علي القائمي
ترجمة : البيان للترجمة
دار النبلاء
الطبعة الأولى 1996
عن هذا الكتاب:
أن يتلقى الطفل من أبوية التربية الصحيحة هذا هو الواجب الواقع على عاتقهم وهو ما يتضمن من الأباء مسئولية كبرى تقع عليهم ، إذ أن هؤلاء الأطفال بحاجه إلى التربية الصحيحة لكى يستطيعوا أن يبنوا شخصياتهم ليكونوا أفراداً نافعين لأنفسهم وللمجتمع الذى يعيشون فيه ، وبعض الآباء يرون أن عملية الإصلاح تنحصر في تلبية الاحتياجات البدنية للأطفال ولا يرى أهمية الجانب الروحى والأخلاقى ، فالتربية تمثل في أحد نواحيها علماً وهي من ناحية أخرى فنا وأخرى خبرة وتعتبر خدمة أيضاً ، وإذا أردنا أن نخوض هذا المجال فلا بد لنا أن نكون ملمين بحدود هذا المجال وأعماقه لكى نستطيع أن نعطى أكبر فائدة ممكنه لأطفالنا .

مقدمة
أن تلقي التربية حق طبيعي للأبناء وهو ما يتضمن بطبيعة الحال القاء مسؤولية كبرى على عاتقنا فهم بحاجة الى بناء شخصياتهم ليكونوا أفرادا نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم ومخلصين لدينهم ولا شك أن بلوغ هذا الهدف لا يمكن تحقيقه بلا معونة من الأبوين وهما مكلفان بتحقيق هذه الغاية . فتربية الأبناء بالنسبة لنا نحن الأبوين تعتبر من أهم الواجبات والمسؤولية في ذلك تقع على رقابنا أمام الله وأمام الناس وأمام الطفل نفسه وأمام ضمائرنا وأداء هذه المسؤولية على أفضل وجه موضع تأكيد العقل والشرع والتساهل فيها يستدعي العقوبة .
مما لاشك فيه أن الرغبة تحدو الجميع لأن يكونوا آباء صالحين أو أمهات صالحات لكن الخطأ يكمن في أن البعض يتصور أن الصلاح ينحصر في تلبية الاحتياجات البدنية للأطفال ولا يرى أية أهمية للجوانب الروحية والأخلاقية .
وثمة مسألة أخرى وهي أن الكثير من الآباء والأمهات لا يتصورون أنهم بحاجة الى الوعي والثقافة لتربية وتعليم أبنائهم فيتوهمون عدم ضرورة الوعي في التربية أو أن ما يعتبرونه ضروريا لا يمتلكون أية معلومات عنه , تتلخص المسألة المهمة في موضوع التربية في أننا نستهدف نقل ما لدينا من قدرات مادية ومعنوية الى الطفل وهو كائن يتميز بانشداده الوثيق الى الغرائز لنصنع منه انسانا مثاليا يحمل أفكارا نبيلة في الفداء والتضحية وطلب الشهادة ولا شك أن عملا كهذا يستلزم قدرا كافيا من الفن والمعرفة أما اذا كنا نفتقر الى المعلومات الكافية في هذا الصدد فكيف يتأتى لنا أداؤه بالشكل الصحيح .
فنحن نرى أن التربية تمثل في أحد نواحيها علما وهي من ناحية أخرى فن ومن ناحية ثالثة خبرة وتمثل في بعدها الرابع خدمة وان من يريد دخول هذا الوادي السحيق فلا بد أن يكون له المام بحدوده واعماقه ونحن سنشير في هذا الصدد الى مواضيع عدة :
ما هي التربية :
من الضروري أن نعرف أولا وقبل كل شيء ما هي التربية وما هي ضرورتها وأهميتها ؟ وما هي مكوناتها وأبعادها ؟
لقد طرحت للتربية تعاريف عدة منها قولهم : أن التربية تعني الجهد والعمل الواعي من قبل الانسان لايجاد التغييرات المنشودة ومن البديهي أن أسلوب الفهم واستخلاص المعنى من هذا التعريف يتفاوت بتفاوت المجتمعات فما أكثر الأمور التي تعتبر مرغوبة في مجتمع ما بينما تواجه بالرفض في مجتمع آخر .
فالبعض يعتبرها أي التربية فنا ينتقل في ظله نشوء ونمو القوى الانسانية في أدوار الحياة المختلفة بما يتناسب مع السن ودرجة النضج ويتم خلال عملية النقل هذه الاستفادة من الجوانب العلمية والتجريبية .
فنحن نسعى من خلال التربية الى تعليم الطفل أسلوب الاستمتاع بالحياة وتنمية قواه الجسمية وملكاته الروحية لبلوغ الكمال المنشود وننقل اليه أسس التفكير والشعور والعمل المدروس وننقل الحضارة الانسانية بعد التقييم والاغناء الى الجيل الجديد ونكشف الاستعدادات والقدرات الكامنة لدى الطفل ونوجهها صوب الجوانب المراد تحقيقها .
أبعاد العمل التربوي : تمثل التربية في أحد أبعادها الاهتمام بتنمية القوى الجسمية بسبب ما للجسم من أهمية واعتبار سواء كان حيا أم ميتا وهذا ما يوجب ترك أو أداء الكثير من الأعمال العبادية , وتهتم التربية من جهة أخرى بتنمية القوى الذهنية كالحفظ والادراك وتداعي المعاني والدقة والارادة وحتى صياغة الذهن عن طريق ايجاد الصلة والاتحاد بين محتويات الذهن بحيث تنمو الجوانب المتعلقة بها بشكل متناسب ومتزن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق