رواية الشيطان يزور موسكو - المعلم ومارغريتا
ميخائيل أفانيسيفتس بولغاكوف
ترجمة : يوسف حلاق
مراجعة : عبد الله حبه
نبذة الناشر:
”المعلّم ومارغريت” رواية بل قل سفر عظيم تطالعك صفحاته بأخبار فولند، والمعلم المُلْهم وبأخبار بيلاطس البنطي الذي غسل يديه من دم الناصري الصديق..
ونقرأ في هذا السفر أخبار سكان موسكو في الثلاثينات وتعرف عن كثب شجونهم وشؤونهم.
قصيدة نثرية فيها الفرح والألم والابتسامة والدمعة، كلماتها تقدّس الحب والوفاء… والإبداع والتوق إلى النور والخير.
بعد أن تقرأها تشعُر أن ظلال دوستويفسكي وغوغول وهوفمن وغوته ودانتي غير بعيدة.
كُتِبَ عنها الكثير وسيُكتب. وقد لا توافق المؤلف في كل آرائه، لكنك لن تبقى لا مبالياً، وستحرّك في نفسك قوى كانت هاجعة.
“الكتب لا تحترق”، يهتف أحد أبطال الرواية. وقد أحرق بولغاكوف المخطوطة، لكن الرواية عاشت، المعلّم كتبها من جديد، لأنه يعرفها عن ظهر قلب. وها هي تطوف في البلاد، تذيع مجد الكلمة وتكرز بالخير، وتصبح جزءاً لا يتجزأ من التراث الإنساني.
من فاوست، ومن مواجهة بيلاطس، ومن متّى ويهوذا، وكانط، وتولستوي، وغوغول وغيرهم، يستمد بولغاكوف رؤيته في مواجهة تلك الأيام الشديدة الوطأة على الناس في الاتحاد السوفياتي، التي انتشرت فيها الاتهامات بالعمالة، وكراهية الأجانب، والشك في كل شخص، والتعرُّض للاعتقال لأدنى سبب، وحيث تعيش عدة عائلات في شقة واحدة، ويسعى الناس عن طريق التزلّف والخداع لتحسين أوضاعهم.. إنه يواجه بروح هزلية ساخرة ذلك الجنون الشيطاني وتلك الأوضاع السوريالية
«المعلّم ومارغريتا» لميخائيل بولغاكوف
شيطان موسكو يغضب سلطاتها
الحياة - الخميس، ٢ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٤ - ابراهيم العريس :
ليس من السهل بالنسبة الى تاريخ الأدب الروائي في القرن العشرين، العثور على رواية تماثل في مصيرها وغرابة هذا المصير رواية «المعلم ومارغريتا» للكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف. وإن كنا سنتيقن من هذا في السطور التالية، لا بأس في أن نبادر الى القول منذ الآن إن الرواية في موضوعها كما في تركيبتها وأفكارها تبدو أصلاً جديرة بمثل هذا المصير. وقد تكون بداية الحكم على هذا القول من خلال تذكرنا ان ثمة ما لا يقل عن عشر أغنيات من نوع «الروك» و «البوب» تبدو مستوحاة منها بشكل مباشر بدءاً من أغنية «سمباتي ويذ ذا ديفل» لمايك جاغر وفريق الرولنغ ستون، وصولاً الى اغنية «لاف إند دستروي» لفريق فرانز فرناند... وفي مجال الأدب لا يخفي سلمان رشدي استلهامه أجواء هذه الرواية في عمله الأكثر إثارة للسجال «الآيات الشيطانية»... وما هذه النماذج القليلة سوى أمثلة على عشرات الأعمال الشعرية والغنائية والمسرحية والسينمائية والتلفزيونية التي نهلت من رواية بولغاكوف، علماً أن ثمة ما لا يقل عن عشرة أفلام وما يوازيها من مسلسلات تلفزيونية سلكت درب الاقتباس نفسه. فإذا تنبهنا هنا الى ان بولغاكوف إنما اقتبس بدوره الكثير من أجواء روايته من مسرحية «فاوست» لغوته معطوفة على أوبرا غونو الحاملة الإسم نفسه، كما نهل من بعض المشاهد الحوارية في رواية دوستويفسكي «الإخوة كارامازوف» من دون أن يفوته أن يجعل محاكاة غوغول في نصوصه الغرائبية دليلاً له، وأن يحيل في بعض الأحيان في روايته، الى بعض مقاطع «آنا كارنينا» لتولستوي، يصبح في إمكاننا التساؤل عن كنه هذا العمل الأدبي الغريب وسرّ إقدام صاحبه على كتابته وإعادة كتابته أربع مرات متتالية من دون أن يتمكن من إنجاز صفحاته الأخيرة عند رحيله عن عالمنا. يومها تولت زوجته الثالثة استكمال العمل انطلاقاً من أوراق الكاتب وملاحظاته، كما انطلاقاً مما كان قد تبقى من المخطوطات الأولى بعد ان اختفى بعضها وأُحرق البعض الآخر وحظرت الرقابة السوفياتية البعض الثالث.
> كل هذا يجعلنا في حضرة «المعلّم ومارغريتا» نبدو وكأننا في حضرة رحلة هوميروسية حقيقية لنص أدبي لم يكن مؤلفه ليتوخى منه أكثر من أن يكون رواية أخرى يكتبها بكل بساطة ويقرأها متابعو أدبه بكل بساطة أيضاً. طبعاً مما سبق يمكننا ان نستنتج ان درب الرواية لم تكن على الشاكلة التي رسمها صاحبها لها، ما يتناقض مع شخصيته الهادئة. غير ان هذا الوصف الأخير لا ينبغي له أن يخدعنا. فالحقيقة انه كان ثمة خلف ذلك الهدوء روح إبداعي ملتهب وعين ترصد المجتمع الذي كان قائماً في الاتحاد السوفياتي في ذلك الحين، ورغبة قوية في التعبير عن موقف الضدّ في وقت كان موقف الضدّ يكلف صاحبه سجناً طويلاً أو نفياً الى «الغولاغ» او قتلاً... صحيح ان بولغاكوف لم يعان ذلك المصير، لكن «الجلجلة» التي تعرضت لها روايته كانت كافية. كانت أشبه بحكم بالإعدام: ففي عام 1928 بدأ بولغاكوف كتابة المسودة الأولى من الرواية، غير ان تلك المسودة اختفت في حريق أصاب منزله، فعكف منذ عام 1931 على كتابة المسودة الثانية راغباً في ان ينحصر موضوعها في شيطان يظهر في موسكو التي لا تؤمن بوجود الشيطان، جاعلاً هذا الشيطان ينبعث في الأوساط الأدبية التي كانت في ذلك الحين رمزاً للفساد البيروقراطي وكناية عن السلطة الحاكمة نفسها. وإذ بقي بولغاكوف يكتب روايته طوال سنوات رغب في العام 1935 ان يدمج فيها بعض المشاهد الاحتفالية التي تكشف دواخل الشخصيات... غير ان ذلك الدمج سرعان ما جعله يضيف الى العمل الأصلي حبكات جديدة بحيث إن النص المنجز في العام 1936 بات يحتوي على المشاهد كلها التي ستشكل لاحقاً الصياغة «النهائية» للعمل. اي ان الرواية باتت في ذلك الحين تتألف من الأقسام الثلاثة التي تتألف منها الآن: القسم الأول الذي يدور في موسكو ويشهد نوعاً من الصراع بين المدعو برليوز زعيم البيروقراطية الأدبية الموسكوفية المتمثلة في اتحاد الكتاب الخاضع تماماً للسلطة، والشيطان الذي ظهر فجأة وحمل إسم فولاند متجسداً على صورة «بروفسور أجنبي» وصل الى المدينة كي يقدم استعراضات شعوذة حقيقية في بلد لم يعد يؤمن بالشعوذة. والصراع بين هذين يدور على خلفية تعرفنا الى الكاتب المشاكس الذي سنعرفه باسم «بزدومني» – وتعني «الذي لا بيت له» – وهو كاتب انجز كما سنعرف، رواية عن يسوع الناصري منعتها السلطات مدّعية ان المؤلف مجنون لتودعه مصح الأمراض العقلية. ولئن كانت حكاية يسوع الناصري كما كتبها بيزدومني هي التي تشكل القسم الثاني من الرواية والذي ننتقل فيه من موسكو الى القدس، حيث نشهد واحداً من «أطرف» الحوارات بين السيد المسيح و «قاضيه» بيلاطس البنطي، على خلفية خيانة يهوذا الإسخريوطي لـ «السيّد» في صياغة لا تتلاءم تماماً، لا مع ما جاء في الأناجيل، ولا خصوصاً مع الحكاية التي تود سلطات موسكو «الملحدة» ترويجها... سيطالعنا بعد ذلك وبالتضافر مع القسم الثالث من الرواية الذي يعود بنا من القدس الى موسكو مرة جديدة، استكمال ما جاء في القسم الأول ولكن هذه المرة عبر «مغامرة» من نوع مختلف تهيمن فيها شخصية مارغريتا حبيبة المعلم التي أخذت على عاتقها تحريره من «سجنه في المصح العقلي» والعمل على نشر روايته مهما كان الثمن. والحقيقة ان «الثمن» سيكون هنا تحالفها مع الشيطان الذي سيعلّمها أحابيله ويشركها في استعراضاته ويمكّنها من الطيران للتنقل بحرية فوق موسكو وتحدي السلطات الأدبية البيروقراطية. والحقيقة انها ستحصل في النهاية على ما تريد وتتمكن من تحرير المعلم، بل إنها ستطير معه بعيداً من موسكو حيث لم تعد الحياة تناسب شخصين مثلهما، وعلى الأقل في رأي فولاند الذي بالتفاهم مع يسوع الناصري يؤمن لهما السلام، لكنه لا يؤمن لهما الخلاص الذي كانا يتطلعان الى الحصول عليه.
> كان هذا هو الموضوع الذي صاغه ميخائيل بولغاكوف في شكل شبه مكتمل في المسودة الثانية للرواية، المسودة التي انجزها في العام 1936 كما اشرنا... لكنه بعد انجازها رأى ان ثمة اموراً كثيرة فيها يجب تعديلها، فانصرف الى انجاز مسودة ثالثة انتهى من صياغتها في العام التالي، لكنه مرة أخرى استنكف عن اعتبارها منتهية لينصرف الى صياغة مسودة رابعة ظل يشتغل عليها مع زوجته حتى وفاته. وبهذا صارت لرواية «المعلم ومارغريتا» مسودات عدة بخط المؤلف. لكن الحكاية لم تنته هنا. فالرواية ظلت حبيسة من دون نشر حتى العام 1966 حين شرعت مجلة «موسكو» في نشرها على حلقتين، ولكن مع اختصار الرقابة لنحو 12 في المئة من صفحاتها. ولاحقاً في العام التالي نشرت الرواية «كاملة» للمرة الأولى في فرانكفورت في طبعة «سرية» سُرّبت الى داخل الاتحاد السوفياتي. ثم في العام 1973 نشرت آنا ساكيانتس للمرة الأولى في موسكو نسخة اعتبرت ايضاً «كاملة» من الرواية، في انتظار النسخة النهائية المستخدمة لكل المخطوطات والطبعات السابقة الرسمية والسرية المتوافرة. وهي الطبعة المعتمدة اليوم والتي حققتها الاختصاصية في أدب بولغاكوف ليديا يانوفسكايا.
> هذه هي الجوانب الأساسية من حكاية هذه الرواية التي باتت تعتبر منذ عقود طويلة، واحدة من أبرز الروايات التي كتبت في القرن العشرين، والتي أسبغت على مؤلفها هالة أدبية مدهشة دافعة الأوساط الأدبية، الروسية والعالمية، الى إعادة اكتشافه من جديد على ضوء ذلك النص الذي، بقدر ما له من معجبين من دون قيد أو شرط، له كذلك من مناوئين، ومنهم طبعاً أولئك المتعصبون الذين عمدوا في العام 2006، وبعدما خيّل الى الجميع ان حكاية اضطهاد بولغاكوف قد طُويت، وصار له متحف موقّر في موسكو، عمدوا الى تخريب المتحف وتحطيم موجوداته لأن «المعلم ومارغريتا» في نظرهم مجرد دعاية شيطانية! بقي أن نذكر هنا ان ميخائيل بولغاكوف (1891 - 1940) لم يكن، كما قد يُخيّل الى البعض، «صاحب عمل واحد»، بل إنه كان قد حقق شهرة واسعة بفضل أعمال أخرى له روائية ومسرحية، من أهمها: «الحرس الأبيض» و «قلب كلب» و «مذكرات ميت» و «حياة السيد دي موليير»...
المعلم ومارغريتا.. الشيطان يزور موسكو ميخائيل بولغاكوف
المدي للإعلام والثقافة والفنون - السبت 06-06-2015
المعلم ومارغريتا.. الشيطان يزور موسكو ميخائيل بولغاكوف
ترجمة: يوسف حلاق
مراجعة: عبد الله حبه
صدرت رواية ميخائيل بولغاكوف (1891- 1940)"المعلم ومرغريتا"، إحدى الروائع الأدبية للقرن العشرين، باللغة العربية في عام الذكرى المئوية لمولد الكاتب.
ومصير التراث الأدبي لميخائيل بولغاكوف موضوع تاريخي لفاجعة نادرة المثال، عن المصير المحزن لفن رفيع، كان يبحث عن الاعتراف العادل به.
منذ فترة وجيزة لم يكن بولغاكوف معروفاً في وطنه، سوى لدى طائفة صغيرة من الباحثين الأدبيين المختصين، والمتضلعين بمسرح الثلاثينيات الذين بقي في ذاكرتهم نجاح إخراج"أيام آل توربين"في مسرح موسكو الفني، وعدد من القراء التوّاقين الى المعرفة.
أما الآن فلا يماري أحد في أن بولغاكوف يعتبر من شيوخ الأدب السوفيتي، وتتراءى في الأحكام الصادرة بشأنه نبرات مختلفة تماماً عن السابق، وفي التعاطف الشعوري المغاير لدى القرّاء إزاء خبرته الأدبية الخصوصية جداً.
وهذا كلّه يعكس التغيرات الكبيرة في الوعي الجمالي للشعب، المتأنية – وهذا مفهوم – عن التطورات الاجتماعية المهمة التي جرت في الاتحاد السوفيتي في الأعوام الاخيرة.
وكتب المؤلف روايته مع ثقته باستحالة نشرها في أيام حياته. والآن بعد أن شهدت الرواية النور عقر أكثر من ربع قرن على كتابتها اصبحت معروفة لدى جميع القرّاء في العالم. وتعتبرها العقول المبدعة البارزة إحدى ذرى ظواهر الدب الروائي في القرن العشرين. فوضعها جنكيز إيتماتوف إلى جانب"الدون الهادئ"لشولوخوف، مبينا ان التفاوت في ما بينهما هو في درجة تيسرها الأوسع جماهير القراء، ومشيراً الى توجه أدب بولغاكوف نحو الصفوة إلى حدّ ما.
هذا كله صحيح، كما ان القول الأخير صائب ايضا. لكن لا يجوز، طبعاً، اعتبار رواية"المعلم ومرغريتا"رواية للنخبة من القراء، ولا جدال في أن من الممكن تفهّم جميع تفاصيلها بدقة، بشرط توافر الاعداد الثقافي العام والاطلاع على الأحداث التاريخية. لكن الظاهرة الفذة لاستيعاب الرواية تكمن في انها تحظى بالاقبال لدى القراء اليافعين ايضا. واغلب الظن ان السبب يعزى الى اسلوب الرواية المميز للحكايات والاعمال الخيالية، والقريب حتى من وعي الاطفال الذي تعوزه القدرة، كما هو معروف، على إدراك اشياء كثيرة، بيد ان بميسوره تقبل أمور كثيرة في أي عمل ادبي غير اعتيادي.
وغالباً ما يعود الفكر النقدي لغرض تفسير"ألغاز""المعلّم ومرغريتا"الى تشبيهها بابداع غوغول، وهذا شيء طبيعي، لأن بولغاكوف كان يعتبر مؤلف"الانفس الميتة"استاذه.
إلا ان النقاد غالبا ما يفرطون، لدى دراسة إبداع بولغاكوف، في ذكر اسلافه الاخرين. وهم في الأدب الروسي – دوستويفسكي وسالتيكوف- شيدرين واندريه بيلي وماياكوفسكي (ككاتب مسرحي)، وفي الأدب الاجنبي – يرد في الطليعة هوفمان، الكاتب الرومانسي الالماني، الذي أعاد خلق العالم بصفته ما يشبه اللاواقع. كما نذكر اسماء أخرى. ولا ريب في ان هذا الكشف سيزداد.
لكن، لعلّ ما هو أهم ان"المعلم ومرغريتا"– آخر كتب بولغاكوف، ويعتبر بصفته وصيته الابداعية احياناً – نأخذ بجلاء اكثر فاكثر بالارتباط مع الاعمال السابقة للكاتب. وهذه الارتباطات استيحائية ومباشرة، ويدل الكثير منها على ان الكاتب واصل في عمله المجازي الساخر المترع بالمبالغة تطوير مواضيع اعماله السابقة، الواقعية تماماً في اسلوبها (رواية"الحرس الابيض"و"الرواية المسرحية"– ولم يكملها الكاتب – والمسرحيتان"الهروب"و"أيام آل توربين"، والاعمال المعدة للمسرح والقصص).
كانت المحاولات الأدبية الأوى لبولغاكوف ترتبط من جانب باهتماماته المهنية في شبابه، ومن جانب آخر بالاحداث التاريخية في تلك الفترة.
ولد ميخائيل افاناسيفيتش بولغاكوف في عام 1891 بمدينة كييف في عائلة عالم ديني، ومؤرخ جاد لنظريات الاديان، واستاذ مساعد في الاكاديمية الدينية في كييف. اما أمّه فكانت معلمة، وابنة ايكمنس (أول الكهنة) في الكاتدرائية. وبعد عامين من وفاة الأب اضحى ميخائيل بولغاكوف، وكان قد بلغ سن الثامنة عشرة، طالباً في كلية الطب بجامعة كييف.
وفي عام 1916 بدأ العمل، وكان قد حصل على شهادة الطب بدرجة امتياز، في المستشفيات العسكرية على الجبهة في اوكرانيا، ثم عمل طبيبا في احد اقضية محافظة سمولينسك. وقد انغمر في العمل بنكران ذات. وتعرف هذا عند قراءة كتابه"مذكرات طبيب شاب"وروايته"المورفين"وقصصه.
عاد بولغاكوف إلى كييف بعد ثورة اكتوبر، وعانى بسبب الأحداث الدامية في المدينة، الناجمة عن افعال سلطات الاحتلال والحرس الابيض ورجال بيتليورا (من القوميين الاوكرانيين).
وحين اقيمت السلطة السوفياتية في عام 1919 في كييف (إبان الربيع والصيف)، واصل بولغاكوف ممارسة مهنته كطبيب. وفي الوقت ذاته بدأ بالكتابة – قبل كل شيء، طبعاً، عن عمله الذي رسخ في وعيه الى الأبد بصفته من اعمال الرحمة العظيمة. و"مذكرات طبيب شاب"ليست يوميات ولا حتى ملاحظات بشكل تحقيقات صحفية، لكنها تتصف بسمات القصة القصيرة، بيد ان عنصر السيرة الذاتية واضح فيها بجلاء، كما هي الحال في أعماله الرئيسية، المتأخرة.
لكن مهما كانت الممارسات الطبية قريبة الى روح بولغاكوف، فإن الكوارث الاجتماعية لتلك الاعوام، والاشهر المأساوية في كييف التي كانت تناقلها الايدي، غدت مصدراً انفعالياً وموضوعياً اقوى لأعمال البحث الفني لدى الكاتب الشاب. طبعاً، أن اكتشافاته الكبيرة لم تتحقق دفعة واحدة.
فقد بدأ بولغاكوف ككاتب مسرحي قبل ان ينجز"مذكرات طبيب شاب"و"المغامرات العجيبة لدكتور". وقدّمت مسرحياته على خشبة المسرح. ففي عامي 1920 و 1921 صفق اهالي مدينة فلاديقفقاس (اورججونيكيدره حاليا) لدى مشاهدة عرض"الاخوان توربين". كما كتب مسرحيات كوميدية عرض بعضها على خشبة المسرح ايضاً.
وأغلب الظن أن المؤلف لم يكن راضياً عنها جميعاً، فقد اتلف بعد ثلاثة اعوام مخطوطة المسرحية الآنفة الذكر. ووجب ان يجد الانعكاس الفني ما شاهده الكاتب في اعوام الثورة. وكانت النبضة التاريخية قوية، وعاشت في اعماق بولغاكوف ووعدت بنتائج إبداعية كبيرة.
وفي فترة 1922- 1924 ألف الكاتب بعد الانتقال إلى موسكو نهائيا رواية"الحرس الابيض"اول عمل روائي كبير له.
وحدث هذا في وقت كان الفن السوفيتي الفني يسعى بنشاط غير اعتيادي إلى استكناه مغزى العصر الثوري، وإدراك مصائر الشعب والانتلجنسيا. وظهرت إلى الوجود الكتب الممتازة لآلكسي وتولستوي وسيرافيموفيتش وبابيل، وانبثقت فكرة"الدون الهادئ"لشولوخوف. وكانت رواية بولغاكوف تتجاوب مع روح اعمال البحث الفني الرئيسية لتلك الفترة.
فما الذي كان يقربه إلى الذين يعدون بحق روّاد الفن الإشتراكي؟ بادئ ذي بدء، إن رواية"الحرس الابيض"لم تترك أية شكوك بصدد المصير اللاحق للعالم القديم: فلا عودة له، والأمر الاساسي، اإن انهياره يمثل خيراً بالنسبة إلى روسيا من الناحية الوطنية التارخية.
وبدا هذا الانهيار لبولغاكوف، طبعاً، ليس كحدث تاريخي منفرد له حدوده الوطنية. فقد اكسبه طابعاً كونياً وبشرياً عاماً. ومن هنا تأتي مراجعة الكاتب لنصوص الكاتب المقدّس، وفي طليعتها سفر الرؤيا (رؤيا يوحنا اللاهوتي)، ومنه أخذ إحدى العبارات التي تصدّرت الرواية ("ودين الأموات مما هو مكتوب في الأسفار بحسب اعمالهم.."). ولا يجوز القول غن بولغاكوف كان متضامناً كلياً مع البلاشقة، إلا أن"الحرس الأبيض"تشكل محاكمة روائية لماضي روسيا.
إذاً كانت تنبثق في ابداع الكاتب قبل وقت طويل من كتابة"المعلم ومرغريتا"مواضيع الكتاب المقدس، التي هدفها الوحيد تشديد الوظيفة التعميمية لشخوصه.
والجدير بالذكر أن البحث كان يجري منذ فترة العمل في تأليف"الحرس الأبيض"عن السخرية والعناصر الخيالية الضرورية من أجل بلوغ الهدف الفني المختار. ففي عام 1924 كتب بولغاكوف"نشيد الشيطان"– وهي رواية ساخرة عن البيروقراطية ويتجلى فيها الأسلوب الساخر لرواية"المعلم ومرغريتا"وفي اواسط العشرينيات كتب الروايتين القصيرتين الخياليتين – الساخرتين"البيوض القاتلة"و"قلب كلب"، (صدرت"قلب كلب"لأول مرة في الاتحاد السوفيتي عام 1987)، وإخرجت في المسرح وترجمت إلى كثير من اللغات الأجنبية.
وفي النصف الثاني من العشرينيات صار ميخائيل بولغاكوف يعمل بطاقة إبداعية كبيرة. ودراما"أيام آل توربين"التي كرر فيها الكاتب – الوفي إلى العنصر المؤثر الرئيسي لروايته الأولى – بعض احداثها، لكنه مضى ابعد في تكريس التفوق الاخلاقي للقوى الثورية، التي جلبت الشهرة الى بولغاكوف. واستولت على ستانيسلافسكي كبير المخرجين فكرة تجسيدها على خشبة المسرح. لكن النقاد السطحيين والمبتذلين من الرابطة الروسية للكتاب البروليتاريين – إحدى التكتلات الرئيسية في اعوام العشرينيات – لم يتقبلّوا المسرحية التي كانت ترغم الناس على البكاء، والضحك في آن واحد (وكان هذا ردّ فعل ستانيسلافسكي أيضا).
كما استقبلت بعداء اكبر مسرحيته التالية"الهروب"التي خُطر تقديمها حتى على ستانيسلافسكي نفسه، ما اصاب المخرج العظيم بكدر مرير.
فتلبدت السحب فوق بولغاكوف. ومع هذا عمل بحماس اكبر وبنكران ذات في تأليف كتابه"الرئيسي"– رواية"المعلم ومرغريتا".
وكرّس بولغاكوف لهذا العمل جميع الأعوام الأخيرة في حياته (توفي في عام 1940 بعد مرض ثقيل ومضن هو تصلب الكليتين).
لقد تحدد في الثلاثينيات موضوعه الروائي الرئيسي نهائياً: الصراع بين الخير والشر. وكما هي الحال سابقاً كان الكاتب ينجذب الى مختلف الانواع الفنية فكتب مسرحية عن موليير ورواية عنه من أجل سلسلة كتب"سير مشاهير الرجال"والرواية القصيرة ذات عنصر السير الذاتية"كتابات على أطراف الاكمام"والإعداد المسرحي لرواية"الأنفس الميتة"لغوغول، لكن الشيء الرئيس طبعاً هو كتابة الرواية.
وعلى تخوم العشرينات والثلاثينات شعر بولغاكوف بشكل واضح بمأساوية وضعه ككاتب. ففي اعقاب مسرحية"الهروب"رفض المسؤولون عن سياسة الربرتوار مسرحياته الواحدة تلو الاخرى.
وبعد رسالة يائسة وجهها الكاتب إلى الحكومة حصل على وظيفة دائمة في المسرح الفني. وشيئاً فشيئاً تم من جديد نشر وإخراج بعض مسرحياته (كان ستالين بيدي اهتماماً"غريباً"بعرض مسرحية"أيام آل توربين"في مسرح موسكو الفني، وشاهدها عدة مرات).
مع ذلك لم يعتبر بولغاكوف"من الأهل"في الأوساط الادبية والمسرحية، وحتى ستانيسلافسكي لم يكن يفهم خصوصية اسلوبه الساخر دائماً. وليس عجباً ان"الرواية المسرحية"التي لم يكملها، والتي يتحدث فيها بأسلوب طريف تقترن فيه الشاعرية بالفكاهة عن سنوات العمل البهيجة والمؤلمة في مسرح موسكو الفني، كتبت في المخطوطة بعنوان آخر هو –"مذكرات مرحوم".
لكن لم يعد بمقدور شيء إيقاف الكاتب عن إنجاز كتابه الرئيس، ولئن أحرق بولغاكوف في عام 1930 جميع صفحات مخطوطة الرواية تقريباً، فإنه صار لاحقاً يستعيد في ذاكرته كل ما اتلفته يداه، ولم يكرّر مثل هذه المحاولة المأساوية ابداً.
لقد اغنى بولغاكوف الأدب السوفياتي بكتابته رواية"المعلّم ومرغريتا"بنوع أدبي فذ جديد، لم تعط نظرية الأدب تعريفاً له حتى الآن. فإن"المعلّم ومرغريتا"عرض تاريخي ساخر لحياة المدينة في العشرينات والثلاثينات التي كانت متيسرة لبصيرة الكاتب الروائية الواسعة. وقد يبدو مثل هذا التوصيف بمنزلة مفارقة: فمن السهل التشكيك في إمكانية الجمع بين الهجاء الساخر، بتحيزه الذاتي، وبين العرض التاريخي بموضوعيته الالزامية. لكن الأدب الكلاسيكي الروسي قدم قبل بولغاكوف بزمن طويل أمثلة لهذه التوليفة المتناقصة ظاهرياً: على سبيل المثال، إن الرواية الفذة لسالتيكوف شيدرين"قصة مدينة"المتميزة بالاحتدام المجازي للاحداث والشخصيات قد اعادت خلق العالم الشامل للحياة الروسية في القرن الماضي، حيث كانت تسود السلطة المطلقة لأفراد معدودين وخضوع الآلاف.
لكن"المعلم ومرغريتا"ليست مجرد تكرار لتقاليد الأدب الهجائي الساخر الكلاسيكي. غذ تكمن فرادة العمل كنوع أدبي في الجمع الجسور في سبيكة واحدة بين السخرية والطرح المهيب والملحمي لأسطورة عريقة في القدم. وما نقصده و ما يسمى بالفصول القديمة للرواية، الفصول عن بيلاطس البنطي حاكم الهيودية الروماني، والفيلسوف الجواب الغانصري (هكذا يسمى بولغاكوف يسوع المسيح) التي تقطع ثلاث مرات سرد الاحداث العصرية. وترجع احداث هذه الفصول الى القرن الأول للميلاد.
ويمكن أن نحدس بيسر وراء اورشليم ملامح اورشليم التاريخية – مركز اقليم اليهودية في عصر الامبراطور الروماني تيبريوس. وكان يتولى السلطة العيليا ايامذاك والي الامبراطور – الحاكم الذي تولى إدارة اليهودية بصفتها جزءاً من محافظة سورية الرومانية. وبيلاطس البنطي شخصية تاريخية، واعتماداً على بعض المصادر الحاكم الخامس، وعلى مصادر اخرى الحاكم السادس لليهودية. ووفقاً للتقاليد المسيحية فقد جرت في فترة حكمه اهم الاحداث الواردة في الانجيل – أي ظهور المسيح، الإنسان الرب، منقذ العالم يسوع وإعدامه الرهيب بالصلب.
وقد يبدو لكثير من القراء ان الحديث عن يوم من أيام الحاكم الروماني اكثر الصفحات تأثيراً في رواية"المعلم ومرغريتا"لكن ينبغي الا يؤخذ هذا الحديث كأقصوصة محشورة فيها. إذ يكمن سر الوحدة البنيوية للرواية باجمعها في الخطوط التي تربط ما بين الماضي البعيد واليوم الحاضر، وفي عدم انفصامهما وتواصلهما في المقاييس الاساسية الرئيسية للوجود.
وفي جوهر الأمر تكمن في التضاد بين الخير والشر الوحدة الرئيسية للأحداث التي تبدو غير مترابطة وغير متشابهة لفصول الرواية"القديمة"والحديثة.
ولدى متابعة النزال بين بيلاطس البنطي ويشوع تغدو في دائرة القضايا التي تشغل فكر المؤلف في مشاهد الرواية التي تجري بموسكو – أي عن الإنسان، وعن تصارع الخير والشر فيه، وعن عجز إرادة الإنسان وجبروتها.
وتظهر شخصية بيلاطس الصراع الداخلي لشخصية الفرد، ولهذا فهي دراماتيكية على طريقتها، إذ لا تعوزه التاملات والمشاعر الانسانية والشفقة. فهو لا يودّ هلاك يشوع بلا معنى.
أما الفيلسوف الجوّاب باحاديثه غير المألوفة عن كون الانسان طيب القلب، فهو يروق له لأمر ما. وبيلاطس مستعد لإنقاذه من تزمت ابناء جلدته ولاخفائه عنده في قيصرية ستراتونوفا. وتأتي لحظات يتراءى فيها ان الحاكم الروماني لن يقترف الفعلة الوحشية بحق الرجل العنيد الأعزل. لكن يتصادم في اعماق الحاكم امران غير متكافئين هما: الارادة الشخصية وحكم الظروف. وقد تغلب يشوع على الأخير روحياً، بينما لم يتسن ذلك لبيلاطس. فهو بصفته إنساناً – لا يستحسن الحكم بالاعدام، لكنه بصفته حاكماً – يصادق عليه: لأن الخوف من القيصر فوق قدرته. والحق ان يشوع نفسه يصدر الحكم على نفسه حين يكشف أمام بيلاطس طوباويته الجسورة بقوله: ستحل نهاية حكم الإمبراطور، وسلطة القيصر.
ذلكم هو الموضع الأزلي للأدب العالم وذلكم هو جوهر الواقعية الروائية أي: من هو الانسان؟ وهل يتحمل الانسان المسؤولية عن افعاله؟ وهل بوسع اكثر الظروف قسوة ان تشكل تسويغاً لاقتراف افعال لا اخلاقية؟ ويجيب بولغاكوف عن هذا بشخصية بيلاطس لديه وبمصيره وبعذاباته الروحية قائلاً: نعم، إنه يتحمّل المسؤولية. فهو مسؤول امام ضميره، ولا يمكن ان يغدو اي شيء تسويغاً له، غن كان قد اختار الشر.
إن قصة بيلاطس البنطي ويشوع ذات صلة مزدوجة مع تقلبات الاحداث الرئيسية للرواية. غنها تشكل محتوى الرواية التي يكتبها المعلم (فان مصير مخطوطته المحترقة والمعاد كتابتها بالذات قد ولدت عبارة فولاند التي غدت مثلا يضرب به وهي:"المخطوطات لا تخترق")، وثانيا ان هذه القصة الرهيبة يبدو وكأنها تختتم في النص الرئيسي للرواية. وقد يتراءى للقارئ أية خاتمة اخرى يمكن ان توجد غيرها: فان يشوع قد صلب.
لكن المؤلف اراد القول: إن انتصار الشر على الخير لا يمكن أن يغدو النتيجة النهائية للمجابهة الاجتماعية – الاخلاقية. فهذا بحسب رأي بولغاكوف امر لا تقبله طبيعة الانسان، كما لا يجب أن يسمح به مجمل سير الحضارة.
والمؤلف على يقين من أن الممهدات لمثل هذا الاعتقاد قد تجسدت في افعال.. الحاكم الرومانسي نفسه. فهو بالذات، والذي حكم بالموت على الجوّاب التعيس، قد أمر بان يقتل سراً يهوذا الذي خان يشوع.
ويتبين أن البعد الانسان يكمن في البعد الشيطاني وينزل القصاص – ولو بجبن – ممن اقترف الخيانة. لكن هذا يمثل جزءاً صغيراً من القصاص فقط. ومن الجلي أن بولغاكوف لا يجد في ذلك الكفاية.
وعندئذ يظهر في"المعلّم ومرغريتا"فولاند، الذي تفسر شخصيته بعبارات مأخوذة من"فاوست"لغوته، وادرجت في صدر الرواية:"أنا جزء من تلك القوة التي تريد دائماً الشر فلا تفعل دائماً إلا الخير".
ويمثل هذا استعارة للتناقض البشري الذي يجب لحله، بحسب رأي بولغاكوف (وتكمن في هذا إحدى الافكار الرئيسية للكاتب في الرواية) أن يكرس التفاؤل التاريخي للمجتمع.
وإذا بممثلي الشر الشيطاني يصبحون من صانعي الخير، ومنفذي العدالة، بغية التكفير نهائياً عن جريرتهم حيال الجوّابين الأزليين والنساك الروحانيين الذين يمضون إلى المحرقة دوماً في سبيل أفكارهم. فينسلخ فولاند من حومة الشر المعتادة ويبدو كما لو أنه يتلقى بالمقابل سيف العقاب العادل من قوى الخير.
ويقع تحت طائل الضربات الماحقة لفولاند كل ما هو دني، في البهرجة الموسكوفية للموظفين وانصاف المثقفين والدهماء العاديين الذين يصورهم الروائي تصويراً كاريكاتيرياً هزلياً. ويشخص العالم هنا كما لو كان مفلوباً رأساً على عقب: إذ يغدو من المستحيل تقريباً القول أين تصدح إنشودة الشيطان الحقيقية – في الوسط القريب من الأدباء والفنانين أم في طفرات الشيطان الموجود في كل مكان وحاشيته من الابالسة. ويتلقى اللصوص النهابون والعاطلون والمرتشون والكذابون والبيروقراطيون وأصحاب الوشايات ما يستحقونه من جزاء.. وهل كان برليوز سيلقي مصيره ذلك من دون سبب، إن احتمال هذا بعيد.. فهذا الثرثار المغرور بنفسه، المشرف على الفن، والمقرر لمصائر الناس، لا يبعث مشاعر طيبة كثيراً.
ومع هذا لماذا اعطى المؤلف إلى فولاند بالذات الحق في إنزال عقوبة الإعدام أو إعلان العفو؟ وما هذا – هل هو تكفير عن الشر، كما قلنا آنفاً؟ أغلب الظن، أنه كذلك لكن يتعين عندئذ اعتبار فكرة المؤلف طوياوية انها انسانية بلا ريب، لكنها طوباوية.
ولربما يبدو بولغاكوف هنا باكبر قدر بصفته من أتباع جوجول ودوستويفسكي. وطبعاً تبدو للعيان الأصداء من حيث الصور الأدبية والمواضيع والاسلوب مع الكاتبين الكلاسيكيين. فمثلاً، ألا يذكرنا الحوار المأساوي بين بيلاطس ويشوع بحديث المفتش العظيم والمسيح في"الأخوة كارامزوف"لدوستويفسكي؟ لكن لعل أهم تطابق بين بولغاكوف وسابقيه يتجلى في ما جرت العادة على تسميته بالمنهج الايجابي للكاتب. فهنا بالذات تكمن قوة بولغاكوف وضعفه، شأنه شأن معلميه، الذين تتضمن منهاجهما فكرة السبل الاخلاقية لتحويل الشر إلى خير باعتباره البلسم الشافي من مصائب البشر الاساسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق