الجمعة، 30 أكتوبر 2015

التـاريخ الأدبي بيـن الإبداع والتلقي التفعالية بين القارئ والنص - د. المصطفى عمراني ...


التـاريخ الأدبي بيـن الإبداع والتلقي
التفعالية بين القارئ والنص


مجلة الرافد - د. المصطفى عمراني :

  لقد عرف تاريخ الأدب وتاريخ الفن بصفة عامة ركاماً من المناهج النقدية والاجتهادات التنظيرية التي حاولت بسط طروحات متعددة اعتبرتها متكاملة ومتميزة. ومن بين هذه المناهج نذكر منهج التأريخ الأدبي والمنهج الماركسي، والمنهج البنيوي.. وأهم ما يميز طروحات هذه المناهج ومفاهيمها الإجرائية ارتكازها الأساسي على ثلاثة أقطاب هي: المؤلف والسياق والنص.

وكما هو معلوم، فإن التأريخ الأدبي قد رصد أدواته الإجرائية لدراسة بيوغرافية (سيرة) المؤلف باعتباره سلطة مركزية، لذلك استعان بالمعايير التاريخية والاجتماعية وأحكام الناقد الذاتية.
وقد وجهت الماركسية، من جهتها، عنايتها إلى اكتشاف وظيفة جديدة للظاهرة الأدبية لعدم اقتناعها بنتائج النظرية التأريخية، ومن ثم انصبت أسسها الفكرية على الاهتمام بآليات الواقع من خلال تحديد العلاقة الجدلية بين الإبداع والبنية التحتية.
أما المنهج البنيوي، فقد اختزل أبحاثه بتركيزه على النص، بحيث التجأ إلى تفتيت الجمالية الأدبية بواسطة منظومة من العلاقات المنغلقة التي تعمل داخل بنية النص الداخلية المحايثة. 
لذلك، فإن ما يميز هذه المناهج برمتها هو إخضاع دراساتها لرؤية أحادية الجانب، من خلال ارتكازها على أحد العوامل المشكلة للظاهرة الأدبية. كما أنها (المناهج) تتناول العمل الأدبي ضمن حلقة «جمالية الإنتاج» أو «التصوير (التمثيل) المغلقة». وهي إذ تفعل ذلك، تحرم الأدب من بعد يعتبر، مع ذلك، ملازماً لطبيعته كظاهرة جمالية وكوظيفة اجتماعية، ألا وهو الأثر الذي ينتجه في الجمهور، والمعنى الذي يمنحه له هذا الجمهور، أي بعد «التلقي»(1). يقول ياوس: «إن المنهجين (الماركسية والشكلانية) يهملان القارئ ودوره الخاص الذي ينبغي للمعرفة الجمالية والمعرفة التاريخية أن تعتبره، لأنه هو الذي يتوجه إليه العمل الأدبي بالأساس، لأن الناقد الذي يحكم على مؤلف جديد، والكاتب الذي يبدع عمله تبعاً لنموذج عمل سابق، سلبياً كان أم إيجابياً، ومؤرخ الأدب الذي يقوم بتأويل العمل تاريخياً، من خلال ربطه (العمل) بالحقبة الزمنية والتقليد المنبثق منهما: فكل هؤلاء هم أيضاً وأولاً قراء قبل أن يعقدوا مع الأدب علاقة تأمل تصبح بدورها منتجة. فضمن الثالوث المكون من (المؤلف والعمل والجمهور)، فإن هذا الأخير ليس مجرد عنصر سلبي، بل يتجاوز ذلك إلى تنمية طاقة تساهم في صنع التاريخ، لذلك لا يعقل أن يحيى العمل الأدبي في التاريخ دون المشاركة الفعلية لأولئك الذين يتوجه إليهم»(2).
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنحى الجديد الذي حاولت جمالية التلقي أن تدشنه، بارتكازها على إشكالية التلقي وفعل القراءة، ليس حديث العهد بهذه النظرية، وإنما هو تطوير للمجهودات الفردية، وإغناء للتنظيرات المنضوية تحت إطار منهجي معين، كما سبقت الإشارة إليه في المبحث السابق (سيكولوجية القراءة/ القارئ، سوسيولوجية القراءة، أسلوبية القراءة، سيميولوجية القراءة.. إلخ).
فأمام هذا الركام من الاتجاهات النقدية التي اعتنت بعنصر المتلقي، يبقى الجديد الذي جاءت به جمالية التلقي لا يتمثل أساساً في «الرؤية في ذاتها بقدر ما هو تركيز الاهتمام على ظاهرة التلقي، وخاصة وصفها بدقة والتنظير لها كبديل منهجي»(3)، ويمكن اختزال هذا البديل المنهجي الذي طرحته جمالية التلقي من خلال فرضيتين أساسيتين: الأولى، طرحها ياوس على شكل تساؤل: «ما الذي يقوله النص لي، وما الذي يمكن أن أقوله للنص؟»؛ والثانية وضعها زميله إيزر بقوله بأن العمل الأدبي ليس هو النص وليس هو القارئ. ولكن نقطة الالتقاء الموجودة بينهما في تفاعل دينامي منتج(4)؟.
إذاً فالشيء الجديد الذي أرست به جمالية التلقي قواعدها الأساسية يتمثل في إعادة النظر في البداهة الخاطئة التي تجعل الأثر الأدبي كياناً قائماً بذاته ومتضمناً حقائق في ذاته، لتجعله (الأثر الأدبي) مقروناً بذات مدركة، هي ذات القارئ في إطار علاقة دينامية تفاعلية. فــ«العمل الأدبي يمتلك قطبين يمكن تسميتهما بالقطب الفني، والقطب الجمالي. ويعني الأول النص كما أبدعه المؤلف، أما الثاني فهو تحقيق القارئ له(..) ومن التقاء النص بالقارئ يولد العمل الأدبي»(5).
كما أن جمالية التلقي، وهي تؤسس للعلاقة التفاعلية بين القارئ والنص، تروم خلق حوار سرمدي ومستمر بين النص وقرائه المتعاقبين عليه. وبذلك تنتقد النظرة التاريخية التقليدية التي تبتر العلاقة بين التجربة الماضية والمؤلفات الحاضرة. وهكذا تحرص جمالية التلقي من خلال مقولة التفاعل (Interaction) التي تستند إليها، على تذويب المسافة بين توجهات الأفق الماضي وتشكلات الأفق الحاضر من خلال العثور على حلول للأسئلة والإشكالات التي ظلت عالقة بالعمل الأدبي القديم. الشيء الذي يجعل من تلقي النص «كينونة ووجوداً متجددين، إذ يتلقى في سياقات مختلفة وأزمنة متنوعة ومن قبل متلقين متعددين. وإلحاحها على التلقي جعل النص يتأسس على أنطولوجيتين: أنطولوجية التناص بما يقتضيه من هدم وبناء وإعادة بناء لنصوص سابقة ومعاصرة؛ وأنطولوجية التلقي بما تقتضيه من قراءات بحسب الأمكنة واللحظات وأنواع القراء»(6).
إلا أن تميز جمالية التلقي كإبدال (Paradigme) مغاير في طرحها لقضايا التلقي وطرق اشتغال القراءة، لا يعني بتاتاً القطيعة المطلقة مع المناهج النقدية السابقة، بل على العكس من ذلك، حيث تمثل نتاجاً و«إفرازاً لتراكم نظري، علمي ومنهجي، وتركيباً لاتجاهات وتيارات مختلفة بل ومتعارضة، وهو الشيء الذي يعكسه غنى الخلفية المعرفية التي تستند إليها جمالية التلقي (المادية التاريخية، علم الاجتماع والتحليل النفسي) جنباً إلى جنب مع مبادئ النظرية التواصلية وقواعد السيميوطيقا واللسانيات، هذا بالإضافة إلى الموجه والناظم لكل ذلك والمتمثل في الفلسفة الظاهراتية والتأويلية الحديثة»(7).
وهذا ما يؤكده أحد روادها البارزين (ياوس) في مستهل حديثه عن «النموذج»، من أن المناهج النقدية لا تهبط من السماء، بل لها موقع محدد من التاريخ. وليست نظرية التلقي استثناء من هذه القاعدة(8)، لأنها (جمالية التلقي) «مثل أي نظرية أخرى نشأت ضمن سياق مركب، وكانت واعية بتركيبة الظواهر وبذاتية الملاحظ وبمحدودية ملاحظاته وبنسبيتها، ولذلك، فإنها لا تزعم أنها مطلقة وأنها جاءت بالقول الفصل الذي يقطع قول كل معترض، وإنها أتت بالحكم النافذ الذي لا يستأنف، بل إنها أخذت على عاتقها مقاومة ديكتاتورية المناهج والجماعات والأفراد»(9).
فجمالية التلقي «نشأت في بلد خرج منهزماً من الحرب العالمية الثانية هو ألمانيا، ووصفها د.محمد مفتاح بكونها منهاجية المنهزم (ألمانيا) في مقابل منهاجية المنتصر: البنيوية في فرنسا. وأضاف أنها تسعى إلى إرجاع القيم الإنسانية المفقودة بعد الحرب العالمية الثانية (وخصوصاً القيم الأوروبية) من بينها: قيم الحرية الفردية من الإبداع، وتجاوز مختلف الصعوبات والمشاكل. فهي إذاً -حسب د.محمد مفتاح- ليست فقط نظرية تقنية، وإنما فلسفة متكاملة تدخل ضمن فلسفة العصر الذي نعيشه»(10).
وهذا ما يؤكده روبرت هولب بقوله: «في هذا المناخ من الاضطراب والتمرد المنهجي [الاضطراب الاقتصادي، التحالف الإمبريالي، ظهور الحركة الطلابية، بلوغ جيل ما بعد العهد النازي (ما بعد الحرب) مرحلة النضج..] يصبح من السهل لا مجرد فهم السبب في أن نظرية التلقي جذبت إليها ذلك الحشد القوي من الأتباع فحسب، بل فهم السبب كذلك في أن الإعلان عن «ثورة علمية» كان أداة مناسبة لزمنها، وملائمة للمناداة بموقف معارض للوضع الراهن»(11).
بناءً على هذا يمكن القول بأن «الوضعية السياسية هي التي أدت إلى مقاربة للأدب جديدة ومعارضة، لأن تحدي فرضيات سياسية موجودة استلزم أيضاً تحدياً لمعايير نقدية موجودة، ولهذا انتقل التركيز على إبدالات الواقع والتلقي»(12).
ومن خلال استقراء الأسس الفلسفية والخلفيات المعرفية التي شكلت الإطار العام الذي تمت فيه صياغة مشروع جمالية التلقي، يتبين أن هذه النظرية لم تنشأ من فراغ، وإنما «سنجدها قد اعتمدت على الإرث التاريخي والفلسفي والعلمي الألماني من جهة، وما أنجزه في مجال الدراسات اللسانية والنفسية والأبستمولوجية والفنية في الفكر الإنساني عامة. وسنجد أن كثيراً من المفاهيم التي أعادت بناءها في مجال الأدب وتاريخه وتلقيه، قد استعملت من قبل إما في المجال التاريخي أو الفلسفي أو النفسي أو في الدراسات الأدبية»(13).
وبتبني هذه المعطيات، يعيد ياوس النظر في تلك البداهة الخاطئة -بما هي مبدأ ميتافيزيقي خاص بفيلولوجيا ظلت إلى حد ما أفلاطونية- بداهة جوهر شعري أبدي وراهن باستمرار يكشف عنه النص الأدبي، وبداهة معنى موضوعي، محدد بشكل لانهائي، ويدركه المفسر فوراً في أي زمن»(14).
بهذا المعنى يتحول النص الأدبي من خطاب يمرر معنى أبدياً وسرمدياً، يجب على القراءة اكتشافه، إلى فضاء منفتح على دلالات متعددة وأسئلة لامتناهية وإجابات لايقينية.. وهو ما يفسر، في نظر ياوس، سر خلود الأعمال العظيمة، وسر تأثيرها الدائم والمستمر، حيث تحمل في طياتها أجوبة صالحة عن الأسئلة المحيرة التي تشغل بـال قرائهـا المتعاقبين عليها. الشيء الذي يجعل «النص الأدبي لا يعرف الاستقرار والجمود، ذلك أنه يخضع لمنطق خاص هو (منطق السؤال والجواب) [ف] النص يجيب على سؤال يضعه المخاطب [المتلقي] وبتعدد المخاطبين والأزمنة تتعدد الأسئلة والأجوبة: السؤال الذي وضعه أبو نواس على الشعر الجاهلي ليس هو السؤال الذي وضعه جرير، وسؤال شوقي ليس هو السؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن أحدنا اليوم.. وبالمقابل فإن النص بدوره يطرح أسئلته وعلى المتلقي هذه المرة أن يجيب. يظهر هذا عندما يتعارض النص مع التصورات المألوفة لدى المخاطبين، وقد يؤدي الأمر إلى إبراز تصورات جديدة»*(15).
بناءً على ما سبق، فإن مقولة (منطق السؤال والجواب) تتيح للمؤرخ الأدبي معرفة كيفية تلقي الجمهور الأول للعمل الأدبي، وإمكانية رصد لاختلاف التلقيات، من حيث تأويلها لنفس العمل على طول التاريخ الأدبي. كما أن توظيف هذه الأداة (منطق السؤال والجواب) يسمح بالأساس برصد تطور العلاقة بين العمل والقراء المتعاقبين عليه، وبالتالي يتأكد التواصل بين الحاضر والماضي، من خلال جعل أعمال الماضي منفتحة باستمرار على اللحظة الراهنة. مما يدل دلالة قاطعة على أن العمل الأدبي لا يحمل في ذاته معنى خالداً وقاراً، بل معاني متعددة بتعدد التأويلات المتعاقبة والأجوبة المتتالية والأسئلة المتجددة.
في ضوء هذا الطرح، يبقى أن نتساءل عن هذا الجديد الذي قدمه ياوس للتاريخ الأدبي كبديل للتصورات السابقة، لكن قبل ذلك نتساءل: ما هو تصوره (ياوس) للهيرمينوطيقا الأدبية؟ وما هي الصياغة الجديدة التي اقترحها –كبديل- للتاريخ الأدبي؟
إن «جمالية التلقي تجهر بعقيدتها الهيرمينوطيقية وتتموقع في حقل علوم المعنى، لكن عودتها إلى التأويل لا تفيد إلغاء مكاسب المقاربة البنوية أو التفرغ من جديد لذلك المثل الأعلى المتمثل في التفسير المحايث، حيث يكفي أن ينمحي الكاتب ليدرك موضوعية مزعومة. إن التأويل من منظور جمالية التلقي يتطلب بالأحرى أن يسيطر الباحث على مقاربته الذاتية باعترافه بالأفق المحدود لوضعيته التاريخية»(16). فالأمر هنا يتعلق بتحول الهيرمينوطيقا من بؤرة المؤلف والتفسير المحايث (الموضوعية) إلى القارئ وطريقة فهمه (الإقرار بتعدد التأويلات). و«من ثم تحولت الهيرمينوطيقا من آليات تفسير نصوص تحتل مكانة خاصة في الثقافة إلى علم يعنى بعملية الفهم»(17) من حيث كون الفهم الجسر الذي تنبني عليه علاقة الكائن بالكينونة. فالإنسان كائن يسأل، أي يريد أن يفهم. وليس المقصود هنا بالفهم طلب اليقين، بل هو الذي يضع كل يقين موضع سؤال، وبالتالي، فإن «فهم نص يعني فهم السؤال الذي يطرحه [هذا النص]»(18). إلا أن «فهمنا لنص أدبي لا يعني فهم تجربة المؤلف، بل يعني فهم تجربة الوجود التي تفصح عن نفسها من خلال النص. النص الأدبي -والشكل الفني- وسيط ثابت بين المبدع والمتلقي، وعملية الفهم متغيرة طبقاً لتغير الآفاق والتجارب، ولكن ثبات النص -كشكل- هو العامل الأساسي لجعل عملية الفهم ممكنة»(19).
ولا يمكن أيضاً -حسب ياوس- فهم أي نص أدبي دون استكناه السؤال الذي يجيب عنه ذلك النص، طالما أن كل نص هو جواب عن سؤال. والسؤال الذي يتعين على المؤول أن يعيد تشكيله وفهمه لا يتعلق بالتجربة الفكرية للمؤلف، بقدر ما يتعلق أولاً بمعنى النص نفسه، إلا أن هذا المعنى لا يكون أبداً واحداً وجاهزاً ونهائياً، مادام أن الفهم يتنافى مع الثبات والموضوعية المزعومة. كما أنه في عملية الفهم، لا يمكن، يرى جادامر، إعادة بناء ظروف الماضي مهما حاول أي مؤرخ عبقري ذلك. فهو يضيف ذاتيته إلى الأثر الماضي، من حيث أنه يعتقد أنه يفوز بموضوعيته. فـ«الماضي [ ينبثق] دائماً من زاوية نظرنا الجزئية الخاصة بنا وتوقعاتنا مع «الأفق» الذي يموضع فيه العمل نفسه. في هذه اللحظة نلج عالم الفن الغريب، لكننا نضمه، في الوقت نفسه، إلى واقعنا، محققين فهماً أكثر كمالاً لذواتنا.»(20)، وهو نفس التصور الذي نجده عند ياوس -الذي استفاد كثيراً من هيرمينوطيقا جادامر- فهو (ياوس) لا يعرف تاريخ الأدب بما هو وصف موضوعي لتعاقب الأحداث، بل بكونه إعادة تشكل للماضي في ذهن المؤرخ، كما يقول كولينغ وود (R. W C Collingwood). من هذه الزاوية ينحصر تاريخ الأدب في عملية «التلقي والإنتاج الجماليين، التي تتم في تحيين النصوص الأدبية، من لدن القارئ الذي يقرأ والناقد الذي يتأمل، والكاتب نفسه المدفوع إلى أن ينتج بدوره»(21)، ولذلك فهو (ياوس) يرفض الاعتقاد القائل بأن المؤول أو المفسر أو المؤرخ الأدبي يكفيه أن يغوص في أعماق النص، ليرى «حقيقة معناه الأبدية»، لأن ذلك يعني في رأيه إعطاء المشروعية للأسئلة المطروحة والأجوبة المقترحة. فـ«العمل القديم لا يحيا داخل تقليد التجربة الجمالية لا مع الأسئلة الأبدية ولا مع الأجوبة المستمرة، وإنما يحيا بفضل التوتر المفتوح بين سؤال وجواب، معضلة وحل، الذي يمكنه أن يستدعي فهماً جديداً وإحياء الحوار بين الحاضر والماضي»(22).
من هنا يقوم تصور ياوس للهيرمينوطيقا الأدبية على علاقة القارئ المؤول بالنص، باعتباره (أي المؤول) من يحقق كينونة النص، أي من ينقله من نطاق الوجود بالقوة إلى نطاق الوجود بالفعل. ويتمخض عن هذه العلاقة التفاعلية بين النص والمتلقي -كسيرورة اتصال وانصهار بين أفقين- تشكل معنى النص، وذلك من خلال مستويين: شكلي ودلالي، مادام أن النص كموضوع جمالي، يمتلك خاصية شكل فني، وخاصية جواب عن سؤال(23): «فحين يبرز نص أدبي أصيل، من بين آثار الماضي الخرساء، ويستطيع مخاطبة أجيال قادمة، فليس لأن شكله يقاوم الزمن (..)، بل لأن هذا الشكل -بمفارقته للوظيفة العملية للغة التي تجعل من النص شهادة على حقبة محددة-يبقي دلالة النص دوماً مفتوحة وحاضرة، رغم الزمن الذي يتغير ويغير، باعتبار تلك الدلالة جواباً ضمنياً يخاطبنا في النص»(24)، وبالتالي تكون «الحقيقة التي يتضمنها العمل الفني -كمثيلتها في الفلسفة والتاريخ- حقيقة ليست ثابتة، ولكنها تتغير من جيل إلى جيل، ومن عصر إلى عصر طبقاً لتغير أفق التلقي وتجارب المتلقين، ولكن الوسيط أو الشكل الفني الثابت هو الذي يجعل عملية الفهم ممكنة»(25)، مما يعني أن العمل لا يحمل في ذاته معنى أبدياً وثابتاً، بل معنى متحولاً بتحول القراءات، عبر التتابع التاريخي لتجسداته، أي من خلال وحدة اللحظات الثلاث المشكلة للفعل الهيرمينوطيقي* (الفهم، التأويل والتطبيق). فـ«النص القانوني أو الديني، لا يتطلب فقط أن يفهم تاريخياً. فدلالة قانون، عليه أن يتجسد في تطبيقه على كل حالة جديدة، كما أن النص الديني عليه أن يفهم كرسالة خلاص بطريقة جديدة، في كل حالة ملموسة. فلأي سبب يتوقف التأويل الأدبي، عند تكوين ماض «كما لو كان واقعياً»، أو عند وصف نص، لمجرد لذة متواضعة «للوصف في حد ذاته؟» فإذا كانت الهيرمينوطيكية الأدبية، بدورها تريد بلوغ عملها إلى اللحظة الملموسة للتأويل -وهذا ما يعني: الحكم الجمالي والتاريخي- فعليها أن تعترف بالتطبيق كجزء ملازم لكل تأويل، وأن تجد في التجربة الجمالية وحدة اللحظات الثلاث للفعل الهيرمينوطيكي»(26).
بعدما تعرضنا لموقف ياوس من الهيرمينوطيقا الأدبية -والتي أخذت مع أبحاثه آفاقاً جديدة من النظر، أهمها لفت الانتباه إلى دور القارئ أو المتلقي في تحيين العمل الأدبي وتأويله؛ وتفنيد البداهة الخاطئة التي تقر بالمعنى الثابت وبالموضوعية السرمدية.. - لنر كيف ينظر إلى التاريخ الأدبي.
يقول ياوس: «إن التحولات التي تحدثها في السلسلة الأدبية لا تتكون في تعاقب تاريخي إلا حين تسمح مناقضة الشكل الجديد للشكل القديم بإدراك علاقة الاستمرار التي تجمعهما. وهذا الاستمرار الذي يمكن تعريفه في انتقال من الشكل القديم إلى الشكل الجديد ضمن تفاعل العمل والمتلقي، سواء كان جمهوراً أو ناقداً أو كاتباً جديداً)، أي ضمن تفاعل الحدث الواقع والتلقي الذي يعقبه، إن هذا الاستمرار يمكنه أن يدرك منهجياً من خلال المسألة المتعلقة بالشكل والمضمون، «التي يطرحها ويضعها كل عمل فني كأفق يحدد الحلول التي ستكون ممكنة بعده»(27).
يرى ياوس، بناء على هذا التصور، أن الدراسة التعاقبية للعمل الأدبي تكتسي أهمية بالغة في نظرية التلقي، من حيث إيلاء الأهمية لسيرورة التفاعل بين هذا العمل والقراء المتعاقبين عليه في التاريخ. إلا أن ياوس يرى أنه لا يمكن استيعاب معنى العمل الأدبي وشكله كما فهم بطريقة تطورية فحسب، وإنما يتحول منظور البحث أيضاً في «الغوص» داخل السلسلة الأدبية التي ينتمي إليها العمل، لاستجلاء التجديدات التي أضفاها القراء المتعاقبون على العمل القديم. وهكذا، فإن القراءة المتعاقبة تفتح الأفق أمام إنتاجات جديدة تحاول أن تعالج معضلات المؤلفات السابقة؛ كما تطرح هي الأخرى معضلات جديدة. فالعلاقة الجدلية بين الإنتاج القديم والتلقي الحاضر تحملنا على طرح التساؤلين التاليين: كيف يتم هذا التجاوز المستمر من إبداع قديم إلى خلق فني جديد رغم وجود معارضات شكلية وخاصيات مختلفة، وأنساق تحويلية بين الطرفين؟ وكيف تتمكن هذه الجدلية من ابتكار قواعد تأليفية جديدة؟
إن عملية إعادة ترهين النصوص تسعى إلى دراسة العلاقات الجدلية بين الإنتاج الفني والتلقي. وبما أن هذه التلقيات تهدف إلى إعادة خلق الماضي بواسطة التلقي الجديد، فإنها تزيح الستار عن المؤلفات المنسية، لكي تعثر على أشياء غير مدركة من قبل المؤلفات الماضية. وبهذه الطريقة يتم اللقاء بين أفق المؤلفات الماضية وأفق المتلقي الحاضر، حيث يفضي انصهار هذين الأفقين إلى تذويب المسافة بينهما، وإلى بناء فعل تواصلي بين الإنتاج القديم والتلقي الراهن. الشيء الذي يحملنا على الاعتقاد بأنه لا يتشكل أفق حاضر بمعزل عن الأفق الماضي التاريخي، ولا يتجسد العمل القديم دون أفق حاضر. ومن البديهي أن تقترح الأفعال الإنجازية المتسلسلة أجوبة عن الأسئلة المطروحة في الأعمال القديمة. غير أن هذه البنيات الإنجازية قد لا ترضي القراء المتعاقبين، فيهرعون إلى البحث عن أجوبة أخرى تبرز تمظهرات دلالية مختلفة للإجراءات الدلالية السابقة. لكن يبقى أن هذه الأعمال القديمة لا يمكن أن تبوح بشيء للمتعاقبين، إلا إذا كانت مفتوحة وحاضرة رغم مرور الزمن، وتسمح بتغيير أسئـلتها وأجوبتها الضمنية بطريقة دائمة ومستمرة.
هكذا يتبين أن جدلية الإنتاج والتلقي تستهدف إنتاج مؤلفات جديدة، إما بإدراكها بطرق مختلفة، وإما بإعادة فعل كتابتها، لكن ما يمكن تسجيله -في تقدير ياوس- هو أن هذا التجديد لا يكتسي خاصية جمالية فقط، وإنما يكتسي خاصية تاريخية كذلك(28). من حيث إن الإدراك أو التلقي الأول والمعاصر للعمل الأدبي -الذي يتضمن حكماً ذا قيمة جمالية- يمكن أن يتطور ويغتني من جيل إلى آخر ليشكل سلسلة متعاقبة من التلقيات، كفيلة بإقرار أهمية العمل ومكانته التاريخية (سر الاستمرارية والخلود).
لكن رغم أهمية الإجراء التعاقبي، في جعل تاريخ التلقي يحيلنا إلى التحولات التي تطرأ داخل التجربة الجمالية، ويساعدنا على استحضار صلات المؤلفات الأدبية أثناء سيرورتها التاريخية، فإنه من الواجب- حسب ياوس- أن نركز اهتمامنا كذلك على دراسة كل مرحلة على حدة بطريقة تزامنية، لكي نرصد التغييرات الشكلية والمضمونية التي تعتري اللحظات التاريخية. يقول ياوس: «من الممكن أيضاً دراسة مرحلة [معينة] من التطور الأدبي بالتقطيع السانكروني، وتوحيد أعمال متعاصرة، ذات تعدد غير متجانس، في بنيات متعادلة أو متنافرة أو متراتبة، والكشف بالتالي عن نسق شامل في أدب حقبة تاريخية معينة. وهكذا يمكن استخلاص منهج جديد لعرض تاريخ الأدب يضاعف التقاطيع السانكرونية في نقط تاريخية معينة، مما يبرز، ضمن صيرورة البنيات الأدبية، تمفصلات الحقب فيما بينها، وكذا التحولات من حقبة إلى أخرى»(29).
إن الفرضية الأساسية لدى ياوس هي النظر إلى تاريخ الأدب كنسق، حيث إن كل مرحلة لها قيمتها الخاصة التي لا تنطبق بكيفية مباشرة على عصور أخرى(30). فكم من آفاق انتظار متعددة تتعايش في فترة واحدة. كما أن المسافة التاريخية للأدب، لا يمكن ضبطها إلا إذا طبق المؤرخ الأدبي التقطيع التزامني، وذلك لرصد الدلالات والإشكالات المطروحة في نقطة تاريخية معينة.
في ضوء ما سبق، يتبين أن العلاقة المتينة بين المقاربة التعاقبية والمقاربة التزامنية هي التي تساعد الدارس الأدبي على استخلاص التأويلات وآفاق انتظار القراء في حقب تاريخية محددة، وداخل المسار التعاقبي الممتد. إلا أنه رغم أهمية الدراسة التعاقبية والتزامنية، فإن مهمة تاريخ الأدب لا تكتمل أساساً بواسطة هذين الإجراءين فقط، وإنما أيضاً بفضل العلاقة الحوارية الضمنية التي يقيمها مع التاريخ العام. يقول ياوس: «لا تنحصر هذه العلاقة في إمكانية الكشف، داخل أدب كل الأزمنة عن تصورات معينة للحياة الاجتماعية، [سواء كانت] نمطية أو مؤمثلة أو قدحية أو طوباوية. فالوظيفة الاجتماعية للأدب لا تتمظهر في أهمية إمكانياتها الأصيلة إلا حيث تتداخل التجربة الأدبية للقارئ في أفق انتظار حياته اليومية، فتوجه رؤيته للعالم أو تعدلها. ومن ثم تؤثر في سلوكه الاجتماعي»(31).
إن الإجراء الأخير الذي أدرجه ياوس يكتسي أهمية بالغة من حيث مساهمته في إخراج الأدب من تقوقعه الخاص، والدفع بهذا الأخير (الأدب) إلى المساهمة الفعلية في المجتمع. مادام «التاريخ الأدبي القائم على اللحظات المتعاقبة والمتزامنة، على نحو ما بينا، قاصراً؛ لأنه سيظل في نطاق المجال الأدبي. أضف إلى هذا أنه يكرس فكرة أن التاريخ الأدبي يمكن فهمه وكتابته مستقلاً عن جوانب التطور الاجتماعي»(32).
إن تصور ياوس الجديد للتاريخ الأدبي في علاقته بالتاريخ العام هو في الحقيقة محاولة لتجاوز النظريتين البنيوية والسوسيولوجية (المؤسستين على جمالية التمثيل والإنتاج)، اللتين تقصيان بعد التلقي. وهي زاوية (التلقي) يتم بموجبها تحديد «الوظيفة التشكيلية للأدب من الناحية الاجتماعية». وفي «هذا السياق يكتسب أفق التوقعات مغزى جديداً؛ فهو يشتمل -بوصفه بنية تصورية اجتماعية- لا على المعايير والقيم الأدبية فحسب، بل على الرغبات والمطالب والطموحات كذلك. ومن ثم، فإن العمل الأدبي يستقبل ويقوم «في ضوء خلفية من الأشكال الفنية الأخرى، وفي ضوء خلفية من تجربة الحياة اليومية كذلك». وفي هذا النطاق تتاح للعمل إمكانية القيام بدور حيوي في عملية تلقيه، وإعادة النظر في المواضعات الاجتماعية وتغييرها من خلال المحتوى والشكل على السواء»(33).
من هنا يكمن الدور الذي يضطلع به بعد التلقي في تخليص القارئ من إكراهات حياته اليومية، من خلال تجديد إدراكه للأشياء؛ ومن خلال تعديل رؤيته للعالم ولحياته اليومية، وبالتالي لإدراكه الجمالي. وهو الأمر الذي لا يتأتى –كما بينا- عبر تأسيس علاقة بين سلسلة أدبية وسلسلة غير أدبية، بإمكانها أن تستوعب العلاقات بين التاريخ العام والأدب -كتاريخ خاص- دون إفراغ هذا الأخير (الأدب) وتجريده من خصوصيته الجمالية الملازمة له، ودون إخضاعه لوظيفة انعكاسية(34). يقول ياوس: «إن الفجوة بين الأدب والتاريخ، بين المعرفة الجمالية والمعرفة التاريخية، يمكن ملؤها إذا لم يقم التاريخ الأدبي بمجرد وصف مسار التاريخ العام كما تعكسه الأعمال الأدبية مرة أخرى، ولكن -بالأحرى- عندما يستكشف التاريخ الأدبي خلال «التطور الأدبي» تلك الوظيفة المشكلة حقاً للمجتمع، التي تنتمي إلى الأدب في تنافسه مع الفنون والقوى الاجتماعية الأخرى في تحرير البشرية من قيودها الطبيعية والدينية والاجتماعية»(35).
تأسيساً على ما سبق، يتبين أن جمالية التلقي سعت إلى إعادة النظر في مناهج تاريخ الأدب، فاقترحت منهجاً بديلاً يقوم على مبادئ إجرائية مغايرة، أهمها:(36)
1 - تحويل منظور البحث من جمالية الإنتاج والتصوير التقليدية، التي تنبني عليها المقاربتان المحايثة والماركسية للأدب، إلى جمالية التلقي، أي الأثر الذي ينتجه العمل الأدبي في القارئ، بحيث تتكون تاريخية الأدب من هذه العلاقة الجدلية (الحوارية) بين العمل والمتلقي.
2 - وصف وتحليل تلقيات القراء المتعاقبين (خاصة القراء -النقاد) للعمل الأدبي كل حسب أفق انتظاره الخاص، وذلك بإعادة تشكيل هذا الأفق وتعيين معاييره الجمالية.
3 - تحديد نوعية وشدة الأثر الذي يحدثه العمل في القارئ، فكلما كان الأثر قوياً -أي بقدر انزياح العمل عن معايير القارئ الجمالية وتغييره لأفق انتظاره، كان هذا العمل ذا قيمة جمالية. أما إذا ائتلف مع أفق انتظاره، فهو عمل مبتذل. فالمسافة الجمالية بين أفق الانتظار والعمل الأدبي الجديد -التي يمكن قياسها بردود فعل الجمهور وبأحكام النقاد- خير مقياس يحتكم إليه لتحديد جمالية العمل.
4 - الكشف عن طبيعة فهم القراء المتعاقبين للعمل الأدبي، بإعادة تشكيل آفاق الانتظار الخاصة بهم، مما يظهر بوضوح الاختلاف التأويلي في فهم هذا العمل بين الماضي والحاضر، بين أفق انتظار قديم وآخر معاصر، وكذا تعدد دلالاته بحسب تعدد تلقياته وتباينها. ويسمح هذا الإجراء بالتأريخ لمختلف تلقيات عمل أدبي ما من حيث شكله ودلالته.
5 - تصنيف كل عمل في «السلسلة الأدبية» التي ينتمي إليها، بهدف تحديد وضعه التاريخي، وكذا دوره وأهميته في السياق العام للتجربة الأدبية. فبالانتقال من تاريخ تلقي الأعمال إلى التأريخ الحدثي للأدب، يتضح أن هذا الأخير سيرورة يؤدي فيها التلقي السلبي للقارئ والناقد إلى التلقي الإيجابي للمؤلف وإلى إنتاج جديد، أي سيرورة يمكن فيها للعمل اللاحق أن يحل المعضلات الأخلاقية والشكلية، التي تركها معلقة العمل السابق، وأن يطرح بدوره معضلات أخرى.
6 - التوفيق بين المسعى الدياكروني، الذي يؤرخ لتلقيات العمل المتعاقبة والمسعى السانكروني، الذي يستهدف بواسطة تقاطيع تزامنية في التاريخ الأدبي دراسة استراتيجيات التلقي في مرحلة معينة من التطور الأدبي، وتوحيد أعمال متعاصرة ذات تعدد غير متجانس في بنيات متعادلة أو متنافرة أو متراتبة، مما يسمح بالكشف عن نسق شامل في أدب حقبة تاريخية معينة. لذلك، فمضاعفة التقاطيع السانكرونية في نقط دياكرونية مختلفة تساعد على إبراز تمفصلات الحقب فيما بينها، ضمن صيرورة البنيات الأدبية، وكذا التحولات من حقبة إلى أخرى.
7 - النظر إلى الإنتاج الأدبي -بما هو «تاريخ خاص»- في علاقته النوعية مع «التاريخ العام». ولا تتحدد هذه العلاقة بإمكانية الكشف عن تصورات معينة للحياة الاجتماعية، إما نمطية أو مؤمثلة أو قدحية أو طوباوية، في أدب كل الأزمنة. فالوظيفة الاجتماعية للأدب لا تتمظهر في أهميتها الحقيقية إلا حيث تتدخل التجربة الأدبية للقارئ في أفق انتظار حياته اليومية، فتوجه رؤيته للعالم أو تعدلها، ومن ثم تؤثر في سلوكه الاجتماعي.
هذه باختصار، أهم المبادئ والطروحات التي تنبني عليها جمالية التلقي بشكل عام، ومشروع ياوس بشكل خاص. ولعل الاستناد إلى بعضها (الطروحات)، سيمكننا من إدراك طبيعة النص الأدبي باعتباره متعدد المعاني، وقابلاً لقراءات وتأويلات مختلفة ومتنوعة.

______________

الهوامش:

1 -H.R Jauss: pour une esthétique de la réception , traduction : claude maillard ,ed Gallimard, Paris 1978. p43.44.
2 -Ibid, p 44.45.
3 - د. رشيد بنحدو: مدخل إلى جمالية التلقي، مجلة آفاق، عدد 6، 1987 دار النشر المغربية ص12.
4 - فولفغاغ إيزر: «فعل القراءة، نظرية جمالية التجاوب في الأدب»، ترجمــة: د. حميد لحمداني، د.الجيلالي الكدية، منشورات مكتبة المناهل 1995، ص12.
* فهذه القولة مثلاً تختزل، حسب روبرت هولب، استراتيجية إيزر التحليلية على أساس رسم حدود بين ثلاثة ميادين للاستكشاف: أما الميدان الأول فيشتمل على النص بما هو وجود بالقوة للسماح بإنتاج المعنى واستغلاله، [..] وأما الميدان الثاني ففيه يفحص إيزر عملية معالجة النص في القراءة. وهنا تكون للصور العقلية التي تتشكل في أثناء محاولة بناء موضوع جمالي متناغم ومتلاحم أهمية قصوى. وأخيراً فإنه يلتفت إلى بنية الأدب الإبلاغية، لكي يتفحص الشروط التي تسمح بقيام التفاعل بين النص والقارئ وتحكمه. (روبرت هولب: نظرية التلقي، ص202-203).
5 - (H.R.Jauss: pour une esthétique de la réception, op.cit. p212 (marge
6 - أحمد بوحسن: نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث، مجلة نظرية التلقي: إشكالات وتطبيقات، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1993، ص7-8.
7 - عبدالعزيز طليمات: فعل القراءة (بناء المعنى وبناء الذات) مجلة نظريات التلقي (إشكالات وتطبيقات) مرجع سابق، ص150.
8 - روبرت هولب: نظرية التلقي، ترجمة عز الدين إسماعيل، النادي الأدبي الثقافي بجدة، ط1، 1994، ص62.
9 - د.محمد مفتاح: من أجل تلق نسقي، مجلة نظرية التلقي (إشكالات وتطبيقات) مرجع سابق، ص45.
10 - نقلاً عن د. محمد مفتاح: نظرية التلقي وقراءات القصيدة المغربية، جريدة العلم (الملحق الثقافي) الاثنين 9 مارس 1992.
11 - روبرت هولب: نظرية التلقي (مرجع سابق) ص57.
12 - فولفغانغ إيزر: نقد استجابة القارئ، ترجمة: أحمد بوحسن، مجلة من قضايا التلقي والتأويل، ص216.
13 - أحمد بوحسين، نظرية التلقي والنقد الأدبي العربي الحديث (مرجع سابق) ص26.
14 - H.R.Jauss: pour une esthétique de la réception, op.cit. p 58.
* انظر مثلاً ردود الفعل التي أثارها شعر أبي تمام وشعر نزار قباني خاصة من قبل المحافظين والسلفيين.
15 د.عبدالفتاح كيليطو: الأدب والغرابة.. دراسة بنيوية في الأدب العربي، دار الطليعة، بيروت، نيسان (أبريل) 1983 ص44.
16 - د.رشيد بنحدو: قراءة في القراءة مجلة وليلي (مرجع سابق) ص16.
17 - د. الجلالي الكدية: الترجمة بين التأويل والتلقي، مجلة الترجمة والتأويل، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1995 ص52.
18 -H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit p. 107.
19 - نصر أبو زيد : الهيرمينوطيقا ومعضلة تفسير النص، مجلة فصول (النقد الأدبي) م1 ع3 أبريل 1981 ص155.
20 - تيري إيجلتون: الظاهراتية، الهيرمينوطيقا ونظرية التلقي، ترجمة: محمد خطابي مجلة علامات عدد3، 1995 ص22.
-21 H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit p. 48.
22 - H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit 113-114.
23 - د.رشيد بنحدو: النص الأدبي من الإنتاج إلى التلقي (مقاربة مصطلحية)، عمل مرقون بمكتبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز – فاس تحت رقم 684 ص394.
24 - نفسه، ص394.
25 - نصر أبو زيد: الهيرمينوطيقا ومعضلة تفسير النص، مجلة فصول (النقد الأدبي) م1 ع3 أبريل 1981 ص154.
* إن وحدة اللحظات الثلاث المشكلة للفعل الهيرمينوطيقي تنسجم مع البنية الثلاثية لأفق القراءة -كما طرحها ياوس- بصورة يمتلك فيها كل أفق زمنه الخاص. وتتحدد كالتالي:
-أفق القراءة الأولى: ويتحدد بموجبه زمن الإدراك الجمالي (الفهم)
-أفق القراءة الثانية: ويتحدد بموجبه زمن التأويل الاسترجاعي (الـتأويل)
-أفق القراءة الثالثة: ويتحدد بموجبه زمن التأويل التاريخي (التطبيق).
[HR Jauss : Pour une herméneutique littéraire Traduction : Maurice jacob ; ed . Gallimard , 1982. p. 357].
26 - هـ.ر. ياوس: جمالية التلقي والتواصل الأدبي، ترجمة: سعيد علوش، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 38 آذار، 1986، ص108.
27 - H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit p. 66.
28 - Ibid p. 67.
29 - Ibid p. 68-69.
30 - د.محمد مفتاح: نظرية التلقي وقراءات القصيدة المغربية (الملحق الثقافي) مرجع سابق.
-31 H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit p. 72-73.
32- روبرت هولب: نظرية التلقي (مرجع سابق) ص169 - 170.
33 - نفسه، ص173.
-34 H.R Jauss : Pour une esthétique de la réception op. cit p. 43.
35 - روبرت هولب: نظرية التلقي (مرجع سابق) ص174-175.
36 - د.رشيد بنحدو: العلاقة بين القارئ والنص في التفكير الأدبي المعاصر مجلة عالم الفكر، المجلد 23 عدد 1-2 يوليو – سبتمبر – أكتوبر – دسمبر 1994. ص491 - 492.


ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة