الطائر السجين - إبراهيم الأسطى عمر
أيها المـسجـون في ضيق القفص
صـادحاً من لـوعـةٍ طـــولَ النهار
رَدَّد الألحـــان من مرِّ الغصـــص
وبــكى في لحْنــــهِ بُعد الديـــــــار
ذكَرَ الغصـنّ تـثــــنـى
وألـــيـفاً يـتــغـــــــنَّى
وهو في السجن معنّى
فشـكا الشــــــوق وأنَّ
والأمــــــاني ما أُحيْــلاها خـــيال
يـتلاشى، أو محـلكٍ في مــــــــنام
لو صحا في روضةٍ والغصن مال
من نسيمِ الفجر، وانجــــاب الظلام
ومضى يصدحُ في دنيا الجــــــمال
طـائراً حـراً طلـيـــــقاً في الأكـــام
راويا للطير من تلك القصـــــــص
مـــــا به هدى وذكـــرى واعـــتبار
كــيف حـــازته أحابـــيل القـــــنص
هو يبغي الحـــب في عرض القــفار
ضاق ذرعاً بالأماني
وهو في نفس المكان
ويعاني ما يعــــــاني
رَددَ الحزن أغــــاني
فرآني
شـــارد الـلب إليه نـــــــــــــــاظراً
قــــال –مـلتاعاً-: ألا تســعــفـــــني
قلت: لو كـــنت قويــــاً قــــــــــادراً
لــم تــذق يــــا طيـــرُ مــرَّ المحـــن
ولهــدمت الـنـــظــــام الجــــــــــائر
ولــمــا استـــخــذى فــقـــير لغــــني
ولكــــان الـــشر في الدنيـــــــا نقص
ولكـــان العـــدلُ للــنــاس شعـــــــار
رزقـنـــا يقـــســم فـــيـنا بالحصـــص
لا غــني لا فــقـــير لا فـينا شــــــرار
هكــذا تصفو الحياة
لجمـيع الكــــــائنات
وتزول الســـــــيئات
سعينا في الحـــسنات
للممات
غـير أنــي، أيــها الطـــير الكئيب
عــاجزُ مثـــلك مــغلول اليـــــدين
في بــلادي بيـــن أهــلي كالغريب
وأنـــــــــا الحر ولو تدري ســجين
فلــتــكن دعواك للرب المجــــــيب
نعـــم من يدعي وعــــون المستعين
وارتــقــب فالحـــظ في الدنيا فرص
ربمــا جــاءت على غــــــير انتظار
وأرتــك الــــــيأس وغرد في القفص
وتـنـاســــاه وغــــني يــــــــــا هزاز
آه لو يدري مقالــــي
لشجاه اليوم حــالـــي
غير أني بخيــــــالـي
في رشــــادٍ أو ظلال
لا أبالي
أيــــــــــها الإنســان ما ذنب الطيور
تودعُ الأقـــفــاص هــل كانت جناة؟
هــل تــمادت في ظـــلال وفجــــور
مثـلنا؟ ما الحــكم؟ أين البيــــــــنات؟
أ من العـــدل ظـــلوم في القـــــصور
وبــريء سجـــنه من قصبـــــــــات؟
لــيس في المعـقـول والمنقــــول نص
يدعــيه الـمـرء فـــي صيد الــــــهزاز
هــو غـــريد إذا غـــنى رقـــــــــــص
كل غــصنٍ طــربـــاً والكـــــــأس دار
بين أطــــــيار وزهر
سكرت من غير خمر
وأنا وحدي بفكــــري
تائه يــا ليت شعـــري
أي خسر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق