الجمعة، 18 سبتمبر 2015

المفاهيم الأيديولوجية في مجرى حراك الثورات العربية - سهيل الحبيب ...



المفاهيم الأيديولوجية في مجرى حراك الثورات العربية 


سهيل الحبيب 


الطبعة : الأولى 2014

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات


  يعرض الكتاب رؤية متكاملة ترى أن ثمة خطرًا من ظهور اتجاهات انقسامية في سياق الانفتاح السياسي ، أو أن تتصادم أولوية بناء الديمقراطية مع "الوطنية" التي تعني أولوية بناء الدولة، ولذلك ينبغي للانتقال الديمقراطي أن يفضي إلى تحوّل مجتمعي متكامل يشمل، في الوقت نفسه، إعادة بناء الأمة والدولة والمجتمع المدني وقيم المواطنة.

المفاهيم الأيديولوجية في مجرى حراك الثورات العربية

السورية - 09/ 08/ 2014

   تندرج مادة هذا الكتاب، ضمن إشكالية العلاقة بين المثقف والثورة، التي طرحت نفسها بقوة بعد اندلاع الحراك الجماهيري الواسع الذي عم شطراً واسعاً من العالم العربي، واختيار قطاع كبير من المثقفين العرب المهتمين بالشأن العام القفز على هذه الإشكالية قفزاً عملياً مبسطاً، بإعلان الانحياز المطلق إلى حراك "الشعب العظيم" وتحقير شأن النظريات والأفكار والرؤى النقدية والدعوة إلى "التعلم" مباشرة من الفعل الجماهيري الحسي والملموس وما حققه من "معجزات" لا تقدر على تمثلها المفاهيم والأطر النظرية السائدة. بحيث غدى المثقف بذلك ثورياً تابعاً لحركة الجمهور ومعبراً صادقاً أميناً عنها. وكأن مزية المثقف لا تتعدى مجرد امتلاكه قدرات لسانية وبلاغية وتعبيرية تترجم أفعال الجماهير وإرادتها إلى صيغ لغوية وفنية وجمالية مؤدية دلالاتها.
اسم الكتاب: المفاهيم الأيديولوجية في مجرى الحراك الثوري العربي
الكاتب: سهيل الحبيب
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013
عدد الصفحات: 256
 

   بينما أثبتت تطورات الحوادث برأي مؤلف هذا الكتاب أن هذا التصور في حالة مخاض الثورات العربية ومساراتها الانتقالية لا يمكن أن يطابق إلا صورة المثقف الماركسي اللينيني، والمثقف الإسلامي الحركي، والمثقف القومي العربي. وفي هذه الحالة لا يمكن إلا أن يكون المثقف أسير متخيل مخصوص من الجماهير الثائرة، ويغدو خطابه عبارة إما عن مدح فعل ما عبر نعته بالثورية، وإما عن قدح فعل آخر بنسبته إلى الثورة المضادة، بلغة تنزل أحياناً درجات كبيرة إلى مستوى السوقية.

في الدعوة إلى ولادة المثقف العمومي:

   يستعين الكاتب في هذا الفصل حيال معالجته لإشكالية العلاقة بين المثقف والثورة، بالمفاهيم التي نحتها المثقف العربي عزمي بشارة تجاه مسألة "المثقف والثورة"، وذلك كنواة أولية لصوغ مفاهيمي واضح تجاه علاقة المثقف بالحراك الثوري العربي عموماً. حيث يرى بأن ما يميز رؤية بشارة في هذا السياق، كونها تنطلق من تحليل نظري يضع حدوداً بينة بين مفاهيم "المثقف الأنتلجنسي" و"المثقف العضوي" و"المثقف العمومي". وتكمن قيمة هذا التمييز المفاهيمي– برأيه- في أنه يوفر وضوحاً دلالياً يسمح بإدراج مفهوم "المثقف الثوري" (أي المثقف الذي يتخذ موقف مناصراً لثورة قامت من أجل تغيير إيجابي ملموس) في نطاق مفهوم "المثقف العمومي"، بحيث ينتهي إلى الحد المفاهيمي التالي: "المثقف الثوري يحافظ على مسافة نقدية، ليس من النظام فحسب، بل من الثورة أيضاً"، مع أن ممارسة النقد الثاني في ظرف ثوري مهمة أصعب معنوياً من نقد النظام الحاكم. وقد يتحول المثقف الثوري إلى "خبير" في خدمة الثورة، أو ناشطاً بين المثقفين، أو " إعلامي" في خدمتها.

  وبرأي الكاتب فإن أهمية هذا البناء النظري الذي يصوغه بشارة تكمن أولاً في أنه يفك التماهي الدلالي بين مفهومي المثقف العضوي والمثقف الثوري، وهو التماهي الذي يستبطنه، بصورة واعية أو لاواعية، قطاع واسع من المثقفين العرب الذي يرون أنفسهم مثقفي الثورات العربية ولسان حال جماهيرها.
تظهر خطابات المثقفين أن مضامين مفهوم المثقف العضوي (أي الاعتقاد بالالتحام العضوي بـ“قوى الثورة" في مواجهة "قوى الثورة المضادة")  لا يمكن أن ينتج، عملياً وواقعياً، في السياقات العربية الراهنة، غير مثقفين مناصرين "للطائفة" الأيديولوجية التي ينتمون إليها، وذلك من منطلق التخيل بأن الأيديولوجيا التي يمتلكونها هي التعبير الحقيقي عن مطامح جماهير الشعب التي قامت بالثورة.
 

  تظهر خطابات هؤلاء اليوم أن مضامين مفهوم المثقف العضوي (أي الاعتقاد بالالتحام العضوي بـ“قوى الثورة" في مواجهة "قوى الثورة المضادة") الذي نقده غرامشي من داخل الأيديولوجية الماركسية، لا يمكن أن ينتج، عملياً وواقعياً، في السياقات العربية الراهنة، غير مثقفين مناصرين "للطائفة" الأيديولوجية التي ينتمون إليها، وذلك من منطلق التخيل بأن الأيديولوجيا التي يمتلكونها هي التعبير الحقيقي عن مطامح جماهير الشعب التي قامت بالثورة. فغالباً ما يتخيل اليساري الراديكالي أنه يملك أيديولوجيا المهمشين الذين قاموا بالثورة، ويرى من ثم أن وظيفته، بوصفه مثقفاً ملتحماً عضوياً بهذه الجماهير، تكمن في محاربة الأيديولوجيات الليبرالية والرجعية والظلامية. كما يتخيل الإسلامي أنه يملك أيديولوجيا جماهير المؤمنين المعتزين بهويتهم العربية الإسلامية الذين قاموا بالثورة، ويرى من ثم أن وظيفته، بوصفه مثقفاً ملتحماً عضوياً بهذه الجماهير ، هي محاربة الأيديولوجيات العلمانية والتغريبية.

   ولذلك يؤكد الكاتب على فكرة مفادها أن انتزاع مفهوم المثقف الثوري من سياق مفهوم المثقف العضوي ووصله بسياق مفهوم المثقف العمومي يمثل إضافة نظرية غاية في الأهمية، خصوصاً في الظرفية الراهنة للمراحل الانتقالية العربية الجارية. فضمن الأفق العمومي يتخلص المثقف من ضيق الأيديولوجيات الجزئية وإكراهاتها، ويتيح له موقفه النقدي الارتقاء إلى مستوى الفكرة الوطنية من حيث هو مستوى يتجاوز جميع صور الانتماء الجمعوي الذي يتخذ طابعاً طائفياً. ذلك أن المثقف العربي لا يمكن أن يؤدي دوراً مركزياً في إنجاح الثورات العربية وتصحيح مساراتها الانتقالية المتعثرة اليوم من دون أن يتخلص من وهم الالتحام العضوي بجماعة تحت وطنية.

الدمقرطة في مواجهة الدولة/الأمة:

   يرى الكاتب في إطار تتبعه للأيديولوجيا العربية المعاصرة حيال مفهوم الديمقراطية، كيف أن فكرة استحضار هذا المفهوم وهذه الرؤية من قبل هذه الأيديولوجيات، غالباً ما تجعل من الديمقراطية نافية للدولة الحديثة وتجعل التحول إليها صراعاً مجتمعياً نافياً لإمكانية التعايش، وتجعل التعددية في المجتمعين السياسي والمدني تعددية طوائف نافية لوحدة المجتمع. الأمر الذي يفضي لاحقاً إلى الفوضى التي تمهد لاستبداد جديد، وهو ما يميط اللثام عنه منطق الصراع الهوياتي عند شق من الإسلاميين والقوميين ومنطق الصراع الطبقي عند اليسار الراديكالي الذي غالباً ما ينتهي إلى مستوى أيديولوجي أعمق من مستوى الاختلاف المرجعي بينها، بحكم أن هذه الأيديولوجيات تصل من حيث لا تدري إلى نفي المشروع الوطني بوصفه صيرورة حديثة تشكل الدولة الحديثة أحد أهم أركانه،إن لم نقل أهمها. وهذا النفي يتجسد عبر تمثل الدولة باعتبارها أداة لهيمنة جماعة أو جماعات مجتمعية على جماعات أخرى، وتمثل الثورة باعتبارها مقابلاً للدولة، ومن ثم استبعاد مفهوم الدولة الأمة، وتمثل الديمقراطية باعتبارها جزءاً من صيرورة حسم صراع ينفي فيه شطر من المجتمع شطراً آخر.

مفارقة الوفاق والصراع:

  في نهاية كتابه يعتبر المؤلف أن التصورات والتمثلات والمفاهيم الأيديولوجية التي يصدر عنها الفاعلون السياسيون الأساسيون في المسارات الانتقالية العربية الجارية، يمكن أن تكون أصل الحراك الصراعي المدمر والمهدد بعودة الاستبداد من جديد في بعض بلدان هذه المسارات (سيناريو مصر)، أو بواقع فوضى وتفكك وانهيار شامل قد يصل إليه بعضها الآخر (السيناريو الليبي). وذلك على الرغم من أن الشعارات المعلنة والأهداف المقصودة عند هؤلاء الفاعلين هي الوفاق والثورة المحققة للديمقراطية والتنمية والوحدة (القومية أو الدينية).
يعتبر المؤلف أن التصورات والتمثلات والمفاهيم الأيديولوجية التي يصدر عنها الفاعلون السياسيون الأساسيون في المسارات الانتقالية العربية الجارية، يمكن أن تكون أصل الحراك الصراعي المدمر والمهدد بعودة الاستبداد من جديد في بعض بلدان هذه المسارات (سيناريو مصر)، أو بواقع فوضى وتفكك وانهيار شامل قد يصل إليه بعضها الآخر (السيناريو الليبي). وذلك على الرغم من أن الشعارات المعلنة والأهداف المقصودة عند هؤلاء الفاعلين هي الوفاق والثورة المحققة للديمقراطية والتنمية والوحدة (القومية أو الدينية).
 

  بينما تبدو المفارقة بين الوفاق والصراع معلم أساس من معالم المسارات الانتقالية العربية الجارية، ومسألة مفتاحية في فهمها وترشيدها، وهي جديرة بأن نعود إلى معالجتها من منظور استئناف المشروع النقدي للأيديولوجيا العربية المعاصرة الذي تحتاجه الثورات العربية الراهنة من أجل تصحيح مساراتها المتعثرة، وخاصة أن هذا النقد يمكن أن يولد معرفة تبين بشكل ملموس ومباشر أن مظاهر انتكاس مسارات الانتقال الديمقراطي وتعثرها في بلدان الثورات العربية إنما في الأصل، وقبل أن تكون مظاهر واقعية وعملية حسية، إخلالات نظرية تسكن البنية الأيديولوجية العربية العامة التي تسوس خيارات الفاعلين الرئيسين في هذه المسارات.


























 


 https://bookstore.dohainstitute.org/p-203.aspx




 http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb236722-215772&search=books





ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة