أشخاص حول القذافي
عبد الرحمن شلقم
يناير(كانون الثاني) 2012
دار الفرجاني للنشر والتوزيع، ودار مدارك للنشر
نبدة عن المحتوى :
شكلت شخصية عبد الرحمن شلقم مسار الثورة الليبية. الكلمات التي ألقاها على مجلس الأمن كانت الضربة الأساسية التي تلقاها نظام القذافي، على أثرها تدخل "الناتو"، لدك حصون القذافي وكتائبه، فكانت النهاية.
لعب شلقم خلال سنة أدواراً شكّلت تاريخ ..... الحالي. صحيح أنه ليس الوحيد الذي كان بالفضاء الثوري ضد النظام الليبي السابق، غير أنه الأكثر فهماً للقذافي ولآلية تفكير القذافي. كان هذا هو عنصر التفوق الذي كسر به طغيان القذافي ضد الشعب الليبي.
في كتابه الصادر حديثاً: "أشخاص حول القذافي"، يسرد تفاصيل حضور سبعة وثلاثين شخصاً بجوار القذافي، كانت تلك الأسماء هي الدولة وهي الأمن وهي الاستخبارات، كانت طبخة القذافي التي رعاها بنفسه. طغاة وضباط وسفراء وأدباء وشعراء، إنهم الأشخاص الذين أحاطوا بالقذافي، وهم الذين أدار بهم مصالحه وحكم بهم الشعب الليبي. يحاول شلقم ـ كما يقول في الكتاب ـ أن يجيب عن السؤال الأهم: كيف تمكن القذافي من حكم ..... كل هذه السنوات؟! هل القذافي داهية؟! هل كان القذافي سياسياً محنكاً؟! لماذا لم يستطع أحد هزّ حكم القذافي قبل الثورة الليبية؟!
يقول في الكتاب إن القذافي: "امتلك قدرةً استثنائية على تشخيص طبائع الناس، وتشريح نفسياتهم، وجسّ أحاسيسهم، وقياس قدراتهم، وبالتالي أين يضع كل واحد. يضع له خارطةً خاصةً للتعامل، ومساحة الهامش، وحجم الصلاحية، وطبقة الصوت التي يتحدث بها إلى كل فرد، كان يتسامح أو يفتعل التسامح، يتشدد متظاهراً أو جاداً، يقرّب بقدر، أو يفعل النقيض بالحسابات نفسها، وهكذا تمكّن ولسنواتٍ طويلة أن يوظّفهم جميعاًُ بالفاعلية نفسها وإن كانوا في مواقع شتى ولأغراضٍ متباينة، وكثيراً ما تكون متناقضة وقد رأيتُ من الأشياء الضرورية، استعراض هؤلاء الأشخاص وملامسة مكوناتهم".
قال أبو عبدالله غفر الله له: في آخر الكتاب وضع نفسه ضمن الأشخاص الذين مع القذافي، ووجه أسئلةً لنفسه، عن مواقفه من القذافي، وعن سبب بقائه سنواتٍ طويلة مع القذافي إذا كان يعلم عنه كل هذا الطغيان والفجور، وكان الفصل الذي كتبه عن نفسه من أكثر مواضيع الكتاب صراحةً، أن يحاسب شلقم نفسه، لماذا بقي هو مع القذافي؟ ثم يفصّل مسألة الثروة التي تداولها الناس عنه، ومن أين جاء ببيته ومزرعته، ويتحدث عن مكتبته.
لغز القذافي بيد شلقم كشف بعضه، ووعد بصدور كتابٍ آخر اسمه: "سنواتٍ مع القذافي". إنها حقبة ساخنة من تاريخ ..... لابد من تناولها وتوثيقها بقوةٍ وشجاعة. وهذا ما قام به شلقم في هذا الكتاب.
“كانت تلك الأيام السرتاوية حِبْرا فَريدا وورقا بلا سطور.. نخط عليه حروفا بلا هويّة أو اتجاه.. رحلت معنا الذكريات… بلا ملامح.. إنها أصوات بلا أصداء، كلما أحاول العودة إليها كي استجمع منها ما يمكن أن يُصاغ أجدني أمام غابة بلا أشجار لا تُفيد حاطبا، ولا تُعطي ظلا لمن لَفحته رِياح القبلي، كُنّا جَميعا كائنات بلا وجوه.. وبلا اتجاه”.
هكذا وصف مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم أيامهم في “سرت” المدينة الإداريّة آنذاك، في كتابه الجديد “أشخاص حول القذافي” الذي تنشره دار مدارك للنشر ودار الفرجاني، وهو كتاب أول يُقَدِّم لكتابين آخرين، من مذكرات شلقم.
لو شئتّ أن تصف بكلماته السرتاوية، كل الوُجوه الموجودة في هذا الكتاب، وغالب تفاصيلهم، لك ذلك. هم قرابة الأربعين اسما جمعتهم دفتا الكتاب، كما جمعهم العَمل مع القذافي، اختار شلقم أن يلمهم جميعا في عنوان مانع جامع “أشخاص حول القذافي”، برّر اختيار لفظ “أشخاص” بأن اللفظ يجوز للذكر والأنثى، والخيّر والشرير، والبر والفاجر، ولا ينطوي على مدح أو قدح.
شلقم يصدر "أشخاص حول القذافي"
الجزيرة نت - محمد الأصفر | كاتب ليبي :
يقدم عبد الرحمن شلقم في كتابه "أشخاص حول القذافي" الكثير من المعلومات والخفايا الخاصة بالشخصيات القريبة من العقيد الراحل معمر القذافي مراعيا من خلال سرده وحديثه عنها مدى علاقته وقربه وصداقته لها، فمنهم من يقدمه بصورة سيئة جدا، ومنهم من يحاول أن يبحث له في تاريخه الطويل في خدمة العقيد عن بقعة ضوء.
![]() |
عبد الرحمن شلقم تولى عدة مناصب رفيعة في عهد معمر القذافي (الجزيرة) |
لكن العامل المشترك الذي أسقطه شلقم على كل هذه الشخصيات هو إدانتهم لاستمرارهم مع النظام المنهار إلى آخر يوم فيه وعدم انضمامهم للثورة مبكرا كما فعل هو، مستجيبا لنداء الخير في قلبه، ليتحول إلى كلمات مؤثرة يلقيها في هيئة الأمم المتحدة ليصدر القرار الأممي القاضي بحماية الليبيين العزل.
شخصيات متعددة
المندوب السابق لنظام القذافي بالأمم المتحدة، الذي تقلد في عهد القذافي العديد من المناصب الرفيعة تمكن طوال عقود من الوجود قرب الخيمة وباب العزيزية، مقر القذافي حيث تتخذ الكثير من القرارات.
يتناول شلقم في الكتاب الكثير من الشخصيات التي أرهبت الشعب الليبي وسرقت أمواله وحاولت إذلاله وقهره، وشخصيات أخرى كان معمر يحركها مثل الرسوم المتحركة. ويمكنك أن تقرأ فيه معلومات عن عدة شخصيات معروفة كان الحديث عنها في وقت من الأوقات من المحظورات منها عبد الله السنوسي، ورمضان بشير، ومفتاح كعيبة، وموسى كوسا، ومحمد بالقاسم الزوي، وسليمان الشحومي، وإبراهيم الغويل، وأبوزيد دورده، وأحمد قذاف الدم وفوزية شلابي وغيرهم.
ويتحدث أيضا عن البغدادي المحمودي الذي قسم نشاطه إلى ثلاثة أدوار: بغدادي الصباح -القذافي حيث يقوم بعمله في مكتبه ويتلقى الأوامر من القذافي ومدير مكتبه، وبغدادي بعد الظهر -المقرحي حيث يلتقيه عبد الله السنوسي، وبعدها بغدادي الليل التونسي حيث يتفرغ لأموره الخاصة.
ويضج الكتاب بتفاصيل عن الحياة الخاصة لبعض الشخصيات مثل فوزية شلابي، التي تطرق إلى قصة زواجها من أربع رجال بالتفصيل مبرزا دور أمها السيدة صالحة في كل قرارات الزواج التي تتخذها فوزية.
كما تناول بعض الفضائح والجرائم التي ارتكبها القذافي داخل خيمته وخارجها، وجرائم أخرى ارتكبت في ثكنة باب العزيزية مثل سحل عسكريين من حراس القذافي السابقين هما خشيبة والغناي اللذين أرادا أن ينتقما من القذافي لأنه انتهك حرمة بيتيهما في غيابهما وصارت الألسنة تلوكهما.
ويشير شلقم إلى أن عبد الله السنوسي أمر بالقبض عليهما ووضعهما أمام فصيل من الجنود. وأمر الجنود بطعنهما بالحراب ثم ربطهما بسيارتين وجعل السيارتين تسيران كل واحدة في اتجاه لينفصل كل جسد إلى شقين على طريقة نهاية رواية "التبر" لإبراهيم الكوني.
"يطرح شلقم على نفسه عدة أسئلة على لسان القارئ من ضمنها لماذا استمر 42 عاما مع القذافي على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب الليبي "
حديث عن الذات الكتاب يفكك منظومة السلطة لدى القذافي منذ أن بدأ تأسيس خلاياه السرية في سبها ومصراتة، وفي آخر فصل منه يتحدث عبد الرحمن شلقم عن نفسه ببعض الشفافية حيث يخاطب نفسه بعبارة: "وأنت يا فالح"، ويقصد بذلك أنه بعد أن شرّح معظم الشخصيات القريبة من القذافي غائصا في أعماقها متحدثا عن تكويناتها النفسية والسياسية والاجتماعية حسب وجهة نظره قد جاء دوره هو أيضا ليقدم نفسه للقارئ.
ويتحدث شلقم عن ثروته وبيته، الذي كان يسكنه سابقا ولي عهد ليبيا الحسن الرضا وعن مزرعته التي اشتراها من زميله في حكومات القذافي محمد بالقاسم الزوي، وكذلك الأسباب التي جعلت القذافي يختاره دائما ليكون قريبا منه عبر تكليفه بالعديد من المناصب الإعلامية والدبلوماسية المهمة.
كما يحاول أن يطرح على نفسه عدة أسئلة على لسان القارئ، من ضمنها لماذا استمر 42 عاما مع القذافي على الرغم من كل الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب الليبي والعالم، ورغم من معرفة شلقم بالمناخ الفاسد الذي يسير السياسة الليبية داخليا وخارجيا.
وفي ذلك يقول شلقم: "أينما عملت كنت أمارس عملي على طريقة التكنوقراط، كنت دائما أقوم بتفكيك الملفات المعقدة التي أعتبرها ألغاما، أدرك القذافي أنه لا طموح سياسي لدي وأن اهتمامي الأول والأخير هو الأدب والثقافة، في أحيان كثيرة عندما ينتهي لقائي معه أطلب منه إعفائي من وزارة الخارجية، يقول معلقا: طبعا نفس الأسطوانة، تريد أن تتفرغ للقراءة والكتابة".
ويعرج شلقم في موضع آخر على ثروة أخرى يملكها: "الثروة التي أمتلكها وكانت الأجمل في حياتي هي مكتبتي التي ضمت 23846 كتابا، منها مخطوطات نادرة وكذلك لوحات فنية وتحف، نهبت على يد كتائب القذافي ولم يبق منها ورقة واحدة كان مصيرها مثل كل شيء في البيت، وكل ما امتلكناه لا يساوي قطرة دم من شهيد، فالشهداء أفضل منا جميعا".
ردود منتظرة
الكتاب سيثير جدلا وصدامات مع شلقم من قبل الشخصيات التي تناولها. وقد تكون هناك الكثير من الردود وربما الكتب، كل شخصية سوف تقوم بالدفاع عن نفسها وطرح مبرراتها على طريقة شلقم في كتابه هذا.
ويعبر "رجال حول القذافي" عن وجهة نظر واحدة تتعلق بعدد من رموز عهد القذافي بمن فيهم الكاتب نفسه، ممن واكبوا مسيرة القذافي وطغيانه. وقد ألفه شلقم في حالة نصر ونشوة وأمان، بعيدا عن أي خطر قد يهدده، فهو مقيم حاليا في أميركا وليس في ليبيا.
وربما سيكون الرد على ما ورد فيه فيضا من المؤلفات من قبل أنصار القذافي ووزرائه ومعاونيه وشركائه، في محاولة لتبرئة أنفسهم، والتنصل من عبادتهم للقذافي لكنها بالتأكيد ستأتي بعد فوات الأوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق