رواية قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب
شهريار مندني بور Shahriar Mandanipour
ترجمة : خالد الجبيلي
تدور حول فكرة واحدة فقط، هي أن كاتباً إيرانياً يريد أن يكتب قصة حب في إيران، والسيد بتروفتش الرقيب والمسؤول عن المطبوعات يراقب كل كلمة يكتبها، ويطلب إليه أن يعدّل الأحداث والمواقف والشخصيات بما يتناسب مع عادات وثقافة المجتمع الإيراني والثورة الإسلامية.
مقتطف من الرواية :
في هواء طهران يمتزج معاً أريج أزهار الربيع وأول أكسيد الكروبن وروائح عطور وسموم قصص ألف ليلة وليلة المدينة تنساب مع الزمن.
يتجمهر حشد من الطلاب في احتجاج سياسي أمام مدخل جامعة طهران الرئيسي في شارع الحرية . قبضاتهم مرفوعة إلى الأعلى وأصواتهم تعلو: ((الموت للعبودية)). وعلى الجانب المقابل من الشارع يتجمهر عدد من أعضاء حزب الله قبضاتهم مطبقة وربما كانت هناك سلاسل وقبضان نحاس في جيوبهم يصيحون:((الموت لليبراليين...)).
وكان أفراد شرطة مكافحة الشغب المدججون بأكثر الأسلحة تطوراً بما فيها الهراوات المستوردة من الغرب التي تحدث صدمة كهربائية يقفون في مواجهة الطلاب. وتحاول كل من المجموعتين قبل أن تتشابكا وتتبادلا اللكمات أن تحقق انتصاراً على منافستها بالصياح بصوت أعلى. قطرات العرق تصبب من الوجوه ورذاذ من البصاق ينطلق من الأفواه. وقبل أن تهبط القبضات على الرؤوس لتسحقها ترتفع بدون معجزة نحو السماء.
ربما بسبب هذه القبضات الموجهة إلى الأعلى لم تعد المعجزات تنزل من سماء إيران المقدسة. فمنذ مائة سنة وسنة- عندما انتصرت أول ثورة للديمقراطية في إيران- ارتفعت قبضات تشبه هذه القضبضات نحو سماء بلد فيه أكبر عدد من رجال الدين ويقام فيه أكبر عدد من الصلوات وتذرف فيه سيول من الدموع وتسمع في أرجائه أصوات العويل والنواح الديني: ويخيل إليّ أنه في هذا اليوم تتوجه أعظم الدعوات إلى الله لكي يعجل في وقوع يوم القيامة من إيران.
وعلى مسافة غير بعيدة تقف فتاة على الرصيف ظهرها باتجاه السياح الفولاذي المثبت علي الجدار الحجري البالغ ارتفاعه ثلاث أقدام الذي يحيط بجامعة طهران.
وبخلاف معظم الفتيات في العالم لكن مثل معظم الفتيات في إيران تضع رأسها وشاحاً أسود وترتدي معطفاً أسود طويلاً يغظي جسمها بالكامل. بجمال تجده لدي جميع الفتيات في قصص الحب جمال ترغب الكثير من الفتيات في العالم وفي إيران اللاتي قرأن هذه القصص أن يمتلكنه. ولو رأت أرواح ألاف الشعراء الذين ماتوا من ألف سنة أو منذ سبعمائة سنة او منذ أربعمائة سنة وأرواح الشعراء الذين سيولدون- الذين بخلاف الأحياء في ديموقراطية الموت يطوفون شوارع طهران بحب وتسامح- عينيها السوداوين الواسعتين لشبوهما كما كان شائعاً في أشعارهم بعيون المها الحزينة. وهو تشبيه قديم للعيون الشرقية التي سلبت قلب اللورد بايرون وخلبت عقل أرثر رامبو .....ولكن بعكس هذا التشبيه المعتاد لو ألقيت نظرة غامضة إلى عيني هذه الفتاة اللتين تبدوان وكأنهما تمتلكان القدرة على تجاوز الزمن لرأيت فيهما القدرة على عبور جدران الحرملك الذهب أو ربما الجدران النارية والمرشحات لحجب بعض المواقع على الإنترنت.
لكن الفتاة لا تعرف أنها بعد سبع دقائق وسبع ثوان بالتمام والكمال وفي ذروة الاشتباكات الدائرة بين الطلاب وعندما يبدأ رجال الشرطة وأفراد حزب الله هجومهم ويسود الهرج والمرج وتعم الفوضي ويبدأ الطلاب الهرب ذات اليمين وذات السيار ستتلقي ضربة شديدة وستتهاوي على الأرض وسيرتطم رأسها بحافة الرصيف الإسمنت وستغمض عينيها الشرقيتين الحزينتين إلى الأبد.... تلفت الفتاة انتباه الأشخاص المخفيين الذين يراقبون المشهد من زوايا غير مرئية ويتعرفون على أشكال الناس وهوياتهم أثناء التظاهرات السياسية في إيران ويدل أحدهم الأخر عليها. ويلتقط واحد منهم من زواية محترفة صورة ويسجلها على شريط.
للقراء أراء في 'قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب'
الرواية تسلط الضوء على مقص الرقيب المسلط دوما على قلم الكاتب الإيراني الذي يراقب كل كلمة تكتب بما يتناسب مع ثقافة المجتمع الإيراني. |
شهريار ينتقد الرقيب المتسلط في إيران |
شهريار مندني بور روائي إيراني. ولد في شيراز جنوب إيران سنة 1957. يعد من أهم الكتاب والروائيين في الأدب الفارسي الحديث. ترجمت وطبعت أول رواية له باللغة الأنكليزية عام 2009 وهي رواية “قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب”.
قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب رواية تدور حول فكرة واحدة فقط، هي أن كاتبا إيرانيا يريد أن يكتب قصة حب في إيران، لكن بتروفتش الرقيب والمسؤول عن المطبوعات يراقب كل كلمة يكتبها، ويطلب إليه أن يعدّل الأحداث والمواقف والشخصيات بما يتناسب مع عادات وثقافة المجتمع الإيراني والثورة الإسلامية، إنها حكاية مقص الرقيب المسلط دوما على قلم الكاتب.
● فهد: أول فكرة طرأت علي وأنا أقرأ هذا الكتاب هي علاقته الوثيقة بألف ليلة وليلة، بل المفارقة التي أقدر أنها مقصودة من الكاتب، هي أن القص هو الحيلة التي استخدمتها شهرزاد للفرار من سيف شهريار، في هذه الرواية تنقلب الأحوال، فشهريار -اسم المؤلف- هو من يحاول الفرار بقصته من مقص الرقيب.
● مي أحمد: إن أردت أن تقرأ رواية بأسلوب مختلف ومبتكر فاقرأ لهذا الشهريار المجنون، لأول وهلة اعتقدت أنني سأقرأ قصة حب كأي القصص الدارجة، لم أكن أعتقد أن هذا الكاتب سيشدني إلى هذه الدرجة، ولم تكن القصة هي السبب، ولكن ما شدّني إليها هو أسلوب الكاتب في السخرية والخروج عن المألوف.
● إبراهيم عادل: لم أكن أتخيل أن أقرأ رواية بهذا العنوان المستفز أصلا، ولكن طريقة الكاتب فعلا جذابة وأثيرة، ومن خلال تقنية كسر الإيهام المتتالية، بأن وضع نفسه كمؤلف، ووضع الرقيب معه أيضا، وعرض قصة الحب العابرة تلك.
● طارق فارس: طبعا الرواية بعيدة عن التلاقي الحضاري أو الفكري، فالكاتب يحاول أن يكتب قصة حب، ولكنه ما إن يفكر في عناصر الرواية من حبكة وشخصيات وأحداث، حتى يصطدم بمقص الرقيب، وبالأفكار السائدة للمجتمع، فيضطر إلى أن يعيد صياغة الحدث حتى يرضي الجميع.
● خيري يزيد: نستطيع أن نقول إن هذه الرواية مكتوبة بطريقة أدب ما بعد الحداثة، أسلوب غريب وجذاب، رغم أنها رواية عابرة للصفحات، ولكنك تتيه بها وتغوص بعالمها. عالم غرائبي لم أكن أتوقعه بالقرن الحادي والعشرين، ولكن مع أصحاب اللحى فستبقى في زمن ما قبل الإسلام، فهذه الأفعال لم يفعلها حتى كفار قريش.
● حنان درة: الرواية ظننتها للوهلة الأولى رواية أدبية عادية، لكن لم أكن أتوقع أن تعطيني في أسلوب روائي قصصي، نبذة ليست بالقليلة عن التجربة الإيرانية بعد الثورة. بعد ما قرأتها عرفت لِمَ الناس في مصر متخوفون من الإخوان المسلمين، حقيقة التجربة قاسية وصعبة جدا.
|
● دانا إبراهيم: نادرا ما أجد في رواية أن الكاتب والشخصيات والأطراف الأخرى من ناشرين ومراقبين للفضيلة يتحاورون. أصابتني هذه الرواية بالكثير من الإعياء لما تحتاجه من تركيز شديد، وفي ذات الوقت لم أستطع إهمالها وتركها، بها شيء كان يشدّني كل يوم، إنها ليست رائعة، وليست سيئة كذلك، لا أدري.. رمزياتها أكثر مما تصورت في الأدب الإيراني.
● سليم: قصة حب إيرانية تحت مقص الرقيب، رواية فيها من العبقرية ما لا يقل عن الروايات التي غيرت مجرى التاريخ. أبطال الرواية: الراوي، أي الكاتب “شهريار مندني بور”، بالإضافة إلى “دارا” وحبيبته “سارا” والرقيب “بيتروفيتش”، الرقيب الذي لا يرحم في جمهورية إيران الإسلامية.
● مها: القصص الإيرانية، تشبه قصص السعودية في أمر، هو أن أغلبها يميل إلى الوصف الكئيب الممل عن الحب والعذاب، ولكن هذه القصة منعشة، فقد كتبت بأسلوب كوميدي ساخر، يحاول من خلاله الكاتب أن يتحدث عن قصة حب إيرانية، ويساوم موظف هيئة الرقابة في إيران على تمرير كتاباته، ولكن هذا الموظف لا تفوته فائتة، فهو يدرك كل المعاني السيئة.
● رانية عبيد: لا شيء أكثر تدميرا للكاتب من تقييد حروفه المندفعة لوصف ملامح قصة حب بين شاب وفتاة كلاهما بريئان، لا يريدان من الحب سوى تبادل النظرات لا أكثر. العثرات التي تواجه الأدب في إيران، هذا ما تطرحه الرواية، هل هو التعصب، أم التزمت؟ أم حقا الرغبة في السيطرة على الأخلاق والحد من الفساد.
● وضحى الخالدي: يكشف الكاتب أوراقه أمامنا، ويخبرنا أنه يتمنى أن يكتب قصة حب “دارا وسارا” لكن مقص الرقيب يمنعه، ويقص كل ما لا يقبله (الحكم الإسلامي) في إيران، يشركنا الكاتب معه في النقاش، ويخبرنا لماذا أراد أن يكتب هذا؟ ولماذا محا ذلك؟ وكيف سيهرب من مقص الرقيب في هذه؟
● سلوى العلي: قصة شدتني إليها بقوة، هي رائعة وتترجم قدرة شهريار مندني بور على الكتابة. ذكرتني ببعض ما ورد في ألف ليلة ليلة، ولكن بنفس مختلف وأسلوب مغاير، لكنها تظل رواية جيدة متماشية مع العصر، رغم بعض الصعوبة في فهم الأحداث أحيانا التي بدت لي غير مترابطة وينقصها الكثير من المنطق. ؤغن النقائص أنصح الجميع بقراءتها. العرب نُشر في 25/10/2014، العدد: 9718، ص(17).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق