الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم
دراسة تاريخية للنظم الإدارية في الدولة الإسلامية الأولى
د.حافظ أحمد عجاج الكرمي
ماجستير ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، دار السلام
مصر ، ط 2 ، 1428 هـ / 2007 م
ماجستير ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، دار السلام
مصر ، ط 2 ، 1428 هـ / 2007 م
هذا الكتاب يبحث في النظم الإدراية التي طبقت في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم و شكلت جانباً مهماً من جوانب الحضارة الإسلامية في مجالاتها المختلفة. و يكتسب البحث أهمية خاصة من حيث كونه يركز على فترة تاريخية مبكرة جداً… الدولة فيها تجربة جديدة - فترة النشوء و التكوين - أنشئت فيها مجموعة من القواعد في شتى الميادين و بخاصة في الجانب التطبيقي العملي في إدارة الدولة و تنظيماتها في بلاد لم تعرف النظام و ترتيباته أو الدولة و تقسيماتها في تاريخها القديم.
و لعل القارئ قد درس السيرة النبوية و علم كثيراً عن أخبار الغزوات و المعارك فيها، و لكنه قطعاً لم يجد فيها إلا إشارات متناثرة عن الجوانب الحضارية للدولة الإسلامية في عصر النبوة، إذ لم تسعفنا المصادر الأولية التاريخية إلا بروايات نادرة عن طبيعة هذه الدولة و موظفيها - حقوقهم و واجباتهم- و أجهزتها الإدارية و إدارة جيوشها و طبيعة اقتصادها و معالم النظام القضائي فيها، فهذه المصادر تهتم بشكل أساسي بالنواحي العسكرية و السياسية - و يبين الكتاب من خلال جمع و توثيق و دراسة الإشارات التاريخية المختلفة - أن النبي عليه السلام و أصحابه رضي الله عنهم كانوا رجال دولة من الطراز الأول، و أقاموا دولة الإسلام الأولى ضمن منهج إداري واضح المعالم مرسوم الخطوات بعيد عن العفوية و الإرتجال. إنها إدارة سعت لتكوين أمة مترابطة يتحقق فيها معنى العدالة… للأفراد فيها حرية الرأي و النصح و المشورة، و للسلطة حق الإدارة و فق مصالح مواطنيها، و بناء مجتمع فاضل يقوم أساسه على الرحمة و الحب و الإخاء و التعاون.
و قد تناول الكتاب الجوانب الإدارية في ستة فصول:
1- الإدارة في الجزيرة العربية قبل الإسلام.
2- إدارة الدعوة الإسلامية حتى قيام الدولة.
3- التنظيم الإداري للدولة.
4- الإدارة المالية.
5- الإدارة العسكرية.
6- إدارة شؤون القضاء.
الحضارة الإسلامية تتجدد بتجدد الحياة للأمة الإسلامية التي وضع سلفها الصالح أسسها التي استمدوا أصولها من القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم اجتهدوا وأعملوا فكرهم فأضافوا وطوروا وجددوا وأبدعوا في كافة مجالات هذه الحضارة التي أضاءت بنورها أرجاء العالم شرقاً وغرباً.
لقد أمضيت في دراسة وتدريس الحضارة الإسلامية ونظمها المختلفة سنين عدداً، وناقشت جوانب متعددة لهذه الحضارة، وأصلت لتاريخ النظم الإسلامية موضحة دور الأمة الإسلامية في وضع اللبنات الأولى لتلك النظم منذ قيام الدولة الإسلامية الأولى وذلك بعد هجرة المصطفى صلى الله علية وسلم من مكة إلى يثرب التي تحولت بقيام الدولة الإسلامية إلى المدينة المنورة العاصمة الأولى لهذه الدولة.
وفيها استكمل النبي صلى الله عليه وسلم بناء هذه الدولة، مدعما أركانها، وفي المدينة المنورة توالى نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم ليتم بذلك القرآن الكريم دستور الأمة حيث يُستكمل البناء وتترسخ دعائمه.
إن الحضارة الإسلامية هي إضافة الأجيال المتتالية من علماء المسلمين من المحدثين والمفسرين والفقهاء والمؤرخين والرحالة والجغرافيين، والفلكيين وعلماء الطبيعة والكيمياء والطب والصيدلة والاعشاب، بالاضافة الى الفنانين من المعماريين والموسيقيين، وعلماء الرياضة والجبر عمارة أفكارهم وجهودهم مما أكد ريادة هذه الأمة، وفضلها على العالم شرقه وغربه.
من أجل ذلك كان اختياري لعنوان هذا الكتاب: "تاريخ النظم والحضارة الإسلامية"؛ والذي كانت أولى طبعاته في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وقد كان اختياري لهذا الموضوع ايماناً بأهميته القصوى للطلاب والباحثين بالإضافة الى ما يمليه ضمير المؤرخ المسلم من ضرورة التأصيل للنظم الإسلامية، التي تشمل النظم السياسية والإدارية، والنظم الاقتصادية، والقضائية، والعسكرية، فضلاً عن النظريات المختلفة التي وضع أسسها العلماء المسلمون في العلوم والآداب، في العمارة والبناء والتشييد، ولقد كان المسجد النبوي الشريف الذي وضع لبناته الأولى محمد صلى الله علية وسلم نواة للمدرسة والجامعة والبرلمان، ومجلسا تعلم فيه المسلمون أدب الدين وأدب الدنيا، هذا المسجد كان النموذج الذي احتذاه العالم للمدرسة والجامعة، ومنه انطلقت اشعاعات الحضارة والفكر والثقافة والعلم، لتتعلم الدنيا على أيدي العلماء المسلمين الذين جابوا الآفاق ينهلون منهم أينما حلوا القيم الحضارية الإسلامية.
وتتضح في طيات فصول هذا الكتاب العوامل الأساسية التي أسهمت في ازدهار الحضارة الإسلامية وشجعت على قيام النظم الإسلامية سياسياً وإدارياً وقضائياً وعسكرياً، ويأتي على رأس تلك العوامل: الحرية الفكرية والمناخ الحر الذي أتاحه الإسلام لهذه الأمة بكل عناصرها المختلفة فالإسلام يساوي بين الأجناس والألوان، ويسمح بتلاقح الحضارات والثقافات، ولا يقبل بانغلاق الأمة على ذاتها وانكفائها على تراثها، وإنما كان لأهل البلاد المفتوحة والشعوب الداخلة في الإسلام دور مهم في إثراء الحضارة الإسلامية واستمرارها وتجددها.
لقد حفظ المسلمون تراث الإنسانية، ونقلوه بدقة وأمانة، وكانوا همزة الوصل بين القديم والجديد وتفاعلوا مع حضارات وثقافات البلاد التي دخلوها حاملين معهم قيم الحرية والتسامح والعدالة والفرص المتكافئة، ومن أجل ذلك كان التطور الدائم والمستمر والتدفق الهائل للافكار والابداع.
ويأتي الكتاب في إحدى عشر فصلاً فصول يناقش الفصل الأول مصادر دراسة الحضارة الإسلامية، التي تتميز على غيرها من الحضارات بمصدرين فريدين هما القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ ومع ذلك فهي تشارك الحضارات الأخرى في المصادر المختلفة كالآثار والمصادر المكتوبة وغير ذلك.
أما الفصل الثاني فقد خصصته لدراسة النظم السياسية وهي النظم التي وضع المسلمون قواعدها ونظرياتها ومن ثم قامت الخلافة الإسلامية والوزارة والإمارة.
أما الفصل الثالث ففيه دراسة للنظم الإدارية التي وفقها نظم العمل في ارجاء الدولة حيث كان لعمال الخلافة الدور الأهم في حفظ الصلة بين العاصمة المركزية وأقاليم الدولة مع وضعنا في الاعتبار التطورات المختلفة والعوامل والظروف التي اتحدت جميعاً لتؤثر في وحدة الدولة الإسلامية وتماسكها.
اهتم الفصل الرابع بقضية رئيسية في النظم الإسلامية وهي قضية العدالة، فكانت النظم القضائية وملحقاتها كالشرطة والحسبة والنظر في المظالم، حيث يظهر من خلال هذه الدراسة أن الوظيفة الأساسية للدولة الإسلامية هي حماية الإنسان في كافة الظروف، وإقامة العدل بين أفراد الأمة ضماناً لحرية العقيدة وحرية الفكر من أجل رخاء المجتمع.
في الفصل الخامس يجد الباحث دراسة للنظم المالية والاقتصادية والنظرية الاقتصادية الإسلامية التي تقوم على عدالة توزيع الثروة وحماية مصادرها وتنميتها، وقد دعم القرآن الكريم هذه المبادئ الأساسية، وطبق خلفاء رسول الله r هذه المبادئ وشددوا على عمالهم بضرورة تطبيقها ضماناً للعدالة، وصوناً للحقوق.
ويأتي الفصل السادس ليدرس النظم الاجتماعية التي تحرص على سلامة الفرد والمجتمع، وصيانة المجتمع الإسلامي، والتأكيد على حقوق المرأة الأم والزوجة من أجل اتساق بنيان المجتمع الإسلامي وصوناً لكرامته واعتبار الزواج الأصل الثابت في بناء الأسرة والنواة الأولى لبناء هذا المجتمع.
ولا تكتمل دراسة النظم والحضارة الإسلامية إلا بإظهار دور العلماء المسلمين والمفكرين المسلمين في المجالات المختلفة في العلوم والآداب، التي كان لهم فيها انجازات ما تزال البشرية تنهل منها وتستعين بها، وتضيف إليها، اعترافاً بفضل وجهود علماء المسلمين من العرب والترك والفرس وغيرهم، فالحضارة الإسلامية هي التي صهرت تلك الأجناس، وزاوجت بين الأفكار المختلفة، واحترمت عقلية المسلم أينما كان وكيفما كان عرقه او لونه او ثقافته، ثم يأتي الفصل الثامن وهو جديد هذه الطبعة من كتاب النظم والحضارة، وعنوانه الفنون، ويناقش الفنون الإسلامية، من حيث نشأتها وتطورها ونماذج مما أبدعه الفنان المسلم ودور الفنان المسلم في استقلالية هذه الفنون ثم في المزج بينها وبين عناصر مختلفة تجسد ائتلاف العناصر الفنية الإسلامية مع عناصر الفن الإنساني، فكان المسجد، وعناصره المعمارية، وكانت الزخرفة وانفرادها بالتجريد الذي أبدع فيه الفنان المسلم، واستخدم الحروف العربية في ذوق راقٍ، والأشكال الهندسية في تناسق وإبداع، تفوق به على ما كان معروفاً من قبل.
ثم كان لا بد من دراسة النظم العسكرية التي حمت هذا البناء الحضاري، وقد خصصت لها الفصل التاسع، وفيه تناولت النظم العسكرية منذ عصر النبوة وكيف تطورت بناء وتسليحاً وتكتيكاً عبر العصور الإسلامية المختلفة، وعلى أكتاف هؤلاء الأجناد كان الفتح الإسلامي الذي أدخل الإسلام إلى الصين شرقاً وإلى أوروبا غرباً.
وكان الفتح الإسلامي يتم وفق منهجية تعترف بحق أهل البلاد المفتوحة في أراضيهم وأموالهم، مع احترام مقدساتهم وأماكن عبادتهم وهنا يجب أن نشير إلى دخول الفاروق عمر رضي الله عنه بيت المقدس، عندما دُعي لتسلمها، وكيف علم الأجناد احترام أماكن العبادة، كما علم الفاتحين قواداً وجنوداً حتمية احترام العهود والمواثيق تطبيقاً لسنة النبي r.
وفي الفصل العاشر نماذج لمراكز الإشعاع الحضاري في عواصم المسلمين التي أقاموها في العراق ومصر وشمال إفريقيا فكانت كلها تستقبل العلماء والطلاب والباحثين وفيها كانت المراكز العلمية والمكتبات والمراصد والبيمارستانات تأكيداً عملياً على ان المسلمين الفاتحين إنما خرجوا لينشروا الإسلام والحضارة الإسلامية، ولم يخرجوا أبداً كما يزعم بعض المستشرقين من أجل أسباب اقتصادية او من أجل مصالح دنيوية.
أما الفصل الحادي عشر وهو ختام هذا الكتاب ففيه أناقش فضل الحضارة الإسلامية على أوروبا، وكيف كان دور علماء المسلمين في الأندلس الذين استطاعوا ان يؤثروا على العقلية الأوروبية الوسيطة، وأن ينقلوا أوروبا من عصور الجهل والظلام التي عاشتها شعوبها خلال العصور الوسطى في تناحر سياسي وشقاق ديني واختلاف مذهبي، وحروب دامية الى عصور الحرية والنهضة والرخاء. لقد انتقل التراث القديم الى اوروبا عبر ترجمات المسلمين، ونشأت الجامعات بتأثير واضح وملموس من الفكر الإسلامي، وكان للفلسفة الرشدية دورها الذي لا تنكره أوروبا في تطوير الكثير من المفاهيم العقيمة كما كان لكتب إبن سينا والرازي في الطب والخوارزمي في الجبر وغيرهم من علماء المسلمين أثرها الذي ما تزال أوروبا ومدارسها العلمية تعترف بدوره في النهضة الأوروبية الحديثة.
وبعد: فإن فصول هذا الكتاب تقدم الحضارة الإسلامية ونظمها وقيمها وأفكارها لترد على كل منكر لفضل هذه الأمة صاحبة هذه الحضارة، ولترد أيضاً على المحاولات المغرضة والإساءات المتعمدة للإسلام ولنبي الإسلام محمد r، في عالم يدعي حرية التفكير ويتشدق بالحريات المختلفة، ويزعم بريادة لم يكن له دور فيها.
ونحن هنا لا نريد أن نقلل من قيمة الانجازات العلمية التي حققها العالم في مجالات التكنولوجيا والفضاء والاكتشافات العلمية والطبية الحديثة وغيرها فنحن نقر بان هناك تطورات غير مسبوقة حققها العلم شرقاً وغرباً بينما تخلفت بلادنا العربية والإسلامية، ولا نريد وإن كانت هذه حقيقة أن نلقي باللائمة على الاستعمار القديم والحديث والقوى الكبرى، والقطب الواحد وما الى ذلك وإنما نود أن نقرر أن الحضارة الأسلامية بنظمها السياسية والإدارية والاقتصادية وغيرها كان لها دورها الرائد، فقد علمت الدنيا، ونحن نؤكد على ضرورة استنهاض همم هذه الأمة، وقيام رجالها ومفكريها من أجل الاسهام الفعال في نهضة حقيقية للأمة التي وصفها رب العزة تبارك وتعالى بأنها خير أمة أخرجت للناس. دار المسيرة للنشر والتوزيع
قراءة أونلاين
أو
حمله من هنا أو حمله من هنا
حمله من هنا أو حمله من هنا
أو
حمله من هنا .epub
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
قراءة أونلاين
أو
قراءة أونلاين
يمكنك الحصول عليه من هنا
أو من هنا
أو
حمله من هنا أو حمله من هنا
حمله من هنا أو حمله من هنا
أو
حمله من هنا .epub
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
للقراءة والتحميل إضغط هنا
أو
قراءة أونلاين
أو
قراءة أونلاين
يمكنك الحصول عليه من هنا
أو من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق