
لومي فإن اللوم إغــراء وداونـي بالتي كانت
هي الـــدا
17-أنام ملء
جفوني عن شواردهــا ويسخر الخلق جراها ويختصــم
18-أفاطم
مهـلا بعض هذا التــدلـل وإن كنت أزمعت صرمي فأجملـي
19-صنت نفسي
عما يدنس نفســـي وترفـعت عن جدا كل جبـــس
20-أضحى
التنائي بديلا عن تـانيـنـا وناب عن طيب لقيانا تجافينـــا
21-وليل
كموج البحر
أرخى سدولـه عليّ بأنواع الهمـوم ليبتلــــى
22- السيف أصدق
أنبـاء من الكتـب في حده الحدّ بين الجدّ
واللـعـب
وقد بلغ
الأمر بالعرب القدماء احتفاءهم ببيت من الشعر وتفضيلهم
له من منطلق أمدح بيت قاله زهير أو أغزل بيت قاله أبو صخر الهزلي أو أفخر بيت قاله
الفرزدق. والواضح لدى هؤلاء اعتدادهم بالمعنى الدلالي بوصفه المعيار الأساسي
للتفضيل الشعري(85) وأبلغ دلالة من ذلك ما يروى أن أبا جعفر المنصور سأل أبا دلامة
عن أشعر بيت قالته العرب فأجاب: "بيت يلعب به الصبيان... هو قول الشاعر:
ما أحسن
الدين والدنيا إذا اجتمعا
وأقبح
الكفر والإفلاس بالرجل"(86)
وكانت هذه
العادة الدلالية معيارا واسع الحضور في الأحكام النقدية التراثية وهي التي ساهمت
في تطور المفهوم الشعري العربي وتحولاته، وتعدّ في أساسها تكريسا لمقولات شعرية
معينة أصبحت بمرور الزمن تمثل بيان الشعر العربي أو قاموسه لأنها تتضمن تجسيدا دلاليا
أسلوبيا لنماذج شعرية متميزة بعلاقات بنيوية وخصوصيات أسلوبية محددة جعلتها
تتصدر مقولات الشعر العربي وتبقى طيعة على الألسنة العربية، سهلة التداول.
كان الشاعر
الجاهلي التقليدي بوجه خاص ينتقي كلماته بشكل يضطرنا أحيانا كبيرة إلى البحث في
معجم الكلمات المستعملة. ثم تحول الشاعر المعاصر إلى كلمات سهلة بسيطة مع تطعيم
رموز وإشارات أسطورية وفكرية تضطرنا بدورها إلى البحث عن مفهومها أو مصدرها
الثقافي إلى درجة أن الشاعر المعاصر صار يخصص هامشا لذلك، وهو ما يعني أن الشعرية
الجديدة نفسها وجدت نفسها أمام أسئلة أسلوبية ودلالية مفارقة للتقاليد الأسلوبية
والدلالية التي ظلت راسخة في ذهنية المبدع والناقد على حد سواء.
في سياق
ذلك يسعى أدونيس إلى تبرير هذه النقلة الدلالية في حقل الشعرية
العربية
قائلا: " حين يهزّنا اليوم شعر امرئ القيس مثلا أو المتنبي، فليس لأنه ماض
عظيم، بل
لأنه إبداعيا يمثل لحظة تخترق الأزمنة. فالإبداع حضور دائم وهو بكونه
حضورا
دائما حديث دائما… ومعنى ذلك بالتالي أن ثمة شعرا كتب في زمن ماض ولا يزال مع
ذلك حديثا.
فالشعر لا يكتسب حداثته بالضرورة من مجرد زمنيته، وإنما الحداثة خصّيصة
تكمن في
بنيته ذاتها… ويمكن القول في أفق هذا المنظور أن امرئ القيس مثلا في كثير
من شعره
أكثر حداثة من شوقي في شعره كله، وإن في شعر أبي تمام كمثل آخر حساسية
حديثة
ورؤيا فنية حديثة لا تتوفران عند نازك الملائكة "(87)
إن ما
يترسّخ الآن حول تحول النص الشعري العربي من
منظور دلالاته يكمن في جوهره في تحول عميق في صميم المدلول الشعري من حيث كونه ارتبط
بالرؤية الشعرية وليس بجوانب إقليمية أو بيئية أو إيديولوجية .. أو مناسبة.. ولذلك
استندت الحداثة الشعرية في منظورها الإبداعي المتحول على مبدأ أساسي تأخذ فيه
بعين الاعتبار (وضع الكلمة) في السياق وفق اعتبارات مغايرة من حيث البحث عن
قوانين جديدة تؤهلها لتنبني وفق أشكال علاقاتية تركيبية وصوتية ودلالية تتنافى
كليا بمستويات مختلفة مع المدلول الشعري التقليدي العربي والتساؤل الدلالي الأسلوبي
الذي يمكن أن يكون بمثابة الاختبار الفعلي للشعرية الجديدة والذي تتطلب
الإجابة عليه الكثير من الروية والحذر وهو: ما هي الخصوصيات الأسلوبية التي ميزت
الشعرية الجديدة منذ بداية فعل الحداثة الشعرية مع الرواد باعتبارها مدلولا شعريا
جديدا، وما هي التقنيات أو الإجراءات الأسلوبية التي تجلت في هذه الشعرية والتي كانت
سببا في ولادة المدلول الشعري الجديد، وإلى أي حد استطاعت الشعرية الجديدة تأسيس
نموذج شعري جديد يمكن الاحتفاء به واتخاذه شاهدا على دلالة شعرية جديدة متميزة في مسار
التجربة الشعرية بأوسع معانيها ؟
في سياق
هذه الأسئلة التي تواجه متلقي الشعرية
الجديدة يتبادر إلى الذهن سؤال جوهري يطرح نفسه بإلحاح في هذا المدار وهو كيف
استطاعت التجربة الشعرية
العربية
الجديدة أن تخرج من الدلالة المستهلكة لتستحدث
تشكيلات شعرية دلالية مميزة في أسلوبها الشعري من خلال إجراءات ادائية تعبيرية
وموسيقية منحرفة عن المعيار الشعري العربي المألوف؟ وما دور المتلقي الشعري في تحديد
هوية وماهية الدلالة الشعرية العربية الجديدة المتميزة بطبيعتها الإيحائية غير
المألوفة؟
هوامش
الدراسة:
1- انظر يمنى
العيد: في معرفة النص ص37-8، دار الأفاق الجديدة / بيروت.
ط/3/1985/. في هذا الشأن يطلـق الشكلانيون
مفهوم القوانين الداخلية للفن الشعري مميزين في سياق ذلك بيـن قوانين داخلية وقوانين
خارجيـة للنص. وهو مفهوم ينطلق من المبدأ النقدي الذي رسخـوه، وخلاصته "دراسة
العمل الادبي في ذاته ومن اجل ذاته". وهو تصوّر مستمد
من مبدأ دي
سوسير الألسني "دراسة اللغة في ذاتها ومن اجل ذاتها" انظر في هذا الشان/ نصوص الشكلانيين الروس (نظرية
المنهج الشكلي) ترجمة ابراهيم الخطيب ط/1/1982، مؤسسة الأبحاث العربية والشركة المغربية
للناشرين المتحدين ص26/ ص35، ومن جملة ما أكدّه ايخنباوم إنّ العمل الأدبي لا
يدرس كواقعة معزولة: نفسه .ص 47، انظر مبدأ دي سوسير الألسني في كتابه دروس في
الألسنية العامة. تعريب صالح القرمادي، محمد الشاوش، محمد
عجينة -
الدار العربية للكتاب. ط/1/1985. ص29، ص47، انطلاقا من ذلك ميز بين ألسنية
داخلية
وألسنية خارجية: نفسه.ص44 -47 وفي سياق ذلك حرص على ما سمّاه: التضامنات
السياقية
وشدّد على فكرة ان الكل يكتسب قيمته من الأجزاء التي يتكون منها كما تكتسب
الأجزاء
قيمتها بفضل منزلتها من الكل. نفسه :ص192-193, وكان خلاصة ذلك تبنيه للمبدأ
الأساسي
الذي يقول أنّ موضوع الألسنية الحقيقي والوحيد إنما هو اللغة في ذاتها
ولذاتها:
نفسه: ص347. وقد كان هذا المبدأ محل اهتمام من كل الدارسين في حقل اللغة،
كما كان له
الفضل في نشوء أغلب المدارس النقدية والأدبية المعاصرة ناهيك عن اعتماده
في
المجالات المعرفية المختلفة. انظر/علم اللغة/ مقدمة للقارئ العربي د/ محمود
السعران.
ص53-54. دار الفكر العربي /القاهرة. انظر أيضا: الخطيئة والتكفير. من
البنيوية
إلى التشريحية. د/عبد الله محمد الغذامي: فقد حاول ان يبرّر نقديًا البعد
المعرفي
الأدبي لتصور دي سوسير, انظر ص29-31، ص90، ومن الأهميّة بمكان الإشارة هنا
إلى رؤية
جان بياجيه الثاقبة في تحديده لمفهوم البنية. انظر: جان بياجيه: البنيوية. ترجمة عارف منيمنة وبشير اوبرى.
منشورات عويدات (ط2/ 1980/ بيروت) ص8-16. وللأهميّة أيضا، انظر، نظرية البنائية في
النقد الأدبي, د/صلاح فضل, وذلك في سياق تفسيره لمفهوم قاعدة الانبثاق التي تقتضي
أن يتركز التحليل على دراسة العناصر المكونة للموضوع وطريقة قيامها بوظائفها
وان يترك لمناهج علمية اخرى تتناول العالم الخارجي والظروف المتشابكة التي تربط هذا
الموضوع بغيره من الظواهر الإنسانية". ص:199، ولهذا فانّ تجربة البنائية تبدأ
بالنص وتنتهي معه: نفسه: ص333: مكتبة الانجلو المصرية.
ويشرح أحد
الأسلوبين البارزين ذلك:
voir : Michel riffaterre, la production du texte, coll. poétique seuil, 1979
p.29
2-voir : ESSAIS de l inguistique générale.T. 1 . les fondations du
langage, Roman JAKOBSON, traduit et préfaces par Nicolas ruwet
les éditions de minuit, paris,1963.p.214
وقد لقيت
هذه النظرية اهتمامًا واسعًا في مختلف الدراسات النقدية والألسنية على حدّ سواء,
انظر في هذا المجال: البنيوية وعلم الإشارة: ترنس هوكز. ترجمة مجيد الماشطة. مراجعة
د/ناصر حلاوي, سلسلة المائة كتاب. دار الشؤون الثقافية العامة – ط1(بغداد)
1986/ ص75-80, انظر أيضا. الأسلوبية والأسلوب .د/عبد السلام المسدي، الدار العربية
للكتاب. ط2/1982/ص 157-161. انظر أيضا مفهومه للوظيفة الشعرية: ص96 ضمن المرجع نفسه.
3 – انظر/
سيجموند فرويد. ثلاث نظريات في الجنس. سلسلة مكتبة التحليل النفسي،
إشراف الدكتور محمّد عثمان نجاتي .دار الشروق .ط 2/1986 ص78-89. انظر أيضا: النقد الأدبي
ماذا يمكن أن يفيد من العلوم النفسية الحديثة. مصطفى سويف.
فصول/مج4/ع1/اكتوبر، نوفمبر، ديسمبر 1983, ص19-34, انظر المرجع نفسه ص35-57, وموضوع
مقدّمة عن إشكالية العلوم النفسية والنقد الأدبي وذلك من خلال مناقشة فكرة الطفولة
النامية التي تكلم عنها العقاد، تلك الطفولة التي قال عنها "لا تجف ولا تشيخ"
وكان العقاد يتناول بالتحليل طفولة ابن الرومي, الدراسة ليحي الرخاوي –انظر بالضبط ص45-46
من المجلة – انظر أيضا التفسير النفسي للأدب, د/ عز الدين إسماعيل القاهرة دار
المعارف ص26. انظر أيضا (دائرة الإبداع مقدمة في أصول النقد): شكري محمد عياد، دار
إلياس العصرية/القاهرة. ص96, ص98, ص104, ص107.
4- انظر
الابلاغية في البلاغة العربية: سمير أبو حمدان. منشورات عويدات, باريس/ بيروت/ ط1/1991. ص168-170. انظر أيضا في
هذا الشان ما يسميه الدكتور صلاح فضل بقوانين الدلالة الأدبية التي تطمح بلاغة
الخطاب إلى تأسيسها كفعل معرفي, انظر بلاغة الخطاب وعلم النص. سلسلة عالم
المعرفة/المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب – الكويت- ط1992/ص183. وهذه المسالة تتعلق
بما يطلق عليه الشكلانيون اسم القيمة المهيمنة، انظر نظرية المنهج الشكلي:
ص81-88/ انظر أيضا.
جاكسون
(رومان). :المرجع السابق، ص220/ انظر أيضا: شعرية النوع
الادبي. في قراءة النقد العربي القديم: رشيد يحياوي. إفريقيا الشرق. ص131, انظر قضايا
الشعرية: رومان ياكبسون. ترجمة محمّد الولي ومبارك حنون. ص19. توبقال للنشر –المغرب/
ط1 /1988.
5- انظر دروس
في الألسنية العامة. ص44، انظر التوليد الدلالي في
البلاغة والمعجم: محمّد غاليم. ص155 وفيه يشير الدارس إلى انّه انطلاقا من المبادئ
العلاقية الدلالية يمكن طرح السؤال الأساسي: ما هو المعنى؟ ولذلك كان الشعر عبارة عن
معنى يبنى –حسب يوري لوتمان –بطريقة معقدة. انظر تحليل النص الشعري/ بنية القصيدة.
يوري لوتمان. ترجمة وتقديم د/ محمد فتوح احمد. دار المعارف. ص60, انظر أيضا:
المرايا المحدبة/من البنيوية إلى التفكيك. عبد العزيز حمودة ص 222-239- المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب –الكويت /1998 .
6- تطلق
اعتدال عثمان مفهوم الاكتناز الدلالي بدل التكثيف الدلالي وهو مفهوم جدير
بالاهتمام
ومقبول ويعبر عن وجهة اصطلاحية على المعنى الشعري الجديد في صيغه
الإيحائية
والاستعارية والرمزية الكثيفة. انظر: اعتدال عثمان: الشعر والموت في زمن
الاستلاب.
قراءة في أوراق الغرفة رقم 8 للشاعر أمل دنقل/ ص224: العدد1/ المجلد
الرابع/
1983. ولذلك –حسب جان كوهين – "فان المدلول الشعري لا يمكن التعبير عنه في
النثر,
لانّه يسمو بالعالم المفهومي حيث اللغة تؤطر دلالتها, ليس الشعر اللغة
الجميلة
لكن الشعر لغة يبدعها لأجل أن يقول شيئا لا يمكن قوله بشكل آخر "انظر بنية
اللغة
الشعرية: ص155, ترجمة محمّد العمري ومحمد الولي. /توبقال للنشر. المغرب ط1/
1986. انطلاقا من
هذا التصوّر فقد كان يحلو لتينيانوف – وهو أحد الشكلانيين الروس-
"أن يقول
عندما يغمض معنى الكلمة فهذا يكثف من لونها" نقلا عن فريال غزول في دراسته
القيمة لغة
الضد الجميل ص200. مجلة فصول/مج7/ ع/261 أكتوبر 1986 مارس1987/. القاهرة. الهيئة العامة للكتاب.
التصوّر نفسه نلمسه عند أمبرتو ايكو عندما يقول: إنّ المرسلة ذات الوظيفة الجمالية
تنبنى قبل كل شيء بطريقة غامضة... والمرسلة الغامضة تظهر كليًا وكأنّها غنية
بالمعلومات لأنّها توفر لي عدّة اختيارات في التفسير. "انظر المرسلة
الشعرية. ص102. مجلّة الفكر العربي المعاصر ع/18/19 مركز الإنماء القومي. بيروت./ 1982.
7- انظر/
التركيب اللغوي للأدب/ بحث في فلسفة اللغة والاستطيقا .د/لطفي عبد
البديع ص86-87. انظر أيضا/ أساليب السرد في الرواية العربية: د/ صلاح فضل ص:34/ دار
سعاد الصباح. ط1/1992.
8- انظر/
نفسه/ ص132 يؤكد الدكتور صلاح فضل على أهمية تحديد
الفوارق بين التناول الأسلوبي للشعر عن نقد السرد أسلوبيًا, إذ لا يمكن لهذا الأخير
أن يظل حبيس سطح التعبير واليات التصوير المستمدة من حركة اللغة, وإنّما يجب ان
يتجاوز ذلك بالضرورة كي يمس أهم الجوانب التقنية للسرد." انظر أيضا/ ص135 حين
يقول: "لعل المنطق الصحيح الذي يمكننا الفصل بين شعرية
القصيد
وشعرية القص يكمن على وجه التحديد في العلاقة بين التعبير بالصورة والتعبير
بالحدث
"ومن ثم فان" القصيدة تنحو إلى استثمار جميع المستويات اللغوية لتنفخ
فيها روح التصوير والترميز والتكثيف,
ابتداء من الصوت المنغم ذاته إلى التكوين الكلي للنص... أمّا فنون السرد فهي تنقل
مركز الثقل الفني من تلك البؤرة الأيقونية إلى بؤرة الحركة الماثلة في الأحداث
الداخلية والخارجية, في تحولات الإنسان والعالم, ويقتضي هذا أن تذوب جميع العناصر
المادية للسرد حتى تصبح ذات طابع سيال متدفق يتجلى في تضاعيف الحركة والفعل
..." وفي هذا السياق يشير رينيه ويلك واوستن وارن في
كتابهما
نظرية الأدب الذائع الصيت إلى أن المبدأ النقدي يقتضي ان نميز بين أشكال
سردية
خيالية وأشكال سردية غير خيالية.... أمّا من الناحية الأسلوبية فهي تلّح
على...
المحاكاة بمعناها الضيق "ص226. ترجمة محي الدّين صبحي. مراجعة د/حسام
الخطيب.
المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت. ط 3/1985.
9- النص في
عرف هؤلاء هو كل مغلق ومن ثم فإنّ
تفسيره لابدّ أن يكون مغلقًا ونهائيًا. /انظر المرايا المحدبة: ص312 النص بهذا المفهوم
علامة مميّزة لها خصوصياتها ومقوماتها وبالتالي تكتفي بذاتها, على اعتبار أنّ
النص هو القول اللغوي المكتفي بذاته والمكتمل في دلالته. " انظر بلاغة الخطاب
وعلم النص: ص232.
10- انظر/
تطوّر النقد الأدبي في العصر الحديث: كارلوني وفيللو,
ترجمة جورج سعد ونوس. ص62. دار مكتبة الحياة. بيروت. 1963.
11- نفسه. ص61,
كان التأثريون لهذا السبب يصفون برونتيير بانّه " شرس جدا
"
12- /نفسه /
ص63-64.
13- الأسلوبية
والأسلوب: ص36.
14- نفسه: ص
36, 94, 95.
15- انظر:
الخطيئة والتكفير: ص 90-91.
16- موجز تاريخ
علم اللغة (في الغرب): ر.هـ./ روبنز. ترجمة د/
احمد عوض المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, الكويت, ص285.
17- نفسه: ص
285.
18- كتاب أرسطو
فن الشعر. ترجمة/ د/ إبراهيم حمادة/ ص215-216 مكتبة الانجلو
المصرية.
19- نفسه: ص
114-115.
20- من أقدم
الشهادات
في هذا الشأن كتاب/ بلاغة أرسطو بين العرب واليونان للدكتور إبراهيم
سلامة/
مطبعة مخيمر. ط2/ القاهرة 1952.
ومنه أيضا
كتاب أرسطو طاليس في الشعر/ نقل ابي بشر متى بن يونس/ تحقيق
ودراسة/ شكري عياد/ دار الكاتب العربي للطباعة والنشر – القاهرة 1967 وممّا جاء
على لسان أرسطو في تفريقه بين الناظم والشاعر قوله: " إلاّ أنّ الناس- في
الحقيقة – يضيفون كلمة " صانع" – أو "شاعر "إلى اسم
العروض
الذي يصوغ فيه الشاعر شعره..." ص57 من كتاب فن الشعر. وكان التراثيون العرب
من الذين
استهوتهم كلمة صناعة فأنشأوا مصنفات كثيرة ترتبط بها. انظر في هذا الشأن/ بناء القصيدة في النقد العربي
القديم (في ضوء النقد الحديث), د/ يوسف حسين بكار, دار الأندلس / ص45/ 52. ومن
الدراسات الحديثة نذكر, كتاب "صناعة النص" للعالم
الأسلوبي
ميشال ريفاتير وعنوانه الأصلي:la production du texte,ED, seuil, paris وقد سبق ذكره.
21- بناء
القصيدة في النقد العربي القديم. انظر/ ص43.
22- الجاحظ من
خلال كتابه الحيوان / ج3/ ص444 تحقيق عبد السلام هارون الباني الحلبي/ القاهرة / ط1/ 1938.
23- عيار
الشعر: ابن طباطبا: تحقيق طه الحاجري وزغلول سلام/ شركة فن الطباعة القاهرة/ 1956.
24- خلاصة
اليومية والشذور/ عباس محمود العقاد. ص20-21. دار النصر للطباعة,
القاهرة/ ط1/ 1968.
26- طبقات فحول
الشعراء: ابن سلام الجمحي, مع مقدمة تحليلية
للكتاب ودراسة نقدية منذ الجاهلية إلى عصر ابن سلام. إعداد اللجنة الجامعية لنشر
التراث العربي. بيروت/ ص3.
27- ذلك ما
قاله مارتن هيدجر في كتابه: الفلسفة والشعر.
ص100. ترجمة وتقديم, د/عثمان امين, الدار القومية للطباعة والنشر –القاهرة. 1963.
28- يصف جان
كوهن مالارميه بالشاعر المشهور بالغموض ويكتب عنه مقالا بعنوان
"غموض مالارميه" منطلقا في ذلك من اعتراف مالارميه
نفسه حين
يقول: "انا مركب"je suis un syntaxier: انظر بنية اللغة الشعرية. ص41.
29- دلائل
الإعجاز في علم المعاني: عبد القادر الجرجاني, وقف على تصحيحه
وتحقيقه
وطبعه وعلق حواشيه/ السيد محمد رشيد رضا/ دار المعرفة, بيروت. لبنان/ط1981. ص40-43.
30- اللغة
الشعرية أو الشاعرة بمفهوم العقاد الذي يرى الشعر نفثة من
نفثات
الروح الإلهية, نفثة تفتح للشاعر مغاليق النفس الإنسانية كي يحولها إلى
أناشيد
فياضة بالأحاسيس والمشاعر "أناشيد يتلقاها عنه الناس وكأنّما فصلت من
نفوسهم..."
انظر إبراهيم عبد الرحمن: بين القديم والجديد. مكتبة الشباب. ص214, هذا
التصوّر
اللغة الشاعرية هو ما يلخصه في كتابه "اللغة الشاعرة" وهو تصور أسلوبي
دلالي في
نهاية المطاف مكتبة غريب, القاهرة. 1965.
31- نظرية
التلقي: روبرت هولب, ترجمة عز الدين إسماعيل,
ط/1/ 1994 النادي الثقافي الأدبي. جدة المملكة العربية السعودية.انظر ص143-247
في الفصل الثالث) ويتضمن حديثا شاملا عن المنظرين الكبار" لنظرية التلقي وجاء
طرحه في شقين الأول عنوانه: من تجربة التلقي الى التجربة الجمالية, هانز روبرت
ياوس, امّا الشق الثاني فكان عنوانه: النصية واستجابة القارئ. فولفانج ايزر " انظر
في هذا الباب أيضا, نظرية الأدب في القرن العشرين, ئ.م.نيوتن, ترجمة عيسى على
العاكوب, عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, ط1/1996. ص230-242.
32- احمد شوقي
في هذا النوع من التسميط صاغه نشيدا لجمعية العروة الوثقى الخيرية الإسلامية
بالإسكندرية وقد نشر في المؤيّد في 31 جويلية 1900 ويدخل هذا النشيد ضمن الشوقيات
المجهولة/ الجزء الأوّل ويلتمس محمّد صبري شوقي عذرا وهو ان هذا النشيد وغيره كان
يكتبه لأطفال المدارس/ انظر فصول مج/3/ ع1/ (الجزء الأوّل من شوقي وحافظ) أكتوبر,
نوفمبر, ديسمبر 1982. ص205) الأندلس في شعر شوقي ونثره. لمحمود على مكي/ أورد هذه
المعلومات محمد صبري السربوني في الشوقيات المجهولة/ ج1/ دار المسيرة بيروت
1979. ص215-217.
33- نفسه/
ص257, كانت هذه القصيدة قد نشرت من طرف جريدة
اللواء في 29/09/1901 وهي القصيدة التي عبّر فيها احمد شوقي بلسان القصر مستنكرا
عودة احمد عرابي من منفاه رغم انف الخديوي وهو موقف ينق وجهة نظر الخديوي عباس حلمي
والإقطاعيين الذين اتهموا عرابي بالخيانة وكان عنوان القصيدة (عاد لها عرابي)
وجاءت بعها قصيدة اخرى عنوانها (عرابي وما جنى) وقد قدم للقصيدة الأولى بقوله: قام
عرابي على الطائر الأسود في السويس صباح مساء, ووصل الى القاهرة في مسائه يحفه الصغار
ويلازمه الاحتقار. " وقد نقلنا هذه المعلومات عن مجلة فصول العدد الأول/ المجلد
الثالث/ أكتوبر, نوفمبر, ديسمبر 1982 من دراسة لعلي البطل من ضمن مجموعات دراسات
تضمنها عدد خاص بأحمد شوقي إلى جانب عدد تابع خصص لحافظ وشوقي عنوان الدراسة هو:
أحمد شوقي وأزمة القصيدة التقليدية. ص33-51.
34- انظر مجلّة
فصول/ العدد نفسه/ دلائل القدرة الشعرية عند شوقي: محمّد زكي العشماوي, ص11-17.
35- أورد هذا
البيت زكي مبارك في سياق موازنته بين أبى نواس والخراز/ الموازنة بين الشعراء, دار الكاتب
العربي للطباعة والنشر, القاهرة, ص393.
36- ديوان أبي
نواس: ص11, المكتبة الثقافية بيروت.
37- انظر بناء
القصيدة في النقد العربي القديم ( في ضوء النقد
الحديث )/ص36.
38- انظر نفسه
/ص275-362. انظر بالخصوص /ص253-357. انظر أيضا د/عز
الدين إسماعيل/ ص79-82.
39- انظر بناء
القصيدة: ص
23, وجاء في المعجم الوسيط /738 معنى قصد الشاعر: انشأ القصائد وأقصد: أطال وواصل عمل القصائد, وقصد
الشاعر الشعر, نقحه وجوده وهذبه, واقتصد الشاعر واصل عمل القصائد والقصيد, والقصيدة من
الشعر العربي: سبعة أبيات فاكثر.
40- العمدة
في صناعة
الشعر ونقده: ابن رشيق/ تحقيق محي الدين عبد الحميد. ط3. مطبعة السعادة, القاهرة 1963. انظر/ص183 من ج1.
41- عيار الشعر
ص5.6.
42- تشكل هذه
الإجراءات التي حددها ابن طباطبا معايير
جاهزة لبناء القصيدة وهي اشياء لا يمكن للشاعر الحقيقي اعتمادها بالشكل التعسفي
لأنّ اللغة الشعرية لا تخضع لمنطق معين في آلياتها التعبيرية الجديدة وما يشير إليه
تصور ابن طباطبا يمثل نظرة تعليمية تدخل في نظرة النقد القديم التي ترى أنّ
الشاعرية تقاس بمدى قدرة الشاعر على تمثل معايير معينة حدّدها النقاد, وهو شيء قابل
للنقاش لأنّ الشاعر عادة هو الذي يوّلد قوانينه الشعرية ولا يخضع لعمليات حسابية.
43-التصوّر
الذي يطرحه أبو هلال مقياس بلاغي محض والقصيدة المعاصرة في أسلوبها
لا يمكن ان تكون نموذجا لهذه المعايير أيضا, ارجع إلى كتاب الصناعتين
لابي هلال العسكري ص139/ تحقيق محمّد ابو الفضل
إبراهيم, وعلي البجاوي. ط1/ دار إحياء الكتب العربية مطبعة البابي الحلبي 1952
القاهرة, ويطرح جودت فخر الدين في هذا الشان مسألة السر في صناعة الشعر انطلاقا من موازنة
الامدي, ويتبنى مقولته النقدية " المعاني موجودة في طباع الناس " انظر د/
جودت فخر الدّين: شكل القصيدة العربية في النقد العربي حتى
القرن
الثامن الهجري, وفي هذا السياق يناقش مسالة الصراع بين مدرسة اللفظ ومدرسة
المعنى من
خلال الجاحظ والآمدي والمرزوقي وقدامة بن جعفر وحازم القرطاجني, ويركز
بإسهاب على
نظرية النظم عند الجرجاني, انظر شكل القصيدة العربية في النقد العربي
حتى القرن
الثامن الهجري/ دار الآداب/ بيروت /ط1/84/ص44-62/ ولا يخفى ما لهذا
التصور من
أهمية دلالية أسلوبية تتصل معرفيا بتصوّر ريفاتير وما يتصل بصناعة النص
عنده وهو
يرتبط بكيفية إنشاء النص وما يولده. /انظر محمد الهادي الطرابلسي, النص
الأدبي
وقضاياه. ص121-130. فصول/ ج5/ ع1/أكتوبر, نوفمبر, ديسمبر 1984, الهيئة
العامة
للكتاب, القاهرة.
*تعتبر
قصيدة الصباح الجديد واحدة من أعمق قصائد الشابي وهي جديرة بتحليلات لا حدود لها من
المنظور النفسي والفلسفي والاجتماعي والبنيوي والأسلوبي والسيميائي لما فيها من
شحنات دلالية قوية الأثر, انظر القصيدة في ديوانه أغاني الحياة. ط1 الدار التونسية
للنشر والشركة الوطنية للنشر والتوزيع / الجزائر.
وقد افرد
لها الدكتور شكري عياد دراسة تحليلية أسلوبية في كتابه مدخل إلى علم
الأسلوب/
ص125-134/ دار العلوم للطباعة والنشر –الرياض/ط1/1982.
44-انظر علم
لغة النص/
المفاهيم والاتجاهات/ ص193-142, انظر مجلة فصول /ج4/ع/1/83/ اللغة والنقد
الأدبي.
تمام حسان 116-128.
45- إبراهيم
أنيس. الأصوات اللغوية. مكتبة الانجلو مصرية. ط6/1981 القاهرة.
46- نفسه: ص
175.
47- انظر
اجتهادات بعض الدارسين في هذا الشان مثل: حمادي صمود:
الأشواق التائهة: مدخل إلى شاعرية الشابي. ص165-178. فصول/ مج6/ع2/ يناير, فبراير,
مارس 1986. الهيئة المصرية العامّة للكتاب. انظر أيضا شكري عياد: مدخل إلى علم الأسلوب/
ص129-134. انظر عمر فروخ: الشابي شاعر الحب والحياة. دار العلم للملايين
/ط3/1980 بيروت ص318-319.
48- انظر
الضرورة الشعرية, دراسة أسلوبية: السيد
ابراهيم محمّد, دار الأندلس ط2/1981. انظر بالخصوص ص(76-99) انظر أيضا/ لغة الشعر/
دراسة في الضرورة الشعرية/ د/ حماسة عبد المطلب/ دار الشروق /ط1 /1996 / حاول ان
يقدم فيه الكثير من الاجتهادات اللغوية.
50- العرف
الطيب في شرح ديوان أبي الطيب. ج2/ شرح ناصف اليازجي تقديم /د / ياسين
الأيوبي,
دار مكتبة الهلال, بيروت. ط1/ 1996/ ص95.
51- نفسه. ص95.
52- من أجل
المساهمة
في فهم قصيدة الصباح الجديد وتفسيرها من منظور أسلوبي صوتي نقدي وقد
اعتمدنا في
تشكيل الجدول التحليلي المشار إليه على المراجع الأساسية التالية:
علم اللغة
الحديث/ المبادئ والإعلام/د /ميشال زكريا/ المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر
والتوزيع. ط2/1983.
-علم الأصوات
العام/ أصوات اللغة العربية / د/بسام بركة / مركز الإنماء القومي.
-مباحث في
النظرية الألسنية وتعليم اللغة. د/ ميشال زكريا, المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر. ط1/ 1984.
-الهندسة
الصوتية في القصيدة المعاصرة /د/ جوزيف شريم/
عالم الفكر/ مج 22/ ع463/ يناير, مارس, افريل 1994. المجلس الوطني للثقافة والفنون
والآداب/ الكويت/ ص94-120.
-مبحث في
قضية الرمزية الصوتية: د/ البدراوي
زهران .دار المعارف/ ط1/1986-1987.
-تحليل
الخطاب الشعري/ استراتيجية التناص: د/
محمد مفتاح. المركز الثقافي العربي, الدار البيضاء/ المغرب. ط2/1986.
-مفاتيح
الألسنية: جورج مونان. ترجمة, الطيب البكوش. منشورات سعيدان تونس/1994.
-التوليد
الدلالي في البلاغة والمعجم: محمّد غاليم, توبقال للنشر – المغرب, ط/1/1987.
-تمام حسان:
اللغة والنقد الأدبي (مرجع سابق).
-الخصائص/
أبو الفتح عثمان بن جني, تحقيق محمّد علي النجار, دار الكتاب
العربي,
بيروت.
-دلالة
الألفاظ: إبراهيم أنيس, الانجلو المصرية, ط 5/1984.
-من أسرار
اللغة: إبراهيم انيس ط7/1985, الانجلو المصرية, القاهرة.
-علم اللغة
مقدمة للقارئ العربي, د/ محمود السعران, دار الفكر العربي /القاهرة.
-الألسنية
العربية ج1, ج2, ريمون الطحان, دار الكتاب اللبناني, بيروت
ط2/81.
-البنيات
الأسلوبية في لغة الشعر العربي الحديث: د/ مصطفى السعدني, دار
منشاة
المعارف, الإسكندرية.
-موسيقى
الشعر. د/إبراسهيم أنيس, مكتبة الانجلو المصرية, ط5/ 1981.
-محاولات
للتجديد في إيقاع الشعر, د/ احمد كشك, مطبعة المدينة/ القاهرة/ ط1/ 1985.
-مدخل إلى
علم أصوات اللغة العربية الفصحى/ د/ عبد القادر الجديدي, ص(75-95) مجلة
الحياة الثقافية / ع3/ 37/ 1985 تونس.
-دليل
الدراسات
الأسلوبية. د/جوزيف ميشال شريم/ المؤسّسة الجامعية للدراسات والنشر
والتوزيع
ط1/1984.
-تحليل النص
الشعري/ بنية القصيدة, يوري لوتمان, ترجمة, د/محمّد فتوح أحمد/ دار المعارف/
القاهرة.
- النقد
الأدبي وقضايا الشكل الموسيقي في الشعر الجديد /على يونس/
الهيئة المصرية العامة للكتاب/1985.
- دائرة
الإبداع:
شكري محمّد عيّاد, دار الياس العصرية, القاهرة (مقدّمة في اصول النقد)
- t,todorv, les genres du Discours, seuil, paris, 1978.
53- محمّد
مفتاح. تحليل النص الشعري ص37. يراجع ابن جني فصل الاشتقاق
الأكبر/ج2/133-139.
54- تحليل النص
الشعري: انظر ص37.
55- ابن جني:
انظر باب في تعاقب الألفاظ لتعاقب المعاني 145-152.
56- تحليل النص
الشعري, ص38.
57-نفسه: ص39.
التصور نفسه يؤكده الشكلانيون من خلال نظرية
الشعر عندهم. فالشعر عندهم بناء ولعب. انظر: نظرية المنهج الشكلي: ص/39. انظر أيضا:
البنيوية وعلم الاشارة: ص:7/
-voir /micheal galmiche, simantiques généiative / Larousse , paris , 1975, p 15
-voir /les genres du discours, p .301.
-voir/.c levi-strause, Antropolie structurale, paris .plan /1971.
ويلتقى
أدونيس في هذا المقطع وما يحمله من رؤية اورفية مع مقطع اخر يقول فيه " ينبغي
ان اسافر في جنة الرماد/ بين اشجارها الخفية/ في الرماد الخواتيم والجزة الذهبية
"
وهو يجسّد
فكرة انثروبولوجية تشير إلى فكرة التضحية من أجل الإنقاذ أو الخلاص وقد
ألْف أدونيس بين شخصيته الفينيق الذي كان كما تقول الأسطورة, يبحر في عالم النار:
"أسافر في جنة الرماد " وشخصية أروفيوس الذي أبحر مع
المغامرين
للبحث عن الكنز ( الجزة الذهبية التي عدت رمزا للتطلع إلى الأهداف
السامية
".
انظر/
ملامح الاورفية في شعر أدونيس: علي الشرح/ فصول/ مج7/ ع1/ 2/ أكتوبر 1986 مارس 1987. ص106-120.
59- انظر/
نظرية البنائية في النقد الأدبي وقد جاء في هذا الصدد: "فإن
تأويل عنصر ما في العمل الأدبي يتوقف على شخصية الناقد وعلى
عصره
وموقفه الإيديولوجي. ص300. ومعنى ذلك ان التأويل الدلالي للنص ينطلق من
إمكانات
معرفية يمتلكها الناقد لأنّ النص يحتوي على قيم تحتاج إلى إمعان النظر
واستخدام
الأدوات والوسائل التي تمكن من العمليّة التأويلية, ونجد جان كوهن يقر –انطلاقا من ذلك– بمبدأ القارئ
الحاذق –أسوة النقاد الأنجلو سكسونيين– الذي تتوجه القصيدة إليه, ولذلك فإنه إذا لم
تكن القصيدة مفهومة من طرف الجميع فإن الخطأ ليس كامنا فيها .." الأمر في نظر
كوهن يتعلق بوجود ذكاء شعري. انظر/ ص199-200. انظر هذا التصوّر أيضا/ من خلال: العرب
والفكر العالمي ع/ 3/ 1988/ ص36-52 من خلال دراسة: بول ريكور: النص والتأويل. ترجمة
منصف عبد الحق. انظر أيضا: علم التأويل الأدبي. حدوده ومهمّاته: هانزروبرت ياوس/
نفس العدد من المجلة. ص/53-60 ترجمة بسام بركة. انظر أيضا/د / عبد القادر فيدوح
الرؤيا والتأويل/ مدخل لقراءة القصيدة الجزائرية الحديثة/ دار الوصال/ الجزائر/
ط1/1994. وعموما ترتبط فكرة التأويل في عمقها بالتصور القرآني وما ورد في سورة
يوسف عليه السلام .
60- انظر/ مبحث
في قضية الرمزية الصوتية: ص61, ص131.
61- يشير إلى
ذلك حمادي صمود: مرجع سابق. انظر. ص. 177.
62- انظر
الموازنة بين الشعراء. ص143 ومطلع سينية شوقي الذي يقول :
"اختلاف
النهار والليل ينسي فاذكرا لي الصبا وأيّام أنسي". وهو يوازنها بسينية
البحتري
التي جاء فيها (ص139). "صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبس
"انظر سينية احمد شوقي وعيار الشعر
العربي الكلاسيكي: ياوسلاف استيتكيقتش ص12-29. فصول/ مج4/ ع1, 2 أكتوبر 86/ مارس 1978,
الهيئة المصرية العامة.
في السياق
نفسه لدلالة حرف السين يمكن العودة إلى
سينية الخنساء الشهيرة.
63- في جدل
الحداثة الشعرية. نموذج المفاصل: د/عبد
السلام المسدي, مجلّة/ الشعر ومتغيرات المرحلة/ حول الحداثة وحوار الأشكال الشعرية
الجديدة/ بمساهمة كل من د/عبد السلام المسدي, د/سليمان الواسطي. د/عبد الواحد
لؤلوة. فاضل ثامر. وزارة الثقافة والإعلام/ دار الشؤون الثقافية العامة/ العراق/
1986/ ص(13-33).
64- انظر نفسه.
16-17.
65- انظر نفسه.
ص16-19.
66-انظر نفسه,
ص16.
67- انظر نفسه,
ص17.
68- انظر
البنيوية
وعلم الإشارة: ص:55-80. تضمن شرحا مسهبا لمفهوم الاستعمال الشعري للكلمة
والوظيفة
الشعرية وطبيعة الدلالة في العمل الشعري بشكل عام. انظر/ نظرية المنهج
الشكلي:
ص250-ص58. ويشير في هذا المضمار الدكتور جابر عصفور إلى الطبيعة الدلالية
للعمل
الأدبي باعتباره دليلا أدبيا بقوله: العمل الأدبي هو دال ولا يمكن أن يتحدّد
مدلوله
إلاّ في نطاق دلالي موجود أصلاً, قبل وجود العمل الأدبي ولاشك أنّ دلالة
العمل
الأدبي تكتمل عند الملتقى بمقدار إجادة الناقد الحركة بين النص ونظامه الأوسع
"نقلا عن
مصطفى سويف: النقد الأدبي والعلوم النفسية. فصول/ مج4. ع1. أكتوبر, نوفمبر, ديسمبر 1983/ ص19-34.
الهيئة العامة المصرية للكتاب, انظر. ص20 بالتدقيق. التصوّر نفسه يطرحه الدكتور طاهر
رواينية في شعرية الدال في بنية الإستغلال في السرد العربي القديم حيث يركز فيه
على ما سمّاه خصوصية الدال، ص136-144. عن مجلّة السيميائية والنص الأدبي/ أعمال
ملتقى معهد اللغة العربية وآدابها.
جامعة عنابة/ 12/17 ماي 1995. انظر أيضا. قضايا الشعرية: ص20-21. وفي ضوء ذلك طرح
ياكبسون (سؤاله الأسلوبي): "ما الذي يجعل من
رسالة لفظية أثرا فنيا"؟, نفسه: ص24 .
69- تشريح
النص:
مقاربات تشريحية لنصوص شعرية معاصرة: د/عبد الله الغذامي. ص102. وممّا لاحظه
الغذامي في
هذا الشان أنّ القصيدة العمودية تتطلب قراءة جهرية حماسية, بينما تتطلب
القصيدة
الجديدة قراءة صامتة فردية, وهو موقف نقدي نعتقد بصوابه. لأنّ هناك الكثير
من الشروط
الموضوعية الأسلوبية التي تؤكده, فالجملة الشعرية تمثل دليلاً أدبيًا وهي
لا تحدّد
دلاليا بسهولة بل تحتاج الى إمعان النظر ولا بدّ لمخيلة القارئ من أن
تلتمس جميع
الإمكانات المعرفية لفهمها, ولهذا فانّ القصيدة الجديدة التي تبنى على
نظام
الجملة الشعرية لا تسمح بشرح واحد, بل تتعدّد شروحها بعدد قرائها, وتظل تقدم
من المعاني
والأخيلة ما يتجدّد مع كل ذهن يطرق أبوابها وهي الفكرة التي حرص عليها
رولان بارت
في كتابه: نقد وحقيقة. وممّا أكدّه أنّ الشعر الجديد لا يستدعي وضع
قاموس
بجانب القارئ لأنّه يعتمد على استدعاء إيحائي. ص46, انظر أيضا. ص21, ترجمة: منذر عياشي, وصدر عن مركز الإنماء
الحضاري/ ط1/ 1994.
70- الأصوات
اللغوية: ص105.
71-الأسلوبية:
بييرجيرو, ترجمة/ منذر عياشي/ ص84, مركز الإنماء القومي, ط2/1994.
72- نفسه: ص60.
73-انظر دلائل
الإعجاز: ص 233. انظر دائرة الابداع. ص127. انظر بناء القصيدة. ص197.
انظر موسيقى الشعر: ص21-48
74- دائرة
الإبداع: ص127.
75- عالم
الفكر: مج25/ ع3/ يناير – مارس 1997/ انظر البيئة الطبيعية في
الشعر
الجاهلي. د/حسين جمعة الذّي اورد هذه المقطوعة وهي لعبيد بن الأبرص وقد
انتقاها من
ديوانه.
76- انظر نظرية
الأدب: رينيه ويلك واوستن وارن, ترجمة محي الدين صبحي, مراجعة/ د/ حسام
الخطيب, ص165. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ط3/ 1985. انظر أيضا/ تصور بول فاليري في
ذلك, نقلا عن شفرات النص: ص91, انظر أيضا/ وظيفة الألسن وديناميتها, اندريه
مارتينيه, ترجمة نادر سراج ص199. دار المنتخب العربي /ط1 /1996.
77-الأصوات
اللغوية. ص 105.
78- ما أثارته
دوائر الخليل بن احمد تشير إلى عظمة ورهافة حسه
الموسيقي، وقد كانت نظرته على تواصلها البالغ بالتصور الديني إلاّ أنّها تمثل
قاعدة صوتية لا يشق لها غبار, وقد أشار الدارسون إلى عمق إحساس الخليل بشكل واسع
ومن ذلك كتاب موسيقى الشعر, وموسيقى الشعر العربي, ومحاولات للتجديد في إيقاع الشعر،
إلى جانب كتاب عروض الخليل مالها وما عليها, د/ احمد سليمان ياقوت. ط1/1989 دار
المعرفة الجامعية, الإسكندرية.
79- لم يقتنع
بعض الدارسين بالحركة الشعرية الجديدة
واعتبروها نكرانا وتجاوزا للأذن الموسيقية العربية, وهو موقف متحجر لا يأخذ
بعين الاعتبار حركية اللغة وما يشوبها من تغيرات صوتية دلالية – انظر الأداء الفني
والقصيدة الجديدة: رجاء عيد. ص50. فصول/ مج7/ ع1,2/ أكتوبر 86, مارس1987.
انظر أيضا.
هذا الشعر الحديث: عمر فروخ/ انظر المقدمة/ ص13-30.
انظر/ عبد
القادر القط. قضايا ومواقف/ ص15-20 وما جاء في مقال لجنة الشعر.. والشعر الجديد. انظر
أيضا مقال المعركة بين القديم
والجديد
تنتهي دائما بانتصار الجديد/ ص29-32.
الهيئة العامة المصرية 1971.
انظر أيضا/
إبراهيم عبد الرحمن: بين القديم والجديد.
ص/369, ص377, انظر أيضا/ قضايا
الشعر
المعاصر: ص7-12 من المقدمة الخاصة بالطبعة الرابعة.
80- أنشأ في
هذا الاتجاه أحد الدارسين كتابا سماه مناورات الشعرية وهو
على طبيعته البلاغية يحمل الكثير من الإضاءة الحداثية،
وقد عرف صاحبه الدكتور محمد بن عبد المطلب بنزعته الأسلوبية التي تميل الى كفة
البلاغة، الكتاب صادر عن دار الشروق. ط/2/1996.
انظر فاتحة
لنهايات القرن/ أدونيس/ ص255/ يلاحظ في هذا السياق أدونيس
أنّ مفهوم
النقد مازال يتشبث بنظرية: "انصر أخاك ظالمًا أومظلومًا" هذا القانون
يراه قبليا
ويرى انّه هو نفسه الذي يعتمد لمناصرة القصيدة النمطية / دار العودة/ بيروت ط1/1980.
81- أساليب
الشعرية: (ص68-69) وممّا يذهب إليه في هذا المدار إطلاق اسم الأسلوب الحسي على
نرجسية نزار ولهذا ترتبط –حسب الدكتور صلاح فضل– "بتخليق وتنمية هذا الوعي الفردي
الحاد بالجسد والانتقال به من مقام المكبوتات المسكوت عنها مصدر العار والخجل."
انظر هذا
التصوّر في دائرة الإبداع أيضا: ص97-98. انظر أيضا الكيان الشعري
عند نزار قباني: د/محي الدين صبحي, دار الخيال/ ط/ 1999/ بيروت/ لبنان/ ص92-127.
82- أساليب
شعرية: ص/47.
83- نفسه: ص48-49.
84- الأبيات
الواردة باعتبارها مقولات شعرية تمثل بيان الشعرية التقليدية وقد ذكرناها من باب
التمثيل لا الحصر وشيوعها جعلها تمثل عناوين أو أسماء متداولة تردد بشكل عفوي لدى شريحة
واسعة, ومن أمثلتها الكثير,
85- بناء
القصيدة في النقد القديم: ص349.
86- نفسه, ص
348.
87- فاتحة
لنهايات القرن: ص 314.
مجلة
التبيين 28-2007 تصدر عن جمعيية الجاحظية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق