رواية في انتظار البرابرة
ج. م. كوتزي
ترجمة : ابتسام عبدالله
عن هذا الكتاب:
يبدو الأمر صحيحاً مثل إشارة أولئك الناس الذين عاشوا في خرائب الصحراء ، يتحتم علينا أيضاً وضع سجلات للإستيطان كي تترك للأجيال القادمة ، تدفن تحت أسوار بلدتنا ومن أجل كتابة مثل هذا التاريخ لن يكون هناك من هو أكثر صلاحية من قاضينا الأخير. ولكننى عندما أجلس إلى طاولة الكتابة ملفوفاً لمقاومة البرد في فروة جلد الدب القديمة الخاصة بي مع شمعة واحدة (لأن الشحم الحيواني متعفن أيضاً) وعند مرفقي كومة من وثائق صفر ؛ فما أجده عندما أبدأ بالكتابة ليست حوليات تاريخ القاعدة الأمامية للإمبراطورية ، ولا سجلاً يبين كيف أمضى سكان تلك القاعدة الأمامية عامهم الأخير في تنظيم أنفسهم ، بينما هم قابعون في انتظار البرابرة .
تقدم رواية ج.م كوتزي «في انتظار البرابرة» تصويراً رائعاً ومدهشاً للحروب المفتعلة والوهمية التي تقوم بها الدول والإمبراطوريات والإدارات الحكومية لإظهار القوة، وإرهاب الشعوب، وتعرض أفكاراً فلسفية عن الحياة، وذهنية رجل المخابرات حامي الإمبراطورية، وتدمير حياة هانئة وسعيدة باسم شعارات كبرى عن الوطن.
مقتطف من الرواية :
لم أرد قط شيئاً يماثله: قرصان صغيران من الزجاج معلقان أمام عينيه بعروتين من سلك. أهو أعمي ؟ بمقدوري أن أفهم الأمر إن كان يريد إخفاء عماه. لكنه ليس أعمي. القرصان أسودان يبدوان مستديرين من الخارج لكنه قادر علي الرؤية من خلالهما. يقول لي إنهما اختراع حديث . ويقول : (( إنهما يحميان عيني المرء من وهج أشعة الشمس ستجدهما مفيدين هنا في هذه الصحراء. إنهما يحميان المرء من التحديق باستمرار ويخففان من الإصابة بالصداع انظر)). يتلمس زوايا عينيه برفق ((لا تجاعيد)) يعيد العدستين إلي مكانهما. ما يقوله صحيح فهو يمتلك بشرة رجل أصغر سناً. في (( في الوطن يرتديهما كل واحد)).
نجلس في أفضل غرفة في الفندق بيننا دورق وصحن من المكسرات. لا نناقش سبب وجوده هنا. إنه هنا سبب قوة الطوارئ وهذا سبب كافِ. بدلاً من ذلك نتحدث عن الصيد. يحكي ليس عن أخر رحلة صيد كبيرة قام بها عندما تم ذبح ألاف الغزلان والخنازير والدببة الكثير منها بحيث إن جبلاً من أجساد الذبائح تكون وتوجب تركها لتتعفن (( كان أمراً مؤسفاً) أحكي له عن القطعان الكبيرة للأوز والبط التي تهبط نحو البحيرة سنوياً في هجرتها وعن الوسائل المحلية لاصطيادها. أقترح أن أخذه للصيد ليلاً في قارب محلي.
أقول:(( تلك تجربة لايمكن أن تفوتك. يحمل الصيادون مشاعل متوهجة ويضربون علي الطبول فوق الماء لتوجيه الأسماك نحو الشباك التي نصبوها)) يومئ برأسه. يحدثني عن زيارة قام بها إلي مكان أخر من الحدود حيث يأكل الناس ثعابين معينة طعام مترف وعن وعل قام باصطياده أيضاً.
يختار طريقه بحذر بين قطع الأثاث الغريبة عنه ولكنه لا ينزع عدستيه السوداوين. يأوي إلي فراشه مبكراً لقد استقر هنا في الفندق لأنه المكان الذي يقدم أفضل الخدمات في البلدة. أعطيت انطباعاً للعاملين في الفندق بأنه ضيف مهم. ((العميد جول من المكتب الثالث)) هكذا قلت لهم وأضفت (( المكتب الثالث هو أهم الفصائل في الحرس الوطني في هذه الأيام)). هذا ما نسمعه علي أي حال في الأقاويل التي تردنا متأخرة من العاصمة يومئ مالك الفندق برأسه وتحني الخادمات رؤوسهن(( علينا أن نترك انطباعاً جيداً لديه)) .
أحمل فراشي خارج المتاريس حيث نسيم الليل يمنح بعض الراحة من الحر. علي الأسطح المنبسطة للمدينة أستطيع أن أميز علي ضوء القمر أشكال نائمين أخرين ومن تحت أشجار الجوز في الساحة لا أزال أسمع دمدمات مناقشة ما. يتوهج غليون في العتمة مثل يراعة يتضاءل الوهج ثم يتقد ثانية. الصيف يدور نحو نهايته. أشجار البساتين تتأوه تحت أثقالها. لم أشاهد العاصمة منذ كنت شاباً. أستيقط قبل الفجر. أجتاز علي رؤوس أصابع قدمي الجنود النائمين الذين يتحركون قليلاً ويتنهدون يحلمون بأمهات وحبيبات أنزل الدرجات. ألاف النجوم في السماء تتطلع إلينا من فوق . حقاً نحن هنا علي سقف العالم. الاستيقاظ في الليل في مكان مفتوح يبهر النفس.
الحارس عند البوابة يجلس واضعاً ساقاً فوق ساق غارقاً في النوم ويحتضن بندقيته مضجع البواب مغلق عربته تقف في الخارج. أمر.
الحارس عند البوابة يجلس واضعاً ساقاً فوق ساق غارقاً في النوم ويحتضن بندقيته مضجع البواب مغلق عربته تقف في الخارج. أمر.
((لا توجد لدينا تسهيلات للسجناء)) أفسر الأمر وأقول :(( لا توجد جرائم كبيرة هنا والعقوبة عادة غرامة أو عمل إلزامي. هذا الكوخ هو ببساطة غرفة ملحقة بمخزن الحبوب كما تلاحظ )) الهواء ثقيل في الداخل ومحمل برائحة كريهة . لا نوافذ هنا. السجينان يستلقيان مقيدين علي الأرض. الرائحة تفوح منهما. رائحة بول قديم. أنادي علي الحارس للدخول: (( دع هذين الرجلين ينظفان نفسيهما وبسرعة رجاءَ)).
أو
أو
أو
أو
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق