الحب الأفلاطونى بين الوهم والحقيقة 
نبيل راغب
    كان "الحب الأفلاطوني" من المصطلحات والمفاهيم التي عانت من سوء الفهم عبر حوالي 23 قرناً ليس بين عامة القراء والمثقفين فحسب بل بين النقاد المتخصصين الذين تصوروا أو ظنوا إن الحب الأفلاطوني هو ذلك الحب الذي ينشأ بين العشاق الرومانسيين الذين يسمون بأنفسهم فوق رغبات الجسد وشطحات الجنس حين يهيمون بأنفسهم حبا لأطياف روح الحبيب ويجدون المتعة القصوى بل ونشوتهم في العواطف الجياشة المتدفقة بالوجد والحنين القاتل الذي لا يشبع ولا يرتوي أبدا.وكان الحب الأفلاطوني هو تقنين لمذهب الحب من اجل الحب.فالعشاق أطياف سارية عند أفاق لا تعترف بحدود المكان والزمان او بقيود الجسد الفاني الذي لا يتسع لمثل هذا الحب الجارف المتدفق من ينابيع لا يعلم احد بدايتها ولا نهايتها.
   ولاقى هذا الحب رواجا كبيرا في عصور متعددة بين مشاهير المسرح أو قراء الرواية وليست مسرحية "روميو وجولييت "لشكسبير وراوية "ألام فيرتر" لجيته إلا دليلا على ما لاقاه هذا الحب الجارف من إقبال في الأدب العالمي.فهذا النوع من الأدب لقي إقبالا كبيرا من الجماهير الذي أعجب بهذا الإسراف في الشطحات العاطفية التي لا تعترف بأي عقبات في طريق العشق ولو كانت النهاية مأساوية مثل انتحار فيرتر الذي أغرى عددا كبيرا من الشباب الألماني بمحاكاته في مظهره وسلوكه بل وانتحاره الذي أقبلوا عليه مستعذبين التضحية بالحياة من اجل الحبيب.
   جاء بحث الدكتور في هذا الكتاب كعمل مستفيض يكشف السبب والسر في هذا الارتباط الوثيق والطويل بين الحب الأفلاطوني وبين الحب الرومانسي المسرف في العواطف والتطلعات الجياشة. ولم يجد الكاتب تعليلا مناسب لهذا الربط سوى أنه سوء فهم حدث في عصر ما ثم انتقل عبر العصور.
* كتاب الحب الأفلاطوني بين الوهم والحقيقة للدكتور نبيل راغب هو كتاب يقع في 155 صفحة, نشر في عام 1998 لدار غريب للطباعة والنشر والتوزيع. يبدأ بمقدمة بسيطة للكتاب ثم يليه ترتيب منهجي لأربع فصول ابتداء من أفلاطون وعصره انتقالا إلى الفصل الثاني عن الجنس: آلية التناسل وتحسين النوع ثم الفصل الثالث تحت عنوان المفهوم الاجتماعي والتربوي والسياسي للحب والفصل الرابع عن المفهوم الميتافيزيقي والصوفي للحب.
   فبسم الله نبدأ ومرحبا بكم جميعا في حوار مثمر حول الجدل القائم بما يتعلق ب الحب الأفلاطوني وحقيقته وكشف الأوراق والملابسات المخفية للمنظور الأفلاطوني للحب.
المقدمة :
   كان "الحب الأفلاطوني" من المصطلحات والمفاهيم التي عانت من سوء الفهم عبر حوالي 23 قرنا ليس بين عامة القراء والمثقفين فحسب بل بين النقاد المتخصصين الذين تصوروا أو ظنوا إن الحب الأفلاطوني هو ذلك الحب الذي ينشأ بين العشاق الرومانسيين الذين يسمون بأنفسهم فوق رغبات الجسد وشطحات الجنس حين يهيمون بأنفسهم حبا لأطياف روح الحبيب ويجدون المتعة القصوى بل ونشوتهم في العواطف الجياشة المتدفقة بالوجد والحنين القاتل الذي لا يشبع ولا يرتوي أبدا.وكان الحب الأفلاطوني هو تقنين لمذهب الحب من أجل الحب.
  فالعشاق أطياف سارية عند أفاق لا تعترف بحدود المكان والزمان او بقيود الجسد الفاني الذي لا يتسع لمثل هذا الحب الجارف المتدفق من ينابيع لا يعلم احد بدايتها ولا نهايتها.
   ولاقى هذا الحب رواجا كبيرا في عصور متعددة بين مشاهير المسرح أو قراء الرواية وليست مسرحية "روميو وجولييت "لشكسبير وراوية "ألام فيرتر" لجيته إلا دليلا على ما لاقاه هذا الحب الجارف من إقبال في الأدب العالمي.فهذا النوع من الأدب لقي إقبالا كبيرا من الجماهير الذي أعجب بهذا الإسراف في الشطحات العاطفية التي لا تعترف بأي عقبات في طريق العشق ولو كانت النهاية مأساوية مثل انتحار فيرتر الذي أغرى عددا كبيرا من الشباب الألماني بمحاكاته في مظهره وسلوكه بل وانتحاره الذي أقبلوا عليه مستعذبين التضحية بالحياة من اجل الحبيب.
  جاء بحث الدكتور في هذا الكتاب كعمل مستفيض يكشف السبب والسر في خذا الارتباط الوثيق والطويل بين الحب الأفلاطوني وبين الحب الرومانسي المسرف في العواطف والتطلعات الجياشة.ولم يجد الدكتور تعليل مناسب لهذا الربط سوى أنه سوء فهم حدث في عصر ما ثم انتقل عبر العصور.ولعل الحب الأفلاطوني اتسم بثلاث جوانب تكشف نقطة التفرق بينه وبين الحب العذري يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1- الجانب الروحي الميتافيزيقي وهذا الجانب جانب صوفي يسعى لتكثيف العلاقة بين الخالق والمخلوق الذي ينتشي بحب الخالق الموجود في كل الوجود ويفترق هذا عن الحب الرومانسي الذي يصدر من مخلوق بشري محدود وفان ويتركز فيه.
2-جانب يتمثل في نوع من آلية التناسل البشري الذي يشبه إلى حد كبير التناسل الحيواني الذي يهدف على إنتاج وتوليد أحسن وأقوى وأفضل السلالات التي يمكنها إن تحقق أهداف المجتمع وتطلعاته وهذا النوع من الحب يجعل من الجنس آلية من التناسل الذي لا يحمل في طياته أية أطياف رومانسية
3-جانب يتعلق بشيوع الحب والجنس معا.حيث يرى أفلاطون أن لا يفترض بالحب أن يكون موجها إلى شخص معين بالذات بل إلى كل أفراد الجنس الآخر مخرجا الحب من دائرة الخصوصية والسرية الحميمية التي يتسم بها الحب العذري إلى دائرة الجماعة وفي هذا يساوي أفلاطون بين الإنسان والحيوان ببساطة تهدر كل القيم والمثل والمشاعر والأفكار.
   ترك أفلاطون نتاج فكري فلسفي وعلمي كتبه بمنهجية عالية لرسم خريطة فكرية لعصره لعله يجد الدروب والمسالك التي تسهل له مهمة الخروج من الجحيم الذي سببته الحروب التي كانت تمزق بلاد اليونان وقسمتها إلى دويلات في مقدمتها أثينا وإسبرطة وغيرها من الولايات التي لم تعرف السلام الدائم بل مجرد هدنات مسلحة مؤقتة لا تلبث إن تنقلب إلى حروب ومجازر أخرى.اشتهر أفلاطون بمجموعته الثلاثية من الحوارات وهي الجمهورية والسياسي والقوانين.
   وكان من الطبيعي ان تؤدي نظرة أفلاطون الثاقبة إلى احوال عصره المضطربة إلى الذهول من كم الكراهية والحقد والانتقام الذي تنطوي عليه النفس البشرية وما جرته عليه ويلات الحروب والانقسامات وما أثارته مشاهد الدماء والجثث والأشلاء عند أمير عصرها أفلاطون. فما كان منه إلا أن رفع رايات الحب والتعاون والتآلف والتسامح حتى يتفرغ أبناء اليونان لترميم ما تهدم في دوليتهم وما تناحر من اجزائها .ولذلك كان أفلاطون مهموما بالحب على المستوى الجماهيري والقومي العلم وليس على المستوى الشخصي الخاص جدا بين الحبيبين وهذا ما يؤكد نقطة فارقة أخرى بين الحب الذي كان يدعو له افلاطون والحب الرومانسي الذي تأثر به الأدب العالمي حديثا ,فالمتتبع لعصر أفلاطون يدرك تمام الإدراك أن الحديث عن الحب على المستوى الشخصي هي بمثابة رفاهية لا يقدر عليها أفلاطون في زمنه المتفجر بالحروب المتصلة والصراعات المأسوية والتمزقات التي تحيل تحيل حياة اليونان كلها إلى جحيم مقيم. فجاء الحب ليشكل نغمة أساسية في معظم كتابات أفلاطون السياسية والاجتماعية والتربوية والثقافية والحضارية .من هنا كانت المثالية التي اشتهر بها أفلاطون فقد كان رافضا لواقع عصره الذي أدى إلى اعدام أستاذه سقراط نتيجة للحقد الأسود الذي كان خصومه يكنونه له لتوجهاته الإنسانية الرفيعة فاتهموه بالإلحاد وافساد أخلاق الشباب. مما أدى بأفلاطون إلى تجنب حقدهم الأسود عن طريق لجؤه إلى أسلوب المحاورات التي كتب بها في مؤلفاته التي كان بطلها سقراط فكان بمثابة القناع الذي استخدمه لعرض أفكاره لكي يقول كل ما يرغب في الإدلاء به دون أن يلصق أحد أي تهمة به كما فعلوا بسقراط من قبل .فمن هنا جاء أفلاطون حاملا لواء الحب والتعاون والتألف لينير به ظلام الكراهية والحقد الذي كان قانون المجتمع السائد.
   جاءت دراسة الدكتور في هذا الكتاب وبحثه المستفيض ليزيل اللثام عن الجوانب المتعددة للحب الأفلاطوني التي تدحض بصورة واضحة الفكرة الخاطئة عنه وعلاقته بالحب العذري الروحي بين الحبيبين القائم على الحب من أجل الحب .ليكون الحب الأفلاطوني بشكل أعم وأشمل ليحوي الجماعة كلها وعلى الرغم من ابتعادنا 23 قرنا من أفلاطون وعصره إلا أن الروح السامية المثالية التي ضربها وما تحويه من قيم تظل تفرض نفسها لحاجة مجتمعاتنا إليها الآن وهي تخطو بأقدام مترددة ومتعثرة لتعبر القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد. وإن فصلت بيننا وبينه القرون يظل جوهر الحب واحدا فهو الذي يمنح الإنسان شرعية وجوده الراقي اللائق به.
ملخص لمقدمة دكتور نبيل راغب.
أفلاطون وعصره :
  ولد أفلاطون عام 427 ق.م وعاش حتى بلغ الثمانين وكان مولده في جزيرة قريبة من أثينا من أسرة ذات نسب وشرف فأبوه ينحدر من آخر ملوك أثينا القدماء وأمه تنحدر من السلالة نفسها وإن كانت تنتمي إلى الفرع الذي أنجب المشرع الشهير صولون .ولقد ظهر اعتزاز أفلاطون بنسبه جليا وواضحا من خلال جعل اسماء بعض أفراد أسرته عناوين لبعض محاوراته كتخصيصه محاورة باسم خاله خرميدس وابن عمه كريتياس اللذين كانا ضمن مجموعة الطغاة الذين حكموا أثينا. فكان لأسرته دور كبير في تعليمه السياسة وألاعيبها وجعلته ذلك الفيلسوف الأغر الذي يستوعب الواقع وحقائقه.
   كان أفلاطون في صباه المبكر يجيد القراءة والكتابة ومبادئ الحساب والهندسة وحفظ الشعر وتعلم الغناء والعزف على القيثارة وكذلك الألعاب الرياضية ومارس النحت والتصوير وتأليف المسرحيات والقصائد الشعرية ويقال حين قابل أفلاطون أستاذه سقراط أحرق المسرحيات التي كان قد ألفها وتفرغ بعد ذلك للفلسفة.
  كانت الانقلابات التي حصلت في أثينا في عصره وتولي مجموعة من الطغاة الذين مارسوا البطش والطغيان الحكم وإعدامه لأستاذه سقراط بتجريعه السم بتهم الإلحاد وإفساد الشباب دور كبير في إثارة المثالية لدى أفلاطون وبحثه عن مجتمع مثالي يسوده الحب والتعاون والتآلف. وقد أدى فساد الحكام والساسة بأفلاطون إلى إيمانه بضرورة نفي محترفي السياسة والمستفيدين منها بعيدا عن الحكم واستيلاء الفلاسفة الحقيقين على السلطة السياسية فكانت هذه القاعدة بمثابة الأساس الذي أقام عليها أفلاطون مدينته الفاضلة التي يسوسها الحاكم الفيلسوف أو الفيلسوف الحاكم
  هاجر أفلاطون أثينا بعد إعدام أستاذه سقراط فأنتقل بداية إلى ميجاريا والتقى بالفيلسوف إقليدس ودخل معه في مناقشات ومجادلات ومعارضات أصابته في النهاية بالضجر والسأم فكان إقليدس يرى أن الخير في مجرد الوجود او العلم في حين أصر أفلاطون على أنه علة الوجود والعلم فلا خير في معرفة لا تصدر عن خير الإنسان وتؤدي إليه لذلك أن المعرفة ليست من أجل المعرفة بل من أجل الإنسان. ولا يجب ان تقبع أسيرة الحجج والجدليات بعيدا عن معترك الحياة
   بعدها توجه أفلاطون إلى مصر حيث كان معجبا أشد الإعجاب بالحضارة المصرية وقد بهر بالإنجازات المادية الملموسة كما بهر بالإنجازات الاجتماعية والإنسانية التي تجلت في العلاقة بين الحاكم والمحكوم بين الكاهن والرعية وبين مختلف طبقات الشعب وأفراده الذين لم تفرقهم النزاعات والصراعات الأهلية كما كان يحدث في اليونان, وعبر عن انبهاره بالحضارة المصرية حيث قال في محاورة تيماوس "أيها الأغريق لستم سوى أطفال"
   لمس أفلاطون كيف استطاع المصريون الحفاظ على التقاليد الحضارية عبر السنين وكيف نظموا العلاقة بين النظم الدينية والروحية والحياة الاجتماعية وكيف تفوقوا في مختلف الفنون في حين عانت بلاد اليونان من فشل الإدارة الحكومية الراقية والموضوعية ولا التخصص في المهن ولا تقسيم العمل ولا توارث الحرف فقد كان المألوف في أثينا أن يشتغل المرء بكل شئ وأي شئ.
    وفي محاورة "القوانين"أبدى أفلاطون انبهاره بالتعليم الإجباري في مصر بين كل الطبقات وكيف لم يكن هناك أي تعارض بين الفكر الديني والتفكير العلمي بل كان كل منهما يكمل الآخر وحيث استوحى بعض ملامح النمط الذي طرحه في "جمهورية أفلاطون" من منظومة الحياة الاجتماعية في مصر ,كان أفلاطون متطرفا لدرجة أنه لم يفسح للحرية فيه أي مجال فالحرية عنده إنكار للفضيلة وعلى كل انسان أن يعرف مكانه ويلزمه وفي محاورة "القوانين" حرم أفلاطون على الشباب ان يتعرضوا لنظام المدينة بنقد كذلك لابد للتربية أن تكون بالمرصاد فلا يجب أن تتاح للمواطنين فرصة أن يقرءوا ما لم تقره الدولة أو يسمعوا أحاديث لا تتفق مع قوانين المدينة , وقد علل الدكتور سبب توجه أفلاطون لهذا النمط الصارم الخانق للحريات كرد على مظاهر الفساد والتمزق والحقد والصراع.فعندما يستحيل على البشر أن يتخذوا من الحب دستورا فلا يتبقى سوى أن يفرض عليهم نظام حديدي يمنع التجاوزات والتعديات التي تحيل المجتمع إلى غاب. 
   رحل أفلاطون من مصر إلى سرينيا وبسبب ميلوه الرياضية التقى بثيودورس الرياضي وأعجبه في حث زملائه على التقصي والبحث هن الجديد لأن الجدل حول القديم غير مجدي إذا ما قورن باستشراف آفاق المستقبل وكانت هذه هي قاعدة أبوه الروحي سقراط حيث يناقش القديم فقط لتعريته من سلبياته وخرافاته وتفاهاته ليسير الإنسان نحو المستقبل على أساس موضوعي وعلمي.بعدها رحل أفلاطون جنونب إيطاليا والتقى بالعالم الرياضي أرخيتاس زعيم المدرسة الفيثاغورسية الذي جمع بين الفلسفة والرياضة والسياسة والقيادة وانتخبوه أهل مدينته سبع مرات للحكم مما أدى إلى تأثر أفلاطون به خاصة بما يتعلق بعلاقة الحاكم بالمحكوم ورأي فيه أفلاطون تطبيقا عملية لنظريته الفيلسوف الحاكم او الحاكم الفيلسوف.رحل أفلاطون من تارنتوم إلى صقلية والتقى فيها بصديقه ديون وكان الطاغية ديونيسيوس حاكما على صقلية في تلك الفترة .أثارت آراء وافكار أفلاطون غضب هذا الطاغية وحاول بيعه في سوق العبيد لولا أن خلصه من ذلك صديقه ديون وخطط لسفره على سفينة كان على متنها سفير أسبرطة الذي أسره له الطاغية ديونيسيوس بقتل أفلاطون أو أن يبيعه في سوق النخاسين في بلاد لا يتمكن من العودة منها وفعلا باعه في إيجينيا.اشتراه أنيكيرس بثلاثين ميناى وأرسله إلى أثينا.
   بعد وفاة الطاغية ديونيسيوس خلفه ابنه الذي كان أقل خبرة منه في الالأعيب السياسية فانتهز ديون هذه الفرصة ودعى أفلاطون أن يقوم بالتعليم والتثقيف وتحقيق حلمه في إيجاد الفيلسوف الحاكم أو الحاكم الفيلسوف.تحقق ذلك لأفلاطون وكانت الهندسة هي أول ما علمه أفلاطون للحاكم إيمانا بأنه هي المدخل للفلسفة وأنها أساس أي بناء انساني أو اجتماعي.فكان من أجمل ما كتبه أفلاطون على باب أكاديميته "من لم يكن مهندسا فلا يدخل علينا".إلا أن أفلاطون شعر بعدم ترحيب الحاكم الابن بتعاليمه وبجانب المكائد التي دبرها اعدائه للإقاع بينه وبين الابن ديونيسيوس سافر أفلاطون وديون إلى أثينا تاركا خلفه حلمه في تكوين الحاكم الفيلسوف خلفه.
    استمر الطغيان والديكتاتورية بجانب التناحر الذي ساد مدن اليونان في التأجج وتفشت المذابح والدماء والجثث والأحقاد والكراهية يمزق مدن اليونان أربا.كان أفلاطون يتابع بدقة بفكره التحليلي والفلسفي ما يدور في البلاد من صراعات وكان يؤمن أن هذه الأحداث ما هي إلا تداعيات ونتائج لأسباب كامنة وخفية في الجسد البشري وهذه الأسباب هي التي كانت محور محاوراته في "السياسي" و"الجمهورية" و"القانون".
   ولم يرض أفلاطون أن تتحول عزلته إلى انغلاق على الذات بل تحولت إلى انفتاح كامل إلى المدينة المثالية التي يحلم بأن تتحول إلى واقع جاعلا الحب أساسها المتين وساعدها الأيمن.لذلك كان الحب عند أفلاطون متعدد الجوانب وواسع المجال فهو يشمل حب الإنسان للإنسان وحب المواطن للمجتمع وحب المواطن للذات الإلهية.وهو مفهوم أشمل وأعمق من الفكرة الخاطئة السائدة عن الحب الإفلاطوني الذي هو الحب العفيف العذري الذي تغنى به الرومانسين والأدباء.
نهاية الفصل الأول
الفصل الثاني:الجنس آلية للتناسل وتحسين النوع :
  كان إفلاطون يهدف إلى إيجاد الصفوة القادرة على تحسين وضع المجتمع والإرتقاء به لذلك كانت نظرته للجنس وكأنه آلية للتناسل وتحين النوع إلى الأفضل.وكان مدركا أن على الأفراد التزواج والتناسل لإنتاج ذرية تحتاجها الدولة وعلى الدولة الإهتمام بتربيتها إجتماعيا وسياسيا.
  ابتكر إفلاطون نظريته عن الجنس في نهاية كتابه "القوانين" معللا أن فكرة الجنس وجدت بعد ظهور الخليقة نتيجة للعناد الذي تتميز به الأعضاء التناسلية عند الرجال.يقول:"منذ البداية تميزت الأعضاء التناسلية في الرجال بالعناد وعدم الطاعة كما لو كانت كائنا أصم لا يسمع للعقل نداء , يحاول أن يتسلط على كل ما عداه , مدفوعا إلى هذا التلسط بشهواته الجامحة وكذلك الحال في النساء يضيق لنفس الأسباب ولكن من خلال الرحم الذي هو عبارة عن شئ داخلي يميل أشد الميل إلى إنجاب الأطفال ويقلق إذا لبث فترة طويلة بعد موسمه الملائم للإثمار دون أن يحمل ثمرة ومن ثم يسرى في أنحاء الجسم ويسد مسالك الهواء ويمنع التنفس ويبعث في الجسم الضيق بل يتسبب في جميع الأمراض التى لا تتلاشى إلا عندماا تربط الرغبة والحب بين الرجل والمرأة". الحارة العمانية - نورا الهاشمية .
أو
أو 



 
 


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق