قصيدة سوسة
وفاءً لذكرى ذلك العام ...
ووفاءً لموطن تلك الذكرى ...
وفاءً لسوسة ...
أقدم هذه القصيدة محبةً و إكباراً
1988م
أحمد مصطفى أبو قعيقيص
تَـذّكَّـرْتُــهُ عَــامــاً بِـسُـوسَــةَ حَـالِـيَــا
بِعَهْـدِ صِبَـاً وَلَّـى وَهَــلْ كُـنْـتُ نَاسِـيَـا
|
لَيـالِـيَ كَــانَ الـقَـلْـبُ هَـيْـمَـانَ وَاثِـبــاً
بِأحَـلامِـهِ جَـــذْلَانَ بِالـعَـيْـشِ رَاضِـيَــا
|
تُهَـدْهِـدُنِـي الآمَــــالُ وَهْــــيَ كَـثِـيــرَةٌ
فَـأَغْـرَقُ فِيـهَـا نَـاعِــمَ الْـبَــالِ غَـافِـيَـا
|
ويَقْـتَـادُنِـي شَـــوْقُ الْـحَـيــاةِ مَـلِـيـئَـةً
بِنُـعْـمَـى وَأحْــــلامٌ تَــجُــوبُ خَـيـالـيَـا
|
أَسُـوسَـةُ يَــا مَـهْـدَاً لـذِكْـرَى وَعَيْتُـهَـا
بِقَلْـبِـي إِلـيـكِ الْـيَــومَ أُزْجِـــي ثَنَـائِـيَـا
|
وَفَــاءً لِأيَّــامٍ مِــنَ الْعُـمْـرِ قَـــدْ حَـلَــتْ
تَرْكَـتُ مَجَالِـي الْحُسْـنِ فِيـهَـا وَرَائِـيَـا
|
وَكُـنْـتُ إِخَــالُ الْعُـمْـرِ يَـوْمــاً مُـجَــدَّداً
علَـى صَفْحَـةِ الْأَعْـوامِ كَالـدَّهْـرِ بَاقِـيَـا
|
غُـــروْرٌ أُجَــارِيــهِ فَـأَسْـبِــقُ خَــطْــوَهُ
وَلـكِــنْ مَـــعَ الْأيَّـــامِ خَـــابَ رِهَـانِـيَـا
|
إِذَا مَــــا تَـأمَّـلْــتُ الْـسِّـنـيـنَ وَكَّــرهَــا
يَـظـلُّ المِـهَـادُ الـوِثْـرُ بِالْجـنْـبِ نَـابِـيَـا
|
طَوَتْ عُمُرِي عَجْلَى الرِّكـابِ وأَشْرفَـتْ
خُطَـاي علَـى الْخَمْسِيـنَ مِـنِّـي دَوانِـيَـا
|
وَجَـارَتْ علَـى أَيَّـامِ لَهْـوِي وَ نَشْوَتِـي
وَأَفْـنَـتْ بَشَاشَـاتِـي وَغَـالَــتْ هَنَـائِـيَـا
|
وَأَخْنَـتْ علَـى الْعَهْـدِ الْجَمِـيـلِ وَأُنْـسِـهِ
وَبَــدّلَــتِ الْأَيَّــــامَ سُـــــوداً دَيَـاجِــيَــا
|
لَـكَ اللهُ مِـنْ قَلْـبٍ علَـى البَـثِّ ينـطـوي
وَيصْخَـبُ فِـي سَوْدَائِـهِ الحُـزْنُ كَـاوِيَـا
|
يَــــرُوحُ وَيَــغْــدُو كَـالـسِّـقـامِ خَـفِـيَّــةً
إِذَا خِـلْـتُـه اجْـلَـوْلَــى تَــجــدَّدَ وَارِيَــــا
|
فَـيـالَـكَ عَـامــاً قَـــدْ طَـويــتُ مُـودّعــاً
مِـنَ الْعُمْـرِ مَنْهُوبـاً فَـكـمْ كَــانَ زَاهِـيَـا
|
أُجـارِي الصِّبَـا الفَيْـنَـانَ فِـيـهِ فَأَنْثَـنِـي
بِنَـشْـوَةِ مَسْـحُـورٍ وَمَــا كُـنْـتُ دَارِيَـــا
|
وَذَاكَ الـفُــؤَادُ الـغَــضُ يَـمْــلأُ نَـبْـضَـهُ
شُعـورُ الصِّبَـا المَّـوارِ نَـشْـوَانَ نَامِـيَـا
|
نُـطَـوِّفُ فِـــي أَرْجَـــاءِ سُـوسَــةَ ثُـلَّــةً
فَنَـصْـعَـدُ شُـمْـروخـاً وَنَـهْـبِـطُ وَادِيَــــا
|
وَنُلْفِـي نباتـاَ لَــذَّ فِــي الــذَّوْقِ طَعْـمُـهُ
ِ وَنَجْـمَـعُ بَطُّـوْمـاً وَنُجْـنِـي شَمَـارِيَـا
|
وَنَـشْـهَـدُ أَسْـــرَابَ الـفَــرَاشَ كَـأَنَّـهَــا
زُهُــورٌ زَهَـــتْ لَـوْنــاً تَـطِـيـرُ تَـوَالِـيَـا
|
وَنَـحْـلاً عـلَـى هَــامِ الـزُّهُـورِ مَـطَــارُهُ
لِيُخْـرِجَ شُهْـداً صَـافِـيَ الَّـلـوْنَ شَافِـيَـا
|
وَ"قُوْلِيبَةٌ"يَسْـخُـو بِـهَـا الْـمَـاءُ زُرْقَــةً
سَجَـتْ صَفْحَـةٌ مِنْهَـا فَحَـاكَـتْ مَرَائِـيَـا
|
وَبَـحْـرٌ بَسِـيـطٌ فِـيـهِ للـطَّـرْفِ مَـسْـرَحٌ
يَضِـيـقُ الـمَـدَى عَـنْـهُ فَيَمْـتَـدُّ طَـامِـيَـا
|
بِـزُرْقَـتِــهِ الـدَّكْـنِــاءِ يَـبْـعَــثُ نَــشْــوَةً
وَيُـذْهِـبُ هَـمّـاً يـزْخَـرُ الْقَـلْـبَ ضَـارِيَـا
|
وَكَـــمْ وَقْـفَــةٍ عِـنْــدَ الْـغُــرُوبِ كَـأَنَّــهُ
شُحـوبُ ضّـنٍ أَعْيَـا مِـنَ الْبُـرءِ آسِـيَـا
|
وَقَدْ لاَحَ ُقْرْصُ الشَّمْسِ قِطْعةَ جَاحِـمٍ
يَغُـوصُ رُوَيْـداً دَاخِــلَ الـمَـاءِ سَاجِـيَـا
|
وَتَنْـسَـابُ فَــوْقَ الـمَـاءِ مِـنْــهُ أَشِـعَّــةٌ
تُـشَـاكِــلُ عِـقْـيَـانـاً تُــرَقْــرَقَ طَـافِـيَــا
|
وتَظْـهَـرُ عَـبْـرَ الأُفْــقِ للِعَـيـنِ حُـمْــرةٌ
مِــنَ الْشَّـفَـقِ الْمُـنْـداحِ يَخْـتَـالُ رَانِـيَـا
|
وَنَاهِـيـكَ سِـحْـرُ الَّلـيْـلِ فَالَّلـيْـلُ عَـالَـمٌ
مِـنَ الْحُسْـنِ فِيْهَـا يَسْتَجِيـشُ الْقَوَافِيَـا
|
تَــراءَى الْنُّـجُـومُ الْـزُّهْـرُ فِـيـهِ كَـأَنَّـهَـا
نِـثَــارُ لَآلٍ تَـرْجِــعُ الْــطَّــرْفَ وَاهِــيَــا
|
سَكِينَتُـه تُضْفِـي علَـى الْنَّفْـسِ رَوْعَــةً
وَآفَــاقُـــهُ تَـجْــلُــو لِـفــكْــرٍ مَـعـانِـيَــا
|
وَفِـي لُـجَّـةِ الْصَّـمْـتِ الْمَهِـيـبِ جَـلاَلُـهُ
تَخَـالُ ِلهَـذا الْصَّمْـتِ صَـوْتـاً مُنَـادِيَـا
|
تُجَـاوِبُـهُ الْأَرْواحُ مِــنْ فّــرْطِ نَـشْـوِهَـا
فَيَسْكُبُ فّيْهَـا مِـنْ رُؤَى الْنُّـورِ صَافِيَـا
|
يُعَـانِـقُ فِـيـهِ الْنَّـفْـسَ طَـيْـفٌ َمُـهِّـومٌ
مِـنَ الُحُـلُـمِ الْنَّـشْـوانِ فَــاضَ أَسَاهِـيَـا
|
فَـسُـوسَــةُ ظِــئْــرُ لِـلْـجَـمَــالِ تَــرُبُّـــهُ
وَمَغْنـىً زَهَـاهُ الْحُسْـنُ فَــاقَ الْمَغَانِـيَـا
|
يُـجـاوِرُهَــا رَأْسُ الْــهِــلاَلِ بِـسِــحْــرِهِ
وَأَجْـمِـلْ بِـوادِيـهِ بِــه الْـمَــاءُ جَـارِيَــا
|
لّــهُ هَـمْــسُ صَـــبٍّ مُسْـتَـهَـامٍ مُـتَـيَّـمٍ
لِــحِــبٍّ يُـبَـارِيــهِ هَـــــوىً وَتَـنَـاجِـيَــا
|
صَفَا صَفْوَ تِبْرٍ أَوْ صَفَا َصَفْوَ عَسْجَدٍ
وَحَصْبـاؤُهُ تُـغْـرِي الْحِـسَـانَ الْغَوانِـيَـا
|
فَيَحْسِـبَـنْـهَـا مِــمَّــا خُــدِعْــنَ لَآلِــئـــاً
فَيُـهْـوِيـنَ بِـالأَيــدِي إِلَـيْـهَـا سَـواهِـيَــا
|
تَمَـنَّـيْـتُ لاَ تُـغْـنِــي الأمَــانِــيُّ أَنَّــنِــي
بِسُوسَـةَ يَبْقَـى شِعْـرِيَ الْـدَّهْـرَ شَـادِيَـا
|
لأَقْـضِـيـهَـا دَيْــنــاً بِـعُـنْـقِــي مُـعَـلَّـقــاً
وَمَا كَانَ مَطْلُ الدَّيْـنِ يَـا سُـوسَ دَابِيَـا
|
وَكَـيْــفَ بَمَطْـلِـيـهِ وَ ذِكْـــرُكِ صَـفْـحَـةٌ
بِقَلْبِـي زَهَـتْ لَوْنـاً مَـدَى الْعُمْـرِ بَاقِـيَـا
|
فَـذِكْـرُكِ يَـــا مَـهْــدَ الـصَّـفَـاءِ قَـدِيـمُـهُ
جَدِيـدٌ عـلَـى الْأَيَّــامِ مَــا كُـنْـتُ نَاسِـيَـا
|
وأنَّـى لِـيَ السَّلْـوَانُ هَـلْ عَـنْـكِ سَـلْـوةٌ
وَقَـدْ كُنْـتِ فِرْدَوْسـاً مِـنَ الْحُلْـمِ حَانِـيَـا
|
فَـيَـا مَـوْطِـنَ الْـذِكْــرَى تُـــراكِ وَفِـيَّــةً
لِعَـهْـدٍ مَـضَـى مَـازِلْـتُ لِلْعَـهْـدِ رَاعِـيَـا
|
أَمَـازِلْـتِ بِـكْـرَ الْــرُّوحِ تُبْـدِيـنَ جـلْـوَةً
كَعَهْدِي الَّـذي قَـدْ كَـانَ بِالْأَمْـسِ غَانِيَـا
|
أَرَاكِ بِعَـيْـنِ الْـوَهْـمِ وَ الْـوَهْـمُ خَـــادِعٌ
كَـمَـا كُـنْـتِ عَــذْرَاءً تَـفُـوقُ الْـعَـذَارِيَـا
|
فَتَأْخُـذُنِـي مِــنْ لَـــذَّةِ الْـوَهْــمِ نَـشْــوَةٌ
تُسَـامِـرُ أَحْـلاَمِــي وَ تُـرْخِــي عِنَـانِـيَـا
|
فَيَـالَـكَ قَـلْـبـاً مُـغْــرِقَ الْـحِــسِّ كُـلَّـمـا
أَطَافَـتْ بِـكَ الْـذِكْـرَى تَمَلْمَـلْـتَ شَاكِـيَـا
|
إِذَا شَاعَتِ الْبَغْضَاءُ فِي الْنَّاسِ لَـمْ أَزَلْ
أَرَاكَ علّـى الْعِـلَّاتِ فِــي الْـحُـبِّ فَانِـيَـا
|
وَلـكِـنَّـهُ حُـــبٌّ تَـقَـاضَـاكَ مَـــا تَــــرى
مِــنَ الْـبـرْحِ مَجْنِـيَّـاً عَـلَـيـكَ وَجَـانِـيَـا
|
رُويدَكَ قَلْبِي يَـا لَظَـى الْيَـأْسِ وَالأَسَـى
رُويـــدَكَ إِنِّـــي قَـــدْ سَـئِـمْـتُ حَيـاتِـيَـا
|
وَأَصْبَحْـتَ فِيـهَـا كَالْغَـرِيـبِ نَـبَـتْ بِــه
بِــلادٌ فَأَلْـقَـى فِــي سِـوَاهَـا الْمَـرَاسِـيَـا
|
إِذَا لاَيــــنَ الأَيَّــــامَ يَـحْــسَــبْ أَنَّــهَـــا
مُـهَـادِنــةٌ سَــلَّــتْ عَـلـيْــهِ مَـواضِـيَــا
|
يُـعَـذِّبُــهُ بَـــــثٌ وَيُـشْـجِـيــهِ خَــاطِـــرٌ
مُــلِــحٌّ يُــلاَقِــي مِــــنْ أَذَاهُ الْـدَّوَاهِـيَــا
|
يَعِـزُّ عَلَيـكَ الْـيَـومَ يَــا قَـلْـبُ أَنْ تُــرى
رَبيعاً غدا مِـنَ نَاضِـرِ الْـرَّوْضِ عَارِيَـا
|
يَـلَــجُّ بِـــكَ الْـتِّـذْكَـارُ يُصْـلِـيـكَ نَـــارَهُ
وَمَـنْ ذَا الَّـذِي أَحْيَـا لَـهُ الْذِّكْـرُ مَاضِيَـا
|
وَهيْهَـاتَ أَنْ يُحْـيِ لَـكَ الْـذِّكْـرُ سَـامِـراً
تَـوَلَّـى حَمِـيـداً أَصْـبَـحَ الْـيَـوْمَ خَـاوِيّـا
|
أّسُوسَـةُ هَــذَا الْقَـلْـبُ مُضْـنـىً مُـعَـذَّبٌ
أَلَّـــح بِـــهِ الْبَـلْـبَـالُ كَـالـلَّـيْـلِ دَاجِــيّــا
|
تَغَـشَّـتْـهُ أَطْـيَــافُ الْـكَـآبــةِ فَـانْـبَــرى
يُـمِـيْـتُ لُـبَـانَـاتٍ وَ يَــطْــوِي اَمَـانِـيَــا
|
وَكّـمْ دَاعَبَتْـهُ مِـنْ رِغَـابٍ وَ مِـنْ رُؤىً
رَبَـتْ كَالْرَّبِـيـعِ الْـغَـضِّ أَنْـضـرَ حَالِـيَـا
|
فَـحَـالَــتْ خَـرِيـفــاً لَـوَّحَـتْــهُ سَـمَـائِــمٌ
يَـلُــوحُ لِـلَـحْـظِ الْـعَـيْـنِ أَقْـتَــمَ ذَاوِيَـــا
|
وَتَـعْـتَــادُه الْــذَّكْــرَى فَـيَـهْـتَـزُّ هِـــــزَّةً
تَهِيـجُ مِـنَ الْأَشَجَـانِ مَـا كَــانَ غَافِـيَـا
|
تَـولَّـتْ دُنَــى الْأَحْـــلامِ غَـيْــرَ عُـلاَلَــةٍ
مُـعَـذِّبــةٍ عَــاثَــتْ لَــظـــىً وَأَشَـافِــيَــا
|
أَسُـوسَــةُ يَـــا رِقَّ الْــفُــؤَادِ وَعِـتْـقــهُ
ويَـا حُلُمـاً جَاشَـتْ بِـهِ الْنَّفْـسُ طَاغِيَـا
|
أَرَانِـــيَ يَامَـجْـلَـى الْـفُـتُـونِ وَسِـحْــرَهُ
أَتُــوْقُ إِلَــى أَرْجَـائِـكِ الْـفِـيـحِ ظَـامِـيَـا
|
لَأَنْـتِ مَـرَادُ الْطَّـرْفِ وَالْقَلْـبِ والْهَـوَى
وَرُوحٌ مِــنَ الْعَلْـيَـاءِ فَـاحَــتْ غَـوالِـيَـا
|
إِذَا مَــا ادَّكَــرْتُ الْـيَـومَ عَـهْـداً مُـولِّـيـاً
مُـــنَـــوِّرَةً آفَـــاقُـــه بِــــــتُّ عَــانِــيَــا
|
تَـدَافَـعُ فِــي قَلْـبِـي الأحَـاسِـيـسُ ثَـــرَّةً
وَقَدْ ظَهَـرَتْ حُزْنـاً علَـى الْوَجْـهِ بَادِيَـا
|
وَفِـي تَيْنِـكَ الْعْيَنَيْـنِ بَحْـرُ مِـنَ الأَسَـى
رَحِيـبُ الْـمَـدَى يَعْـلُـو الْبِـحَـارَ أَوَاذِيَــا
|
أَرَى بِهـمَـا الْدُّنْـيَـا الْعَرِيـضَـةَ سَـاحَــةً
تَفَـارَسَ فِيهَـا الْقَـوْمُ جَوْعَـى ضَوَارِيّـا
|
حُـمَـادَاهُــمُ إِحْــــرَازُ غُــنْـــمٍ مُـحَــقَّــرٍ
عـلَـيْـهِ تَـدَاعَــوْا كَـالْـذِّئَــابِ عَــوَادِيَــا
|
قَــدْ اتْـخَـذُوا "مَـامُـونَ" ربّــاً تَعـبَّـدُوا
لَــهُ واسْتَـذَلُّـوا فِــي هَــواهُ الْنَوَاصِـيَـا
|
هُـو الْـوِرْدُ مَوْبُـوءاً أَجَـاجـاً تَزَاحَـمْـتَ
علَيْـهِ نُفُـوسُ الْـقَـوْمِ لَهْـفَـى صَـوَادِيَـا
|
اَقَامُـوا علَـى الأَخْـلاَقِ والْخَيْـرِ مَأْتَـمـاً
فَهـلْ تَريَـنْ مِنْـهُـمْ عَــنِ الْـشَّـرِّ نَاهِـيَـا
|
إِذَا نُـدِبُــوا لِلْـخَـيْـرِ خَــامُــوا أَخِــسَّــةً
وَإِنْ كَـانَـتِ الْأُخْــرَى أَتـــوْكَ هَـوَادِيَــا
|
تَردَّوا غُرورَ الْعَيْشِ يَنْـزُو بِهِـمْ هَـوىً
فَلَـسْـتَ تَــرى إِلَّا إِلَــى الْبَـغْـيِ دَاعِـيَــا
|
حَــيَــاةُ زُيُـــــوفٍ لَا تُــحَـــدُّ تَـقَـلَّـبَــتْ
أُمُـورُهُــمُ فِـيـهَــا فَــآضَــتْ مَـخَـازِيَــا
|
فَــلاَ يَخْـدَعَـنَّ الْـمَـرْءَ لِـيـنُ مَجَـسِّـهِـمْ
فَقَـدْ ضَاهُـؤوَا لِيـنَ الْمَـجَـسِّ الْأَفَاعِـيَـا
|
ألاَ أَيُّـهَـا الْـقَـلْـبُ الّـــذِي غَـــامَ أُفْـقُــهُ
كَـفَـى لاَ أَرَاكَ الْـيَــومَ أّسْـــوَانَ بَـاكِـيَـا
|
عَتَـبْـتَ عـلَـى الأَيَّــامِ حُـلْـمَـكَ نَـفَّــرَتْ
وَأَغْرَتْ بِكَ الأَشْجَانَ كَـمْ كُنْـتَ سَاهِيَـا
|
تَـوحَّــدَت عَـــنْ هـــذَا الأَنَـــامِ تَـبَـرُّمـاً
بِهِـمْ واجْتَويْـتُ الْعَيْـشَ خِـبّـاً مُدَاجِـيَـا
|
فَصِرْتُ غَرِيبَ الْقَلْبِ والْرُّوحِ والْأَسـى
وإِنْ كُنْـتُ مَـا بَـيْـنَ الأَنَـاسِـيِّ سَاعِـيَـا
|
سَـلاَمٌ علَـى ذِكْـرَاكِ يَــا سُــوسَ إِنَّـهَـا
أَجــدَّتْ لِـهَـذَا الْقَـلْـبِ عَـهْــداً مُـواتِـيَـا
|
فَهَـامَ هُيَـامَ الْطَّـيْـرِ بِـالْـرَّوْضِ مُونِـقـاً
فَـحـلَّـقَ نَـشْــوَانَ الْجَنَـاحَـيْـنِ سَـامِـيَـا
|
فَــذِي ذِكْـرَيَـاتٌ فِــي الْـجَـنَـانِ دَفِـيـنَـةٌ
أُسَامِـرُهَـا فِـــي هَـــدْأَةِ الَّـلـيْـلِ خَـالِـيَـا
|
فَتُـؤْلُـمِـنِـي حِـيـنــاً وَحِـيـنــاً تَـلَــذُّنِــي
أَبِـيـتُ عـلَـى الْحَالَـيْـنِ مِنْـهَـا مُقَاسِـيَـا
|
فَيَـا وَيْـحَ هَـذَا الْقَلْـبِ قَـدْ جَـاشَ حِسُّـهُ
فَـأَلْـهَـبَ أَضْــلاَعــاً عـلَـيْــهِ حَـوَانِـيَــا
|
تَصَـلَّـى شُجُـونـاً لَــمْ تَـدَعْــهُ مُسَـلَّـمـاً
وَرَانَ علَـيْـهِ الْـيَـأْسُ كَالْسُّـقْـمِ جَـاثِـيَـا
|
أَرَى نَبْضَـهُ الْمَحْمُـومَ يُقْلِـقُ مَضْجَعِـي
وَأَحْسَـبُـهُ قَلْـبـاً مِــنَ الْـصَّـمْـتِ دَانِـيَــا
|
وَلا عَـجَـبٌ إِنْ آثَــر الْصَّـمْـتَ خَافِـقِـي
فَمِـنْ حِسِّـهِ الْمَشْـبُـوبِ لاَقَــى الأَلاَقِـيَـا
|
فَـيَــا بَـلْــدَةً فِـيـهَـا لِــرُوحِــي مَــأْلَــفٌ
أَحِـــنُّ إِلَـيْــهِ وَالِـــهَ الْـقَـلْـبِ صَــادِيَــا
|
قَـدِ اخْتَانَنِـي فِيـكِ الْقَرِيـضُ فَمَـا وَفَــى
بِـحَـقِّـكِ مِـثْـقَــالاً وَإِنْ كُــنْــتُ وَافِــيَــا
|
أَلاَ فَـاقْـبَـلِـي جــهْــدَ الْـمُـقِــلِّ بَـذَلْــتُــهُ
لَــكِ الْـيَـوْمَ مَمْـزُوجـاً بِخَـفْـقِ فُـؤَادِيَــا
|
وَذَلِكَ مَحْـضُ الْـوُدَّ يَـا سُـوسَ صُغْتُـهُ
وَمَـــا كُـنْــتُ مَـذَّاقــاً بِــــوُدِّيَ لاَهِــيَــا
|
وَمَـعْـذِرَةً مِـنَّـي إِلَـيْــكِ لِـمَــا اعْـتَــرَى
قَـرِيـضِـىَ مِـــنْ بَـــثٍّ يَــهُــزُّ كَـيَـانِـيَـا
|
فَـلاَغَـرْوَ أَنْ قّــدْ ثَــارَ بِالْقَـلْـبِ لاَعِـــجٌ
تَـكَـاءَدَنِــي حَــتَّــى بَـثَـثْـتُــكِ مَـابِــيَــا
|
فَشِعْرِيَ مِـنْ قَلْبِـي قّـدِ امْتَـاحَ فَارْتَـوَتْ
قَوَافِـيـهِ إِحْسَـاسـاً هُــوَ الْبَـحْـرُ عَاتِـيَـا
|
ودَاعـــاً ودَاعـــاً مِـــنْ بَـعِـيـدٍ مُحَـيِّـيـاً
لَــعَــلَّ زَمَــانــاً أَنْ يُـتِــيــحَ الْـتَـلاَقِـيَــا
|
وَإِلاَّ فَــفِـــي الْــذِّكْـــرَى دَوُاءٌ لِــعِــلَّــةٍ
أَلَحَّـتْ عـلَـى الْقَـلْـبِ الْمَـشُـوقِ لَيَالِـيَـا
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق