السبت، 29 أغسطس 2015

خطاب سيدنا عمر بن الخطاب عند توليه الخلافة ...


خطاب سيدنا عمر بن الخطاب عند توليه الخلافة

عن جامع بن شداد عن أبيه قال : كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر:

" اللهم إنِّي شديد فَلَيِّنْي، وإنِّي ضعيف فقوّني، وإنِّي بخيل فَسَخِنِي ".

وقال : " إِنَّ الله ابتلاكم بي، وابتلاني بكم بعد صاحبي، فلا والله لا يحضرني شئ من أمركم فيليه أحد دوني، ولا يتغيب عني فآلو منه عن أهل الصدق والأمانة. ولئن أحسنوا لأحسنن إليهم، ولئن أساءوا لأنكلن بهم. فما كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا، وما غاب عنا ولينا فيه أهل القوة والأمانة، فمن يحسن نزده، ومن يسئ نعاقبه، ويغفر الله لنا ولكم... اقرءوا القرآن تعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، وزنوا أنفسكم قبل أَنْ توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية. إِنَّه لم يبلغ حق ذي حق أَنْ يطاع فى معصية الله، ألاَ وإنِّي أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم ! إِنْ استغنيت استعففت، وإِنْ افتقرت أكلت بالمعروف " .

وقال: " بلغني أنَّ الناس هابوا شدتي، وخافوا غلظتي، وقالوا كان عمر يشتد علينا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، ثم أشتد علينا وأبوبكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟ ومن قال ذلك فقد صدق. فقد كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكنت عبده وخادمه، وكان من لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة، وكان كما قال الله: [ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ] فكنت بين يديه سيفاً مسلولاً حتى يغمدني أو يدعني فأمضي. فلم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى توفاه الله وهو عنى راض، والحمد لله على ذلك كثيراً وأنا به أسعد. ثم ولى أمير المسلمين أبو بكر، فكان من لا تنكرون دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتي بلينه، فأكون في يديه سيفاً مسلولاً حتى يغمدني ! أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله عز وجل وهو عني راض، والحمد لله على ذلك كثيراً وأنا به أسعد.

  ثم إنِّى وليت أموركم أيُّها الناس، فأعلموا أنَّ تلك الشدة قد أُضعفت، وأنَّها إنَّما تكون على أهل الظلم والتعدى على المسلمين، فأمَّا أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألين لهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحداً يظلم أحداً أو يتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض، وأضع قدمي على الخد الآخر حتى يذعن بالحق، وإنِّي بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف.

   ولكم عليَّ أيُّها الناس خصالاً أذكرها لكم فخذوني بها: لكم عليَّ ألا أجتبي شيئا مما أفاء الله عليكم إلا من وجهه. ولكم عليَّ إذا وقع في يدي أَلَّا يخرج مني إِلَّا في حقه، ولكم عليَّ أَنْ أزيد عطاياكم وأرزاقكم إِنْ شاء الله تعالى وأسد ثغوركم، وألا أُحَمْركم في ثغوركم ( يجمدهم ويمنعهم من العودة )، وأَلَّا ألقيكم في المهالك، وإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم. فاتقوا الله عباد الله ! وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحضاري النصيحة فيما ولاني الله من أمركم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. اللهم لا تدعني فى غمرة، ولا تأخذني على غرة، ولا تجعلني من الغافلين." .

ليست هناك تعليقات:

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

الصالون الثقافي : يلا بنا نقرأ

تنبيه

إذا كنت تعتقد أن أي من الكتب المنشورة هنا تنتهك حقوقك الفكرية 


نرجو أن تتواصل معنا  وسنأخذ الأمر بمنتهى الجدية


مرحباً

Subscribe in a reader abaalhasan-read.blogspot.com - estimated value Push 2 Check

مواقيت الصلاة