الأحد، 17 مايو 2015

أسس وقواعد صنعة الترجمة - الكتاب و المحاضرات - حسام الدين مصطفى

أسس وقواعد صنعة الترجمة 




حسام الدين مصطفى


رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين

عدد الصفحات : 372 صفحة


مقدمة :


  الحمد لله الرحيم الرحمن، خالق الأرض والسماء والأكوان، الذي كرم الإنسان، وعلمه المنطق واللسان، وميزه بالعقل والبنان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبدالله النبي الناطق بلسان عربي ببالغ البيان، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.. أما بعد.

   هذا كتاب قواعد وأسس صنعة الترجمة، أضعه بين يدي المتلقي العربي الكريم، متضمناً خلاصة ما خبرته من تجارب عملية، وما استخلصته من الدراسات النظرية خلال فترة تربو على العقدين، تجولت فيها بين صنوف وفنون الترجمة بلغات مختلفة، وعايشت خلالها التطور الكبير الذي شهدته صناعة الترجمة على المستوى العالمي، وسعيت من خلاله إلى تقديم تصور واضح لصنعة الترجمة، يقوم على تطبيق منظور ومفهوم الصنعة، واستعراض أساسيات وجوهر العمليات التي تتم في إطار هذه الصنعة، وجاء تناولي من منطلق أن عملية الترجمة أشبه ما تكون بالترحال بين بقاع مختلفة، والمترجم –وقد يرافقه المتلقي- مسافر بين النصوص، وكل نص هو بمثابة منطقة جديدة لها سماتها وجغرافيتها وخصائصها، وعلى المترجم أن يضمن عودته من كل رحلة دون أن يضل أو تتقطع به الدروب، والضمان الوحيد للعودة الآمنة هو أن يتسلح المترجم بأدوات ومهارات لغوية تتيح له فهم ومعرفة ما قد يلقاه أثناء رحلته تلك، فلا تهاجمه أشباح الغموض الناتج عن قصور معرفته اللغوية، ولابد له من خارطة يهتدي بها ليضمن أمن الطرق التي يسير فيها، وهذه الخارطة ترسم خطوطها معرفته بثقافة لغات النصوص التي يعرض لترجمتها، لكن المغنم من هذه الرحلات لا يتجسد إلا في نجاح المترجم في إعادة رسم لما رآه من تفاصيل داخل كل نص يزوره، فلا خير في ترحال وسط نصوص اللغة المصدر دون أن يكون لدى المترجم القدرة على إعادة تجسيدها ومحاكاتها بلغة الهدف، فهذا هو جوهر صنعة المترجم...

   لقد سعيت إلى تبيان القضايا والمفاهيم المختلفة من خلال أساليب وتعبيرات أيسر مما قد يجده القارئ الكريم عند مطالعته لما اختص بهذه الأفكار والقضايا من مراجع ومؤلفات، فلم أعمد إلى الإغراق في تبسيط يأخذ القارئ بعيداً عن ما قد يجده في الكتب والمؤلفات الرصينة البليغة، أو التخصصية العلمية، ولم ألق بالتعبيرات في غياهب الاستخدام الاصطلاحي المبهم الذي يرهق عقل القارئ، بل كنت بين ذلك قواماً، فصار من السهل على القارئ مهما كان هدفه من التجول بين دفتي هذا الكتاب أن يدرك المعنى دون مشقة أو عناء، وقد حاولت أن أثري محتوى الكتاب بتناول وشرح بعض الموضوعات ذات الصلة، والتي يمكن للقارئ أن يستغني بها عن البحث، وتجنبه عناء البحث، و حرصت أن أتفادى استخدام التعبيرات الأجنبية إلا للإشارة لما يلزم، أو يقتضيه السياق ووجوب الذكر، وذلك إثباتاً أن لغتنا العربية قادرة على التعبير عن أي مصطلح أجنبي بصورة لا لبس فيها ولا غموض، إن خلصت نيتنا في الاعتماد على لغتنا العربية، وقد استخدمت نماذج لغوية بسيطة يعرفها من له دراية أساسية باللغة الأجنبية، للتدليل على القواعد، وتقريب المعنى والمفهوم، فحتى من لم يتخصص في دراسة اللغة في المرحلة الجامعية يمكنه أن يدرك معاني الأمثلة التي استخدمت فيها كلمات وتعابير أجنبية بسيطة، ويستخلص منها القواعد والأسس التي يمكنه أن يطبقها على أي لغة أجنبية وعند أي مستوى لغوي.

    كم كنت أعجب من ربط تدريس أصول وقواعد وفنون الترجمة والتدريب عليها بلغة أجنبية محددة، وكثيراً ما كنت أسمع من تلامذتي وطلابي رغبتهم في تعلم الترجمة الأدبية –مثلاً- باللغة الإنجليزية، أو دراسة الترجمة القانونية بالفرنسية، أو التدريب على الترجمة الصحفية باللغة الألمانية، وهكذا!! وكأن قواعد وأسس الترجمة تتغير من لغة لأخرى!!! فأردت من خلال كتابي هذا، ومن خلال سلسلة الدورات التدريبية التي مزجت فيها بين متدربين درسوا لغات مختلفة، أن أبرهن أنه يمكن لمترجمينا العرب أن يتعلموا ويتقنوا مهارات الترجمة، ويصبحوا قادرين على تطبيقها في إطار أي لغة من خلال تدريس ذلك بلغتنا العربية، وتدريبهم عليها بلغتنا العرب.

     وكنت في ختام كل دورة تدريبية أخلص معهم إلى أن حصر التدريب على الترجمة بلغة أجنبية معينة، هو ضرب من ضروب التصور الخاطئ للعلاقة التي تربط بين الترجمة واللغة، وأن النمط التقليدي لتعلم الترجمة والتدريب عليها من خلال مقارنة بين نصوص عربية وأجنبية وفق اللغات التي درسوها مجرد قيد مفتعل، وضيق أفق يغلفه الفهم الخاطئ لصنعة الترجمة، وأن هذه الطريقة البدائية هي التي تسببت فيما يعانيه البعض من جهل بفنون الترجمة وعلومها وتطبيقاتها العملية...

    إن المكتبتين العربية والعالمية تحفلان بالعديد من المؤلفات التي تناولت اللغة وعلومها والترجمة وفنونها، سواء بالعربية أو غيرها من اللغات، وجميعها لها إسهاماتها القيمة في رسم أبعاد علوم الترجمة وفنونها، والتنظير لأسسها وتأطيهرها، إلا أن القليل منها الذي تطرق إلى التعامل مع الترجمة كصنعة، وتناولها من منظور التطبيق العملي الإحترافي، خاصة على مستوى ما كتب بالعربية أو نقل إليها من اللغات الأخرى، فغالبية المؤلفات التي تناولت الترجمة ركزت على التناول النظري، والأطر المنهجية، وحتى تلك التي ضم محتواها نماذج تطبيقية ركز على التعامل في إطار أزواج لغوية بعينها، وهذا لا يقلل من قدر ما بذله أساتذتنا وزملائنا من جهود صاغوها في أفكارهم التي حفلت بها مؤلفاتهم، إلا أن تلك المؤلفات التي تناولت الترجمة وأصولها وفق الممارسات العملية لمهنة الترجمة قليلة، إذا ما قورنت بهذا الكم الهائل الذي وضعت مؤلفاتها اعتماداً على البحث النظري والدراسات الوصفية، وهذا ما جعل الكثير من هذه المؤلفات يغفل عن تناول الجوانب المهنية وفق ما فرضه سوق العمل.

     لقد جاء هذا الكتاب مقسماً إلى سبعة أقسام تلت هذه المقدمة الاستهلالية المرحبة بالقارئ، والمعرفة بالغاية والهدف من هذا المؤلف، ففي القسم الأول عرضت إلى الحديث عن اللغة بوصفها الأرض التي نبتت فيها شجرة الترجمة، مؤكداً على أن الترجمة هي ابنة اللغة، وأن الترجمة الأصيلة هي تلك التي تحمل السمات الفكرية للغة المصدر، وتظهرها على هيئة ملامح وسمات واضحة باللغة الهدف، وفي حال غياب هذه السمات أو عدم ظهورها تكون الترجمة هجيناً مستغرباً، وسعيت من خلال الموضوعات والنقاط التي وضعتها بين يدي القارئ الكريم إلى تناول القضايا والمفاهيم التي تتعلق باللغة عموماً في إطار من التبسيط الرصين، البعيد عن التعقيد وذلك دون تسطيح مستخف أو تعقيد متلف، ومن ثم كان هذا القسم نقطة الانطلاق في رحلتنا إلى عوالم الترجمة متشعبة الدروب. أما القسم الثاني فوقفت بالقارئ على أعتاب عالم الترجمة، متفحصاً معه الأسباب التي استوجبت منح الترجمة كل هذا القدر من الاهتمام، ومستعرضاً تاريخ نشأة فنها في إيجاز يسير، ومركزاً على دور العرب في رسم الملامح الأساسية لحركة الترجمة الإنسانية عبر العصور العربية المختلفة، لنلج بعد ذلك عبر بوابات مفاهيم وتعاريف الترجمة، لنشرع في التعرف على أنواعها وأنماطها، واستعراض الأسس النظرية التي أطرت حدود علم الترجمة، ونبين الصعوبات والتحديات التي تعترض المترجم الصانع عند قيامه بعملية الترجمة، وطرق التغلب عليها والاستفادة منها، لنفتح بذلك آفاقاً جديدة ترسم لنا الدرب إلى جوهر صنعة الترجمة.

    يأتي القسم الثالث مركزاً على عملية الترجمة ذاتها، فنتناول العمليات الأولية والخطوات التحضيرية التي تسبق عملية الترجمة الرئيسية، وذلك لأهمية تلك الخطوات وبالغ أثرها في التأسيس لما يليها من عمليات رئيسية أو ختامية، وفي هذه الجزئية نتناول عملية القراءة الترجمية، أو القراءة لأغراض الترجمة، لتتغير وجهة النظر الشائعة التي ترى في القراءة وسيلة للثقافة وأداة للاستمتاع، فنكشف دورها وقدرها وما تمثله كعملية جزئية استهلالية من مجمل عمليات الترجمة، ويعقب ذلك خارطة تحدد المسالك المختلفة التي تفرضها أنواع النصوص، والتي تؤثر على بدء عملية الترجمة، فنستعرض أنواع النصوص المختلفة، وسماتها وما يستوجبه ذلك من مراعاة خصائص كل نوع، ثم أختتم هذا القسم بالحديث عن العمليات الختامية التي تلي المرحلة الرئيسية لعملية الرئيسية، لنوضح أهمية المراجعة والتدقيق، ونفرق بين الوظائف المختلفة المرتبطة بهذه المرحلة النهائية من عملية الترجمة، و نظراً لأن حقيقة عملية الترجمة أنها عملية ذهنية ترتبط بالعقل الإنساني، وتتوقف على قدرات الإدراك والفهم الصحيح للمعنى، أردت من خلال القسم الرابع أن أدعو المتلقي الكريم إلى التجول في عالم الترجمة من منظور جديد، يركز على تفسير وتتبع العمليات البينية للترجمة في إطار التعامل العقلي الذهني، لنستكشف تلك العمليات ونقف عند السمات العضوية لأعضاء المنظومة الذهنية البشرية، ونبين دور المخ والعقل في التعامل مع النصوص المترجمة، ونبين العوامل غير الملموسة التي تؤثر في سير هذه العمليات، ونربط بين الترجمة والقدرات الذهنية، ونستكشف المعوقات الناجمة عن الصعوبات الإدراكية، وطرق التغلب عليها، ونبين المهارات العقلية التي يتعين على المترجم اكتسابها وتطويرها بما يضمن له التميز في مجال هذه الصنعة.

    ينتقل بنا القسم الخامس إلى الحديث عن الترجمة من وجهة نظر إحترافية، سعيت من خلالها إلى توضيح وترسيخ المبادئ الرئيسية لصنعة الترجمة من خلال رؤية مهنية، فجاء حديثي عن الأسس المهنية لصنعة الترجمة، وما يتعلق بالمترجم المهني الصانع، ومنتجات صنعته، والقواعد المهنية والقياسية والأخلاقية الضابطة لممارساته في إطار سوق الترجمة العالمي، وألقي الضوء على الأدوات التي يستعين بها المترجم العصري، ومبيناً طرق أيسر الطرق للحصول عليها، وسبل الاستفادة منها. الترجمة نشاط إنساني في عمومه، وممارسة مهنية في صنعته، وقد أدى هذا الترابط بين الترجمة والأنشطة الإنسانية عموماً وما يتعلق بالثقافة على وجه الخصوص إلى بزوغ عدد من القضايا التي رأيت أن أتناول أهمها في القسم السادس، فجاء الحديث عن الترجمة والثقافة ودور كل منهما في التأثير والتأثر بالأخرى، وظهور الترجمات المختلفة للنص الواحد، ودور الترجمة في بناء علم وحضارة الأمة من خلال مجهودات التعريب والنقل. آتي بقارئي الكريم عند القسم السابع متضمناً عرض ختامي لأهم الملاحق ذات الصلة بالقضايا التي وقفت معه عندها، وقائمة بأهم المراجع والمصادر التي قد يرغب في الإطلاع عليها للاستزادة والتعمق في مزيد من التفاصيل، أو للوقوف على بعض الأطر النظرية التي لم أتوقف عندها خلال تجوالنا في عالم صنعة الترجمة وعلى دروب التعامل المهني الإحترافي.

   وختاماً فإن كتابي هذا ما هو إلا محاولة أشرُف بأن أضمها إلى جهود أسلافي وأقراني ممن شغلتهم الترجمة وعلومها وفنونها وصنعتها، سعيت من خلاله أن أرسم طرقاً واضحة يمكن للمترجم المبتدئ أن يصل من خلالها إلى حقيقة وجوهر الصنعة وأسسها، وأضع بين يديه مصباحاً يزيل ظلمة الوهم والغموض عن تلك الصنعة التي يسعى للدخول إلى عالمها. كذلك فإن ما حواه هذا المؤلف يضيف إلى جملة ما طرحه أساتذتي وزملائي من مؤلفات، إذ أنه يتناول بوضوح وإيجاز أسس وأصول التعامل المهني مع الصنعة، ولم يغب عني المتلقي غير المنخرط في صنعة الترجمة، إلا من قبيل شغفه باستشراف عالم الترجمة، فسعيت أن أصل به إلى جوهر صنعة الترجمة، موضحاً له حقيقة رسالة الترجمة، ودور المترجم، وأساليب الصنعة وتحدياتها، لكي يمكن لهذا القارئ أن يدرك معنى الترجمة وصنعتها، ويخلع عصابة الوهم الذي استشرى بين الكثير من أولئك الذين ينظرون للترجمة بوصفها ترف ثقافي، أو استبدال لفظي، أو عملية ميكانيكية، وذلك تقديراً لدور هذا القارئ في صنع رأي عام يرتقي بالترجمة ويصحح وجهة النظر حول المترجم وصنعته.

والله ولي التوفيق

مقتطفات من الكتاب :

" القراءة بوابة الترجمة وقاعدة هرمها، فعندما تقرأ يبدأ عقلك في التعامل مع العديد من المهام بصورة فائقة السرعة حتى أنك قد تظن أنها تتم بشكل تلقائي، فعندما تقرأ تطالع عيناك الأحرف والمقاطع والكلمات والجمل والعبارات، وهذه العملية أشبه بتلقيم البيانات للعقل، ليبدأ في التعامل معها واستيعابها، ومن ثم فإن أول شرط من شروط الترجمة الجيدة أن تقرأ النص بصورة جيدة، لكي تفهمه جيداً، وتسعى بعد ذلك إلى ترجمته عبر نص يمكن للمتلقي قراءته وفهمه جيداً، وهذا ما ينطبق أيضاً على عملية الإستماع حيث يتم تحويل الأصوات المفردة إلى تراكيب صوتية تحدد منطوق الكلمة، وتستدعي معناها المختزن في العقل، أو تدفع المستمع إلى البحث عن معناها، وكما هو الحال في القراءة فإن الأحرف المفردة كالأصوات المفردة لا تحمل أي معنى، وقد يمكنك أن تكون صورة عامة عن محتوى النص ومضمونه من خلال قراءتك - أو سماعك - لللفقرات الإفتتاحية منه أو بدايته .". 

" وفقاً لمعيار طريقة الترجمة: حيث تتنوع الترجمة بين ثلاث أنواع هي: 1) الترجمة الحرفية أو ترجمة اللفظ (word) : وهي هنا لا تعني استبدال كل لفظ في اللغة المصدر بلفظ آخر في اللغة الهدف (literal translation) ، بل تعني الإهتما بإيجاد ألفاظ في اللغة الهدف تعطي نفس معنى الألفاظ في اللغة المصدر مع الحفاظ على أسلوب الكلام، فيقوم على نقل نص من النصوص بحذافيره وحرفيته بدون تصرف في صيغه ومفرداته ومعانيه. 2) الترجمة التفسيرية أو ترجمة المعنى (meaning): وفيها لا يتم التركيز كثيراً على الألفاظ، وإنما على المعاني التي عبرت عنها ليقوم المترجم بعد ذلك بإعادة صياغة المعنى بإستخدام اللغة الهدف. 3) الترجمة المحاكية أو الترجمة الحرة (free): وهي ترجمة لا تهتم بالفاظ النص ولا المعنى الذي يعنيه، وإنما تعبر عن فهم خاص ومختلف، وبالتالي لا يجوز أن نطلق عليها ترجمة للنص الأصلي، بل الأولى أن نصفها بأنها تأليف. ".

" أول نشاط يقوم به المترجم هو القيام بالترجمة البينية أو "البين سيميائية"intersemiotic" والترجمة البين سيميائية هي ترجمة نظام ذو علامات خاصة إلى نظام آخر مختلف في تكوينه وعلاماته، فعندما نقرأ الكلمات بصوت مسموع فنحن هنا حولنا المضمون المرئي (الحروف) إلى نظام منطوق (الأصوات)، أو كما تترجم أحرف الطباعة في جهاز الحاسب إلى لغة الآلة الإلكترونية، وما يحدث عندما نقوم بقراءة النص المراد ترجمته أو الإستماع إليه هو أننا نقوم تلقائاً بتحويل الكلمات المرسومة في الحروف أو الأصوات المسموعة للإلفاظ إلى معانٍ إدراكية مختزنة بعقولنا، ونقوم بتحويل الكلمات إلى مواد عقلية إدراكية، والأمر هنا يختلف عن "التخيل"، فهذه العملية ليست رسم صورة تخيلية، فالخيال قد يجعلنا نرسم شكلاً، أو نتصور حدثاً، أما المواد العقلية التي نقصدها هنا فنادراً ما تكون ضمن عملية التخيل، فنحن لا نتخيل الكلمات ولا الأحرف ولا الأصوات، فنحن هنا نتحدث عن ترجمة صيغة لفظية إلى صيغة عقلية أو العكس، ورغم تعقيد هذه العملية الأولية إلا أننا لا نستشعر حينما نشرع في القراءة كواحدة من مراحل الترجمة، ومهما كانت خبرة القاريء فإنه يمر بالمرحلة التي تحدثنا عنها بنفس الصورة التي يمر بها المترجم، وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة أخرى تتسم بطبيعتها التفسيرية، وذلك بان نسعى إلى تخمين أو استشعار المعنى، وفي ذلك تلعب شخصية الفرد دوراً هاماً في صياغة هذا المعنى .".

" ترتبط اللغة إرتباطاً وثيقاً بثقافة أهلها، وتعد مكوناً من ثقافة المجتمع، فاللفظ الذي يتضمنه النص يحمل دلالات ذات معنى محدد وفق لثقافة أهل اللغة، فمثلاً لفظ الرب والذي يُترجم إلى الإنجليزية بلفظ God ،فكثيرون لا ينتبهون إلى ضرورة التفرقة بين ألفاظ (رب) ، و (الله) و (إله)، وليس ذلك نابعاً من الدلالات الدينية لهذه الألفاظ فحسب، بل يمتد أيضاً للدلالة الثقافية التي فرضها الدين على اللغة، فالرب والإله عند أهل الإسلام عموماً والعرب خاصة له دلالات تختلف عن دلالات الرب والإله عن أهل المسيحية، أما لفظ الجلالة (الله) فلا مكافيء له في أي لغة أخرى غير عربية، لذا فإن ترجمته تتم من خلال الرسم الصوتي لمنطوقه. Allah، وهناك أيضاً لفظ "الخليفة" الذي يُترجم إلىCaliph بالإنجليزية وهو رسم لمنطوق اللفظ بحروف إنجليزية وذلك لأن مفهوم الخلافة غير معروف في الثقافة الغربية، ومثال ذلك أيضاً لفظ "الإمام" الذي يترجم إلى Imam وغير ذلك من الألفاظ المستمدة من الثقافة العربية والدين الإسلامي والتي لم يعرفها الغرب ولم يألفها في مجتمعه، والأمر هنا لا يقتصر على الابعاد الثقافية الدينية فحسب، بل يمتد إلى كافة النواحي المتعلقة بطبيعة الحياة والمأكل والملبس فأسماء الأطعمة والملابس وأجزائها تختلف - ولا شك - من ثقافة إلى أخرى. في المقابل فهناك مصطلح غربي صيغته الإنجليزية هي Girlfriend وهذا المصطلح غير معروف في أوساط الثقافة العربية، ولا يمكن ترجمته على أنه (صديقة أو خطيبة، أو عشيقة، أو خليلة) وذلك أن مضمون هذا المصطلح في الثقافة الغربية يتخطى علاقة الصداقة المعنوية إلى علاقة عاطفية جنسية في غالب الأحيان، وهذا بالطبع مستهجن وغريب في وصف علاقة بين شاب وفتاة في مجتمع تحكمه قواعد الدين الإسلامي والقيم والأخلاق العربية..".

"هناك فرق بين الكلمة المنطوقة والتركيب النحوي للكلمة، فعلى سبيل المثال عند قولنا (القاموس) فهي تنطق كلمة واحدة، أما بالنسة للتركيب اللغوي فهي تتكون من كلمتين هما (ال) التعريف، و (قاموس)، والكلمة مستقلة في النظام اللغوي، فالكلمة لها قواعد صوتية تتعلق باول الكلمة كمنع الإبتداء بساكن، ويستخدم معها علامات الإعراب التي تقع في أواخر الكلمات، بينما الكلمة من الناحية الدلالية لا معنى لها على الإطلاق خارج مكانها في النظم والسياق. ". 

" إن النجاح في أي مهنة مرهون بإخلاص صاحبها وجديته واجتهاده فيها، وصنعة الترجمة تتشارك مع غيرها من المهن في هذه الأسس التي لا غنى عنها لكل مهني، لكن ما يميز الترجمة عن غيرها من الصناعات أنها تقوم على استخدام العقل والذهن أكثر من الجسد والعضلات، فرأسمال المترجم وأدواته هي عقله وعلمه وفكره وشخصيته، لا ضخامته ولا قوته ولا سرعة حركته... لذا فإن طريقة تفكير المترجم وتقييمه لأدواته، وما يملكه لابد وأن تتميز عن غيره من أهل الصناعات والمهن والحرف الاخرى.".

 " المفتاح الذهبي لكنوز نجاح المترجم هو القراءة، فبها تزداد حصيلته المعرفية، واللغوية، والفكرية، والثقافية.. فالقراءة هي جولة وسط أفكار تأخذ شكل كلمات، وهي زاد لكل باحث عن العلم، ولا يمكن للمترجم أن يرتقي بممارسة ويصل إلى درجات الإجادة والتميز إن لم يكن قارئاً مطلعاً مثقفاً، فثقافة المترجم يستقيها من مصادر مختلفة، والقراءة أول هذه المصادر، وهي تصبغ أسلوبه وعمله بصبغة تجعله محل التقدير والإحترام، أما من يكتفي بما أجبر على تحصيله من علم لغاية دراسية، والحصول على شهادة، فإنه كمن يوثق قدميه بحبال ويريد ان يرك في سباق، ويكتب شهادة فشله كمترجم .".





أو

قراءةأونلاين

أو

للقراءة والتحميل إضغط هنا

أو

للقراءة والتحميل إضغط هنا

كورس أسس وقواعد صنعة الترجمة


المحاضرة الأولى الجزء الأول

المحاضرة الأولى الجزء الأول


المحاضرة الأولى الجزء الثانى

المحاضرة الأولى الجزء الثانى

المحاضرة الثانية

المحاضرة الثانية

المحاضرة الثالثة الجزء الأول

المحاضرة الثالثة الجزء الأول

المحاضرة الثالثة الجزء الثانى

المحاضرة الثالثة الجزء الثانى


المحاضرة الرابعة

المحاضرة الرابعة

المحاضرة الخامسة

المحاضرة الخامسة

المحاضرة السادسة

المحاضرة السادسة

المحاضرة السابعة


المحاضرة السابعة

المحاضرة الثامنة

المحاضرة الثامنة

المحاضرة التاسعة

المحاضرة التاسعة

المحاضرة العاشرة

المحاضرة العاشرة

المحاضرة الحادية عشر

المحاضرة الحادية عشر

المحاضرة الثانية عشر


المحاضرة الثانية عشر

المحاضرة الثالثة عشر


المحاضرة الثالثة عشر

المحاضرة الرابعة عشر


المحاضرة الرابعة عشر

المحاضرة الخامسة عشر

المحاضرة الخامسة عشر

المحاضرة السادسة عشر

المحاضرة السادسة عشر

المحاضرة السابعة عشر

المحاضرة السابعة عشر


للتحميل المحاضرات 1 : 17

المحاضرة الأولى الجزء الأول    المحاضرة الأولى الجزء الأول  المحاضرة الأولى الجزء الأول

من هنا

لتحميل الكورس كامل بلينك واحد

من هنا


من هنا .torrent

من هنا

أكاديمية ملتقى الدارين

ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة