كتاب إدريس السنوسي - الأمير والملك
وثائق عن دوره السياسي والوطني
سالم الكبتي
دار الساقية للنشر، بنغازي-ليبيا
الطبعة الأولى 2013
مقدمة :
ارتبط اسم إدريس السنوسي وشخصيته، أميراً وملكاً، بالليبيين ارتباطاً وثيق الصلة منذ بدايات الأعوام الأولى من القرن العشرين، إلى القريب من نهاياته وصار جزءاً من تاريخ بلادهم التي شهدت طوال هذه الفترة من مرور الزمن الكثير من الأحداث الجسام، قادهم خلالها بلا توقف.. بدءاً من عام 1914 وحتى سبتمبر 1969.
إن غالب هذه الفترة لم يكن ربيعاً أخضر كله.. أو مبهجاً بالمرة بل كان يمتلئ على الدوام بالأزمات والمشاكل والصراعات والمتغيرات المحلية والعربية والدولية إضافة، وهو الأفظع، إلى الحروب والمجاعات وتخلف الأوضاع ومواجهة المحتل الأجنبـي للوطن على امتداد أطرافه. لقد عاش هذا الرجل (1890-1983) في جزء كبير من حياته وعبر جميع الظروف المتقلبة وسط مهنة (السياسة) وتصريف أمورها ومداولة شؤونها، إلى أن قرر الاستقالة من مسؤولياته في الرابع من أغسطس 1969، وفقاً لما هو ثابت، بعد أن أوهنت من عزمه معاناة الأعوام وشعر بأن عوامل الصحة والسن لا يفيان بأداء واجباته على الوجه الأكمل منذ أن بايعه الشعب ملكاً في ديسمبر 1950.
ولئن اختلفت التقييمات وتباينت الرؤى حول شخصية هذا (الأمير والملك) على امتداد فترته التاريخية التي عاشها وتعددت بشأنها الأقوال والآراء ووجهات النظر، و(الثرثرة) أيضاً، وأُشير إليه بالكثير من النقد إلى حد التجريح في أحيان أخرى نتيجة للالتباسات أو سوء الفهم ودون النظرة العلمية الصحيحة إلى شخصيته وواقعه وظروفه وحركة التاريخ، فإن إدريس السنوسي، بكل ما له.. وعليه، يظل هو مؤسس ليبيا الحديثة بعد أعوام مضنية من الظلم والاحتلال، ولمس الليبيون في عهده – رغم العثرات والمآخذ – استقراراً ظلوا يشتاقون إليه في فترة لاحقة، وندر مثيله في المنطقة العربية تلك المدة التي ارتفع فيها مدّ الانقلابات العسكرية.. والخطابات.. وصراع الأحزاب.. وظلت وتيرة المقارنة مؤلمة ووقع الصدى مؤثراً لصدى ذكريات السنين الحاكي!
كانت الرؤية في العموم (عوراء) ومجانبة ومجافية للواقع، في الوقت نفسه، وحدثت وسط طوفان هائل من السب والشتائم وقذف اللعنات في ظهر الرجل وعهده معاً، فيما علّقت على مشجبيهما كل أسباب التخلف والرجعية، ودون السماح – ولو مرة واحدة – بفتح الأبواب الموصدة أمام الدراسات المنصفة أو الأصوات المتعقّلة – أو حتى المختلفة والناقدة بعلمية ووعي تاريخيين حيال الرجل وتاريخه وعهده في ليبيا علاوة على القصور الواضح الذي لازم هدير ذلك الطوفان المنفلت عندما ألصقت به تهم العمالة والخيانة أيضاً، وكان ذلك كافياً لتلطيخ صورة الرجل الذي بنى (الدولة الليبية) في ظروف قاسية ولعينة أيضاً، في عقول الأجيال التي لم تنشأ في أيام المملكة وأدّى في نهاية المطاف إلى إلغائه من (الذاكرة التاريخية لليبيا) ومناهجها وبرامجها وطمس معالم دوره السياسي والوطني مع تعمُّد الإساءة المتواصلة إليه، وعبر هذا كله وحتى وفاته، التزم الرجل المؤسس الصمت، هو ورجال مملكته، ولم يبادر إلى اتخاذ موقف لصالحه.. أو صالح تاريخه، والكشف عن الحقائق كما وقعت.. ولم يكتب أو ينشر شيئاً من ذكرياته الذي يبين عن جهده في صنع جزء من تاريخ ليبيا في السنوات المعاصرة([1])، وكانت تلك طبيعته التي إتسم بها في كل الأحوال.. على حين بقي (الصوت الواحد) عالياً فوق المسرح في أجواء من الظلام والحقد والضجيج وإبعاد الآخر فكان الحاصل سيئاً نتج عنه خطف الوطن وتاريخه.
- الخطوة الأولى:
نشأت الحركة السنوسية منذ البداية قوية في ليبيا – خاصة الجهات الشرقية منها – وانطلقت إلى ما جاورها من بلاد وأثّرت تأثيراً بالغاً في إصلاح وتغيير النفوس وتهذيب العقول وإنارة الطرق أمامها نحو الأفضل، وأضحى لزواياها شهرة لا تُنافس في قلب الصحراء البعيدة وغيرها من مناطق في نشر الهداية وسبل المعرفة وجعلت من قطّاع الطرق واللصوص خلال تلك الأرجاء الموحشة أناساً بمفهوم جديد في الخلق والسلوك والالتزام. كان وراء ذلك كله رجل، إمام وعامل وعالم، هو محمد بن علي السنوسي الذي قدم إلى ليبيا من مستغانم بالجزائر ووضع اللبنة الأولى لتلك الحركة في البيضاء.. فوق مرتفعات الجبل الأخضر شرق البلاد، الذي سيصبح فيما بعد معلماً من معالم المقاومة الوطنية ضد الإيطاليين بقيادة أحد تلاميذ السنوسية.. عمر المختار والذين تنبأ الإمام بمجيئهم قبل فترة طويلة مؤكداً بأن (النابلطان سيقومون بغزو طرابلس) ولقد وضع تلك اللبنة مع مجموعة من الرجال الذين عرفوا بالإخوان أتى بعضهم معه من الجزائر ومناطق في المغرب الأقصى وآخرين التحقوا به في غرب ليبيا.
كان للإمام حضور بارز وتأثير لدى أتباعه وتلاميذه، ومن رحم هذه الحركة النشطة وزواياها التي تعدّ من أهم الحركات الإصلاحية والتنويرية في تاريخ العالم الإسلامي الحديث خرج: علماء، وفقهاء، وأدباء، ومجاهدون، ومربّون، ومعلمون، وصنّاع، وزرّاع يبنون الحياة ويجدّدون في إحياء الدين بعيداً عن التعصب والخرافات والجهل، ويسعون مع كل صباح باتجاه الخير للإنسان وفقاً لأسس الطريقة ونظام الزوايا اللذين شيّدهما السنوسي الكبير لإنجاح دعوته وقبولها من قبل الآخرين، واستمر من بعده، وكان هناك دور مهم للمرأة أيضاً في مجتمع الزوايا لا يقلّ أهمية عن دور الرجل وعرف عن عمة الإمام السيدة فاطمة الزهراء السنوسي بأنها كانت إمرأة فاضلة ومتعلمة في عصرها تقوم بالتدريس والإرشاد ويقصدها الطلاب من كل مكان، وأسهمت مساهمة كبيرة في تربيته وتثقيفه.
من بين هؤلاء جميعاً، وعبر تلك (البيئة السنوسية) الآخذة في الانتشار على الدوام والتواصل مع الأجيال.. كان ظهور إدريس السنوسي حفيد الإمام، ولكن نحو عالم السياسة الصعب الذي يختلف بالطبع عن، عالم الزاوية وأجوائه الروحية والتربوية، وسط ظروف بالغة المشقة عاشها الوطن الليبـي.. والعالم كذلك لم تكن سهلة أو هيّنة – كما يعتقد البعض – بمفهوم هذه الأيام، فحاول بعد استلامه المسؤولية من ابن عمه (أحمد الشريف) إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالقدر المتاح، وبشتى السبل المتوفرة مع مزيد من الحكمة والصبر والمعاناة، ومعايشة تلك الظروف المتقلبة لحظة فأخرى عن قرب.. وقبل هذا بالذكاء وإجادة أصول اللعبة بكل أبعادها.
كانت السياسة، من حيث هي، فناً يتطلب (معرفة اللعبة) عبر كل الأوقات والظروف، فلا ثبات في السياسة، وإنما هناك (مصلحة) و(هدفاً) معلن أو غير معلن، فهي تختلف عن فنون الحرب.. وتعتمد على رؤية كل الجوانب البعيدة والمحتملة والإلمام بتفاصيلها. كانت السياسة (حرباً) من نوع آخر، وكان الظفر بنيل جانب واحد لا غير من تلك الجوانب يعتبر مكسباً ونصراً في كل الأحوال، وكان إدريس السنوسي منذ البداية (سياسياً) بكل ما تعنيه الكلمة.. ولم يكن، كما وصف تجنياً، شيخاً لنجع أو قبيلة!
- الرحلة:
كان سفر الأمير إدريس من الكفرة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج صيف عام 1913 عن طريق مصر وفلسطين، سفراً طويلا ومرهقاً وتجربة أضاءت أمامه بعض جوانب السياسة والتعرف على الأمور وتأسيس العلاقات، وأتاحت له فرصة حقيقية للاقتراب من كثير من الشخصيات العربية والأجنبية، إضافة إلى تعرُّفه على أهم المدن والقرى والجماعات ودروب الصحراء ومسالكها التي قطعها ورفاقه في رحلته بواسطة قافلة من الجمال إلى مصر.
والرحلة عبر الصحراء مغامرة صعبة مثل خوض رحلة عالم السياسة.. فتلك الكثبان والرمال والتلال ولهيب الشمس المحرقة والسراب وغيرها من رؤى ومشاهد مختلفة رسّخت في ذهن إدريس السنوسي أن السياسة، وإن اختلفت المقارنة، صحراء كبيرة مترامية الأطراف.. تعج بالألغام تحت رمالها المتحركة.. وفضاء ممتد إلى البعيد لا ينتهي من التناقضات.. والمصالح والتشابكات.. والحسابات.. قد تحرقها الشمس في لحظة.. وقد يحنو عليها الليل في لحظة أخرى.. وقد يغريها السراب ثم يخدعها.. أو تفتك بها فجأة الزواحف والذئاب!
إن هذه الرحلة خارج ليبيا، في واقع الأمر، تعد أول الخطوات وأهمها في حياة إدريس السنوسي للدخول إلى عالم السياسة (الصحراء المتحركة) ومرتقاها العسير في ظروف معتمة. فمنذ أعوام في نهايات القرن التاسع عشر وعبر تجربة مماثلة وقت إن كان صغيراً رافق والده من المكان نفسه.. واحة الكفرة التي نقل إليها مقر قيادة الحركة من الجغبوب الشاهدة على ولادة ابنه من زوجته عائشة أبو سيف، إلى الجهات الشمالية من السودان الفرنسي (تشاد) حيث يوالي السنوسيون بناء زواياهم هناك ويخوضون قتالاً شرساً في مواجهة الوجود الفرنسي الذين رأوا فيه طوقاً قد يحكم الخناق على الزوايا الواقعة في الناحية الجنوبية لليبيا. السيد المهدي اهتمّ مبكراً بتدريب شباب الإخوان السنوسيين على حمل السلاح وابتعد كثيراً عن أجواء السلطات العثمانية في الشمال محتفظاً بخيط من (الود) معها، وكان والده، الإمام. قبل ذلك أرسل بموفدين من تلاميذه في الجغبوب إلى منطقة (مراده) جنوب إجدابيا للبحث عن البارود بعد علمه بوجوده ضمن المعادن الكثيرة بها واهتم بإرسال المعونات الحربية لشدّ أزر الأمير عبد القادر في ثورته ضد الفرنسيين أيضاً في بلاده.. الجزائر.
إن التاريخ يتواصل دون انقطاع في كل الحالات، وثمة رابط يلاحظ بوضوح في رسالة الزوايا السنوسية ومنطلقاتها الفكرية بين (السلام) و(الجهاد) بمفهوم الإسلام ونشر الدعوة بين الناس. كانت الحركة السنوسية، باختصار غير مخلّ، ترى في وجود الاحتلال الأجنبـي، أيًّا كان نوعه، عائقاً كبيراً أمام تحقيق تلك الرسالة في العدل والمساواة في ربوع الأرض، وفي هذه الأجواء الروحية الخالصة من (الدين والدنيا) فتح إدريس السنوسي عينيه في أفق واسع لم يكن ضيقاً على الإطلاق، ومنها إنطلق إلى عالم السياسة.
- الأمير:
تحمّل إدريس السنوسي المسؤولية الكبيرة واكتسب خبرة ودراية بالأمور مع مرور الأيام من خلال لقاءاته أولاً بكل الأطراف المحلية والقوى الوطنية، ومعرفة تقاليدها وسلوكها والاقتراب منها عبر فن (التعامل الجيد) معها في كل الأوقات، وكذا بجميع الأطراف الأجنبية – الإيطالية والإنجليزية – الذين كانوا دهاة كباراً في السياسة ومناوراتها وألاعيبها.. وصولاً إلى تحقيق مصلحة الوطن المهيض الجناح في ساعات حرجة من الجوع والجفاف والمرض والحرب، رغم ما اعترى طريق المسؤولية من صعاب.. وأصبح أميراً على برقة وأنشأ حكومته الذاتية في إجدابيا.
كان إدريس السنوسي، وفقاً لتقييم الإيطاليين.. أميراً في كل شيء ما عدا لحظة انفراده وحيداً بإبريق الماء خلف التلال! كانوا يراقبونه عن قرب وعن بعد أيضاً وعرفوه جيداً مثلما عرفهم هو أيضاً. لقد مارس معهم بمهارة أسلوب الشد والإرخاء على طريقة شعرة (معاوية)، وخبر دسائسهم في تلك الفترة العصيبة وأدرك أنهم غير جادين في التزاماتهم معه.. فوقع الانقلاب الفاشتسي في روما([2]).. وأحسّ أن (الدور) قادم إليه فهاجر إلى مصر([3]) ومن هناك واصل لعبته السياسية الماهرة لتحرير بلاده منهم بالتحالف مع الإنجليز الذين كان أجرى مفاوضات معهم – إلى جانب الإيطاليين وفي وقت واحد – في عكرمة والزويتينة([4])، وعرف (دهاءهم) عبر فن التعامل.. والنفس الطويل معرفة واسعة وجيدة.. فكان تحرير البلاد بخطوته الذكية التي لعبها بمهارة عقب تحالفه مع الإنجليز عام 1940.
وفن التعامل في سياسة إدريس السنوسي واضح تاريخياً بالتفاوض الشاق مع وفدين يمثلان دولتين كبيرتين في تلك السنوات: بريطانيا وإيطاليا.. تملكان السلاح والقدرات وتبسطان نفوذهما.. خاصة بريطانيا التي (لا تغرب عنها الشمس).
صبر السنوسي في التفاوض هو ووفده في أوقات مختلفة وأماكن متباعدة، وفرض شروطاً.. وقبل فيها بشروط.. ودون أن يخسر هو والوطن خسارة كبرى – في رأيه – فالضرورة اقتضت ذلك. وكان جلوسه إلى مائدة المفاوضات – بقوة – أمام الوفدين اللذين يمثلان دولتين أوروبيتين ويضمان أصحاب خبرة وكفاءة وجاسوسية أيضاً([5]) ومستشارين ذوي عراقة في مجال (التفاوض) ويستندان إلى تعليم عالٍ وثقافة كبيرة، فيما هو كان يستند إلى تاريخ طريقته ورصيدها وتأثيرها الكبير بين القبائل وتعليمه وثقافته اللذين نالهما في الزاوية السنوسية، وبهذه المفاوضات في الزويتينة، وعكرمة، والرجمه، وبومريم التي يراها البعض (مذلّة) حقق إدريس السنوسي ما كان مستحيلاً.. وبأيسر الطرق.. في وقت صعب بكل تفاصيله وأبعاده.
والمرء يلاحظ – من خلال وثائق الكتاب – عن مراحل حياته السياسية، منذ البداية، حسن إدارته وضبطه للأمور، وتنظيم الشؤون في حكومته والأدوار المختلطة ودقة المراسلات والتعليمات والمحافظة على الوقت والمواعيد والحرص على المصلحة الوطنية مع عدم إغفال الدور (الحساس) للقبائل وتنافسها وعلاقاتها ومشاكلها، وذلك كله يعطي أمثلة لرؤية إدريس السنوسي للأوضاع ومتابعتها ويدل أنه كان (سياسياً)، بالدرجة الأولى، يفهم الأمور جيداً ودون أن تنطلي عليه (خديعة ما) من أيٍّ من الأطراف!
وهذه أمور تُحسب للأمير إدريس: فقد عرف مسؤوليته، وزمنه، ولم يتعدَّ دوره وظروفه المحيطة، وواقعه، وأمسك بكل خيوط اللعبة، عن طريق انفتاحه على كل هذه الأطراف المحلية والخارجية، ما أدّى في النهاية إلى الاعتراف بشرعية إمارته على ليبيا، وليس على برقه فحسب، ومبايعته بناء على قرارات مؤتمر غريان الوطنية في 1921، وذلك مكسب آخر للأمير يضم إلى صالحه في تلك الفترة.. لأنه من الصعب فهم: أن يكون الرجل (خائناً) أو فرّط في (الوطن).. وتُجمع عليه كل (الأمة)؟!
- الملك:
مع عودة الأمير إدريس من مصر مع كثير من المهاجرين الليبيين نشطت البلاد على وجه العموم وبدأ فيها الحراك السياسي من كل الأطراف والقوى في الداخل، وكانت الإدارتان البريطانية والفرنسية تديران الأوضاع في الأقاليم الثلاثة (برقه، طرابلس، فزان).. وكانت سنوات ما بعد الحرب وتحرير البلاد موجعة أيضاً كسابقاتها من الأعوام. كانت البلاد (لا شيء) يذكر، وظلت تواجه الأعاصير: مشاريع الوصاية.. أطماع بعض الأشقاء.. محاولات تقسيم البلاد.. وغير ذلك، إلى أن اتخذت الأمم المتحدة قرارها رقم (289) في 21 نوفمبر 1949 بالاعتراف باستقلال ليبيا في موعد أقصاه يناير 1952.. وكان ذلك حلماً بعيد المنال!
ما بين عودة الأمير إدريس إلى إعلانه استقلال ليبيا في 24 ديسمبر 1951، أعلن استقلال برقه في أول يونيو 1949 واعتبره خطوة نحو الاستقلال الشامل للبلاد، وكوّن إمارته (الثانية) وأصدر دستوراً لها وشكّل حكومة ثم أجريت انتخابات مجلس النواب، وبخبرته (السياسية) أدار شؤونها مع تواصل مستمر لكل القوى الوطنية في ليبيا التي أجمعت عليه للمرة الثانية واختارته ملكاً ببيعة شرعية من الجمعية الوطنية الليبية التي وضعت الدستور وأقرّته وحددت شكل الدولة القادمة ونظامها.
وبجهود متفانية من الملك إدريس مع رجال الوطن المخلصين اجتازت ليبيا كل المحن والمؤامرات والألاعيب التي كانت تنسج في الظلام، وتأسست الدولة بحزم أمنيات طيبة وباستناد على تاريخ مشرّف وجليل، وفي جميع الأحوال، وعلى مدى أكثر من نصف قرن من الزمن.. كان إدريس السنوسي.. هو باني ليبيا الحديثة مع أولئك المخلصين.. وصار من الصعب.. بل من المستحيل إلغاء دوره ودورهم من حركة التاريخ الليبـي المعاصر بالرغم من محاولات الطمس والتشويه والتزييف لذلك التاريخ. ظل إدريس السنوسي قطعة مهمة من فسيفساء ليبيا، وكان بكل المقاييس أميرها وملكها في كل الظروف.
واجهت الدولة الجديدة العديد من المشاكل التي اعترضت طريق البناء.. وعقدت معاهدة مع بريطانيا ثم إتفاقية مع أمريكا للمساعدة، قوبلتا بالرفض والإستهجان، بعدما لجأت إلى العراق ومصر ولم تحصل منهما على شيء غير الوعود والكلام والمعونة بشروط مجحفة. لكن الأمور تيسّرت بعد ظهور البترول واكتشافه ثم تصديره عام 1961.. وصارت خطط التنمية موجهة لمصلحة المواطن بالدرجة الأولى، ولم تقصر الدولة أيضاً في واجباتها والتزاماتها العربية والدولية وانتهجت سياسة الاعتدال والتزام الحكمة.. والحديث في هذا المجال يطول، لكن الملاحظ أن الملك هنا.. لم يؤثر الظهور والخطب.. أو الحديث عن بطولاته وأدواره. كان متواضعاً كثيراً في حق نفسه إضافة إلى عفته ونـزاهته ونظافة يده التي غدت مضرب المثل قياساً بحكام آخرين في المنطقة. لقد ظل الرجل صامتاً.. يراقب من بعيد.. وربما أدرك لاحقاً أن الزمن لم يعد زمنه أو زمن جيله خاصة بعد ارتفاع الخطاب القومي.. وتأثر الداخل بما يدور في العالم العربـي. كان الملك قد قضى جزءاً كبيراً من حياته في مصر القريبة الضاجّة بالأحزاب والصحف والأنشطة السياسية.. وظلت تلك التجربة ماثلة أمامه فخاف أن تنتقل عدوى الأحزاب إلى بلاده([6]) بشكلها (العربـي).. لكنه كان يدرك أن التغيير قادم في ليبيا بحكم الزمن والتاريخ، والواقع أنه كاد يتم بطريقة مأمونة بإقحام الأجيال الجديدة في تولي رئاسة الحكومة ومناصب الوزارات وإدارة الجامعة، والسلك الدبلوماسي.. وغيرها، لولا وقوع الانقلاب في سبتمبر 1969.
نشأ عن عوائد البترول ظهور فئة من الناس استغلت النفوذ والنعمة في غير شكلها الحقيقي فبرزت عوامل البذخ والتخمة التي كان الملك يحذِّر منهما على الدوام، ونشرت مقالات وقصائد تشير إلى ذلك وتنتقد الأمور بصراحة، وتعرضت الدولة إلى اختبارات وهزّات بعد اغتيال ناظر الخاصة الملكية إبراهيم الشلحي بعشر سنوات: مظاهرات الطلبة في مدارس بنغازي والزاوية والجميل عام 1964. ثم حريق آبار البترول الشهير عام 1965 (بتدبير عربـي مجاور) استخدم بعض علاقاته في الداخل، ثم ما تداعى عن حرب يونيو 1967 بوقوع الاضطرابات في بنغازي وطرابلس التي أعلن معها الملك حالة الطوارئ في البلاد، ثم حدوث الفراغ الأمني الموحش الذي ساد البلاد صيف 1969 أثناء وجود الملك في الخارج.
كانت تلك مؤشرات لبقاء النظام الملكي من عدمه في وضع عربـي يعاني من الأزمات ومشحون بالتوترات والمطالبة بالتغيير وإسقاط الأنظمة المحافظة، أو الرجعية، بحسب النعوت السائدة آنذاك وتحميلها مسؤولية ضياع فلسطين. كان المد الإعلامي الصاخب طاغياً من كل الجهات، وكانت ليبيا هادئة ومستقرة ومطمئنة إلى أن انعكس ذلك على داخلها.
- الانسحاب بهدوء:
أعلن الملك إدريس عن رغبته في الانسحاب في مارس 1964، لكن الشعب لم يرضَ فحاصر قصره في طبرق وعدل عن ذلك، وظل هاجس الانسحاب يملأ تفكيره، فتم ذلك، بهدوء، اعتباراً من سفره من البلاد في يونيو 1969 ولم يشأ الإعلان عنه داخل البلاد تحسباً للعواطف المتوقعة.. فطالت رحلته، وطال غيابه وتقدم باستقالته الرسمية إلى مجلس الأمة وحاول رئيسا مجلس الشيوخ والنواب ثنيه عن ذلك بالذهاب إليه في مكان علاجه والقدوم إلى البلاد لإعلانها أمام البرلمان لكنه رفض وأصرّ على موقفه. لقد غادر الحياة السياسية أيضاً بهدوء، وبدأت ليبيا مرحلة معقدة من حياتها..
- الكتاب:
إلى الآن لم يكتب تاريخ الملك إدريس.
كانت أغلب الكتابات التي صدرت عنه تفيض بالعاطفة، فيما عدا بعض منها([7])الذي التزم الموضوعية، والواقع أن ثمة الكثير جداً مما يكتب عن الملك إدريس ودوره في تاريخ ليبيا بتتبع المصادر المهمة محلياً وخارجياً، وعندما انتهيت من تجميع ما يتصل بكتابـي (ليبيا.. مسيرة الاستقلال)([8])، شعرت بأنه سيظل ناقصاً ما لم يعزز بآخر عن الرجل الذي كان وراء هذا الاستقلال (حلم الليبيين جميعاً) فسعيت لإصدار ما أنا بصدده بما لديّ في أرشيفي الخاص ظل حبيساً فترة من الأعوام.
كنت بدأت المشروع فيه منذ فترة مع قيامي بالبحث والاهتمام بتاريخ بلادنا المعاصر، وكما ذكرت سابقاً.. اتجهت إلى الكثيرين من مسؤولي عهد المملكة الليبية سواء في الحكومة أو الديوان الملكي والجيش والأمن.. وأفراد العائلة السنوسية([9])وغيرهم من معاصري الحقبة الملكية في مناطق مختلفة من ليبيا، وإلتقيت أيضاً عرباً في بلدانهم عرفوا الملك وكانوا على صلة وطيدة به([10])، وانتهيت إلى قناعة تامة بأن تاريخ الرجل ينبغي أن يدوّن بأمانة وبما يحتويه إيجاباً وسلباً، وأن تعقد حوله الندوات العلمية وتعدّ عنه الأطروحات الجامعية، ويفتح المجال واسعاً من خلال ذلك نحو كتابة تاريخ ليبيا بعد استقلالها عام 1951.
كان الحديث عن الملك وعهده يُعدّ جريمة في مفهوم انقلاب سبتمبر ولهذا صمت الكثيرون – سوى القليل – وأدركهم الموت دون أن يقولوا كل ما لديهم أو أن يسمح لهم بالكلام دون قيود أو نشر مذكراتهم بحرية أو يذكروا شيئاً يتصل بـ (الحقيقة المغيّبة)، وكان هناك انقطاع رهيب وعزلة مع هذا التاريخ للأجيال التي ولدت من عام 1970 فصاعداً وغاب عنها التاريخ الحقيقي، أو غيّبت عنه بفعل مقصود لم يكن مجهولاً في كل الأحوال.
حاولت من خلال هذا الكتاب بأجزائه الثلاث أن أتقصى مسيرة الأمير والملك إدريس السنوسي وفقاً للوثائق المحلية، وهي من أهم المصادر، التي كثيراً ما يغفلها الباحثون ويهتمون بالأجنبية، مع التأكيد أيضاً على أهميتها، بما توفر لديّ من تلك الوثائق واخترت منها ما كان مجهولاً ويؤدي إلى إنارة كثير من الدروب. وتعود أهمية الوثائق إلى أن أغلبها بخط السيد إدريس السنوسي وبأسلوبه الذي كان في الغالب عفوياً وبسيطاً.. ويقارب العامية في بعض الأحيان، ويفيد في الإطلالة على الحياة السياسية له وطرق أدائها وتطورها لديه. ويلاحظ أنه كان يوجّه الكثير من الرسائل بعبارات التقدير والاحترام والمجاملة، وهي تتعدد ما بين أوراق ومسودات ومذكرات كان يكتبها صباحاً ومساء، وبعضها بدأه بخادم الملة الإسلامية وقائمقام إيالتي برقة وطرابلس وتونس، وهذه كانت في البدايات، ويبدو أنها استمرار لدور ابن عمه السيد أحمد الشريف الذي كان نائباً عن الخليفة العثماني في عموم القارة الأفريقية. وتنوّعت هذه الوثائق في توجيهها وتواريخها التي تقارب الآن من مائة عام، إلى نوابه ومساعديه وأعضاء حكومته ووكلائه في الأدوار والقائمون بالشؤون المالية والعسكرية، وشخصيات عربية وأجنبية، ويلاحظ أيضاً أن فترة وجوده الأولى في برقة (1914-1922) كانت مليئة بالعمل والحركة والمتابعة وبذل الجهود المتواصلة والتنسيق مع كل من له علاقة في إجدابيا والواحات والجهات الشرقية والغربية من البلاد، وكلها في النهاية تظل جزءاً رئيساً من التاريخ الليبـي المعاصر، مع ملاحظة أن هذه الوثائق ليست هي مجمل ما يتعلق بالأمير والملك إدريس. فهناك نواقص.. وهناك ضياع في كثير منها.. وربما المستقبل يكشف لنا عن العديد الذي يكمل هذا العمل إضافة إلى مقارنته بالوثائق الأجنبية ونشرها أيضاً من مظانها الأصلية المختلفة سواء في أوروبا وأمريكا أو تركيا وفي المنطقة العربية، وهي أيضاً، دون شك، الجانب المقابل والمهم للوثائق المحلية وهي عموماً تكوّن مشروعاً علمياً وتاريخياً يتمم الفائدة ويحققها مستقبلاً لتاريخ ليبيا بكل جوانبه وصوره.
وأثناء وجوده في الهجرة بمصر، يلاحظ أيضاً أن الرجل كان في نشاط مستمر لا يهدأ. رغم تقييد حركته في البداية، فهناك مراسلاته واتصالاته مع أقاربه التي تتصل بالشأن العائلي، ثم مع أعيان المهاجرين الليبيين ومشايخهم في جميع المناطق المصرية، وفي الخارج بالشام وتونس، وتدل على اهتمامه بهؤلاء المهاجرين ومتابعة شؤونهم خاصة طلباتهم وتسهيل أمور عودتهم بعد تحرير البلاد بالتنسيق مع السلطات البريطانية، وهذه المراسلات من جانبه لم تقص أحداً فقد كان يبعث بها إلى كل المهاجرين من جميع ليبيا، وهي أيضاً تؤكد على دوره في إيقاظ الشعور الوطني والانتماء سعياً لنبذ الخلافات وتقريب أوجه الرأي وتوحيد الجهود دون النظر إلى شيء آخر، ثم تأتي الوثائق المتصلة بمرحلة إمارة برقة الثانية والاستقلال وهي تزدحم بالإرادات والأوامر والمراسيم وإصدار القوانين، ومراسلات بعض المسؤولين في الدولة من ذوي العلاقة إخترت منها نماذج على سبيل المثال، وتعليماته المشددة إلى أقاربه وأفراد أسرته بعدم استثنائهم من لوائح وأنظمة الدولة التي تسري على غيرهم من المواطنين، وطلبات كثير من الناس الذين توجهوا إليه بالشكوى.. وتركوا دوائر الاختصاص، والأمل وطيد في أن تستمر الجهود لإكمال الناقص وجمع الوثائق وحفظها وترتيبها وإتاحتها للمهتمين والدارسين..
أرفقت الكتاب بثبت سريع عن لوحة حياة الملك إدريس وأهم المحطات فيها، وخطاباته وهي محدودة فقد كان مقلاً في ذلك. وكذا مختارات من قصائد بالفصحى والعامية لعل أندرها قصيدة من الشعر العامي لإبراهيم الحبوني الذي عاش في القرن السابع عشر في البردى شرق ليبيا وتنبأ فيها بقدوم الإمام محمد بن علي السنوسي إلى البلاد ووراثة الطريقة من بعده وذلك بفترة، كما يقول الرواة، تقارب حوالى المائة عام من وصول السنوسي الكبير، كما أرفقت الكتاب بمجموعة من الصور وقرص مدمج يحوي تسجيلاً لبعض القصائد. واستعنت ببعض المصادر في مكتبتي الخاصة كالجريدة الرسمية والصحف التي أوردت شيئاً منها، وفي كل الأحوال فقد جعلت الوثائق هي التي تنطق للقارئ والمتابع وتحدثه بما تشمله عن (الأمير والملك).
إن توجيه الشكر والثناء واجب لبعض السادة من أفراد العائلة السنوسية الذين لم يبخلوا بمجموعة كبيرة من الوثائق وفي مقدمتهم السيد أمين صفي الدين السنوسي، والسيدة وداد علي صفي الدين السنوسي، والسيد صفي الدين عز الدين السنوسي، والسيدين فتحي علي العابدية وأنور عمر شنيب رحمهما الله، وصديقي محمد علي حمامة الذي زوّدني بما حصل عليه من وثائق تمّ الإفراج عنها في الأرشيف البريطاني بلندن.. وغيرهم كثير أصرّوا على عدم ذكر أسمائهم، وأجريت معهم لقاءات ومقابلات اعتباراً من العام 1972 في مختلف المناطق الليبية، وأولوني عناية وثقة لا أنساها في ظروف كانت صعبة وحساسة لهم.. ولي أيضاً، واستفدت فائدة قصوى من مقابلاتي الكثيرة والمتواصلة معهم وجلوسي إليهم طويلاً ومن أحاديثهم المهمة والممتعة معي وذكرياتهم التي لم يبخلوا بها عليّ أنّي قابلتهم.
أما أخي وصديقي العزيز عبد القادر أحمد بوهدمه فله العرفان بالجميل والفضل الكبيرين فقد وقف كعادته الأخوية وقفة صادقة ورائعة تطلبت منه سهراً ومعاناة على حساب أسرته ووقته حيث واصل (الليل بالنهار) في بيته لتخزين وترتيب هذه الوثائق حتى تصدر في هذا الكتاب في شكله النهائي.. وكذا بقراءته الرائعة للقصيدتين العاميتين المرفقتين في القرص المدمج، مع النصوص الشعرية الفصيحة، والشيء من معدنه لا يستغرب على الدوام.
والشكر أيضاً موصول إلى دار الكتب الوطنية في بنغازي التي استفدت من بعض ما حفظ منها من وثائق تتصل بمادة الكتاب. وأسعدني أنها أنشأت قسماً خاصاً بالمحفوظات التاريخية المتعلقة بالفترة الليبية المعاصرة، وإلى الصديق والأستاذ الفاضل علي أحمد سالم لقيامه بقراءة بعض نصوص القصائد المنشورة في الكتاب، والذي أعطاها بُعداً جمالياً وراقياً بصوته وموهبته الإذاعية الفخمة، وإلى السيد أكرم بوقرين الذي وفّر الإمكانيات الفنية والمساعدة اللازمة في قاعة التسجيل وكانت سبباً في إنجاح العمل، ولا يفوتني أيضاً، والشكر بعض من الواجب، أن أنوّه بالجهود المخلصة التي بذلها أخي وصديقي الأستاذ أحمد علي ليدي مدير دار الساقية.. فقد كان لحماسه الصادق وسعيه الدؤوب الأثر الواضح في إظهار هذه السلسلة وما سبقها عن (المجهول من تاريخ ليبيا).
أرجو أن تتواصل الجهود للإبانة عن المجهول من تاريخ بلادنا، ونقله بأمانة إلى الأجيال التي عاشت فترة من (التيه) عن تاريخها الذي ينبغي أن تفخر به وتعتزّ على الدوام.. وتهتدي به وتستفيد منه في واقعها المعاصر وفي المستقبل، فتاريخ الوطن يكتبه أبناؤه.. ولا يُنكرون دور رجاله المخلصين.
سالم الكبتي - بيروت، 20 مايو 2012
لشراء الكتاب neelwafurat
____________
الهوامش :
([1]) كتب الملك إدريس حلقة وحيدة من مذكراته ونشرها في صحيفة الزمان في بنغازي عام 1955 (انظرها في الكتاب) وهو أمر حدث نتيجة لتداعيات اغتيال ناظر خاصته إبراهيم الشلحي وغضبه (غير المبرر) من كل أفراد العائلة السنوسية الذين انسحب عليهم موضوع الاغتيال وطالتهم آثاره دون مبرر. وفي هذا السياق أذكر أن الأستاذ رشاد الهوني – رحمه الله – أفادني بأنه أثناء لقاء له بالملك في يونيو 1968 عرض عليه كتابة مذكراته ونشرها في صحيفة (الحقيقة) لكنه اعتذر وأخبره قائلاً: ما زال الوقت يا ولدي!
(2) أواخر عام 1922.
(3) ما يزال سبب ذهاب الأمير إدريس إلى مصر في تلك الفترة غير معروف بالتحديد رغم ما يتردد بأنه للاستشفاء، فلم يفصح عنه لأحد، وقد تكرر الشيء نفسه عند مغادرته البلاد نهائياً في 12/6/1969 وتقدم باستقالته من خارج البلاد بعد مضي فترة شهرين من سفره في 4/8/1969.
(4) في العامين 1916-1917، والمفاوضات في حد ذاتها ليست (عيباً) أو (نقيصة) في عالم السياسة، وقد دخلت الجمهورية الطرابلسية في مفاوضات مع الطليان وتحقق صلح سواني بنيادم، وكذا عمر المختار أجرى مفاوضات مع الإيطاليين عام 1929، وجميعها تصبّ في المصلحة العليا للوطن ولم تلحق بملاحق سرية .
(5) كان من بين المشاركين في هذه المفاوضات في الجانب الإنجليزي (لورانس العرب).
(6) أفادني السيد حسين مازق رحمه الله رئيس الوزراء في العهد الملكي (1965-1967) في مقابلة معه في بيته ببنغازي مايو 1991، بأنه اقترح على الملك رئاسة جلسات مجلس الوزراء وحضورها بين حين وآخر فوافق، ولم يتحقق ذلك، كما اقترح عليه تشكيل حزبين: حكومي ومعارض وأبدى موافقته لكن بحذر إذ تساءل عن ضمانة عدم استخدام (الحزب المعارض) من قوى خارجية!
(7) ترد هنا على سبيل المثال مؤلفات وكتابات: إيفانـز برتشارد، ومجيد خدوري، ونقولا زيادة، ودي كاندول، ومفتاح السيد الشريف، ومحمد يوسف المقريف.. وغيرها.
(8) انظر (ليبيا.. مسيرة الاستقلال) وثائق محلية ودولية. سالم الكبتي، الدار العربية للعلوم، دار الساقية، بيروت – بنغازي 2012.
(9) قمت أيضاً بمقابلة الملكة فاطمة الشريف زوجة الملك في بيتها بمدينة 6 أكتوبر، القاهرة، يوليو 2008، وكنت أحاول التمهيد معها لإجراء حوارات معها لكن عامل السن والظروف الصحية حالا دون ذلك ثم وفاتها في 2009.
(10) منهم الأستاذ حسن الكرمي اللغوي والإذاعي المشهور صاحب برنامج (قول على قول) من إذاعة لندن. التقيته عدة مرات في منـزله بعمان خلال عامي 1997-1998، وحدثني عن علاقته بالملك إدريس التي تعود إلى عام 1950 وكذا بكثير من رجال الدولة في ليبيا. وقد أشار بأن الملك كان حريصاً على متابعة برنامجه والاستماع إليه، واتفق معه على أن يرسل بأسئلة للبرنامج باسم السيدة سلمى الدجاني وكانت وصيفة للملكة فاطمة. وأكد لي قائلاً (أنّى وجدت سؤالاً باسمها فهو وارد من الملك). وقد دعاه للعمل في ليبيا بالإذاعة ووقعت وزارة الإعلام عقداً معه وكان من المفترض أن يباشر عمله يوم 1/9/1969 حيث حدث الانقلاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق