مصطلح الحداثـة عند أدونيس
وزارة التعليـم العالـي و البحـث العلمـي
جــامعة قاصدي مرباح ورقلـــة
كليـة الآداب و اللغـات
قسم اللغـة والأدب العربي
مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الأدب العربي
تخصص : النقد العربي و مصطلحاته
إعداد الطّالب : - منصور زيطة
إشـــراف :أ / د . عبد الحميد هيمة
السنــة الجــامعية : 2012 / 2013
لا يخفى على أي باحثٍ في أي حقلٍ من حقول المعرفة الدور الكبير الذي تؤديه المصطلحات في بناء العلوم والمعارف و التي يرتبطُ تطورها وازدهارها بمدى توفّر و دقّة و عدم اضـطراب المصطلحات الخاصة بها، فالمصطلح هو الوسيلة الأساسية لتكوين وتنظيم وتقـدّم أي معرفـة ، وليس من المبالغة في شيء القولُ إنه لا وجود لعلمٍ أو منهجٍ من غير جهاز مصطلحي خاص به ، وبخاصة في هذا العصر الذي تشعبت فيه المعارف والعلوم وتوسعت بشكلٍ لم تشهده البـشرية من قبل ، ولهذا كان من الضروري على كلّ أمة تهدف إلى أن تكون لها مكانة في مجال العلـوم أن تكون لغتها متوفرةً على مصطلحات دقيقة وواضحة، لأنّ دقة ألفاظ لغـة مـا ووضـوح مفاهيمها من دقّة تفكير المتكلمين بها ، وبمدى عناية أمة ما بالمصطلحات يمكن أن نقيس مرتبتها في السلوك العلمي الذي هو أساس كل تقدم .
إنّ من أهم أسباب ضعف النقد الأ دبي هو افتقاره إلى مصطلحات خاصة بـه تـسهم في إمداده بمعايير و ضوابط دقيقة ومناهج تساعده على إصدار أحكام عادلة وبالتـالي في تطـوره وتطور الأدب عموماً لقد مر النقد العربي بمراحل تمكّن فيها بفضل بعض النقّاد و البلاغـيين العرب من أن يشكّل تراثا بلاغيا و نقديا لا يستهانُ به، ولكن يعود النقد العربي بعد فترة مـن الجمود في العصر الحديث و المعاصر ليجد نفسه غريبا عاجزا في عصر تمكّن فيه نظيره الغربي من الوصول إلى مراتب متقدمة في مجال البحث العلمي الموضوعي بفضل عوامل متعددة ساندته في تشكيل مناهج علمية و مصطلحات دقيقة
ويعد مصطلح الحداثة من أهم المصطلحات التي أثارت الكثير من الجدل لـيس في النقـد الأدبي العربي فقط و لكن في الفكر العربي عموما ، ذلك لكونه مصطلحا يتضمن الكثير مـن الالتباس والتعقيد، و لكونه أيضا من المصطلحات القليلة التي استوعبتها أغلب العلوم الإنسانية –إن لم نقل جميعها -فهو مصطلح شامل يعبر عن رغبة الكائن البشري في استكشاف المجاهيل والغوص في المستقبل البعيد و ركوب التطور المستمر الذي لا تحده نهاية .
يمكن أن نقول بدون تردد أن الشاعر المفكر (أدونيس ) أثار الكثير من الجدل حوله ، لـيس بسبب شعره فقط و إنما بسبب الأفكار و الآراء الجريئة التي يطرحها حول كل القضايا التي تهم المجتمع العربي خاصة تلك التي ترتبط بالتراث عموما و بالدين الإسلامي خصوصا ،كذلك يمكن أن نقول أنه لا يوجد شخص ارتبط اسمه بمصطلح الحداثة في حياتنا العربية المعاصـرة مثـل (أدونيس ).
إنّ أهمّية مصطلح الحداثة في الأدب العربي وفي حياتنا العربية بجميع مجالاتها ، كافية لتجعـل منه مبرراً لاختياره ، أما اختيار (أدونيس) فكان لسببين ،أولهما أنه الأكثر ارتباطاً بهذا المصطلح ، وثانيهما أنه أثار الكثير من الجدل بسبب آرائه ومواقفه وهذا عامل يغري أي باحـث علـى استقصاء هذه الآراء واستكشافها .
من أهم التساؤلات التي يحاول هذا البحث الإجابة عنها تساؤلان رئيسان هما :
- ما هي أهم خصائص مصطلح الحداثة عند (أدونيس ؟)
- ما المكانة التي يحتلّها مفهوم الحداثة في الفكر الأدونيسي؟
ولا شك أنّ الإجابة عن هاذين التساؤلين يفضي إلى الإجابة عن الكثير من التساؤلات التي لا مفر من الإجابة عنها مثل :
- كيف وظف ( أدونيس) مصطلح الحداثة ؟
- ما هي مفاهيم الحداثة عند (أدونيس ؟)
- ما هي المرجعية الفكرية والأبعاد لمصطلح الحداثة عند (أدونيس ؟)
- ما علاقة الحداثة بمفاهيم مركزية كالتراث واللغة ...الخ في المشروع الأدونيسي؟
- ما أهم الظروف التي أحاطت بنشأة مصطلح الحداثة في الغرب
وللإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها و بعد مطالعة واسعةٍ شملت أغلب مؤلّفات (أدونيس ) التنظيرية قُسم البحثُ إلى تمهيد وثلاثة فصول ، جاء التمهيد موسوماً بـ (الحداثة المـصطلح والمفهوم) وتناول أهم التحولات التي شهدها المجتمع الأوربي في ما يسمى بالعـصور الحديثـة (عصر النهضة وعصر التنوير وما بعدهما ) والتي نشأ في أحضانها هذا المصطلح ، و أهم مفاهيم الحداثة في الفكر الغربي وفي الأدب العربي والجدل الذي أثاره ، وخصص الفصل الأول (الحداثة عند أدو نيس:المصطلح والمفهوم ) للحديث عن مصطلح الحداثة وخلفياته الفكريـة وأبعـاده ومفاهيمه عند (أدونيس) وأهم معوقات الحداثة العربية وعلاقتها بالحداثة الغربية وقد تمّ اختيار مدونة تشكّلت من خمسة كتب للدراسة الإحصائية هي :
1- فاتحة لنهايات القرن بيانات من أجل ثقافة عربية جديدة .
2- الشعرية العربية.
3- النص القرآني وآفاق الكتابة .
4- الثابت والمتحول بحث في الإبداع و الإتباع عند العرب ج، 4 صدمة الحداثة وسلطة الموروث الشعري.
5- كلام البدايات .
أما الفصل الثاني (مشروع الحداثة الأدونيسية ) فقد تناول تلك العلاقات الهامة التي تأسست في فكر (أدونيس) بين مفهوم الحداثة وبعض المفاهيم المهمة الأخرى في الأدب العربي كـالتراث واللغة وغيرهما ، وهو ما يبيّن المكانة التي يحظى بها مفهوم الحداثة في الفكر الأدونيسي ، ولأهمّية الشعر في هذا الفكر فقد خصص الفصل الثالث (الحداثة و الشعر عند أدونيس ) للحديث عن الحداثة في الشعر كما يراها (أدونيس ، ) وكان التركيز فيه على ماهية الشعر واللغـة الـشعرية والإيقاع والتلقّي، وفي الأخير جاءت الخاتمة بأهم النتائج التي وصل إليها هذا البحث .
وإذا كان لكلّ بحثٍ منهج يتكأ عليه فقد اقتضت طبيعة البحث الاسـتناد علـى المنـهج التاريخي و بخاصة في التمهيد و المنهج الإحصائي و على إجراءات وآليات الوصف والاسـتقراء والتحليل، ولا شك أنّ كلّ بحث تعترضه صعوبات ،ولعلّ أهم ما اعترض سبيل هذا البحث هو طبيعة مصطلح الحداثة نفسه الذي أقر كلّ من تناوله بالدراسة - سواء من العرب أو غيرهـم - بأنه مصطلح شديد ال تعقيد، عصي عن التحديد ، أما الصعوبة الثانية فهي قلّة المراجـع الـتي تناولت مصطلح الحداثة في الفكر النقدي عند (أدونيس ) وأغلب المراجع التي تتحـدث عـن (أدونيس) تخوض في إبداعه الشعري و مظاهر الحداثة فيه ،ومن المراجع التي سبقت هذا البحث في دراسة مصطلح الحداثة عند ( أدونيس) والتي أفدت منها كثيرا.
1- عبد الغني بارة :إشكالية تأصيل الحداثة في الخطاب النقدي العربي المعاصر.
2 - سعيد بن زرقة : الحداثة في الشعر العربي أدونيس نموذجاً.
3 - حبيب بوهرور: تشكل الموقف النقدي عند أدونيس ونزار قباني .
وفي الأخير لا يسعني إلاّ أن أتقدم بالشكر الجزيل والتقدير العميق للأستاذ المشرف الدكتور (عبد الحميد هيمة ) الذي لولاه لما عرف هذا البحث طريقاً إلى الوجود ، لقد أحاطني بالتشجيع المتواصل والنصح المفيد والتوجيهات الصائبة ،وإني أدعو اللّه عز وجلّ أن يجعله ذخراً وعونـاً لكلّ طالب علم ،كما أشكر جميع أساتذة قسم اللغة والأدب العربي في جامعة ورقلة والقائمين على مكتبته .
تمهيـد
الحداثـة المصطلح والمفهـوم
الحداثـة عند الغرب
- الإطار المكاني والزماني
- مفاهيم الحداثة في الفكر الغربي
الحداثـة عند العرب
- مفهوم الحداثة في الأدب العربي
- جدل الحداثة في الأدب العربي
الفصل الأول الحداثـة عند أدونيس :
المصطلح والمفهوم
- توطئة: نبذة عن حيـاة أدونيس
- مصطلح الحداثة عند أدونيس
- المرجعياتالفكرية والأبعاد لمصطلح الحداثة عند أدونيس
- مفهوم الحداثة عند أدونيس
- بين الحداثـة العربية والحداثة الغربية
- معوقات الحداثـة العربيـة
الفصل الثانـي مشروع الحداثـة الأدونيسية
- توطئة: أدونيس ومشروع التغيير
- النص القرآني و الحداثـة
- التـراث و الحداثـة
- اللغة و الحداثـة
- النقـد و الحداثـة
- الثـورة و الحداثـة
الفصل الثالث الحداثـة والشعر عند أدونيس
- توطئة: أدونيس والتجديد في الشعر العربي
- ماهيـة الشعر
- اللغة الشعرية
- الإيقـاع و الوزن التلقـي
خاتمة:
بعد هذه الرحلة الاستكشافية في عالم الحداثة و (أدونيس) يمكن أن نقف على أهم النتـائج التي توصلّ إليها هذا البحث وهي :
- نشأ مصطلح الحداثة في الغرب ، وواكبت نشأته أهم التحولات الكـبرى الـتي عرفتـها المجتمعات الأوربية والتي تمخض عنها أهم وأعظم تطور في حياة البشرية ، ثمّ انتقل مصطلح الحداثة إلى الأدب العربي بغموضه وتعقيداته ، ولهذا تعددت مفاهيمه التي استندت إلى رؤى شخصية و، قد أثار مصطلح الحداثة جدلاً نتج عنه بروز تيارين متصارعين ، تيار معادٍ للحداثة الغربيـة وآخـر مناصرٍ لها وبرز تيار آخر يحاول التوفيق بينهما
- استخدم (أدونيس) مصطلح الحداثة مقيدا بنسبة تفوق استخدامه له مطلقا ،و يعود ذلـك إلى أنّ الحداثة مصطلح فكري مركّب وواسع الاستخدام في العديد من المجالات المعرفيـة وهـو يحتاج إلى الكثير من الوصف والشرح والتفصيل والاستقراء من جميع الجوانب و الزوايا .
- استحوذت تراكيب الإضافة والوصف على أغلب استخدامات مـصطلح الحداثـة عنـد (أدونيس) ويشير ذلك إلى حرص هذا الأخير على تحليل واستقراء كل ما له علاقة بهذا المصطلح باعتباره العنصر المستهدف بالدراسة في كتاباته التنظيرية .
- أخذ مصطلح (حديث) النصيب الأكبر من الاستخدام من بين مشتقات الجـذر اللغـوي لمصطلح الحداثة ، بسبب ارتباطه الوثيق بمصطلح الحداثة من جهة ، وعدم نفور (أدونـيس ) مـن استخدامه من جهة أخرى ، لكن ما تجب الإشارة إليه هو أن هذا المصطلح لا يأتي دائما مرادفًـا للحداثة أو معبراً عنها ، إذ كثيرا ما يستخدمه (أدونيس) مقابلاً لكلمة قديم أو للتعبير عن العصور المتأخرة (العصر الحديث ،النقد الحديث ،الدولة الحديثة ،العالم الحديث ، الإعلام الحـ ديث،... ، )الخ وجاء مصطلح (محدث) ثانيا من حيث الاستخدام لكن لا يستخدمه (أدونيس) إلاّ عند الحـديث عن التراث العربي، لأن هذا المصطلح كثُر استخدامه عند النقاد والبلاغيين العرب .
- من أهم العلاقات التي تشكّلت مع مصطلح الحداثة عند (أدونيس) نجد علاقـة الائـتلاف خاصة مع الجدة والتجديد ، علاقة الاختلاف وبخاصة مع التقليد ، علاقة الاقتضاء مع الإبـداع ، علاقة التضمين مع الرفض والتمرد... .
- استند مصطلح الحداثة عند (أدونيس) على الخلفية الفكرية الغربية وبخاصة الفلسفة الألمانية والشعرية الفرنسية ، لكنه حاول أن يجد جذ ورا لهذه الحداثة في التراث العربي ببحثه عن نمـاذج إبداعية تستجيب لمعايير و مقتضيات الحداثة الغربية
- الحداثة بمفهومها الشامل عند (أدونيس) ثلاث مستويات ، حداثة علمية وحداثة الـتغيرات الثورية، الاقتصادية ، الاجتماعية ، السياسية وأخيراً الحداثة الفنية ،فالأولى تستهدف معرفة الطبيعة والسيطرة عليها ، أما حداثة التغييرات الثورية فتعني ظهور أفكار ونظريات جديدة ينتج عنها بروز أنظمة جديدة تؤدي إلى تحول في بنيات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وأخيراً الحداثة الفنية التي تصدر عن نظرة جديدة للكون وللإنسا ن وتتمثّل في التساؤلات التي تستكشف اللغـة الشعرية وتؤدي إلى تجارب جديدة وطرق مبتكرة في التعبير وهو هنا يقتصر على فـن الكتابـة الشعرية دون بقية الفنون الأخرى .
- مفهوم الحداثة عند (أدونيس) متحرك غير قابل للتحديد وهو ما اعترف به ،ومع ذلك ومن خلال قراءة شاملة لمواقفه وآرائه يمكن أن نستخلص ما يلي :
مقومات الحداثة الأدونيسية
- موقف وعقلية
- رؤيا متفردة للكون و للإنسان
- إبداع
- إبتكار طرق في التعبير
خصائص الحداثة الأدونيسية
- التمرد والثورة على النظام الـسائد والتقاليـد بجميـع أشكالها
- الاتصال بالتراث والانفصال عنه في آن واحد
- الاقتران بالاختلاف والتغير والخروج على النمطية
- إرساء مبدأ التساؤل والاحتجاج
- فتح آفاق جديدة للتجارب الإبداعية
مقتضيات الحداثة الأدونيسية
- الكشف والمغامرة والقبول بالمجهول
- تجاوز المفاهيم الموروثة
- معرفة معمقة للحاضر والماضي
- نفي وإبطال أوهام الحداثة في الشعر خاصة
- حسب (أدونيس) فإنّ أهم ما يميز الحداثة الغربية عن نظيرتها العربية هو تحررهـا مـن أي مرجعية دينية وإيمانها بقدرة الإنسان على التغيير وعلى الإبداع ونشرها للفكر النقدي فهي كمـا يصفها دنيوة ، أما الحداثة العربية فأهم ما يميزها سيطرة النظام الإيديولوجي وتهميش الذات وهي على العموم ديننة ،وإذا كانت الحداثة الغربية تتفوق على الحداثة العربية في جميع المستويات تقريباً فإنّ الحداثة العربية في مجال الشعر تضاهي نظيرتها الغربية .
- يرى (أدونيس) أنّ الحداثة العربية تواجهها معوقات على رأسها هيمنة الثقافة التقليدية التي يكرسها النظام السياسي الإيديولوجي القائم وكذلك الوضع الصعب الذي تعيشه اللغة العربيـة وأخيراً انتشار التقليد بوجهيه تقليد الأنا (بالارتداد إلى التـراث ) وتقليـد الآخـر (الأوروبي - الأمريكي ، ) وحضور التقليد يعني غياب الإبداع بصفة تلقائية .
- يبرز عند (أدونيس) النص القرآني ليس كنص حداثي أدبي فريد فقط ، وإنمـا كباعـث أساسي لبروز الحداثة بجميع أشكالها في الثقافة العربية ، فالدراسات القرآنية أرست دعائم الحداثـة النقدية والحداثة الشعرية والحداثة الفكرية على وجه شامل.
- إنّ الحداثة التي يدعو إليها (أدونيس) لا تشكّلُ قطيعةً جذرية مع التراث ،إنمّا هي تواصـل إبداعي ولغوي مع هذا التراث ، وهي بذلك تستمد منه قوتها وحضورها ، إنّ ما ترفـضه هـذه الحداثـة هو أن تكون مجرد مرآة عاكسة له ، وانطلاقاً من كلّ هذا تدعو الحداثة الأ دونيسية إلى إعادة قراءة الأصول (القرآن والحديث الشريف والشعر الجاهلي ) قراءة حديثة ، إنّ إعادة قـراءة التراث قراءة جديدة هي التي جعلت أدونيس يكتشف الحداثة السياسية فيه (الخوارج ، الـزنج ، القرامطة...الخ) والحداثة الفكرية (المعتزلة ، الصوفية ، ابن رشد ... و)الخ الحداثة النقدية (عبد القاهر الجرجاني)والحداثة الشعرية (بشار بن برد ، أبو نواس ، أبو تمام ... ، )الخ مع الإشارة إلى أنّ الحداثة الغربية هي التي أرشدت (أدونيس) إلى الحداثة في التراث العربي.
- الحداثة الأدونيسية تدعو إلى تحديث اللغة ، فاللغة ليست وسيلة تعبير وحسب إنها طريقـة تفكير، فلا يمكن الدخول إلى عالم الحداثة بلغة تقليدية ولا يتم تحديث اللغة العربيـة إلاّ بمعرفـة معمقة لها قديمها وحديثها ليتم بعد ذلك استكشاف أبعادها وتفجير طاقاته .
- يرى (أدونيس) أنّ الحداثة في الكتابة تقتضي حداثة في النقد ، فلا يم كن مقاربة نـصوص الحداثة بمقاييس نقدية تقليدية عاجزة عن مواكبة التطور الحاصل في الكتابة الإبداعية ، على النقد الحديث تجاوز كلّ المفاهيم الموروثة وذلك باستيعاب كلّ جديد والتسلّح بمعرفة شاملة وعميقة ، ومن الأمور التي يركّز عليها أدونيس هي مطالبتـه للنقـد الحـديث أن يتعـرض إلى مـسألة التلقي/القراءة بمزيد من الاهتمام .
- مصطلح الثورة يحمل نفس مفاهيم الحداثة عند (أدونيس) في كتاباته الأولى وذلك قبـل أن يستخدم مصطلح الحداثة ، وبين الحداثة والثورة علاقة رحم قوية في الفكر الأدونيسي ذلك أنّ كلّ حداثة حقيقية هي ثورة شاملة بالمفهوم الواسع للثورة الذي يدعو إلى تجاوز كلّ المفاهيم التقليدية .
- الحداثة الشعرية في الفكر الأدونيسي تهدم كلّ المفاهيم السابقة وأولها مفهوم الشعر الـذي أصبح رؤيا وتعاملاً عبقرياً مع اللغة ، وهو نوع من الكشف عن المعرفة التي تتجاوز القدرة العقلية ، أما القصيدة الحديثة فهي قصيدة إنسانية كلّية ، إنها وحدة تنصهر فيها جميع الرؤى و تتـداخل فيهل كلّ الأجناس الأدبية .
- الحداثة الأدونيسية تعلي من مكانة اللغة الشعرية وتعتبرها المعيار الأساس في التفريق بين الشعر والنثر الشعر، واللغة الشعرية هي لغة تتجاوز الواقع إنها لغة خلق أكثر من كونها لغة تعبير .
- الحداثة في الشعر عند (أدونيس) تسعى إلى تجاوز البنية الإيقاعية الخليلية والتحرر من قيودها التي تعيق الدفقة الشعرية ، ويمكن القول أنها تسعى إلى تأسيس قطيعة جذريـة مـع إيقاعـات (الخليل ، ) والعودة إلى المنبع الأول لها وهو موسيقى اللغة العربية .
- يرى (أدونيس) أنّ الحداثة في الشعر تقتضي حداثة في قراءته ، ولا يمكن أبداً تذوق قصيدة حديثة من خلال قراءة سائدة موروثة ، والحداثة في القراءة تقتـضي قـدرة ومعرفـة عميقـة واستحضاراً شعورياً خاصاً، لأنّ القراءة تجربة إبداعية أخرى.
- لم تستطع الحداثة الأدونيسية تأسيس بنية إيقاعية بديلة لإيقاعات (الخليل ، ) كما فشلت في إيجاد حلّ لأزمة التلقّي التي يعاني منها شعر الحداثة ، وأرجعت سبب الأزمة لتدني الثقافة الشعرية للقارئ العربي،وهذا لا يشكّل وحده سبب هذه الأزمة ،فطبيعة هذا الشعر لها أيضاً دور فيها .
- ترى الحداثة الأدونيسية في الشعر كشفاً لنوع من المعرفة لكن دون أن تصف هذه المعرفة أو تتناولها بنوع من التحليل ، فهي معرفة يحيط بها الغموض وهو الظاهرة التي يتميز بها أيـضاً شـعر الحداثة .
- كثيراً ما يستخدم (أدونيس) في حديثه عن الحد اثة لغة جميلة وأسلوب جذّاب ، لكن هـذه اللغة لا تصلح في الكتابة التنظيرية التي تتطلّب لغة نثرية مباشرة وأسلوبا علميا واضحا .
- من النتائج الهامة تحجيم (أدونيس) لدور العقل وهذا يعني تشكيكه في العقلانيـة اقتـداءً (بـ نيتشه ، ) وهي من أهم مقومات الحداثة الغربية ويبدو هذا نوعاً مـن التنـاقض في فكـر (أدونيس) لكن (أدونـيس ) لا يـرفض العقلانيـة ولا ينكـر دورهـا في الحداثـة العلميـة والاقتصادية...وإنمّا يبعدها عن الحداثة الفنية والإبداع بصفة عامة .
- يحاول (أدونيس) تأصيل الحداثة الغربية وذلك بالبحث عن جذور لها في التراث العـربي ، فنرى الحداثة الشعرية (أبو نواس وبشار )والسياسية(التمرد والفرق الخارجة) والفكرية(ابن رشد) والنقدية(عبد القاهر الجرجاني) ،أما قصيدة النثر الغربية فلها أصول عربية متمثّلة في النـصوص الصوفية (النفري وابن عربي ،) لكن يمكن لأي باحث في أي ثقافة أن يفعل ذ لـك لأنّ الإبـداع والتمرد على السائد من الصفات البشرية التي لا تقتصر على زمن أو ثقافة .
- لم تعط الحداثة الأدونيسية أي أهمّية لإلقاء الشعر ، وكأنّ شعر الحداثة وجد ليقرأ فقـط ، مع أنّ طبيعة الشعر العربي وتاريخه يؤكّدان أنّ الإلقاء يلعب دوراً كبيراً في التواصل مع الجماهير .
- هناك تشابه كبير بين شخصية (أدونيس) وطبيعة مصطلح الحداثة بالمفهوم الغربي فكلاهما يحمل سمة التمرد والحراك الدائم والتجديد المستمر وينبذ تقديس المفاهيم أو تحديدها والجمـود والرتابة وبنوع من المبالغة يمكن القول أنهما وجهان لعملة واحدة .
- فكر الحداثة عند (أدونيس) شكّلته روافد عديدة أهمّها المدرسة الرمزية والسريالية والفلسفة الألمانية والتراث العربي وبخاصة الفكر الصوفي إلى جانب اجتهادات تنظيرية أدونيسية خالصة لا يمكن تجاهلها .
- يبدو أنّ مفهوم الحداثة هو المفهوم المركزي والمح وري في الفكر الأدونيسي ، بـل يمكـن القول أنّ هذا الفكر بدون الحداثة يفقد الكثير من أهمّيته ، فكلّ مواقـف (أدونـيس ) وآرائـه وإبداعاته يسيطر عليها ويوجهها مفهوم الحداثة ، أو لنقل إن صح التشبيه ،إذا تمثّل هذا الفكـر رجلاً فبصره هو الحداثة ، لا ينظر إلى أي شيء إلاّ بمنظور واحد هو منظار الحداثة ، وهو أمر إذا نظرنا إليه إيجابياً قلنا أنّ (أدونيس) يحمل هموم هذه الأمة وينشد لها التطور والتقدم لتـصل إلى مراتب الأمم المتقدمة ، أما إذا نظرنا إليه سلبياً فنقول أنه متأثّر بالفكر الأوروبي ويحاول طمـس بعض القيم الدينية، ولعلّ هذا هو سبب الجدل الذي أثاره الفكر الأدونيسي .
- إذا كانت من أهم ميزات الحداثة رفض التحديد والعقلنة ، فقـد انعكـس ذلـك علـى فكر(أدونيس)كلّه فأغلب المفاهيم التي يتناولها مفاهيم زئبقية متحركة دائمة التحول تأبى التحديد والثبات، هذه الميزة تعبر عن نوع م ن الاضطراب والقلق ، وإن كان يرى فيها البعض سمة إيجابيـة تتمثّل في التجدد والحيوية ، لكن الفكر الذي لا يرتكز على المقاييس العقلية ولا ينتج مفاهيم محددة هو فكر لا يمكن الاستناد إليه كمرجعية ولا يمكن الاعتماد عليه في بناء أي حضارة .
- تلك أهم النتائج التي توصل إليها هذا البحث الذي يفتح الباب على مصراعيه لأي بحـث آخر يحاول الكشف عن عالم (أدونيس) وعالم الحداثة وهما عالمان غامضان يتضمنان الكثير مـن النقاط المظلمة التي تحتاج إلى من يسلّط عليها الأضواء من خلال المزيد من رحلات الاستكشاف العلمي .
Summary :
This research tries to unfold the term Modernity in the poetry of Adonis (an Arab poet),in the preamble, it investigates about the most Important circumstances which surrounded the rise of this term in its original western thought ,and ,it searches about how the transition was done to the Arab literature ,which concepts were adopted and argued.
In the first chapter ,the research concentrates on what is meant by the modernity in the poetry of Adonis and shows the obstacles which faced the Arab modernity in comparison with the western one. Then , in the second chapter , it deals with the importance of modernity in the thinking of Adonis through the explanation of the most important relations which were founded between modernity and some basic concepts in the Arab thought .
Finally ,it deals in the last chapter with modernity in poetry as seen by Adonis and focuses on the meaning of poetry , the poetic language ,rhythm and the poetry reception matter.
أو
أو
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق