الاثنين، 6 مارس 2017

لغة الشعر عند ابن الفارض، قصيدة (نظم السلوك) أنموذجاً ...


لغة الشعر عند ابن الفارض، قصيدة (نظم السلوك) أنموذجاً

أ.م.د. حربي نعيم محمد الشبلي 

الـبـاحـث . أحمد سالم عبيد الشمري 

جامعة كربلاء / كلية التربية للعلوم الإنسانية

العدد/ 25 مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية / جامعة بابل شباط / 2016 م - ص ص 203 - 217 :

Poetic Diction in Ibn Al-Faridh – "Behaviour Organization" as a 
Sample Poem 

Asst. Prof. Dr. Harbi Na'eem Mohammad Al-Shibli 

Researcher. Ahmed Salim Ubaid Al-Shimmari
 
University of Kerbela / College of Education for Human

Sciences ahamry99@gmail.com aabbccbb197144@hotmail.com 

Abstract 

  This research deals with the poetic diction in Ibn Al-Faridh's poem "Behaviour Organization". Ibn Al-Faridh is one of the greatest sophist poets and his printed divan is a source for the divine knowledge. His poem "Behaviour Organization" is one of the best divine love anthem. The research consists of three sections and an introduction. The introduction involves a brief biography of Ibn Al-Faridh. The first section deals with the words which are dominant in his poetry. The second deals with how the poet constructs a poetic line whereas the third deals with the rhythm and musicality of the poem. The results are shown in the conclusion.

الـخلاصـة:

  تناول هذا البحث لغة الشعر في قصيدة(نظم السلوك) للشاعر ابن الفارض، وهو شاعر من أكابر الشعراء الصوفية وأبرزهم بلا منازع، وله ديوان شعر مطبوع يعد من عيون المعارف والحقائق الإلهية، وقصيدته (نظم السلوك) هي من أفضل أناشيد المحبة الإلهية. وأنقسم هذا البحث على ثلاثة مباحث سبقت بتمهيد، اختص التمهيد بعرض نبذه موجزة عن سيرة ابن الفارض ومفهوم لغة الشعر، أما المبحث الأول فتناول دراسة الألفاظ السائدة لدى الشاعر في قصيدة نظم السلوك، في حين عرض المبحث الثاني كيفية صياغة الشاعر لجملة الشعرية. أما المبحث الثالث فقد اختص بدراسة المستوى الإيقاعي والوقوف على تقنيات الموسيقى لديه، وفي الخاتمة عرض البحث أبرز النتائج التي توصل إليها.

المــقــدمـة:
تمتلك لغة الشعر أهمية بالغة في الدراسات النقدية، لكونها تمثل حلقة وصل مهمة بين القديم والحديث في علوم العربية بوصفها جامعة لعلوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد الادبي، فضلاً عن انها الوسيلة التي يعبر بها الشاعر عن تجربته الشعرية أياً كان موضوعها. وهذا ما دفعنا لدراسة لغة شعر ابن الفارض في قصيدته نظم السلوك.
وتبعاً لمقتضيات الموضوع فقد ضم البحث تمهيداً وثلاثة مباحث. اختص التمهيد بعرض موجز عن حياة الشاعر ومفهوم لغة الشعر. وتناول المبحث الاول دراسة الالفاظ السائدة لدى الشاعر في قصيدة نظم السلوك تحت حقول دلالية مختلفة. في حين عرض المبحث الثاني كيفية صياغة الشاعر لجمله الشعرية من خلال الحديث عن ابرز الاساليب التي وظفها لنقل تجربته الشعرية. أما المبحث الثالث فقد اختص بدراسة المستوى الايقاعي والوقوف على تقنيات الموسيقى لديه، ومدى التزامه بالموروث فيها. ومن ثم الوقوف في الخاتمة على أبرز النتائج التي توصل إليها البحث.
الـتمـهـيـد
1    نــبــذة مـن سـيرة ابن الفـارض:
اسمه و لقبه:
يتّفق المترجمون على أنّ اسمه عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي وكنيته أبو حفص و أبو القاسم، وينعت بشرف الدين ويعرف بابن الفارض(1). لقد ذكر حول لقبه بابن الفارض: ((الفارض: بفتح الفاء وبعد الألف راء مفتوحة وبعدها ضاد معجمة، وهو الذي يكتب الفروض للنساء على الرجال))(2)، وأنّ أبا الشاعر كان يقوم بإثبات هذه الفروض فغلب عليه التلقيب بالفارض وعرف ابنه بابن الفارض(3). 
مــولــده:
اختلفت الآراء حول مولد ابن الفارض فقد قال ابن خلكان: ((كانت ولادته في الرابع من ذي القعدة سنة ست وسبعين وخمسمائة (576 هـ) بالقاهرة))(4).ويرى ابن العماد بأنّه ((ولد في ذي القعدة سنة ست وستين وخمسمائة (566 هـ)))(5). أما مصطفى حلمي الذي بحث كثيراً في هذا الموضوع فكانت وجهة نظره بهذه الصورة: ((هذا كله من شأنه أن يسلمنا الى نتيجة نهائية، هي أننا نرجح التاريخ الأول وهو ما يذكره ابن خلكان، وذلك لأنّ ابن خلكان، بحكم معاصرته لابن الفارض يمكن أن يعدّ أوثق مصدر في هذه المسألة، وأكثر تحقيقاً لها من غيره))(6). 
أصله و موطنه:
أجمع الذين ترجموا لابن الفارض على أنّه حموي الأصل، مصري المولد والدار والوفاة(7). كذلك اجمعوا بأنه ((ولد بمصر، ونشأ فيها، وترعرع في ظلّها، وأقام الشطر الأكبر من حياته بها، ودفن بأرضها، فهو مصري في مولده، مصري في نشأته وتربيته، مصري في حياته ومماته))(8). 
أبــوه:
فقد ذكر المترجمون عن والد ابن الفارض أنّه من أكابر علماء مصر و يلزم ولده (الشيخ رضي الله عنه) بالجلوس معه في مجالس الحکم و مدارس العلم(9). ورفض منصب قاضي القضاة واعتزل الناس، وانقطع الى الله في قاعة الخطابة بالأزهر(10). 
فلذا نستطيع القول بأنّ والد ابن الفارض قد شارك في بيئته العلمية والأدبية، فقد أمضى ابن الفارض المرحلة الأولى من عمره تحت إشراف والده وتثقّف عنده كما تأثّر في حياته الفكرية والروحية تأثراً عميقاً بنسك وتقشّف والده ورفضه لمنصب قاضي القضاة من قبل الملك العزيز. حيث يقول مصطفى حلمي: ((نلاحظ هنا أنّ هذه النزعة إلى الزهد في جاه المنصب لابدّ أن يكون لها أثرها في حياة ابن الفارض نفسه، وأن يكون أبوه هو الذي ألقى بذورها في قلبه، هذه البذور التي نمت وأينعت فكانت لها الثمرات التي أثّرت في أطوار حياة ابن الفارض لاسيما الطور الأول منها))(11). 
وفـاتـه:
لقد اتّفق جميع المترجمون على أنّه توفي في الثاني من جمادی الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة (632 هـ) ودفن بالقرافة بسفح جبل المقطم عند مجرى السيل تحت المسجد المعروف بالعارض(12).
2 في مفهوم لغة الشعر:
إنّ اللغة وسيلة يعتمدها الشاعر في الإفصاح عن تجربة شعورية معينة يسعى من خلالها إلى الولوج في أعماق الذات الإنسانية، وقد عرّفها ابن جني(ت392ﻫ) بأنّها)):أصوات يعبّر بها كلّ قوم عن أغراضهم))(13). فهي ظاهرة متصلة بالوجود الإنساني لأي مجتمع من المجتمعات؛ لأنّها تعبر عن حاجة الأقوام والمجتمعات المختلفة في حلها وترحالها. فهي الوسيلة التي يعبر بها الشاعر عن تجربته الشعرية أياً كان موضوعها، ويكمن سر الجمال فيها في قدرة الشاعر على استخدامها استخداماً فنياً بحيث تكون اللغة شكلاً من أشكال الإنتاج الذي يعبر به الشاعر عن واقع حاله وعمّا يجول في وجدانه من انفعالات متنوعة , فيعبر عن تلك الانفعالات بطريقته الخاصة مما يكسبها تفرداً وخصوصية إذ يعبر عنها بلغته هو ويضع عليها بصماته الخاصة(14).
أمّا في الشعر فهي شيء آخر، لأنها((تصبح لدى الشاعر وسيلة للتعبير، موسيقاه والوانه وفكره ومادته التي سوى منها كائناً ذا ملامح وسمات... كائناً ذا نبض وحركة وحياة))(15)، والشعر بوصفه صناعة، مادته الأساسية هي اللغة فهو يعد كياناً حياً تشع منه انفعالات الشاعر المعبرة عن تجربته الشعرية وذاته الشاعرة ((ذلك أنّ لكل شاعر ذاتيته الخاصة به، ومن مهمات الشاعر أن يبتكر اللغة التي تستطيع أن تعبرعن ذاتيته ومشاعره))(16)
وممّا يكسب الكلمة جمالها وصفتها الشعريّة أنّ الشاعر يفرغها من معانيها الشائعة والمألوفة، ويملؤها بمعاني جديدة تخرجها من إطارها الاعتيادي ودلالتها الشائعة(17).
وممّا يميّز لغة الشعر عن اللغة الاعتيادية ما يتمثّل بالجانب الإيقاعيّ، فهو((الخاصّيّة المميّزة للقول الشعريّ والمبدأ المنظّم للغته))(18)، فهوحسب رأي أدونيس((أشمل وأوسع من الوزن... لأنّ الإيقاع نبع، والوزن مجرى معين من مجاري هذا النبع، الإيقاع يشمل الكلمات وتجاورها، تزاوج الحروف وتنافرها، علاقة بعضها بعض، كما يحتوي على الموسيقى الخارجية، وعلى الموسيقى الداخلية))(19). فالإيقاع ((يؤلّف- باعتباره خصيصة عريقة من خصائص التعبير الانفعاليّ؛ شأن الموسيقى والرقص - الشكل الخاصّ بالمعنى في الشعر. وهو يصدر عن اندفاع التأثيرات الصوتيّة للألفاظ وتتابع النبرات والتقطيعات والزخارف بتيّار الوزن والقافية. وبالطبع فإنّ هذه التأثيرات لا تحدث بمعزل عن مغزاها في سياق القصيدة))(20).
وممّا يميّز لغة الشعر الخيال الناتج من التراكم الثقافي ومن الكم الهائل من الرموز والأساطير والإشارات التاريخية. ومن هنا تصبح مطالبة الشاعر((بتحويل نتاجه بحيث يؤخذ كجرعة الماء أو يلبس كالثوب. وهي مطالبة تؤدي في الأخير إلى القضاء على الفاعلية الشعرية وعلى الفاعلية الإبداعية جملة))(21). وهو أيضاً((تلك القوّة التركيبيّة السحريّة التي تشيع نغماً وروحاً يمزج ويصهر الملكات إحداها بالأخرى، هذه القوّة التي تكشف عن نفسها في توازن الصفات المتنافرة وإشاعة الانسجام بينها... إنّه حالة عاطفيّة غير عاديّة، وتنسيق فائق للعادة))(22). ومن الخصائص الأخرى التي يؤديها الخيال للغة الشعر، الغموض غير المبهم(23)، وكذلك يقوم بتوليد الصور الحسّيّة لغرض التوضيح والتبيين، أو التهويل والإيهام، والتأليف بين عدد متباين من العناصر، وتنظيم التجربة الشعريّة لغاية محدّدة(24).
المبحث الأول:- الألفاظ
لقد أولى النقاد العرب القدماء عناية كبيرة للألفاظ داخل النص الشعري، ولاسيّما في انسجامها مع الأغراض الشعرية المختلفة، فقد ذهبوا إلى أنّ ((الألفاظ تنقسم في الاستعمال إلى جزلة ورقيقة ولكل منها موضع يحسن استعماله فيه))(25)، والذي يفضل اللفظ منهم لا يهمل أثر، والذي يفضل المعنى لا ينتقص من أثر اللفظ وإن كان ميله إلى أحدهما أكثر من ميله إلى الآخر فالجاحظ (ت 255ﻫ) – مثلاً  لم يدافع عن اللفظ على حساب المعنى؛ لأنّ حديثه عن اللفظ كان مقترناً بمراعاة المعنى(26)، أما ابن طباطبا (ت 322هـ) فقد أشار إلى قيمة الألفاظ للمعاني بقوله: ((إنّ الألفاظ كالمعرض للجارية الحسناء التي تزداد حسناً في بعض المعارض دون بعض))(27). والألفاظ هي من أهم المرتكزات التي تقوم عليها لغة الشعر، وهي أداة النقل والتوصيل في اللغة، وموهبة الفنان تبدو في قدرته على تخيّر الألفاظ وانتقائها وتركيبها لينقل تجربته في احسن صورة(28)، وهذا يتطلب منهإلماماً باللغة وقواعدها وخواص استخدامها وتعدّد طرائقها وأساليبها. وبعد ان بيَّنا أهمية الألفاظ ومزاياها، سنحاول ان نتتبع الألفاظ الشائعة في قصيدة (نظم السلوك)(29)، ميدان دراستنا هذه،ووضع كل مجموعة من الألفاظ تنطلق من العائلة اللغوية نفسها ضمن فقرة مستقلة عن غيرها.
1 الألفاظ الاسلامية:
إنّ شيوع الألفاظ الاسلامية في قصيدة نظم السلوك لابن الفارض لا يمكن أن نعزوه إلى الرغبة في تقليد الآخرين، وإنما كان النتيجة المنطقية لحياة عاشها الشاعر أثرت في وجود هذه الألفاظ بظروفها وملابساتها، ونقصد بالألفاظ الإسلامية تلك البنى الواردة في القصيدة والتي تحمل دلالات شرعية نص عليها الكتاب والسنّة، ومن امثلتها التي وردت في هذه القصيدة قوله:
كأنَّ الكِرَام الكاتبينَ تنزَّلوا على قلبهِ وَحْياً، بما في صحيفتي
ونهج سبيلي واضحُ لمن اهتدى ولـكـنها الأهـواء عـمت، فـأعْمَتِ
ودون اتهامي ان قضيت اسىً، فما أسـأتُ بِـنَفْـسٍ، بـالشّـهَادةِ، سُرّتِ
ولا غرْوَ أنْ صَلَّى الإِمامُ إليَّ أنْ ثَـوَتْ فـي فؤادي، وهْيَ قِبلةُ قِبلتي(30)
وقوله ايضاً:
وكُلُّ الجِهاتِ الست نحوي توجَّهتْ بـما تَـمَّ مـن نُـسْـكِ، وَحـجِّ وعُمرَةِ
لـها صلواتي، " بالمَقامِ "، أُقِيمُها، وأشـهَــدُ فــيـهـا أنَّــهـا لـي صَـلَّـتِ
كِـلانا مُـصَـلِّ واحِـدٌ، سـاجِـدٌ إلـى حـقيقِتِهِ، بـالـجـمعِ، في كلِّ سجدَةِ
وما كان لي صَلَّى سِواي، ولم تكن صَلاتي لغَيري، في أدا كلّ ركعةِ(31)
إنّ ورود هذه الألفاظ الاسلامية في الابيات السابقة والمتمثلة بــ (الكرام، الكاتبين، القلب، الوحي، الصحيفة، سبيلي، نهج، اهتدى، شهادة، درجات، دركات، الله، الصوم، الامام، سجدة، الصلاة). ومما يلحظ عن هذه المصطلحات انها مستوحاة من الشرع، وقد اثبتها الله تعالى في كتابه الكريم، ووردت في سنّة نبيه، فالقارئ حين يقرأ الأبيات السابقة يدرك اغلب الدلالات الواردة فيها، كما انها مألوفة ويمارسها باستمرار خاصة العبادات المفروضة منها (الصلاة، الصوم، الحج). اما طبيعة هذه الالفاظ فجلها مألوفة ليس فيها من الغريب الذي يقتضي الرجوع الى المعاجم بسبب تداولها وشيوعها في أوساط الناس، فهي واضحة سهلة، والفضل الكبير وراء سهولتها يعود إلى ((القرآن الكريم الذي هذب ألفاظ الشعراء لكثرة ترديدهم آياته في عباداتهم وحياتهم اليومية، فنشأ عن ذلك هجر كثير للألفاظ الحوشية واستبدالها بألفاظ عذبة سائغة))(32). ولقد اغنت هذه الالفاظ الاسلامية القصيدة، وطبعتها بجمالية دلالية موحية، مرهفة تلذ الاسماع والعقول ؛ لأنها استمدت أصولها من أهم مظان اللغة وهو القرآن الكريم.
2   الفاظ الغزل:
من السمات التي انمار بها شعر ابن الفارض تعدد الفاظ الغزل في شعره عامة، وبخاصة هذه القصيدة التي نحن بصدد دراستها، وتعددت الفاظ الغزل واختلفت اسماؤها في قصيدته نظم السلوك، وقد كثرت الابيات المتضمن لهذه الالفاظ، ونذكر منها ما يأتي:-
وأبـثثتها مـا بي، ولمْ يكُ حاضِري رَقيبٌ لها، حـاظٍ بـخَلْوَةِ جَـلـْوَتـي
وقُـلْتُ، وحـالي بـالصبَّابَةِ شـاهـدٌ، ووجدي بها ما حِيَّ، والفَقدُ مُثبتي
هَـبي، قـبلَ يُـفني الـحُبُّ مِنِّي بَقيَّةً أراكِ بِـهـا، لـي نـظـرَة الـمـتَلَـفِّـتِ
ومنَّي على سَمعي بلَنْ، إن مَنَعْتِ أن أراكِ، فـمِـن قَـبلـي، لـغيري، لذَّتِ(33)
إنَّ ورود الفاظ الغزل (الحب) في هذه الابيات والمتمثلة بـ (أبثثتها، جلوتي، الصبابة، وجدي، هبي، الحب، أراك، مَنَعْتِ، لذَّتِ) تدل على وجود علاقة غزلية محضة، تحيل مباشرة على تلك العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة. أما في التجربة العرفانية فالدلالة تنزاح نحو ذلك التودّد والقرب من المحبوب الحقيقي وهو الذات الإلهية (34)، ومن ذلك قوله:-
وما هو أن ظَهَرْتِ لناظري بأكْمَلِ أوصافٍ على الحسْن أربتِ
فحلّيْتِ لي البَلْوَى، فخلّيْتِ بينها وبَيـْني، فـكانت مـنـكِ أجـملَ حـليَةِ
ومَنْ يَتَحَرّش بالجمال إلى الرّدى، رأى نفْسَه، من أَنفس العيش، رُدّتِ
ونفْسٌ ترى في الحُبّ أن لا ترى عَناً، مـتى مـا تـصـدّت للـصَّبابـةِ صُدّتِ
وأَين الصّفا؟ هيْهاتِ من عَيشِ عاشقٍ وجَنـّةُ عَـدْنٍ، بـالـمـَكَـارِهِ، حُـفّـتِ(35)
إنّ هذا المقطع الشعري المتضمن لمفردات الصبابة والحبّ والعشق وهي دلالات تصب في قالب غزلي، سرعان ما تنقلب في التجربة الصوفية الروحية إلى الحب الإلهي والتطلع نحو أنوار الكمال الرباني(36). ومن خلال ما تقدم نجد ان الشاعر ابن الفارض في قصيدته هذه، سار على النهج الذي اشترطه النقاد القدماء الذي هو ان يكون الغزل حلو الألفاظ قريب المعاني سهلها غير كزٍّ ولا غامض(37).
3  الفاظ الخمرة:-
من الالفاظ التي وردت بكثره في هذه القصيدة، الفاظ الخمرة ولقد تعددت اسماؤها وأوصافها، ومن امثلتها قوله:
سَقَتْني حُمَيَّا الحُــبَّ راحـة مُـقلَـتي، وكأسي مُحَيَّا مَن عن الحُسن جَـلَّـتِ
فـأوهمْتُ صَحبي أنَّ شُرْبَ شَرابِهم بـه سُر سرِّي، في انتشائي بـنَظْـرَةِ
وبـالـحَدَقِ استغنَيْتُ عن قَـدَحي ومِن شــمائِلِها، لا من شَـمولي، نَـشوتـي
فـفي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتيةٍ بهِمْ تـمَّ لي كَتْمُ الــهوى مـع شُـهرَتـي
ولمَّا انقضى صحْوي تقاضَيتُ وصْلَها ولمْ يغْشَني في بسْطِها،قبضُ خَشيتي(38)
إنَّ القارئ بمجرد قراءته لهذه الابيات يتبادر الى فهمه انها تعني تلك الدلالات المباشرة الواردة في النص الخاصة بعالم السكر الناتج عن شرب الخمر، وذلك لوجود الالفاظ التي تدل على الخمرة ومسمياتها والمتمثلة بـ(حميا الحبِّ، كأسي، شرابهم، قدحي، شمولي، نشوتي، سكري، صحوتي) مما يجعل المتلقي يظن كأنّه يقرأ قصيدة في الخمرة والمجون، لكن ((الكلمة الصوفية تتجاوز المعنى الظاهري الأول إلى المعنى الكنائي أو الانزياحي. فكلمة "الخمرة" في المفهوم الصوفي تتعدى الدلالة الحرفية القدحية في الخطاب الديني الفقهي التي تتمثل في السكر والخبث والرجس لتأخذ دلالة إيجابية رمزية تحيل على الصفاء والانتشاء الرباني والامتزاج الوجداني والاتحاد بين الذاتين: العاشقة والمعشوقة داخل بوتقة عرفانية واحدة))(39).
4   اسماء الاعلام:-
تأخذ اسماء الاعلام في ديوان ابن الفارض أهمية كبيرة، فقد كان لها حضور كثيف ومميز، في قصيدة نظم السلوك. وكأن الشاعر يهدف من خلالها الى تمثيل الموجودات مثلما هي وتقرير حقائق واقعية او الدعوة إليها، ويؤدي هذا بالنهاية إلى وضوح التجربة. ومن امثلتها قوله:
فطوفانُ ((نوحٍ)عند نَوْحي كأدمعي وإيقادُ نيرانِ ((الخليلِ)كلَوْعَتي
بها قَـيسُ لُـبنى هـامَ، بـل كل عاشق، كَـمجنون لَـيلى، أو كُـثَيّرِ عَــزَّة
فـفي الــنـَّشأة الأولـى تَـرَاءتْ لآدَمٍ بمـَظْهَرِ حَـوَّا، قبل حُكم الأمومة
فـفي مَـرَّةٍ لُبـْنَى، وأخْـرى بُـثَيْنَة، وآوِنَــةً تُـــدْعَـى بـعَــزَّة عَــزَّتِ(40)
وقوله ايضاً:
وقبل ارتدادِ الطرفِ أُحضِرَ مِن سَبا لـهُ عَـرْشُ بـلـقيسٍ، بـغيـر مـشَقـّةِ
ومـن يـده مــوسى عَــصاهُ تـلَقَّفَتْ، من السّحرِ، أهوالاً على النّفس شقّت
ويُـوسُف، إذ ألقى الـبَشيرُ قَـميصه عـلى وَجـهِ يـعـقـوبٍ، عـليـهِ بـأوْبـة(41)
لقد ورد في هذه الابيات العديد من اسماء الاعلام، اما طبيعة هذه الاعلام فهي متنوعة، منها اسماء انبياء، واسماء خلفاء، واسماء نساء (نوح، ابراهيم الخليل، قيس، لبنى، ليلى، كثير، عزّة، آدم، حواء، بثينة، جبريل، النبي الأمين (محمد)، يوسف، موسى، بلقيس، يعقوب، عيسى، ابي بكر، عمر، عثمان، علي). ومن خلال متابعة هذه الاسماء يبدو أن اكثرها مألوف ذو وقع حسن في النفوس، كما تبين أن جلها من التراث الذي ثقفه الشاعر.

5  الفاظ المكان:
إنّ ورود المكان في النص الشعري يسهم في ان تتسم التجربة بالواقعية والصدق الفني،والحسية والأصالة، وان العمل الادبي حيث المكان فهو يفقد خصوصيته ومن ثم اصالته(42). وقد شملت قصيدة نظم السلوك العديد من الفاظ المكان التي وظفها الشاعر، ومنها قوله:
ولو أنَّ ما بي بالجِبالِ، وكانَ طُو رُ سِينا بها، قبلَ التجلِّي، لدُكَّتِ
     ومـا سـكـنته فـهو بـيتٌ مـقــدَّسٌ، بقـُرَّةِ عـيني فـيهِ، أحْـشـايَ قَرَّتِ
   ومسجدِي الاقصى مساحبُ بُرْدها وطيبي ثرى أرضٍ، عليها تمَشَّت(43)
فنلحظ هنا ان الشاعر ذكر (الجبال، طور سيناء، مكّة، حرم، دار هجرة، بيت مُقدَّس، المسجد الأقصى،الركن، القِبلة، السماء، الأرض، قطر، البحر، المحيط) فهذه المعاني موجودة ولم يأت الشاعر بشيء جديد في هذا الجانب، فالشعراء القدماء قد سبقوه في هذا الجانب ولكن تواصل الشاعر مع التراث في ذهنه يكون تحقيقاً للجانب الفني هذا من ناحية، أو قد تكون هذه الاماكن رموزاً لأشياء راسخة في ذهن الشاعر ولايستطيع نسيانها فلجأ الى استعمالها لتحقيق مبتغاه هذا من ناحية اخرى.
6  الفاظ الزمان:
لقد تجلى اهتمام الشاعر واضحاً في شيوع الفاظ تدل على الزمان في قصيدته نظم السلوك أمثال (عيدي، يوم، ليلة القدر، يوم الجمعة، الدهر، الزمان، نهاري، أصيل، سحر، شهري، عامي، ربيع، عمري، عصر، أمسيت، أصبحت، الضحى، عشية) مشكلة جانباً من لغته الشعرية، ومن امثلة الابيات التي دل على ذلك، قوله:
وعندي عيدي، كُلَّ يومٍ عيدٍ تزاحمتْ على حُسنِها أبصارُ كـلّ قبيلَةِ
وكـل الـلَّيـالـي لـيـلـةُ الـقَـدْرِ، إنْ دَنَـتْ كما كـلّ أيَّـامِ الـلَّقـا يومُ جُمعة
مَـغـانٍ، بـها لـم يَـدخُلِ الدَّهرُ بيننا، ولا كادنا صرْفُ الزَّمانِ بفرقة
ولا سَـعَتِ الأيَّـامُ فـي شَـتِّ شَـمـلنا، ولا حـكَـمَتْ فـينا الليالي بجفوَة
نَهـاري أصـيلٌ كُلـُّه، إنْ تنـَسَّـمَتْ أوائـلُــهُ مــنـهـا بــرَدٌ تـحـيّـَتـي
ولَـيـلـي فـيـهـا كُـلُّـهُ سَـحَـرٌ، أذا سَرَى لي منها فيه عَرْفُ نُسَيْمَةِ(44)
ومما تقدم يتبين لنا ان الشاعر ابن الفارض قد وظف الفاظ الزمان بحسب تجربته وموقفه إزاء ما يحيط به بشكل يتلاءم وحالته النفسية، فجاءت هذه الالفاظ سهلة خالية من الغرابة دالة على معناها.
المبحث الثاني: التراكيب
إنّ الخطاب الأدبي (الشعري) يقوم في أساسه على التركيب، وعلى الدارس تحديد طبيعة تركيب الجمل في مجالها النحوي وتحديد علاقة هذه الجمل بعضها بالبعض الآخر عن طريق تحديد وظيفة التركيب في بنية النص(45). وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى الاساليب التي ورد فيها هذا التركيب او ذاك من خلال دراسة ابرز الاساليب التي وظفها الشاعر في قصيدة نظم السلوك. وبحسب كثرة مجيئها في القصيدة وهي: أسلوب الشرط، أسلوب التوكيد، أسلوب النداء.
1   أسلوب الشرط:
من الاساليب الانشائية التي يعول عليها الشعراء كثيرآ، وهو ((اسلوب لغوي، ينبغي بالتحليل على جزئيين، الاول: مُنزّل منزلة السبب، والثاني: منزل منزلة المسبب، يتحقق الثاني اذا تحقق الاول، وينعدم الثاني اذا انعدم الاول، لان وجود الثاني معلق على وجود الاول))(46).
وقد ورد هذا الاسلوب في قصيدة نظم السلوك وبأدوات مختلفة، اذ يقول:
فإن دُعيَتْ كنْتُ المُجيبَ وإن أُكن منادىً أجابَتْ مَن دعاني، ولَبت
وإنْ نَطقَتْ كنْتُ المُناجي كذاك إن قَصَصْتُ حديثاً، إنَّما هي قَصَت(47)
وكذلك قوله:
وإنْ طـرَقتْ لَـيلاً، فـشَهرِيَ كلُّه بـها لَـيلَةُ الـقَــدرِ، ابـتِـهـاً بـزَوْرة
وإنْ قَـرُبَتْ داري، فـعـامي كـلُّهُ ربيعُ اعتدالٍ، في رياضٍ أريضَة
وإنْ رَضيَتْ عني، فعُمريَ كـلُّهُ زمانُ الصِّبا، طيباً، وعصرُ الشبيبة(48)
من خلال استقرائنا لقصيدة نظم السلوك تبين لنا ان اداة الشرط (إن) قد توزعت بشكل متوازن في كامل القصيدة، فكان حضورها في الابيات الاولى من القصيدة وفي الوسط والنهاية، وقد اضفى هذا الحضورشعورا نفسيا لدى المتلقي.
ومن الادوات الاخرى الاداة (لو)، ومن امثلة ورودها قوله:
فلوقيل من تهوى، وصرَّحتُ باسمِها لـقـيـلَ كـنَـى، أوْ مـسَّـهُ جِـنَّـة
ولـو عَـزَّ فـيـها الـذُّلُّ ما لذَّ لي الهوى، ولم تكُ لولا الحُبُّ، في الذلِّ عِزَّتي(49)
إنَّ القيمة الجمالية التي اتخذتها أداة الشرط (لو) وهي تقف على عتبات البيت الشعري هي اضفاء شعرية نصية سمت بالقصيدة الى الادبية والابداعية وحققت ذات الشاعر في ابتكار اسلوب خاص به.
2   أسلوب التوكيد:
اذا كان الغرض من لجوء الشاعر الى اسلوب التوكيد هو لــ((تثبيت الشيء في النفس وتقوية أمره))(50)، فأن استعمال الشاعر لهذا الاسلوب يكون لغرض ((إزالة ماعلِق في نفس المخاطب من شكوك، وإماطة ما خالجه من شبهات))(51).
ولقد تنوعت طرق التوكيد التي لجأ الشاعر ابن الفارض الى استخدامها، ومنها: التوكيد بالقصر (النفي والاستثناء) وهذه الطريقة تتمخض عن الجمع بين اداة نفي في الاغلب وأداة الاستثناء (إلا) عندما يكون الاستثناء مفرغا، وتسمى حينئذ (اداة قصر) كما في قوله:
وما ذاكَ إِلاَّ أَنَّ نَفسي تَذَكَّرَتْ حَقيقتها، مِن نَفسِها، حينَ أوحت(52)
ومنه ايضا قوله:
وما هيَ إلاّ النّفسُ، عند اشتِغالها بعالَمِها، عن مَظهَرِ البَشَرِيّة(53)
وقد تنوع استعمال الشاعر لأسلوب التوكيد، فمن ذلك استعماله لأداة التوكيد (إنَّ) فهي تعد أماً لباب التوكيد و ((فائدتها لتأكيد مضمون الجملة))(54). ومن ذلك قوله:
وإني، إلى التهديد بالموتِ، راكِنٌ، ومِن هَولِهِ أركانُ غيريَ هُدّتِ(55)
ومن الطرائق الاخرى لأسلوب التوكيد، منها التوكيد المتحقق بحرف التحقيق (قد) والفعل الماضي الذي يؤكد مضمون الجملة(56). من ذلك قوله:
وقُلْ لي: من ألقى إليكَ عُلُومَهُ، وقد ركدتْ منكَ الحواسُ بغَفْوَة
وقد طُبِعَتْ فيها العُلُومُ، وأُعْلِنَتْ بأسمائها، قِدْماً، بوَحْيِ الأُبُوّة(57)
ومن وسائل التوكيد الاخرى، (التوكيد بـ(ما) الزائدة التي ترد بعد (إذا)، وليس من سبب لزيادة هذه الحروف الا لتوكيد المعنى وتقويته. ومن ذلك قوله:
إذا ما أزال السِّتَرَ لم تَر غيرَهُ، ولم يَبْقَ، بالأشكالِ، إشكالُ ريبة(58)
ومما تقدم تبين لنا تنوع طرق التوكيد ووسائله في قصيدة ابن الفارض، إذ عمل الشاعر على توظيف تلك الوسائل بأنواعها المختلفة، ليصيب مبتغاه، ولتبدو أخباره أشبه بالثوابت التي لا يتسرب إليها الشك.
3 أسلوب النداء:
وهو طلب اقبال المدعو على الداعي بحرف ينوب مناب (أدعو) وهو غالباً ما يصحب الامر والنهي والغالب تقديمه(59). وعلى الرغم من تعدد ادوات النداء، فنجد الشاعر ابن الفارض يفضل الاداة (يا)، فهي الاكثر ورودا في شعره، وهو في ذلك يجري مجرى الشعراء الذين فضلوها على ما سواها من الادوات، وذلك لسمات خاصة بها، منها تعد ام الباب(60)، وانها توفر تنغيما صوتيا من خلال مد الصوت بالألف(61)، وإن الكلام بها اخص واعنى فضلا عن انها تستعمل لضروب المناديات جميعا من مندوب ومتعجب منه وغير ذلك(62). ومن امثلتها في شعره قوله:
فـيا مُـهجـتي ذوبـي جـوىً وصَبابَةً، ويا لـوعتي كـوني، كذاكَ، مُذيبتي
ويا نار احشائي اقيمي، من الجوى، حنـَايا ضلوعي، فَهـْيَ غَيُرُ قويمةِ
ويا حُسنَ صبري، في رِضَى من أحبُّها تجمّل، وكُنْ للذَّهرِ بي غيرَ مُشمِت
ويـاجَـلَدي، فـي جَـنـبِ طاعـةِ حـبِّـها تـحَـمَّـلْ، عـداكَ الـكَـلُّ، كُلَّ عظيمة
ويا جَـسدي المُـضنى تَـسَلّ عـنِ الشِّفا، ويـا كـبـدي، مـن لـي بـأنْ تَتَفَتّتي(63)
ومن ادوات النداء الاخرى التي وردت في قصيدة نظم السلوك هي (الهمزة) إذ يقول:
أجبريلُ قُلْ لي: كان دِحيَةُ، إذ بدا لِمُهْدي الهُدى، في هيْئَةٍ بَشَريَّة ؟(64)
استعمل الشاعر المعنى الوظيفي للهمزة في نداء القريب(65)، موحياً للمتلقي بهذا الاستعمال بأنه قد وصل الى ارقى الدرجات حتى انه لاقى الملائكة.
المبحث الثالث: الايقاع
لقد كان الايقاع وما يزال مرتكزا اساسيا لفن الشعر، و ((كان القدماء من علماء العربية لا يرون في الشعر أمراً جديداً يميزه من النثر إلا ما يشتمل عليه من الأوزان والقوافي، وكان قبلهم ارسطو في كتابه فن الشعر يرى إنّ الدافع الأساسي للشعر يرجع إلى علتين: أولهما غزيرة المحاكاة والتقليد، والثانية غزيرة الموسيقى أو الإحساس بالنغم))(66).
وسنتناول في هذا الفصل دراسة الإيقاع الخارجي المتمثل بالوزن والقافية، والايقاع الداخلي الذي يشمل التكرار والجناس والطباق.
أولا: الإيقاع الخارجي
الـوزن: لقد عدّ المختصون بالأدب منذ اقدم العصور الوزن عنصرا رئيساً من العناصر التي يقوم عليها بناء الشعر، فعدوه ((اعظم اركان حد الشعر، واولاها به خصوصية، وهو مشتمل على القافية، وجالب لها ضرورة))(67). وهذا الانتظام الموسيقي يسهم في اضفاء الجمال على النص الشعري، لأنّ الكلام ((الموزون ذو النغم الموسيقي يثير فينا انتباها عجيبا، وذلك لما فيه من توقع لمقاطع خاصة تنسجم مع ما تسمع لتكون جميعاً تلك السلسلة المتصلة الحلقات التي لا تشذ احدى حلقاتها عن الاخرى))(68).
لقد نظم الشاعر ابن الفارض قصيدته هذه (نظم السلوك) التي تقع في (671) بيتاً على البحر الطويل، وهو أكثر البحور استعمالا في مسيرة الشعر العربي(69)، ولكثرة استعماله في الشعر العربي القديم فقد وصف بأنه بحر عظيم الأبهة، وفيه جلالة، وإليه يعمد اصحاب الرصانة والفخامة الشعرية(70)، فضلا عن تفعيلاته التي توحي بـ ((ضرب من الجلالة، وامتداد النفس والفخامة الفنية))(71)، اذ ينجح الشاعر في تحقيق التعالق بين الوزن الشعري والغرض المتسم بجلال الباعث وشدة التدفق النفسي الهادئ(72).
القـافـيـة: واختلف النقاد العرب في تحديد القافية، ولكنّ التحديد المرجّح هو ما وضعه الخليل (ت175):((القافية من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن يليه من قبله مع حركة الحرف الذي قبل الساكن))(73). ويعلق ابن رشيق القيرواني(ت456 على تحديد الخليل للقافية فيقولوالقافية علىهذا المذهب وهو الصحيح تكون مرة بعض كلمة ومرة كلمة ومرة كلمتين، وما يعنينا من القافية حرف الروي وهو الحرف الأخير من حروف القافية إلا ما كان تنويناً أو بدلاً من تنوين أو كان حرفاً اشباعياً(74)، أما المحدثون فقد نظروا إلى القافية على أنها ((عدة أصوات تتكرّر في أواخر الأشطر أو الأبيات من القصيدة، وتكرارها هذا يكون جزءاً هاماً من الموسيقى الشعرية))(75). ونجد الشاعر ابن الفارض في قصيدته هذه قد استعمل حرف (التاء) وهو من حروف القوافي الذلل(76)، التي يكثر مجيئها روياً في الشعر العربي(77)، فضلاً عن أنها تمنح الشاعر القدرة على اطالة النفس الشعري في النظم. وانها تمتاز من غيرها بكثرة ورودها في أواخر الكلمات(78)، وبذلك تكون هذه القافية موآتية للبحر الذي انتظمت عليه هذه القصيدة.
ثانياً: الايقاع الداخلي
التـكـرار: فن من فنون التعبير الشعري الذي عرف لدى الشعراء منذ بداية الشعر، إلا أنه برز بشكل ملموس لدى شعراء العصر العباسي. ويراد به تكرار اللفظة الواحدة مرارًا لتأكيد المعنى وجذب الانتباه اليه بما يحمل من دلالات متباينة كتوكيد الوصف او المدح، او الذم، او التهويل، او الوعيد، او التنبيه، او التعظيم، او التنويه، او المبالغة(79). ويمثل التكرار باعثاً نفسيا لدى الشاعر يهدف من خلاله الى التأثير في الاخرين بفعل التنغيم الموسيقي الذي يحققه ولتقرير المعنى المراد واثباته(80). وللتكرار انماط مختلفة، ومن اهمها في قصيدة نظم السلوك:
1  تكرار الحرف (الصوت): وهو تكرار لأصوات الحروف التي تمتاز بجرسها المؤثر في النغم، ومن امثلته قوله:
فـفي كـلِّ عُضْوٍ فيَّ، إقدامُ رغبةٍ، ومِنْ هـيبةِ الإعظامِ، إحجامُ رَهبة
لِفـِيّ وسَـمـعي فــيّ آثـارُ زَحْـمـةٍ عـلـيهـا بَـدَتْ عِـنـدي كإيثارِ رحمةِ
لِساني، إن أبدى، إذا ما تلا اسمَها، لهُ وصفُه سمْعي، ومَاصَمَّ، يصمُت
وأُذْنيَ، إن أهـدَى لِـسـانـي ذكرها لِـقـلـبي ولـم يـستَعبِدِ الصَّمتَ صمُت(81)
فالشاعر في هذه المقطوعة كرر حرف (الميم) ستة عشرة مرة، والميم حرف يمتاز بالغنة(82)، فبذلك يكون الشاعر قد استغل جهارة هذه الاصوات وغنتها ليعبر عما يختله.
2  تكرار الحرف المركب (الأداة): ويراد به تكرار الحرف المكون من حرفين، مثال ذلك تكرار (أي) في قوله:
وأيّ بـلادِ اللهِ حـلَّتْ بـهـا، فـمـا أراها، وفي عيني حَلَتْ، غَيرَ مكَّة
وأيّ مـكـانٍ ضـمَّـها حَرَمٌ، كذا أرى كـل دارٍ أوْطَـنَـتْ دارَ هِـجـرَة(83)
نلحظ هنا إنَّ الشاعر كرر الاداة (أي) مرتان غلى التوالي في صدر البيت، وهذا التكرار أسهم في إظهار نمط موسيقي عال يشد ذهن المتلقي.
3 تكرار الالفاظ: لقد نال تكرار الالفاظ اهتماما ملحوظا في دراسات العرب القدماء من البلاغيين فاق ما للحرف من اهتمام(84)، لأنّ ((أكثر ما يقع في التكرار من دون المعاني))(85). ومن امثلة هذا التكرار في قصيدة نظم السلوك قوله:
يَرَى مَلَكاً يوحي إليه، وغيرُهُ يَرى رَجُلاً يُدْعَى لَدَيْهِ بِصُحبة(86)

فالشاعر هنا كرر مفردة (يرى) في صدر البيت وعجزه، وأسهم هذا التكرار في خلق جو إيقاعي ذي قيمة دلالية.
ومنه أيضاً قوله:
أُخالِفُ ذا، في لومِهِ، عن تُقَىً، كما أخالِفُ ذا، في لؤمِهِ، عن تَقيّة(87)

فالمتكرر في هذا البيت هو عبارة (أخالف ذا)، فالتكرار بهذا البيت يخلق إيقاعاً موسيقياً يسحر الاذن ويوقظ الحس.
الجــنـاس: لون من ألوان البديع وكما هو معروف لدى القدماء من أنّه تشابه كلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى(88). وللجناس صلة وثيقة بموسيقى الألفاظ، ((فهو ليس في الحقيقة إلاّ تفنّناً في طرق ترديد الأصوات في الكلام حتى يكون له نغم وموسيقى، وحتى يسترعي الآذان بألفاظه كما يسترعي القلوب والعقول بمعانيه))(89). وللوقوف على طبيعة الجناس في (قصيدة نظم السلوك) وأثره في لغته، نشير إلى ثلاثة أنواع من الجناس:
1 الجناس التام: وحده القدماء: بأن يكون اللفظ واحداً والمعنى مختلفاً(90)، أي إنّ اتفاق اللفظين المتجانسين في أنواع الحروف وأعدادها وهيأتها وترتيبها(91). ومن أمثلته قوله:
ومُنذُ عفا رسمي وهِمْتُ، وهَمْت في وجودي، فلم تظفَرْ بكَوْنيَ فكرَتي(92)
فالجناس التام واقع بين كلمتي (وهِمْت) الأولى بمعنى (ضعفت)، و (وهَمْت) الثانية بمعنى (تعلقت).
2  الجناس الناقص: الذي تختلف فيه اللفظتان في أمر واحد من الأمور التي قام عليها الجناس التام، ويتفقان في سائرها(93). ومن امثلته قوله:
بكُلّ قَبيْلٍ كمْ قتيلٍ بها قضَى أسىً، لم يَفُزْ يوماً إليها بنظرةِ(94)
وقوله ايضاً:
فحالي بها حالٍ بعقْلِ مُدَلَّهٍ، وصِحَّةِ مَجهودٍ، وعزِّ مذلَّة(95)
فالجناس الناقص في هذين البيتين حاصل بين (قبيل وقتيل) و (مدله ومذلة) فالاختلاف الحاصل باختلاف حرف واحد بين اللفظتين المتجانستين.
3  الجناس الاشتقاقي: الذي تتفق فيه اللفظتان بعض الاتفاق في حروفها الأصلية، وفي أصل المعنى الذي انحدرتا منه، كأن تشتق أحداهما من الأخرى(96). ومن أمثلته قوله:
فـحـلّيْتِ لـي الـبَلْوَى، فخلّيْتِ بينهما وبَيْني، فـكانـت مـنـكِ أجـمـلَ حـليـَةِ
ومَـنْ يَـتَحَرّش بـالـجمال إلى الرّدى، رأى نـفْسَه، مـن أَنفس العيش، رُدّتِ
وعن مذهبي، في الحبّ، ماليَ مذهَبٌ وإن مِـلْتُ يـوماً عـنهُ، فـارَقـتُ مِلّتِي(97)
فجانس الشاعر بوساطة جناس الاشتقاق في البيت الاول بين (حليت) و (حلية) وجاء الجناس في البيت الثاني بين (نفسه) و (انفس). اما في البيت الثالث فقد جاء الجناس بين (مذهبي) و (مذهب) وهذا الاستخدام المتوالي للجناس قد افاد تقوية المعاني ودلالتها كما اضفى اجواء موسيقية على الابيات.
الطــبــاق: فن من فنون البديع، يعني الجمع بين الشيء وضده(98). ويتجلى تأثير الطباق بأنّه ((يخلق صوراً ذهنية ونفسية متعاكسة يوازن فيما بينها عقل القارئ ووجدانه فيتبين ما هو حسن منها ويفصله عن ضده))(99). ومن امثلته في قصيدة نظم السلوك قوله:
ويحسُنُ إظهارُ التجلُّدِ للعِدى، ويقبُحُ غَيُر العَجزِ، عندَ الأحِبَّةِ
أرانـي مـا أُوليتُهُ خيرَ قِنْيةٍ، قـديمُ وَلائي فـيكِ مـن شَرِّ فِتْيَةِ(100)
فالشاعر في هذين البيتين طابق بين المتضادين (الحسن) و (القبح) في البيت الأول، وبين المتضادين (الخير) و (الشر) في البيت الثاني، ليتحقق المغزى الذي أراده الشاعر، والذي تثيره وجود العلاقة بين الكلمتين المتضادتين.
الخـاتـمـة:
بعد هذه الجولة مع شعر ابن الفارض، ومن خلال قصيدته (نظم السلوك) لابدَّ من أن نقف لتثبيت أبرز النتائج التي توصلنا إليها:
1  استندت لغة الشاعر ابن الفارض الى الفاظ شكلت مرتكزات أساسية، وقد تحددت هذه الالفاظ بـ (الالفاظ الاسلامية، الفاظ الغزل، الفاظ الخمرة، اسماء الاعلام، الفاظ المكان، الفاظ الزمان) وقد تميزت هذه الالفاظ بالوضوح والواقعية.
2   كثف الشاعر لغته الشعرية بأنماط صياغية واسلوبية اتخذها منفذا للتعبير عن افكاره وعواطفه، وما لحظناه في هذه القصيدة هيمنة الاساليب الانشائية، ويبدو ان الغرض من هذه الاساليب التي سخرها الشاعر في قصيدته هذه هو لإيصال مكنوناته وأحاسيسه للمتلقي.
3  لم يخرج الشاعر عن المألوف والشائع في استخدامه للبحر الطويل الذي انتظمت عليه قصيدته، فهو من البحور التي كثر تداولها لدى الشعراء قديماً، فضلاً عن استخدامه لقافية التاء وهو من حروف القوافي الذلل التي هي الاخرى كثر استخدامها لدى الشاعر قديماً.
4  حرص الشاعر على التلوين الصوتي من خلال الايقاع المتحقق من داخل القصيدة، فكان للتكرار أثر في وضوح الألفاظ ودعم الجانب الصوتي كما لجأ الشاعر الجناس والطباق، لإبراز القيمة الصوتية للألفاظ، فضلاً عن إسباغ الإيقاع قوة وجمالاً.
هوامش البحث:
1  ينظر: وفيات الاعيان: 3/454.
2  النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 6/285.
3  المصدر نفسه.
4   ينظر: وفيات الاعيان: 3/455.
شذرات الذهب في اخبار من ذهب: 5/149.
 ابن الفارض والحب الإلهي: 34.
7    وفيات الاعيان: 3/455.
8   البداية والنهاية: 13/167.
9  ينظر: ابن الفارض والحب الإلهي: 33.
10  المصدر نفسه.
11  النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: 6/288.
12  ينظر: وفيات الاعيان: 3/456.
13   الخصائص: 1/33.
14  ينظر: لغة الشعر العربي الحديث: 7.
15  اللغة الشعرية في الخطاب النقدي: 119.
16   فن الشعر: 161.
17    ينظر: زمن الشعر: 40.
18  نظرية البنائية في النقد الادبي: 71.
19   زمن الشعر: 42.
20   لغة الشعر الحديث في العراق منذ القرن العشرين ومطلع الحرب العلمية الثانية: 27.
21 لغة الشعر العربي الحديث: 8.
22  الشعر والتجربة: 53.
23   ينظر: اسرار البلاغة: 188.
24   ينظر: لغة الشعر الحديث في العراق منذ القرن العشرين ومطلع الحرب العالمية الثانية:19.
25   المثل السائر: 1/240.
26  ينظر: البيان والتبيين: 2/46.
27    عيار الشعر: 8.
28  ينظر: عضوية الموسيقى في النص الشعري: 62.
29   لوائح الجنان وروائح الجنان هو الاسم الاول لهذه القصيدة، ولكن الشيخ ابن الفارض يروي انه خلال خلوته واعتزاله في جامع الازهر بمصر، ظهر له الرسول (ص) في المنام وطلب إليه ان يغير اسمها. ويسميها نظم السلوك، ديوان ابن الفارض: 26.
30   ديوان ابن الفارض: 33.
31   المصدر نفسه: 37.
32  الحياة الادبية في عصر صدر الاسلام: 75.
33    ديوان ابن الفارض: 27.
34   ينظر: ابن الفارض والحب الالهي: 36.
35   ديوان ابن الفارض:31.
36    المصدر السابق: 37.
37   الغزل السياسي في العصر الاموي: 5.
38  ديوان ابن الفارض: 26.
39  ابن الفارض والحب الالهي: 40.
40  ديوان ابن الفارض: 45.
41  المصدر نفسه: 72.
42  ينظر: جماليات المكان: 11.
43    ديوان ابن الفارض: 52.
44  المصدر نفسه.
45  ينظر: لغة الشعر عند الشريف المرتضى: 92.
46  في النحو العربي نقد وتوجيه:296.
47   ديوان ابن الفارض:42.
48   المصدر نفسه: 53.
49   المصدر نفسه:36.
50  في النحو العربي نقد وتوجيه: 234.
51    المصدر نفسه.
52    ديوان ابن الفارض: 57.
53   المصدر نفسه: 76.
54   شرح المفصل: 45.
55   ديوان ابن الفارض: 44.
56   ينظر: مغني اللبيب: 1/231.
57  ديوان ابن الفارض: 76.
58   المصدر نفسه: 79.
59   ينظر: الاتقان في علوم القرآن: 2/222.
60   ينظر: معاني الحروف: 92.
61    ينظر: الكتاب: 2/231.
62 ينظر: المقرب: 192.
63   ديوان ابن الفارض: 51.
64   المصدر نفسه: 47.
65    ينظر: شرح ابن عقيل: 2/201.
66  موسيقى الشعر: 14.
67   العمدة: 1/134.
68    المصدر السابق.
69   ينظر: المصدر نفسه:59.
70   ينظر: المرشد الى فهم اشعار العرب وصناعتها: 1/264.
71   شعر اوس ابن حجر: 518.
72    المصدر السابق: 1/332.
73   العمدة: 1/151.
74    المصدر نفسه.
75    موسيقى الشعر: 246.
76    القوافي الذلل: وهي (الباء،التاء، الدال،الراء،العين،الميم،الباء المتبوعة بألف الاطلاق، والنون في غير التشديد). المرشد: 1/44.
77   ينظر: موسيقى الشعر: 248.
78    ينظر العمدة: 2/76.
79   ينظر: المثل السائر: 2/162.
80   ديوان ابن الفارض: 36.
81   ينظر: الاصوات اللغوية: 46.
82   ديوان ابن الفارض: 52.
83    ينظر: العمدة: 2/25.
84   المصدر نفسه.
85    ديوان ابن الفارض: 47.
86    المصدر نفسه: 30.
87  ينظر: المثل السائر: 1/342.
88   موسيقى الشعر: 45.
89  المصدر السابق.
90     ينظر: الايضاح: 318.
91   ديوان ابن الفارض: 29.
92    ينظر: فنون بلاغية: 225.
93  ديوان ابن الفارض: 35.
94   المصدر نفسه: 36.
95  ينظر: الايضاح في علوم البلاغة: 1/542.
96   ينظر: كتاب الصناعتين: 339.
97  ديوان ابن الفارض: 31.
98    ينظر: الإيضاح في علوم البلاغة: 2/ 477.
99     المصدر نفسه.
100   ديوان ابن الفارض: 30.

المصادر والمراجع
1   ابن الفارض والحب الالهي، محمد مصطفى حلمي، دار المعارف، ط2، القاهرة، (د.ت).
2   الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، تحقيق: د.سعيد المندوب، دار الفكر، لبنان، ط1، 1996م.
3   أسرار البلاغة، عبد القاهر الجرجاني، تحقيق: هـ. ريتر، مطبعة وزارة المعارف، اسطنبول، 1954م.
4   الاصوات اللغوية، د. ابراهيم انيس، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، ط4، 1971م.
5  الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، تحقيق: بهيج عزاوي، دار احياء العلوم، بيروت، ط4، 1998م.
6  البداية والنهاية،
7  البيان والتبين، ابو عثمان الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط5، 1985م.
8   جماليات المكان، غاستون باشلار، ترجمة: غالب هلسا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط2،1984م.
9   الحياة الادبية في عصر صدر الاسلام، محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط2، 1980م.
10 الخصائص، ابن جني، تحقيق: محمد علي النجار، دار الهدى، بيروت، ط2، (د.ت).
11   ديوان ابن الفارض، شرحه وقدم له / مهدي محمد ناصر الدين، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 2005م.
12  زمن الشعر، ادونيس، دار العودة، بيروت، ط2، 1978م.
13  شذرات الذهب في اخبار من ذهب، ابي الفلاح عبد الحي ابن العماد، المكتب التجاري للطباعة والنشر، بيروت، (د.ت).
14 شرح ابن عقيل على الفية بن مالك، بهاء الدين الهمداني المصري، تحقيق:محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، بيروت، 2002م.
15  شعر أوس بن حجر ورواته الجاهليين، دراسة تحليلية، د. محمود عبد الله الجادر، دار الرسالة للطباعة، بغداد، 1979م.
16 الشعر والتجربة، ارشبالد ملكين، ترجمة، سلمى الخضراء، مراجعة، توفيق الصائغ، دار اليقظة العربية للطباعة والنشر، 1993م.
17  شرح المفصل، ابن يعيش، موفق الدين بن علي النحوي، عالم الكتب، بيروت، (د.ت).
18 عضوية الموسيقى في النص الشعري، د. عبد الفتاح صالح نافع، مكتبة الاردن،الزرقاء، ط1، 1985م.
19 العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط4، 1972م.
20   عيار الشعر، محمد بن احمد بن طباطبا العلوي، تحقيق وتعليق: د. طه الحاجري، محمد زغلول سلام، شركة فن الطباعة، القاهرة، 1956م.
21  الغزل السياسي في العصر الاموي،غانم جواد رضا، مطبعة جامعة البصرة،العراق، 1983م.
22 في النحو العربي نقد وتوجيه، د. مهدي المخزومي، بغداد، ط2، (د. ت).
23   فنون بلاغية، البيان والبديع، د. احمد مطلوب، دار الجون العلمية، الكويت، ط1، 1975م.
24   فن الشعر، د. احسان عباس، دار الثقافة، بيروت، ط3، (د. ت).
25  الكتاب، عمرو بن عثمان الملقب بسيبويه، علق عليه ووضع حواشيه وفهارسه، د. اميل يعقوب، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1999م.
26  كتاب الصناعتين (الكتابة والشعر) ابو هلال الحسن بن عبد الله العسكري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد ابو الفضل ابراهيم، منشورات المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1986م.
27  لغة الشعر الحديث في العراق منذ القرن العشرين ومطلع الحرب العالمية الثانية، د. عدنان حسين العوادي، دار الحرية للطباعة، وزارة الثقافة والاعلام، 1985م.
28  لغة الشعر العربي الحديث مقوماتها الفنية وطاقتها الابداعية، د. السعيد الورقي، دار النهضة العربية، بيروت، ط3، 1983م.
29   اللغة الشعرية في الخطاب النقدي العربي، محمد رضا مبارك، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط1، 1993م.
30  المثل السائر في ادب الكاتب والشاعر، ضياء الدين بن الاثير، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة بيروت، 1999م.
31 المرشد الى فهم اشعار العرب وصناعتها، د. عبد الله الطيب المجذوب، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط1، 1955م.
32  معاني الحروف، ابو الحسن علي بن عيسى الرماني، تحقيق: د. عبد الفتاح اسماعيل، دار نهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة، (د. ت).
33  مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، ابن هشام الانصاري، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الكتاب العربي، بيروت، (د.ت).
34  المقرب، ابن عصفور، تحقيق: احمد عبد الستار الجواري، وعبد الله الجبوري، مطبعة العاني، بغداد، 1986م.
35   موسيقى الشعر، د. ابراهيم انيس، مكتبة الانجلو المصرية، ط4، 1972م.
36  النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، جمال الدين ابي المحاسن يوسف بن تغري، دار الكتب، القاهرة، (د.ت).
37  نظرية البنائية في النقد الادبي، د. صلاح فضل، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1987م.
38 - وفيات الاعيان، ابن خلكان، تحقيق: احسان عباس، دار صادر، بيروت (د.ت).
الرسائل الجامعية
1-  لغة الشعر عند الشريف المرتضى (رسالة ماجستير)، أحمد سالم عبيد الشمري، جامعة الكوفة، كلية الآداب، 2012م.





ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة