تحميل رواية الأحمر والأسود ـ ستاندال
مقدمة على الكاتب :
يعد الروائي الفرنسي ستاندال من أهم الأدباء الواقعيين في القرن التاسع عشر . فهو يستحوي مضامين رواياته من الأحداث الفعلية التي تحدث من حوله والتي تمثل الوسط الاجتماعي في زمنه .
فنحن نجد في رواياته مشاهد متنوعة من المجتمع الفرنسي تظهر فيها العادات والتقاليد الاجتماعية التي كانت سائدة في أيامه , إن في العاصمة باريس , أو في المدن الصغيرة والريف .
فهو عرف كيف يدخل في أعماق النفس البشرية وكيف يرسم ما تجيش به من لواعج وأهواء ومن طموحات وصراعات . كما استطاع أن يحلل المجتمع الفرنسي بكل ما يتصمنه من تناقضات وخلافات وتنازعات . فأتت شخصياته متنوعة بتنوع النفس البشرية , وجاءت تحليلاته لتعكس بدقتها وغناها ولقع المجتمع الفرنسي . لدرجة أن أحد المفكرين قال عنه : لا يوجد من استطاع أن يعلمنا كيف نفتح عيوننا وننظر أفضل من ستاندال .
من أهم الروايات التي كتبها ستاندال رواية : (( الأحمر والأسود )) التي نُشرت سنة 1830 , وقد استوحى موضوعها من حادثة وقعت فعلاً في فرنسا . لذلك أعطاها عنواناً فرعياً هو : (( وقائع عام 1830 )) .
يعبر عنوان الرواية (( الأحمر والأسود )) عن الصراع بين الثوورة العسكرية ( التي يرمز لها اللون الأحمر ) وروح التقوى الدينية ( ويرمز لها باللون الأسود ) . يُدعى بطل الرواية جوليان سورال , وهو ابن نشار , شاب نشأ في وسط فقير جداً ولكنه استطاع أن يفرض نفسه في الأوساط الاجتماعية العالية بفضل ذكائه وطموحه . يحول الدخول في السلك الكهنوتي كما يحاول الدخول في الحياة العسكرية . يعمل كمربٍّ للأولاد عند عائلات ميسورة , في الرثيف أولا ثم في باريس . يقع في غرام زوجة رب المنزل في فيريار , ثم في غرام ابنة رب المنزل في باريس . في الحالة الثانية , يحقق طموحه في أن يصبح ضابطاً في الجيش ويعتزم الزواج . لكن أحلامه تتحطم على صخرة الغيرة والتآمر . فيفقد أعصابه ويطلق النار على حبيبته الأولى , فيُحكم عليه بالموت .
الأحمر والأسود " لستاندال أوصلت الرومانسية الى قمتها"
جريدة الاتحاد -2013-12-05 - لقمان محمود
كان الجميع في فرنسا يتفقون على انكار الروائي ستاندال وعدم ايلائه اهتماما ، لذلك بقي صاحب الا حمر والاسود وصومعة بارما وغيرهما من اعمال، مغموراً زمناً طويلاً، وعندما أصبح هذا مشهوراً، بقي في الواقع مجهولاً ولم تعرف حقيقته - الأدبية - كاملة. فخلال سبعة أعوام كتب ستاندال في الصحف والدوريات الانجليزية كي يعيش فقط، وما كتبه طيلة هذه الأعوام بقيت طي التناسي كالمرأة الوحيدة التي أحبها حباً صادقا وتناسته بل هجرته إلى الأبد، تاركة أياه وحيداً بعد أن نزعت عنه جلده “الأحمر” وألبسته جلداً “أسود” ليبقى حداده مرهونا بالتزاوج بين “الأحمر” و “الأسود”، هذا الحداد الذي استمر حتى بلغ ستاندال من العمر الثامنة والأربعين، لينجح أخيراً في رائعته “الأحمر والأسود”، هذه الرواية الخالدة، التي تعتبر أطول رسالة من ستاندال إلى الحبيبة الوحيدة “ماتيلد”، فبعد نجاح هذه الرواية كتب روايته “قديسة بارم” خلال اثنين و خمسين يوماً فقط. وطالما كانت الرومانسية سباحة في الطبيعة، فقد استطاع ستاندال من خلال هذه الرواية أن يسبح بلذة في الطبيعة إلى أبعد حدودها، لأن المرأة عنده بريئة كالطبيعة، لا تحمل أي محرم، ولا أي خوف، فالحب عند “ماتيلد” هو تلك العاطفة المجيدة التي تنطوي على البطولة، والتي كانت تسود فرنسا في زمن هنري الثالث وبسومبيير، وهو الحب الذي كان لا يخضع في سهولة و يسر للعواقب، بل كان دافعاً إلى أعمال عظيمة. و كأنّ ستاندال يشكر هذا الحب العظيم الذي دفعه إلى هذا العمل العظيم، لأن “ماتيلد” أيضا كانت تحبه بالدرجة نفسها، هذا ما يتضح من الرواية، فمنذ أن عزمت ماتيلد على أن تحب، لم يجد السأم إلى نفسها سبيلاً، وكانت كل يوم تهنئ نفسها بما اعتزمته من اقدام على هذا الحب القوي الجارف، ولكنها كانت تقول: “هذه اللذة لها أخطارها ليكن ذلك نعم ليكن ذلك ألف مرة”. فستاندال بهذه الرواية أوصلت الرومانسية إلى قمتها ثم تجاوز القمة عندما خضعها إلى شكل ستاندالي بحت. فالنهاية المأساوية لهذه الرواية ليس كما يتصورها الرومانسيين، فالبطل قابع في السجن، وينتظر تنفيذ حكم الاعدام، ورغم هذه المعرفة فإنه “يتمتع بشيء من الشجاعة”.ثم يأتي اليوم المنتظر، ويتم تنفيذ الحكم – الاعدام – في بساطة و وقار. هذا البطل يتفاهم مع نهايته دون تكلف، بل أنه لا يعير بالاً لهذا الأمر – الاعدام – حتى أن مسلكه أيضا لم يتغير. بهذه النهاية المأساوية تشيع “ماتيلد” حبيبها إلى القبر الذي اختاره، ويسير خلف نعشه عدد كبير من القساوسة. تبقى رواية “الأحمر و الأسود” من روائع الأدب الرومانسي، ولأهميتها فقد تمت ترجمتها في أكثر من بلد عربي، وبلغ عدد صفحاتها (484) صفحة من القطع الكبير. في الأخير من هذه الآونة صدر كتاب بعنوان “باريس لندن” من منشورات “ستوك” في (1008) صفحات. وهذا الكتاب عبارة عن المقالات التي نشرها ستاندال خلال الأعوام السبعة في انجلترا. وهي تشكل نوعاً من اليوميات التي فتحت باباً على بعض أسرار هذا الكاتب الكبير.. هامش: الاشارة لطبعة “الاحمر والاسود” ترجمة عبد الحميد الدواخلي الصادرة عن دار شرقيات - القاهرة.
أو
أو
أو
أو
لشراء الكتاب neelwafurat
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق