شعرية
التلقي بين سلطة النص وحرية القارئ
سميرة قروي - كلية الآداب واللغات ـ جامعة آكلي محند أولحاج ـ بالبويرة :
الملخص:
تروم هذه المقاربة الوقوف على الآليات التي
يشتغل بها النص لتوقيع شعريته من جهة ، وشعرية تلقيه من جهة أخرى ، وحدود المتلقي
في الإسهام في توقيع هذه الشعرية. ثم بيان كيف تحرص النصوص الطليعية على حرية
القارئ في إنتاج المعنى ليفرز كل نشاط قرائي مغامرة تأويلية جديدة لينبثق الاختلاف
والتعدد وتتأكد انفتاحية النص المقروء.
وخلصت هذه المحاولة إلى أن النص الأدبي غير
مكتمل يحتاج إلى مساعدة القارئ من أجل إتمامه ، فانفتاحه وانغلاقه رهن بالمتلقي
وقدراته الموازية. وإنه يعرض سلطة توجه إتقاناته التعبيرية وأبنيته الأسلوبية
وإحالاته المرجعية إلى قارئ محدد مهيأ لاستقباله ، فينقل إليه سلطة الإبداع ليسهم
هذا الأخير في توقيع شعرية للتلقي قائمة على تجاوز سلبية المرايا القرائية العاكسة
لما في النص من مفاهيم مباشرة إلى ايجابية تحويل النص إلى مرآة يتمرأى فيها
(القارئ) ، مستنطقا ذاته مستكشفا فيها ، استنطاقه واستكشافه في النص ، فتزدوج
فاعليته حين يشتغل على ذاته وعلى النص في آن واحد.
Abstract:
Intending this approach stand on mechanisms that employs poetic text on
one hand, and poetry received on the other hand. Also, limits the receiver in
contributing to the signing of this poetry and then show how keen texts avant garde on the
freedom of the reader in the production of meaning for secreted every readable
activity new interpretive adventure to emerge difference and diversity and make
sure openness of the readable text.
This attempt concluded that the literary text is incomplete, needs the
help of the reader in order to be finalized.
Its diversity to open or to close depends on the receiver and its
capacity to assimilate, it imposes technical formulation and the structures in
the nature of the text.
To this fact the reader
is captivated and sees participatory poetics.
نعتت البنيوية في عكوفها على دراسة النص دراسة محايثة مقصية الخارج
بضروبه المتنوعة نابذة المؤلف ومتلقي النص بالصنمية النصية ، مما ولّد ردّ فعل حاد
على الانغلاق النصي فظهرت اتجاهات ما بعد البنيوية ( القراءة والتلقي ، التفكيك ، التأويل
والسميولوجيا) الشيء الذي أنعش النظرية الأدبية الحديثة.
فكان أن اهتمت نظرية القراءة وجماليات التلقي
بالذات المتلقية ، وأدخلتها في فضاء التحليل ، وأعادت إليها اعتبارها كأحد أبرز
عناصر الإرسال والتواصل الأدبي وأهمها ، بعد أن آمنت بأن =الظاهرة الأدبية ليست
إلا علاقة جدلية بين النص والقارئ+([1]) ، وأن النص لا قيمة له ما دام
حروفا على الورق ، حتى يعطيه القارئ الحياة من خلال تفاعله معه. فانطلقت منطلقا
جديدا =يجعل عملية الفهم بنية من بنيات العمل الأدبي نفسه ليصبح الفهم هو عملية
بناء المعنى وإنتاجه وليس الكشف عنه أو الانتهاء إليه ، وبذلك يعدّ المحمول
اللساني مؤثرا واحدا من مؤثرات الفهم لا بد من تغذيته بمرجعيات ذاتية قائمة على
فعل الفهم من لدن المتلقي+([2]).
وتعود الأصول المعرفية لهذه النظرية إلى
الفلسفة الظاهرتية المعاصرة (الفينومينولوجيا) مع ابرز أعلامها : =ادموند هوسرل E.Husserl+ و=رومان
انغاردن R.Ingarden+ ، التي استندت على فكرة ألا
وجود للظاهرة خارج حدود الوعي بها ، أي لا سبيل إلى الإدراك والتصوّر الموضوعي
خارج نطاق الذات المدركة ، فأصبح بذلك المنظور الذاتي هو المنطلق في التحديد
الموضوعي. كما تظهر معالم الفلسفة الأرسطية والكانطية والتحليل النفسي والفلسفة
الذاتية المثالية والتأويلية.
أما
أبرز المفاهيم الظاهرتية المؤثرة في اتجاه جماليات التلقي ، فهي مفهوم التعالي
والقصدية ؛ فبعد أن كان التعالي ـ الذي هو النواة المهيمنة في الفكر الظاهراتي ـ عند
هوسرل يعني أن إدراك الظاهرة قائم على الفهم الفردي الخالص =فالمعنى الموضوعي ينشأ
بعد أن تكون الظاهرة معنى محضا في الشعور ، أي بعد الارتداد من عالم المحسوسات
الخارجية المادية إلى عالم الشعور الداخلي
الخالص+([3]) ، صار عند تلميذه انغاردن ظاهرة ذات بنيتين : نمطية ثابتة وهي أساس
الفهم ، ومادية متغيّرة تشكّل الأساس الأسلوبي للعمل الأدبي ، فالمعنى هو حصيلة
للتفاعل بين بنية العمل الأدبي وفعل الفهم ، وهذا التعديل الذي أوجده انغاردن أصبح
مرتكزا أساسيا لأغلب الاتجاهات التي تنضوي تحت رداء هوسرل (هيدغر) ، (سارتر) ، (ميرلوبونتي)
، (غادامير) ([4]).
وأما القصدية (الشعور القصدي) أو الأنية فيعني
أن المعنى يتكوّن من خلال الفهم الذاتي والشعور القصدي الآني بإزائه ، لذلك حصر
هوسرل مهمة الفينومينولوجيا =بدراسة
الشعور الخالص وأفكاره القصدية باعتباره مبدأ كل معرفة+([5]) ، وهو ما استثمرته نظرية
الاستقبال والتلقي أو جمالية التلقي في عنايتها بالفهم الذي عدته =عملية وظيفية لأنّها عملية دالة تسهم
إسهاما فاعلا في بناء المعنى الأدبي+([6]).
وأفضى انغاردن من خلال هذا العنصر بخلاف
أستاذه إلى أنّ =إدراك الظاهرة الأدبية بقصدية قائم على عامل يوجد في ذاتها وآخر
يوجد خارج ذاتها+([7]) ، فما يوجد في ذاتها فهو طبقات
أربع تتشكّل منها البنية الأساسية لأيّ عمل أدبي هي:
1 ـ طبقة صوتيات الكلمة.
2 ـ طبقة وحدات المعنى.
3 ـ طبقة الموضوعات المتمثلة.
4 ـ طبقة المظاهر التخطيطية+([8]).
فإدراك هذه الطبقات وفهمها في وعي المتلقي هو غاية القراءة
الظاهرتية. وأما ما يوجد خارجها فهو المتلقي.
ولقد استثمر آيزر عنصر طبقة المظاهر التخطيطية ليقف على مفهوم
الفجوات والثغرات التي يضطلع القارئ بملئها.
كما أفادت النظرية من مقولة الفيلسوف هانس جورج غادمير في مفهوم
الأفق التاريخي ، بعد أن =أعاد للتاريخ دوره بوصفه مدونة تضم الإدراكات السابقة
وأصوات الخبرات ، فلا يمتلك الفهم إمكاناته الحقيقية الشاملة إذا ما استبعد هذه
الخبرات+وهو
المفهوم الذي استثمره ياوس في محاولة إعادة بناء تاريخ جديد للأدب يقوم على بنية
التلقي ، حيث يكون فيه المتلقي بؤرة العمل الأدبي والمانح للأدب سيرورته التاريخية
والمحدّد لجماليته لا على أساس التسلسل الزمني تبعا للحقب والعصور. لذلك عوّض
التاريخ التواقتي (الدياكروني) الذي يستنسخ حركة التاريخ العام بتأريخ توقيتي
يتتبع حركة تفاعل النص مع القارئ ، واستبدل التساؤل عن تاريخ النصوص بالتساؤل عن
تاريخ تلقي النصوص. كما استثمره في مقولته (أفق التوقع أو الانتظار) ؛ فهو لديه
=مدوّنة تضمّ معايير تذوّق العمل الأدبي عبر التاريخ ، هذه المعايير التي تمتلك
قيمة متغيّرة في كل عملية فهم ، فالعمل الأدبي يسعى باستمرار إلى مخالفة المعايير
التي نحملها عن موضوعه والزمن يفعل الفعل ذاته في معاييرنا ، وتغيّر هذه العوامل
مجتمعة معايير العمل الأدبي نفسه+([9]).
كما استثمر منظرو هذه النظرية بعض المفاهيم التي استعاروها من
المجال الفلسفي أو النفسي أو اللسانياتي أو التاريخي أو الانثروبولوجي ، وادخلوها
حيّز الأدب فكان=للنظرية الفضل في تشغيل المفاهيم غير الأدبية في مجال الأدب+([10]).
وقد نشأت نظرية التلقي منذ الستينات (1967) بألمانيا الغربية وتنسب إلى جامعة كونستانس (Université de constance) ومن أشهر ممثليها هانس روبيير ياوس (Hans Robert yauss) ، وولف
غانغ ايزر ) Wolfgang Iser).
وتدعو هذه النظرية إلى
تجاوز نظرية الأدب الكلاسيكية وإعادة بناء الأدب على أسس منهجية جديدة ، منطلقة من
القارئ صاحب الدور المركزي في تشكل العمل الأدبي ، لذلك تعاملت مع مسألة القراءة
والقارئ بوعي نظري مؤسس ، على أنّها عدّت القراءة =فعلا مركبا ذلك أنها ليست فعلا
بسيطا نقوم به ونحن نمرر البصر على السطور ، وليست أيضا بالقراءة التي نكتفي فيها
بإعادة تلقي الخطاب بشكل سلبي اعتقادا منا بأنّ معنى النص قد صيغ نهائيا وحدد فلم
يبق إلا العثور عليه كما هو ، أو كما كان نية في ذهن الكاتب ، إن القراءة عندهم
أشبه ما تكون بقراءة الفلاسفة للوجود إنّها فعل خلاق ، إنّ القارئ وهو يقرأ يخترع
ويخترق ويتجاوز ذاته نفسها مثلما يتجاوز المكتوب أمامه+([11]). لذلك
عدّها (ياوس) مرحلة ضرورية لإتمام عملية إنتاج العمل الأدبي ، الذي يظلّ في حاجة
إلى أداة تحققه وتجعله راهنا. فالنص حسب هذا الرأي =آلة كسولة ، لأنّه في عمقه
معطى غير تام ، معطى ينقصه الكثير ، لتضمّنه بياضات ، ولاحتوائه على مناطق غير
محددة ، تنتظر القارئ المناسب لملئها وتوجيهها وجهة تأويلية . والنص كما يقول
ايكو: يريد أن يترك للقارئ المبادرة التأويلية ، فهو في حاجة إلى مساعدة قارئ ما
لكي يعمل+([12]).
وهكذا اضطلعت نظرية القراءة وجماليات
الاستقبال أو التلقي بالدور المهم في الكشف عن سرّ خلود الأعمال الأدبية ، ذلك
السرّ الذي يكمن في الفرضية الجوهرية =تعدد المعاني+ الناجم عن عدم إحالة النص على
مشار إليه معين ، ويكون النص بذلك محاورا نشطا للقارئ ، ويكون هذا الأخير فاعلا
أساسيا في تنشيط النص للإيحاء بدلالات جديدة ومتغيّرة عبر تاريخ تأويلاته ، وهي
مقولة =بارت+ التي رفعها حين صرّح بأنّ =الأثر لا يخلد لكونه فرض معنى وحيدا على
أناس مختلفين ، وإنّما لكونه يوحي بمعان مختلفة لإنسان وحيد ، يتكلّم دائما اللغة
الرمزية نفسها خلال أزمنة متعددة+([13]).
فما دام القارئ قطبا مهما وأساسيا وحيويا
وفاعلا في عملية الإنتاج الأدبي ، فلا بدّ من تحديد مراحل القراءة أولا ، ثم تحديد
خصوصيات هذا القارئ المتلقي.
يميّز =ريفاتير+ بين
مرحلتين في القراءة :
المرحلة الأولى هي القراءة الاستكشافية التي لا
تتجاوز حدود المحاكاة حيث يتم فهم المعنى ، وتعتمد هذه القراءة على الكفاءة
اللغوية والكفاءة الأدبية .
والمرحلة الثانية هي القراءة الاسترجاعية أي
قراءة تأويلية ، والقارئ هنا يقارن ويجمع العبارات المتتالية والمختلفة ، والأثر
النهائي لهذه القراءة هو اجتلاء وحدة الدلالة الكامنة في النص+ ([14]). ويميّز =د.
محمد عبد المطلب+ بين نوعين آخرين من القراءة: قراءة صحيحة وأخرى غير صحيحة ،
والأخيرة يجب استبعادها من أفق الاحتمالات ، وأما الأولى فإنّ صحتها رهن بالتحرك
في ثلاث دوائر كما يقول بول هيرنادي :
ـ القراءة
الجمالية.
ـ الاسترجاعية
التفسيرية.
ـ القراءة التاريخية.
وكل قراءة هي أفق للقراءة التالية ، ومجرد حصر
القراءة في البنية النصية وحدها يؤدي إلى إغلاق النص كما هو عند البنيوين ، سواء
أكان الحصر خالصا للبناء الشكلي ، أم للناتج الدلالي. ومن ثم تكون القراءة الصحيحة
هي القراءة المفتوحة التي تسمح بتدفق ملاحظات المتلقي الموجهة للنص ، وذلك عكس
القراءة المغلقة ، لأنّها لا تسمح بمثل هذا التدفق([15]). وهو ذات ما يذهب إليه علي حرب
حين يقرّ بأنّ =شرط القراءة وعلّة وجودها أن تختلف عن النص الذي تقرأه وأن تكشف
فيه ما لا يكشفه بذاته أولم ينكشف فيه من قبل. وأما القراءة التي تقول ما يريد
المؤلّف قوله ، فلا مبرر لها أصلا ، لأن الأصل أولى منها ، ويغني عنها. ثم يميّز
بين أنواع للقراءة؛ فثمة قراءة تلغي النص ، تقابلها قراءة تلغي نفسها هي أشبه
باللا قراءة ، القراءة الميتة ، أما القراءة الحيّة ، فهي فاعلة منتجة ، في
الاختلاف عن النص وبه أوله+([16]).
على أنّ القراءة وإن ارتبطت بطور ما بعد
الإنتاج ، فإن المتلقي يرتبط بكل أطوار عملية الإنتاج الأدبي ، مما يجعله متعددا
متنوعا بدءا من المتلقي المطلق ، فالفعلي ، فالضمني ، فالمثالي ، ثم الكاتب
المتلقي الذي يؤدي دور المتلقي لنصه بعد إنتاجه ، على أن يكون هو أوّل متلق يقارب
نصه مقاربة قارئ بعد أن قاربه مقاربة منتج ، وبعد أن قارب من قبله مجموعة نصوص
أخرى لغيره استثمرها ليستخدمها في إنتاجه لنصوصه ونصه هذا . إلا أنّ هذا المنتج =ليس
متلقيا عاديا بسبب من وعيه السامي بأداة هذا الفن وسبل تعبئة نظامها لأداء أي من
وظائفها المختلفة وبخاصة الوظيفة الجمالية التي تميّز النص الأدبي وتمنحه أدبيته
بسيادتها فيه لسائر الوظائف الأخرى+([17]).
وإن كان بعض أنواع المتلقين هدف غير معلن في
عملية التواصل الأدبي ، إلا أنّه يشارك مشاركة فعالة في إنتاج النص ، بتحديده
لخيارات المنتج المؤلف من جهة كاللغة ، والجنس الأدبي ، والموضوع ـ فأنطوان شماس
الروائي الفلسطيني مثلا وضع في ذهنه متلقيا معينا وهو يؤلّف رواية عربيسك * وهو القارئ العبري لذلك أنتجها باللغة العبرية بدل العربية في
الظرف التاريخي الذي يعيشه الفلسطيني المتشبث بكل ما هو عربي أو بتحديد نية المنتج
ذاته من جهة أخرى ، الذي إنّما يبثّ نصه قاصدا به متلقيا ما يتلقاه =ويعجب به ، ويفيد
منه ، ويعجب من ثمّ بصاحبه فيتلقى نصوصه الأخرى السابقة والتالية لهذا النص ، ويتحوّل
بالتدريج إلى نصير لهذا المنتج يشتري كتبه ، أو يحضر محاضراته ، أو يتتبّع أخباره
ويلاحقه بضروب الإطراء والتشجيع(...) وهو بهذا يؤثّر في ناشره بشكل مباشر فيجعله
يقدّم شروطا أفضل للنشر ، ويقدم عوائد أسخى(...) إنّ هذا المتلقي هو طريق المنتج
إلى محراب الخلود..+([18]) ، هذا فضلا
عن متلقين من نوع آخر ، لهم ـ أيضا حظّهم من المشاركة وهم : الناشر ومستشاروه
الذين يشترطون شروطا معينة لينال المُنتَََج رضاهم فيسوّقونه للقراء. ثم المحكّمون
في لجان الجوائز ووسائل النشر الأخرى التي قد تروّج للمؤلف أوعليه. على أنّ النقاد
يعدّون أبرز المتلقين الذين يشاركون في عملية الإنتاج من خلال محاولة إرضاء أفق
انتظارهم أو تخييبه.
أما المتلقي الفعلي
العلني فيظهر في طور ما بعد الإنتاج ، ويمكن أن يكون =ناقدا بارزا ، أو مراجعا
للكتب أو صحفيا يلتقط الجديد في عالم النشر ، أو كاتبا ، أو ناشرا منافسا يبحث عن
كتاب ناجح ، أو محكّما في لجنة الجوائز أو سواها ، أو منتجا أومخرجا تلفزيونيا أو
سينمائيا ، أو مخرجا مسرحيا أو معدّا للبرامج الثقافية في وسائل الإعلام المسموعة
أو المرئية ، أو منشّطا ثقافيا في مركز ثقافي أو اجتماعي ، أو دارسا أكاديميا ، أو
مجرّد قارئ يبحث عن المتعة أو الفائدة+ ويمارس هذا المتلقي سلطة واسعة على المنتج
ومؤلفه ، حينما يثمّنه فيحفّز التفكير على تحويله من مجال إلى آخر كتحويله إلى عمل
مسرحي أو سينمائي ، أو تحفيزه على إصدار طبعات أخرى... فضلا عن التحفيز النفسي
الذي سيظهر في نتاجه اللاحق ، بل وحتى في حياته بجانبيها المادي والمعنوي ، كما
حدث مع (كولن ويلسون) عقب نشره لمؤلفه The outsider عام 1956 أو(د.م توماس) عقب نشر
روايته (الفندق الأبيض) The White hôtel عام 1981 ، أو بالعكس
حينما يرفضه فيحفّز من جديد مؤلفه على تطوير آلياته الإبداعية.
إن حسن التلقي هو=الكلمة السرّ التي يتطلّع
إليها كل منتج لتدخله إلى عالم الأضواء ، وفيما بعد في عالم الاستقرار النفسي
والمادي الذي يكفل له فرصة تحقيق ذاته ومقاومة الشرط الإنساني القاسي والتحايل على
الموت بعمر ثان وثالث ورابع لا يمنحه أيّا منها إلا المتلقي ، والمتلقي وحده فيما
يبدو ، لأنه هو القادر على أن يصل بعملية الإنتاج الأدبي إلى مداها الطبيعي عندما
يتيسر على يديه تحويل التجربة الفنية التي يجسّدها النص الأدبي إلى تجربة جمالية
غنية قادرة على أن تمنح المتعة والفائدة وهما آيتا النفس الخالدة لدى هوراس ، وشروط
استبقاء ربة الفن في جمهورية أفلاطون من قبله+([19]).
لذلك عدّ (ايزر) المتلقي عنصرا بالغ الأهمية ،
باعتباره طرفا ملازما للنص يتبادل معه علاقة التأثير والتأثّر ، فسعى معه إلى بناء
نظرية حول الأثر الذي يحدثه العمل الأدبي في المتلقي ، وأفرد له مؤلفا سماه بـ =القارئ الضمني+Le
lecteur Implicite 1972 ، وقبل أن يحدد ملامح القارئ الضمني الذي يقترحه فإنّه راح يصنّف القراء حسب
ما قدّمه باحثون آخرون إلى:
- القارئ النموذجي: L'archilecteur عند ريفاتير ، والمقصود به مجموعة
قراء يملكون قدرات مختلفة ويعملون جميعا على تلمّس الدرجة العليا من فك النص
باعتباره مظهرا أسلوبيا (البنيوية الشعرية).
ـ القارئ
الخبير: Le lecteur
informéعند فيش(fich) وهو الذي
ينبغي أن:
ـ يتكلم
بطلاقة اللغة التي كتب بها النص.
ـ يمتلك
معرفة دلالية كمستمع تمكّنه من الفهم.
ـ يمتلك قدرة أدبية.
ـ وقد اعتمد (فيش) في تطوير مفهوم القارئ الخبير
على النحو التوليدي.
القارئ المقصود : Le lecteur visé عند وولف Wolff وهو الفكرة كما تشكّلت في ذهن
الكاتب ، وهذه الصورة يمكن أن تأخذ عدّة أبعاد في النص (سوسيولوجيا الأدب).
ويطرح آيزر مختلف هذه النماذج ليخلص إلى ضرورة
تجاوز الأسلوبية البنيوية والنحو التوليدي وسوسيولوجيا الأدب إلى القارئ نفسه([20]).
ثم يميّز آيزر بين نوعين من القراء:
ـ القارئ
المعاصر Le lecteur
Contemporaine
ـ القارئ
المثالي Le lecteur
Idéal
فالقارئ المعاصر هو الذي يقوم بعملية القراءة
يباشرها ويحقّقها ، أما المثالي فهو متلق نموذجي متخيّل يفرضه النص ، وهو يملك نفس
سنن الكاتب حتى يتمكن من فك المعنى الكلي للعمل التخييلي.
والقارئ الضمني عنده يقع داخل النص ذاته ، فالنص
لايصبح متحققا إلا إذا قرئ في ظل شروط التحقق التي يقدمها النص لقارئه الضمني ، فشعرية
التلقي هنا مرهونة بسلطة النص التي تستدعي قارئا متسلحا بما يصطلح عليه آيزر=الذخيرة+
كي يتمكّن من خلق مرجعيات النص وإعادة إنتاجها وتشكيلها.
والتفت امبرتو ايكو في
كتابه =القارئ في الحكاية+([21]) ، إلى
القارئ النموذج (Lecteur Model) القادر على تحليل النص على النحو الذي افترضه المؤلف ، والحائز
على ذات الذخيرة التي قال بها ايزر؛ ذاك أنّ الكثير من النصوص قائم على مرجعيات
معرفية جد واسعة ما يجعلها مستعصية على قارئ عادي ، فهي بداهة تستدعي ركاما معرفيا
، وقدرة موسوعية جدّ متميزة تشتغل تفسيريا بنفس الدرجة التي يشتغل بها المؤلف
إبداعيا. والنص الأدبي في نظر(ايكو) غير مكتمل يحتاج إلى مساعدة القارئ من أجل
إتمامه=إن العمل الأدبي عمل مفتوح ، نسيج من فضاءات بيضاء ينبغي ملؤها ، إنّه
عبارة عن آلة كسولة أو مقتصدة ذات طابع اختزالي يحيا بما يقدمه القارئ من قراءات
ودلالات وما يملؤه من فضاءات بيضاء . ما من نص إلا ويحمل رسالة ما ، بمجرد انتقاله
من وظيفته التعليمية إلى الوظيفة الجمالية فإنّه يترك للقارئ المبادرة التأويلية ،
وكامل الحرية في فهمه وملئه (...) والقول إن المؤلّف يتوقع قارئه النموذجي لا يعني
أنّه يأمل في وجوده فقط ، بل أكثر من ذلك يعمل على تأسيسه داخل النص ذاته ، فالنص
عند (ايكو) لا يرتكز على قدرة المتلقي ، إنّه يخلق هذه القدرة+([22]). ثم يقول
بفكرة (تأهيل المتلقي) ؛ أي أنّ المؤلّف يعمد إلى تأهيل المتلقي بإمداده في نصه
المبدع بقدرات كيفية أو كمية ، أسلوبية أو مرجعية ، اجتماعية أو ثقافية.. تساعده
على استقبال النص ، وتؤهله لمتابعة أبعاده ودلالاته . إلا أنّ هذه الطبيعة
التكوينية للمتلقي التي يأملها المؤلف قد لا تتحقق في معظم الأحوال ، إما بسبب
التكوين المعرفي المحدود للمتلقي ، أو بسبب عتمة النص الناجمة عن درجات التكثيف ،
مما يحول دون قدرة المتلقي على استقباله فضلا عن المشاركة في إنتاجه.ومثل هذه
النصوص إنّما هي في حاجة إلى قارئ (فوق النموذجي أو المثالي) يمتلك أدوات الإضافة
المألوفة وغير المألوفة من شرح وتفسير وتأويل ، واستحضار للمرجعيات التاريخية
والأسطورية الفلسفية ، وقدرة على كشف الأقنعة والرموز حتى يمكن الوصول إلى الناتج
الذي يستريح إليه ، لكنها راحة مؤقتة ، لأنّها لا تقدّم اليقين بحال من الأحوال ،
وربّما لهذا كان (فاليري) يقول : =ليس هناك معنى حقيقي لنص ما+([23]).
وهذا يسلمنا إلى مقولة (ايكو) المتميزة في
التفاته إلى مفهوم النص المغلق Texte fermé والنص المفتوح Texte ouvert، وتقوم سمة
الانفتاح والانغلاق على قابلية النص للقراءات المتعددة والتأويلات المختلفة أو
العكس ؛ فالنص المغلق هو ذلك النص الغائم الدلالة ، والذي لا يمكن تأويله إلا من
طرف ذلك القارئ النموذجي الذي يقترحه النص نفسه والمحدّد بدقة ، ويتحدد أيضا هذا
الانغلاق بكونه نصا أحادي المعنى ، أي لا يحتمل إلا تفسيرا واحدا (كالنصوص العلمية
والقانونية) ، وقد يتحدد بالانغلاق التام وعدم القدرة المطلقة على استكناه دلالته.
أما النص المفتوح فهو القابل للقراءات المتعددة والتأويلات المختلفة ، إذ لا تتوقف
مجموعة التفسيرات التي تلاحقه. ويسمي بارت النص المغلق بنص القراءة والنص المفتوح
بنص الكتابة ، ذاك أن نص القراءة يعدّ لكي يقرأ معناه الثابت قراءة استهلاكية
سلبية ، أما نص الكتابة فيعدّ لكي نعيد كتابته وإنتاجه بعد استهلاكه ، فالحركة
الإنتاجية مع النص المغلق أحادية ، تبدأ من النص في اتجاه المتلقي دون أن ترتد من
المتلقي إلى النص ، بخلاف المفتوحة التي تبدأ من النص إلى المتلقي ثم ترتد منه إلى
النص لتفرز في النهاية نصا جديدا.
إنّ انفتاح النص وانغلاقه ، إنما يكون رهنا
بالمتلقي وقدراته الموازية التقانات للنص التي تتيح له استقبال النص في أفقه
الصحيح ، مما يحقق نوعا من الشعرية في التلقي؛ حوارية بين النص ومتلقيه تنبئ عن
تحقق التفاعل المنتج لأثر أدبي موازي ، وعندما يغيب المتلقي المؤهّل الذي يساوي
النص في طاقته الإنتاجية ينغلق النص المفتوح ، ولعلّ هذا هو الذي دفع واحدا من
متلقيي شعر أبي تمام لأن يسأله لم لا تقول ما يفهم؟ فردّ أبو تمام داعيا السائل
لأن يؤهّل نفسه لاستقبال النص ببذل جهد في الاستقبال يوازي جهد المبدع في الإنتاج
، أي امتلاك الكفاءة التي تتيح له أن يفتح المغلق قائلا : ولما لا تفهم ما يقال؟. والوقوف
على الناتج الدلالي مع قارئ ما لا يعطيه اليقينية لتنتهي كل قراءة عند حدوده ، وإنّما
هو ممهّد لما يليه من تأويلات ، فكل تأويل يتصل بما سبقه من التأويلات ويمهّد لما
يليه منها ، لتبقى القراءة أفقا لما يليها من قراءات ، ويبقى النص المفتوح معها في
تجدد مستمر عبر الزمان والمكان وأنواع المتلقين.
وتكون السلطة ها هنا للنص ، الذي يوجّه
تقاناته التعبيرية وأبنيته الأسلوبية وإحالاته المرجعية إلى قارئ محدد مهيأ
لاستقباله ، وحتى لايكون القارئ صدى للنصية ، وحتى تنفي عنه سمة السلبية التي قد
ينعت بها حين يكون بمثابة لوحة استقبال مهيأة للتجاوب مع النص ، أو مرآة عاكسة لما
في النص من صور ومعان يريد صاحب النص التعبير عنها ، فإنّ المبدع يحدث نوعا من
الفجوات في نصه ، مناطق صمت ومساحات بيضاء ويترك للقارئ حرية ملئها. هذا الفعل من
المبدع هو الذي يسهم في توقيع شعرية النص من جهة ، وشعرية التلقي من جهة أخرى ؛ حين ينقل إلى المتلقي سلطة الإبداع
فيتحول مع فعل القراءة وهو يكتب النص ثانية متكئا على ذخيرته في إنطاق الصوامت
وتسويد البياض واستنباط المسكوت عنه إلى باحث عن ذاته من خلال النص ، متجاوزا
سلبية المرايا القرائية العاكسة لما في النص من مفاهيم أراد المؤلّف التعبير عنها
إلى ايجابية تحويل النص إلى مرآة يتمرأى فيها قارئه ، مستنطقا ذاته مستكشفا فيها ،
استنطاقه واستكشافه في النص ، فتزدوج فاعليته حين يشتغل على ذاته وعلى النص في آن
واحد. يلتفت إلى ذلك (أيزر) محددا أن موقع القارئ =هو دائما داخل النص+([24]) ، يحقق بنيته ويسائله من أجل الكشف عن معناه من جهة ، وأكثر من ذلك فإنّ مظاهر
النص تسلمنا تصورا خاصا عن القارئ الذي سيكون من مهامه الإمساك بهذا التصوّر يقول
: =إن مظاهر النص لا تسلمنا أفقا دلاليا فحسب ، بل تسلمنا تصورا خاصا عن القارئ.
وسيكون من مهام القارئ الإمساك بهذا التصوّر لجعل الأفق الدلالي قادرا على
التأثير على الذات (...) والحاصل أن جهة نظر القارئ يجب أن تكون متضمنة في النص.
وأن المعنى لا يعدّ عنصرا مكونا للنص فحسب ، بل لا يتكون هو ذاته إلا من خلال النص
، وذلك لتمكين القارئ من الإمساك بجهة النظر هاته+ ([25]). وتحضر هنا أيضا لعبة تبادل
المواقع؛ فالنص تارة مستنطَق وتارة أخرى مستنطِق ، فهو وإن استنطقه القارئ عن
حقيقته ودلالته فإنّه بدوره يستنطق القارئ ويسائله عن هويته ، فمثله مثل =الجسد قد
يراود القارئ عن نفسه فيغريه ويفتح شهيته للكلام ، ويحرك رغبته في المعرفة فيلتذ
القارئ به ويشتاق إليه ، حتى يصبح النص بمثابة مرآة يرى فيها القارئ نفسه. كما
تسهم المرآة في عملية التماهي مع الذات واكتساب الهوية ، وتولّد ضربا من الشعور
النرجسي ، وكل تماه يخالطه عشق الذات والتذاذ بها. وهذه هي خاصية النص الجدير
بالقراءة : إنه لا يحمل في ذاته دلالة جاهزة ونهائية ، بل هو فضاء دلالي ، وإمكان
تأويلي. ولهذا فهو لا ينفصل عن قارئه ، ولا يتحقق دون مساهمة القارئ+([26]). هكذا تتدفق القراءات المتباينة
بحسب تباين مؤهلات القراء لتفتح النص على التعدد والاختلاف كاشفة احتمالاته
الممكنة ، وأبعاده المجهولة لتأويل الغامض والاقتراب من حقيقة القصد. على أن تحقّق
كل قراءة إمكانا دلاليا لم يتحقق من قبل ، حتى تسهم في تجديد النص الذي يملك في
ذاته هذه الإمكانية ، كاشفة على ما اصطلح عليه عبد القاهر الجرجاني (المعاني
الثواني) أو(معنى المعنى) *.
وإن كانت مقولة النص المفتوح ، تسلمنا إلى
مقولة القراءة المفتوحة باعتبارها إبداعا ثانيا على أنقاض النص الماثل ، فإنّها
تسلمنا ـ أيضا ـ إلى الحكم بالقيمية على النص الذي حجب معناه ، وآثر المخاتلة
والالتباس ، متقنّعا بالغنى والكثافة ، ما أدخله خانة الطليعية وأكسبه سمة الخلود . ذلك أن النص الهام هو تعددي لا أحادي ، وهو
مفتوح لا مغلق ، ويشكّل لغة فريدة داخل اللغة . إنّه ليس مجرد عاكس للمعنى بقدر ما
هو عالم من الدلالات ، متعدد الأبعاد ، مختلف السياقات ، متراكب الطبقات ، إنّه
ليس مجرد سطح لا بعد له ، بل هو وسط فكري وفتح
للمعنى ، ومولّد للحقيقة ، وهذا يعني أنّه لا يكفي في تعاملنا مع النص ، أن نقوم
بشرح مقاصده ، أو تأويل معناه ، بل يفترض أن نعالجه بطريقة جديدة ، وذلك باستنطاق
بداهاته ، والحفر في طبقاته ، وتفكيك أبنيته ، وكشف آلياته ، من أجل فضح بواطنه ، وتعرية
ألاعيبه في إخفاء ذاته وسلطاته+.
وهذه بعض قراءة المنهج
التفكيكي للنص =الذي جعل المعنى مفتاح إستراتجيته وقال بلا نهائية المعنى ، وباستحالة
المرجعية لأيّة سلطة خارجية ، وانتفاء وجود تفسيرات موثوقة ونهائية ، ليطلق المعنى
من معانيه ويحيله إلى اللا معنى ، فليست هناك بؤرة مركزية يتمحور حولها المعنى ، وإنّما
هناك لعب بالمدلولات ، وإنتاج للمعنى إلى غير نهاية ، ومن ثم نفي التفسير النهائي
للعمل الأدبي. وهكذا يبدو النص مفتوحا ، والدلالة لا نهائية ، وكل قراءة هي إساءة
قراءة وكل تفسير هو إساءة تفسير+.
إن شعرية التلقي لاتكمن في سلطة النص بوحدته
وتجانسه ، وإفصاحه وبيانه ، وما يقدّمه من أطروحات يعرّيها ويكشف عنها.. إنّما
تكمن في تباينه واختلافه ، اشتباهه والتباسه ، في حجبه ومخاتلته ، في اشتباك
دلالاته ، وتعدد مستوياته ، وتراكب طبقاته =بما يتأسس عليه ولا يقوله ، بما يضمره
ويسكت عنه. والنص يسكت ليس لأن مؤلفه ضنين بالحقيقة على غير أهلها ، ولا تقية من
سلطة يخشاها ، وإنّما لأنّ النص لا ينص بطبيعته على المراد ، ولأنّ الدال لا يدل
مباشرة على المدلول ، ومن هنا يتصف النص بالخداع والمخاتلة ، ويمارس آلياته في
الحجب والمحو أو في الكبت والاستبعاد (...) أي أنّه يخفي استراتيجياته ولا يفضي
بكل مدلولاته ، ومن هنا يقوم التعامل مع النص على كشف المحجوب والمستور ، فما
يحجبه القول هو الذي يجعل القراءة الكاشفة ممكنة. وكلّما ازداد الحجب ازداد إمكان
الكشف ، وتنوعت احتمالات القراءة ، فثمّة نصوص لاتستنفد قراءتها ، وهذه خاصية النص
الجيد+([27]). وكذا كان نص القرآن الكريم ولايزال ، وبعض
نصوص المتنبي وأبي نواس وأبي تمام ونزار قباني ومحمود درويش... وسائر النصوص
الطليعية الخالدة.
إلا أنّ نظرية القراءة والتأويل والهرمينوطيقا
الأدبية لا تقدّم آليات إجرائية ، وأدوات قرائية جاهزة وقابلة للتطبيق بشكل آلي
على المقروء ، وإنّما تسند ذلك إلى تجربة القارئ وثقافته وموهبته لتمنح لفعل
القراءة التنوّع والاختلاف والخصوصية ، فكل نشاط قرائي يفرز مغامرة تأويلية جديدة
، وهذه غاية ما تهدف إليه نظرية التأويل والقراءة شريطة أن تغاير القراءة المقروء
وتأتي فيه بالجديد كاشفة ما لم يكشف من قبل .
وإن كانت القراءة الشارحة تقوم على الكشف عن
دلالة النص ومراد مؤلّفه مركّزة على المعنى الذي يمكن احتواؤه ، جاعلة بذلك النص
أحادي المعنى والدلالة ، بإمكانيته الاحتواء والاختزال ، فإنّ القراءة المؤوّلة
وهي تستقصي المفهوم ، وتلتقط المعنى ومقاصد المؤلف ، وتفاضل بين وجوه الدلالة تبحث
عن المعنى الماورائي الضائع الثاوي خلف السطور ، مما يجعل التركيز كل التركيز على
القارئ الذي يقول كلّ ما يريد قوله ، مما يسهم في توسيع النص ، وربّما الخروج به
إلى معان جديدة مغايرة ، خاصة وأنّ النصوص الطليعية حريصة على حرية القارئ في
إنتاج المعنى. ومن هنا ينبثق الاختلاف والتعدد الذي يكون به الإبداع والتجديد ، فيؤكد
بذلك انفتاحية النص المقروء.
إنّ (ايزر) يقول بشعرية
أخرى للتلقي تنبني على فكره الفينومينولوجي
حيث يرى أن المتلقي وهو يتلقى النص بوعيه يحوّله إلى تجربة خاصة به ،
فالقراءة حوار جدلي بين مخزون تجربة المتلقي والتجربة الموضوعية المجسدة في النص ،
قائم على التفحّص والتأمّل بغية المعالجة والتكييف . يؤكد ذلك ما يقوم به القارئ
=من توفيق بين وجهات النظر المختلفة في النص القائمة في الكثير من الأحيان على
التناقضات من جهة ، أو باختياره لطرائق متباينة لملء الفراغات الكامنة وراء وجهات
النظر من جهة ثانية (..) فالقراءة في مفهومه تمنحنا الفرصة لصياغة ما ليس مصوغا+([28]). هكذا ينتقل القارئ ، بفعل التغيير
والتعديل الذين يحدثهما في النص المقروء حين يضفي عليه من وعيه وتجربته ومخزونه
الفكري إلى مبدع مواز ، فالمعنى النصي مع فعل القراءة يدخل في علاقة مع=سياق أكبر
، أي مع ذهن آخر ، مع منطقة أخرى ، مع موضوعة أوسع ، مع نظام قيم غريب+([29]) ، كما يقول كروسمان على
لسان إ.د.هيرش٭. وللتمثيل لهذا يلتفت روبرت كروسمان ـ في سعيه
للإجابة عن سؤاله المطروح : هل يصنع القراء المعنى؟ ـ إلى قصيدة ايزرا باوند التي
كتبها سنة 1914 والتي
أصبحت لاحقا أشهر قصيدة من سطرين في اللغة الإنجليزية:
ـ في
محطة المترو
ـ أشباح
هذه الوجوه الحاشدة
ـ تويجات
على غصن اسود مبتل([30]).
ـ ليحاول
تحديد معناها مع قراءات شتى متباينة كل التباين ، مركزا على الأثر الافتراضي وعلى
الاستجابات الأدبية الفعالة التي تتمتع عادة بالحرية والذاتية. فيجعل نفسه أوّل
المتلقين ، إذ يبدأ بشرحها شرحا سطحيا لا يتجاوز حدود المعنى المعجمي للكلمات ، ثم
سرعان ما ينتقل إلى التأويل بملء الفجوات والحذف والإضافات وإعادة الترتيب وتغيير
النص من الشعر إلى النثر ليجعله نصه هو ، ويسمي هذه العملية بالترجمة يقول : =...
أجعله نصي أنا من خلال الصور التي يجلبها إلى ذهني ، أو من خلال ذوبان هذه الصور
مع بعضها البعض أو حلول بعضها محلّ البعض الآخر أو وقوفها جنبا إلى جنب في مخيلتي+.
ثم يسترسل في بسط أنواع التأويلات المختلفة ، التي يتحكّم في تحديدها مخزون
التجربة الخاصة لكل قارئ وأفقه القرائي ، ليخلص إلى أن معانيها لا نهائية ، بل إنّ
صاحبها ايزرا باوند نفسه قد قدّم لها معان ثلاثة أو أربعة في كتابه (غوديير برزسكا
) ، بل إنّه في موقف آخر تخيّلها خالية من المعنى أساسا ، وهذا ما عدّه كروسمان ـ أيضا
ـ معنى خامسا يمكن إضافته إلى المعاني الأخرى ، هذا فضلا على عدد لا نهائي من
المعاني الذي يمكنه أن يتوصل إليها إذا أعمل فكره أكثر. ليخلص إلى نتيجة مفادها : =بما
أن إيجاد المعاني لقصيدة باوند يتكوّن من ترجمتها إلى كلمات ورموز أخرى ، وبنائها
في سياقاتنا الذهنية ، إذن ليس هناك شيء يدعى المعنى المحدد لقصيدة باوند ، ولا
حتى بالنسبة لباوند نفسه فعمليات الفهم هي كلها مسألة احتمالات ، وليست مسألة يقين+([31]).
أما عن المعنى أهو لسلطة النص أم لسلطة القارئ
، فيضرب كروسمان مثالا حيّا بعد أن يقرّ بأنّ القارئ ضروري لإنتاج المعنى ولكنّه
مقيّد بالنص ، كما أن الماء الساخن ضروري لطبخ الشاي ، ولكن مزيجا من أوراق الشاي
والماء ينتج الشاي فقط ، ولا ينتج القهوة أو الكاكاو ، وهذا مستندا إلى وجهة نظر
الفكرة القائلة بأنّ النص نفسه يعني شيئا ما وأنّ القارئ يستخرج هذا المعنى. وهذا
القول بأحادية المعنى أو بأنّ تأويلا صحيحا واحدا هو الممكن لأي نص أدبي ـ كما
يقول هيرش ـ يرفضه كروسمان ويردّه ليقول بتعددية التأويلات ، وأن القارئ هو صانع
المعنى ، وكذلك المؤلف حين يتحوّل إلى قارئ.
ويلعب عنصر الزمن ، دورا صميما في تحديد نوع
القراءة وتوجيه شعرية التلقي ، فلكلّ نص أفق إنتاج وأفق تلق ، وهذا الأفق هو الذي
يحدد آليات الانفتاح أوالانغلاق للنص وللقراءة معا ، فإن كان الإبداع فعلا فرديا
ذا سمات خصوصية متميزة فإنّ القراءة يحدّها عاملا الزمان والمكان بخصوصيتهما ، فكل
قراءة هي حصيلة رؤى تندرج في =نسق قيمي ومعياري وتصوري لجماعات اجتماعية معينة تجمعهم
علاقات تلقي أدبي وثقافي مشروطة بظروف تاريخية معطاة ، تجيب عن انتظارات جمهور
قارئ أو جماعات في مرحلة تاريخية معينة+([32]).
فلكل جماعة فكرية أفق انتظارها ، الذي يسطّر
ملامح عملية الإنتاج والتلقي الجمالية والشعرية ، ويربط رؤيتها التأويلية
والتفسيرية للمقروء بمصالحها الروحية والمادية والفنية. يقول يوس: =إن كل نص أدبي
يجب أن يقرأ ، لا بوصفه نتاج شخصية عبقرية ، وإنّما باعتباره إجابة عن أسئلة عصر
في علاقة بأفق الانتظار الذي هو من صميم بعثه+([33]).
فنظرة عجلى إلى مقومات الشعرية العربية ، ومعايير
الإبداع في العصر العباسي ، التي تقوم أساسا على مراعاة عمود الشعر العربي بكل
شروطه البنائية ، والموضوعاتية والبلاغية والموسيقية والأجناسية ، والتي تعدّ في
ذلك السياق التاريخي الأفق الشعري الذي يُقرأ ضمنه النص ، تسلمنا إلى فهم فكرة
انغلاق النص على معنى أحادي وسلطة المتكلم وقصديته للمعنى واحتكاره له ـ حسب بعض
النقاد ـ ليكون القارئ سلبيا لا يتجاوز جهده حدود البحث عن هذا المعنى المقصود ، فالجرجاني
في=دلائل الإعجاز+يؤكد على حضور سلطة المتكلّم وقصديته لأنّه هو الذي يحدد معاني
كلامه سلفا ، فهو مصدر الحقيقة. وهذا التركيز على مقصدية المتكلم إنّما كان لتكريس
فكرة الإعجاز القرآني التي كان يشتغل عليها ، ثم انسحب هذا التفكير على بعض
الظواهر الأدبية.
وهو ذات الأمر الذي نقف عليه مع هيرش ؛ حين
قال بواحدية المعنى أو وجود معنى محدد للنص يؤسس له سلفا المؤلف ، فقد كان محكوما
بمعايير زمنه بعد رؤيته للفوضوية السياسية في مهمة الدراسات الأدبية التي ذاعت في
زمنه ، بعد أن تعمّد النقاد إبعاد المؤلف الأصلي ثم اغتصبوا مكانه ، مما نجم عنه
بعض التشوشات النظرية التي سادت الساحة النقدية في تلك الفترة فبعد أن كان للنص
مؤلف واحد صار له مؤلفون كثر يتمتع كل منهم بسلطة تفوق سلطة النص ، لذلك يقرر هيرش=إما
أن يكون المعنى مطلقا ومفردا (المؤلف ═ الملك) وإما فإنّه غير موجود:
اذًا لا توجد صحة أو شرعية بدون سلطة المؤلف ، ولذلك يغيب المعنى وتسيطر الفوضوية
الشاملة على العالم+([34]). فالنص وحده عند هيرش لا ينتج
المعنى ، كما أن تأويلات القراء تختلف ، ويبقى المؤلف المصدر الوحيد للمعنى.
كما أنّ عودة إلى السياق التاريخي لنقدنا
القديم يبيّن لنا مدى حرص نقاد تلك الحقبة على احترام تقاليد الشعر العربي القديم
(عمود الشعر) ؛ فالتفاتة إلى قراءة الآمدي لشعر أبي تمام تبيّن سبب إقصائه لأبي
تمام من دائرة الفحولة الشعرية والتي حصرها في خروجه على تلك التقاليد من خلال
ثلاث سمات ميزت أسلوبه الشعري هي:
ـ إسرافه
في استخدام البديع حدّ التصنّع غير الفني.
ـ توخيه أساليب المجاز ولاسيما الاستعارة قصدا ،
حدّ مخالفة العرف التقليدي.
ـ اتصاف بعض معانيه بالغموض حدّ الاستعصاء على
الفهم([35]).
فالآدمي لم يقدم =قراءة في العناصر أو
المقومات التي تتآلف في تكوين الشعر الجديد مشكلة صورته العامة في محاولة لطرح
تصوّر كلي لمفهوم الجديد بعامة ثم جديد أبي تمام بخاصة ، إنّما سار في قراءة أبي
تمام (..) مستندا إلى العرف الذي تواضع عليه الرأي النقدي المتوارث في الغالب أي
تقاليد القصيدة العربية التي أوجزها في مصطلح (عمود الشعر) ناظرا في لغة أبي تمام
في حدود موافقتها لذلك العمود أو مخالفتها إيّاه من دون أن يخص سائر المقومات
الفنية الأخرى التي يتوافر عليها البيت الشعري+([36]).
ومن ثمة فقد صادر وحجر
على حق المؤلف في التحديث والتجديد ، لقد عدّ القديم منطلقا ينبغي على الجديد أن
يبدأ منه ، حتى إذا صار الشعراء صادرين عن ذلك القديم اتضح مدى التزامهم بقواعدية
اللغة العربية ودرجة انضباطهم في بنائهم الشعري فكان البحث في المعنى (السرقة) أشهر
ما أثير في هذا الاتجاه ، حتى إذا تبيّن مع عبد القاهر الجرجاني أن اللفظ والمعنى
يشكلان وحدة الدلالة في العمل الأدبي خفّت حدّة النظر إلى الشعر في ضوء هذه
الثنائية ( اللفظ / المعنى) أي
أن الأمر اتصل باللفظ في المرحلة التي اشتدّ فيها الصراع بين القديم والجديد حين
عدوا التقدّم في الزمن معيار مفاضلة ، وهو متصل بصفاء اللغة بوصفها فطرة ، وحين
اعترف للجديد المحدث بلغته صار النظر إلى المعنى من خلال درجة تناصه مع القديم في
الشكل أو المضمون هاجسا شغل النقد لمرحلة ليست بالقليلة ، وحين تعمّق مفهوم المعنى
ومفهوم اللفظ في إنتاج الدلالة بدأ الفهم البياني للصورة الشعرية يأخذ مجراه
النقدي مع عبد القاهر الجرجاني([37]).
نلاحظ أن القراءة كانت تتغير من فترة إلى أخرى
، على أنّ النص المقروء يقارب في حدود أفق الانتظار الزمانية والمكانية ذاتها
المتزامنة مع إنتاجه لتضفي عليه المشروعية أو عدمها بحسب ردود فعل القارئ التي لا
تتجاوز أن تكون كما صنّفها يوس إما رضا أو خيبة أوتغييرا . وتتحقق الأولى حين يرضي
النص أفق انتظار القارئ فيتماهى هذا الأخير معه فيتحقق الانسجام والرضا ، وتحضر
الثانية حين يحدث العكس؛ أي حين يصدم النص القارئ ويخيب أفق انتظاره. أما الثالثة
، فتنبني عليها شعرية الإبداع وشعرية التلقي؛ لأنّ التلقي معها يكون ايجابيا ففي
حالتها يستطيع النص تغيير أفق القارئ وتحويله من قيمة جمالية إلى أخرى ، فتسهم في
تطوير الفنون الأدبية وشعرية الإبداع ، كما ترتقي بالقارئ وتطوّر ذوقه وتجعله أكثر
شعرية في التلقي.
يرى وولف غانغ ايزر أن النص إذا كان يراهن على
جهة نظر متحركة للقارئ تساعده على الاستجابة والفهم والتأويل فلا بد أن يضمّنها
فيه ، ذاك أن =المعنى لا يعدّ عنصرا مكونا للنص فحسب ، بل لا يتكوّن هو ذاته إلا
من خلال النص ، وذلك لتمكين القارئ من الإمساك بجهة النظر هاته. فعندما يريد النص
أن يحدد جهة نظر القارئ استنادا إلى معاييره وقيمه ، فإنّ القارئ الذي لا يشترك في
الاسنن التي يتم إنتاجها ستعترضه صعوبات في الفهم ، فإذا كانت جهة نظر القارئ تأخذ
بعين الاعتبار مواقف جمهور محدد تاريخيا ، فإنّه لا يملك حيويته إلا من خلال إعادة
بناء تاريخي لجهات النظر التي كانت سائدة عند هذا الجمهور إلا إذا كنا لا نحيل على
جهة النظر هاته ، وفي هذه الحالة فإننا لا نقوم بتشكيل المعنى المتخيل ، بل نشيّد
إستراتيجية تمكننا من تحقيق هذه القصدية+([38]) ، ليقول
بفكرة القارئ التخييلي للنص ، وهذا ما بنيت عليه كل حركة تجديدية سواء على المستوى
البنائي أو الموضوعاتي أو الأجناسي ، فلم تكن محاولات أبي تمام وأبي نواس
والشعر الحر وشعر الموشحات والرواية في القرن 18 (الأولى بتجديدها على
المستوى البنائي والثانية على المستوى
الموضوعاتي ، والثالثة والرابعة على المستوى الإيقاعي ، والخامسة على المستوى
الأجناسي) تستمد شرعيتها من أيّة شعرية ، فقد كان عليها أن تعتمد فقط على حوارها
مع الجمهور ، مع
قارئ تخييلي يروم النص التأثير فيه تأثيرا ايجابيا حين يدفعه إلى التغيير تغيير
أفق انتظاره وتحويله من قيمة جمالية إلى أخرى ، سعيا وراء ترقيته وتطوير ذوقه
وتحديثه ، حين يدرك أنّ الأفق الذي يطرحه أمامه أوسع من ذلك الذي كان يتمتع به من
قبل ، ليبسط هذا الجديد ويؤسس لشعرية جديدة تستغرق ردحا من الزمن ، حتى تأتي بعد
أمد شعرية أخرى تزحزحها بذات الطريقة ليبقى الإبداع ناشدا للجديد .
ويشترط ايزر ليتحقق ذلك
أن يتموضع القارئ =ضمن منظور يستدعي عامة نفي الأفكار التي يدافع عنها+([39]) ، لأن تمركزه ضمن هذا
الإطار المحكوم بمعايير قارة ـ يستميت في الدفاع عنها ـ سيمنعه من رؤية جماليات
هذا الجديد وطاقته الإبداعية ، بل قد يجعله يحكم على من يسعى للتأسيس لشعرية جديدة
بأن شعره مجرد =أخطاء وإخلال وإحالات وأغاليط في المعاني والألفاظ+([40]) على حدّ
قول الآمدي في حكمه على شعر أبي تمام.
قائمة
المراجع:
1ـ أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي ، الموازنة
بين شعر أبي تمام والبحتري ، تحقيق السيد احمد الصقر ، دار المعارف ، ط2 ، القاهرة ، مصر1973م.
2 ـ
احمد بوحسن ، نظرية التلقي في النقد العربي الحديث ، نظرية التلقي إشكالات
وتطبيقات ، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، الرباط 1993.
3 ـ بشرى
موسى صالح ، نظرية التلقي ، أصول وتطبيقات ، المركز الثقافي العربي ط1 ، 2001 المغرب.
4 ـ حسام الخطيب ، اللغة
والبحث عن الهوية الضائعة : عربسك أنطوان شماس والذات الفلسطينية ، السفير بيروت 1988.
5 ـ محمد
ملياني ، تلقي النص الأدبي بين التأسيس والآفاق مجلة الموقف الأدبي ، اتحاد الكتاب
العرب دمشق ، ع 403 تشرين الثاني 2004
6 ـ محمد عبد المطلب ، النص
المفتوح والنص المغلق ، مجلة الموقف الأدبي اتحاد كتاب العرب بدمشق ، ع398 حزيران 2004.
7 ـ محمد عزام ، النص المفتوح التفكيك
أنموذجا ، مجلة الموقف الأدبي اتحاد الكتاب العرب ، ع398 حزيران 2004.
8 ـ
ناظم عودة ، نظرية التلقي ، جامعة بغداد 1996.
9 ـ
سماح رافع محمد ، الفينومينولوجيا عند هوسرل ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد
1991.
10 ـ
عبد القاهر الجرجاني ، دلائل الإعجاز ، قراءة شاكر ، الخانجي القاهرة 1984 .
11 ـ عبد النبي اصطيف ، النص الأدبي والمتلقي ، مجلة الموقف الأدبي اتحاد كتاب
العرب ع309 شباط 1997.
12 ـ عبد
القادر شرشار ، نظرية القراءة وتلقي النص الأدبي ، مجلة الموقف الأدبي ، اتحاد
الكتاب العرب ، ع 367 تشرين الأول2001.
13 ـ علي حرب ، نقد
النص ، المركز الثقافي العربي ط2 ، بيروت الدار
البيضاء ، 1995
14 ـ
علي آيت أوشان ، السياق والنص الشعري ـ من البنية إلى القراءة ـ دار الثقافة للنشر
والتوزيع ، الدار البيضاء ، ط1 ، 2000.
15ـ عمار بلحسن ، قراءة
القراءة ، مدخل سوسيولوجي ، مخبر التعبير الفني ، دفتر3 ، ج1 ، جامعة وهران ، 1992.
16 ـ
فولف غانغ أيزر ، الإدراك والتمثل وتشكل الذات القارئة ، ترجمة سعيد بن كراد ، علامات
ع17.
رولان بارت ، النقد والحقيقة ، ترجمة إبراهيم
الخطيب ، مجلة الكرمل ع11 سنة 1984
17ـ روبرت كروسمان ، هل يصنع القراء
المعنى؟ ت ـ مالك سليمان ، مجلة الموقف الأدبي ، اتحاد الكتاب العرب دمشق ، ع 304 آب 1996
18ـ رحمن غركان ،
مقومات عمود الشعر ، الأسلوبية في النظرية والتطبيق ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ،
2004.
ـ
20 Riffaterre ، Michael ، semiotics of poetry Indiana
University press Methuen 1978
ـ 21Umberto Eco; Lectoro in fabula. Le rôle de
lecteur.ed.Grasset. Paris 1985 ـt1 p٫puf ٫
Encyclopédie Philosophique Universelles
([17]) عبد النبي اصطيف ، النص
الأدبي والمتلقي ، مجلة الموقف الأدبي اتحاد كتاب العرب ع 309 شباط 1997.
* حسام
الخطيب ، اللغة والبحث عن الهوية الضائعة : عربسك أنطوان شماس والذات الفلسطينية السفير
بيروت 1988 ، ص10.
* يرى الجرجاني أن للنص مستويان دلاليان ، عبّر عن
الأول بالمعنى الأول وعن الثاني بالمعنى
الثاني أو المعنى الثواني ، ويقصد بالمعنى الأول =المفهوم من ظاهر اللفظ الذي تصل
إليه بغير واسطة ، وبمعنى المعنى : أن تعقل من اللفظ معنى ، ثم يفضي بك ذلك المعنى
إلى معنى آخر+. دلائل الإعجاز ، قراءة شاكر ، الخانجي بالقاهرة 1984 ، ص263.
([29]) روبرت
كروسمان ، هل يصنع القراء المعنى؟ ت مالك سليمان ، مجلة الموقف الأدبي ، اتحاد
الكتاب العرب دمشق ، ع 304 آب 1996 .
٭
روبرت كروسمان: مؤلف كتاب =قراءة
الفردوس المفقود+ عمل محاضرا في =وليام زكوليج+ و=ترينيتي كوليج+ و=جامعة تفتس+ صاحب
العديد من المقالات في النظرية الأدبية عن ملتون وجويس ونورمان ميلر. إ.د.هيرش
أكبر باحث أوروبي اشتغل على تعريف المعنى وربطه بقصد المؤلف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق