الأحد، 12 أبريل 2015

باراك أوباما - أَحْلَامٌ مِنْ أبِي : قِصَّةُ عِرْقٍ وإِرْثٍ - للقراءة و التحميل ...

كتاب أَحْلَامٌ مِنْ أبِي :

قِصَّةُ عِرْقٍ وإِرْثٍ

Dreams from My Father :


A Story of Race and Inheritance



باراك أوباما Barack Obama

 ترجمة : إيمان عبد الغني نجم وهبة نجيب مغربي 

مراجعة : مجدي عبد الواحد عنبة


نبذة ناشر كتاب أحلام من أبي:

   فى هذه السيرة الذاتية الواقعية المعبرة التى تستحوذ على كيان القارىء. يبحث ابن رجل أفريقى وسيدة أمريكية عن معنىً حقيقى لحياته كأمريكى أسود. وتبدأ أحداث هذه القصة فى نيويورك حيث تلقى باراك أوباما خبر وفاة والده فى حادث سيارة؛ والده الذى كان فى عينيه أسطورة أكثر من كونه إنساناً عادياً. وهذا الموت المفاجىء أشعل بداخله فتيل رحلة عاطفية تبدأ فى مدينة صغيرة فى كانساس يتعقب منها هجرة عائلة والدته إلى هاواى، ثم تأخذه الرحلة إلى كينيا حيث يقابل الفرع الكينى من شجرة عائلته، ويواجه الحقيقة المرة لحياة والده، وفى النهاية ينجح فى رأب الصدع بين شقى إرثه الممزق.


نبذة مؤلف كتاب أحلام من أبي:

  لم يكن بوسعى سوى الإنتظار، حملت أغراضى إلى الأسفل مرة أخرى وجلست عند مدخل المبنى، وبعد مرور بعض الوقت، وضعت يدى فى جيبى الخلفى، وأخرجت الخطاب الذى كنت أحمله معى منذ أن غادرت لوس أنجلوس:

ابنى الحبيب 

   كانت مفاجأة سارة حقاً أن أتلقى منك خطاباً بعد مرور كل هذه المدة. أنا بخير وأقوم بتلك الأشياء التى تعرف أنها متوقعة منى فى هذا البلد. لقد عدت لتوى من لندن حيث كنت أهتم بإنجاز بعض الأعمال الخاصة بالحكومة وأناقش أمور التمويل وغيرها. فى الحقيقة أنا نادراً ما أكتب إليك بسبب هذه الأسفار الكثيرة، وعلى أية حال، أظن أن الوضع سيتحسن من الآن فصاعداً. 

    ستسعد عندما تعلم أن جميع إخوتك وأخواتك هنا بخير، ويرسلون لك تحياتهم، وقد رحبوا بشدة بقرار عودتك إلى وطنك بعد التخرج مثلى تماماً وعندما تأتى نقرر معاً كم من الوقت تريد أن تبقى. بارى، حتى إذا كانت الزيارة ستستمر بضعة أيام فحسب، فمن الضرورى أن تعرف شعبك وأن تعرف المكان الذى تنتمى إليه. 

  رجاءً اعتنى بنفسك، وتحياتى إلى والدتك وجدتك وستانلى، وأتمنى أن أتلقى خطابات منك قريباً. 

   مع حبى والدك طويت الخطاب وأعدته إلى جيبى مرة أخرى. لم يكن من السهل أن أكتب إليه، فقد انقطعت كل المراسلات بيننا على مدار السنوات الأربع السابقة. وفى الحقيقة وضعت للخطاب عدة مسودات، وحذفت أسطراً كاملة، وكنت أجاهد لأكتب بالنبرة المناسبة وأقاوم الرغبة فى تفسير الكثير من الأمور، فلم أكن أدرى كيف أبدأ الخطاب: "والدى العزيز" أم "أبى الحبيب" أم "عزيزي الدكتور أوباما"، وها هو قد أجاب على خطابي بابتهاج وهدوء ونصحني أن أعرف المكان الذى أنتمى، وجعل الأمر يبدو سهلاً مثل أن تجيب عليك الموظفة فى خدمة استعلامات شركة التليفونات: 
"الاستعلامات، أى مدينة من فضلك؟". 

   "لا أدرى... أتمنى لو أنك تخبرينى، الاسم هو أوباما، إلى أين أنتمى؟" ربما يكون الأمر بهذه البساطة من وجهة نظره حقاً. وتخيلت أبى وهو يجلس إلى مكتبه فى نيروبى، رجل مهم فى الحكومة لديه موظفون وسكرتارية يقدمون له أوراقاً ليعتمدها، ووزير يتصل به طالباً منه النصيحة، وزوجة محبة وأطفال ينتظرونه في المنزل وقرية والده على بعد يوم واحد بالسيارة. وقد جعلتنى هذه الصورة غاضباً بصورة ما، وحاولت أن أنحيها جانباً وأركز بدلاً من هذا على صوت موسيقى "الصلصا" الذى يأتى من نافذة مفتوحة فى مكان ما فى المجمع السكنى، لكن ظلت الأفكار نفسها تعاودنى وتتواصل كخفقات قلبى.


أحلام من أبي: قصة عرق وإرث (بالإنجليزية: Dreams from My Father: A Story of Race and Inheritance) هي مذكرات الرئيس الأمريكي باراك أوباما نشرت لأول مره عام 1995 بعد أن تم أنتخاب أوباما كأول رئيس من أصل أفريقي لمجلة هارفرد للقانون، وترجمت الكتاب إلى العربية مؤسسة "كلمات عربية للترجمة والنشر".

يشتمل الكتاب على ثلاثة أبواب، الأول بعنوان "جذور" ويضم 6 فصول، أما الباب الثاني بعنوان "شيكاغو" ويحتوي على 7 فصول، والباب الثالث بعنوان "كينيا" ويضم 6 فصول .

   بالتزامن مع فوز الرئيس الأميركي باراك أوباما بالجائزة الأولى لكتب السيرة الذاتية في مسابقة الكتاب البريطاني، أصدر مشروع "كلمه" التابع لهيئة أبوظبي للثقافة كتابه "أحلام من أبي: قصة العرق والإرث".

   يعود أوباما في كتابه إلى أصل الحكاية، حين وصل أبوه عام 1959 إلى جامعة هاواي وهو في الثالثة والعشرين من عمره، ليكون أول طالب أفريقي في تلك الجامعة وفيها قابل فتاة أمريكية بيضاء خجولة لم تكن قد تجاوزت الثامنة عشرة من عمرها وربط بينهما رباط الحب وتزوجا وأنجبا مؤلف هذا الكتاب.

   ووفقا لصحيفة "الخليج" الإماراتية يعبر الكتاب عن رحلة إنسانية لطفل يبحث عن أبيه الغائب، وشاب يبحث عن مستقبل لوطن يعشقه ثم محام يحاول أن يحقق العدالة خارج ساحات المحاكم في جميع أرجاء أمريكا.

   وينقل باراك من فصل إلى آخر حياته بتفاصيلها الدقيقة؛ حياته طفلا في هاواي، وذكرياته ومغامراته بل شقاوته الصبيانية في إندونيسيا، حياته العاطفية ومشاعره، ثم يعرض تأملاته عن أحوال السود في أمريكا ومحاولاته التغلغل داخل نفوسهم ويكشف للعالم جراح العنصرية التي لم تندمل بعد.

   يعترف أوباما في الكتاب بأنه لم يكن ذلك الطالب المتفوق للغاية في دراسته، بل يعترف بما هو أبعد من ذلك: فهذا الرجل الذي ظل يدرس القانون الدستوري 12 عامًا ـ في كلية الحقوق بجامعة شيكاغو ـ اعترف على صفحات الكتاب بإساءته التصرف في بعض الأحيان.

   يقول الدكتور علي بن تميم مدير مشروع "كلمة" كما نقلت عنه قناة النيل الإخبارية المصرية "هذا الشاب الذي يجلس الآن على عرش أكبر دولة في العالم لم يصل لهذا المنصب من فراغ. بل لأن هناك شيئا داخله يدفعه ويدافع عنه يقوده ويساعده في قيادة الآخرين. وهذا الشيء لن يعرفه إلا من يقرأ صفحات هذا الكتاب. قصة أوباما ليست مجرد قصة رئيس, بل قصة الفرار من هوة الإحباط إلى العلا ومن الشك إلى اليقين".

    وهو في هذا الكتاب يقدم بارقة أمل لكل من يشعر بالقهر مؤكدًا على حقيقة أن المقهور لو أصر على نيل حقوقه سينتصر في النهاية.


   نشر باراك أوباما هذه المذكرات الملتهبة بالعواطف التي تهز المشاعر هزًّا قبل أن يصبح الرئيس الأمريكي المنتخب الرابع والأربعين بسنوات، وقد تصدر الكتاب قائمة أفضل الكتب مبيعًا التي تنشرها صحيفة نيويورك تايمز عندما أعيد طباعته عام ٢٠٠٤. يحكي كتاب «أحلام من أبي» سعي أوباما الدءوب لفهم القوى التي أسهمت في تشكيله كابن لأب أفريقي أسود وأم أمريكية بيضاء وهو السعي الذي انطلق به من قلب الولايات المتحدة إلى مسقط رأس جدته في قرية أليجو الأفريقية الصغيرة.

     يبدأ أوباما قصته في نيويورك حيث يسمع أن والده — وهو الأب الذي عرفه كأسطورة وليس كرجل — لقي مصرعه على إثر حادث سيارة. اجترت هذه الأنباء سلسلة من الذكريات حيث يسترجع أوباما تاريخ عائلته غير المألوف بداية من هجرة عائلة أمه من بلدتها الصغيرة بولاية كانساس إلى جزر هاواي، ومرورًا بمشاعر الحب التي نشأت بين أمه وبين طالب كيني واعد شاب وهو الحب الذي اشتعلت جذوته بفعل براءة الشباب وبالروح المؤيدة للاندماج العرقي التي سادت في مطلع ستينيات القرن العشرين. ويروي أوباما كيف أن والده رحل عن هاواي وهو لم يزل في الثانية من عمره بعد أن عادت الحقائق المريرة المتعلقة بالعرق والسلطة تُطل بوجهها من جديد، ويروي عن بداية إدراكه للمخاوف والظنون التي لم تكن موجودة فحسب بين العالم الأسود الكبير والعالم الأبيض بل كانت تعتمل في نفسه أيضًا.

    انتقل أوباما إلى شيكاغو ليعمل في وظيفة منظم للمجتمع الأهلي مدفوعاً بالرغبة في فهم القوى التي أسهمت في تشكيله وأيضًا في فهم أسطورة أبيه. وهناك عمل في مواجهة خلفيات الصراع السياسي والعرقي العنيف من أجل إخماد نيران اليأس المتصاعدة في تلك المنطقة الفقيرة من المدينة. وهكذا تتحد قصته مع قصص من يعمل معهم إذ يتعلم قيمة المجتمع وضرورة معالجة الجراح القديمة وإمكانية وجود الإيمان في غمرة المحن.

   وفي كينيا تعود رحلة أوباما إلى نقطة البداية من جديد حيث يلتقي أخيرًا مع الجانب الأفريقي من عائلته ويواجه الحقيقة المرة لحياة أبيه. يكتشف أوباما أنه مرتبط ارتباطًا لا مفر منه بأشقاء وشقيقات يفصل المحيط بينه وبينهم بعد السفر إلى بلد يقاسي بشدة من الفقر المدقع والصراع القبلي وإن كان شعبه يواصل الحياة بفعل روح التحمل والأمل، وفي النهاية — وعن طريق تبني نضالهم المشترك — ينجح في جمع شمل إرثه المتمزق.


"أحلام من أبي": قصة الحلم الذي أوصل أوباما لرئاسة أمريكا


تقرير العربية.نت الأسبوعي للكتاب - الثلاثاء 01 ذو القعدة 1430هـ - 20 أكتوبر 2009م - دبي - حكم البابا :

   يستعرض تقرير العربية.نت للكتاب في مادته الرئيسية هذا الأسبوع كتاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث"، الذي أصدره عام 1994 ويروي فيه من خلال سرده لسيرة حياته، قصة حلم والده الذي لم يعرفه كفاية خلال حياته، لكنه اكتشفه بعد موته، ووعى الحلم الذي ورثه عنه جينياً، والذي رافق وحكم حياته، وهو حلم كل مواطني القارة السوداء، سواء الذين عاشوا فيها وحاولوا تطويرها، أو ولدوا بعيدين عنها في أمريكا وحملوا بصمات أسلوب حياتها حتى ولو لم يعرفوها.

"أحلام من أبي": باراك أوباما في وجهيه الحالم والواقعي 

   لا يروي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كتابه "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث" الذي نشره عام 1994 اثر نيله بعض الشهرة بعد انتخابه كأول رئيس أمريكي من أصل افريقي لمجلة "هارفارد لو ريفيو" سيرة حياته منذ الطفولة وحتى تاريخ إصداره للكتاب فقط، بل يقدم أولاً وأساساً قصة كفاح واثبات للوجود واكتشاف للذات وسعي لتحويل الحلم إلى واقع، ويقدم في المقام التالي سيرة فيها الكثير من العبر وقوة الإرادة والتعلم من الأحداث وقراءة الواقع كما هو، من دون التخلي عن الحلم الذي يعتبر المحرك الأول لتغيير هذا الواقع. ويختلط في هذا الكتاب-السيرة الخاص بالعام، التفصيل الحياتي واليومي المعاش بالقضايا الكبرى والعامة التي شغلت باراك أوباما وعلى رأسها قضية السود الأمريكيين بالدرجة الأولى، وتالياً قضية الأعراق الأخرى التي تشكل مجموع الولايات المتحدة الأمريكية، وقضايا اجتماعية كثيرة أخرى انخرط فيها، ومن خلالها تلمس فيها ببطء قضايا مجتمعه الملحة، مختاراً الأهم فالمهم، لكن أهم مايميز كتاب أوباما "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث" بالاضافة إلى تركيزه على الحلم الذي حكم حياته، وحياة أبيه من قبله، والذي يعيد اكتشافه وتقدير دوره بصماته على حياته بعد موته، ويرجع إليه أفضالاً كثيرة ورثها عنه، هو دأبه وعمله ومتابعته وتدقيقه بكل ما حوله لاكتشاف الدقائق الصغيرة والآليات الناظمة لسيرورة الحياة الأمريكية، وقدرته على خلق نوع من التوافق بينها وبين أحلام افريقي مجرد من الشعور بالوضاعة فقط لأن لون جلده مختلف، لتجد هذه الأحلام الموروثة طريقها للتحقق.

   يبدأ أوباما سيرته من اللحظة التي تلقى فيها اتصالا هاتفياً مقتضباً من عمته جين في نيروبي تخبره فيه بأن والده توفي بسبب حادث سيارة، وتطلب منه الاتصال بعمه المقيم في بوسطن وإبلاغه بالأمر، ويتوقف أوباما الشاب عند هذا الخبر، ليسرد ذكرياته القليلة عن والده المتوفي الذي لا يمثل بالنسبة له سوى شخصاً رآه لمرة واحدة، وقضى معه قرابة العشرين يوماً، وباستثناء تلك الحادثة لم تتعد العلاقة بينهما الكلمات التي تصل عبر رسائل في فترات متباعدة، تحمل النصيحة والحث على الاجتهاد، دون أن ترفق ولو مرة واحدة بحوالة مالية أو هدية، ولذلك لم تترسخ لدى أوباما صورة الأب الحقيقية، وبقي كمئات آلاف الأطفال الأمريكيين ابناً لامرأة عزباء عليها أن تؤمن له مصاريف العيش والدراسة، أما مابقي من صورة الأب في ذاكرة الطفل فليس أكثر من موتيف باهت، وصورة أكملتها الأم والجد والجدة عنه، ومن خلال قصص هؤلاء (الجد والجدة والأم) كوّن أوباما لنفسه صورة لهذا الأب القادم من أعماق إفريقيا في بعثة دراسية لأمريكا، ليتزوج امرأة بيضاء، ويعود إلى موطنه بعدما ولد طفله بقليل، في حقبة مفصلية من التاريخ الأمريكي، كانت فيها قوانين الفصل العنصري لا تزال سارية في بعض الولايات، وفي هذه الأجواء في منزل الجد والجدة حيث كان الحديث يدور عن الأب وقصصه، نشأ هذا الطفل الأسود في رعاية أسرة بيضاء، كانت تشكل قمة التناقض المحير في حياة طفل صغير يفتح عينيه على الحياة.

   ولم يكد الطفل أوباما يتعرف على جزء من المحيط الأمريكي، حتى وجد نفسه في اندونيسيا، بسبب زواج والدته من آسيوي هذه المرة، وهناك دخل عالماً غريباً من العادات والتقاليد والثقافة المختلفة، لكنه رغم ذلك بقي بعيداً عن المعاناة من المواقف العنصرية التي سيشهدها لاحقاً، والتي ستؤثر كثيراً في سيرة حياته، وتدفعه إلى البحث عن السود والاندماج معهم، بعد اكتشاف صيغة الأسود والأبيض التي كان السود يتداولونها فيما بينهم أكثر من البيض أنفسهم، مما أعطاه انطباعاً بأن هناك حواجز كبيرة وإن كانت غير مرئية بين عالمين، وخلال فترة مراهقته المتقلبة يمضي أوباما أيامه بين الاندفاع إلى عالم السود المراهقين، والمخدرات والفوضى، والشكوى الدائمة من هذا الواقع، وبين العودة إلى المنزل وإلى أحضان العائلة البيضاء، التي كانت تحنو عليه وترعاه، الأمر الذي جعله يعيش نوعاً من التناقض سيبقى حاضراً في كل تفاصيل حياته اللاحقة، فهو لم يكن باستطاعته يوما أن يكون الأسود المظلوم، والذي يلقي بكل آلامه وخيبات حياته على البيض، لأن صورة الأم والجد والجدة تبرز مباشرة وتحمل له النقيض من أفكاره.

    بعد تخرجه من الجامعة يروي أوباما هواجس دخوله معترك الحياة العملية (والتي اختبرها سابقاً من خلال مهن بسيطة مارسها كنوع من المساهمة في مصاريف الدراسة) وطبيعة المجتمع الأمريكي العملية، حيث اكتشف بعد مرور فترة بسيطة على عمله في احدى شركات التأمين أن ما يبحث عنه ليس هو ذلك الذي حصل عليه، وأن ما يحلم به هو العمل في منظمات المجتمع المدني التي سمع عنها لكنه لا يعرف ماهيتها، فينخرط في مراسلات ولقاءات وكتابات، تتحدث كلها عن حق السود في المساواة الكاملة، والعناية الصحية والاجتماعية، ومعالجة استفحال الجريمة والمخدرات بين مراهقي السود، وفي عام 1983 يقرر أن يصبح منظما للمجتمع الأهلي، بهدف تنظيم السود على مستوى القاعدة الشعبية لإحداث التغيير، فيدخل عالماً جديداً، فيه الكثير من الأحلام والقليل من الواقعية، وفيه من التمنيات أكثر مما فيه العمل لتحقيقها، لكنه يعتبر هذه الفترة هي الأهم في حياته، لأنه يكتشف في نفسه ليس القدرة على التنظيم فحسب، وإنما إمكانية إقناع الآخرين بأفكاره وشخصه، الأمر الذي سيشكل فارقاً كبيراً لديه بعد ذلك، ويدخله في معمعة العمل السياسي من خلال مؤسسات الحزب الديمقراطي، بعد اقتناعه بأن العمل السياسي المؤثر لا بد أن يمر من خلال إحدى البوابتين، الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، وبعد فترة بسيطة من العمل في مؤسسة القس جيسي جاكسون، ومن ثم في حملة رالف نادر المرشح الأمريكي المستقل لمنصب الرئيس الأمريكي، ولأنه أسود فقد كان الحزب الديمقراطي خياره الأقرب، لينطلق صعوداً في السلم الاجتماعي والسياسي.

   وبعد مرور ثلاث سنوات من عمله في منظمات المجتمع المدني، وقراره استكمال الدراسة في هارفارد لتحقيق حلمه وحلم والده، يقرر زيارة كينيا موطن عائلة أبيه للمرة الأولى، ليكتشف العائلة والجد والأب الذي لم يعرفه إلا بما يكفي لتكوين صورة غائمة، وليعيد تشكيل صورة الأب بشكل أكثر واقعية وأكثر وعياً، ويكتشف في نفس الوقت أن لديه الكثير من الجينات الوراثية الشخصية المنحدرة من الأب البعيد جسداً، والموجود تكويناً وسلوكاً، ويشعر أن ما كان يسعى إليه، وطموحه الذي لا يحد، هو جزء من روح الأب البعيد الغائب، وحينها فقط يعي مقدار الخسارة التي تعرض لها بفقدان الأب المبكر، والذي اكتفى بعد علمه بوفاته بإرسال برقية تعزية برجل غريب عرفه يوماً من شخص غريب، ولم تكن تعني له هذه الوفاة شيئاً أكثر من أنها ستؤلم آخرين -قطعا ليس هو واحداً منهم- ويقضي الواجب عليه بإرسال برقية تعزية، وهو ماعتبره أكثر من كاف.

   شكلت زيارة أوباما إلى كينيا كما يعترف في سيرته عنصر التحول الأبرز في حياته - بعد تجربة شيكاغو كمنظم للمجتمع المدني - لأنه عرف هناك الدوافع وراء أحلام الأب والتي اكتشف أنه يحملها بالقدر نفسه، ووعى بؤس المجتمع الأفريقي والسود الأمريكيين بشكل خاص، كون أسلوب هؤلاء في الحياة الأمريكية لا يزال يحمل بصمات القارة الأفريقية من قبل بشر لم يعرفوها ولم يروها، ولم تكن يوماً حلما لهم، لكنها كانت موجودة دائماً في الدم والوجدان والسلوك، وبدأ يفهم هذا العالم المليء بالكثير من الشكوى والقليل من العزيمة وحب العمل، ويتكئ كثيراً على قصص التمييز العنصري الغير حقيقية وإن كانت موجودة على نطاق ضيق، الأمر الذي جعله (أوباما) يحمل أخوته السود المسؤولية الأكبر في تردي أحوالهم، ويعتبر أن الشعور بهيمنة البيض على حياتهم واستغلالهم، ما هو إلا إحدى مبررات الكسل التي اعتادها هؤلاء، وخاصة أن معظم من عمل معهم أوباما في التنظيم المدني -وهم من السود- كانوا لا يثقون كثيراً بالسود، وشكا العديد منهم من خيانة السود لأبناء جلدتهم.

   في سيرته يظهر باراك أوباما الشاب قبل أن يندفع في العمل السياسي البراغماتي الحقيقي، إنساناً حالماً أكثر منه واقعياً، فقد انخرط في حملات انتخابية كثيرة وتنقل بين اتجاهات مختلفة من الماركسية إلى الدينية، لكنه بمجرد أن وعى هدفه دخل في صلب العمل السياسي بحرفية لا تنقصها روح المبادرة، مدفوعاً بحافز شخصي وكبير كامن في أعماق روحه هو صورة الأب المكتشف بعد طول عهد، وأحلام هذا الأب التي اصطدمت في بلده كينيا بالبيروقراطية والقبلية، والمحاباة التي لم تكن من طبيعته، فارتفعت مرتبته الوظيفية حتى غدا معاون وزير، ثم انخفضت لدرجة أنه صعب عليه إعالة أسرته الجديدة هناك، وهي الرابعة في تعداد الأسر التي كونها، وكانت مع أمريكية أخرى غير والدة أوباما، فعلى مايبدو من كتاب "أحلام من أبي" أن هذا الوالد كان يتمتع بكاريزما خاصة محببة، وشخصية قيادية صارمة، منحت لأوباما الابن الكثير من الشعور بالواجب، والشعور بأهمية الذات.

   أهم ما يلاحظ في سيرة حياة باراك أوباما التي يرويها في كتابه "أحلام من أبي: قصة عرق وإرث" هو امتلاؤها بالكثير من اللحظات المشرقة والكثير من اللحظات البائسة، وخلوها من لحظات اليأس القاتلة، لأنها حياة كانت (وربما لاتزال إلى الآن بعد مرور خمسة عشر عاماً على نشر الكتاب، وانتخاب صاحبها كأول رئيس أمريكي من أصل افريقي في التاريخ) محكومة بالحلم، الذي لم يكتف أوباما بالركون إليه، والاستمتاع به كمجرد حلم، بل سعى واختار الطرق المناسبة لتحقيقه.

الكتاب: أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

المؤلف: باراك أوباما

المترجم: هبة نجيب السيد المغربي وإيمان عبد الغني نجم

المراجع: مجدي عبد الواحد عنبة

الناشر: منشورات كلمة/أبو ظبي - دار كلمات عربية للنشر/القاهرة

الطبعة الأولى 2009.

القراء آراء في:'أحلام من أبي: قصة عرق وإرث'

  سيرة ذاتية تؤرخ لفترة من حياة باراك أوباما الإنسان العادي قبل أن يعتلي سدة الحكم ليصبح أول رئيس أميركي من أصول أفريقية.

العرب [نُشر في 05/12/2013، العدد: 9400، ص(15)]

   باراك حسين أوباما الابن، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة الأميركية منذ 20 يناير 2009، وأول رئيس من أصول أفريقية يصل للبيت الأبيض. تخرج من كلية كولومبيا بجامعة كولومبيا وكلية الحقوق بجامعة هارفارد. صدر له "جرأة الأمل: أفكار عن استعادة الحلم الأميركي"، ترجمة معين الإمام.
أحلام الفتى الأفريقي

   كتاب يتضمن السيرة الذاتية للرئيس أوباما، وفيه صور فيه الكاتب أحداثا هامة ومدى تأثيرها في نفسيته. كتاب سجل أحلام الفتى الأفريقي وطموحه الكبير وصبره حتى وصل إلى سدّة الحكم في أميركا.

● رولا: أعجبت كثيرا بسيرة أوباما الذاتية وأسلوبه الممتع الذي جعل السيرة أقرب لرواية خاصة مع كثرة ورائبية الأحداث. قسم أوباما الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، ربط كل جزء بمكان مجرى الأحداث. هذا الكتاب ذكرني كثيرا بدراما "الحفيدة الأميركية" لإنعام كجه جي. في المجمل كتاب رائع رغم خلوّ الكتاب من صور أبطاله وهو أمر مزعج للغاية.

● ميّ أحمد: كتبه باراك قبل أن يعتلي عرش السلطة ولا علاقة لهذا الكتاب بكونه رئيس أكبر دولة في العالم بل ربما قد يكون سببا في إيصاله لكرسي الرئاسة. وفيه ينقل باراك سيرة حياته بين جديه في هاواي ثم ذكرياته مع والدته في إندونيسيا حين تزوجت للمرة الثانية وهناك عاش باراك حياة ريفية عركته الحياة نتيجة لتباين الحياة التي عاشها هناك عن أميركا. كتبت السيرة بأسلوب أدبي جميل خاصة في الفصل الذي توجه فيه إلى القارة الأفريقية. إنها هي قصة قوة إرادة ونجاح.

● مرتضى: من أجمل الكتب التي قرأتها. وأنصح به أو أكاد! يذكر فيها أوباما معاناته وقصته مع والده الذي ينتمي للسود ووالدته الأميركية، والصراع الكبير الذي عاشه بينهما. وكيف استطاع بالعزيمة والإدارة أن يرتقي، إلى أن أصبح رئيس الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن كان يفكر في يوم من الأيام في ترك الدراسة. يعجبني في أوباما أمرين -ولا علاقة لي الآن بسياسته- أنه كاتب ممتاز، والأمر الثاني: أنه متحدث جيِّد.

● لمياء القحطاني: لم أتوقع أن يعجبني الكتاب أبدا وتوقعته تسويقي وكتبه بعد وصوله للرئاسة لكن الكتاب كتب قبل ذلك بسنوات طويلة وحتى قبل أن يصبح أبا. الكتاب بالمجمل رائع ويستحق القراءة يحكي واقع العنصرية وأحلام الطفل المعلقة بأبيه حتى أن الكتاب اسمه أحلام من أبي ذلك الأب البعيد كما يحكي عن أوضاع أفريقيا وعن شخصية تواقة للعلم والمعرفة وتتمتع بقدر من الرجاحة تستحق أن تصل إلى سدة الحكم.

● أركاه موشواه: هذا كتابٌ لم أرد له أن ينتهي! بعض الكتب حين ننتهي منها تبين لنا حجم الفراغ الذي نعيش فيه بعدها! حجم اللاشيء! هذا كتابٌ يسكن بين طيّاته باراك الإنسان. باراك الشخص العادي الذي يسعى بكل ما يملك لأن يجعل لعرقه شأنا. باراك رفض أن يكون اسما عابرا في هامش الحياة. لذلك اختار المتن، وكان رئيس الولايات المتحدة الأميركية . هذا الكتاب يعلمك باراك كيف تكون قويا، كيف تسقط ثم تقوم، كيف أن الضربة التي لا تقتلك تقويك.

● حورية القردوح: أسلوبه سهل والكتاب في المجمل ممتاز، رغم خلوّه من التشويق. أعجبتني الكثير من التفاصيل الصغيرة المرتبطة بحياة أوباما الإنسان وليس السياسي المشهور. الكتاب كله يوميات لرجل شقّ طريق النجاح وتسلق سلم المجد رغم الصعوبات.

● خلود الحارثي: هل تعتقد أن الحيرة تمنعك من التقدم؟ وهل تشعر بأنك لم تجد هدفك بعد؟ لا تغريك نفسك بالجلوس لانتظار إلهام يقلب لك حياتك. اعمل وافشل وعد للعمل مرة أخرى يوما ما ستكتشف ما هو الدور الذي يجب أن تقوم به؟ لم يكن باراك أوباما ليعلم أنه سيكون أول رئيس أميركي أسود في الليلة التي نام بها في الحديقة ولم توقظه سوى الكلاب التي كانت تنبش الزبالة.

● طيف: هل توقع باراك أوباما لما كتب أحلام أبيه، أنه سيكون يوما على قمة الهرم الأميركي، ويُسمع صوته من داخل البيت الأبيض؟ وأيّة إرهاصات عاشها قادته ليحتل تلك المكانة؟ سؤالان رافقاني طوال فترة قراءتي للكتاب، وكنت أبحث خلف السطور عن إجاباتهما. باراك أوباما أعاد قراءة بعض فصول من الكتاب بعد نشره بسنوات، ليعرف كم تغير صوته مع مرور الزمن، ورغم انتقاده لبعض ما كتبه، لكنه فضل أن يظل الكتاب مؤرخا لتلك الفترة دون تغيير. أذهلتني الطريقة التي كتب فيها باراك مذكراته وهو في الثلاثين من عمره، واللغة الرفيعة التي استخدمها.















أو 



أو 






أو 




أو 




أو 




أو 




أو 




أو 





أو 




أو 



أو 




أو 




أو 





ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة