الجمعة، 5 أغسطس 2016

ديوان الشاعر أحمد الطرس العرامي - ليس يحضرني الآن


ديوان الشاعر أحمد الطرس العرامي - ليس يحضرني الآن


بابٌ لا تراه الريح

في صُحبةِ الشَّجَنِيّ:
ها إني أتيتُ,.
أتيتُ فوق جناحِ قبرٍ عابرٍ
لم تأتِ أيُّ حرائقٍ
في صحبتي
إلا القصيدة
وردة الشَّـجَنِيّ
قوس جهاته
موتاه
قشرة حلمِه

لبّ الغياب.

في صُحبةِ الشَّجَنِيّ:
زارَ الجرحُ وردتـَهُ
وألقى طائرُ الندمِ السلامَ
على زغاريد المنافي,
علَّقتْ ليلى
مفاتنَـها
على أحزانِ قيسٍ،

فرَّ برقٌ واحدٌ
من جيبِ مولاتي
وحطَّ على شبابيكِ الندى
قربَ انطفاءِ (الهيل)،
و ارتعشَ المدى
بجموحِ روحٍ صرصرٍ

لولاه لمْ تهتز
في رأسِ المُغَنِي
زهرةٌ
أو وردةٌ
تندى على شفةِ الرَّبـاب.

في صحبةِ الشَّجَنِـيّ:
لا شجرٌ
يُطلُّ على غدِ المعنى
ولا معنىً تطلُّ عليكَ
قامتُهُ،
غيومٌ ظُـلَّـعٌ
عبرتْ حنينَـكَ
لا صوىً في الريحِ

سوف أطلُّ وحدي
من شبابيكِ الرمادِ
على البلادِ
أُصَـنِّـفُ الأشياءَ:
هذا النهرُ
أولُهُ حطامي،
والندى المبحوحُ
آخرُه دمي,....
,.......

هذا هو المعنى,
فكيف أطيرُ من أعلى
رنينِ الماءِ في لُغتي
إلى امرأةٍ خراب.

من آهةِ الشَّـجَنِيّ:
يخرجُ سربُ أحلامٍ
يحوّمُ في حنينِ الماءِ للأشياءِ
يتركُ قبلةً
في أسفلِ المعنى
ويهمسُ:
(تلك كانت بصمتي)

ويهبُّ من ذكراه
بابٌ لا تراه الريحُ
يفتحُه السؤالُ
عن الحبيبةِ:
كيف حطَّ على غصونِ الماءِ
طائرُها..؟!
وأين ينامُ نهرٌ
كان يجري في سكوني
كنتُ أدعوهُ:
ضفائرَها..؟؟
وأين أنا؟؟
ومن أقصى دمي
من لحظةِ الشَّجَنِيّ...؟؟
زجَّ بضحكتي
في عتمةِ الكلماتِ؟
والموتى ذئاب.

في غفلةٍ من ضحكةِ الشَّجَنِيّ:
طارَ اللوزُ,
حطَّ اللونُ,
وارتعشَ المدى المنقوعُ
في دوامةِ(اللِّزَاب)
وحدي...
سوف أوصدُ
جرحَ هذا البابِ
في وجهِ الصدى,
عمَّا غريبٍ
سوف أدخلُ
في حضورٍ باذخٍ
يمتدُّ من أدنى احتضاراتِ السنونو
في مواعيدي
إلى أقصى التراب.
الآنَ قلتُ جميعَ ما عندي,
ولكن:
ليس يَحْضُرُنِي دمي
لأقولَهُ وأطير...
.........
.........
سوف أقصُّ
هذا الجزءَ من رؤياي:
أوشكُ أنْ أطيرَ إليكَ
يا أبتِ
فيخذلني الغياب.

وأنا المغني

(1)
وأنا المغني:
كلَّما أسرجتُ
بحراً
موجزاً
ومضيت أفتح ما تيسر
من سماواتِ اللغاتِ الزُّهْرِ؛
يذبحني الكلام
على مداخل
صمته الذاوي،
وتصلبني الحروف
على مخارجها.

(2)
وأنا المُغَنـِّي:
كلَّما حاولتُ
أن أتسلقَ الشجرَ
الرخيمَ الضوءِ
في قُبَلِ الحبيب؛
تَشُدُّنِي الآهاتُ
من أطرافِ أغنيتي
وتسقطُ
وردةُ الكلماتِ
في قعر النحيب.

(3)

وأنا المُغَنـِّي:
كلَّما
هبتْ مياهٌ
قد تضمدُ دمعةً
مثقوبةً
في القلب؛
تندملُ
ابتسامة صاحبي.

(4)

وأنا المُغَنـِّي:
كلَّما غنيتُ؛
أنَّـبَنِـي أنِـيْـنِـي.

(5)

وأنا المُغَنـِّي:
كلَّما
نشبَ الضبابُ،
وخرَّ نبضُ الماءِ
يلهثُ في الغيابِ؛
تذكروني....

ماذا تقول القصيدة

هو الموتُ
يرعى قطيعاً من الملحِ
حولَ حمايَ
أنا المتوهجُ كالخوفِ في كفِّ آونتي
جئتُ والحزنُ يجترُّ أنشودتي،
وسرابَ اكتمالي،
وأخيلتي،
ودمي...

يترسبُ في القلبِ
غيمُ حنينٍ
ونافذةٌ مرَّةٌ
وخيالٌ جريحٌ
وذاكرةٌ عاثرةْ.
أبتاااااه:
ويبزغُ وجهُك في أفقي
ويحوّمُ مثلَ فراشةِ حزنٍ
على حافةِ القلبِ.
صوتُك
-يا أبتاه-
يدبُّ إليَّ دبيبَ الأنينِ
إلى جسدِ الأغنياتِ،
دبيبَ النشيجِ
إلى رئةِ الفجرِ/فجر اكتمالك؛

لكنه ليس يطفئ
طعمَ السؤالِ الأليمِ على شَفَتَيِّ البراءةِ:
يا أبتِ
كنتَ تخرجُ
في صحبتي
ـ دائماً ـ
كيف تخرجُ
في صحبةِ الموتِ؟
هذا الرفيقِ
البغيضِ
الغليظِ..

تشبثَ قلبي بأطرافِ حبكَ لي
(أبتاااااااه)
وخارتْ رؤاي
ارتمتْ لغتي بين أقدامِ صمتِك،
قبَّلتُ أحذيةَ الموتِ،
ناشدتُه باسمِ أطفالِه
وتوسلَ دمعي إليه.
ركلَ الموتُ أحلامي الناعساتِ
وألقمَ أغنيتي حجراً،
وتغرغرتِ الريحُ بي و بنَوَّارتي وصباي
فماذا عساها تقولُ القصيدةُ؟؟

-يا أبتِ-
ألفُ مبكيةٍ تتدفقُ من شرق
مرتفعاتِ الطفولةِ،
يهوي دمُ العمرِ في جرةٍ
لكأن الكواكبَ من شجني
خُلِقَتْ
والمجراتِ.
ضاقتْ بي الأمنياتْ
والبلادُ تملَّكَها
حزني المتوثبُ
في شجرِ الضجرِ/ القاتِ
أين يطيرُ بي الحزنُ؟
أين يحطُّ بي الحزنُ؟

ليتَ السماواتِ تنشقُّ
يا أبتاه
وتبلعُني
ليت كفَّك تخرجُ
من حائطِ الموتِ
تمسحُ رأسَ القصيدةِ
تغمرُها بالهدايا
وبالقبلاتِ
وتمنحُها أنتَ (جَعّالَةَ العِيْد)
حلوىً وثوباً ونظارةً
وسماءً مطرزةً بالمحبةِ
تَشْرِي لها
فرحاً طازجاً بريالين
-مثلي زمانَ الطفولةِ-

إنّ القصيدةَ يا أبتِ بانتظارِكَ...
أما أنا
فأنا بانتظار صغيريَ,
هل أنتَ
-مثليَ يا أبتِ-
بانتظارِ صغيرِكَ؟؟
هل أنتَ يا أبتِ بانتظاري؟؟؟

في مهبِّ الموت

وجاءَ الطفلُ يكبرُ أمَّه عاماً
ونصف العام
أحزاناً وآلاما..
وجاءَ الطفلُ
من رحمِ الكنايةِ...

ظلَّ يصرخُ
ظلَّ يبكي
حين كان الأهلُ
في استقبالهِ فَرِحين،
حاول أن يمدَّ يَديهْ...
لشخصٍ كان عندَ البابِ _مبتسماً_
يودِّعُهُ
فتخذله أصابعُهُ،
وحاولَ
ثم حاول،
ثم من حضنٍ
إلى حضنٍ
إلى حضنِ الأسى...
وهناك
بعد مشقةٍ ناما...

نمتْ أحزانُ عينيه
وشاختْ روحُه
واحدودبَ العمرُ
وصارَ الطفلُ يمشي
مثل عكازٍ
بكفِّ الريحِ
صارَ الطفلُ
يكبرُ أمَّه في الهمِّ
أعواماً وأعواماً
تَراه
كأن شيخاً في مهبِّ الموتِ
يسألُ طفلةً في المهدِ:
أين أبي وهل سيعود يا (ماما)؟!

أنا وأبي
وجَدِّي
وابني الوسنانُ
في أحضانِ
بنتِ الغيبِ
جئنا الأرضَ أيتاما...





ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة