مصطفى وهبي التل ( عرار)
جمع وتحقيق وتقديم : زياد صالح الزعبي
والكتاب هو بحث علمي تقدم به المذكور للحصول على رسالة الماجستير من الجامعة الأردنية ، بإشراف الأستاذ الدكتور محمود السمرة عام 1982م .
مولده :
ولد مصطفى وهبي بن صالح المصطفى اليوسف التل في مدينة إربد كبرى المدن في شمالي الأردن، في 25/5/1899 م . ونشأ فيها في بيت كبير كان يضم جدّه وزوجاته، ووالده ووالدته اللذيْن كانا يعيشان في صراع متصل، جعله يبتعد عنهما ويتعلق بجدّه الذي كان يصطحبه إلى المراعي والحقول، فنشأ وقد طبعت في ذهنه مشاهد إربد الطبيعية مشهداً مشهداً. وظلت محفورة في ذاكرته حتى آخر لحظات حياته. وقد سجل مصطفى هذه المشاهد منذ بدأ يقرض الشعر .
نشأته وتعليمه :
تلقى مصطفى تعليمه الابتدائي في إربد، ثم سافر إلى دمشق عام 1912 م, وواصل تعليمه في مدرسة عنبر هناك. وخلال دراسته شارك زملاءه في الحركات التي كانوا يقومون بها ضد الأتراك، فنفي على إثر إحدى هذه الحركات إلى بيروت، ولكنه ما لبث أن عاد إلى دمشق مرة أخرى.
في صيف عام 1916م عاد مصطفى إلى إربد لقضاء العطلة الصيفية فيها ، وفي أثناء هذه الفترة نشبت بينه وبين والده خلافات حادة، مما جعل والده يحجم عن إعادته إلى مدرسته في دمشق ، ويبقيه في إربد ليعمل في مدرسة خاصة كان قد افتتحها آنذاك، وسماها ( المدرسة الصالحة العثمانية ) .
بقي مصطفى في إربد ، وعمل في مدرسة أبيه مضطراً ، واستمرت خلافاتهما واشتدت، فقرر مصطفى أن يترك إربد، فغادرها صباح يوم 20/6/1917م بصحبة صديقه محمد صبحي أبي غنيمة قاصدين استنبول، ولكنهما لم يبلغاها، إذ استقر المقام بمصطفى في عربكير حيث كان عمه علي نيازي قائم مقام فيها. ولكن إقامته في عربكير جعلته يشعر بمرارة الغربة وبتعاسة الحياة، فعاوده الحنين إلى بلدته إربد. وعمل في عربكير وكيل معلم ثان ٍ ، وتزوج فيها زوجته الأولى في 25/8/1918م، ، ثم بدأ يستعد للعودة إلى إربد ، فغادر عربكير في 17/4/1919م في ظروف سيئة للغاية عائداً إلى إربد.
قضى صيف عام 1919م في إربد ، واستطاع خلال هذه الفترة إقناع والده بضرورة إرجاعه إلى مدرسة عنبر بدمشق ، وسافر إليها في مطلع عام 1919/1920م الدراسي . وصادفت عودته قيام حركات طلابية اشترك فيها، بل كان مع بعض أصدقائه على رأسها، مما جعل السلطات تقرر نفيه إلى حلب، وسمحت له بإكمال دراسته فيها ، فسافر إليها في مطلع شهر شباط 1920، ومكث فيها حتى 16/6/1920 حين غادرها بعد أن حصل على الشهادة الثانوية من المدرسة السلطانية فيها.
حياته العملية :
نستطيع أن نقسم حياة مصطفى العملية إلى أربع مراحل ، وذلك حسب طبيعة أعماله في هذه المراحل :
المرحلة الأولى :
وهي المرحلة التي عمل فيها بشكل عارض خلال فترة دراسته، فقد عمل معلماً في مدرسة والده الخاصة عام 1916، ثم و كيل معلم ثان ٍ لمحلة اسكيشهر عام 1918- 1919 . كما عمل بعد عودته من حلب في مطحنة لأهله في إربد ، فتسلم شؤونها ، وكان يقضي نهاره واقفاً يقبض النقود.
وتشير أوراقه الخاصة إلى أنه اتصل عام 1921 بنجيب نصار صاحب جريدة الكرمل الحيفاوية ، وغدا مُكاتبه في إربد.
المرحلة الثانية :
تبدأ في 22/4/1922 حين عين معلماً في مدرسة الكرك ةتنتي بعودته من منفاه في العقبة عام 1931. وفي هذه المرحلة عمل مصطفى معلماً في مناطق متفرقة من شرقي الأردن، وحاكماً إدارياً لثلاث ٍ من نواحي شرقي ّ الأردن هي : وادي السـِّير، والزرقاء ، والشوبك.
المرحلة الثالثة :
وتبدأ بعودة الشاعر من منفاه في العقبة عام 1931، وتنتهي في خريف عام 1942.
في بداية هذه المرحلة عمل مصطفى معلماً في إربد ، ثم انتقل للعمل في سلك القضاء ابتداء ً من 1/1/1931. فتسلم مجموعة من الوظائف هي : مأمور إجراء في إربد ثم في عمان، ورئيس كتّاب محكمة الاستئناف، ومدّعي عام السلط، ومساعد النائب العام. على الترتيب .
ثم عاد مصطفى إلى وزارة المعارف فتسلم وظيفة المفتش الأول فيها ، وحين تركها عُيِّن رئيس تشريفات في الديوان العالي ، فمتصرفاً للواء البلقاء ( السلط ) ، ومكث في منصبه هذا أقل من أربع أشهر ، فقد عُزل ، واقتيد إلى سجن المحطة في عمّان ، حيث قضى سبعين يوماً فيه. وذلك على إثر مشادة بينه وبين رئيس الوزراء آنذاك.
المرحلة الرابعة :
تبدأ بخروجه من السجن في نهاية عام 1942، وتستمر حتى وفاته. وفي هذه المرحلة مارس مصطفى مهنة المحاماة في عمان حيث افتتح مكتباً خاصا به، ومع المحاماة مارس الإدمان، فقد قال صديقه محمود المطلق الذي شاركه عمله في مكتبه لفترة من الزمن : " كان يأتي إلى المكتب وإذ لا يكون لدينا عمل ما ،يأخذ في الشراب ويمضي في ذلك إلى ما بعد الظهر ، ثم يذهب إلى البيت وينام ، ويأتي في صباح اليوم التالي إلى المكتب فيتكرر نفس الفصل ".
في الفترة الأخيرة من حياته كانت تبدو عليه علائم الانحلال الجسدي، والانهيار النفسي ، ويغمره شعور جارف باليأس والمرارة ، وكره الحياة ، وكان المرض واليأس والشراب كلها تعمل على تهديمه وتقصير أيامه ، حسب تعبير محمود المطلق .
وفي صباح يوم الثلاثاء 24/5/1949، فاضت روح مصطفى إلى بارئها في المستشفى الحكومي بعمّان ، ونُقل جثمانه إلى إربد ، مسقط رأسه، حيث دُفن في تل إربد حسب وصيته :
يـا أردنيـات ُ إن أوديـت ُ مغــــــتربــاً
فانسجــــنها ، بأبـي أنـتـن َّ ، أكفانـي
وقلن للصحب : واروا بعض َ أعْظُمِه ِ
في تل ِّ إربد َ أو في ســـفح شيــحـان ِ
ثقافته :
تلقى مصطفى تعليمه في إربد ، ثم في دمشق ، فحلب حيث أنهى فيها تعليمه الثانوي عام 1920 كما أسلفنا. وفي أثناء دراسته هذه تعلم اللغة التركية وهي اللغة الرسمية آنذاك ، كما عرف الفارسية .
في أواخر العشرينات من القرن الماضي درس مصطفى القانون معتمداً على نفسه ، وتقدم للفحص الذي كانت تجريه وزارة العدلية آنذاك ، فاجتازه ، وحصل على إجازة المحاماة في3 /2/1930.
هذه هي حدود ثقافة شاعرنا الرسمية ، أما ثقافته العامة فأوسع منها بكثير ، فلقد درس مصطفى الكتب المقدسة جميعها، وظهرت آثار هذا الدرس في إنتاجه الشعري والنثري. كما كان له اطلاع واسع على التراث العربي في مختلف جوانبه، وكان له ولع خاص باللغة وشواردها، قاده إلى كتابة مجموعة من المقالات عنوانها "أمالي عرار " ، نشرها في جريدة( الأردن ) ، دار معظمها حول بعض المسائل اللغوية الأدبية، مما يدل على تمكنه ورسوخ قدمه في هذا المجال.
ولمصطفى اهتمام كبير بالأدب الشعبي المحلي ، فقد عمد إلى جمع الأمثال الشعبية الأردنية ، ونظمها شعراً ، كما أن أوراقه الخاصة تضم قدراً ليس بالقليل من الشعر البدوي لشعراء من شرقي الأردن ، إضافة ً إلى أن الكثير من الموضوعات التي طرقها مستقاة من البيئة المحلية ، ومعبرة عن الارتباط بها .
لقد أتاحت له معرفته باللغتين : التركية والفارسية ، الاطلاع على آداب هاتين اللغتين ، والفارسية منهما بشكل خاص ، فلقد شـُغف َ بعمر الخيام فترجم رباعياته ترجمة نثرية ، وكتب عن موطنه إيران ، وبحث في فلسفته ، كما اهتم بأدباء الفرس الآخرين أمقال : سعدي الشيرازي ، وجلال الدين الرومي ، وحافظ الشيرازي .
وعن الأدب التركي ترجم الشاعر بعض القصص ، كما وردت في كتاباته الكثير من الإشارات إلى الأدباء الأتراك وأدبهم . و كان في نيته أن يترجم بعض كتب القانون المكتوبة باللغة التركية إلى اللغة العربية .
ولمصطفى متابعة لما كان يكتب في عصره ، وبخاصة ما كان ينشر في الصحف والمجلات العربية، كما كانت له مشاركة واسعة في هذه الصحف والمجلات، فقد كتب عدداً كبيراً من المقالات في جريدة الكرمل الحيفاوية، وجريدة الأردن ، وغيرهما من الصحف الصادرة آنذاك.
ومن الجدير بالذكر أن نشير إلى الصلات الواسعة التي أقامها الشاعر مع كثير من الشعراء المعاصرين له أمثال : إبراهيم ناجي ، أحمد الصافي النجفي ، إبراهيم طوقان، عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى ) ، الشيخ فؤاد الخطيب، فخري البارودي . كما كانت صلته وثيقة ببلاط الملك عبد الله بن الحسين ( الأول ) ، حيث كانت تجتمع نخبة من الشعراء والأدباء ، تدور بينهم مساجلات ومعارضات شعرية كان لشاعرنا دور بارز فيها .
شخصيته وصفاته :
نشأ مصطفى في ظل والديه اللذيْن لم يكن بينهما أدنى انسجام أو اتفاق ، بل إن حياتهما كانت مشاكسة وصراعاً متصلين أديا في النهاية إلى الطلاق الذي أحدث في نفس الطفل شرخاً عظيماً لم تكن لتتحمله أو لتفهمه. ففقد الاتزان الذي كان على الأسرة أن توفره له، فنشأ ثائراً متمرداً ، قلقاً ساخطاً منذ حداثته، وقد وجّه ثورته وسخطه إلى أبيه أولاً ، إذ رأى أنه السبب في حرمانه من حنان الأم ، كما وجد فيه رمز القسوة والتسلط .
ومن رسالة إلى أبيه ارسلها له من دمشق في 22/1/1920 يقول :
" إن كنت تقصد بندمي هو أنك لا تقبلني في بيتك وتحرمني من إرثك ، لأني طالما سمعت منك مثل هذا التهديد ، كذلك فقد أخطأت الظن ... ومن جهتي أنا فإني لا أحب الرجوع إلى عجلون ، إذا كنا سنعود إلى ما كنا عليه من التخطئة والاحتقار والعيشة المرّة ... وإني واثق من نفسي بأني سأسعد وأكون رجلاً كبيراً مهما عاكستني الأقدار ، و( عركست ) مساعيّ الأيام ".
في كلمات مصطفى هذه نلمس إلى جانب شعوره بطفولته المعذبة وثورته على والده ، شعوره العظيم المبكر بذاته، وأنه سيكون رجلاً كبيراً مهما عاكسته الأقدار. والحقيقة أن شعور مصطفى بذاته ، وطموحه العظيم ، قد نفى عنه كل شعور بالاستقرار أو التوادع مع الحياة، الأمر الذي أدى إلى تعميق ثورته وتمرده ، وتوسيعهما ليشملا المجتمع كله ، بما فيه من عادات وتقاليد وقوانين ومعتقدات. وذلك لأنه وجد أن فجوة عظيمة تقوم بين ما يريده لمجتمعه ولنفسه في هذا المجتمع ، وبين الواقع الذي يعيشه حقيقة .
لقد غذ ّت ْ ثورة َ مصطفى نفس ٌ شديدة الحساسية ، وذكاء وقـّاد ، ورؤية عميقة للحياة، فلم يرض َ بالمجتمع والحياة كما وجدهما ، بل كان يريدهما كما يرى هو، فسعى جاهداً للعمل على تغيير هذا المجتمع في جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد اتخذ في سبيل تحقيق غايته هذه أسلوب الثورة والتمرد والتحدي المباشر للمجتمع، غير أن هذا الأسلوب قد جرَّ عليه الويلات، فسُجن َ ونُفي َ ، وشـُرِّد َ وعـُذ ِّب ، ثم وجد نفسه وحيداً قد تخلى عنه حتى أقرب الناس إليه، فشعر أنه أخفق في ثورته، ولم يستطع أن يقترب مما أمـّل الوصول إليه، فغرق في لجة من التشاؤم والسوداوية ، وانكفأ على نفسه ، وأغرقها بالخمر إغراقاً ، لعلها تنسى واقعها المر ّ ، فقد رأى في الخمر مخرجاً / وإن كان زائفاً ، للهرب من واقعه ومجتمعه ، يقول :
أشربت َ؟ إي والله إني قد شربت ُ وســوف أشرب ْ
الدهر يلعب بي وسوف ، به بفضل الكأس ، ألعب ْ
ثم نجد مصطفى يخرج من مجتمعه ، ويلجأ إلى مضارب النّوَر ( الغجر ) ، ويرى في مجتمعهم ( مدينته الفاضلة ) ، لكن خروجه لم يكن دائما ً ونهائياً ، بل كان خروجاً ينشد من خلاله الخلاص من واقعه المر ّ ، وإعادة التوازن إلى نفسه . ولذا ، فكثيراً ما نراه يعمل وهو في مجتمع النّوَر على إصلاح مجتمعه ، وكثيراً ما يعود إلى مجتمعه ليواجهه ويتحداه ، وحين يلقى الإخفاق مرة بعد أخرى ، فإنه يلجأ إلى الطريقة نفسها ، فيعود إلى الكأس ، وإلى مجتمع النـّوَر .
عاش مصطفى حياة خصبة مليئة بالأحداث التي أثرت فيه ، وأثر فيها ، فلقد شهد النصف ُ الأول من القرن العشرين حيث عاش مصطفى ، أحداثا ً جساماً ، إذ انحسر الحكم التركي عن وطنه الصغير الأردن ، وحل َّ محله مستعمر أشد وطأة ، هو الاستعمار الإنجليزي ، الذي سيطر على مقدرات الأردن السياسية والاقتصادية ، وعمل على إبقاء الشعب غارقاً في الجهل والبؤس والشقاء ، فوقف مصطفى في وجه المستعمرين الجدد ، كما وقف في وجه من سبقهم ، وأعلن ارتباطه بالوطن ارتباطاً بلغ درجة التقديس ، كما وقف منافحاً عن حقوق أبناء شعبه في الحرية والاستقلال والعيش الكريم ، وحاول تحريكهم ضد مرهقيهم ، ودعاهم إلى المطالبة بحقوقهم وحريتهم ، فناله الإرهاق من جرّاء دعوته هذه ، فتتابعت صرخاته دون أن يستجيب له أحد ، يقول :
كم صحت ُ فيكم وكم ناديت ُ من ألم ٍ
فلم تصيــخوا لصيـــحاتي وأنـّــــاتي
ويقول أيضاً :
فليــــتق الله َ بي شــعب ٌ ، محبـّـــــتُه ُ
كانت وما بـــرحت ْ ديـــــني ودَيْـداني
على مذابــح قولي : ســوف أســــعده ُ
ضحيت ُ عمري ، فلم يسعد ْ وأشقاني
لقد عاش مصطفى مأساة وطنه بكل أبعادها ، لا بل إن مأساته الخاصة ما هي إلا صورة للمأساة العامة التي حلت بوطنه ، ولقد نقل لنا صورة هذه المأساة في شعره بحرارة ووضوح وصدق .
كان مصطفى ذا قامة طويلة ، ووجه طويل أسمر ، وفم مزموم دائماً ، ويدين تكادان تتجردان من غير العظام وطبقة رقيقة من الجلد ، أما راحتاه فيكاد يحسبهما المرء كفـّتي ميزان للحلي أو للحرير لصغرهما ، أما الشكل الإجمالي فأقرب ما يكون إلى مومياء متحركة ، فلو كانت الأجسام وحدها مقاييس الرجولة والعظمة و الإبداع ، لما كان مصطفى وهبي شيئاً ذا قيمة أو أثر في حياته .
هكذا كانت الصورة الخارجية لمصطفى ، كما وصفها أحد الذين عرفوه عن قرب ، إلا أن هذا الجسد الواهن قد انطوى على عقل كبير ، ونفس حساسة طامحة جامحة ، قوية متحدية ، مفصحة عما فيها بلسان ذرب ، يسيطر صاحبه على سامعيه رغم لثغته بالراء .
وكذلك كان عرار بن عمرو بن شأس الأسدي ، ضاوي الجسم ، زري الهيئة ، تقتحمه العين عندما تراه ، لكنه إذا تحدث تكشفت حقيقته ، فإذا نحن أمام رجل راجح العقل ، عظيم النفس ، قوي الشكيمة ، ولهذا اتخذ مصطفى اسم عرار هذا لقباً يوقع به قصائده وكتاباته. كما أن مصطفى وجد أن ثمة تشابهاً بينه وبين عرار بن عمرو ، وهو أن أباه طلق أمه وتزوج امرأة غيرها كانت تؤذيه ، كما أن عراراً بن عمرو كان ابن أمة ٍ سوداء ، وتزوج أبوه امرأة غيرها كانت تؤذيه وتستخف به ، فخاطبها عمرو بقوله :
أرادت عراراً بالهوان ، ومن يـُر ِد ْ
عراراً - لعمري - بالهوان فقد ظلم ْ
وكان مصطفى لا يني يكرر بيت عمروٍ هذا في معرض إظهار قوته ورجاحة عقله .
آثاره :
له مجموعة كبيرة من الآثار النثرية ، إلى جانب ديوانه الشعري ، غير أن معظم هذه الاثار مازال مجهولاً ، ولم يقيض للباحثين الاطلاع عليه .
الآثار المطبوعة :
1. عشيات وادي اليابس ، وهو ديوانه الشعري .
2. بالرفاه والبنين : كتيب وضعه الشاعر بالاشتراك مع خليل نصر ، صاحب جريدة الأردن ، وقدماه إلى الملك طلال بن عبد الله بمناسبة زواجه .
3. الأئمة من قريش : كتيب وضعه الشاعر مذكـّراً الداعين إلى الخلافة الإسلامية بأن الخلافة يجب أن تكون في بني هاشم .
4. أوراق عرار السياسية : كتاب جُمعت فيه المقالات السياسية التي نشرها الشاعر في جريدة الكرمل الحيفاوية. جمعها وقدم لها محمد كعوش .
آثار منشورة :
مجموعة كبيرة من المقالات نشرت في جريدة الكرمل ، مجلة الناقد ، جريدة الجزيرة ،جريدة الميزان الدمشقية ، ومنها :
1. لعلهم يتذكرون : سلسلة أمثلة ، يتحدث فيها عن مصرع سيف بن ذي يزن ، ومصرع امرئ القيس .
2. المنقذون : مأساة مضحكة في فصل واحد ، مترجمة عن اللغة التركية .
3. بالرفاه والبنين : مترجمة ، قصة تتحدث عن رجل يتزوج امرأة من غير طبقته ، ويؤول الأمر بهما إلى الطلاق .
4. فن إسقاط الوزارت : مترجمة ، قصة طويلة تبين دور الصحافة وأثرها في الناحية السياسية .
5. ذكريات وشجون : التصوف الإسلامي بين وحدة الوجود ووحدة الموجود ، مقالة يرد بها الشاعر على مقالة للسيد أحمد الصراف .
6. أنا الثاني : مقالة ينحو الشاعر فيها منحى نفسياً ، فيتحدث عن صراعه مع نفسه في كثير من المواقف التي يتعرض لها .
7. المعارف في شرق الأردن : مقالة مطولة عن الوضع التعليمي في إمارة شرقي الأردن .
ومقالات أخرى كثيرة ....
آثار مخطوطة :
ومن آثاره المخطوطة :
1. ترجمة رباعيات الخيام : وهي ترجمة نثرية لمئة وخمس وخمسين رباعية ، ترجمها الشاعر عام 19125 ونشر بعضها في مجلة منيرفا ، وهي موجودة في مكتبة الجامعة الأردنية تحت الرقم م خ 5511و891 .
2. عمر الخيام وابن ميمون : دراسة ألقاها الشاعر في الندوة الأدبية بعمان ، تحدث فيها عن وجه الشبه بين الشاعرين وفلسفتيهما ....
3. الروح الشعرية : دراسة نقدية حول مفهوم الروح الشعرية ، وأثرها في خلود العمل الأدبي ..
4. بين الشعر الفصيح والشعر البدوي : دراسة يتحدث فيها عن حياة الأردنيين وأنهم ما زالوا أقرب إلى حياة العرب في الجاهلية وصدر الإسلام من حيث عاداته وتقاليدهم ، ...
وأكثر من 16 أثراًآخر متنوعاً ...
شعره وشاعريته :
في شعر مصطفى تسجيل لمراحل حياته وأطوارها ، وهو صورة صادقة لواقعه كما رآه . ولذا جاء شعره حافلاً بدقائق حياته وخفاياها، حياته التي قضاها ( بين الخرابيش ) مع النـّور ، أو في الحنات بين الندامى والكؤوس ، أو في منافيه وسجونه ، ووظائفه وأعماله ، كما حمل شعره رأيه في الناس والحياة ، وابرز علاقته بالشعب وبالحكام ، كل هذه الجوانب نقلها الشاعر لنا بكل صدق وصراحة دونما مواربة أو مواراة .
لقد قال مصطفى الشعر في الوطن والغزل والخمر والنـّور والرثاء ، كما عرض للأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة في عصره .
ويمكن تناول الموضوعات التي طرقها الشاعر في إطار صورتين كبيرتين :
الأولى : صورة المجتمع في شعره . وفي إطارها تدخل أشعاره السياسية والاجتماعية والوطنية .
الثانية : صورة حياته الخاصة . وفي إطارها تدخل أشعاره في الغزل والخمر والنـذور والرثاء .
وكثيراً ما تندمج هاتان الصورتان معا لتشكيل صورة واحدة متكاملة ، هي صورة الشاعر في إطار البيئة التي يعيش فبها . فعلى الأغلب ليس في شعره قصيدة مفردة للغزل وثانية للسياسة وثالثة للخمر ، ورابعة للوطن .. بل إن القصيدة الواحدة وخاصة القصائد الطوال ، قد تضم هذه الموضوعات كلها أو معظمها . ولكنها تتناغم ضمن الإطار الكامل للقصيدة لتشكل في النهاية بناء فنياً متساوقاً تجمع الوحدة الشعورية بين أجزائه .
ثمة أمر تجدر الإشارة له هنا ، وهو أن مصطفى كان يعبر عن رؤيته للواقع الذي يعيشه ، ذاتيا أم موضوعياً ، ضمن أطر المدرسة الرومانسية ، الموضوعية والشكلية ، التي ترى أن العاطفة الفردية هي ينبوع الفكر والإبداع ، فالرومانسي تجتمع فيه رغبات لا تحد ، وأحاسيس لا يكبحها زمام ، وشعور بالأبدية في اللحظة الآنية ، وغمرة من الحب تخلط بين الفرحة الكبرى والأسى العميق ، تأتيه كلها متوالية أو مجتمعة ، وتفيض على إنتاجه ، فيجد نفسه مرغماً على معالجة عواطف تخرج به ، لثورتها ، على الحدود الفنية الموضوعة ، وتدفع به إلى التمرد في الأسلوب ، ذلك لأنه لا يستطيع إقحام هذه العواطف في الأطر الفنية التقليدية .
من هنا نستطيع أن نصل إلى فهم شعر مصطفى ، هذا الشعر الذي ينثال من أعماقه الذاتية انثيالاً ، فيعبر عنها تعبيراً حاداً مؤثراً ، إنْ في جوانبها المشرقة ، وإن ْ في جوانبها القاتمة .
ـــــــــــــــــــــ
جميع المعلومات الواردة هنا ، وكذلك الأشعار التي ستليها ، مأخوذة من كتاب :
عشيات وادي اليابس
عشيات وادي اليابس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق