وصيّة أمامة بنت الحارث لبنتها عند زواجها
أمامة هي من بني شيبان، اشتهرت بالفصاحة والعقل وسداد الرأي ، عاشت في العصر الجاهلي، وكان زوجها –عوف بن محلمَّ الشيباني- سيداً في قومه.
ولما خطب ملك كندة: الحارث بن عمرو، ابنتها أم إياس، أوصتها أمها بوصيّة تعدّ من أفضل ما قيل في موضوعها، بيّنت فيها دعائم الحياة الزوجية الناجحة، وما يجب على المرأة تجاه زوجها .
الوصية:
أيْ بُنيّة:
إن الوصية لو تُركت لفضلِ أدب(1)، تُركت لذلك منكِ ، ولكنها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل.
ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغِنَى أبَويها، وشدّةِ حاجتهما إليها، كنتِ أغنى الناس عنه ، ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهنّ خُلق الرجال.
أي بُنيّة:
إنك فارقت الجوَّ الذي منه خرجت ، وخلّفت العُشَّ الذي فيه درجْتِ(2) ، إلى وَكرٍ لم تعرفيه(3) ، وقرينٍ لم تألفيه(4) ، فأصبح بملكه عليك(5)، رقيباً ومَليكاً ، فكوني له أمَةً، يكن لكِ عبداً وشيكاً(6).
أي بُنية:
احملي عني عشرَ خِصال تكن لك ذُخراً وذكراً:
الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
والتعهّد لموقع عَينه ، والتفقد لموضع أنفه:
فلا تقعُ عينُه منك على قبيح ، ولا يشمُّ منكِ إلا أطيبَ ريحٍ ، والكحل أحسن الحسْن ، والماء أطيبُ الطِيب المفقود.
والتَعهد لوقت طعامه ، والهدوُّ عنه(7) عند منامه:
فإن حرارة الجوع مَلْهبَة، وتنغيصَ النوم مَغْضَبَة.
والاحتفاظ ببيته وماله ، والإرعاء(8) على نفسه وحَشَمِه وعياله:
فإن الاحتفاظ بالمال حسنُ التقدير ، والإرعاءَ على العيال والحشَم جميلٌ حَسنُ التدبير.
ولا تُفشي له سراً. ولا تَعصي له أمراً:
فإنك إن أفشيتِ سرَّه، لم تأمنَي غَدْرَه ، وإن عَصَيْتِ أمره، أوْغَرتِ صدرَه(9).
ثم اتقي من ذلك:
الفَرحَ إن كان تَرِحاً(10) ، والاكتئابَ عنده إن كان فَرحاً ، فإن الخَصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير.
وكوني أشدَّ ما تكونين له إعظاماً ، يكن أشدَّ ما يكون لكِ إكراماً ، وأشدَّ ما تكونين له موافقة ، يكن أطول ما تكونين له مرافَقةً.
واعلمي أنك لا تَصلين إلى ما تحبّين ، حتى تُؤْثري رضاه على رضاك، وهَواهُ على هواكِ، فيما أحببتِ وكرهتِ والله يَخيرُ لك (11).
____________
الهوامش
(1) لفضل أدب: لزيادة أدب.
(2) أي تركت بين أبويها.
(3) هو بيت الزوجية.
(4) هو الزوج الذي لم تعاشره من قبل.
(5) أملكه إياها: زوّجه فملكها مِلْكاً.
(6) سريع الإجابة.
(7) أي السكون.
(8) الإرعاء: الرعاية.
(9) ملأته غيظاً وحقداً.
(10) حزيناً مكتئباً.
(11) خارَ له في الأمر، يَخير، خَيْراً، جعل له فيه الخير، أو أعطاه ما هو خير له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق