عائشة تنزل إلى العالم السفلي
بثينة العيسى
عن هذا الكتاب:
أنا عائشة سأموتُ خلال سبعةِ أيّام وحتى ذلك الحين قرّرتُ أن أكتب لا أعرف كيف يفترض بالكتابة أن تبدأ، الأرجح من مكانٍ كهذا.. حيث يورقُ كلّ شيءٍ بالشك تبدو الكتابة وكأنّها الشيءُ الوحيدُ الذي أستطيع فعله .
أريدُ أن أضع نقطةً أخيرة في السّطر الأخير، قبل أن يبتلعني الغياب لقد قررتُ أن تكون أيامي الأخيرة على هذه الشاكلة. أقصد: على شاكلة الكتابة. الكلمةُ كائنٌ هشٌ ومتهافت، إنها تشبهني. وأنا.. في أيامي الأخيرة، أريد أن أشبهني بقدر ما أستطيع. إنني أفعلُ ذلك من أجلي. هذه الأوراق، هذه الكتابة، هذا الجرحُ: لي أنا.
هذه الكتابة ليست توثيقاً لحياتي. ما فات لم يكن جديراً بالاهتمام، كل شيءٍ سبق وانتهى، وهذه الكتابة لا تفضي إلى مكان، ولا أعتقد بأنني قد عشتُ حياةً تستحق أن تؤرّخ. إنني أكتبُ لكي أكون واضحةً معي، وحيدةً معي، مليئة بي. هذه الكتابة لا تداوي، بل تُميت. الموتُ جيّد، وأنا أريده من كلّ قلبي .

سوف يحين موتي قريبا و ستكون لي تلك الهيئة العدمية البيضاء القطن في المنخارين في الفم في الأذنين .. في كل ثقب يمكن أن يكون جسد محشو بالبياض . تساءلت يومها لماذا يدسون القطن في كل مكان تصله ايديهم ؟ كنت أتساءل و أنا واقفة أمام جسمانه الصغير إلى حد الفجيعة الصغير بما يتناقض مع فكرة النهايات و القبور و الرحيل قالوا لي يومها بأنني استطيع أن أدخل لأراه لمرة أخيرة دخلت لم تكن المرة الأخيرة كل أحلامي و كوابيسي تحمل وجهه .
ماذا عساي أن أقول أكثر ؟
لقد مات ولدي أيها العالم .
هذه كتابة واهنة و مريضة .. لا أستطيع التأصيل لسؤالها و لا سبر أغوارها . هذه كتابة لا تعرف لأي غرض اجتيحت حروفها و بعثرت و تطايرت مثل دموع من زجاج .. و لكنها – مع ذلك – تبدو فطرية جدا و ربما وحشية و استجلالها ليس عسيرا و كأنها كانت تنتظرني على الدوام .
إنني أكتب تلويحات الغريق . و في الوقت ذاته اجد روحي مشدوهة امام فداحة المشهد و عمق السؤال : ترى .. لماذا يلوح الغريق بيديه ؟.
الغريق الذي وضعوه في كيس و قيدوا قدميه بحجر و القوه على عمق الالاف الامتار من الماء و الملح حيث الظلمات سوداء مشعة .. هذا الغريق ، غريقي أنا ، لماذا يلوح و لمن يلوح ؟ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق