تحميل رواية سعار

بثينة العيسى
المؤسسة العربية للدراسات والنشر
2006
رواية تشعر خلالها فعلاً أنها ” سعار ” ، تلهث حتى النهاية ، القصة جميلة ، والاجمل قلم بثينة العيسى وأسلوبها المتأمل العميق ، جمال تصوير الشعور وعمقه ، رواية تستحق القراءة بحق.
سعار ... رواية لــ بثينة العيسي
فكرة الرواية تدور في مداراتها العامة حول طفلة غريبة الطباع ( مشروع كاتبة ) تحكي عن حيواتها وعلاقاتها مع الحياة والأهل والكتابة والأشخاص، في قالب حكواتي دقيق الملامح في التسجيل والرصد، ولكنها في المدى الضيق ، فكرة سعار كاتب لضم كاتبة صغيرة إلى قوافل نسائه ، و إذ هي ترفض ذلك دون زواج - رغم حبها العميق له وإيمانها الشديد به - يحاول أن يجبرها على ذلك محاولا اغتصابها " .
مقتطف من الرواية :
لو ضم ركبتيه لتقلص خوفه إلي النصف! كان متأكداً من فكرته كما لو أنه يتلقاها من حتمية مقدسة ولكنه لم يضمهما وأحس بحكة في ساقه ولكن لم يحكها كان خوفه أكبر من رغبته بالتعبير عن الخوف.. الشاخص في صمته بساقين مرتعشتين مثل كومة أسئلة بردانة لا يميز معالم المكان من حوله/ المكان الذي يزوره للمرة الأولي أو يتساءل علي أقل تقدير: ما معني هذا؟ .

لا يستطيع التفكير بالأمر ولا بغيره! خمس سنوات إذاًّ؟ خمس سنوات عجاف خمس سنوات باردات لماذا-إذاً- جري الأمور بهذا التسارع... الأن؟ وكأن الأمر محض تعويض للخواء الشاسع الذي اكتسح أيامه وماذا يعني- ياإله السماء- أنها جسورة بما يكفي لتطلب أن تراة؟ وهذا المكان... هل تجيء إليه كثيرا؟ إنه فارغ مقهي فارغ! يلائمها يلائمها أن تكون وحدها هي التي تشغل العالم (هكذا يفكر فيها) يلائمها أن تحلق خارج الفوضي التي تحدثها يلائمها أن تدهن يديها بالكريمات وتفكر بالأشياء التي بلا معني وتترك للأخرين لذة اختلاسها في أحاديث الليل الأخير...
يرسمها... تغطس في الأريكة البنية الفسيحة تستغرق بالتفكير بشكل يجعلها تبدو جميلة ومغلفة بالمغازي إنها جميلة! أصابعها دقيقة وشفتها وردية ورموشها... لا! لا يمكن أن يتوقف الأمر علي ذلك لي اللحم هو ما يمنحها السحر إنه الإحساس الفادح بالعمق العميق كالسر السراني كالغموض شيء من روحها يطفو فوق تلكم الأعين إنه لو جرب أن يشرط قسماتها منفصلة لوجدها بشعة! ولكنه الكل المهيب الذي يكونها هو ما يجعلها... جميلة! هي الكل المتكامل الذي لا يشبه سواه الفوضي التي يتساءل من أي أودية الأرض وبروج السماء تجمعت لتتمحض تلك الأنثي حاول أن يبحث في أفكاره عن امرأة تشبهها لم يعثر علي واحدة عثر علي مزيج نساء أعجبنه ذات يوم عقد غير متجانس يربط بين سعاد حسني وبرتني سبيرز وجميلة بوحيرد ومارغريت تاتشر وفكر... إنها ؟ امرأة تتحرك في جميع الجهات مثل السديم هذا هو السر إنها كثيرة بشكل يجعل من الصعب محاصرتها مثل لوحة تتمدد خارج البراويز تستطيل وتتقلص بمزاجية خارج كل ما يمكن أن تفترض من قوالب... انتابه تعب غريب كما لو أنه يركض.. إنه يتذكر كل شيء كل شيء! يتذكر أشياء لا تخطر علي البال الحلزون الذي كان ملتصقا بجذع الشجرة يوم تسلقا جبال مونتانا التلافيف البنية في قوقعته التواء العشب أسفل القوقعة يذكر كل هذا ولكن ماذا عنها؟ هل تذكر ذلك الحلزون؟ .
المفروض أنه ربيع أذار الشفيف ولكن لا قداسة للفرضيات في الكويت بدا الشارع وكأنه يجأر من التمدد الثقيل للظهيرة فوق ظهره فكر: لحسن الحظ أن الشمس باذختة السطوع هنا شيء يبرر ارتداء نظارات شمسية داكنة شيء يسمح للعشاق أن يتأملوا حبيباتهم دون أن تقتلع أعينهم.
ارتباكه يبث كهرباء فاضحة في المكان نظرات النادل تشي بذلك يكاد يقسم بأنه يسخر منه أن هذا الوجه المصمت يخفي أكثر النكات حموضة سرعان ما سيتحول المشهد إلي حكاية تنتقل في السديم الإلكتروني نكتة عن شاب يأتي لموعده مع امرأة (خاصة وأنها جميلة) ببقع ماء تحت إبطيه سينشرها بالبساطة الكريهة التي تجري بها الأشياء هذه الأيام كم يشعر بالضعف! وكأنه جاء إلي هنا بالضبط لكي يتصارع مع العالم مع امرأة تملك العالم! لو كان هو من قرر مكان اللقاء لجاء الموقف أكثر بساطة ولكنه لن يكون سهلا علي أي حال كان كم يلعب علي أرض خصمه وتساءل- بغباء- تري ... أي فريق تشجع؟.
“أتدري أين المشكلة ؟ المشكلة أنني أتذكر كل شيء! كل التفاصيل غير الحميمة : القبح والقيء و الهراء البشريّ ، أتنشق النتانة المتصاعدة، رائحة آمالٍ فطست وجثث حمائم متعفنة مركونة في زوايانا القصية، تلك البعيدة، تلك الباردة .. إجراءات السلامة تتكرر كالتراتيل المقدسة، توشوشُ في آذاننا بأن الحياة غالية ، والموت بسيط ! أفكر : إذا قرر الموت أن يجيء فليعضّ على خاصرتي أولاً !”.
“يجب أن ينتظرها في مكان تكون فيه وحدها ، وحدها تماماً يُحييها كما يليقُ بِشوقهِ وكما يليقُ بسحرها”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق