مدخل: حول مفهوم الصورة
لا يكاد ينفصل مصطلح (الصورة) عن إشاراته المتعددة الدالة على صعوبة تحديده في شكل مفهوم جامع لكل أنواع الصور ومانع لغيرها مما لا يدخل في حيزه؛ ولذلك يعد مصطلح الصورة من أكثر المفاهيم الأدبية والنقدية دوراناً واستعمالا في النقدي الأدبي ومع ذلك لا يقف عند مرفأ معين يهدئ من حركة ترحاله بين الاتجاهات و الحركات النقدية والأدبية، ولعل صعوبة تحديد مفهوم الصورة أمر يشترك فيه مع غيره من المصطلحات النقدية غير المستقرة في بعض الأحيان.
وتتسم عملية تعريف مصطلح الصورة في الأغلب بالغموض وعدم الدقة في آن، فمفردة الصورة من حيث المفهوم "غامضة لكونها تسمح باستعمالها بمعنى عام وواسع جداً مبهم جداً، وذلك بالنظر إلى هذا الاستعمال من منظور أسلوبي خاص، وغير دقيق لأن استعمالها ولو في مجال البلاغة المحصور عائم وغير محدد بدقة" (١) . ً وفي ظل الغموض وعدم الدقة "عانت الصورة الشعرية (على سبيل المثال) اضطراباً في التحديد الدقيق حتى بدت تحديداتها غير متناهية، وصار غموض مفهومها شائع بينق سم كبير من الدارسين"(٢) ، وتعود أغلب جوانب صعوبة تحديد مفهوم محدد للصورة إلى حملها "لدلالات مختلفة وترابطات متشابكة و طبيعة مرنة تتأبى التحديد الواحدالمنظر أو التجريدي" (٣) .
وتعود صعوبة تحديد مفهوم الصورة إلى أسباب متنوعة منها: تداول المصطلح في علوم متباينة، واختلاف المذاهب والحركات والمناهج النقدية التي تدرسه، واتساع الصورة لتعبر عن كثير من جوانب الإبداع الإنساني، وكل ذلك يؤدي إلى صعوبة وضع تعريف واحد محدد. (٤)
(١) فرانسوا مورو: البلاغة مدخل لدراسة الصور البيانية، ترجمة: محمد الولي وعائشة جرير، إفريقيا الشرق- الدار البيضاء، ٢٠٠٣م، ص ١٥.
(٢) د. بشرى موسى صالح: الصورة الشعرية في النقد العربي الحديث، المركز الثقافي العربي- بيروت، ط١- ١٩٩٤م، ص١٩.
(٣) السابق: نفسها.
(٤) د. صلا حفني: في الصورة الشعرية دراسة تطبيقية على شعر الحبس في تراث المشرق العربي، مكتبة دار العلوم- الفيوم، ط ٢ -٢٠٠٦م، ص ١٩ ،٢٠.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق