ثلاثون وصية نبوية للعروسين ليلة الزفاف
مجدي فتحي السيد
جمع هذا الكتاب (32) وصية من وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - المتعلقة بآداب الزفاف والوليمة والجماع، مع الإشارة إجمالاً إلى مراعاة الحقوق وحسن العشرة الزوجية، كما تضمنت الوصايا ذكر بعض أحكام الزينة والطهارة المرتبطة بالموضوعات المذكورة.
الوصية الأولي : دعاء المدعويين للزوج و الزوجة
الوصية بدعاء المدعويين للزوج والزوجة يستحب أن يقوم المدعوون بالدعاء للزوجين ما ورد في السنة النبوية، وذلك ليلة الزفاف، وما بعدها.
يروي أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: (( بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير )) . حديث صحيح . أخرجه أحمد (2/38 ) ، وأبو داود (2130 ) ، والترمذي (1097) ، وابن ماجة (708) ، والدارمي (2/ 134 ) ، وابن حبان (1284 ) ، والحاكم (2/ 183 ) و صححه وأقره الذهبي .
((رفَّأ )) بفتح الراء، وتشديد الفاء معناه : دعا له، والرفاء : الإلتئام والإتفاق، والبركة والنماء .
وقد كان أهل الجاهلية يقولون لمن تزوج : بالرفاء والبنين، فجاء الإسلام بالدعاء للزوج بالبركة ، وقدمها الإسلام على هذا الدعاء الجاهلي لما فيه من التنفير عن البنات، والتقدير لبغضهن في قلوب الرجال لكونه من دأب الجاهلية.
وقد بدأ النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : (( بارك الله لك )) أي بارك الله لك في هذا الأمر، ثم ترقى منه، ودعا لهما، (( وبارك عليك )) لأن المراد في الذراري والنسل، لأنه المطلوب بالتزوج، وحسن المعاشرة، والموافقة، والاستمتاع بينهما على المطلوب الأول هو النسل، وهذا تابع.
الوصية الثانية : الدعاء للمتزوج ليلة الزفاف
الوصية بالدعاء للمتزوج ليلة الزفاف ثبت في السنة النبوية الوصية بالدعاء للمتزوج، واستحباب القيام بذلك. والدعاء للمتزوج يكون بالبركة، وأما الدعاء بدعاء الجاهلية (بالرفاء والبنين) فقد نهى الشرع الإسلامي عن ذلك.
روي أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرةٍ، فقال : (( ماهذا )) . قال : إني تزوجت إمرأة على وزن نواةٍ من ذهب. قال عليه الصلاة والسلام : (( بارك الله لك )) .
حديث صحيح أخرجه البخاري (7/85 )، ومسلم (1426 ) ، والترمذي (1100 ) ، والنسائي (6/ 128 ) ، وابن ماجة (1907 ) , عبد الرزاق ( 10457) ، والدارمي ( 2/ 143 ) ، والبيهقي (7/80/148 ) في سننه الكبرى تزوج ابن عوف، ورؤي عليه أثر الصفرة يعني الزعفران، وقد ثبت في الصحيح من السنة النبوية النهي عن التزعفر للرجال، وكذا النهي عن اَلخُلوق لأنه شعار النساء، وقد نهي الرجال عن التشبه بالنساء.
فهلا تمسكنا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بلدعاء للعروسين في ليلة الزفاف بالبركة ؟ هذا ما أرجوه، وهذا ما أتمناه.
الوصية الثالثة : اللهو المباح في ليلة الزفاف
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف كما ورد في السنة النبوية : اللهو المباح.
تروي عائشة – رضي الله عنها – أنها زفَّت إمرأة إلى رجلٍ من الأنصار، فقال نبي الله : "يا عائشة، ما كان معكم لهو؟، فإن الأنصار يعجبهم اللهو ".
حديث صحيح . أخرجه البخاري (5162 ), الحاكم (2/ 184) , والبيهقي ( 7 / 288 ) في سننه الكبرى وفي روايةٍ أخرى : أن النبي قال : (( مافعلت فلانة؟ )) ليتيمةٍ كانت عندها.
فقالت أهديناها إلى زوجها، فقال: (( هل بعثتم معها جارية تضر ب الد ف وتغني )) .
قالت: ماذا تقول؟قال:" تقول :
أتيـــــناكم أتيــــناكم فحـيونا نحييكم
لولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم
لولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم حديث حسن لغيره . رواه الطبراني في الأوسط كما في المجمع ( 4/ 289 ) وسنده فيه ضعف ، وله شواهد عن أنس بن مالك ، وجابر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم .
وتقول الرُّبيع بنت معوذ – رضي الله عنها - : جاء رسول الله فدخل علي صبيحة بُنِيَ بي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلن جويريات يضربن بدفًّ لهن، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر، إلى أن قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في الغد .فقال عليه الصلاة والسلام: (( دعي هذا، وقولي الذي كنت تقولين)) .
حديث صحيح أخرجه البخاري ( 4001) ، ( 5147) وأبو داود ( 4922) وابن ماجة ( 1897 ) ، البغوي ( 2265 ) في شرح السنة ، والبيهقي ( 7/ 289 ) وأخرجه ابن سعد (8/477) في طبقاته ، وأحمد ( 2/ 360 ) بلفظ : "أما هذا فلا تقولوه " وأخرجه الترمذي (1096 ) بلفظ " اسكتى عن هذا وقولي الذي كنتِ تقولين " .
((بُنِيَ بي )) : البناء هو الدخول بالزوجة، وبيَّن ابن سعد في الطبقات الكبرى ( ٨ /٤٤٧ )أنها تزوجت حينئذٍ إياس بن البكير، وأنها ولدت له محمد بن إياس.
(( كمجلسك )) أي : مكانك، وهو محمو ٌل على أن ذلك كان من وراء حجاب، أو كان قبل نزول آية الحجاب، أو جاز النظر للحاجة أو عند الأمن من الفتنة.
قال ابن حجر العسقلاني : والأخير هو المعتمد، والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ، ونومِه عندها وتَفْلِيتها رأسه، ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية.
وجوز الكرماني أن تكون الرواية : (( مجَلسَك )) بفتح اللام، أي :جلوسك ولا إشكال فيها . فتح الباري ( 9/ 203 )
(( يندُبْن )) من النُّدْبه بضم النون، وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه، وتعديد محاسنه بالكرم والشجاعة ونحوها، وهو مما يهيج الشوق إليه، والبكاء عليه.ويؤخذ من هذه الوصية النبوية :إعلان النكاح، وضربُ الدف فيه مستحب.
جواز سماع الضرب بالدف صبيحة العرس.
حرمة نسبة علم الغيب لأحدٍ من المخلوقين.
إقبال الإمام إلى العرس، وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد اُلمباح.جواز مدحِ الرجل في وجهه ما لم يخرج إلى ما ليس فيه. للعروسين في ليلة الزفاف، سائلا ربي المزيد من التوفيق
الوصية الرابعة : الإعلان و الضرب بالدف
الوصية بالاعلان والضرب بالدف ومن وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف:
(( الإعلان والضرب بالدف )) . يقول عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهما – قال رسول الله : " أعلنوا النكاح " .
حديث صحيح أخرجه أحمد (5/4 ) والبزار والطبراني في الكبير كما في المجمع (289/4) وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات وأخرجه ابن حبان (147/6 ) والحاكم (97/2 ) وصححه وأقره الذهبي أي : أظهروه إظهارًا للسرور، وتفرقًة بينه وبين غيره من المآدب، وهذا نهي عن زواج السر.والمراد بالإعلان إذاعته، وإشاعته بين الناس، وقد يكون ذلك عن طريق الضرب بالدف، ففيه إعلان عن وجود عرسٍ في هذه الدار.
ولذا يقول أبو بلج يحيى بن سَليم : قلت لمحمد بن حاطب : تزوجت امرأتين ما كان في واحدةٍ منهما صوت، يعني دفًا .فقال محمد بن حاطب رضي الله عنه : قال رسول الله "فصل مابين الحلال والحرام الصوت، والدف في النكاح " .
حديث صحيح أخرجه أحمد (418/3) 259/ 4) والترمذي (1088) والنسائي (127/6 ( وابن ماجة (1896) وسعيد بن منصور (629) في سننه والحاكم (184/2) وصححه وأقره الذهبي والطبراني (242/ 19) في الكبير والبيهقي (298/7) في سننه الكبرى (( فصل )) يعني الفاصل، أو الفارق، أو المميز .
والمعنى : أن الفرق بين النكاح الجائز وغيره : الإعلان ، والإشهار .فالصوت أي الذكر والتشهير، والدف أي ضربه، فإنه يتم به الإعلان.
قال العلامة البغوي رحمه الله :إعلان النكاح واضطراب الصوت به، والذكر في الناس كما يقال :فلان ذهب صوته في الناس ، وبعض الناس يذهب به إلى السماع، وهذا خطأ. يعني السماع المتعارف بين الناس الآن .
وقال المباركفوري : الظاهر عندي – والله أعلم – أن المراد بالصوت ههنا الغناء المباح، فإن الغناء المباح بالدف جائز في العرس، يدل عليه حديث الربيع بنت معوذ الآتي في الباب تحفة الاحواذي (209/4) للمبارآفوري.
ولكن بقي السؤال : من الذي يضرب بالدف، أرجال أم نساء ؟ ومتى يضرب بالدف ؟وهل لهذا الدف من هيئةٍ خاصة ؟
في البدء أقول : الأحاديث النبوية في الباب تقتضي تخصيص الدف بالإباحة لكن في العرس، والأعياد، على أن تقتصر الإباحة على الدف الذي يشبه الغربال، ولا يلحق به الطارات ذات الصلاصل و الجلاجل لما فيها من مخالفة الشرع الحنيف .
فإن الطارات المذكورة مما جرت به عادة المخانيث، والفساق،واُلمجان لاستعمالها، و ْ تحرم كالمزامير والأوتار . كشف القناع (ص ٨٢ )لأبي العباس القرطبي .
وقال ابن عقيل الحنبلي :شرع ضرب الدف في النكاح . غذاء الألباب (151/1 ) للسفاريني.
وبالنظر إلى كلام أهل العلم . نجد أن الذي يجوز له الضرب بالدف هن النساء، وليس للرجال الضرب به بحالٍ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : النساء هن اللواتي كن يعين في ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ويضربن بالدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم، بل كان السلف يسمون الرجل المغني مخنثًا لتشبهه بالنساء . الاستقامة (277/1) لابن تيمية .
وقال أيضًا رحمه الله :ّلما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثًا، ويسمون الرجال المغنين مخانيثًا، وهذا مشهور في كلامهم . الفتاوى ( 566/565/11)لابن تيمية.
وقال العلامة الحلِيمي : ضرب الدف لا يحل إلا للنساء، لأنه في الأصل من أعمالهن . شعب الإيمان (283/4) للبيهقي.
وهكذا نجد أن الوصية بالضرب بالدف إنما يراد بها النساء، وذلك في بيوتهن إعلانًا وإظهارًا لعقد النكاح، وإدخالا للفرح والسرور على الزوجين .
ونكمل المسير مع وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف، والله تعالى يهدينا إلى الصواب.
وقفة مع اللهو في ليلة الزفاف
وقفة مع اللهو في ليلة الزفاف مما ينبغى التنبيه عليه في ليلة الزفاف أن وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بإباحة اللهو لا تعني الوقوع في المحرمات .
ومن ذلك استعمال المعازف مع الغناء بذكر ما يغضب الله من ذكر النساء وجمالهن ، وعشقهن ، ولعل الحديث النبوي التالي يوضح ذلك النهي .يروى أبو مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الْحِرَ ، والحرير والخمر والمعازف " .
حديث صحيح أخرجه البخاري (5590 ) وأبو داود (4039 ) والطبراني (3417 ) في الكبير والبيهقي ( 10 / 221 ) في سننه الكبرى .
الْحِرَ : هو الفرج ، والمعنى يستحلون الزنا .
المعازف : هى الآت الملاهي أو الآت اللهو ولا ينبغي لنا أن ننسى قول رب العالمين " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" (سورة لقمان آيه 6) .
فقد سُئل بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية الكريمة فقال : هو الغناء والاستماع إليه . خبر صحيح أخرجه الحاكم (2/411 ) وصححه وأقره الذهبي والطبري ( 21/ 39 ) في تفسيره.
وروى عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – أن رسول الله قال : (( إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت مزمارٍ عند نعمةٍ ،وصوت رنةٍ عند مصيبةٍ )) .
حديثٌ حسنٌ . أخرجه الترمذي ( ١٠١١ )، والبيهقي (4/ 69 ) في سننه الكبرى وله شواهد.
فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه صوتًا أحمق فاجرًا، وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين ؟!وأخرج النهي عنهما مخرجًا واحدًا، ووصفهما بالحمق والفجور . وصفًا واحدًا !. إغاثة اللهفان ( 1/ 273 ) لابن القيم.
وقد أبان النبي صلى الله عليه وسلم أن الغناء بالمعازف ليس من اللهو المباح عندما قال ( كل شيءٍ يلهو به الرجل فهو باطل إلا تأديبه فرسه، ورميه بقوسه، وملاعبته أهله ).
حديثٌ صحيحٌ . أخرحه أبو داود (2496 ) ، والنسائي ( 222/6) والترمذي ( 1688) وابن مماجة ( 2811 ) وأحمد ( 4/ 146، 148 ) والدارمس ( 2/ 205 ) في سننه .
وفي حديثٍ آخر قال عليه الصلاة والسلام : (( كل شيءٍ ليس من ذكر الله فهو لغو وسهو ، إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليمه السباحة)) .
حديث صحيح أخرجه النسائي ( 52 )( 53) في عشرة النساء ، والطبراني ( 1785 ) في الكبير و الأوسط كما في المجمع ( 6/ 269 ) .
مشي الرجل بين الغرضين :الغرض مرمى السهم ، والمراد مشيه لجمع السهام المرمى بهما ، أو المبارزة للقتال .
تأديبه فرسه :أي تعليمه إياه بالركض والجَولانِ على نية الغزو.
ملاعبته أهله :أي المزاح معهن بالمباح، والفرح والسرور، وللمؤمن أسوة وقدوة في الرسول صلى اله عليه وسلم المثل الكامل والأسوة الحسنة للرجال في عشرة النساء، فلقد كان ألين الناس بهن، وأشفق الناس عليهن، ويفرحهن، ويؤانسهن، ويدخل السرور إلى قلوبهن .فقيام الزوج المسلم بمؤانسة زوجته، وملاعبتها، والسعي في ممازحتهابغير باطلٍ، وإدخال السرور إلى قلبها، وذلك حتى ترفرف السعادة على دارهما.
الوصية الخامسة : الوصية بالإمتنان لذهاب النساء و الصبيان
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين فى ليلة الزفاف: الأمتنان لذهاب النساء والصبيان إلى العرس. يروى أنس بن مالك – رضى الله عنه – فيقول: أبصر النبى صلى الله عليه وسلم نساءً وصبياناً مقبلين من عرس, فقام ممتنا, فقال: (( اللهم أنتم من أحب الناس إلى )) .
حديثٌ صحيحٌ. أخرجه البخاري ( ٥١٨٠ ) ، ومسلم ( ١٩٤٨ ) ، وأحمد (3/176).
(( فقام ممتناً)) : أى قام قياما قويا, مأخوذ من المنة بضم الميم, وهى القوة, أى قام إليهم مسرعاً مشتداً فى ذلك فرحاً بهم.
وقال أبو مروان بن السراج: ورجحه القرطبى أنه من الإمتنان, لأن من قام النبى صلى الله عليه وسلم وأكرمه بذلك فقد امتن عليه بشىء لا أعظم منه.
قال: ويؤيده قوله بعد ذلك : (( أنتم أحب الناس إلى ))
وقال العلامة القابس : قوله : (( ممتنًا )) يعني متفضلا عليهم بذلك، فكأنه قال : يمتن عليهم بمحبته. وجاء في روايةٍ أخرى: ((متينًا)) أي: قام قيامًا مستويًا منتصبًا طويلا.
(( اللهم )) يقع هذا اللفظ للتبرك أو للاستشهاد بالله في صدقه. فيا أيها الزوج قم ممتنًا لمن جاءك من الرجال والصبيان. ويا أيتها الزوجة أسرعي ممتنة لمن جاءتك من النساء والبنات.
الوصية السادسة : الوصية بحسن العشرة مع الزوجة
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للعروسين في ليلة الزفاف : حسن العشرة من الزوج لزوجته . فمعاملة الزوج لزوجته تظهر من أول ليلة، فإذا أحسن، وعطف، ورفق بها, فهذا عنوان لمسيرة الحياة القادمة يقول الله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)) سورة النساء ١٩.
فلتبدأ حياتك الزوجية ليلة الزفاف بالدعاء لك ولها بالبركة، وإظهار التودد والرفق إلى زوجتك، فأنت الراعي المسؤول عن امرأته كما في وصية الرسول صلى الله عليه وسلم (( كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ، ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولةٌ عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده، وهو مسؤولٌ عن رعيته، والرجل راعٍ في مال أبيه وهو مسؤولٌ عن رعيته، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته )).
حديث صحيح أخرجه البخارى (2/6) , 3/196) , ومسلم (1829), وأحمد (3/54).
والعشرة هي المخالطة والممازجة، وقد اتصف الزوج المثالي بحسن العشرة . وحسن العشرة من الزوج المثالي لزوجته تنعكس بالصفاء على البيت فيسوده الهدوء ، والشعور بالطمأنينة .
وهذا بدوره يؤدي إلى الاستقرار والوفاق والتعاون مما يعين بدوره على تماسك أركان البيت ، ويجعل الأبناء يشبون في جو عائليٍ مستقر فالزوج المثالي يحسن عشرة زوجته انطلاقًا من قوله عز وجل (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)) سورة النساء 19.
والزوج المثالى يحسن عشرة زوجته انطلاقًا من قوله عليه الصلاة والسلام : (( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله،واستحللتم فروجهن بكلمة الله )).
حديث صحيح أخرجه مسلم (1218) , وأحمد (3/313) , وابن خزيمة (2809) , وابن حبان (3/9)
وكلمة الله التى بها شرع النكاح، وكانت العلاقة بين الرجل والمرأة قوله عز وجل (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء)) سورة النساء 3.
الوصية السابعة: الوصية بحق الزوج على زوجته
أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام الزوجات بالقيام بحق الأزواج، ويبدو ذلك جليًا في أحاديث كثيرة.: فيروي أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( لا يصلح لبشرٍ أن يسجد لبشرٍ ، ولو صلح لبشرٍ أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها )) : وتروي عائشة – رضي الله عنها – أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقًا على المرأة ؟
قال عليه الصلاة والسلام : (( زوجها )) .
حديث صحيح اخرجه احمد (3/158) , والنسائى (265) فى عشرة النساء, والبزار كما فى مجمع الزوائد (9/4) . قلت : فأي الناس أعظم حقًا على الرجل ؟ قال : ((امه)) حديث صحيح اخرجه احمد (3/158), واالنسائى(266) فى العشرة والبزار كما فى المجمع (9/4) وقال الهيثمى: رجاله رجال الصحيح غير حفص ابن اخى انس وهو ثقة وفي هذا بيان كثرة حقوقه عليها، وعجزها عن القيام بشكرها ، وفي هذا غاية المبالغة لوجوب إطاعة المرأة في حق زوجها، فإن السجدة لا تحل لغير الله ، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل من الأسباب التي يتوقف عليها دخول المرأة إلى الجنة، هو طاعة زوجها .
يقول عليه الصلاة والسلام : (( إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )) .
حديث صحيح أخرجه أحمد (1/191), وابن حبان (4151) وأبو نعيم (6/308) فى الحلية , وابن عدى (3/993) فى الكامل عن ابن عوف , وأبى هريرة رضى الله عنهما.
الوصية الثامنه: الوصية بحق الزوجة على زوجها
كما أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بحق الزوج على زوجته،فقد أوصى كذلك بحق الزوجة على زوجها، وقد ورد ذلك في السنة النبوية .
يروي أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ((اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم، والمرأة )).
حديث حسن. اخرجه النسائى( 276) , (268) فى عشرة النساء , وابن ماجه (1281), وأحمد (2/439) , والحاكم (1/63) وصححه . أحرج : أحرم , وأضيق ، ويقول معاوية بن حيدة – رضي الله عنه – قلت: يا رسول الله ، ماحق زوجة أحدنا عليه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : (( أن يطعمها إذا طعم ، ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح ، ولا يهجر إلا في البيت )) حديث صحيح أخرجه أحمد (4/447) , وأبو داود (2142) , والنسائى (269) فى العشرة , وابن ماجه (1850) , والحاكم (2/187 , 188) وصححه , وقره الذهبى.
لايقبح: أي: لايسمعها المكروه، ولايشتمها بأن يقول : قبحك الله . لا يهجر إلا في البيت : أي لا يهجرها إلا في المضجع .
وهذه هي جملة أهم حقوق الزوجة على زوجها :
١ – الإطعام والكسوة .
٢ – تعليمها العلم الشرعي وإعانتها في طلبه .
٣ – المحافظة على شعورها .
٤ – الإعفاف وتلبية نداء الغريزة .
٥ – مؤانسة الزوجة وحسن العشرة .
٦ – عدم تتبع عورتها والتجسس عليها .
٧ – تحمل أذاها والصبر عليها .
٨ – المحافظة على مالها الخاص .
٩ – الوفاء من الزوج لزوجته .
١٥- عدم الهجر في غير البيت .
١١ – العدل والقسمة بين الزوجات .
١٢ – الخروج إلى المسجد وغيره .
١٣ – حضانة الأبناء عند الفراق .
١٤ – الخلع عند البغض والكراهية .
١٥ – التزين والتجمل للزوجة .
١٦ – عدم الضرب في الوجه .
١٧ – مقام المطلقة في البيت حتى تنقضي عدتها .
١٨ – الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان .
الباب الثاني من وصايا الرسول للعروسين :
١ – وصية النساء بترك الزينة الممنوعة .
٢ – احذري لبس الباروكة .
٣ – احذري الوشم على جلدك .
٤ – احذري النمص والتنمص والتفلج .
5– الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع .
٦ – الوصية بتحسين النية قبل المعاشرة .
٧ – الوصية بالملاعبة قبل المواقعة .
٨ – الوصية بوضع اليد على رأس الزوجة .
٩ – الوصية بصلاة ركعتين بالزوجة .
الوصية التاسعة: وصية النساء بترك الزينه الممنوعه
ينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يحببه فيه ، ويقوي العلاقة بينهما لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته .احذري لبس الباروكة : ومن الزينة المنهي عنها في سائر الأيام وخصوصًا ليلة الزفاف : لبس ( الباروكة ) . وقد بدأ لبس الباروكة في غير المسلمات ، واشتهرن بلبسه والتزين به، حتى صار من علامان المميزة لهن ، ثم سرى هذا الأمر إلى النساء المسلمات، فلبس المرأة المسلمة إياها ، وتزينها اولو لزوجها ليلة زفافها هو من التشبه بالكافرات . وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك بوصيته قائلا : (( من تشبه بقومٍ فهو منهم )).
حديث صحيح أخرجه أبو داود (4012) وأحمد (2/92250) وأبن أبى شيبة (5/322) فى مصنفة , وإبن عبد البر (6/80) فى التمهيد .
ويروي سعيد المقبري – رحمه الله – فيقول : رأيت معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنه – على المنبر ، ومعه في يده كبة من كبب النساء من شعرٍ ، فقال : ما بال المسلمات يضعن مثل هذا ؟! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أيما امرأة زادت في شعرها ما ليس منه، فإنه زور تزيد فيه )).
حديث صحيح أخرجه النسائى (8/144,145) والطبرانى (800) (19/345) فى الكيير وله ضاهد عند مسلم (14/109) شرح النووى , ومتابعة عند أحمد (4/101).
احذري الوشم على جلدك
يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام النساء قائلا : (( لعن الله الواشمة والمستوشمة )) حديث صحيح انظر السابق.
أتدرين من الواشمة ؟ الواشمة من الوشم ، وهو أن تغرز المرأة ظهر كفِّها أو معصمها بإبرة حتى تدميه، ثم تقوم بحشوه بالكحل فيخضر ، أو تجعل في وجهها من قبيل ذلك .
وأما المستوشمة : هي التي تسأل وتطلب أن يفعل ذلك بها . ولقد أجمع أهل العلم على حرمة ذلك، وذلك لشديد الوعيد والتهديد النبوي.
احذري النمص والتنمص والتفلج
فلتحذر كل زوجة مسلمة أن تكون من النامصات، أو من المتنمصات ، أو من المتفلجات ، فكل هؤلاء دخلن تحت لعنة الله تعالى. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (( لعن الله المتنمصات ، والمتفلِّجات للحسن ، المغيرات لخلق الله )) . فبلغ ذلك امرأًة من بني أسد يقال لها : أم يعقوب فجاءت، فقالت : إنه قد بلغني أنك لعنت كيت وكيت ؟! ،فقال عبد الله بن مسعود : ومالي لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله . فقالت أم يعقوب : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما وجدت فيه ما تقول ؟!!: فقال : لئن كنت قرأتِه ، لقد وجدتِه ، أما قرأتِ (وما آتاكُم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) سورة الحشر 7 . قالت : بلى . قال : فإنه قد نهى عنه قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه قال : فاذهبي فانظري ، فذهبت فلم تر من حاجتها شيئًا ، فقال : لو كانت كذلك لم نجامعها .
حديث صحيح أخرجه البخارى (5931) إلى آخر الآيه فقط , ومسلم (2125)
وقد تسألين : وما المقصود بالنامصة والمتنمصة والمتفلجة ؟ أما النامصة فهي التي تفعل ذلك ، والمتنمصة هي التيي فعلا ذلك . والنمص هو نتف الشعر من الوجه على العموم . وقيل : هو نتف شعر الحاجبين على الخصوص ، وذلك بملقطٍ أو غيره حتى يصير دقيقًا حسنًا . وأما المتفلجات فهن النساءُ اللواتي يعالجن أسنان بعدما كبرن في السن ، حتى يكون لها تحدد ورقٌة وبياض ، فكأن أصحاب سن صغيرة، فيخدعن المرء في ذلك . فلتحذر كل زوجة تلك الزينة المنهي عنها في الشرع الحنيف.
ونكمل المسير مع وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين في ليلة الزفاف :
تزين الزوجه بالزينه المباحة
لم تزل عادُة الناس أن تتزين الزوجة لزوجها في ليلة زفافها ،ويطلقون على ذلك مسمى (( تجلية العروس)) وقد اجتليت أم المؤمنين عائشُة – رضي الله عنها – عند أبويها قبل أن يدخلا الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويجدر بالمرأة التي تجلي لعروس أن تحسن عرض محاسنها بما يسر زوجها، وتحسن خضابها تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين ، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين قالت : َفَقدمنا المدينَة فوعكت شهرًا فوفى شعري جميمًة ، فأتتني أم رومان ، وأنا على أرجوحة ، ومعي صواحبي ، فصرخت بي فأتيتها ، وما أدري ما تريد بي فأخذت بيدي ، فأوقفتني على الباب، فقلت هه هه حتى ذهب نفسه، فأدخلتني بيتًا ، فإذا نسوٌة من الأنصار، فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائرٍ .
فأسلمتني إليهن ، فغسلن رأسي وأصلحنني ، فلم يرعنِي إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى ، فأسلمنني إليه .
.أخرجه مسلم (1422)
الوصية العاشرة : الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع
من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام للأزواج في ليلة الزفاف الوصية بالمرح والمودة قبل الجماع فيستحب من الزوج المسلم في ليلة الزفاف أن يتودد إلى زوجته، ويتعامل معها بالمرح مظهرًا السرور بنعمة الفوز بتلك الزوجة .
وفي نفس الوقت يسعى الزوج جاهدًا في إبعاد الخوف عن نفسها، ويكون ذلك عن طريق الملاطفة، بالقول والفعل فمن القول أن يناديها بألقابٍ تحبها ، أو بأحسن أسمائها، ويداعبها ببعض الكلمات في إطار المزاح المباح .
ومن الملاطفة بالفعل أن يقدم الزوج شيئًا من الشراب إلى زوجته، وقد حدث ذلك في عهد الرسول فتروي أسماء بنت يزيد بن السكن ، فتقول رضي الله عنها إني قنيت 1 عائشة – رضي الله عنها – لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى 2، قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها،وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة ثم جئته فدعوته لجلوتها 3 ، فجاء فجلس إلى جنبها ، فأتى بعسٍ إناء – فيه لبن فشرب ، ثم ناولها فخفضت رأسها واستحيت قالت أسماء بنت عميس رضي الله عنها : وقلت لها : خذي من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت فانتهرا فشربت شيئًا ثم قال لها النبي صلى الله عليه وسلم ((أعطي تربك )) 4 قالت أسماء : فقلت يا رسول الله ، بل خذه فاشرب منه ، ثم ناولنيه. قالت : فجلست، ثم وضعته على ركبتي، ثم طفقت أديره ، وأتبعه بشفتي لأصيب منه شرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لنسوة عندي : ((ناوليهن)) فقلن : لا نشتهيه فقال عليه الصلاة والسلام : (( لا تجمعن جوعًا وكذبًا )) 5.
فمن خلال الموقف يتجلى لنا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بإدخال السرور والبهجة على قلب الزوجة بالأفعال والأقوال ونكمل المسير مع وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين في ليلة الزفاف، ومن الله تعالى العون والسداد.
________
1- قَنَّيتُ : قمت بتزيين
2-هي رواية أسماء بنت عميس رضي الله عنها
3. جلوتها : الماشطة للعروس تقوم جلوها يعني عرضها على زوجها مجلوَّة يعني مزينة .
4. حديثٌ صحيحٌ . أخرجه ابن ماجه ( 3298 ) ، وأحمد ( 6 /438 ، 452، 453، 367 ) و الحميدي ( 459 ).
الوصية الواحدة و العشرون : الوصية بحفظ العورة إلا من الزوجة
للزوج المسلم أن يحفظ عورته من كل إنسان إلا من زوجته أو ملك اليمين وليس ذلك بعيب ولا بغريب فهذا معاوية بن حيدة رضي الله عنه يقول : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟.
قال : " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ".
قيل : إذا كان القوم بعضهم في بعض .
قال : " إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها "
قيل : إذا كان أحدنا خاليا ؟
قال :" الله أحق أن يستحيا منه الناس " 1
* إحفظ عورتك : أي صنها من العيون لأنها خلقت من آدم عليه السلام مستورة ، و قد كانت مستورة عن آدم و حواء ، و دخلا الجنة و لم يعلما بها حتى أكلا من الشجرة فانكشفت فأُمرا بسترها .
وجئ بكلمة (احفظ ) ولم يأت بكلمة (استر) ليدل السياق على الأمر بسترها استحياء عمن ينبغي الاستحياء منه أي من الله ومن خلقه كما قال عز وجل : " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) " 2
لأن عدم الستر يؤدي إلى الوقاحة و هيأ للزنا .
وفيه أن للزوج النظر لفرج زوجته ، و أخذ بعضهم منه أنه يجب على الرجل تمكين حليلته من الاستمتاع به .
* إن استطعت ألا يرينها أحد : أي اجتهد في حفظها ما استطعت وإن دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها .
* الله أحق : أي وجب ان يُسْـتـَحيا ( بالبناء المجهول ) منه من الناس : عن كشف العورة و هو تعالى و إن كان لا يحجبه شئ ، و يرى المستور كما يرى العاري لكن رعاية الأدب تقتضي الستر .
قال العلائي و غيره : هذا إشارة إلى مقام المراقبة ، فإن العبد إذا امتنع عن كشف عورته حياء من الناس فلأن يستحي من ربه المطلع عليه في كل حال ، وكل وقت أولى ، و الداعي للمراقبة أمور أعظمها الحياء . 3
وقال الحكيم الترمذي : من تعرى خاليا ولم يحتشم فهو عبد قلبه غافل عن الله لم يعلم بإن الله يرى علم اليقين ، ولذلك كان الصديق رضي الله عنه يقنع رأسه عند دخول الخلاء حياء من الله تعالى .
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يغتسل في بيت مظلم حتى لا يرى عورة نفسه .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه أبو داوود (4017) و الترمذي (2794) و ابن ماجة (1920) و أحمد (5/4,3) و الحاكم ( 4/ 180) و البيهقي (1/199) , ( 2/ 225 ) في سننه الكبرى , و ابو نعيم ( 7/ 121) في الحلية و الطبراني ( 19/ 413) في الكبير .
2- سورة المعارج .
3- فيض القدير ( 1/195/196) للمناوي .
الوصية الثانية و العشرون : الوصية بالوضوء بين الجماعين
يستحب للزوج المسلم إذا أدراد أن يعاود جماع أهله أن يقوم بالوضوء ليستعيد نشاطه و يستجمع قوته ويراجع بهجته .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا "
وفي رواية أخرى : " فإنه أنشط في العود " 1
إذا أتى أحدكم أهله : أى : جامع زوجته ثم أراد أن يعود : يعنى للجماع ، فليتوضأ بينهما وضوءا : أي الجماعين يتوضأ بينهما وضوءا تاما كوضوء الصلاة ، فإنه أنشط في العود : أي أكثر نشاطا له ، أعون عليه مع ما فيه من تخفيف الحد ، لأنه يرفعه عن أعضاء الوضوء و المبيت على إحدى الطهارتين خوفا من أن يموت في نومه ، و أخذ منه أنه يسن للمرأة أيضا ، و يكره الجماع الثاني قبل الوضوء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه مسلم (308) و أبو داوود (220) و الترمذي (141) و ابن ماجة ( 517) و البيهقي ( 1/203) ، ( 7/192) في سننه الكبرى
الوصية الثالثة و العشرون : الوصية بالوضوء بعد الجماع لمن نام جنبا
يستحب للزوج المسلم و الزوجة القيام بالوضوء بعد الجماع إذا أراد أن يناما بالجنابة ، و قد ورد ذلك في السنة النبوية المطهرة .
تروى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو ينام و هو جنب غسل فرجه و توضأ وضوءه للصلاة " 1.
أما ابن عمر رضي الله عنهما فيحدثنا أن عمر قال : يا رسول الله أينام أحدنا و هو جنب ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا توضأ " 2.
وفي رواية أخرى : " توضأ و اغسل ذكرك ثم نَمْ " 3 وفي أخرى نعم و يتوضأ إن شاء الله " و في رواية أخيرة : نعم ليتوضأ ثم لينم ، حتى يغتسل إذا شاء "
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ أو تيمم .4
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغتسل أحيانا و يقول : " هذا أزكي و أطيب و أطهر " 5
و الزوج الجنب أو الزوجة إذا ناما بالجنابة ولم يحدثا وضوء فإن الملائكة لا تقرب منهما كما قال عليه الصلاة و السلام : " ثلاثة لا تقربهم الملائكة : جيفة الكافر ، و المضمخ بالخلوق ، و الجنب إلا أن يتوضأ " 6
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه البخارى ( 392 ) و مسلم (305) و ابو داوود ( 224) و النسائي ( 1/138) و ابن ماجة (591) و أحمد (6/192) و عبد الرزاق (1085) في مصنفه.
2- حديث صحيح أخرجه مسلم ( 306) و أبو عوانه ( 1/277) و الترمذي (120) و ابن ماجة (585) و أحمد (1/17،35) ( 2/17،102) و البيهقي (1/200) في سننه الكبرى.
3- حديث صحيح أخرجه مالك ( 47 ) في الموطأ و البخاري ( 1/76،80) و مسلم ( 306) و ابو داوود (221) و أحمد (2/64) .
4- سبق تخريجه .
5- حديث حسن أخرجه أبو داوود (219) و أحمد ( 6/8) و الطحاوي ( 1/129) في معاني الآثار و البيهقي (1/204) في سننه الكبرى .
6- حديث صحيح أخرجه ابو داوود ( 4180) و البخاري في تاريخه الكبير ( 5/74) و البيهقي ( 5/36) في سننه الكبري
الوصية الرابعة و العشرون : النهي بعدم إفشاء أسرار الجماع
مما نهى عنه الإسلام الحنيف إفشاء أحد الزوجين للقاء بينهما أو الحديث عما دار في الفراش فكل ذلك من الأمور القبيحة التي لا تليق بالمؤمن التقي.
و هذا الرجل الذي يتحدث عما دار بينه و بين امرأته في الفراش إنما هو في الحقيقة بعمله هذا شيطان من الشياطين.
و تلك المرأة التي تتحدث للنساء عما حدث بينها و بين زوجها في الفراش إنما هي شيطانة بعملها هذا.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته و تفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه" وفي رواية أخرى : ((إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة : الرجل يفضي إلى امرأته ، وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها)).
- يفضي : يصل ، وهو كناية عن المعاشرة الزوجية.
إن من أعظم الأمانة : أي أعظم خيانة للأمانة ، وفي هذا تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمور المعاشرة الزوجية ، ووصف تفاصيل ذلك. وهذا من آداب الإسلام الرفيعة ، وقيمه السامية ، وأخلاقه العالية.
الوصية الخامسة و العشرون : الوصية بفضل الجماع يوم الجمعة
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للأزواج و الزوجات في ليلة الزفاف ألا يغفلا عن المعاشرة الزوجية يوم الجمعة .
يروى أوس بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قا ل: " من غسَّــل و اغتسل ، ثم بكر و ابتكر ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام و أنصت و لم يلْغ ُ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها و قيامها " 1
قال البعض : ( غسَّــل ) معناه : أصاب أهله قبل الخروج إلى صلاة الجمعة ، ليكون أملك لنفسه ، و أحفظ طريقة لبصرة ، و يروى ذلك عن وكيع بن الجراح.
و قال ابن خزيمة رحمة الله : قوله ( غسَّــل و اغتسل ) أي جامع زوجته فأوجب عليها الغسل ، و اغتسل هو ( ابتكر ) : أي أدرك باكورة الخطبة ، و هي أولها . فما أعظم فضل يوم الجمعة .
ــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه ابو داود (345) و أحمد (4/104) و الترمذي (494) و النسائي (3/97) و ابن ماجة (1087)
الوصية السادسة و العشرون : الوصية بجواز اغتسال الزوجين معاً
من الوصايا النبوية في ليلة الزفاف : بيان جواز اغتسال الزوجين معا ، لو رأى عورة زوجته ، و رأت هي عورة زوجها .
تروي عائشة رضي الله عنها فتقول : كنت أغتسل أنا و رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد ، تختلف أيدينا فيه ، فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي . قالت : وهما جنبان .1 وفي رواية ونحن جنبنان .
وهذا جار على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثني و يجمع ، فيقال : جنب و جنبان و جنبون و أجناب ، و اللغة الأخرى : رجل جنب و رجلان جنب و رجال جنب و نساء جنب بلفظ واحد ، و هذه اللغة أفصح و أشهر وجاءت في القرآن الكريم .
وأصل الجنابة في اللغة : البعد ، و تطلق على الذي وجب عليه غسل بجماع ، أو خروج منيَّ لأنه يجتنب الصلاة و القراءة ، و المسجد و يتباعد منها .
و استدل الداوودي بهذا الحديث على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته و عكسه.
ـــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه البخاري ( 250 ) و ( 261) و مسلم ( 321) و أحمد ( 6/37 ، 210 ) و أبو داود (77) و النسائي ( 1/128 ، 201 ) و عبد الرازق ( 1027) , ( 1031) في مصنفه .
الوصية السابع والعشرون : الوصية بعدم الجماع في الدبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ملعون من أتى امرأة في دبرها " 1
أخي المسلم .. أختى المسلمة
من الأمور التى أتفق أهل العلم عليها أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قُبلها على أي صفة شاء ، وفيه نزلت الآية الكريمة : " نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ " 2 .قال بن عباس رضي الله عنه : ائتها أنى شئت ، مالم تأتها في الدبر و الحيض 3 .
أما الإتيان في الدبر ، فحرام فمن عمله جاهلاً بتحريمه ، نهى عنه ، فإن عاد إليه عُزّر ، وروى أن عمر ضرب رجلاً في ذلك ، و سئل أبو الدرداء عن ذلك ، فقال : و هل يفعل ذلك إلا كافر ؟! ، و ذكر لابن عمر ذلك ، فقال : هل يفعله أحد من المسلمين ؟!
ومن هذا نعلم أن من جامع زوجته في دبرها فقد أتى كبيرة من الكبائر ، و عليه أن يتوب من هذا الفعل الذي نهى عنه ربنا تبارك و تعالى و لعن النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه ، و هذا اللعن سيلتصق بصاحبه إذا تمادى في غيِّه بعد معرفته بحكم الله و رسوله في هذا الأمر .
أخي المسلم .. أختى المسلمة ..
لقد أثبت الطب في هذا العصر أن أكثر من 70 % من الرجال يصابون بمرض نقص المناعة المكتسبة إذا أتى المرأة في دبرها .
و قد عرف الإنسان منذ زمن بعيد أمراض الزهري و السيلان و القرحة الرخوة ، كأمراض تنتقل من الرجال إالى النساء ، و بالعكس عند الالتقاء الجنسي ، ثم في هذا القرن ، فوجئ العالم كله بظهور مرض الـ a.i.d.s. أي مرض نقص المناعة المكتسبة في حالة الشذوذ الجنسي .
لقد ذكر أهل العلم بالطب أن منيَّ الرجل يحتوى على مواد من الأحماض الدهنية الغير مشبعة تعرف بالبروستاجلاندين ، و يصل عددها المعروف للآن إلى حوالى اثنى عشر ، كل منها له فعل مختلف عن الآخر ، و على أنسجة مختلفة ، و من هذه المواد ما يؤثر على جهاز المناعة فيضعفه ، و يقلل إنتاج الخلايا اللمفاوية التي تقوم بعمليات المناعة في الإنسان .
ومن البديهي و المعروف أن الرجل يضع هذا المني في الرحم مهبل الزوجة و هذا هو أمر الله في كتابه ، و الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.
و قد اتضح أن إفرازات الرحم بها مواد تُضادُّ و تعادل المواد الموجودة في مني الرجل ، و التي كما بينا تضاعف جهاز المناعة ، لذلك فإن وضع الرجل للمني في مهبل المرأة لا ينتج عنه أي نقص في المناعة .
أما إذا حدث ووضع الرجل هذا الماء في غير موضعه ، كأن يأتي الزوج وزجته في دبرها ، فإنه سيؤدي إلى الإصابة بهذا المرض الخطير .
و بهذا نتبين حكمه الله عندما حرَّم الشذوذ الجنسي ، بكل أنواعه من اللواط ، و السحاق ، و إتيان الزوجة في دبرها ، و أمر باعتزال النساء في المحيض حتى يطهرن 4
عن خزيمة بن ثابت ( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي حلال فلما ولى الرجل دعاه أو أمر به فدعي فقال كيف ؟ قلت في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا فإن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن).
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من أتى امرأة في دبرها فقال : (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا).
رواه أبو داود (2162) والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب" (2432).
قال صلى الله عليه وسلم : (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلا أَوْ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ).
رواه الترمذي (1166) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ).
رواه الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجه (639) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب" (2433).
وكل هذه الملعلومات الجديدة ليست بجديدة بالنسبة للإسلام ، لأن الله تعالى قد أخبرنا بها في القرآن الكريم من ألف و أربعمائة سنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح ، أخرجه أحمد ( 2/279 ) ، ( 2/444 ) ، و أبو داوود ( 2162 ) في النكاح : باب جامع في النكاح ، و ابن ماجة ( 1623 ) في باب النكاح : باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن .
2- سورة البقرة 222
3- الدرامي (1/ 258 )
4- للمزيد من التفصيل ، فيرجع إلى كتاب ( مدخل إلى الطب الإسلامي ) تأليف د. علي محمد المطاوع.
الوصية الثامنة و العشرون : الوصية بكفارة الجماع في الحيض
أختى المسلمة ...
نهى الشرع عن إتيان الزوج لزوجته و هى حائض لحكم عديدة و أسرار كثيرة و منافع للناس لو كانوا يعلمون .
ولكن إذا حدث و أتى الرجل امرأته و هى حائض فماذا يفعل حتى يكفر ذنبه ؟.
عن ابن عباس رضي الله عنهما في الذي يأتي امرأته و هى حائض قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتصدق بدينا ، أو نصف دينا ر " 1
ومن هذا الحديث النبوي ذهب إلى إيجاد الكفارة غير واحد من العلماء منهم قتادة و الأوزاعي و أحمد بن حنبل و إسحاق بن راهوية و عطاء و الشافعي قديما ، ثم قال في الجديد : لا شئ عليه .
قال الخطابي : ولا ينكر أن يكون فيه كفارة لأنه وطء محظور كالوطء في رمضان و قال أكثر العلماء لا شئ عليه و يستغفر الله وزعموا أن هذا الحديث مرسل ، أو موقوف على ابن عباس ، ولا يصح متصلا مرفوعا و الذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها ، و كان ابن عباس يقول : إن أصابها في فور الدم تصدق بدينا ، و أن كان في آخره فنصف دينا .
و قال قتادة : دينار للحائض و نصف دينار إذا أصابها قبل أن تغتسل .
و كا ن أحمد بن حنبل يقول : هو مخير بين الدينار و نصف الدينار بحسب السعة و القدرة . 2
قلت : و الحديث صحيح ، صححه الحاكم و أقره الذهبي و ابن القطان و ابن دقيق العيد و ابن التركماني و ابن القيم و ابن حجر العسقلاني و استحسنه الإمام أحمد و صححه الألباني .3
ومن ذهب إلى أنه يستغفر الله ولا كفارة عليه : سعيد بن المسيب ، و سعيد بن جبير و إبراهيم النخعي و القاسم و الشعبي و ابن سيرين و ابن المبارك و الشافعي في الجديد .4
أختي المسلمة ...
يتبين لك مما سبق أن من جامع زوجته في الحيض يلزمه أ ن يكفر عن فعله هذا ، ومن الكفارة التصدق بدينار مع الاستغفار و التوبة ، قال ابن القيم رحمه الله : أحاديث الباب تدل على وجوب الكفارة على من وطئ امرأته و هى حائض. 5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه أحمد ( 1/230، 237 ، 272 ، 286 ، 312 ، 325 ) و أبو داود ( 261 ) و الترمذي (137) و النسائي (1/ 188) و ابن ماجة (640) و ابن الجارود (108 ) في المنتقى و الحاكم ( 1/ 171 ) و الدار قطنى ( 3/287) و البيهقي ( 1/ 314) في سننيهما .
2- معالم السنن (1/ 72) .
3- إرواء الغليل (1/ 218) .
4- عبد الرزاق ( 1267) ، ( 1268) ، ( 1269 ) ( 1271) ، و سنن الدارمي ( 1/ 252, 253 ) ، سنن البيهقي ( 1/ 319 ) .
5- عون المعبود ( 1/ 308) .
حكم و أسرار النهي عن جماع الحائض
أختى المسلمة ...
ما من حكم رباني إلا و له من الحكم و الفوائد و الثمرات مالا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى و ما ذاك بغريب ولا بعجيب لأن الذي شرع هو الحكيم الخبير العليم القدير يقول الحق تبارك و تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " 1 فذكر الله عز و جل العلة لوجوب الاعتزال كون دم الحيض أذى .
و الأذى في اللغة : ما يكره من كل شئ .
وقال عطاء و قتادة و السدي : أذى : أي قذر .
أختي المسلمة ...
أليس دم الحيض كريه الرائحة ؟ فهو إذى إذن .
أليس دم الحيض يحتدم ؟! فهو بذلك أذى .
فقوله تعالى : " قُلْ هُوَ أَذًى " هو شئ تتأذى به المرأة و غيرها أي برائحة دم الحيض ، و الأذى كناية عن القذر على الجملة ، و يطلق على القول المكروه 2 ، لكن ماذا قال الطب الحديث عن الأذى ؟.
أختي المسلمة ...
يحدث أثناء دم الحيض أن الجسم يفتت الغشاء المبطن للرحم ، و يقذف به كاملاً مع الدم ، و بفحص دم الحيض تحت المجهر و جد أن به قطع من الغشاء المبطن للرحم .
ومن ثم فإن الرحم يكون ملتهبا جداً ، متقرحا ً ، أو يكون أشبه بالمنطقة التي سلخ جلدها فتقل مقاومته لعدوان الميكروبات التي قد تغزوه ، و يكون بيئة صالحة ، مناسبة جداً لتكاثر و نمو هذه الميكروبات ، لأن الدم كما هو معلوم أفضل بيئة لذلك .
فمن أجل ذلك يمنع الوطء أثناء الحيض ، لأنه يسمح بدخول الميكروبات ، أو أنه يدخل الميكروبات إلى الرحم الضعيف ، و تكون المقاومة للغزو الجرثومي في أضعف و أدنى حالاتها ، كما تقول المواد المطهَّرة أثناء الحيض .
أي أن أجهزة المقاومة التي تعمل في الحالات المعتادة تتوقف أثناء الحيض ، فتنمو الميكروبات و تتكاثر و يكون الأذى الذي نهانا الخالق الحكيم عنه .
ليس هذا فحسب بل قد تمتد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدهما ، أو تؤثر على شعيراتهما التي تدفع البويضة من المبيض إلى الرحم . و انسداد قناتي الرحم باب واسع إلى العقم ، أو إلى الحمل خارج الرحم ، و هو من أشد أنواع الأذى لأنه يؤدي إلى انفجار هذه القناة ، فتسيل الدماء في أقتاب البطن فَتـُحْدِثُ الوفاة .
و قد يمتد الالتهاب إلى القناة البولية و بالتالي إلى الجهاز البولي الذي يلتهم عنق الرحم .
أما بالنسبة إلى الرجل فإن الأذى محقق .
حيث إن هذا يؤدي إلى تكاثر الميكروبات و التهاب قناة مجرى البول و نمو الميكروبات السبحية و العنقودية فيها ، و هي أذى كذلك لأنه ليس فيه مراعاة لحالة المرأة النفسية و الجنسية .3
فالحيض أذى للمرأة كما نص عليه القرآن العزيز وكما أثبت الطب الحديث ذلك فيما بعد وكما يرى في الواقع .
فقد يسبب الحيض للمرأة صداعا نصفيا و فقراً في الدم فضلاً عما يسببه من إزعاجات نفسية و شعورية و مزاجية و آلام و أوجاع ، فتصاب المرأة بشئ من الكسل و الفتور و انخفاض ضغط الدم . و يصحب ذلك عزوف جنسي لا محالة من ذلك ، و لهذا و غيره نهى الإسلام عن إتيانها أثناء الحيض .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة البقرة 222
2- الجامع لأحكام القرآن (3/57) للقرطبي .
3- مستفاد من بحث ( المحيض بين إشارات القرآن و الطب الحديث ) للدكتور محمد الشرقاوي .
الوصية التاسعة و العشرون : الوصية بالسلام و الدعاء في الصباحية
مما أوصى به الرسول عليه الصلاة والسلام الزوج في الصباحية أن يستقبل ضيوفه، ويسلم عليهم، ويدعو لهم بالخير.
يروي أنس بن مالك -رضي الله عنه- فيقول: أولم النبي صلى الله عليه وسلم على زينب فأشبع المسلمين خبزًا ولحمًا، ثم خرج فصنع كما يصنع إذا تزوج، يأتي بيوت أمهات المؤمنين يسلِّم عليهن، . ويسلمن عليه، ويدعون له ))1
فيجلس الزوج في رحبةِ داره أو موضع استقبال ضيوفه ينتظر من يقدم عليه فيرحب بهم، ويقدم إليهم أطايب الطعام، أو الفواكه. فما أعظم وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام التي تزرع المودة بين
الناس! وما أعظم وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام التي تنشر المحبة بين الناس!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديثٌ صحيحٌ. أخرجه ابن سعد ( 107/8) في الطبقات الكبرى .
الوصية الثلاثون : الوصية بالوليمة صبيحة ليلة الزفاف
يستحب في صباح ليلة الزفاف أن يقيم العريس وليمة لضيوفه وأقاربه، وقد ورد ذلك في وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للعروسين في ليلة الزفاف فهذه الوصية النبوية للزوجين في ليلة الزفاف:
(( َأولِم ولو بشاة )) 1
وفي روايةٍ أخرى: (( بارك الله لك، أولم ولو بشاة ))2
ومن خلال هذه الوصية نجد الأمر بالوليمة، وتسمى طعام الإملاك، وظاهر الحديث يدل على وجوبها، والأكثرون على أن ذلك سنة مستحبة، والتقدير بالشاة لمن أطاقها، وليس على الحتم، فقد صح عن صفية بنت شيبة قالت: أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدِّين من شعير .3
قال العلامة البغوي رحمه الله: الوليمة غير واجبة بل هي سنة، ويستحب للمرء إذا أحدث الله له نعمة أن يحد َ ث له شكرًا، ومثله العقيقة، والدعوة على الختان، وعند القدوم من الغيبة كلها سنن مستحبة شكرًا لله سبحانه وتعالى على ما أحدث له من النعمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديثٌ صحيحٌ.أخرجه البخاري (13/1) ( 39/5) ومسلم (1427) و مالك ( 545) في الموطأ و أحمد ( 205/190/165/3) و أبو داوود (2109) و الترمذي (1094) (1933) و النسائي ( 120/6) و ابن ماجة ( 1907) و الدارمي ( 143/2) و البيهقي ( 148/7) في سننه الكبرى.
2-حديث صحيح أخرجه البخاري ( 27/7) ( 102/8) ومسلم ( 1427) و الترمذي ( 1094) و ابن ماجة ( 1907) و سعيد بن منصور (611) في سننه.
3- حديث صحيح أخرجه البخاري ( 5172).
يجدر بالمرء المسلم الرجوع من الولائم إذا اشتملت على منكرات، أو مخالفات شرعية.
(( يروي علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول : صنعت طعامًا فدعوت رسول الله فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع، قال : فقلت: يا رسول الله، ما أرجعك بأبي أنت وأمي؟ قال: (( إن في البيت سترًا فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تصاوير )) .
الوصية الخاتمة : المستحب لمن حضر من الضيوف الولائم
يستحب لمن حضر من الضيوف الدعاء لصاحب الوليمة بعد الفراغ من الطعام، ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن ( اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم فيما رزقتهم )) 1
(( أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون )) 2
(( اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما )3
فما أحوجنا إلى الرجوع إلى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة الزفاف
ونسأل الله تعالى أن يبارك لجميع المسلمين في أفراحهم، والحمد لله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حديث صحيح أخرجه أحمد ( 187/4) و مسلم (2042)
2- حديث صحيحأخرجه أحمد ( 6/2) ومسلم ( 1626)
3- حديث حسن أخرجه ابن سعد ( 13/8) الطبقات الكبرى و ابن السني برقم 601 ( عمل اليوم ).
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق