الاثنين، 28 سبتمبر 2015

البدوية ـ إبراهيم رمزي ...


البدوية



إبراهيم رمزي


الناشر : مؤسسة هنداوي

    «البَدويَّة» فتاةٌ تَقطُن الصحراء، وتهيم حبًّا بابن عمها الذي يعشقها ويَسْتَرِق مقابلتها دون عِلم أبيها. افتُتِن بها أحد الخلفاء الفاطميين «الآمر بأحكام الله الفاطمي» الذي اشتهر بحب البَدويَّات، بعد أن حَكَت له إحدى جواريه عنها لإغراء الخليفة وقتله، حتى وقعت عينه عليها، وخاض الصراعات إلى أن قُضِيَ عليه بسبب وَلَعه بها.

    برع الكاتب في عرض متناقضات المجتمع البدوي، وتمثل ذلك في طاعة أبي البدوية للخليفة على الرغم من كُرهِه له، وكذلك رفض البدوية التآمر ضد الخليفة رغم رغبتها في الانتقام منه.

  كما تعرض المسرحية بين طياتها مشاهد من الصراع على الخلافة الذي كان قد نشب إبان حُكم الفاطميين.

   عُرِضَت لأول مرة عام ١٩١٨م على مسرح «برنتانيا» وأدتها فرقة عبد الرحمن رشدي، وفي عام ١٩٢٢م نَشر مؤلفها «إبراهيم رمزي» نص المسرحية في كتاب مستقل.

مقتطفات من الرواية :

الفصل الاول الوقت عشي قبل المغرب 

   يكشف الستار عن وصيد خيمة اعرابي قد فرض أمامها بساط ( كليم ) مقلم ، جلست عليه أميمة البدوية ، و أمامها نول نصبت عليه شالا و هي تطرز . و الشال من الحرير الابيض ، و اذا تفحصها الناظر وجدها مشتغلة الفكر ، مختلجة اللب ، قوية النفس ، ملئت صراحة و ثباتا . أما هي فعينيها براقة قوية النظرة ، ذات رمش اسود طويل الشعر ، يظل خدا ابيض مشربا بحمرة وردية ساحرة ، إلى جانبه انف صغير ، حاد العرنين دونه ، فم مثل الاطفال ، طرئ ندي صوتها في الحديث ، بين النبرة لين النغمة . أما ملابسها ، فغطفة زرقاء ، و ثوب أسود به أسماط من الفضة ، و في قدميها نعل بقالبين ، يعلوهما خلخال من الفضة . و على الجملة ، فهي فتاة لا تمتاز عن مثيلاتها الا بفرط جمالها و شدة سحر هذا الجمال .

البدوية ( تنظر في النول و تقرأ ) : 

نعمة الحب يا حبيب فؤادي متعة من نعيم جنة عدن 
فاحفظ الحب بالوفاء لتحظى بنعيم الفردوس في المنزلين 
أجل ، أجل ، سكون هذا الشال مذكرا لابن مياح بن تطرزه الآن اذا ابعدته الاسفار عني ، و حل عقاله عن الرقاد ، لا به البيتان فتذكر . آه ! متى تنقضي أشهر الشتاء حتى ازف اليه و تسعد نفسي بجواره ... لقد كان يزورني لا ينقطع عن دراي حتى خطبين له أبوه ، ليته لم يخطبني . وي ... كلا ! كلا ! إنا سنجتمع إن شاء الله و لا فراق ( تسكت و تنظر في النول مدة ، ثم ترفع راسها كمن سمع صوتا و تنظر هنا و هناك ) من القادم يا ترى ؟! إنهم لم يذهبوا إلى البادية الا منذ قليل ( تنادي ) زياد ! ( تنهض تدفع بالنول إلى جانب ، و تنفض ملابسها ، و تذهب صوب اليسار ) زياد ... إني سمعت وقع أقدام ، أيكون أحد النور قد ألم علينا ؟ ( تنظر حذرة ؛ فهي تمد عنقها كأنها تتسمع و بها شيء من الخوف ، هنا تدخل ناعسة ابنة عم البدوية ، و أخت ابن مياح ، و هي فتاة عربية أكبر من البدوية سنا ... يكون دخولها من اليمين من وراء البدوية على أطراف أصابعها قصدا ، فإذا التفتت البدوية و رأتها ذعرت ، و أخذت تمسح صدرها بيدها ، قم وقفت يداها فوق ثدييها ، و هي تتنهد ) . 
ناعسة : ها ! ها ! ها ! ( تجري اليها تقبلها ، و تحتضنها ) . 
البدوية : ويحك يا ناعسة ! لقد أفزعتني كافأك الله . 
ناعسة : لا روع عليك ! لا روع عليك ! كيف حالك يا ابنة عمي ؟ .

عن المؤلف :

إبراهيم رمزي: واحد من أبرز دعائم المسرح العربي الحديث ورائد من رواده؛ حيث كان لإسهاماته أثر عميق في نهضة المسرحية العربية الحديثة في مصر. وهو من أوائل الذين حاولوا تأصيل الأجناس الأدبية الجديدة كما يقول الدكتور عبد الحميد يونس؛ فقد أنشأ القصة القصيرة وأسهم في مجال الرواية التاريخية.

  ولد إبراهيم رمزي في السادس من أكتوبر عام ١٨٨٤م بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية، حيث تلقى تعليمه الابتدائي. وانتقل بعدها إلى القاهرة ليحصل على شهادة البكالوريا من المدرسة الخديوية الثانوية عام ١٩٠٦م. ثم سافر إلى بيروت ليلتحق هناك بالجامعة الأمريكية. وقد حصل رمزي على دبلوم مدرسة المعلمين العليا عام ١٩٢١م، كما حصل على شهادة في التعاون من جامعة مانشستر.

  عُيِّن إبراهيم رمزي في بداية حياته الوظيفية مترجمًا بالمحكمة المدنية للخرطوم، وفي هذه الأثناء، قابل الإمام محمد عبده الذي أبدى إعجابًا كبيرًا ببراعة رمزي في العربية، وشغفه ومعرفته الكبيرة بالأدب الإنجليزي. عاد إبراهيم رمزي إلى القاهرة، ليعمل مترجمًا بجريدة اللواء، ثم انتقل بعدها ليعمل رئيسًا لتحرير القسم الأدبي بجريدة البلاغ. كما عمل مفتشًا لمدارس المعلمين، وترقى إلى أن عُيِّن سكرتيرًا للجنة العليا للبعثات، وظل في منصبه هذا إلى أن أحيل إلى المعاش عام ١٩٤٤م.

   ترك إبراهيم رمزي حوالي خمسين كتابًا بين مؤلف ومترجم، تعددت أشكالها وألوانها بين المسرحيات التاريخية، والمسرحيات الاجتماعية الكوميدية، حيث طرح العديد من المشكلات الاجتماعية والأخلاقية ذات الصلة بالبيئة المصرية وعالجها. مُثلت العديد من مسرحياته ﻛ «الحاكم بأمر الله» التي مثَّلَها «جورج أبيض» وأخرجها «زكي طليمات» ومسرحية «أبطال المنصورة» التي مثلتها فرقة «عبد الرحمن رشدي» ومسرحيات أخرى ﻛ «البدوية» و«بنت الإخشيد». ولا يقل إبداع رمزي في مجال التأليف عن إبداعه في مجال الترجمة، حيث ترجم العديد من روائع الأدب العالمي، منها: «قيصر وكليوبترا» لبرنارد شو، و«الملك لير» و«ترويض النمرة» لشكسبير، و«عدو الشعب» لإبسن، وهذا الأخير تحديدًا تأثر به رمزي إلى حدٍّ كبير.

  توفي إبراهيم رمزي في مارس عام ١٩٤٩م عن عمر يناهز الخامسة والستين عامًا، مخلفًا وراءه تراثًا أدبيًّا عريقًا، أفاد من جاء بعده من الأجيال اللاحقة.





























ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة