السبت، 5 ديسمبر 2015

الشعر السعودي الحديث وأثره في تعزيز الانتماء العربي الثوابت والمستجدات - د . مجدي خواجي ...


الشعر السعودي الحديث وأثره في تعزيز الانتماء العربي

 الثوابت والمستجدات 

د . مجدي خواجي - قسم اللغة العربية - جامعة الملك سعود - السعودية - مجلة جامعة دمشق - المجلد 24 - العدد : الثالث - الرابع (ص 207 - 247) - 2008م : 

الملخص :

  يعالج هذا البحث موضوع: "الشِّعر السعودي الحديث وأثره في تعزيز الانتماء العربي"، ويحاول أن يقدم تصوراً عن أهم ملامح هذا الانتماء، ومـدى أثـر الشـعر السعودي في تعزيزه لدى الإنسان العربي من خلال الثوابت التي درج عليها الشعراء السعوديون، والمستجدات التي برزت إثر الظروف الراهنة . وفي الوقت نفسه يكشف عن الأساليب التعبيرية والأشكال الفنية التي توسل بها الشعراء لتأصيل هذه الخاصـية وتقويتها في أشعارهم، هذا إلى جانب ما تميزت به فكرة الانتماء نفسـها مـن قيمـة موضوعية جعلت الشعراء السعوديين يهتمون بها، ويلتفتـون إليهـا فـي قصـائدهم وإبداعاتهم الأدبية؛ مما يؤكد تجذر هذه القيمة الإنسانية وامتدادها على مساحة التاريخ الأدبي في القديم والحديث.

1- تعد ظاهرة (الانتماء) من أهم الظواهر الإيجابية، في الأدب العربي الحديث وقد شهدت على مدى السنوات الماضية، تطورات مختلفة تبعاً للتطور الفكري والحضاري الذي يشهده العالم في عصرنا الحالي، ومن هنا كان استدعاء هذه الظاهرة في الشعر السعودي الحديث والوقوف على ملامحها الموضوعية من أولويات البحث الأدبي الذي يعنى بمواكبة المستجدات الثقافية ذات التماس المباشر مع الواقع والفكر والأحداث .

  وبالعودة إلى المعاجم العربية نجد أن لفظة (الانتماء) تدور في فلك الانتساب من ، وبذلك يكون للانتماء وجود موضوعي هـو جهة والزيادة والكثرة من جهة أخرى(1) الزيادة في الأشياء الحية والجامدة، وهذه الزيادة تلتقي مع المفهوم المعاصر للانتمـاء بصفته ظاهرة إنسانية تتطور بالإضافة، أي بالزيادة . (2):

  ومع ظهور الدراسات الاجتماعية والنفسية الحديثة وما أحرزته من تقدم ملموس في الجوانب التجريبية والنظرية رأينا مفهوم (الانتماء) يتشعب وفق معادلات مختلفـة ومدلولات متباينة تلتقي أحياناً وتتشابك أحياناً أخرى، حيث " شـملت أطـراً جديـدة كالعشيرة والقبيلة والأمة، وقد جمعت بين هذه الأطر الاجتماعية روابط مهمة ولـدت ونمت على أرض عاشوا فيها وألفوها فتمسكوا بها، لأنها الحيز المكاني الـذي شـهد مسيرة السلف والخلف، وسيشهد مسيرة الأجيال القادمة، وهذه الدعامة الأولـى مـن . دعائم الأمة وموطن استقرارها وتطورها(3).

(1 ) ابن منظور: لسان العرب، مادة (نمي) ج 15، ص 341.

(2 ) اسليم، فاروق أحمد: الانتماء في الشعر الجاهلي، ص 17.

(3 ) أبو لطيف، ديب، الوعي والانتماء، ص 35.

  يضاف إلى ذلك الانتماء إلى التراث والتاريخ حيث يحفظ الأصل والنسب ويجسد الماضي والحاضر ويصور ما فيهما من انتصارات أو انكسارات، ويسجل مـا خلفـه الأجداد من إبداعات في شتى حقول العلم والمعرفة، وهـو بهـذا المضـمون يشـكل الدعامة الثانية في منظومة الانتماء . وأخيرا يأتي الانتماء إلى اللغة بوصـفها لحمـة القوم الاجتماعية التي توحد الاتجاهات والأفكار فهي الحامل الثقافي والحضاري للأمة التي تنتمي إليه . (1) 
ومن هنا كان المفهوم المعاصر (للانتماء) يعني بأنه " ظاهرة إنسـانية فطريـة تربط بين مجموعة من الناس المتقاربين والمحددين زماناً ومكاناً بعلاقـات تشـعرهم بوحدتهم وبتمايزهم تمايزاً يمنحهم حقوقاً، ويحتم عليهم واجبات، وهو متطور بالإرادة الإنسانية الباحثة عن الأفضل تطوراً ينوع ويوسع ويربط دوائره بالحذف والإضـافة . وليس بالإلغاء، ولا بالخلق الجديد"(2).

(1 ) اليحيى، فرحان: أزمة المواطنة في شعر الجواهري، ص 35.

(2 ) اسليم، فاروق أحمد: الانتماء في الشعر الجاهلي، ص 14.

  وقد ذهب بعض الباحثين إلى تقسيم (الانتماء) إلى نوعين:

أولهما: الانتماء (الطبيعي الأولي ) وتندرج تحته ثلاثة انتماءات: 

أ ) الانتماء العرقي (الأسري والقبلي). 
ب) الانتماء المكاني (الوطني). جـ) الانتماء الديني. 

ثانياً: الانتماء (التالي أو الحديث)، ويضم أربعة انتماءات، هي:

أ ) الانتماء الزمني (التاريخي). 
ب) الانتماء الأيديولوجي . (المذهبي والحزبي). 
ج) الانتماء القومي
د) الانتماء السياسي (الإقليمي).

  وقد سميت هذه الانتماءات بالتالية أو الحديثة لأنها جاءت بعد الانتماءات الطبيعية . وأعتقد أن الارتباط قائم بين نوعي الانتماءات، وأن وجـود (1) في المرتبة والحدوث بعضها لا يعني بالضرورة نفي الآخر أو إلغاءه . بل المعروف أن هناك تزامناً واتفاقاً بين أنواع من الانتماءات، فالإنسان الذي يشعر بانتمائه لأسرة أو قبيلة معينة قد يشعر في الوقت نفسه بالانتماء لوطنه أو لتاريخ واحد يجمعه بأمة كبيرة .

   والمقصود بالترتيب السابق هو مجرد تصور لتطور (الانتماء) تاريخياً وتفرعـه وتعقيداته بسبب الظروف التاريخية والفكرية والاجتماعية مع التسليم بأن كل نوع من هذه الأنواع قد يلبي حاجة أو يسد نقصاً يختلف عما يلبيه أو يسده غيره، فلكـلٍ منهـا . وظيفة يؤديها لتتكامل مع وظيفة الآخر(2) 

2- والحق أن (الانتماء) يتعدى في مفهومه مسألة المشاعر والإحساسات إلـى الحضور الإبداعي على المستويات الثقافية والعلمية كافةً، ولاسيما في مجال الفنـون والآداب والمعارف الإنسانية حيث إن " افتقاد الأمة للهوية المتميـزة يعنـي أمـرين: الأول زيف ذلك الإبداع، والثاني تبعية المبدع لمركز حضاري يستقطبه ويفرض عليه توجهاً يلبي حاجة المركز لا حاجات أمته، وأن مزيداً من الإبداع العربي يعني مزيـداً . من الشعور بالانتماء إلى أمته ومزيداً من الانحياز إلى هويته(3)

(1 ) منصور، حسن عبدالرزاق: الانتماء والاغتراب، ص 21-20.

(2 ) منصور، حسين عبدالرزاق: الانتماء والاغتراب، ص 23. 

(3 ) مجلة المعرفة السورية، ع 164، تشرين أول – اكتوبر 1975م: ص 110. مقال بعنوان (الاغتراب الفلسيطني) لمحمد الزايد.

لمزيد من الإطلاع والتحميل إضغط هنا أو إضغط هنا أو حمله


ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة