نحو المجهول
يوميات طالب سعودي في لندن
أحمد بن سعيد أبو حيمد
من خلال فصول الكتاب الثلاثة عشر يأخذنا أبوحيمد في جولة تعكس انطباعاته ومشاعره المختلفة تجاه لندن ويومياته فيها، غير أنه يحذر القارئ من أن هذه اليوميات لا تمثل دراسة مستفيضة لمجتمع لندن الذي وجده المؤلف متبايناً في كل شئ .
ويقول الكاتب في الفصل الأول: تململت في مكاني وتعبت.. تعبت من حالة اللاوعي والهروب القسري من كل شيء كان يحيط بي، لأجدني محاطاً بأكوام من الغيوم، فتتجمع لحظات عمري في لحظة تأمل.. أحاول أن أتشبث بإحداها ولكنها تفلت مني.. فانتقل فجأة إلى صفحة محفورة في ذاتي، لم تزلها الأيام، ولم أنسها، أشعر بالوحدة.. أتريث عندها، وعيناي تجوسان الفضاء الممتد في كل ما حولي بلا انتهاء عبر نافذة صغيرة وأحدث ذاتي، أتساءل عن جدوى التأمل في شيء مضى، ربما أحياناً لا نملك التحكم في ذواتنا، بل هي التي تسيرنا وفق رغباتها إلى حد الغرابة فتعيدنا إلى مرافئ نخفق كثيراً في الهروب منها، عندها تنتابنا حالة من الحسرة على ضياع الطريق وبقاء الذكرى الوجع، وتضاؤل لحظات الفرح على سطح أيامها.
ما زلت أشعر بالوحدة...يمتد خيالي حتى يلامس نقطة التقاء الغيوم الكثيفة بزرقة السماء وأهذي.
- هل تريد وجبة دجاج أم لحم؟ .
سألتني المضيفة، وهي لا تدري أنها أعادتني من مكان بعيد إلى داخل الطائرة، شعرت لثوان بغرابة اللحظة، عندما أدركت أنني وسط جموع مسافرة"!
* أنهض .. أنهض بتثاقل .. يقتحمني فجأة حديث ذلك الموظف في سفارتنا , عن صعوبة الحياة في لندن وغلاء العيش فيها , شعرت بثقل يتمرد على روحي , ويزيد من خوفي تجاه قدري المجهول هنا , كأنني لم أستطع الوقوف ... أجر قدمي وجسدي المنهك كمصاب في ساحة القتال , وقد تخلى عنه الرفاق , أخطو خطوتين أو ثلاث عن عشرين خطوة نحو النافذة , أزيح الستارة , برودة زجاجها تلتصق بكفي , وجدت كل شي يدمع بصمت , والسماء تحولت الى لون أزرق قاتم , وأنوار الشارع الصفراء تحاول أن تبعثر هذه العتمة بإخفاق واضح .



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق