الرثاء في شعر نزار قباني: دراسة أسلوبية ,,,

الرثاء في شعر نزار قباني: دراسة أسلوبية

مهى محمود عتوم، تهاني عبد الفتاح شاكر 

 قسم اللغة العربية، الجامعة الهاشمية

دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلّد 36، (ملحق) ، ( ص ص 91 - 103)، 2009 :

ملخـص 

  تتناول هذه الدراسة بالبحث عدداً من قصائد نزار قباني التي تختص بموضوع الرثاء، وهو موضوع لم يتطرق إليه النقاد عموماً من قبل، على الرغم من وجود عدد كبير من الدراسات التي تناولت بالبحث ليس شعر نزار قباني وحسب، بل تعدت ذلك إلى دراسة نثره الفني ونقده. 

   وقد اتخذت الدراسة من الحقل الأسلوبي مدخلاً تلج منه لقراءة القصائد وتحليلها، وفرز الخصائص الأسلوبية الفنية واللغوية التي تميز شعر الرثاء عند نزار قباني، وتفرده عن بقية شعره وهذه الخصائص التي فصلت الدراسة في مناقشتها وتحليلها هي تقنيات فنية وتقنية تمثلت في: المفارقة، والارتداد، والرمز والتناص، بالإضافة إلى تقنيات فكرية وموضوعية هي: المكان/ الإنسان، والثنائيات، وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج حول هذه الخصائص فصلتها في المتن وفي الخاتمة. 

الكلمـات الدالـة: الأسلوب، الأسلوبية، المفارقة، الارتداد، الرمز، التناص، الثنائيات الضدية. 

المقدمـة

  تتخذ هذه الدراسة من "الأسلوبية" مدخلاً تلج منه إلى استبطان النصوص الشعرية، التي تُملي بدورها المحددات النقدية الضرورية لدراستها، فالنص يأتي قبل المنهج، وإنما يتمثل دور المنهج في إقامة الدليل للتأكيد أو للنفي بأن أحاسيسنا الانطباعية تشكلت جراء معالم محددة من معالم الأسلوب التي هي ميزات لأشكال محددة في الأدب، أو ، فالناقد قد يكون واعياً للمنهج الذي (1) لمراحل معينة منه يختاره لدراسته، إلا أن مفردات المنهج تتغير – بالضرورة – تبعاً للنص المدروس، وليس العكس، وإلا كان في الأمر إقحام يسيء إلى النص، ويخل – آخر الأمر – بالهدف المنشود من القراءة والنقد، المتمثل في إظهار خصائص النص، ومسوغات فرادته اللغوية والفنية. وجدير بالذكر أن الدرس الأسلوبي واسع المجالات، ومتعدد المسارات، حتى أنه يصبح مبرراً القول إن الأسلوبية ، وذلك ينشأ – بالدرجة الأولى – من تعدد (2) هي أسلوبيات زوايا النظر التي يتخذها الناقد في معالجة النص، بالتركيز على أحد أضلاع مثلث العملية النقدية: المبدع، النص، القارئ، "وعلى أساس النظر إلى العلاقات بين هذه المقولات .

  تحددت وجهات النظر التي حاولت أن تبلور مفاهيمها . وهذا يؤكد أن كل الاتجاهات (3) الأساسية في الأسلوب" للدرس الأسلوبي – على تنوعها وتباينها – يمكن ردها إلى أحد الأطر الأساسية الثلاثة للعملية الإبداعية، وهو ما يخلق في الوقت ذاته إشكالية تعريف كل من الأسلوبية والأسلوب تبعاً لهذا الاختلاف. فأسلوبية "بالي" التعبيرية تتكئ على المبدع، وأساس أسلوبيته هو "ما يقوم في اللغة من وسائل تعبيرية تبرز المفارقات العاطفية والإرادية والجمالية، بل حتى الاجتماعية ، فالأسلوب هو طريقة المؤلف أولاً، وبالتالي فإن (4) والنفسية" ما يرى في اللغة من وسائل تعبيرية – حسب بالي – إنما يبرز ما يتميز به النص من مفارقات عاطفية وإرادية وجمالية واجتماعية ونفسية تخص المؤلف. وأما أسلوبية "ليوسبيتزر" التي تُدعى بالأسلوبية النفسية، فقد ربط فيها سبتزر بين النص ومؤلفه، وأهم أركان أسلوبيته:"

1- معالجة النص تكشف عن شخصية مؤلفه.

2- الأسلوب انعطاف شخصي عن الاستعمال المألوف للغة.

3- فكر الكاتب لحمةٌ في تماسك النص. .

4- التعاطف مع النص ضروري للدخول إلى عالمه الحميم" فسبتزر يهتم بالمبدع كما اهتم به بالي، ولكنه يهتم بالجانب النفسي، ويتتبع ذلك ويستطلعه من خلال النص، وبالتالي فإن الدخول إلى عالم النص الحميم هو الطريق إلى عالم المبدع الحميم.(5)

الخاتمـة

   قدمت هذه الدراسة جملة من عناصر الأسلوب التي ميزت قصيدة الرثاء في شعر نزار قباني، ومن البدهي القول إن هذه العناصر ليست كل الخصائص الأسلوبية لشعر الرثاء عند نزار، إلا أنها الخصائص التي تميز هذا الشعر وتفرده عن بقية شعره، فالأسلوب بحسب هذه الدراسة هو الطريقة الخاصة في الكتابة التي تفرد الشاعر وتميزه عن سواه من الشعراء وأساليبهم الشعرية؛ ولذا قدمت – الدراسة – ما هو فريد وخاص في كتابة شعر الرثاء عن بقية شعر نزار قباني. وقد توصلت هذه الدراسة إلى عدد من النتائج وهي:

1- إن المفارقة في شعر الرثاء عند نزار نوعان: المفارقة الساخرة، والمفارقة الرافضة، وذلك بحسب المضمون لكل من هاتين المفارقتين، وأما بحسب الشكل فيمكن التصنيف إلى: مفارقة لفظية، ومفارقة رومانسية، والمفارقة في هذا النوع من الشعر تؤدي وظيفة جمالية وفكرية فصلت الدراسة الحديث عنها في المتن.

2- إن الارتداد Flash back تقنية شعرية حديثة دخلت من السينما إلى الشعر والنثر على حد سواء، وقد أدت في شعر الرثاء وظيفة فكرية تتمثل في توضيح حميمية العلاقة التي تربط نزار قباني بمن يحبهم، ويضطر إلى رثائهم، كما أدت وظيفة فنية تتمثل في حشد عدد كبير من الأدوات اللغوية: مثل استخدام الأفعال المضارعة للدلالة على استمرار الأحداث في نفس الشاعر وروحه، بالإضافة إلى استخدام ظروف القرب: هنا، ها أنت....، وكذلك الاستفهام الاستنكاري الذي يكشف عن صدمة نزار بالحقيقة، ومحاولة رفضها، ومجابهتها بعدم التصديق، كما اعتنى نزار بالتفاصيل، وحاول إدخال الحياة اليومية بكل عناصرها إلى قصيدة الرثاء.

3- إن المكان موجود في شعر نزار قباني عامة، إلا أنه في الرثاء استذكار للأماكن الحميمة والخاصة التي جمعت الشاعر بمن أحب ثم فقد، ولذا تظهر العناصر الحميمية المتمثلة في البيت والغرفة ومتعلقاتها من رائحة وسواها، مما يربط بين المكان وساكنيه، بالإضافة إلى تجسيد المكان وبث الروح فيه، ليشارك الشاعر أحزانه على فقد من كانوا فيه، ومنحوه الحياة. 

4- إن الثنائيات في شعر الرثاء عند نزار ترتبط بموضوعة الموت، بالضرورة، ولذا فإن الثنائية الأساسية التي تطرد في قصائد الرثاء هي ثنائية: الحياة/ الموت، وصراع القيم المرتبطة بعنصري هذه الثنائية، بالإضافة إلى الثنائيات التي تتناسل من هذه الثنائية الأساسية، وهي كما قدمتها الدراسة: ثنائية الجمال/ القبح، والخير/ الشر. وبعد؛ فإن هذه الدراسة قدمت أهم الخصائص الفنية واللغوية التي تفرد قصائد الرثاء عند نزار عن بقية شعره، وهي على محدوديتها وقلة عددها، إلا أنها تمتلك هذه الخصائص التي تؤدي وظيفة فنية عالية، لا تقل في دورها وأهميتها عن الخصائص الأسلوبية في شعره عامة، خاصة شعر الغزل والمرأة الذي درس بعناية، وأتى النقاد على جل مظاهره وعناصره الفنية واللغوية في دراساتهم. 

Pathos in Nezar’s Qabany Poetry: A Stylistic Study

 Maha M. Autoom, Tahani A. Shaker*

 ABSTRACT

 This research views a number of "Nezar Qabany" poems specialized in the subject of pathos, This subject which no pundit in general mentioned before. While there where a lot of studies which talked about not only Nezar Qabany's poems, but it considered to study the art of his pathos and criticize it. 

   This study did take the stylistic field as an entrance to introduce the reading of these poems and analyze them, sorting the stylistic and art properties and the language that superior the pathos poetry by Nazar Qabany, and the oneness from all his other poetry.

   These properties which customized the study by methodologies of discussing and analyzing it, is a technical art and a technique represented in: the paradox, and the bounce, and the attribute, in addition to the intellectual and literalism techniques like: the place / the human, and the dualities. The study came out with a number of results about these properties that where detailed in the text and in the conclusion.

Keywords: Style, Paradox, Bounce, Symbol, Attribute, Dualities.

* Department of Arabic Language, The Hashemite University, Jordan. Received on 14/6/2007 and Accepted for Publication on 7/11/2007. 

حمله من هنا