الثلاثاء، 14 أبريل 2015

قصيدة سوسة - للأستاذ أحمد مصطفى أبو قعيقيص ...


قصيدة سوسة 


وفاءً لذكرى ذلك العام ...



ووفاءً لموطن تلك الذكرى ...



وفاءً لسوسة ...



أقدم هذه القصيدة محبةً و إكباراً 



1988م



أحمد مصطفى أبو قعيقيص








تَـذّكَّـرْتُــهُ عَــامــاً بِـسُـوسَــةَ حَـالِـيَــا
بِعَهْـدِ صِبَـاً وَلَّـى وَهَــلْ كُـنْـتُ نَاسِـيَـا
لَيـالِـيَ كَــانَ الـقَـلْـبُ هَـيْـمَـانَ وَاثِـبــاً
بِأحَـلامِـهِ جَـــذْلَانَ بِالـعَـيْـشِ رَاضِـيَــا
تُهَـدْهِـدُنِـي الآمَــــالُ وَهْــــيَ كَـثِـيــرَةٌ
فَـأَغْـرَقُ فِيـهَـا نَـاعِــمَ الْـبَــالِ غَـافِـيَـا
ويَقْـتَـادُنِـي شَـــوْقُ الْـحَـيــاةِ مَـلِـيـئَـةً
بِنُـعْـمَـى وَأحْــــلامٌ تَــجُــوبُ خَـيـالـيَـا
أَسُـوسَـةُ يَــا مَـهْـدَاً لـذِكْـرَى وَعَيْتُـهَـا
بِقَلْـبِـي إِلـيـكِ الْـيَــومَ أُزْجِـــي ثَنَـائِـيَـا
وَفَــاءً لِأيَّــامٍ مِــنَ الْعُـمْـرِ قَـــدْ حَـلَــتْ
تَرْكَـتُ مَجَالِـي الْحُسْـنِ فِيـهَـا وَرَائِـيَـا
وَكُـنْـتُ إِخَــالُ الْعُـمْـرِ يَـوْمــاً مُـجَــدَّداً
علَـى صَفْحَـةِ الْأَعْـوامِ كَالـدَّهْـرِ بَاقِـيَـا
غُـــروْرٌ أُجَــارِيــهِ فَـأَسْـبِــقُ خَــطْــوَهُ
وَلـكِــنْ مَـــعَ الْأيَّـــامِ خَـــابَ رِهَـانِـيَـا
إِذَا مَــــا تَـأمَّـلْــتُ الْـسِّـنـيـنَ وَكَّــرهَــا
يَـظـلُّ المِـهَـادُ الـوِثْـرُ بِالْجـنْـبِ نَـابِـيَـا
طَوَتْ عُمُرِي عَجْلَى الرِّكـابِ وأَشْرفَـتْ
خُطَـاي علَـى الْخَمْسِيـنَ مِـنِّـي دَوانِـيَـا
وَجَـارَتْ علَـى أَيَّـامِ لَهْـوِي وَ نَشْوَتِـي
وَأَفْـنَـتْ بَشَاشَـاتِـي وَغَـالَــتْ هَنَـائِـيَـا
وَأَخْنَـتْ علَـى الْعَهْـدِ الْجَمِـيـلِ وَأُنْـسِـهِ
وَبَــدّلَــتِ الْأَيَّــــامَ سُـــــوداً دَيَـاجِــيَــا
لَـكَ اللهُ مِـنْ قَلْـبٍ علَـى البَـثِّ ينـطـوي
وَيصْخَـبُ فِـي سَوْدَائِـهِ الحُـزْنُ كَـاوِيَـا
يَــــرُوحُ وَيَــغْــدُو كَـالـسِّـقـامِ خَـفِـيَّــةً
إِذَا خِـلْـتُـه اجْـلَـوْلَــى تَــجــدَّدَ وَارِيَــــا
فَـيـالَـكَ عَـامــاً قَـــدْ طَـويــتُ مُـودّعــاً
مِـنَ الْعُمْـرِ مَنْهُوبـاً فَـكـمْ كَــانَ زَاهِـيَـا
أُجـارِي الصِّبَـا الفَيْـنَـانَ فِـيـهِ فَأَنْثَـنِـي
بِنَـشْـوَةِ مَسْـحُـورٍ وَمَــا كُـنْـتُ دَارِيَـــا
وَذَاكَ الـفُــؤَادُ الـغَــضُ يَـمْــلأُ نَـبْـضَـهُ
شُعـورُ الصِّبَـا المَّـوارِ نَـشْـوَانَ نَامِـيَـا
نُـطَـوِّفُ فِـــي أَرْجَـــاءِ سُـوسَــةَ ثُـلَّــةً
فَنَـصْـعَـدُ شُـمْـروخـاً وَنَـهْـبِـطُ وَادِيَــــا
وَنُلْفِـي نباتـاَ لَــذَّ فِــي الــذَّوْقِ طَعْـمُـهُ
ِ وَنَجْـمَـعُ بَطُّـوْمـاً وَنُجْـنِـي شَمَـارِيَـا
وَنَـشْـهَـدُ أَسْـــرَابَ الـفَــرَاشَ كَـأَنَّـهَــا
زُهُــورٌ زَهَـــتْ لَـوْنــاً تَـطِـيـرُ تَـوَالِـيَـا
وَنَـحْـلاً عـلَـى هَــامِ الـزُّهُـورِ مَـطَــارُهُ
لِيُخْـرِجَ شُهْـداً صَـافِـيَ الَّـلـوْنَ شَافِـيَـا
وَ"قُوْلِيبَةٌ"يَسْـخُـو بِـهَـا الْـمَـاءُ زُرْقَــةً
سَجَـتْ صَفْحَـةٌ مِنْهَـا فَحَـاكَـتْ مَرَائِـيَـا
وَبَـحْـرٌ بَسِـيـطٌ فِـيـهِ للـطَّـرْفِ مَـسْـرَحٌ
يَضِـيـقُ الـمَـدَى عَـنْـهُ فَيَمْـتَـدُّ طَـامِـيَـا
بِـزُرْقَـتِــهِ الـدَّكْـنِــاءِ يَـبْـعَــثُ نَــشْــوَةً
وَيُـذْهِـبُ هَـمّـاً يـزْخَـرُ الْقَـلْـبَ ضَـارِيَـا
وَكَـــمْ وَقْـفَــةٍ عِـنْــدَ الْـغُــرُوبِ كَـأَنَّــهُ
شُحـوبُ ضّـنٍ أَعْيَـا مِـنَ الْبُـرءِ آسِـيَـا
وَقَدْ لاَحَ ُقْرْصُ الشَّمْسِ قِطْعةَ جَاحِـمٍ
يَغُـوصُ رُوَيْـداً دَاخِــلَ الـمَـاءِ سَاجِـيَـا
وَتَنْـسَـابُ فَــوْقَ الـمَـاءِ مِـنْــهُ أَشِـعَّــةٌ
تُـشَـاكِــلُ عِـقْـيَـانـاً تُــرَقْــرَقَ طَـافِـيَــا
وتَظْـهَـرُ عَـبْـرَ الأُفْــقِ للِعَـيـنِ حُـمْــرةٌ
مِــنَ الْشَّـفَـقِ الْمُـنْـداحِ يَخْـتَـالُ رَانِـيَـا
وَنَاهِـيـكَ سِـحْـرُ الَّلـيْـلِ فَالَّلـيْـلُ عَـالَـمٌ
مِـنَ الْحُسْـنِ فِيْهَـا يَسْتَجِيـشُ الْقَوَافِيَـا
تَــراءَى الْنُّـجُـومُ الْـزُّهْـرُ فِـيـهِ كَـأَنَّـهَـا
نِـثَــارُ لَآلٍ تَـرْجِــعُ الْــطَّــرْفَ وَاهِــيَــا
سَكِينَتُـه تُضْفِـي علَـى الْنَّفْـسِ رَوْعَــةً
وَآفَــاقُـــهُ تَـجْــلُــو لِـفــكْــرٍ مَـعـانِـيَــا
وَفِـي لُـجَّـةِ الْصَّـمْـتِ الْمَهِـيـبِ جَـلاَلُـهُ
تَخَـالُ ِلهَـذا الْصَّمْـتِ صَـوْتـاً مُنَـادِيَـا
تُجَـاوِبُـهُ الْأَرْواحُ مِــنْ فّــرْطِ نَـشْـوِهَـا
فَيَسْكُبُ فّيْهَـا مِـنْ رُؤَى الْنُّـورِ صَافِيَـا
يُعَـانِـقُ فِـيـهِ الْنَّـفْـسَ طَـيْـفٌ َمُـهِّـومٌ
مِـنَ الُحُـلُـمِ الْنَّـشْـوانِ فَــاضَ أَسَاهِـيَـا
فَـسُـوسَــةُ ظِــئْــرُ لِـلْـجَـمَــالِ تَــرُبُّـــهُ
وَمَغْنـىً زَهَـاهُ الْحُسْـنُ فَــاقَ الْمَغَانِـيَـا
يُـجـاوِرُهَــا رَأْسُ الْــهِــلاَلِ بِـسِــحْــرِهِ
وَأَجْـمِـلْ بِـوادِيـهِ بِــه الْـمَــاءُ جَـارِيَــا
لّــهُ هَـمْــسُ صَـــبٍّ مُسْـتَـهَـامٍ مُـتَـيَّـمٍ
لِــحِــبٍّ يُـبَـارِيــهِ هَـــــوىً وَتَـنَـاجِـيَــا
صَفَا صَفْوَ تِبْرٍ أَوْ صَفَا َصَفْوَ عَسْجَدٍ
وَحَصْبـاؤُهُ تُـغْـرِي الْحِـسَـانَ الْغَوانِـيَـا
فَيَحْسِـبَـنْـهَـا مِــمَّــا خُــدِعْــنَ لَآلِــئـــاً
فَيُـهْـوِيـنَ بِـالأَيــدِي إِلَـيْـهَـا سَـواهِـيَــا
تَمَـنَّـيْـتُ لاَ تُـغْـنِــي الأمَــانِــيُّ أَنَّــنِــي
بِسُوسَـةَ يَبْقَـى شِعْـرِيَ الْـدَّهْـرَ شَـادِيَـا
لأَقْـضِـيـهَـا دَيْــنــاً بِـعُـنْـقِــي مُـعَـلَّـقــاً
وَمَا كَانَ مَطْلُ الدَّيْـنِ يَـا سُـوسَ دَابِيَـا
وَكَـيْــفَ بَمَطْـلِـيـهِ وَ ذِكْـــرُكِ صَـفْـحَـةٌ
بِقَلْبِـي زَهَـتْ لَوْنـاً مَـدَى الْعُمْـرِ بَاقِـيَـا
فَـذِكْـرُكِ يَـــا مَـهْــدَ الـصَّـفَـاءِ قَـدِيـمُـهُ
جَدِيـدٌ عـلَـى الْأَيَّــامِ مَــا كُـنْـتُ نَاسِـيَـا
وأنَّـى لِـيَ السَّلْـوَانُ هَـلْ عَـنْـكِ سَـلْـوةٌ
وَقَـدْ كُنْـتِ فِرْدَوْسـاً مِـنَ الْحُلْـمِ حَانِـيَـا
فَـيَـا مَـوْطِـنَ الْـذِكْــرَى تُـــراكِ وَفِـيَّــةً
لِعَـهْـدٍ مَـضَـى مَـازِلْـتُ لِلْعَـهْـدِ رَاعِـيَـا
أَمَـازِلْـتِ بِـكْـرَ الْــرُّوحِ تُبْـدِيـنَ جـلْـوَةً
كَعَهْدِي الَّـذي قَـدْ كَـانَ بِالْأَمْـسِ غَانِيَـا
أَرَاكِ بِعَـيْـنِ الْـوَهْـمِ وَ الْـوَهْـمُ خَـــادِعٌ
كَـمَـا كُـنْـتِ عَــذْرَاءً تَـفُـوقُ الْـعَـذَارِيَـا
فَتَأْخُـذُنِـي مِــنْ لَـــذَّةِ الْـوَهْــمِ نَـشْــوَةٌ
تُسَـامِـرُ أَحْـلاَمِــي وَ تُـرْخِــي عِنَـانِـيَـا
فَيَـالَـكَ قَـلْـبـاً مُـغْــرِقَ الْـحِــسِّ كُـلَّـمـا
أَطَافَـتْ بِـكَ الْـذِكْـرَى تَمَلْمَـلْـتَ شَاكِـيَـا
إِذَا شَاعَتِ الْبَغْضَاءُ فِي الْنَّاسِ لَـمْ أَزَلْ
أَرَاكَ علّـى الْعِـلَّاتِ فِــي الْـحُـبِّ فَانِـيَـا
وَلـكِـنَّـهُ حُـــبٌّ تَـقَـاضَـاكَ مَـــا تَــــرى
مِــنَ الْـبـرْحِ مَجْنِـيَّـاً عَـلَـيـكَ وَجَـانِـيَـا
رُويدَكَ قَلْبِي يَـا لَظَـى الْيَـأْسِ وَالأَسَـى
رُويـــدَكَ إِنِّـــي قَـــدْ سَـئِـمْـتُ حَيـاتِـيَـا
وَأَصْبَحْـتَ فِيـهَـا كَالْغَـرِيـبِ نَـبَـتْ بِــه
بِــلادٌ فَأَلْـقَـى فِــي سِـوَاهَـا الْمَـرَاسِـيَـا
إِذَا لاَيــــنَ الأَيَّــــامَ يَـحْــسَــبْ أَنَّــهَـــا
مُـهَـادِنــةٌ سَــلَّــتْ عَـلـيْــهِ مَـواضِـيَــا
يُـعَـذِّبُــهُ بَـــــثٌ وَيُـشْـجِـيــهِ خَــاطِـــرٌ
مُــلِــحٌّ يُــلاَقِــي مِــــنْ أَذَاهُ الْـدَّوَاهِـيَــا
يَعِـزُّ عَلَيـكَ الْـيَـومَ يَــا قَـلْـبُ أَنْ تُــرى
رَبيعاً غدا مِـنَ نَاضِـرِ الْـرَّوْضِ عَارِيَـا
يَـلَــجُّ بِـــكَ الْـتِّـذْكَـارُ يُصْـلِـيـكَ نَـــارَهُ
وَمَـنْ ذَا الَّـذِي أَحْيَـا لَـهُ الْذِّكْـرُ مَاضِيَـا
وَهيْهَـاتَ أَنْ يُحْـيِ لَـكَ الْـذِّكْـرُ سَـامِـراً
تَـوَلَّـى حَمِـيـداً أَصْـبَـحَ الْـيَـوْمَ خَـاوِيّـا
أّسُوسَـةُ هَــذَا الْقَـلْـبُ مُضْـنـىً مُـعَـذَّبٌ
أَلَّـــح بِـــهِ الْبَـلْـبَـالُ كَـالـلَّـيْـلِ دَاجِــيّــا
تَغَـشَّـتْـهُ أَطْـيَــافُ الْـكَـآبــةِ فَـانْـبَــرى
يُـمِـيْـتُ لُـبَـانَـاتٍ وَ يَــطْــوِي اَمَـانِـيَــا
وَكّـمْ دَاعَبَتْـهُ مِـنْ رِغَـابٍ وَ مِـنْ رُؤىً
رَبَـتْ كَالْرَّبِـيـعِ الْـغَـضِّ أَنْـضـرَ حَالِـيَـا
فَـحَـالَــتْ خَـرِيـفــاً لَـوَّحَـتْــهُ سَـمَـائِــمٌ
يَـلُــوحُ لِـلَـحْـظِ الْـعَـيْـنِ أَقْـتَــمَ ذَاوِيَـــا
وَتَـعْـتَــادُه الْــذَّكْــرَى فَـيَـهْـتَـزُّ هِـــــزَّةً
تَهِيـجُ مِـنَ الْأَشَجَـانِ مَـا كَــانَ غَافِـيَـا
تَـولَّـتْ دُنَــى الْأَحْـــلامِ غَـيْــرَ عُـلاَلَــةٍ
مُـعَـذِّبــةٍ عَــاثَــتْ لَــظـــىً وَأَشَـافِــيَــا
أَسُـوسَــةُ يَـــا رِقَّ الْــفُــؤَادِ وَعِـتْـقــهُ
ويَـا حُلُمـاً جَاشَـتْ بِـهِ الْنَّفْـسُ طَاغِيَـا
أَرَانِـــيَ يَامَـجْـلَـى الْـفُـتُـونِ وَسِـحْــرَهُ
أَتُــوْقُ إِلَــى أَرْجَـائِـكِ الْـفِـيـحِ ظَـامِـيَـا
لَأَنْـتِ مَـرَادُ الْطَّـرْفِ وَالْقَلْـبِ والْهَـوَى
وَرُوحٌ مِــنَ الْعَلْـيَـاءِ فَـاحَــتْ غَـوالِـيَـا
إِذَا مَــا ادَّكَــرْتُ الْـيَـومَ عَـهْـداً مُـولِّـيـاً
مُـــنَـــوِّرَةً آفَـــاقُـــه بِــــــتُّ عَــانِــيَــا
تَـدَافَـعُ فِــي قَلْـبِـي الأحَـاسِـيـسُ ثَـــرَّةً
وَقَدْ ظَهَـرَتْ حُزْنـاً علَـى الْوَجْـهِ بَادِيَـا
وَفِـي تَيْنِـكَ الْعْيَنَيْـنِ بَحْـرُ مِـنَ الأَسَـى
رَحِيـبُ الْـمَـدَى يَعْـلُـو الْبِـحَـارَ أَوَاذِيَــا
أَرَى بِهـمَـا الْدُّنْـيَـا الْعَرِيـضَـةَ سَـاحَــةً
تَفَـارَسَ فِيهَـا الْقَـوْمُ جَوْعَـى ضَوَارِيّـا
حُـمَـادَاهُــمُ إِحْــــرَازُ غُــنْـــمٍ مُـحَــقَّــرٍ
عـلَـيْـهِ تَـدَاعَــوْا كَـالْـذِّئَــابِ عَــوَادِيَــا
قَــدْ اتْـخَـذُوا "مَـامُـونَ" ربّــاً تَعـبَّـدُوا
لَــهُ واسْتَـذَلُّـوا فِــي هَــواهُ الْنَوَاصِـيَـا
هُـو الْـوِرْدُ مَوْبُـوءاً أَجَـاجـاً تَزَاحَـمْـتَ
علَيْـهِ نُفُـوسُ الْـقَـوْمِ لَهْـفَـى صَـوَادِيَـا
اَقَامُـوا علَـى الأَخْـلاَقِ والْخَيْـرِ مَأْتَـمـاً
فَهـلْ تَريَـنْ مِنْـهُـمْ عَــنِ الْـشَّـرِّ نَاهِـيَـا
إِذَا نُـدِبُــوا لِلْـخَـيْـرِ خَــامُــوا أَخِــسَّــةً
وَإِنْ كَـانَـتِ الْأُخْــرَى أَتـــوْكَ هَـوَادِيَــا
تَردَّوا غُرورَ الْعَيْشِ يَنْـزُو بِهِـمْ هَـوىً
فَلَـسْـتَ تَــرى إِلَّا إِلَــى الْبَـغْـيِ دَاعِـيَــا
حَــيَــاةُ زُيُـــــوفٍ لَا تُــحَـــدُّ تَـقَـلَّـبَــتْ
أُمُـورُهُــمُ فِـيـهَــا فَــآضَــتْ مَـخَـازِيَــا
فَــلاَ يَخْـدَعَـنَّ الْـمَـرْءَ لِـيـنُ مَجَـسِّـهِـمْ
فَقَـدْ ضَاهُـؤوَا لِيـنَ الْمَـجَـسِّ الْأَفَاعِـيَـا
ألاَ أَيُّـهَـا الْـقَـلْـبُ الّـــذِي غَـــامَ أُفْـقُــهُ
كَـفَـى لاَ أَرَاكَ الْـيَــومَ أّسْـــوَانَ بَـاكِـيَـا
عَتَـبْـتَ عـلَـى الأَيَّــامِ حُـلْـمَـكَ نَـفَّــرَتْ
وَأَغْرَتْ بِكَ الأَشْجَانَ كَـمْ كُنْـتَ سَاهِيَـا
تَـوحَّــدَت عَـــنْ هـــذَا الأَنَـــامِ تَـبَـرُّمـاً
بِهِـمْ واجْتَويْـتُ الْعَيْـشَ خِـبّـاً مُدَاجِـيَـا
فَصِرْتُ غَرِيبَ الْقَلْبِ والْرُّوحِ والْأَسـى
وإِنْ كُنْـتُ مَـا بَـيْـنَ الأَنَـاسِـيِّ سَاعِـيَـا
سَـلاَمٌ علَـى ذِكْـرَاكِ يَــا سُــوسَ إِنَّـهَـا
أَجــدَّتْ لِـهَـذَا الْقَـلْـبِ عَـهْــداً مُـواتِـيَـا
فَهَـامَ هُيَـامَ الْطَّـيْـرِ بِـالْـرَّوْضِ مُونِـقـاً
فَـحـلَّـقَ نَـشْــوَانَ الْجَنَـاحَـيْـنِ سَـامِـيَـا
فَــذِي ذِكْـرَيَـاتٌ فِــي الْـجَـنَـانِ دَفِـيـنَـةٌ
أُسَامِـرُهَـا فِـــي هَـــدْأَةِ الَّـلـيْـلِ خَـالِـيَـا
فَتُـؤْلُـمِـنِـي حِـيـنــاً وَحِـيـنــاً تَـلَــذُّنِــي
أَبِـيـتُ عـلَـى الْحَالَـيْـنِ مِنْـهَـا مُقَاسِـيَـا
فَيَـا وَيْـحَ هَـذَا الْقَلْـبِ قَـدْ جَـاشَ حِسُّـهُ
فَـأَلْـهَـبَ أَضْــلاَعــاً عـلَـيْــهِ حَـوَانِـيَــا
تَصَـلَّـى شُجُـونـاً لَــمْ تَـدَعْــهُ مُسَـلَّـمـاً
وَرَانَ علَـيْـهِ الْـيَـأْسُ كَالْسُّـقْـمِ جَـاثِـيَـا
أَرَى نَبْضَـهُ الْمَحْمُـومَ يُقْلِـقُ مَضْجَعِـي
وَأَحْسَـبُـهُ قَلْـبـاً مِــنَ الْـصَّـمْـتِ دَانِـيَــا
وَلا عَـجَـبٌ إِنْ آثَــر الْصَّـمْـتَ خَافِـقِـي
فَمِـنْ حِسِّـهِ الْمَشْـبُـوبِ لاَقَــى الأَلاَقِـيَـا
فَـيَــا بَـلْــدَةً فِـيـهَـا لِــرُوحِــي مَــأْلَــفٌ
أَحِـــنُّ إِلَـيْــهِ وَالِـــهَ الْـقَـلْـبِ صَــادِيَــا
قَـدِ اخْتَانَنِـي فِيـكِ الْقَرِيـضُ فَمَـا وَفَــى
بِـحَـقِّـكِ مِـثْـقَــالاً وَإِنْ كُــنْــتُ وَافِــيَــا
أَلاَ فَـاقْـبَـلِـي جــهْــدَ الْـمُـقِــلِّ بَـذَلْــتُــهُ
لَــكِ الْـيَـوْمَ مَمْـزُوجـاً بِخَـفْـقِ فُـؤَادِيَــا
وَذَلِكَ مَحْـضُ الْـوُدَّ يَـا سُـوسَ صُغْتُـهُ
وَمَـــا كُـنْــتُ مَـذَّاقــاً بِــــوُدِّيَ لاَهِــيَــا
وَمَـعْـذِرَةً مِـنَّـي إِلَـيْــكِ لِـمَــا اعْـتَــرَى
قَـرِيـضِـىَ مِـــنْ بَـــثٍّ يَــهُــزُّ كَـيَـانِـيَـا
فَـلاَغَـرْوَ أَنْ قّــدْ ثَــارَ بِالْقَـلْـبِ لاَعِـــجٌ
تَـكَـاءَدَنِــي حَــتَّــى بَـثَـثْـتُــكِ مَـابِــيَــا
فَشِعْرِيَ مِـنْ قَلْبِـي قّـدِ امْتَـاحَ فَارْتَـوَتْ
قَوَافِـيـهِ إِحْسَـاسـاً هُــوَ الْبَـحْـرُ عَاتِـيَـا
ودَاعـــاً ودَاعـــاً مِـــنْ بَـعِـيـدٍ مُحَـيِّـيـاً
لَــعَــلَّ زَمَــانــاً أَنْ يُـتِــيــحَ الْـتَـلاَقِـيَــا
وَإِلاَّ فَــفِـــي الْــذِّكْـــرَى دَوُاءٌ لِــعِــلَّــةٍ
أَلَحَّـتْ عـلَـى الْقَـلْـبِ الْمَـشُـوقِ لَيَالِـيَـا


ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة